المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( المسح على الخفين )



الشيخ/عبدالله الواكد
20-12-2018, 23:53
خُطْبَةُ جُمُعَةِ
بِعِنْوَانِ

( المسح على الخفين )

كَتَبَهَا / عَبْدُاللهِ بْن فَهْدِ الْوَاكِدِ
إِمَامُ وَخَطِيبُ جَامِعِ الْوَاكِدِ بِحَائِل


الخطبة الأولى

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : فَإِنَّ رَفْعَ الحَرَجِ وَ دَفْعَ المَشَقَّةِ وَالتَّيْسِيرَ فِي الشَّرِيعَةِ ، وَعدَمَ تَعْنِيتِ المُكَلَّفِينَ ، سِمَةٌ مِنْ أَهَمِّ سِمَاتِ هَذَا الدِّينِ العَظِيمِ وَمَقْصَدٌ مِنْ مَقَاصِدِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ ٱجْتَبَـٰكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ٱلدّينِ مِنْ حَرَجٍ مّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰهِيمَ هُوَ سَمَّـٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ }سورة الحج:78 ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلاَ {يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَيُريدُ بِكُمُ العُسْرَ }.
وَخَرَّجَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {إِنَّ الدِّينَ يُسرٌ وَلاَ يُشَادُّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ }.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : إِنَّ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ : مَشْرُوعِيَّةَ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ .
وَالخُفَّانِ هُمَا مَا صُنِعَا مِنْ جِلْدٍ وَنَحْوِهِ وَهِيَ الأَحْذِيَةُ وَالكَنَادِرُ ، وَأَمَّا الجَوْرَبَانِ فَهُمَا مَا صُنِعَا مِنْ قُطْنٍ وَنَحْوِهِ وَهِيَ الشُّرَّابُ .
وَقَدْ جَاءَتْ الأَدِلَّةُ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ المَسْحِ عَلَيْهِمَا فَمِنَ الكِتَابِ قُولُهُ تَعَالَى ( يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلوٰةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ.) [سورة المائدة:6 عَلَى قِرَاءَةِ الجَرِّ مِنْ إِحْدَى القِرَاءَتَيْنِ السِّبْعِيَّتَيْنِ .
وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَقَدْ تَوَاتَرَتْ الأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنَ المَسْحِ شَيْءٌ ، فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ الحَسَنُ – كَمَا رَوَاهُ ابْنُ المُنْذِرِ فِي الأَوْسَطِ : حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ .
وَأَمَّا مِنَ الإِجْمَاعِ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى جَوَازِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ نَقَلَ الإِجْمَاعَ بْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ فِي المُمْتِعِ .
وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الرَّافِضَةُ وَلِهَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي عَقِيدَتِهِ : وَنَرَى المَسْحَ عَلَى الخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ كَمَا جَاءَ فِي الأَثَرِ . قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ فِي المِنْهَاجِ : وَاليَهُودُ لاَ يَرَوْنَ المَسْحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةَ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : إِنَّ الكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ تَشْتَدُّ حَاجَةُ النَّاسِ إِليْهِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ شُرُوطاً لِلْمَسْحِ اسْتَنْبَطُوهَا مِمَّا وَرَدَ مِنَ النُّصُوصِ فَمِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ :
أَوَّلاً : أَنْ يَكُونَ لِبْسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا حَدِيثُ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرٍ فَأَهْوَيتُ لِأَنْزَعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ : " دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ " فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ).
ثَانِيًا : أَنْ يَكُونَ المَمْسُوحُ عَلَيْهِ طَاهِراً مُبَاحًا وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَصْنُوعًا مِمَّا يَحْرُمُ لِبْسُهُ ، سَوَاءً كَانَ مُحَرَّماً لِنَجَاسَتِهِ كَجِلْدِ الكَلْبِ وَنَحْوِهِ أَمْ لِحُرْمَتِهِ فِي الأَصْلِ عَلى الرِّجَالِ كَالحَرِيرِ . أَمْ مُحَرَّمًا لِحَقِّ الآخَرِينَ كَالمَغْصُوبِ أَوْ المَسْرُوقِ.
ثَالِثًا : أَنْ يَكُونَ المَسْحُ فِي المُدَّةِ المَشْرُوعَةِ وَهِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا وَسَأَلَ الصَّحَابَةُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ مُدَّةِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ فَقَالَ جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيلَةً لِلمُقِيمِ . رَوَاهُ مَسْلم .
رَابِعًا : أَنْ يَكُونَ المَسْحُ مِنَ الحَدَثِ الأَصْغَرِ دُونَ الجَنَابَةِ فَعَنْ صَفْوَانِ بْنِ عَسَّالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرَاً أَنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ . رَواهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ
وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الجَوْرَبِ صَفِيقًا وَ سَمِيكاً ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لاَيُشْتَرُطُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لاَ دَلِيلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَلَوْ كَانَ شَفَّافًا أَوْ بِهِ بَعْضُ الخُرُوقِ جَازَ المَسْحُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَحَّ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : ( إِمْسَحْ عَلَيْهاَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهاَ رِجْلُكَ ، وَهَلْ كَانَتْ خِفَافُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِلاَّ مُخَرَّقَةً مُشَقَّقَةً مُرَقَّعَةً ) . أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي ( المُصَنَّفِ ).
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي ( اخْتِيَارَاتِهِ ) (ص13) : ( وَيَجُوزُ المَسْحُ عَلَى اللَّفَائِفِ فِي أَحَدِ الوَجْهَيْنِ ، وَحَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ ، وَعَلَى الخُفِّ المُخَرَّقِ مَا دَامَ اسْمُهُ بَاقِياً وَالمَشْيُ فِيهِ مُمْكِناً ، وَهُوَ قَدِيمُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتِيَارُ أَبِي البَرَكَاتِ وَغَيرِهِ مِنَ العُلَمَاءِ ) .
أَمَّا عَنْ كَيْفِيَّةِ المَسْحِ : فَهِيَ أَنْ يَبُلَّ المُتَوَضِّيءُ يَدَيْهِ بِالمَاءِ ثُمَّ يُمِرُّهُمَا عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ أَوْ جَوْرَبَيْهِ فَقَطْ ، اليَدُ اليُمْنَى عَلَى القَدَمِ اليُمْنَى وَاليُسْرَى عَلَى اليُسْرَى مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَعَ بَعْضِهِمَا مِثْلَمَا يَفْعَلُ بِالأُذُنَيْنِ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ القَدَمَيْنِ إِلَى بِدَايَةِ السَّاقِ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ بَدَأَ باِليُمْنَى ثُمَّ اليُسْرَى ، وَذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ ( قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الخُفِّ أَوْلَى بِالمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ " رَوَاهُ . أَبُو دَاوُدَ
لِأَنَّ بَعْضَ المُسْلِمِينَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَجَانِبَيْهِمَا وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذَا العَمَلَ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ .
وَأَمَّا تَوْقِيتُ المَسْحِ أَيُهاَ المُسْلِمُونَ :
فَإِنَّ بِدَايَةَ تَوقِيتِ المَسْحِ تَكُونَ مِنْ وَقْتِ أَوَّلِ مَسْحَةٍ بَعْدَ الحَدَثِ ، وَلَيْسَ مِنْ وَقْتِ لِبْسِهِمَا ، فَلَوْ لَبِسْتَ الجَوْرَبَيْنِ عَلَى طَهَارَةٍ بَعْدَ صَلَاةِ العِشَاءِ مَثَلاً ثُمَّ لَمَّا اسْتَيْقَظْتَ لِصَلَاةِ الفَجْرِ تَوَضَّأْتَ وَمَسَحْتَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّ بِدَايَةَ المَسْحِ تَكُونُ مِنْ هَذِهِ المَسْحَةِ ، وَلَكَ أَنْ تَمْسَحَ إِلَى مِثْلِ هَذَا الوَقْتِ مِنَ الفَجْرِ لِلْيَوْمِ التَّالِي إِنْ كُنْتَ مُقِيماً .
وَمِنَ الأَخْطَاءِ المَشْهُورَةِ عِنْدَ العَامَّةِ أَنَّ المَسْحَ يوماً وَلَيْلَةً يَعْنِي أَنَّهُ لاَ يَمْسَحُ إِلَّا خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، وَهَذَا لَيْسَ صَحِيحًا فَلَيْسَ لِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ تَأْثِيرٌ فِي الحُكْمِ فَقَدْ تَسْمَحُ لَكَ المُدَّةُ بِالمَسْحِ لِأَكْثَرِ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَالحُكْمُ لِلْمُدَّةِ وَلَيْسَ لِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ . وَلاَ بُدَّ لِلِبْسِ الجَوْرَبَيْنِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ غَسْلِ كِلَا الرِّجْلَيْنِ قَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ إِلَّا إِذَا كَانَ قَدْ لَبِسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ ، وَالذِي أَدْخَلَ الخُفَّ أَوْ الشُّرَّابَ بِرِجْلِهِ اليُمْنَى قَبْلَ غَسْلِ رِجْلِهِ اليُسْرَى لَمْ تَكْمُلْ طَهَارَتُهُ .ا.هـ
وَمَنْ مَسَحَ فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ فِإِنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ ، وَكَذَلِكَ مَنْ مَسَحَ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُسَافِرٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقوَالِ أَهْلِ العِلْمِ .
قَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ : وَإِذَا شَكَّ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ المَسْحِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى اليَقِينِ فَمَثَلاً لَوْ شَكَّ هَلْ مَسَحَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ لِصَلَاةِ العَصْرِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ ابْتِدَاءَ المُدَّةِ مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ.
وَإِذَا مَسَحَ عَلَى الحِذَاءِ (الكَنَادِرِ)ثُمَّ خَلَعَهُمَا وَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الشُّرَّابِ عَلَى القَوْلِ الرَّاجِحِ ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا مَسَحَ عَلَى الشُّرَّابِ ثُمَّ لَبِسَ عَلَيْهَا شَرَّاباً أُخْرَى أَوْ حِذَاءً وَمَسَحَ عَلَى العُلْيَا فَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى القَوْلِ الرَّاجِحِ مَا دَاَمَتْ المُدَّةُ بَاقِيَةً لَكِنْ تُحْسَبُ المُدَّةُ مِنَ المَسْحِ عَلَى الأَوَّلِ وَلَيْسَ مِنَ المَسْحِ عَلَى الثَّانِي .
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : وَلَوْ مَسَحَ شَخْصٌ ثُمَّ خَلَعَ الجَوْرَبَ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ فِإِنَّ وُضُوءَهُ لاَ يَفْسُدْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَسَحَ عَلَى الخُفِّ فَقَدْ تَمَّتْ طَهَارَتُهُ ، فَالمَسْحُ هُوَ الذِي يَبْطُلُ أَمَّا الطَّهَارَةُ فَهِيَ بَاِقيَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ العِلْمِ وَهُو اخْتِيَارُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِمَا مِنَ العِلْمِ وَالحِكْمَةِ أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَأْنِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : إِعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّ المَسْحَ عَلَى الخُفَّيْنِ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَهْدِيَنَا لِهَدْيِهِ وَيُلْزِمَنَا سُنَّتَهُ وَيُوَفِّقَنَا لِلْعَمَلِ بِشَرِيعَتِهِ ، َصلُّوا عَليهِ كَمَا أَمَرَكُم رَبُّكُم بِالصَّلَاةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيهِ