المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وطن نحميـــــــــــه لنعيش فيــــــــــــــــه



محمدالمهوس
18-09-2018, 11:56
الخُطْبَةُ الأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ..
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى، فَتَقْوَى اللهِ خَيْرُ زَادٍ لِيَوْمِ الْمِيعَادِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقُولُ: «كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى».
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا طِفْلاَنِ صَغِيرَانِ، هَجَمَ عَلَيْهِمَا ذِئْبٌ عَلَى زَمَنِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- فَأَكَلَ الذِّئْبُ وَلَدَ الْكُبْرَى، فَادَّعَتِ المَرْأَةُ الْكُبْرَى أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْهُ الذِّئْبُ وَلَدُهَا، وَأَنَّ الْوَلَدَ المَأْكُولَ هُوَ وَلَدُ الصُّغْرَى، فَاحْتَكَمَتَا لَدَى دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، فَكَانَتِ الْكُبْرَى أَلْحَنَ حُجَّةً وَأَسْبَغَ بَيَانًا، فَقَضَى دَاوُدُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- الْوَلَدَ لِلْكُبْرَى، ثُمَّ احْتَكَمَتَا إِلَى سُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-، الَّذِي فَهَّمَهُ اللهُ الْحُكْمَ، يَوْمَ أَنْ قَالَ اللهُ فِي حُكْمِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَنَمِ الَّتِي نَفَشَتْ فِي الْحَرْثِ، قَالَ تَعَالَى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}، احْتَكَمَتْ هَاتَانِ المَرْأَتَانِ عِنْدَ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: أَعْطُونِي سِكِّينًا أَشْطُرُ هَذَا الْوَلَدَ شَطْرَيْنِ، وَأَشُقُّهُ نِصْفَيْنِ ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا تَأْخُذُ نِصْفًا، فَرَضِيَتِ الْكُبْرَى بِذَلِكَ، وَأَمَّا الصُّغْرَى فَرَفَضَتْ هَذَا الْحُكْمَ، وَتَنَازَلَتْ عَنْ نِصْفِهَا، وَقَالَتْ: أَعْطُوا الْوَلَدَ لِلْكُبْرَى وَلَا تَقْسِمُوهُ نِصْفَيْنِ، فَعَلِمَ سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- أَنَّ الْوَلَدَ لَهَا، أَنَّ الْوَلَدَ لِلصُّغْرَى، فَحَكَمَ لَهَا بِالْوَلَدِ؛ لأَنَّ سُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- يَعْلَمُ أَنَّ الأُمَّ الْحَقِيقِيَّةَ لِلْوَلَدِ لاَ تَرْضَى بِشَقِّهِ نِصْفَيْنِ؛ لأَنَّهُ فِلْذَةُ كَبِدِهَا، وَثَمَرَةُ فُؤَادِهَا، وَأَمَّا الأُمُّ الْمُزَيَّفَةُ، صَاحِبَةُ الاِدِّعَاءِ الْبَاطِلِ فَلاَ يُهِمُّهَا ذَلِكَ، أَشُطِرَ الْوَلَدُ أَمْ لَمْ يُشْطَرْ، أَقُتِلَ الطِّفْلُ أَمْ لَمْ يُقْتَلْ، بَلْ تُرِيدُهُ يُشْطَرُ وَيُقْتَلُ، لِتَتَسَاوَى هِيَ وَالصُّغْرَى فِي الْمُصِيبَةِ، وَتَتَشَارَكَ هِيَ وَالصُّغْرَى فِي فَقْدِ الْوَلَدِ!
عِبَادَ اللهِ: قِصَّةٌ عَجِيبَةٌ، تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِصِدْقِ الاِرتْبِاَطِ، هَذِهِ الْقِصَّةُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ تُجَسِّدُ حَالَنَا مَعَ هَذِهِ التُّرْبَةِ الْغَالِيَةِ، وَهَذَا الثَّرَى الَّذِي تَرَعْرَعْنَا عَلَى مِيَاهِهِ الطَّيِّبَةِ، وَهَذَا الْوَطَنِ الْغَالِي الَّذِي لاَ يُبَاعُ بِالأَثْمَانِ، إِنَّمَا الأَرْوَاحُ وَالأَبْدَانُ فِدَاءٌ لِوَحْدَتِهِ وَسَلاَمَتِهِ.
وَلِي وَطَنٌ آلَيْتُ أَلاَّ أَبِيعَهُ
وَأَلاَّ أَرَى غَيْرِي لَهُ الدَّهْرَ مَالِكَا

عَمَرْتُ بِهِ شَرْخَ الشَّبَابِ مُنَعَّمًا
بِصُحْبَةِ قَوْمٍ أَصْبَحُوا فِي ظِلاَلِكَا

فَقَدْ أَلِفَتْهُ النَّفْسُ حَتَّى كَأَنَّهُ
لَهَا جَسَدٌ إِنْ بَانَ غُودِرَ هَالِكَا

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قِصَّةُ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ وَلَدَيْهِمَا تُجَسِّدُ حَالَ الْكَثِيرِينَ الْيَوْمَ وَقَبْلَ الْيَوْمِ مَعَ بِلاَدِهِمْ قِبْلَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَهْدِ الرِّسَالَةِ وَمَأْرِزِ الدِّينِ، الَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ لِلْوَطَنِ تَمَزُّقًا وَفِتْنَةً، وَحَالَ الْقِلَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ أَفْرَادِهَا، وَالَّذِينَ هُمْ كَتِلْكَ الْمَرْأَةِ الْكُبْرَى الْمُزَيَّفَةِ، لَا يُهِمُّهُمْ أَتَمَزَّقَ الْوَطَنُ أَوْ شَاعَتْ فِيهِ الْفَوْضَى وَالْفِتَنُ! بَلْ يَفْرَحُونَ لِذَلِكَ، وَهَؤُلاَءِ وَاللهِ لَيْسُوا أَبْنَاءً حَقِيقِيِّينَ لِهَذَا الْوَطَنِ؛ لأَنَّ الاِبْنَ الْحَقِيقِيَّ لِهَذَا الْوَطَنِ لاَ يَرْضَى أَنْ يُشَاكَ الْوَطَنُ بِشَوْكَةٍ، فَضْلاً عَنْ أَنْ تَمَسَّهُ يَدُ التَّمْزِيقِ، وَكَفُّ التَّحْزِيبِ، وَذِرَاعُ التَّخْرِيبِ.
لَقَدْ تَنَازَلَتْ هَذِهِ الأُمُّ الصُّغْرَى عَنْ وَلَدِهَا فِي سَبِيلِ بَقَائِهِ، وَعَدَمِ تَعْرِيضِهِ لِلْهَلاَكِ، فَالاِبْنُ الْحَقِيقِيُّ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هُوَ مَنْ يَبْذُلُ رُوحَهُ وَدَمَهُ وَجَمِيعَ مَا يَمْلِكُ فِي سَبِيلِ وَحْدَةِ هَذِهِ الْبِلاَدِ الطَّيِّبَةِ، وَعَدَمِ تَمْزِيقِهَا، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَكُونَ مِعْوَلَ هَدْمٍ، وَأَصَابِعَ تَمْزِيقٍ، وَعَقْلَ مُدَبِّرٍ، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ لِلأَمْرِ الْوَاقِعِ، وَالسِّنُونَ لاَ تَزَالُ تُظْهِرُ مَعَادِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْوَطَنِ الْحَقِيقِيُّونَ، الَّذِينَ يُشَدُّ بِهِمُ الأَزْرُ، وَتُقَارَعُ بِهِمُ الصِّلاَبُ، بَعْدَ قُوَّةِ وَعِزَّةِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، وَيَسْتَحِقُّونَ خَيْرَاتِ هَذَا الْوَطَنِ، نَظِيرَ وَفَائِهِمْ، وَلَمْ يَكُونُوا أَذْرِعَةً تُحَرِّكُهُمْ قُوًى خَارِجِيَّةٌ، وَتَوَجُّهَاتٌ مُغْرِضَةٌ، يَتَرَبَّصُونَ بِبِلاَدِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ الْفِتْنَةَ وَالشَّرَّ وَالْفَسَادَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنَى قُوَّةَ أَصْحَابِهِ عَلَى التَّآخِي وَالإِيثَارِ وَالْوَحْدَةِ، فَأَوَّلُ عَمَلٍ قَامَ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ يَوْمَ أَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا: أَنْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالتَّحَزُّبِ وَالتَّفَكُّكِ وَالِاخْتِلاَفِ،كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، يَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ».
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَتَمَثَّلُوا الْعَبْدَ الصَّالِحَ فِي هَذَا الْبَلَدِ الْمُبَارَكِ؛ فَكُلُّ خَيْرٍ وَعِزٍّ وَمَجْدٍ وَازْدِهَارٍ مُرْتَبِطٌ بِطَاعَةِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، قَالَ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .. أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ فِي وَطَنٍ وَلَيْسَ كَالأَوْطَانِ! بِلاَدُنَا قِبْلَةُ الْمُسْلِمِينَ تَحْتَضِنُ شَعَائِرَهُمْ وَمَشَاعِرَهُمْ، فِيهَا أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، وَخُتِمَ بِنَبِيِّهَا الرِّسَالاَتُ، وَتَنَزَّلَ آخِرُ كِتَابٍ فِي دِيَارِهَا، وَحُبُّنَا لِهَذَا الْوَطَنِ يَتَجَلَّى بِالْحِرْصِ الأَكِيدِ عَلَى اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالْقَضَاءِ الْمُحْكَمِ عَلَى أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ وَالْخِلاَفِ، وَقِيَامِ رُوحُ النَّصِيحَةِ وَالتَّعَاوُنِ وَالتَّكَاتُفِ فِي وَجْهِ التَّيَّارَاتِ الْقَادِمَةِ، وَالتَّحَزُّبَاتِ الْهَادِمَةِ الَّتِي تُضْعِفُ الْوَطَنَ وَتُوهِنُهُ، وَكَذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالنُّظُمِ الْمَرْعِيَّةِ الَّتِي تَسْعَى إِلَى جَمْعِ الْكَلِمَةِ بَيْنَ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ، سَمْعًا وَطَاعَةً بِالْمَعْرُوفِ، وَأَدَاءً لِلْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَاتِ، كُلٌّ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ.
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رَوَاهُ مُسْلِم.