المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( الحث على السعي وذم التسول + صيام عاشوراء 1441)



الشيخ/عبدالله الواكد
14-09-2018, 06:55
خُطْبَةُ جُمُعَةٍ
بِعِنْوَانِ
( الْحَثُّ عَلَى السَّعْيِ وَذَمُّ التَّسَوُّلِ 1441 هـ )
+ ( صيام عاشوراء )
كَتَبَهَا / عَبْدُاللهِ بْنُ فَهْدِ الْوَاكِدِ
إِمَامُ وَخَطِيبُ جَامِعِ الْوَاكِدِ بِحَائِل
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ))
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ : إِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ دِينٌ كَامِلٌ ، شَمِلَ نَوَاحِي الْحَيَاةِ كُلِّهَا ، شَرِيعَةٌ سَمْحَةٌ ، وَمِلَّةٌ حَنِيفِيَّةٌ ، وَدِينٌ وَسَطٌ ، جَمَعَ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعَمَلِ ، لَمْ يَكُنْ الدِّينُ يَوْماً مَا حَائِلاً بَيْنَ الْعَبْدِ وَعَمَلِهِ قَالَ تَعَالَى ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) المُلْكُ (15)، كَاََ لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ حَائِلاً بَيْنَ الْعَبْدِ وَعِبَادَتِهِ قَالَ تَعَالَى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الْجُمُعَةُ (9) ، هَذَا الدِّينُ الْعَظِيمُ حَثَّ النَّاسَ جَمِيعًا عَلَى السَّعْيِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لِمَا يُصْلِحُ دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ فَالطَّالِبُ لِمَدْرَسَتِهِ وَكُلِّيَّتِهِ وَالْمُوَظَّفُ لِعَمَلِهِ وَالتَّاجِرُ لِتِجَارَتِهِ وَالمُزَارِعُ لِزِرَاعَتِهِ وَالصَّانِعُ لِصِنَاعَتِهِ ، لِأَنَّ الْفَرَاغَ وَالْكَسَلَ يَجْلُبَانِ الْهَمَّ وَالْكَآبَةَ وَيُورِدَانِ وَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ وَتَسْوِيلَاتِهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ هُمْ أَصْفِيَاءُ اللهِ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ اللهُ لِحَمْلِ أَمَانَةِ الرِّسَالَةِ وَتَبْلِيغِ الدِّينِ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ عَمِلُوا عَلَى التَّكَسُّبِ وَطَلَبِ الرِّزْقِ، قَالَ تَعَالَى ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ ) (الفرقان:20) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ : "يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ جَمِيعِ مَنْ بَعَثَهُ مِنَ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أّنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى التَّغَذِّي بِهِ ، وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ لِلتَّكَسُّبِ وَالتِّجَارَةِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُنَافٍ لِحَالِهِمْ وَمَنْصِبِهِمْ " انْتَهَى كَاَيمُهُ رَحِمَهُ اللهُ . وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَكَانَ آدَمُ حَرّاثًا ، وَنُوحُ نجارًا ، وَلُقْمَانُ خَيَّاطًا ، وَطَالُوتُ دَبَّاغًا ، وَقِيلَ: سَقَّاءً ، فَالصَّنْعَةُ سَبَبُ رِزْقٍ يَكُفُّ بِهَا الْإِنْسَانُ نَفَسَهُ عَنْ النَّاسِ , وَقَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا)). قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ : " فِيهِ جَوازُ الصَّنَائِعِ ، وَأَنَّ النِّجَارَةَ لَا تُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ ، وَأَنَّهَا صَنْعَةٌ فَاضِلَةٌ ". وَفِي البُخَارِيِّ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ))
وَدَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَاَإ تَعْلَمُونَ ، كَانَ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الْأَرْضِ ، فَاقْتِصَارُهُ فِي أَكْلِهِ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ ، لَمْ يَكُنْ مِنَ الحَاجَةِ ، وَإِنَّمَا ابْتَغَى الْأَكْلَ مِنْ طَرِيقٍ أَفْضَلَ
وَلَقَدْ رَعَى الْأَنْبِيَاءُ جَمِيعاً الْغَنَمَ ، فَفِي البُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ))، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ (( نَعَمْ ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ )). وَكَانَ كِبَارُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَرِفُونَ بِأَيْدِيهِمْ ، وَمِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى أَنْ وَفَّقَتْ شَرِيعَةُ اللهِ بَيْنَ أَوْقَاتِ الْعِبَادَةِ وَأَوْقَاتِ الْعَمَلِ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَمْ يَكُنْ الدِّينُ يَوْماً مَا ، يَدْعُوا إِلَى الْكَسَلِ وَالتَّمَاوُتِ أَوْ الْإِعْتِمَادِ عَلَى التَّسَوُّلِ وَاسْتِجْدَاءِ النَّاسِ ، وَالتَّذَلُّلِ لَهُمْ ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّبِيلَ يُورِثُ الْمَذَلَّةَ وَالْمَهَانَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبُ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَيَأْتي بِهِ فَيَبِيعُهُ ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهُ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً أَعْطَاهُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْألُهُ ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ)) متفقٌ عَلَيْهِ ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( لَا تَزَالُ المَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَىَ اللهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مِزْعَةُ لَحْمٍ )) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ وَتَابَ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَأْنِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
أَيُّها الْمُسْلِمُونَ : عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللهِ e الْمَدِينَةَ ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ : (( مَا هَذَا اليَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ )) قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ تَعَالَى فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ ، وَأَهْلَكَ فِيهِ فِرْعَونَ وَقَوْمَهُ ، فَصَامَهُ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ شُكْرًا للهِ تَعَالَى ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ . فَقَالَ e : (( فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ )) فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، فَيَوْمُ عَاشُورَاءَ ، الَّذِي هُوَ اليَوْمُ العَاشِرُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ ، هُوَ يَوْمٌ عَظِيمٌ يُشْرَعُ صِيَامَهُ ، فَقَدْ صَامَهُ النَّبِيُّ e وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، فَصُومُوا ذَلِكَ اليَوْمَ إِتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ وَاحْتِسَابًا لِلْأَجْرِ عِنْدَ رَبِّكُمْ فَفِي الْحَدِيثِ يَقُولُ e : (( صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ )) وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَامَهُ أَنْ يَصُومَ مَعَهُ اليَوْمَ التَّاسِعَ ، أَوْ يَصُومَ العَاشِرَ وَالحَادِي عَشَر، أَوْ يَصُومَ التَّاسِعَ وَالعَاشِرَ وَالحَادِي عَشَرَ، أَوْ يَصُومَ العَاشِرَ لِوَحْدِهِ فَالأَمْرُ وَللهِ الْحَمْدُ وَاسِعٌ ،

، نَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُمْ وَالْمُسْلِمِينَ لِلْعَمَلِ الْصَّالِحِ وَأَنْ يَرْزُقَ عِبَادَهُ المُسْلِمِينَ وَأَنْ يُيَسِّرَ لَهُمْ سُبُلَ الْأَرْزَاقِ وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُمْ جَمِيعًا لِلتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشيخ/عبدالله الواكد
05-09-2019, 21:40
الرفع لمناسبتها هذا الاسبوع