المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( الوطن مسؤولية الجميع 1439 )



الشيخ/عبدالله الواكد
10-07-2018, 15:17
الخطبة الأولى
الوطن مسؤولية الجميع
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد

الخطبة الأولى
أيها المسلمون : تربةُ الوطنِ تريةٌ غاليةِ ، وهذا الثرى الذي ترعرعناَ على ميثائِهِ الطيبةِ ، وتنفسنا هواءه ، وعشنا في كنفه ، لا يباعُ بالأثمانِ ، الأرواحُ والأبدانُ فداءً لوحدتِهِ وسلامتِهِ ، والدماءُ دون المساسِ بأمنه وسلامته
ولي وطنٌ آليتُ ألاَّ أبيعَهُ
وألاَّ أرى غيري لهُ الدهرَ مالكاَ
عَمرْتُ بهِ شرخَ الشبابِ منعَّماً
بصحبةِ قومٍ أصبحوا في ظلالِكاَ
وحَبَّبَ أوطانَ الرجالِ إليهُمُ
مآربُ قضَّاهاَ الشبابُ هنالكَ
إذا ذَكَروا أوطانَهُمْ ذكّرَتْهُمُ
عهودُ الصِّباَ فيها فحنُّوا لذلِكاَ
فقدْ ألِفَتْهُ النفسُ حتى كأنَّهُ
لها جسدٌ إنْ بانَ غُودِرْتُ هالِكاَ
أيها المسلمون : إنَّ الفوضى والفسادَ داخلَ الوطنِ ، ومحاولةَ زعزعةِ الأمنِ وإحداثِ الفوضى والشغبِ ، لا تصدرُ هذهِ التصرفاتُ ممن لهم الولاءُ لهذا الوطنِ ، الذين يحافظونَ على أمنِهِ واستقرارِهِ ويقفونَ صفاً واحداً مع رجالِ الأمنِ ، لتقويضِ كلِّ بناءٍ للفسادِ والفوضى ، هؤلاء هم أبناءُ الوطن ، الذي يحفظون مقدراته ويحرسون لحمته وأمنه ، أما أرباب الفوضى فهؤلاءِ واللهِ ليسوا أبناءً حقيقيينَ لهذا الوطنِ ، لأنَّ الإبنَ الحقيقيَّ لهذا الوطنِ ، لا يرضى أنْ يُشاكَ الوطنُ بشوكةٍ فضلاً عن أنْ تمسَّهُ يدُ التمزيقِ ، وكفُّ التحزيبِ ، وذراعُ التخريبِ ، الإبنُ الحقيقيُّ أيها المسلمونَ ، هوَ منْ يبذلَ روحَهُ ودمَهُ وجميعَ ما يملكُ ، في سبيلِ وحدةِ هذهِ البلادِ الطيبةِ ، وعدمِ تمزيقِهاَ ، فضلاً عنْ أنْ يكونَ معولَ هدمٍ ، وأصابعَ تمزيقٍ ، هؤلاء هم الأبناء الحقيقيون للوطن ، هم الذينَ يُشَدُّ بهمُ المئزرُ ، وتُقارعُ بهمُ الصلابُ ، بعدَ قوةِ وعزةِ العزيزِ الوهابِ ، ويستحقونَ خيراتِ هذا الوطنِ ، نظيرَ وفائِهِمْ ، فلمْ يكونوا يوما أذرعةً فساد تحركُهُمْ قوى خارجيةٌ ، وتوجهاتٌ مغرضةٌ ، يتربصونَ ببلادِ الحرمينِ الشريفينِ ، الفتنةَ والشرَ والفسادَ ، واللهِ أيها المسلمونَ إنَّ ابنَ الوطنِ الحقيقيَّ هو الذي يستميتُ في سبيلِ وحدةِ الصفِّ ، وتماسكِ الأمةِ ، ولا يمكن لأمة أن تنهض وتقوم ، ويكون لها قدرها ومكانتها بين الدول ، حتى يكون نسيجها الإجتماعي متماسكا متينا ، لا تخترقه النعرات القبلية ، ولا تسوده المظاهر الزائفة ، حتى الدول الكبرى ، بَنَتْ قواعدَ قوتِهاَ، واستمرارَ نهضتِها ، وقوةَ كلمتِها على التماسكِ والوحدةِ الذي جعلَ منهاَ أمةً واحدةً في نظامِها وتماسكِ شعبِها وتطلُّعِهِ للمستقبلِ فحفظتِ الأمنَ وبذلتْ ما تملكُ لتحقيقِ الإستقرارِ ، أما نحن فقد أمرنا الله بذلك ، قال تعالى (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)
أيها المسلمونَ : رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ بنى قوةَ أصحابِهِ ، على التآخي والإيثارِ والوحدةِ فأولُ عملٍ قامَ بهِ في المدينةِ يومَ أنْ هاجرَ إليهاَ ، أنْ آخى بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، قالَ اللهُ تعالى (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ونهى اللهُ عزَّ وجلَّ عنِ الفرقةِ والتحزُّبِ والتفككِ فقالَ تعالى ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم









الثانية

أيها الإخوةُ المسلمونَ : لقد كدَّرَ مسامعَنا وفطرَ قلوبَنا الحادثُ الأليمُ الذي تعرضتْ لهُ النقطةُ الأمنيةُ في منطقةِ القصيمِ واستُشهدَ جراءَها أحدُ رجالِ أمنِنا البواسلِ وأحدُ المقيمينَ ، غدرَتْ بهم أياد غادرةٌ من شبابٍ لوُّثتْ أفكارُهم ودُنِّست عقولُهم وحُرِّفت عقائدُهم وتمَّ بحمدِ اللهِ وبجهودِ رجالِ الأمنِ أيدهُمُ اللهُ بنصرِهِ قتلُ إثنينِ منهم وإصابةُ الثالثِ ، فأمكنَ اللهُ من يدِ الشرِ والضلالِ ، رحمَ اللهُ شهداءَنا وحفظَ اللهُ أمنَنا ، لقدْ أدركَ الناسُ جميعاً خطورةَ هؤلاءِ الإرهابيينَ على البلادِ والعبادِ ، فالواجبُ عليناَ جمعُ الكلمةِ ووحدةُ الصفِّ والإلتفافُ حولَ ولاةِ أمرِنا وعلمائِنا ، حقاًّ إن الوطنَ أمانةٌ في يدِ الجميعِ ، وليسَ قصرا على رجالِ الأمنِ ، أو الموظفينِ والمسؤولينِ ، فأولُ المناطينَ بحفظِ الأمنِ ، وبذلِ أسبابِ الإستقرارِ ، هو أنتَ أيها المواطنُ الكريمُ ، فهذا بلدُكَ وهذا وطنُكَ ، وهذه أمتُكَ ، وكثيرٌ من إخوانِنا الذينَ خرجوا من ديارِهِم حفاظا على أرواحِهم ، واستضافتهُم هذه البلادُ ، يعرفونَ قيمةَ الوطنِ نسألُ اللهَ تعالى أن يفرجَ كربتَهم ويعجِّلَ بزوالِ الفتنةِ والإحترابِ في بلادِهم ليعودوا إليها بإذنِ اللهِ ، فنحمَدُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ حباناَ وحباكُمْ هذهِ العقولَ النيرةَ التي تدرك دوما ببُعْدِ نظرِها وسلامةِ عقيدتِها ، ما يحاكُ لهذهِ الأمةِ من مكائد ، ولذلك فشلت كلُّ الدعاوى المغرضة لأنَّ هذه الإدعاءاتِ لا يمكِنُ تسويقُها لدى أمةِ التوحيدِ والعقيدةِ الصافيةِ وأمةِ الوفاءِ والشهامةِ وأمةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، أمةٍ يحدوا سُراهاَ ، طيبُ حديثِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، الذي أمرَناَ اللهُ عزَ وجلَّ بطاعتِهِ واتباعِهِ فقال سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) وأمرنا بالصلاة والسلام عليه فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين