محمدالمهوس
20-07-2017, 14:13
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها ،وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٍ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٍ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النّارِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / السعادةُ مطلبٌ عظيمٌ، ومقصَدٌ جليل، يسعى إليها كلُّ حيٍّ، ينشُدُها بكلِّ وسيلة، ويطلُبها في كلِّ سبيل، غير أنَّ السعادةَ والطُّمأنينةَ في هذه الحياة لا تحصلُ إلا بما شرَعَ اللهُ عزّ وجلّ لعباده، وما أرْشدَهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذُ بما وضعه جلّ وعلا من سُننٍ وما شرع منْ أسباب.
وإن مما شرَع اللهُ عزّ وجل من أسبابِ السّعادة وجَبَلَ النّفوسَ عليه: الارتباطُ برباط الزوجية، فإنه من أعظمِ أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصولِ الطُّمأنينةِ والسَّكينةِ، وهدوءِ البال وراحةِ النفس، متى ما تحقق الوئامُ بين الزوجين، وكُتِبَ التوفيقُ لهما، ولذا امتنَّ الله تعالى على عباده بهذه النعمة فقال سبحانه:((وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ : الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ .. الحديث )) صححه الألباني
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ )) رواهُ مُسْلم
فالنِّكاحُ من سُننِ المرسلين، وهديِ الصالحين، وقد أمر به ربُّنا جل وعلا في كتابه بقوله: ((فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ ))ورغّب بهِ سيدُ المرسلين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفعلهِ، وحثَّ عليه بقولهِ: ((أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) مُتّفقٌ عليهِ، ووجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شبابَ الأُمّة إلى المبادرة بالزواج حينَ يجد أحدُهم القُدْرةَ على تحمُّلِ المسؤولية، والقيامِ بشؤون الحياة الزوجية، حيث قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)) مُتّفقٌ عليهِ
وأرشد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ أرادَ النِّكاحَ إلى اخْتيار الزوجةِ الصَّالحةِ ذاتِ الدِّينِ الْقَويم، والخُلُقِ الْكريمِ، والْمَنْشئِ الطَّيبِ، الْوَدودِ الْوَلُود، فقال :((تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)) مُتّفقٌ عليهِ من حديثِ أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنْه ، وقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ )) رواهُ أبو داودَ وصحّحهُ الألباني .
والمرأةُ الصالحةُ تكونُ عونًا على بِناءِ الأُسْرةِ على أُسُسِ منَ التّقوى والإيمان ،فضلاً على قيامها بالحقوق الزوجية، ورعايةِ شؤونِ الزوج، وتربيةِ الأولاد وغيرِ ذلك .
وصَلاحُ الرَّجُلِ هو الْمُعَوَّلُ على قَبولِ الْخاطِبِ أو ردِّه ، دونَ اعتبارٍ لغير ذلك من معاييرَ تواطأتْ عليها بعضُ المجتمعات ، وتعارف عليها بعضُ الناس ، مما لا أصلَ له في دين الإسلام ، بل ربَّما ترتب عليها من المفاسد والأضرارِ ما لا يعلمُه إلا الله ، ولذلكَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )) رواه التّرمذي وحسَّنه الألباني
وإن مما يُؤسَى له أن يَعمَدَ بعضُ الأولياء إلى عَضْل مَنْ تحتَ ولايتهِ من النساء ، من بناتٍ وأخوات ، لأطْماعٍ مادية ، أو لعاداتٍ اجتماعية ، لا أصلَ لها في شريعة الإسلام ، فيُلحق بمولياتهِ من عظيم الضّرر، وشديد الحسرة والألمِ ما اللهُ به عليم ، وقد قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) متَّفقٌ عليْهِ
فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله وكونوا مفاتيحَ خيرٍ للشباب في هذا المشروعِ المبارك ! فعفافُهم صلاحٌ لَـهُم ولـِمُجْتَمَعِهِم ، باركَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الكتابِ والسُّنة، وَنَفَعنا بِما فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالْحِكْمَةِ ،أقولُ قَوْلِي هَذا، واسْتغفرِ اللهُ لِي وَلَكُم مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإنّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيم .
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً ، أمّا بَعْدُ : فاعْلَموا عِبادَ اللهِ : أنَّ اللهَ تعالى شرعَ النِّكاحَ لمصالِحَ الخلْقِ ، وعِمَارةِ هذا الكوْن ، ففي النِّكاحِ مَصالحُ عُظمى ، ومنافعُ كُبرى ، فكُلّما عَنِيَةِ الأُمّةُ بِأمْرِهِ ، والسَّعْيِ في تسهيلهِ وَتيْسِيرِ أسْبابهِ ، كُلّما تحقّقَ لها ما ترْجُوهُ منْ سعادةِ أبنائها ، وحُصولِ الأمْنِ والطُّمأنينةِ في مُجـْتمعاتـِها .
فاتَّقُوا اللهَ تعالى في كُلِّ ما تَأْتُونَ وتَذَرونَ ،وَاحْرِصوا على تَحْقيقِ أسبابِ الخير والبركةِ في كُلِّ ما تُريدونَ وتَقْصِدُونَ ،وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ ، فَقَالَ (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِم .
إنّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها ،وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٍ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٍ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النّارِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / السعادةُ مطلبٌ عظيمٌ، ومقصَدٌ جليل، يسعى إليها كلُّ حيٍّ، ينشُدُها بكلِّ وسيلة، ويطلُبها في كلِّ سبيل، غير أنَّ السعادةَ والطُّمأنينةَ في هذه الحياة لا تحصلُ إلا بما شرَعَ اللهُ عزّ وجلّ لعباده، وما أرْشدَهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذُ بما وضعه جلّ وعلا من سُننٍ وما شرع منْ أسباب.
وإن مما شرَع اللهُ عزّ وجل من أسبابِ السّعادة وجَبَلَ النّفوسَ عليه: الارتباطُ برباط الزوجية، فإنه من أعظمِ أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصولِ الطُّمأنينةِ والسَّكينةِ، وهدوءِ البال وراحةِ النفس، متى ما تحقق الوئامُ بين الزوجين، وكُتِبَ التوفيقُ لهما، ولذا امتنَّ الله تعالى على عباده بهذه النعمة فقال سبحانه:((وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ : الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ .. الحديث )) صححه الألباني
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ )) رواهُ مُسْلم
فالنِّكاحُ من سُننِ المرسلين، وهديِ الصالحين، وقد أمر به ربُّنا جل وعلا في كتابه بقوله: ((فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ ))ورغّب بهِ سيدُ المرسلين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفعلهِ، وحثَّ عليه بقولهِ: ((أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) مُتّفقٌ عليهِ، ووجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شبابَ الأُمّة إلى المبادرة بالزواج حينَ يجد أحدُهم القُدْرةَ على تحمُّلِ المسؤولية، والقيامِ بشؤون الحياة الزوجية، حيث قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)) مُتّفقٌ عليهِ
وأرشد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ أرادَ النِّكاحَ إلى اخْتيار الزوجةِ الصَّالحةِ ذاتِ الدِّينِ الْقَويم، والخُلُقِ الْكريمِ، والْمَنْشئِ الطَّيبِ، الْوَدودِ الْوَلُود، فقال :((تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)) مُتّفقٌ عليهِ من حديثِ أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنْه ، وقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ )) رواهُ أبو داودَ وصحّحهُ الألباني .
والمرأةُ الصالحةُ تكونُ عونًا على بِناءِ الأُسْرةِ على أُسُسِ منَ التّقوى والإيمان ،فضلاً على قيامها بالحقوق الزوجية، ورعايةِ شؤونِ الزوج، وتربيةِ الأولاد وغيرِ ذلك .
وصَلاحُ الرَّجُلِ هو الْمُعَوَّلُ على قَبولِ الْخاطِبِ أو ردِّه ، دونَ اعتبارٍ لغير ذلك من معاييرَ تواطأتْ عليها بعضُ المجتمعات ، وتعارف عليها بعضُ الناس ، مما لا أصلَ له في دين الإسلام ، بل ربَّما ترتب عليها من المفاسد والأضرارِ ما لا يعلمُه إلا الله ، ولذلكَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )) رواه التّرمذي وحسَّنه الألباني
وإن مما يُؤسَى له أن يَعمَدَ بعضُ الأولياء إلى عَضْل مَنْ تحتَ ولايتهِ من النساء ، من بناتٍ وأخوات ، لأطْماعٍ مادية ، أو لعاداتٍ اجتماعية ، لا أصلَ لها في شريعة الإسلام ، فيُلحق بمولياتهِ من عظيم الضّرر، وشديد الحسرة والألمِ ما اللهُ به عليم ، وقد قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) متَّفقٌ عليْهِ
فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله وكونوا مفاتيحَ خيرٍ للشباب في هذا المشروعِ المبارك ! فعفافُهم صلاحٌ لَـهُم ولـِمُجْتَمَعِهِم ، باركَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الكتابِ والسُّنة، وَنَفَعنا بِما فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالْحِكْمَةِ ،أقولُ قَوْلِي هَذا، واسْتغفرِ اللهُ لِي وَلَكُم مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإنّه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيم .
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً ، أمّا بَعْدُ : فاعْلَموا عِبادَ اللهِ : أنَّ اللهَ تعالى شرعَ النِّكاحَ لمصالِحَ الخلْقِ ، وعِمَارةِ هذا الكوْن ، ففي النِّكاحِ مَصالحُ عُظمى ، ومنافعُ كُبرى ، فكُلّما عَنِيَةِ الأُمّةُ بِأمْرِهِ ، والسَّعْيِ في تسهيلهِ وَتيْسِيرِ أسْبابهِ ، كُلّما تحقّقَ لها ما ترْجُوهُ منْ سعادةِ أبنائها ، وحُصولِ الأمْنِ والطُّمأنينةِ في مُجـْتمعاتـِها .
فاتَّقُوا اللهَ تعالى في كُلِّ ما تَأْتُونَ وتَذَرونَ ،وَاحْرِصوا على تَحْقيقِ أسبابِ الخير والبركةِ في كُلِّ ما تُريدونَ وتَقْصِدُونَ ،وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ ، فَقَالَ (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِم .