محمدالمهوس
29-05-2017, 17:30
الدرس الثالث
الْمُؤمِنُ كَالنّخْلَةِ
الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، والصَّلاةُ والسّلامُ عَلَى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ والْمُرْسَلِينَ ، وَبَعْدُ :
قَالَ تَعَالَى ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )) [ سورة إبراهيم ]
قال السعدي رحمه الله : (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَة )) وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وفروعها (( كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ )) قِيل هي النَّخلة ،ولذلكَ قالَ ابنُ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ وهو قلب النخلةِ ، فَقَالَ : ((إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ )) فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ . ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (( هِيَ النَّخْلَةُ )) متفق عليه ، وفي حديث آخر عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ , مَا أَخَذْتَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ نَفَعَكَ)) رواه الطبراني وصححه الألباني .
وقولُهُ (( أَصْلُهَا ثَابِتٌ )) في الأرض (( وَفَرْعُهَا )) منتشر في السماء ، وهي كثيرة النفع دائما، (( تُؤْتِي أُكُلَهَا )) أي: ثَمَرَتُها (( كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا )) فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن، عِلماً واعتقاداً، وفرعُها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة ، والآداب الحسنة في السماء دائماً يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تُخرجها شجرةُ الإيمان ما يَنْتَفِعُ به المؤمنُ ويَنْفَعُ غيرَه .
وفي هذه الآيةِ من الدروس : أن كلَّ مايُحبُّهُ اللهُ تعالى من أعمال القلوب والجوارح يدخل في اسْمِ الإيمان لأنَّ الإيمانَ بِضْعٌ وسَبْعونَ شُعْبَةً أفضلُها قولُ لا إلهَ إلا اللهُ ، وأدْناها إماطةُ الأذى عنِ الطريقِ .
ومن الدروس في هذه الآية : أنَّ التوحيدَ هو أصلُ الإيمان كما قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُون )) فكلُّ أعمالِ القلوبِ منَ الإيمان كالتَّوكُّلِ على الله وحده والرغبة والرهبة والخوف والخشوع والخضوع من الله وإليه وغيرها كلُّها داخِلةٌ في حِياضِ الإيمان، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ((أَلَا إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ )) متفق عليه
وقالَ أبو هريرةَ رضِي اللهُ عنه : الْقَلْبُ مَلِكٌ وَلَهُ جُنُودٌ، فَإِذَا صَلُحَ الْمَلِكُ صَلُحَتْ جُنودُهُ، وَإِذَا فَسَدَ الْمَلِكُ فَسَدَتْ جُنودُهُ .
ومن الدروس أيضاً : أنَّ الأخْلاقَ الْفاضِلةَ منْ صدقِ الْحديثِ وأداءِ الأمانة وبر الوالدينِ وصلةِ الأرحام والوفاءِ بالعُهود والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر والإحسانِ للجارِ واليتيمِ والمسكينِ والدُّعاءِ والذكرِ وغيرِها من ثمارِ الإيمان التي يتفاضلُ فيها النَّاسُ فيما يتعلّقُ بزيادةِ الإيمانِ ونقْصِهِ ، ولذلك فقد روَى أَبَ سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ مِنْ الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ )) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ ((بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ )) رواه ُ مسلم .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
حرر في رمضان 1438 ه
الْمُؤمِنُ كَالنّخْلَةِ
الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، والصَّلاةُ والسّلامُ عَلَى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ والْمُرْسَلِينَ ، وَبَعْدُ :
قَالَ تَعَالَى ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )) [ سورة إبراهيم ]
قال السعدي رحمه الله : (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَة )) وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وفروعها (( كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ )) قِيل هي النَّخلة ،ولذلكَ قالَ ابنُ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ وهو قلب النخلةِ ، فَقَالَ : ((إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ )) فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ . ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (( هِيَ النَّخْلَةُ )) متفق عليه ، وفي حديث آخر عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ , مَا أَخَذْتَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ نَفَعَكَ)) رواه الطبراني وصححه الألباني .
وقولُهُ (( أَصْلُهَا ثَابِتٌ )) في الأرض (( وَفَرْعُهَا )) منتشر في السماء ، وهي كثيرة النفع دائما، (( تُؤْتِي أُكُلَهَا )) أي: ثَمَرَتُها (( كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا )) فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن، عِلماً واعتقاداً، وفرعُها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة ، والآداب الحسنة في السماء دائماً يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تُخرجها شجرةُ الإيمان ما يَنْتَفِعُ به المؤمنُ ويَنْفَعُ غيرَه .
وفي هذه الآيةِ من الدروس : أن كلَّ مايُحبُّهُ اللهُ تعالى من أعمال القلوب والجوارح يدخل في اسْمِ الإيمان لأنَّ الإيمانَ بِضْعٌ وسَبْعونَ شُعْبَةً أفضلُها قولُ لا إلهَ إلا اللهُ ، وأدْناها إماطةُ الأذى عنِ الطريقِ .
ومن الدروس في هذه الآية : أنَّ التوحيدَ هو أصلُ الإيمان كما قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُون )) فكلُّ أعمالِ القلوبِ منَ الإيمان كالتَّوكُّلِ على الله وحده والرغبة والرهبة والخوف والخشوع والخضوع من الله وإليه وغيرها كلُّها داخِلةٌ في حِياضِ الإيمان، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ((أَلَا إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ )) متفق عليه
وقالَ أبو هريرةَ رضِي اللهُ عنه : الْقَلْبُ مَلِكٌ وَلَهُ جُنُودٌ، فَإِذَا صَلُحَ الْمَلِكُ صَلُحَتْ جُنودُهُ، وَإِذَا فَسَدَ الْمَلِكُ فَسَدَتْ جُنودُهُ .
ومن الدروس أيضاً : أنَّ الأخْلاقَ الْفاضِلةَ منْ صدقِ الْحديثِ وأداءِ الأمانة وبر الوالدينِ وصلةِ الأرحام والوفاءِ بالعُهود والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر والإحسانِ للجارِ واليتيمِ والمسكينِ والدُّعاءِ والذكرِ وغيرِها من ثمارِ الإيمان التي يتفاضلُ فيها النَّاسُ فيما يتعلّقُ بزيادةِ الإيمانِ ونقْصِهِ ، ولذلك فقد روَى أَبَ سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ مِنْ الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ )) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ ((بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ )) رواه ُ مسلم .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
حرر في رمضان 1438 ه