محمدالمهوس
18-05-2016, 17:53
الخطبة الأولى
الـْحَمْدُ لِلّهِ الّذي أرادَ فَقَدّر ، وَمَلَكَ فَقَهَر ، وَخَلَقَ فَأَمَر ، وعُبِدَ فأثابَ وَشَكَر ، وَعُصِيَ فَعَذّبَ وَغَفَر ، وَجَعَلَ مَصِيرَ الّذينَ كفروا إلى سَقر ، والّذِينَ اتّقَوْا ربّـَهُم في جنّاتٍ وَنـَهَرْ . نـَحْمَدُهُ تَعالى وَحَمْدُهُ فرْضٌ لازِمٌ ، وَنَشْكُرُهُ عزَّ وَجَلّ عَلى فَضْلِهِ الْمُسْتَمِرِّ وَإحْسَانِهِ الدّائِم . وأشْهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنّ مُـحَمّداً عبدُهُ ورسُولُهُ ، صلّى اللهُ عليْهِ وعلى آلهِ وَصَحْبِهِ وسلّم تسْليماً كَثِيراً
أمّا بَعْدُ : أَيُّهَا الْنَّاسُ/ أوصِيكم ونفْسِي بِتقْوى اللهِ تعالَى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ))
نَادَى الْمُـحِبُّ بِلَيْلِهِ رَبَّاهُ *** أسْمَاءَكَ الحُسْنى تَلَتْ شَفَتَاهُ
وَيَذرِفُ الدَّمَعَاتِ يُفَجّرُها الدُجَى *** يا طالَمَا جَادَتْ بها عَيْنَاهُ
وبَلاؤُهُ نَحَتَ الرّدَى بِعِظامِهِ *** والهمُّ في لـُجَجِ الشَّقَا أَشْقَاهُ
رَحْمَنَ هَذا الْكَوْنِ أنْتَ رَحِيمُنا *** أنتَ الْعزيزُ وَذَلَّ مَنْ عَاداهُ
مَلِكٌ وقدُّوسٌ سلامٌ مؤمنٌ *** وَمُهَيْمِنٌ يا فوزَ مَنْ أرْضَاهُ
فاللهُ جَبّارٌ قَوِيٌ واحِدٌ *** مُتَكَـبّــرٌ لَلْكِبْريـاءُ رِدَاهُ
هُوَ خَالِقٌ هُوَ بارئٌ ومصورٌ *** واللهُ غَفّارٌ لِمَنْ لَبـَّاهُ
عِبَادَ اللهِ / أخْرجَ ابنُ ماجة بِسننهِ ، وبسندٍ حسّنه الألبانيُّ من حديث أبي أمامةَ رضي اللهُ عنه قالَ : قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم: ((اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ )) قال القاسمُ بنُ عبدُ الرّحمنِ - وهو راوٍ من التابعين - فالْتَمَسْتُ فِي الْبَقَرةِ، فَإِذا هُو في آيةِ الكرْسي:(( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )) وفي آلِ عِمْرانَ فاتِحَتُها: ((الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)) وفِي طَهَ: ((وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ))
عِبَادَ اللهِ / الحيُّ الْقَيّومُ اسْمانِ لِلّهِ تَعالَى عَظِيمَانِ تَرْجِعُ إليْهِمَا جَمِيعُ أسْماءِ اللهِ الْـحُسْنى، فَاللهُ حَيٌّ مُتّصِفٌ بـِحياةٍ كامِلةٍ لَيْسَتْ مَسْبُوقَةٌ بِعَدَمٍ، ولا يَلْحَقُها زَوالٌ وفَناءٌ ، ولا يَعْتَـرِيهَا نَقْصٌ وَعَيْبٌ ،كَما قالَ تَعالى ((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ )) وقالَ ((كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )) وحياةُ الله عزّ وجلّ مُنَزّهَةٌ عنْ مُشابهةِ حياةِ الخلقِ فلا يَـجـْريِ عليها الموتُ أوِ الفناءُ
ولا يعتريها السِّنَةُ ( النُّعَاسُ ) ولا النَّوْمُ كَما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ )) رواه مُسْلم .
وقَـيّومٌ أيْ قائمٌ بِنفْسِهِ لا يـَحتاجُ إلى أحدٍ ،وقائمٌ على غيرهِ ، فكلُّ الخلْقِ محتاجٌ إليهِ ، وهُوَ سُبْحانهُ غَنِيٌّ عنْ خَلْقِهِ ، كَما قالَ تَعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))
قالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- جَالِسًا فِي الْحَلْقَةِ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ فِي دُعَائِهِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، إِنِّي أَسْأَلُكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أَتَدْرُونَ بِمَا دَعَا اللهَ؟)) فَقَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى)) والحديثُ صحّحهُ الألبانيُّ في الأدبِ المفردِ.
فَعَليْنا جَميعاً - عِبادَ اللهِ الاجْتهادُ لِنَيْلِ النّصيبِ الأكْبر مِنْ هذيْنِ الاسْمَيْن فسعادةُ المرءِ بِإجابَةِ دُعَائِهِ وَتَحْقيقِ مُرادِهِ ليَنْعمَ بِحياةٍ سعِيدةٍ فيِ الدُّنْيا والآخِرةِ .
اللّهُمَّ إناّ نَسْألُكَ اٍيماناً كامِلاً، ويقِيناً صادقاً، وقلبًا خاشعًا، ولِسانًا ذاكرًا ، وتوْبةً نَصُوحاً قبْلَ الْمَوْتِ ، وراحةً عنْد الْمَوْتِ، والْعَفْوَ عِنْدَ الْـحـِسابِ ، وَنَسْأَلُكَ الْـجَنّةَ وَنَعِيمَها، وَنعوذُ بكَ مِنَ النَّار يا ربَّ الْعَالـَمِين .
أقولُ ما تَسْمَعُونَ، وأسْتغفِرُ اللهَ لِي ولكُم ولِجميعِ الْمُسلميِنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فاسْتَغْفِروهُ إنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ على إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ له على توفيقه وامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ ألاّ إله إلا الله تعظيماً لِشَانهِ ، وأشهدُ أن نبيّنا محمداً عبدُه ورسولُهُ الدّاعي إلى رِضْوانِهِ ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .. أمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ :
كَثِيرٌ منَ النّاسِ يَتَكَلّفُ الدّعاء بِكَلِمَاتٍ غَرِيبةٍ مُريبةٍ وَبِأَحَادِيثَ لا أصْلَ لها ،وَمَعَ ذلكَ يَرْجُو إجابةَ دَعْوَتِهِ ، وَلَوِ اكْتَفَى بِدُعاءِ اللهِ تَعالى بِأسْمائهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلى بِيقينٍ وإخْلاصٍ لَكانَ أفْضلُ وأقْربُ إلى الِإجابةِ ، وقدْ أمَرنا اللهُ تعالى أنْ نَدْعُوهُ بِها فقالَ تَعالى (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الأَدْرَعِ رَضي اللهُ عنْه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فإِذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللَّهُ بِأَنَّكَ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ غُفِرَ لَهُ))، ثَلَاثًا.
والحديثُ صحّحه الألباني .
وعنْ أنسٍ رضي اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليْه وسلّم: ((كانَ إذا حَزَبَهُ - أيْ أهَـمّهُ وأحْزنـَهُ- أمْرٌ قالَ : ((يا حيُّ ، يا قيومُ ، برحمتِك أَستغيثُ(( رواهُ الترمذي وحسّنه الألباني .
فإذا أردْتَ يا عبدَ اللهِ صَلاحَ الْعَمَلِ فَقُلْ : يا حيُّ يا قيومُ أصْلِحْ لِي عَمَلِي ، وإذا أردْتَ صَلاحَ الذُّريةِ فَقُلْ : يا حيُّ يا قيومُ أصْلِحْ لِي ذُرِّيـَتـِي ، وإذا أردْتَ صَلاحَ كُلِّ شَيءٍ فَقُلْ : يا حيُّ يا قيـّومُ أصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهِ ؛ هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))
الـْحَمْدُ لِلّهِ الّذي أرادَ فَقَدّر ، وَمَلَكَ فَقَهَر ، وَخَلَقَ فَأَمَر ، وعُبِدَ فأثابَ وَشَكَر ، وَعُصِيَ فَعَذّبَ وَغَفَر ، وَجَعَلَ مَصِيرَ الّذينَ كفروا إلى سَقر ، والّذِينَ اتّقَوْا ربّـَهُم في جنّاتٍ وَنـَهَرْ . نـَحْمَدُهُ تَعالى وَحَمْدُهُ فرْضٌ لازِمٌ ، وَنَشْكُرُهُ عزَّ وَجَلّ عَلى فَضْلِهِ الْمُسْتَمِرِّ وَإحْسَانِهِ الدّائِم . وأشْهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأشْهَدُ أنّ مُـحَمّداً عبدُهُ ورسُولُهُ ، صلّى اللهُ عليْهِ وعلى آلهِ وَصَحْبِهِ وسلّم تسْليماً كَثِيراً
أمّا بَعْدُ : أَيُّهَا الْنَّاسُ/ أوصِيكم ونفْسِي بِتقْوى اللهِ تعالَى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ))
نَادَى الْمُـحِبُّ بِلَيْلِهِ رَبَّاهُ *** أسْمَاءَكَ الحُسْنى تَلَتْ شَفَتَاهُ
وَيَذرِفُ الدَّمَعَاتِ يُفَجّرُها الدُجَى *** يا طالَمَا جَادَتْ بها عَيْنَاهُ
وبَلاؤُهُ نَحَتَ الرّدَى بِعِظامِهِ *** والهمُّ في لـُجَجِ الشَّقَا أَشْقَاهُ
رَحْمَنَ هَذا الْكَوْنِ أنْتَ رَحِيمُنا *** أنتَ الْعزيزُ وَذَلَّ مَنْ عَاداهُ
مَلِكٌ وقدُّوسٌ سلامٌ مؤمنٌ *** وَمُهَيْمِنٌ يا فوزَ مَنْ أرْضَاهُ
فاللهُ جَبّارٌ قَوِيٌ واحِدٌ *** مُتَكَـبّــرٌ لَلْكِبْريـاءُ رِدَاهُ
هُوَ خَالِقٌ هُوَ بارئٌ ومصورٌ *** واللهُ غَفّارٌ لِمَنْ لَبـَّاهُ
عِبَادَ اللهِ / أخْرجَ ابنُ ماجة بِسننهِ ، وبسندٍ حسّنه الألبانيُّ من حديث أبي أمامةَ رضي اللهُ عنه قالَ : قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم: ((اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ )) قال القاسمُ بنُ عبدُ الرّحمنِ - وهو راوٍ من التابعين - فالْتَمَسْتُ فِي الْبَقَرةِ، فَإِذا هُو في آيةِ الكرْسي:(( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )) وفي آلِ عِمْرانَ فاتِحَتُها: ((الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)) وفِي طَهَ: ((وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ))
عِبَادَ اللهِ / الحيُّ الْقَيّومُ اسْمانِ لِلّهِ تَعالَى عَظِيمَانِ تَرْجِعُ إليْهِمَا جَمِيعُ أسْماءِ اللهِ الْـحُسْنى، فَاللهُ حَيٌّ مُتّصِفٌ بـِحياةٍ كامِلةٍ لَيْسَتْ مَسْبُوقَةٌ بِعَدَمٍ، ولا يَلْحَقُها زَوالٌ وفَناءٌ ، ولا يَعْتَـرِيهَا نَقْصٌ وَعَيْبٌ ،كَما قالَ تَعالى ((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ )) وقالَ ((كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )) وحياةُ الله عزّ وجلّ مُنَزّهَةٌ عنْ مُشابهةِ حياةِ الخلقِ فلا يَـجـْريِ عليها الموتُ أوِ الفناءُ
ولا يعتريها السِّنَةُ ( النُّعَاسُ ) ولا النَّوْمُ كَما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ )) رواه مُسْلم .
وقَـيّومٌ أيْ قائمٌ بِنفْسِهِ لا يـَحتاجُ إلى أحدٍ ،وقائمٌ على غيرهِ ، فكلُّ الخلْقِ محتاجٌ إليهِ ، وهُوَ سُبْحانهُ غَنِيٌّ عنْ خَلْقِهِ ، كَما قالَ تَعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))
قالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- جَالِسًا فِي الْحَلْقَةِ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ فِي دُعَائِهِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، إِنِّي أَسْأَلُكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أَتَدْرُونَ بِمَا دَعَا اللهَ؟)) فَقَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى)) والحديثُ صحّحهُ الألبانيُّ في الأدبِ المفردِ.
فَعَليْنا جَميعاً - عِبادَ اللهِ الاجْتهادُ لِنَيْلِ النّصيبِ الأكْبر مِنْ هذيْنِ الاسْمَيْن فسعادةُ المرءِ بِإجابَةِ دُعَائِهِ وَتَحْقيقِ مُرادِهِ ليَنْعمَ بِحياةٍ سعِيدةٍ فيِ الدُّنْيا والآخِرةِ .
اللّهُمَّ إناّ نَسْألُكَ اٍيماناً كامِلاً، ويقِيناً صادقاً، وقلبًا خاشعًا، ولِسانًا ذاكرًا ، وتوْبةً نَصُوحاً قبْلَ الْمَوْتِ ، وراحةً عنْد الْمَوْتِ، والْعَفْوَ عِنْدَ الْـحـِسابِ ، وَنَسْأَلُكَ الْـجَنّةَ وَنَعِيمَها، وَنعوذُ بكَ مِنَ النَّار يا ربَّ الْعَالـَمِين .
أقولُ ما تَسْمَعُونَ، وأسْتغفِرُ اللهَ لِي ولكُم ولِجميعِ الْمُسلميِنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فاسْتَغْفِروهُ إنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ على إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ له على توفيقه وامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ ألاّ إله إلا الله تعظيماً لِشَانهِ ، وأشهدُ أن نبيّنا محمداً عبدُه ورسولُهُ الدّاعي إلى رِضْوانِهِ ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .. أمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ :
كَثِيرٌ منَ النّاسِ يَتَكَلّفُ الدّعاء بِكَلِمَاتٍ غَرِيبةٍ مُريبةٍ وَبِأَحَادِيثَ لا أصْلَ لها ،وَمَعَ ذلكَ يَرْجُو إجابةَ دَعْوَتِهِ ، وَلَوِ اكْتَفَى بِدُعاءِ اللهِ تَعالى بِأسْمائهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلى بِيقينٍ وإخْلاصٍ لَكانَ أفْضلُ وأقْربُ إلى الِإجابةِ ، وقدْ أمَرنا اللهُ تعالى أنْ نَدْعُوهُ بِها فقالَ تَعالى (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الأَدْرَعِ رَضي اللهُ عنْه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فإِذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللَّهُ بِأَنَّكَ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ غُفِرَ لَهُ))، ثَلَاثًا.
والحديثُ صحّحه الألباني .
وعنْ أنسٍ رضي اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليْه وسلّم: ((كانَ إذا حَزَبَهُ - أيْ أهَـمّهُ وأحْزنـَهُ- أمْرٌ قالَ : ((يا حيُّ ، يا قيومُ ، برحمتِك أَستغيثُ(( رواهُ الترمذي وحسّنه الألباني .
فإذا أردْتَ يا عبدَ اللهِ صَلاحَ الْعَمَلِ فَقُلْ : يا حيُّ يا قيومُ أصْلِحْ لِي عَمَلِي ، وإذا أردْتَ صَلاحَ الذُّريةِ فَقُلْ : يا حيُّ يا قيومُ أصْلِحْ لِي ذُرِّيـَتـِي ، وإذا أردْتَ صَلاحَ كُلِّ شَيءٍ فَقُلْ : يا حيُّ يا قيـّومُ أصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهِ ؛ هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))