محمدالمهوس
10-02-2016, 14:01
الخطبة الأولى
الحمد لله الواحد القهّار، يكوّر الليل على النهار، ويكوّر النهار على الليل وهو العزيز الغفّار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالتفكّر والاعتبار، فقال تبارك وتعالى ))فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ(( وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين منهم والأنصار، وسلّم تسليمًا ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد : أيها الناس / أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ))
عباد الله / لقد خلَق الله الخلقَ وَأَتقَنَه، ودبَّر ما خلق فقدَّره، وفتَقَ السماءَ عن الأرض وزيَّنها، وجَعَلَ اللّيل والنهار آيَتَين، فمحا آيةَ الليل وجعَل آيةَ النهار مُبصِرة، وجعل الليلَ بعد إدبارِ النهار آيةً من آياتِ الله الدالةِ على وحدانيّتهِ، قال تعالى : ((وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ))
أقسَمَ اللهُ بالليل في مواضِعَ عِدّةٍ لِعظمه ؛ فأقسم بولوجِه على النهارِ شيئًا فشَيئًا من غير إفزاعٍ للبشر فقال: ((وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ)) وأقسم به إذا غَشِي الشمسَ حين تغيب: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا)) وأقسم به إذا غطَّى الخلائقَ بظلامِه: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)) وأقسم به إذا سكَن فأظلم: ((وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)) وأقسم به إذا جمع ظلامَه وسكونَه: ((وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ)) وأقسم به إذا كشف غطاءَه عن الخلقِ فاستناروا: ((وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ))
عباد الله / آيةُ الليل آيةٌ تُرى بالأبصار تدعو إلى تعظيم العزيزِ الغفار الذي جعلها رحمةٌ منه بعباده، كما قال تعالى (( وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ)) وتقليبُ الليلِ والنّهار برهانٌ على قوَّته وإحكام مُلكِه، وبيان ٌ على عجزِ الخلق جميعًا على أن يحوِّلوا الليلَ نهارًا: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء)) وتدبيرُه له بتقديرٍ يجهَلُه البشر كما قال تعالى ((وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ))
والتّفَكُّرُ في تدبيرِه يدعُو إلى عبادةِ الله وذكرِه وشكرِه كما قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)) وهو مِنَّةٌ من الله أمَر عبادَه أن يشكروه عليها ((اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ)) وهو داعٍ إلى إيمانِ العبادِ بربِّهم ((أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))
عباد الله / لقد جعل اللهُ تعالى العبادةَ في الليل لها مَزِيّةٌ خاصّةٌ حيث تعلُّقُ القلوبُ فيه بالله أرجَى، فأمر الله رسولَه بالإكثارِ من الصلاةِ والتسبيحِ فيه فقال ((قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً)) وقال((وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً)) والنافلةُ في الليل أفضلُ من نافلةِ النّهار، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((أفضلُ الصلاةِ بعد الْفريضةِ صلاةُ اللّيل)) رواه مسلم.
وفي الليل صلاةُ الوتر، واللهُ وِتْرٌ يُحبُّ الوتر، وصلاةُ آخر الليل مشهودةٌ، ومن صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصفَ الليل، ومن صلَّى الفجرَ في جماعةٍ فكأنما قام الليلَ كلَّه ،وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنْه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ) رواه مسلم، وفي الثلثِ الأخير من الليلِ يَنزل ربُّنا إلى السماء الدنيا فَيَقُولُ : ((مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)) فَحريٌّ بِنا جميعاً أن نستغلَّ هذه الساعةَ بالدُّعاء لأنفُسِنا ولذُرياتنا ولجميعِ المسلمين بالتوبة والصّلاحِ وحُسْنِ الخاتمةِ ،وكذلكَ الدُّعاء بنصرِ اللهِ لجنودِنا المُرابطين بالحدِّ الجُنوبي على الصفويينَ الرافضة، وَعلى منْ أيّدهُم وناصَرَهُم ، والدُّعاء لكلِّ مسلمٍ سُنّيٍّ مُسْتضعف بالنّصْر والعزِّ والتمكين .
عِباد الله / اللّيلُ زمنٌ تُرجَى فيه توبةُ التائبين، نزَلت توبةُ الذين خُلِّفوا في الثلُثِ الأخيرِ من اللّيل ، ونزَلَ القرآنُ ليلاً كما قال تعالى ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ)) وأفضلُ زمن لتلاوةِ القرآنِ هو اللّيل، قال عزّ وجلّ: ((إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً)) وفيه ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شَهر. وأُسرِيَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم ليلاً، وفي الليل تُطوَى الأرضُ للمُسافر، واللّيلُ بظلامه مُفزِع، ((مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)) أي: كفتاه من الشرور. متفق عليه.
وفي أول الليل تنتشر الشياطين، فأمَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كان جُنْحُ الليلِ ـ أي: أوّله ـ بكفِّ الصبيان، فإذا ذهبت ساعةٌ من الليل فخلُّوهم. متفق عليه.
عباد الله / السعيدُ مَن تفكَّر في خلقِ الأرضِ والسماوات، واغتَنَم أنفسَ دهره بالقرُبات، ودخل في ليلِه وخرج منه بالأعمال الصالحات ومجانبةِ السيَّئات.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ((وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ))
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفَعَني الله وإيَّاكم بما فيهِ منَ الآيات والذّكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفِرُ الله لي ولكُم ولجميع المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
عباد الله / عُمر الإنسان ليلُه ونهاره، ومنزلته في الآخرة بأعمالِه في الدّنيا، وساعاتُ الليلِ خيرُ أزمانِ الأعمار، وولوجُ ليلِ كلِّ يوم يُدنِي من الحِساب، والبصيرُ من سابَقَ إلى الخيراتِ وابتعَدَ عنِ السيِّئات، والله مُطَّلِعٌ على عبادِه بالليلِ والنهارِ، يعلَم سرَّهم وعلانيتَهم وما اقترفوه من سيِّئات، فاجْتَهِدُوا في طاعةِ ربكم، وتدبَّرُوا أحوالَ دَهْرِكِم ،
ثم اعلموا أنّ الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّهِ، فقال في محكم التنزيل: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))
اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّنا محمد، وارض اللّهمّ عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معَهم بجودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدِّين، واجعل اللّهمّ هذا البلد آمنًا مطمئنًا رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين...
· منقولة من خطبة الشيخ القاسم بتصرف مني .
الحمد لله الواحد القهّار، يكوّر الليل على النهار، ويكوّر النهار على الليل وهو العزيز الغفّار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالتفكّر والاعتبار، فقال تبارك وتعالى ))فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ(( وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين منهم والأنصار، وسلّم تسليمًا ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد : أيها الناس / أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ))
عباد الله / لقد خلَق الله الخلقَ وَأَتقَنَه، ودبَّر ما خلق فقدَّره، وفتَقَ السماءَ عن الأرض وزيَّنها، وجَعَلَ اللّيل والنهار آيَتَين، فمحا آيةَ الليل وجعَل آيةَ النهار مُبصِرة، وجعل الليلَ بعد إدبارِ النهار آيةً من آياتِ الله الدالةِ على وحدانيّتهِ، قال تعالى : ((وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ))
أقسَمَ اللهُ بالليل في مواضِعَ عِدّةٍ لِعظمه ؛ فأقسم بولوجِه على النهارِ شيئًا فشَيئًا من غير إفزاعٍ للبشر فقال: ((وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ)) وأقسم به إذا غَشِي الشمسَ حين تغيب: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا)) وأقسم به إذا غطَّى الخلائقَ بظلامِه: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)) وأقسم به إذا سكَن فأظلم: ((وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)) وأقسم به إذا جمع ظلامَه وسكونَه: ((وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ)) وأقسم به إذا كشف غطاءَه عن الخلقِ فاستناروا: ((وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ))
عباد الله / آيةُ الليل آيةٌ تُرى بالأبصار تدعو إلى تعظيم العزيزِ الغفار الذي جعلها رحمةٌ منه بعباده، كما قال تعالى (( وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ)) وتقليبُ الليلِ والنّهار برهانٌ على قوَّته وإحكام مُلكِه، وبيان ٌ على عجزِ الخلق جميعًا على أن يحوِّلوا الليلَ نهارًا: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء)) وتدبيرُه له بتقديرٍ يجهَلُه البشر كما قال تعالى ((وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ))
والتّفَكُّرُ في تدبيرِه يدعُو إلى عبادةِ الله وذكرِه وشكرِه كما قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)) وهو مِنَّةٌ من الله أمَر عبادَه أن يشكروه عليها ((اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ)) وهو داعٍ إلى إيمانِ العبادِ بربِّهم ((أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))
عباد الله / لقد جعل اللهُ تعالى العبادةَ في الليل لها مَزِيّةٌ خاصّةٌ حيث تعلُّقُ القلوبُ فيه بالله أرجَى، فأمر الله رسولَه بالإكثارِ من الصلاةِ والتسبيحِ فيه فقال ((قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً)) وقال((وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً)) والنافلةُ في الليل أفضلُ من نافلةِ النّهار، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((أفضلُ الصلاةِ بعد الْفريضةِ صلاةُ اللّيل)) رواه مسلم.
وفي الليل صلاةُ الوتر، واللهُ وِتْرٌ يُحبُّ الوتر، وصلاةُ آخر الليل مشهودةٌ، ومن صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصفَ الليل، ومن صلَّى الفجرَ في جماعةٍ فكأنما قام الليلَ كلَّه ،وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنْه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ) رواه مسلم، وفي الثلثِ الأخير من الليلِ يَنزل ربُّنا إلى السماء الدنيا فَيَقُولُ : ((مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)) فَحريٌّ بِنا جميعاً أن نستغلَّ هذه الساعةَ بالدُّعاء لأنفُسِنا ولذُرياتنا ولجميعِ المسلمين بالتوبة والصّلاحِ وحُسْنِ الخاتمةِ ،وكذلكَ الدُّعاء بنصرِ اللهِ لجنودِنا المُرابطين بالحدِّ الجُنوبي على الصفويينَ الرافضة، وَعلى منْ أيّدهُم وناصَرَهُم ، والدُّعاء لكلِّ مسلمٍ سُنّيٍّ مُسْتضعف بالنّصْر والعزِّ والتمكين .
عِباد الله / اللّيلُ زمنٌ تُرجَى فيه توبةُ التائبين، نزَلت توبةُ الذين خُلِّفوا في الثلُثِ الأخيرِ من اللّيل ، ونزَلَ القرآنُ ليلاً كما قال تعالى ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ)) وأفضلُ زمن لتلاوةِ القرآنِ هو اللّيل، قال عزّ وجلّ: ((إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً)) وفيه ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شَهر. وأُسرِيَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم ليلاً، وفي الليل تُطوَى الأرضُ للمُسافر، واللّيلُ بظلامه مُفزِع، ((مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)) أي: كفتاه من الشرور. متفق عليه.
وفي أول الليل تنتشر الشياطين، فأمَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كان جُنْحُ الليلِ ـ أي: أوّله ـ بكفِّ الصبيان، فإذا ذهبت ساعةٌ من الليل فخلُّوهم. متفق عليه.
عباد الله / السعيدُ مَن تفكَّر في خلقِ الأرضِ والسماوات، واغتَنَم أنفسَ دهره بالقرُبات، ودخل في ليلِه وخرج منه بالأعمال الصالحات ومجانبةِ السيَّئات.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ((وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ))
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفَعَني الله وإيَّاكم بما فيهِ منَ الآيات والذّكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفِرُ الله لي ولكُم ولجميع المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
عباد الله / عُمر الإنسان ليلُه ونهاره، ومنزلته في الآخرة بأعمالِه في الدّنيا، وساعاتُ الليلِ خيرُ أزمانِ الأعمار، وولوجُ ليلِ كلِّ يوم يُدنِي من الحِساب، والبصيرُ من سابَقَ إلى الخيراتِ وابتعَدَ عنِ السيِّئات، والله مُطَّلِعٌ على عبادِه بالليلِ والنهارِ، يعلَم سرَّهم وعلانيتَهم وما اقترفوه من سيِّئات، فاجْتَهِدُوا في طاعةِ ربكم، وتدبَّرُوا أحوالَ دَهْرِكِم ،
ثم اعلموا أنّ الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّهِ، فقال في محكم التنزيل: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))
اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبيِّنا محمد، وارض اللّهمّ عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معَهم بجودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدِّين، واجعل اللّهمّ هذا البلد آمنًا مطمئنًا رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين...
· منقولة من خطبة الشيخ القاسم بتصرف مني .