المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأضحية وصيام عرفة



الشيخ/عبدالله السالم
16-09-2015, 13:02
الحمدُ للهِ الذي خَلقَ آدمَ بيدِهِ مِن صلصالٍ كالفخّارِ ، وأَسجَدَ لهُ ملائكتَهُ المقرّبين الأطهارَ ، فسجَدوا إلاّ إبليسَ أبى ، فباءَ باللعنةِ والصَّغَارِ ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ ، وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، لا تنفعهُُ طاعةُ المُطيعِ ، ولا تضرُّهُ معصيةُ الفُجَّار ، بل هو النافعُ الضّارُ ، أحمدُهُ سُبحانهُ ، على نِعَمِهَ ، الغِزارِ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسُولُهُ ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ البررةِ الأخيارِ ، وسلم تسليماً كثيراً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً):أمّا بعدُ : أيها الإحبةُ في اللهِ ، فَإنَّ ذبحَ الأضحيةِ مشروعٌ بإجماعِ العلماءِ وصَرَّحَ البعضُ مِنهُم بوجوبِها على القادرِ، وجمهورُ العلماءِ على أنها سنةٌ مؤكدةٌ يُكرَهُ للقادرِ تركُهَا ، وفي السُننِ الصُغرى من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ  [كَانَ إِذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوئَيْنِ فَيَذْبَحُ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ مَنْ شَهِدَ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاغِ وَيَذْبَحُ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ]وفي الصحيحين من حديثِ أَنَسٍ قَالَ [ضَحَّى النَّبِىُّ -- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ]إذاً الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ يُكرَهُ للقادرِ تركُهَا ، وهي من بَهيمةِ الأنعامِ . إمَّا منَ الإبلِ أو البقرِ أو الضأنِ أو المعزِ على اختلافِ أصنافِها ، ولا تُجزئ إلاَّ بِشَرطينِ ، الأولُ أن تبلغَ السِّنَّ المُعتبرَ شرعاً ، الثاني أن تكونَ سليمةً من العيوبِ التي تمنعُ إلإجزاءَ ، فأما السنُّ ففي الإبلِ خمسُ سنينَ وفي البقرِ سنتانِ وفي المعزِ سنةٌ وفي الضأنِ نصفُ سنةٍ . وأما العيوبُ التي تمنعُ منَ الإجزاءِ ، فقدْ بينَها النبيُّ  حيثُ قال :{ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحي ، العرجاءُ البينُ ظلعُها ، والعوراءُ البينُ عورُها ، والمريضةُ البينُ مرضُها ، والعجفاءُ التي لا تُنقى }وهُناكَ عُيوبٌ أخرى لا تمنعُ من الإجزاءِ ولكنَّها توجبُ الكراهةَ مثلَ قطعِ الأذنِ ، وشقِّها وكسرَ القرنِ ، وأما سقوطُ الثناياَ أو غيرُها من الأسنانِ فإنَّه لا يضرُّ ، ولكن كلما كانت الأضحيةُ أكملَ في ذاتِها ، وصفاتِها فهي أفضلُ ، ويجوزُ التضحيةُ بالخصيِّ والفحلِ ، لكنْ إن تَميزَ أحدُهما ، بطيبِ لحمٍ أو كِبرِ جسمٍ ،كانَ أفضلَ من هذهِ النَّاحيةِ ، والواحدُ من الضأنِ أو المعزِ ، أفضلُ من سُبعِ البدنةِ أو البقرةِ ، وسُبعُ البَدَنةِ أو البقرةِ ، يقومُ مقامَ الشاةِ في الإجزاءِ ، فيجوزُ أن يُشرِكَ في ثوابهِ من شاءَ ، كما يجوزُ أن يُشركَ في ثوابِ الشاةِ من شاءَ ، والحاملُ تجزئُ كما تجزئُ الحائلُ . وذبحُ الأضحيةِ ، أفضلُ من الصدقةِ بثمنِها ،حتى ولو زادَ عن قيمَتِها ، وذلك لأن الذبحَ وإراقةَ الدمِّ مقصودٌ ، فهو عبادةٌ مقرونةٌ بالصلاةِ ،كما قال سبحانه: ( فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ ) وعليه عملُ النبيِّ  والمسلمينَ، ولو كانتْ الصدقةُ بقيمتِها أفضلَ ، لعدلوا إليها ، ومن شروطِها ، أن يكونَ الذبحُ في الوقتِ المُحددِ لهُ ، وهو من انتهاءِ صلاةِ العيدِ ، إلى غروبِ شمسِ آخرِ أيامِ التشريقِ ، وهو اليومُ الثالثَ عشرَ ، واعلموا أيها المؤمنونَ : أن قولَ النبي  كما عند مسلم في صحيحه : { إذا دخلَ شهرُ ذي الحجةِ وأرادَ أحدُكم أن يضحيَ فلا يأخذْ من شعرِهِ ولا من ظفرِهِ ولا من بشرتِهِ شيئاً } إنـّما هذا الحكمُ خاصٌ بمن سيُضحِّي ، أما من سيُضحَّى عنه ، فلا يشملُهُ هذا الحكمُ ، فَرَبُّ البيتِ الذي عزمَ على الأضحيةِ ، هو الذي يَحْرُمُ عليه مسَّ شعرِهِ أو أظفارِهِ ، دونَ أهلِهِ وعيالِهِ :ولقد وسّعَ الإسلامُ على المُسلمينَ بالأضاحي ، حيثُ تُجزءُ الشاةُ الواحدةُ ،عن الرّجُلِ وعن أهلِ بيتِهِ ، فضحوا عن أنفسِكُم ، وعن أهلِ بُيوتِكُم وجودوا بها نفساً ، وفقاً لشروطِها الشرعيةِ ، فإن بعضَ النّاسِ يحرِمُ نفسَهُ ، ويتحجّرُ فضلَ ربِّهِ ، حيثُ يُضحي عن والديهِ فقط ، ويَدَعُ نفسَهُ و أهلَهُ وذُريّتَهُ ، والأَوْلى أن يُضحيَ للجميعِ ،كما كان النبيُّ  وأصحابُهُ ، يُضحونَ عن أنفسِهِم وعن أهليهِم ، وفضلُ اللهِ واسعٌ ، أمّا ما يظنُّهُ بعضُ العامةِ ، من اختصاصِ الأضحيةِ بالأمواتِ ، فلا أصلَ لهُ ، والأضحيةُ عن الأمواتِ على ثلاثةِ أقسامٍ ، أن يضحيَ عنهم تبعاً للأحياءِ ، أن يضحيَ عن الأمواتِ بمقتضى وصاياهُمُ تنفيذاً ، أن يضحيَ عن الأمواتِ تبرعاً ، مستقلين عن الأحياءِ ، وكلُّ هذه جائزةٌ وهناك بِدعةٌ لا أصلَ لها في الشريعةِ ، وهيَ أن يُضحىَ عن الميّتِ في أوّلِ سنةٍ من موتِهِ ، ويسمّونها ضحيةَ الحُفرةِ ، أو بالدُفنةِ ، يجعلونها للميتِ خاصّةً ، كما أنّ بعضَ العوامِ ، إذا أرادَ أن يُعيّنَ الأُضحيةَ ، أي يُسميها لِمن هيَ لهُ ، يمسحُ ظهرَها ، من وجهِهَا إلى قفاها ، وهذا أيضاً لا أصلَ لهُ ، المشروعُ أن يُعيِّنَها باللفظِ ، من غيرِ مسحٍ عليها ، كما فعل النّبيُّ  ، ولو ذبَحَها بالنيةِ ، من غيرِ تلفُظٍ ، باسمِ من هيَ لهُ لأجزأتْ نيّتُهُ ، تقبّل اللهُ مِنَّا ومنكم ،
وبارك الله لي ولكم في القران العظيم ،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم منكلِّ ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد : يقولُ النبي الكريم  الذي ما ترك خيراً إلاَّ ودلنا عليه ، ولا شراً إلاَّ وحذرنا منهُ { صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ } فكم من الذّنوبِ والخَطَايا التي اقترفتَهَا طِوالَ هذا العام ، يغفِرُها اللهُ لك بصيامِ هذا اليوم ، إنْ أخلصةَ النيةَ لله ، وتعلمونَ أيُّها الأحبةُ أنَّ الإنسانَ خُلقَ في هذهِ الحياةِ الدُنيا ، ليعملَ ، ثُمَّ يُبعثُ يوم القيامةِ ، ليُجزى على عمله ، فهوا لم يُخـلقْ عبثا ، كما قال تعالى ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) ؟ ولن يُتركَ سُدى ، فقد قال تعالى( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) كلاَّ وربِّ الكعبةِ ، لم يُخلقْ عبثا ، ولن يُتركَ سُدى ، وسوفَ يُحاسبُ عن مثقالِ الذَّرة ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) ولكِنَّ السَّعيدَ ، من قدَّمَ لنفسِهِ خيراً ، يجدُهُ عندَ اللهِ ذُخراً ، والشَّقيَ من قدَّمَ لنفسِهِ شراً ، تكونُ عاقِبتُهُ خُسراً ، فانظروا في أعمالِكُم ، وحاسِبوا أنفسَكُم ، وجدِّدوا العهدَ مع اللهِ ، وتوبوا توبةً نصوحا ، قبل انقضاءِ أعمارِكُم ، فإنَّ الموتَ نهايةُ العمل ، وبدايةُ الجزاءِ ، جعلني اللهُ وإيَّاكُم من المتهيئين للقائه ، إنَّهُ وليُ ذلك والقادِرُ عليه ، عبادَ الله صلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عبادَ اللهِ ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ