المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة عيد الفطر



محمدالمهوس
17-07-2015, 01:04
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ، وأشْهدُ أنْ لاَّ إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ جعلَ لكلِ أجلٍ كتاباً ، ولكلِ عملٍ حساباً ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، أرسله الله شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً بلّغَ الرِّسَالَةَ وَأدّى الأمانةَ وَنَصحَ الأمّةَ ،وَجاهدَ في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتّى أتاهُ الْيَقينُ ، صَلّى اللهُ عليْهِ وَعَلى آلِهِ وصَحْبهِ وَسَلّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
فَيَا أيُّها النَّاس / أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي أَوَّلاً بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ)) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))
سَلاَمٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كُلَّ أَوَان عَلَى خَيْرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ أَمَانٌ مِنَ الرَّحْمَنِ كُلُّ أَمَانِ سَلاَمٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ
لَقَدْ كُنْتَ يَا شَهْرَ الصِّيَامِ مُنَوِّراً لِكُلِّ فُؤَادٍ مُظْلِمٍ وَجَنَانِ
عَلَى ذِكْرِ تَسْبِيحٍ وَدَرْسِ قُرَانِ تَعَبَّدَ فِيكَ الْمُسْلِمُونَ فَأَقْبَلُوا
تَزِيدُ عَلَى الأَعْوَامِ كُلَّ أَوَانِ فَيَا أَسَفَا حُزْناً عَلَيْكَ وَحُرْقَةً

هَا هُوَ شَهْرُ الْخَيْرِ وَالْجُودِ قَدْ رحل، وَهَا هِيَ لَوْعَةُ الْفِرَاقِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ؛ فَإِنَّهُمْ وَدَّعُوا أَعَزَّ صَاحِبٍ، وَأَغْلَى حَبِيبٍ، وَلَكِنَّ سُلْوَانَهُمْ هُوَ رَجَاءُ تَجَدُّدِ اللِّقَاءِ الْمُؤَمَّلِ، وَقَبُولُ الْمَوْلَى - عَزَّ وَجَلَّ - مَا قَدَّمُوا فِيهِ مِنْ صَالِحِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ .
عِبَادَ اللهِ / مَاذَا بَعْدَ رَمَضَانَ؟ سُؤالٌ يَحْتاجُ إِلى وَقْفَةِ تَأمّلٍ ، وَمُحَاسَبَةٍ ؛ فَلَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتْرُكُوا طَاعَةَ الْجَبَّارِ مَعَ غُرُوبِ شَمْسِ رَمَضَانَ بَلِ الْمُؤْمِنُونَ الصَّادِقُونَ بَعْدَ رَمَضَانَ عَلَى وَجَلِ وَخَوْفِ وَشَّفَقَةِ مِنْ أَنْ تُرْفَعَ أَعْمَالُهُمُ الصَّالِحَةُ فَلاَ تُقْبَلُ، فَهُمْ يَرْجُونَ اللهَ وَيَدْعُونَهُ وَيَسْأَلُونَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ ، وَلَقّدْ كَانَ السّلفَ الصّالِحُ يَجْتهدُونَ فِي إِكْمَالِ الْعَمَلِ وَإتْمامِهِ وَإتْقَانِهِ ثُمَّ يَهْتَمُّونَ بِقَبُولِهِ ،وَيَخافُونَ مِنْ رَدِّهِ ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ )) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (( قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ ، وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : ((لَا ، يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ أَوْ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَلَّا يُقْبَلَ مِنْهُمْ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ))
وَعَنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ(( قَالَ : يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَهُمْ يَخَافُونَ ألاّ يُنَجِّيهِمْ ذَلِكَ مِنَ عَذابِ رَبِّهِمِ .
وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضاً : إنَّ الْمُؤْمِنَ جَمعَ إحْسَاناً وَشَفقةً ، وإنَّ المنافقَ جَمعَ إِسَاءةً وأَمْناً ، ثُمَّ تَلا قَوْلَ اللهِ تَعَالى (( إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ((وَقالَ عَلِيُّ ابنُ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : كُونُوا لِقَبولِ الْعملِ أشدُّ اهْتِماماً مِنَ الْعَمَلِ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللهَ عَزَّ وَجَل ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين((
، وَعَبْدُاللهِ ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عَنْهُ دخلَ عليه سائلٌ يَسْأَلُهُ ، فقالَ لِابْنِه أعْطِهِ دِيناراً فَأعْطاهُ ، فَلمّا انْصرفَ قالَ ابنُهُ: تَقبّلَ اللهُ مِنْكَ يَا أبَتَاهُ فقالَ : لَوْ عَلِمْتُ أنّ اللهَ تَقَبّلَ مِنّي سَجْدَةً وَاحِدَةً أوْ صَدَقةَ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ غَائبٌ أحَبُّ إليّ مِنَ الْموتِ ، تَدْرِي مِمّنْ يَتَقَبّلُ اللهُ (( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين(( فأعْظمُ ماتُفْنَى بهِ الأعْمارُ ، وَأَجَلُّ وَأطْيَبُ مَايَرْجُوهُ الْمؤمنُ هُوَ قَبُولُ عَمَلِهِ ، فَسَلُوا ربَّكُم وَأنْتُمْ قَدْ وَدّعْتُمْ رَمَضَانَ أنْ يَتَقَبّلَ مِنْكُم صَالِحَ أَعْمَالِكُمْ ، وَأنْ يَغْفِرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، وَيُعْتِقُكُم مِنَ النَّار .
واعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أنَّ الْمُؤمِنَ الصّادِقَ حالُهُ بعْدَ رمضانَ كَحَالِه أثْنَاءَ رَمَضان يَجْتهدُ في الاِسْتِمْرَارِ فِي الطَّاعَةِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْخَيْرَاتِ وَتِلاَوَةِ الْقُرْآنِ، لأنَهُ لَمْ يَكُنْ يَعْبُدُ رَمَضَانَ، بَلْ كَانَ يَعْبُدُ رَبَّ رَمَضَانَ، وَرَبُّ رَمَضَانَ هُوَ رَبُّ الشُّهُورِ كُلِّهَا .
عِبَادَ اللهِ / مِنَ الإعْمالِ الصّالِحَةِ الّتِي يَحْرِصُ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ فِي هذهِ الأيامِ صِيامُ السّتِّ مِنْ شَوّال فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)) رَواهُ مُسْلِم
قَالَ الْعُلَمَاء: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْر، لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَالسِّتَّة بِشَهْرَيْنِ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَ الْجَمِيِعِ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضَانَ لأَعْوَامٍ وَأَعْوَام ،أَقُولُ ما تسمعون وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ رَمَضَانَ وَرَبِّ شَوَّالٍ وَرَبِّ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ الْعَابِدِ الصَّوَّامِ الْقَوَّامِ فِي رَمَضَانَ وَكُلِّ الشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ.
عِبَادَ اللهِ / لَئِنِ انْتهى مَوْسِمُ رمضانَ وانقضى موسمُ الدعاءِ والقيامِ فبين أيدِينا مواسمُ متعددةٌ وفرصٌ متواليةٌ ..
بين أيدِينا موسمٌ يتكررٌ في اليومِ والليلةِ خمسَ مراتٍ الصلواتُ الخمسُ ، قَالَ تَعالَى : ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)) وبين أيدينا القيام الذي لا ينتهي فهناك الوتر والتهجد وقيام الليل قا تعالى: ((وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً((
بين أيدِينا لحظاتُ الأسحارِ حينَ يقومُ الإنسانُ الليلَ .. بين أيدِينا ساعةُ الإجابةِ في ثلثِ الليلِ الأخيرِ، بين أيدينا موسمٌ أسبوعيٌ وهو صلاةُ الجمعةِ وفيهِ ساعةٌ لا يوافِقُهَا عبدٌ مسلمٌ يسألُ اللهَ شيئاً إلا أعطاهُ إياه ، بين أيدِينا صيامُ البيضِ والاثنينِ والخميسِ قال صلى الله عليه وسلم: " إن الأعمال تعرض فيها على الله، وأحبُّ أن يُعرض عملي وأنا صائم " رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني ، فا اللهَ اللهَ فيِ مُدَاومةِ العَمَلِ الصّالحِ ؛ فَالمُؤمِنُ هذا دَيْدنُهُ عِبادةٌ وطاعةُ حَتّى يأتيهِ الأجَلُ .
عِبَادَ اللهِ / ((إنَّ اللَّهَ وَمَلِائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْه وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))