الشيخ/عبدالله السالم
22-04-2015, 11:55
الحمد للهِ الكرِيمِ الوهابِ ، (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ،صلى اللهُ عليه وعلى آلِ والأصحابِ ، ومن سارَ على نهجِهم واتبعَ طريقَهم إلى يومِ الحسابِ ، وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) :أما بعد : أيها الأحبةُ في الله ، فَإنَّ المؤمنَ الحقّ ، هو الذي يُعظمُ شعائِرَ اللهِ، يمتثلُ الأوامرَ ويجتنبُ النواهي، ويسارعُ إلى الخيراتِ، ويقومُ بالواجبات، ويَحرِصُ على فعلِ المستحبّاتِ، ويكره الفسوقَ والعصيانَ، ويتجنّبُ المحرماتِ، ويجاهدُ نفسَه على البعدِ عن المكروهات.والمسلمُ الحقُّ هو الذي يُحرّمُ ما حرّمَ اللهُ، ويُعظِّمُ ما عظَّمَه اللهُ، ومما عظَّم اللهُ الأشهرُ الحُرم ، فَمَا هي الأشهرُ الحُرم؟ وكيف تُعَظَّم؟.معاشرَ المسلمينَ: وأنتم اليومَ في واحدٍ من هذه الأشهرِ الحُرمِ ، وهو رجبُ الفرد؛ والأشهرُ الحرمُ في كتاب الله أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب؛ وإليها أشار القرآنُ بقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)يقولُ المصطفى ، كما في الصحيحين من حديثِ أبي بكرةَ رضي اللهُ عنه { إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا ، أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ، ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ}وعَدداً من المسلمينَ أيُّها الأحبة ، قد لا يعلمونَ هذه الأشهرَ الحُرمَ ، وعدداً آخَر قد يعلمونها ولكن لا يُعظمونها ، كما أمرَ اللهُ عزَّ وجلّ ، ولقد كانت العربُ في جاهليتها ، تُعظمُ هذه الأشهرَ الحرمَ ، فلا تَسفِكُ فيها دَمَاً ، ولا تأخذُ فيها بثأرٍ؛ وَإِنْ كانت تتحايلُ أحياناً فتُنْسِئ الأشهرَ، وتَجعلُ من الشهرِ الحرامِ حلالاً والعكس؛ وجاء الإسلامُ ليؤكدَ حُرمةَ الأشهُرِ الحرمِ ، ويَنهَى عن التلاعبِ فِيها ، تَقدِيماً أو تَأخيراً . ووقفَ رسولُ الهدى بمكةَ خطيباً ، في حَجةِ الوداع ، ليؤكدَ حُرمةَ الزَّمانِ وحرمةَ المكان ، وحُرمةَ الدماءِ والأموالِ والأعراضِ وقالَ بأبي هوَ وأُمي{إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ ، أَلاَ لاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِى ضُلاَّلاً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْكُمْ ، فَلَعَلَّ مَنْ يُبَلَّغُهُ ، يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَسْمَعُهُ } رواه أحمد والبخاري ومسلم . وتَعظيمُ شعائرُ اللهِ عزَّ وجلَّ ، وتقديرُ ما حرّمَ اللهُ ، من تقوى القلوبِ،يَقولُ سُبحانه (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32].وإذا كان المسلمُ مُطالباً على الدَّوامِ بتعظيمِ حرماتِ اللهِ، فإن مطالبَتَهُ بذلك في الأشهرِ الحرمِ آكدُ، ولذا قال تعالى: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36]، أي: في هذه الأشهرِ الحُرمِ ، لأنه آكدُ وأبلغُ في الإثمِ من غيرِها.ويُروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أي: في الأشهرِ كلِّها، ثم اختَصَّ من بين ذلك أربعةَ أشهرٍ ، فجعلهنَّ حَرَاماً وعظَّمَ حُرمَاتِهن، وجَعَلَ الذَّنبَ فِيهنَّ أعظم، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظم . فَهل نُعظمُ هذه الأشهرَ الحُرم ؟وكم مِن المسلمينَ يُعظِّمُها ؟! وتعظيمُها إنَّما يكونُ بعملِ الصالحاتِ المشروعةِ ، والبُعدِ عن المحرِّماتِ ؛ وهل يكونُ أهلُ الجاهليةِ بِكُفرِهِم! وإثمِهِم! وانحرافِهِم! أكثرَ تعظيماً لحُرماتِ اللهِ من أهلِ الدِّينِ والحقِّ ، والفطرةِ السليمةِ؟.إن كثيراً من المسلمينَ ، يُعظِّمون شهرَ الصّيامِ ، ويَتقربُونَ إلى الله فيه بالطاعاتِ ، واجتناب المحرّمات ،وذلك أمرٌ طيبٌ ومَحمودٌ ؛ ولكن كم مِنَ المسلمين يَفعلُ ذَلكَ في الأشهُرِ الحُرم ؟ كم نَظلِمُ أنفسَنا بارتكابِ المَعَاصي ، وفِعْلِ الآثامِ ، ونَحنُ مَنهيّونَ عن ذلك على الدَّوام ، والنهيُ آكدُ في الأشهرِ الحُرمِ ، لقد كثُرِت المآثِمُ، وظَهَرَ الفسادُ في البَرِّ والبحرِ،بما كسبت أيدي الناس، وتلاعبَ الشيطانُ بالنَّاسِ ، وأَضلَّهم عن صراطِ اللهِ المستقيم، فهذا صريعُ الشّهواتِ، وذلكَ مَفتونٌ بالشُّبهاتِ، وثالثٌ غافلٌ عن الأوامرِ الربّانيةِ، ورابعٌ غَارقٌ في المحرَّمات ، وخامسٌ لا يقتصرُ على إفسادِ نَفسِهِ، بل يَدعو غَيرَه لاقترافِ المُحرَّمات، ويُحاولُ جُهدَه خَرقَ جِدارِ الفَضيلةِ، وتحطيمَ سياجِ الواجباتِ.وبينَ هؤلاءِ وأولئكَ ، فِئامٌ من المُسلمين ، تَعيشُ على تقليدِ الآخرين ، وتتّبِعُ الموجاتِ، وصلاحُهم أو فسادُهم ، مربوطٌ بالآخرين ؛ فَلا إرادةَ لَهُم ، ولا هِمةَ تَرتَفعُ بِهم ، يَتبَعُونَ النَّاعقَ حيثُ صاحَ بِهم ، حتى وإن كَان يَقودُهم إلى الهاويةِ .أمَّا الذين يَنظرونَ بنورِ اللهِ ، ويَهتَدونَ بهدْي القرآن، ويقتدونَ بمحمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ، فأولئكَ يَعلَمُونَ الحقَّ ، ويَعمَلونَ به ، ويدعونَ النَّاسَ إليه ، ويَكرهونَ الباطلَ ، ويُحذِّرونَ النَّاسَ منه ؛ وهؤلاء -وإن قلّ عددُهم، واستحكمت غُربتُهم- فطوبى لهم! وموعدُهم وموعدُ غيرِهم يومَ التنادِ ، وهناك الجزاءُ الحقُّ، وذلك يومُ التغابن. فراجع نفسكَ، وتفكَّر في حالِكَ، وانظر في أيِّ الفئاتِ أنتَ، قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر:32].
بارَكَ اللهُ لي ولَكم في القرآنِ العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم
الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وليُّ الصالحينَ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، سيدُ الأولينَ والآخرينَ، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائرِ النبيينَ والمرسلينَ .أمَّا بعدُ أيها:الأحبةُ في الله ، فإن الناسَ أصنافٌ : صنفٌ جاهلٌ مُفرطٌ، لا يعرفُ سُنّةً ولا بدعةً، بل هو مُسرفٌ في المعاصي والذّنوبِ ، حسبَ رغبةِ نفسِه ومتطلباتِ شهوتِه.وصِنفٌ قد أحدثَ من الطَّاعاتِ ، وكلّفَ نفسَه ما لم يأذن بهِ الله ، فَترَاهُ يَخصُّ زَمَناً بِصلاةٍ أو صيامٍ أو عُمرة، وليس له في ذلكَ مُستندٌ شرعيٌّ، وهم أصحابُ البِدَع.وصِنفٌ ثالثٌ ، هم المُعظِّمُونَ لما عظّمه الله ، والواقِفونَ عندَ حدودِ السنّةِ، والمُقْتَدونَ بهدي محمدٍ - وأولئك أهلُ السُّنّةِ ، وأصحابُ المنهجِ الحقِّ، فلا يَحيفُونَ ولا يَغْلُونَ، ولا إِفراطَ ولا تَفرِيط. وفي شَهرِ رجبَ ، بِدَعٌ أحدثَتهَا الرجبيةُ، وليس عليها مُستندٌ شرعي، ولإبنِ حَجرٍ رَحمَهُ الله رسالةٌ عِنوانها (تبيين العَجَب بما وردَ في فَضلِ رجب) وقد قال رحمه الله في هذه (الرسالة): لم يرد في فضل شهرِ رجبَ ولا في صيامِه ولا في صيامِ شيءٍ منه مُعيَّن، ولا في قيامِ ليلةٍ مخصوصةٍ منه حديثٌ صحيحٌ يصلحُ للحُجّةِ، ثم ساقَ رحمَه اللهُ عامةَ الأحاديثِ المرويةِ في ذلك ، مع بَيانِ الحُكمِ عليها.وقال ابنُ رجب -رحمَه الله-:في مَعرِضِ كَلاَمِهِ ، بل جاءَ أنّ عُمَرَ -رضي الله عنه- كان يَضربُ أَكُفَّ المُترجَّبينَ- أي الذين يَصومُونَ في رجبٍ ، حتى يضعها في الطعامِ، ويقول: كُلوا؛ فإنَّ الجاهليةَ يُعظِّمون ذلك. أي شهرَ رجبَ ، وكذلك العمرةُ في رجب، فليسَ لها مَزيّةٌ على غَيرهَا، وليس في هَدْي المصطفى - - ما يُرغبُ في ذلك بِخصُوصِها ، ومن الأمورِ المحدَثةِ في رجب ، ما يعتقده بعضُ المسلمينَ ، من تَعظيمِ ليلةِ السابعِ والعشرينَ، ويعتقدونَ أن في تِلكَ الليلةِ ، حصلَ الإسراءُ والمعراج، ولم يأتِ نصٌّ صريحٌ في ذلك، ولا نُقلَ عن رسولِ الله - -، ولا عن أصحَابِهِ تعظيمُ هذه الليلةِ ، وتَخصِيصُها بشيءٍ من الصّلاةِ أو الذكرِ أو الأورادِ، أو نَحوِهَا من العبادات.فعليكم بالسُّنّةِ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بدعة ، وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّار,وعليكُم بجماعةِ المسلمين ، فَإن يدَ اللهِ على الجماعةِ ، ومن شذَّا ، شذَّ في النارِ عياذاً باللهِ من ذلك ، وصلّوا وسَلِّموا رحمني الله وإياكم على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي }وقال{ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
بارَكَ اللهُ لي ولَكم في القرآنِ العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم
الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وليُّ الصالحينَ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، سيدُ الأولينَ والآخرينَ، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائرِ النبيينَ والمرسلينَ .أمَّا بعدُ أيها:الأحبةُ في الله ، فإن الناسَ أصنافٌ : صنفٌ جاهلٌ مُفرطٌ، لا يعرفُ سُنّةً ولا بدعةً، بل هو مُسرفٌ في المعاصي والذّنوبِ ، حسبَ رغبةِ نفسِه ومتطلباتِ شهوتِه.وصِنفٌ قد أحدثَ من الطَّاعاتِ ، وكلّفَ نفسَه ما لم يأذن بهِ الله ، فَترَاهُ يَخصُّ زَمَناً بِصلاةٍ أو صيامٍ أو عُمرة، وليس له في ذلكَ مُستندٌ شرعيٌّ، وهم أصحابُ البِدَع.وصِنفٌ ثالثٌ ، هم المُعظِّمُونَ لما عظّمه الله ، والواقِفونَ عندَ حدودِ السنّةِ، والمُقْتَدونَ بهدي محمدٍ - وأولئك أهلُ السُّنّةِ ، وأصحابُ المنهجِ الحقِّ، فلا يَحيفُونَ ولا يَغْلُونَ، ولا إِفراطَ ولا تَفرِيط. وفي شَهرِ رجبَ ، بِدَعٌ أحدثَتهَا الرجبيةُ، وليس عليها مُستندٌ شرعي، ولإبنِ حَجرٍ رَحمَهُ الله رسالةٌ عِنوانها (تبيين العَجَب بما وردَ في فَضلِ رجب) وقد قال رحمه الله في هذه (الرسالة): لم يرد في فضل شهرِ رجبَ ولا في صيامِه ولا في صيامِ شيءٍ منه مُعيَّن، ولا في قيامِ ليلةٍ مخصوصةٍ منه حديثٌ صحيحٌ يصلحُ للحُجّةِ، ثم ساقَ رحمَه اللهُ عامةَ الأحاديثِ المرويةِ في ذلك ، مع بَيانِ الحُكمِ عليها.وقال ابنُ رجب -رحمَه الله-:في مَعرِضِ كَلاَمِهِ ، بل جاءَ أنّ عُمَرَ -رضي الله عنه- كان يَضربُ أَكُفَّ المُترجَّبينَ- أي الذين يَصومُونَ في رجبٍ ، حتى يضعها في الطعامِ، ويقول: كُلوا؛ فإنَّ الجاهليةَ يُعظِّمون ذلك. أي شهرَ رجبَ ، وكذلك العمرةُ في رجب، فليسَ لها مَزيّةٌ على غَيرهَا، وليس في هَدْي المصطفى - - ما يُرغبُ في ذلك بِخصُوصِها ، ومن الأمورِ المحدَثةِ في رجب ، ما يعتقده بعضُ المسلمينَ ، من تَعظيمِ ليلةِ السابعِ والعشرينَ، ويعتقدونَ أن في تِلكَ الليلةِ ، حصلَ الإسراءُ والمعراج، ولم يأتِ نصٌّ صريحٌ في ذلك، ولا نُقلَ عن رسولِ الله - -، ولا عن أصحَابِهِ تعظيمُ هذه الليلةِ ، وتَخصِيصُها بشيءٍ من الصّلاةِ أو الذكرِ أو الأورادِ، أو نَحوِهَا من العبادات.فعليكم بالسُّنّةِ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بدعة ، وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّار,وعليكُم بجماعةِ المسلمين ، فَإن يدَ اللهِ على الجماعةِ ، ومن شذَّا ، شذَّ في النارِ عياذاً باللهِ من ذلك ، وصلّوا وسَلِّموا رحمني الله وإياكم على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي }وقال{ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)