المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب النصر والتمكين على البغاة الحوثيين 2 ( خطبة جمعة الغد 1436/6/21هـ )



محمدالمهوس
09-04-2015, 18:29
الخطبة الأولى
الحمدُ لله كتبَ لِلمؤمنينَ العِزّةَ ، أحمدُه سبحانه يؤيّدُ دينَه ويَنْصُرَ حِزْبَه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنّ محمدا عبدُه ورسولُه، بعثه اللهُ للعالمين هُدى ورحمة، صلّى اللهُ عليهِ ، وعَلى آلهِ وصحْبهِ أجْمعينَ .
أمّا بعدُ : أيّها الناس / أُوصيكم ونفسي بتقوى الله فاتّقوا الله تعالى (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))
عِبادَ اللهِ / في الجُمعة ِالّتي مضتْ تكّلمنا عن أسبابِ النّصر والتمكين على البُغاة الحُوثيينَ وغيرِهم منْ أعداءِ الملّة والدّين ، وذكرنا جُملةً من الأسْباب ، والّتي منها : تقوى اللهِ عزّ وجل في السرِّ والْعَلَنِ وبالرخاء والمحن ، واللجوءُ إليه سبحانَه في كلِّ لحْظةٍ من لَحظاتِ حَياتِنا ، وصِدقُ التوكلِ على اللهِ بعدَ


بذْلِ الأسبابِ الْمشروعة ، والثّقةُ بِنصْرِ الله وتمكينِهِ ، والْبُعْدُ عنِ اليأْسِ والقُنوطِ ، والبُعْدُ عن الشّائعاتِ التي تُوهنُ الأمةَ وتَفُتُّ في عَضُدِها ، وأخْذُ الأخبارِ من مصادِرها الموثوقةِ
وذكرنا من أسْبابِ النَّصرِ والتّمكين أيضاً : الدعاءُ بأنْ يَنْصُرَ دينَه وكتابَه وسُنّةَ نبيّه صلّى الله عليه وسلم .
وفي هذه الخُطبة نواصلُ الحديثَ عن أسْبابِ النَّصرِوالتّمكين على البُغاة الحُوثيينَ وغيرِهم منْ أعداءِ الملةِ والدّين فَنَقُولُ : من أسبابِ النَّصرِ والتّمكين : الأخذُ بأسبابِ القٌّوةِ مِن عتادٍ وعُدةٍ ! اسْتجابةً لأمر اللهِ تعالى الْقائل (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)) فإذا أخذْنا العُدَّةَ بِتَنَوّعِ أساليبِ القُّوة ، لمْ يبْقى لِلأعْداءِ مَطْمعٌ في أيّ بلدٍ من بلادِ المسلمينَ عامّة ، وبلادِ الحرمينِ

الشّريفين خاصّة ، وأمّا إذا خَلدْنا إلى الدُّنيا فَيُوشِكُ أنْ يُصيبَنا ما حذّر رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أُمتَه من الإصابةِ به كَما فِي الحديثِ الّذي رواه أبوداودَ بِسُننهِ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا )) فَقَالَ قَائِلٌ :وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ : (( بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ )) فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ(( وليس المقصودُ بحبِّ الدنيا السعيُ في الأرض ، والعملُ فيها والتكسب ، وإنّما المقصودُ بِالذّمِّ هُو حبُّ الدنيا الطّاغي الذي يُلهي العبدَ عن دينِه وعبادتِه والْعَمَلِ لآخرتِهِ . فَينْبغي عليْنا أنْ نُدركَ ،ونَسْتَشْعِرَ ،ونَعْملَ بهذا الأمرِ الرّبانيِّ بإعْداد العُّدةِ لا سيّما ونحنُ معَ عاصفةِ الْحَزمِ في هذه الأيّام
والّتي من خلالِها شفى اللهُ صُدورَ المؤْمنينَ ، ووحّدَ الْمسلمينَ ،

وأعادَ لهم هيبتَهُم ، وهذا كلُّهُ فضْلٌ منَ اللهِ تعالى وتوْفيقُهُ ((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ))
أيّها المسْلمون : فيِ قوْلِ اللهِ تَعالى (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )) أيْ أعِدُّوا لَهُمْ أيَّ قُوةٍ تَستطيعونَ بِها إرْهابَ عَدُوِّ اللهِ وَعَدُوِّكُمْ ، فَتشْملُ كُلُّ ما يُطلقُ عليه قُوة ، ومِنْ ذلكَ الاسْتعدادُ النّفْسِيُّ والّذي بيَّنَهُ صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم بِقَولِهِ ((مَنْ مَاْتَ وَلَمْ يَغْزُ ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِغَزْوٍ ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةِ نِفَاقٍ )) رواهُ مُسلم
ولا شكّ أنّ قِتالَ الْحُوثيينَ جِهادٌ في سِبيلِ اللهِ لِمَنْ صحّت نِيّتُهُ ، كَما فِي الْحديثِ الصّحيحِ عنِ النبيِّ صلّى اللهُ عليْه وسلّم عِنْدَما سُئِلَ عنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شجاعةً ، ويُقاتلُ حَمِيّةً ، ويُقاتِلُ رِيَاءً ، فَقَالَ : ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) فَعَليْنا أنْ نُحدثَ أنْفُسَنا بِالجهادِ مَتى وجبَ علينا ذلك ، وَمَتَى أخْلصْنَا النِّيةَ وَالْقَصْدَ فَإِنّنا بِإذْنِ اللهِ

نَحْصلُ على أجْرِ الْجهادِ ونحْنُ في بُيُوتِنَا ، وبيْنَ أهْلِينا ، قالَ أنسُ بنُ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللهُ عليْه وسلّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ : (( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَأَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ ، وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ ، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ )) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : (( نَعَمْ ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ )) رواهُ الْبُخَارِيُّ .
أسْألَ اللهُ تعالى أنْ يَنْصُرَ دِينَهُ وَكِتَابَهُ وَسُنَّةَ رسُولِهِ صلّى اللهُ عليْه وسلّمَ ، أقُولُ قَوْلِي هَذا ، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ وتُوبُوا إِلَيْهِ إنّهْ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيم .

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ على إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ له على توفيقه وامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ ألاّ إله إلا الله تعظيماً لِشَانهِ ، وأشهدُ أن نبيّنا محمداً عبدُه ورسولُهُ الداعي إلى رضوانِهِ ، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابِهِ وأعْوانِهِ وسلم تسليماً كثيراً .

أمّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ / اتّقُوا اللهَ حقَّ التّقْوَى ، واسْتَمْسِكُوا مِنْ دِينِكُمْ بالعُروةِ الوُثْقَى ، وتَفَطّنُوا ذَلكَ عَلى الْقُلوبِ والأعْظَى ، واحْذَرُوا سَخَطَ الْجَبّارِ فَإِنَّ أجْسامَكُم على النّار لاتَقْوى ، واعْلَمُوا عِبادَ اللهِ أنّ منْ شُروطِ قَبُولِ الْعَملِ الصَّالحِ : إِخْلاصُ الْعملِ لِلّهِ تَعَالى ، وإِخْلاصُ الْمُتَابَعَةِ لِرَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليْه وسلّمَ ، فلا نُقاتلُ الْحُوثيينَ عَصَبِيّةٍ ولا قَبليّةٍ ولا طَمَعاً في بِلادٍ أوْ تَكَثُّراً بِزاد ، وإنّما نُقاتِلُهُم لأنّهم تَجَرّئُوا بالقُوةِ والسّلاحِ عَلى الْعُزَّلِ مِنْ أهلِ اليمنِ ، وتَحَالُفُهُم مَعَ مَنْ سارَ في فَلَكِهم مِمّنْ خَانُوا بِلادَهُم مِنْ أجلِ مصالِحِهم وأطماعِهم ،

وشروعُ أولائكَ في مخططٍ مَدْعومٍ مِنْ إيرانَ ، وإجبارُ الناسِ قَسْراً على تولَّيهِم واتِّباَعِهِم ، ومحاولةُ سَلْبِ إرادةِ الشعبِ اليمنيِّ الأبيِّ فَجاءَ الْحَزمُ بِوقْتِهِ ، حَماكُمُ اللهُ يا أهلَ اليمنِ الشُّرفاءَ ، ونَصَرَكُم ، ونَصرَ مَنْ يُدَافعُ عَنْكُم ، وَدَحرَ اللهُ كلَّ مُفْسدٍ ، وأهْلكَ اللهُ الحوثيَّ وحزبَهُ وجندَهُ ، وحَفِظَ اللهُ بلادَنا وبلادَ اليمنِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وفِتْنَةٍ ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلّمُوا عَلى مَنْ أَمَرَ اللهُ بِالصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))