الشيخ/عبدالله الواكد
23-01-2015, 04:44
خطبة جمعة
3/4/1436
بعنوان
وفاة خادم الحرمين الشريفين
الملك عبدالله بن عبدالعزيز
رحمه الله
عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ{كُلُّ مَنْ عَلَيْها فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} الذي خلقَ الموتَ والحياةَ ليبلوكم أيكُم أحسنُ عملاً؛ أحمدُه تعالى وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهُهُ، لهُ الحكمُ وإليهِ ترجعون، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أنزلَ اللهُ تعالى عليهِ{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه، وعلى آله وأصحابِهِ أجمعين، وعلى كلِّ من تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدين .
أيها المسلمون : إنَّ الموتَ سُنّةُ اللهِ في الكونِ لا تتبدلُ {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}
ولا تتحولُ {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}
فالموتُ كأسٌ وكلُّ الناسِ شاربُهُ، تحسَّى مرارتَهُ الأنبياءُ، والأولياءُ، والعلماءُ والزعماءُ،
كلُّ ابنِ أنثى وإنْ طالتْ سلامتُهُ
يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ
،{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ولذلكَ وجبَ عدمُ الغفلةِ عن هذا المصيرِ قالَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ (أكثروا من ذكرِ هادمِ اللذاتِ الموتِ ) وهذا الذكرُ يفيدُ الاستعدادَ للموتِ واستشعارَ قُربِهِ، ومما يذكّرُ به ما يُشرعُ عندَ موتِ أحدٍ منَ المسلمينَ منَ التعزيةِ والاعتبارِ، ولقدْ فُجعتِ الأمةُ بعامةٍ والمجتمعُ السعوديُّ بخاصةٍ بوفاةِ قائدِ هذهِ الأمةِ ، وإمامِها ، خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ عبدِالله بنِ عبدِالعزيز ، رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعةً ، وأسكنَهُ فسيحَ جناتِهِ ، إنا للهِ وإنا إليهِ راجعون ، اللهم أجرناَ في مُصيبتِناَ واخلفْ لنا خيراً منها ، فبرغمِ تصدُّعِ القلوبِ ، وانكسارِ الأفئدةِ يا عباد الله : لهذا الحدثِ الجللِ ، إلا أنَّ الصبرَ ديدنُ المؤمنينَ ، أمرَهُم اللهُ بهِ ، وأثابَهُم عليهِ ، فالفقيدَ رحمَهُ اللهُ أدَّى الأمانةَ التي عليهِ ، وملكَ قلوبَ الناسِ بعطفِهِ وتواضُعِهِ ، فأحبَّهُ الناسُ جميعاً ، قَدِمَ إلى ربٍّ رحيمٍ، قدمَ إلى أرحمِ الراحمينَ، وأكرمِ الأكرمينَ، وإنَّ للفقيدِ صفاتٍ حميدةً، وأفعالاً مباركةً، فهو ذو حزمٍ وحكمةٍ ، ودرايةٍ وحنكةٍ ، قادَ هذهِ البلادَ ، حتى غدتْ مثالاً يُقتدى بها ، بنى وشيَّدَ في شتى المجالاتِ ، وجَّهَ منَ الكلماتِ ، وقادَ البلادَ بحكمةٍ جنَّبتْها المزالقَ والمهالكَ ، كانَ جُلُّ اهتمامِهِ رحمَهُ اللهُ أنْ يبقى هذا البلدُ الطيبُ المباركُ وأهلُهُ ومن فيهِ من ضيوفِ هذهِ البلادِ الذين يبحثونَ عن لقمةِ العيشِ ، كانَ جُلُّ اهتمامِهِ أنْ يظلَّ الجميعُ في أمنٍ وأمانٍ ، وعيشٍ رغيدٍ ، حتى غدتْ هذه البلادُ بفضلِ اللهِ ثم بتوجيهِهِ رحمَهُ اللهُ وبتكاتُفِ أهلِ هذهِ البلادِ الطيبينَ والتمامِهِم على ولاةِ أمرهِم ، نبراساً في سبيلِ الحقِّ والمنهجِ القويمِ ، يغبِطُهُم على هذهِ اللحمةِ شعوبُ الأرضِ جميعاً ، وكم لهُ رحمَهُ اللهُ منَ الكلماتِ الأبويةِ الحانيةِ ، والتوجيهاتِ والوصايا القيمةِ ما يوجبُ الدعاءُ لهُ والترحمُ عليهِ ، رحمَ اللهُ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ فكم كانَ حريصاً على لُحمةِ هذهِ البلادِ وصيانةِ أمنِ مواطنِيها والمقيمينَ فيهاَ وزوارِها منَ الحجاجِ والمعتمرينَ رحمَ اللهُ الأبَ القائدَ فكم لهُ من لفتةٍ أبويةٍ حانيةٍ مسحتْ أدمعَ الأيتامِ ورفعتْ منْ معاناةِ الأُسرِ ، ويسرتْ سُبلَ العيشِ الكريمِ لهُمْ ، اللهُم اسكنْهُ فسيحَ جنتِكَ واجزهِ عن جُهدِهِ خيرَ ما جزيتَ عبادَك المخلصينَ ، فقد غدى الحُجاجُ والمعتمرونَ يفدونَ إلى المشاعرِ وكأنَّهم في رحلةِ استجمامٍ تنسيهِم وعثاءَ السفرِ ولمْ يزلْ بهِ همُّ ضيوفِ الرحمنِ ، حتى بدأَ بتنفيذِ هذا المشروعِ الضخمِ ، توسعةِ الحرمِ الشريفِ الذي لم يشهدْ لهُ التاريخُ مثيلاً ، فسطَّرَ له التأريخُ بمدادٍ من فخرٍ ونورٍ ، نسألُ اللهَ أن يُتمَّ له بهِ النورَ ، كم كانَ يوصي بالتمسكِ بشرعِ اللهِ وسنةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، وكم أكَّدَ على التمسكِ بتحكيمِ الشريعةِ، وثوابتِ الدينِ ولا يجاملُ في العنايةِ بالعقيدةِ الإسلاميةِ الصحيحةِ والسنةِ القويمةِ وربطِ الأمنِ بالإيمانِ، والاهتداءِ بهديِ القرآنِ، ومنهجِ السلفِ الصالحِ، والوسطيةِ والاعتدالِ، سائراً في كلِّ ذلكَ على خُطى والدِهِ المؤسسِ الملكِ عبدِ العزيزِ آل سعودِ طيبَ اللهُ ثراهُ ، وما تعاقبَ عليهِ إخوانُهُ الذين سبقوهُ من ملوكٍ رحمَ اللهُ ميتَهُم، وحفظَ اللهُ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ الملكَ سلمانَ بنِ عبدِالعزيز سددَهُ اللهُ ووفقَهُ ، وألبسَهُ الصحةَ والعافيةَ ، أحسنَ اللهُ عزاءَ الأمةِ في خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ عبدِالله بنِ عبدِالعزيز ، وألهمنَا وخادمَ الحرمينَ الشريفينِ الملكَ سلمانَ بنَ عبدِالعزيز ، وإخوانَهُ وأهلَهُ وأبناءَهُ ، الصبرَ على هذهِ المصيبةِ، قائلينَ مرددينَ ، اللهمَّ آجِرْنا في مصيبتِنا، واخلفْنا خيراً منها، و إنا للهِ و إنا إليهِ راجعون، ولا نقولُ إلا ما يُرضي الربَّ. أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ ...............................
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ، أحمدُه تعالى ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، أما بعد: فإنَّ بلادَنا بفضلِ اللهِ ما زالتْ تحوي الكنزَ الثمينَ والرجالَ المصلحينَ ، وعزاؤنا أننا شعبٌ صبورٌ يؤمنُ باللهِ ويستسلمُ لقضائِهِ وقدرِهِ ، ومتبعونَ لسنةِ رسولِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، وبحمدِ اللهِ نحنُ في بلادٍ ما يترجَّلُ فيها فارسٌ إلا ويتسلمُ عنانَ المسؤوليةِ من بعدهِ فارسٌ آخرُ، كلُّهُم عاشوا في خِضَمِّ هذهِ المسؤوليةِ الجسيمةِ ، مسؤوليةِ قيادةِ الأمةِ ، وتدبيرِ شؤونِ البلادِ ، عاشوا في هذهِ البيئةِ منذُ نعومةِ أظفارِهِم ، ورزقَهُمُ اللهُ الحكمةَ والأناةَ ، وبُعدَ النظرَ ، تمَّمَ ذلكَ وتوَّجَهُ حرصَهُم على تطبيقِ شريعةِ اللهِ وحمايةِ جنابِ التوحيدِ ، والذودِ عن عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ وسلفِ هذهِ الأمةِ الصالحِ ، وبتوفيقِ اللهِ يختارُ خادمُ الحرمينِ الشريفينِ الملكُ سلمانُ بنُ عبدِالعزيزِ ، الأميرَ مقرنَ بنَ عبدِالعزيزِ ولياً للعهدِ نائباً لرئيسِ مجلسِ الوزراءِ، نسألُ اللهَ لهم جميعاً مزيدَ الإعانةِ والتوفيقِ ، ونسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يوفقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ رسولهِ وطاعةِ مَنْ وَلِيَ أمرَنا ، هذا وصلوا وسلموا على الهادي البشيرِ والسراجِ المنيرِ، فقد أمرَكم بذلكَ ربُّكم العليمُ الخبيرُ، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ .... اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ. وأذلَّ الشركَ والمشركينَ ودمرْ أعداءَ الدينِ اللهم أنتَ ربُّنا وأنتَ وليُنا ومولانا،أمرتنا بالدعاءِ ووعدتْنَا بالإجابةِ ،فنسألُك باسمِكَ الأعظمِ الذي إذا دُعيتَ بهِ أجبتَ وإذا سُئلتَ بهِ أعطيتَ،نسألُكَ بأنْ تغفرَ لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ عبدِاللهِ بنِ عبدِالعزيز وتسكنُهُ فسيحَ جناتِكَ ونسألُكَ أنْ تلطُفَ بأهلِنا في فلسطينَ وسوريا وأهلِنا في العراقِ واليمنِ وأهلِنا في مصرَ وليبيا وتونُسَ والجزائرَ والسودانِ وسائرِ بلاِدِ المسلمينَ ، وتحفظَهُم وتحقنَ دماءَهم وتكشفَ غمتَهم، ونسألك بأنك أنت القويُّ أنْ تقويَهُم وتربطَ على قلوبِهم،نسألُكَ اللهم بأنك أنت البرُّ الرحيمُ أنْ ترحمَ شهداءَهم وتشفي جرحاهُم، وتؤمنَ روعاتِهم وتبدلَ خوفَهم أمناً،عاجلاً غيرَ آجل يا رب العالمين،اللهم يا من تُعزُّ وتذلُّ من تشاءُ يا من تؤتي الملكَ من تشاءُ وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ,نسألُكَ باسمِكَ العزيزِ الحكيمِ أن تبرمَ لأمةِ الإسلامِ قاطبةً أمرَ رُشدٍ يُعزُ فيهِ أهلُ العدلِ والصلاحِ ويذلُّ فيهِ أهلُ الظلمِ والفسادِ أنتَ وليُّ ذلكَ والقادرُ عليهِ،حسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل ،اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا واجعلهم هداةً مهتدينَ واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافَكَ واتقاكَ واتبعَ رضاكَ يا أرحمَ الراحمين. اللهم أصلح حالَ المسلمينَ اللهم اجمع كلمتَهم على الحقِّ وردَّهم إلى دينِك رداً جميلاً اللهم اغفر لفقيدِنا الملكِ عبدِالله بنِ عبدِالعزيز،اللهم اغفرْ لهُ وارحمْهُ وعافِهِ واعفُ عنهُ، وأكرم نُزُله، ووسع مُدخلهُ، واغسله اللهم بالماءِ والثلجِ والبردِ، ونقهِ من الذنوبِ والخطايا كما ينقى الثوبُ الأبيضُ من الدنسِ، اللهم وأبدلْهُ داراً خيراً من دارِهِ، وأهلاً خيراً من أهلِهِ، وزوجاً خيراً من زوجِهِ، وأدخلهُ الجنةَ وأعذْهُ من عذابِ القبرِ ومن عذابِ النارِ، اللهم وارفع درجتَه في المهديين، اللهم وافسحْ له في قبرِهِ، ونوِّرْ له فيهِ وسائرَ المسلمين . اللهم إنا نسألك بأحبِّ أسمائِك الحسنى وصفاتِك العلى، التي إذا دعيتَ بها أجبتَ وإذا سئلتَ بها أعطيتَ ، أن تغفرَ له وترحمه رحمةً واسعةً، اللهم تجاوز عن سيئاتِه، اللهم و ضاعف له ثوابَ عملِه. اللهم وفقْ وليَّ أمرِنا وإمامَنا الملكَ سلمانَ لما تحبُّ وترضى وخذ بناصيتِهِ للبرِ والتقوى ، اللهم وفقْ وليَّ عهدِه الأميرَ مقرنَ بنَ عبدِالعزيزِ لما تحبهُ وترضاهُ اللهم احفظنا جميعاً بحفظِكَ واكلأنا برعايتِكَ وأدمْ علينا برَّكَ وزدْنا من فضلِكَ وارزقنا شكرَ النعمِ ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النار.
عبادَ اللهِ اذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم واشكروه على نِعمِهِ يزدْكم ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
3/4/1436
بعنوان
وفاة خادم الحرمين الشريفين
الملك عبدالله بن عبدالعزيز
رحمه الله
عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ{كُلُّ مَنْ عَلَيْها فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} الذي خلقَ الموتَ والحياةَ ليبلوكم أيكُم أحسنُ عملاً؛ أحمدُه تعالى وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهُهُ، لهُ الحكمُ وإليهِ ترجعون، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أنزلَ اللهُ تعالى عليهِ{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ }صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه، وعلى آله وأصحابِهِ أجمعين، وعلى كلِّ من تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدين .
أيها المسلمون : إنَّ الموتَ سُنّةُ اللهِ في الكونِ لا تتبدلُ {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}
ولا تتحولُ {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}
فالموتُ كأسٌ وكلُّ الناسِ شاربُهُ، تحسَّى مرارتَهُ الأنبياءُ، والأولياءُ، والعلماءُ والزعماءُ،
كلُّ ابنِ أنثى وإنْ طالتْ سلامتُهُ
يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ
،{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ولذلكَ وجبَ عدمُ الغفلةِ عن هذا المصيرِ قالَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ (أكثروا من ذكرِ هادمِ اللذاتِ الموتِ ) وهذا الذكرُ يفيدُ الاستعدادَ للموتِ واستشعارَ قُربِهِ، ومما يذكّرُ به ما يُشرعُ عندَ موتِ أحدٍ منَ المسلمينَ منَ التعزيةِ والاعتبارِ، ولقدْ فُجعتِ الأمةُ بعامةٍ والمجتمعُ السعوديُّ بخاصةٍ بوفاةِ قائدِ هذهِ الأمةِ ، وإمامِها ، خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ عبدِالله بنِ عبدِالعزيز ، رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعةً ، وأسكنَهُ فسيحَ جناتِهِ ، إنا للهِ وإنا إليهِ راجعون ، اللهم أجرناَ في مُصيبتِناَ واخلفْ لنا خيراً منها ، فبرغمِ تصدُّعِ القلوبِ ، وانكسارِ الأفئدةِ يا عباد الله : لهذا الحدثِ الجللِ ، إلا أنَّ الصبرَ ديدنُ المؤمنينَ ، أمرَهُم اللهُ بهِ ، وأثابَهُم عليهِ ، فالفقيدَ رحمَهُ اللهُ أدَّى الأمانةَ التي عليهِ ، وملكَ قلوبَ الناسِ بعطفِهِ وتواضُعِهِ ، فأحبَّهُ الناسُ جميعاً ، قَدِمَ إلى ربٍّ رحيمٍ، قدمَ إلى أرحمِ الراحمينَ، وأكرمِ الأكرمينَ، وإنَّ للفقيدِ صفاتٍ حميدةً، وأفعالاً مباركةً، فهو ذو حزمٍ وحكمةٍ ، ودرايةٍ وحنكةٍ ، قادَ هذهِ البلادَ ، حتى غدتْ مثالاً يُقتدى بها ، بنى وشيَّدَ في شتى المجالاتِ ، وجَّهَ منَ الكلماتِ ، وقادَ البلادَ بحكمةٍ جنَّبتْها المزالقَ والمهالكَ ، كانَ جُلُّ اهتمامِهِ رحمَهُ اللهُ أنْ يبقى هذا البلدُ الطيبُ المباركُ وأهلُهُ ومن فيهِ من ضيوفِ هذهِ البلادِ الذين يبحثونَ عن لقمةِ العيشِ ، كانَ جُلُّ اهتمامِهِ أنْ يظلَّ الجميعُ في أمنٍ وأمانٍ ، وعيشٍ رغيدٍ ، حتى غدتْ هذه البلادُ بفضلِ اللهِ ثم بتوجيهِهِ رحمَهُ اللهُ وبتكاتُفِ أهلِ هذهِ البلادِ الطيبينَ والتمامِهِم على ولاةِ أمرهِم ، نبراساً في سبيلِ الحقِّ والمنهجِ القويمِ ، يغبِطُهُم على هذهِ اللحمةِ شعوبُ الأرضِ جميعاً ، وكم لهُ رحمَهُ اللهُ منَ الكلماتِ الأبويةِ الحانيةِ ، والتوجيهاتِ والوصايا القيمةِ ما يوجبُ الدعاءُ لهُ والترحمُ عليهِ ، رحمَ اللهُ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ فكم كانَ حريصاً على لُحمةِ هذهِ البلادِ وصيانةِ أمنِ مواطنِيها والمقيمينَ فيهاَ وزوارِها منَ الحجاجِ والمعتمرينَ رحمَ اللهُ الأبَ القائدَ فكم لهُ من لفتةٍ أبويةٍ حانيةٍ مسحتْ أدمعَ الأيتامِ ورفعتْ منْ معاناةِ الأُسرِ ، ويسرتْ سُبلَ العيشِ الكريمِ لهُمْ ، اللهُم اسكنْهُ فسيحَ جنتِكَ واجزهِ عن جُهدِهِ خيرَ ما جزيتَ عبادَك المخلصينَ ، فقد غدى الحُجاجُ والمعتمرونَ يفدونَ إلى المشاعرِ وكأنَّهم في رحلةِ استجمامٍ تنسيهِم وعثاءَ السفرِ ولمْ يزلْ بهِ همُّ ضيوفِ الرحمنِ ، حتى بدأَ بتنفيذِ هذا المشروعِ الضخمِ ، توسعةِ الحرمِ الشريفِ الذي لم يشهدْ لهُ التاريخُ مثيلاً ، فسطَّرَ له التأريخُ بمدادٍ من فخرٍ ونورٍ ، نسألُ اللهَ أن يُتمَّ له بهِ النورَ ، كم كانَ يوصي بالتمسكِ بشرعِ اللهِ وسنةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، وكم أكَّدَ على التمسكِ بتحكيمِ الشريعةِ، وثوابتِ الدينِ ولا يجاملُ في العنايةِ بالعقيدةِ الإسلاميةِ الصحيحةِ والسنةِ القويمةِ وربطِ الأمنِ بالإيمانِ، والاهتداءِ بهديِ القرآنِ، ومنهجِ السلفِ الصالحِ، والوسطيةِ والاعتدالِ، سائراً في كلِّ ذلكَ على خُطى والدِهِ المؤسسِ الملكِ عبدِ العزيزِ آل سعودِ طيبَ اللهُ ثراهُ ، وما تعاقبَ عليهِ إخوانُهُ الذين سبقوهُ من ملوكٍ رحمَ اللهُ ميتَهُم، وحفظَ اللهُ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ الملكَ سلمانَ بنِ عبدِالعزيز سددَهُ اللهُ ووفقَهُ ، وألبسَهُ الصحةَ والعافيةَ ، أحسنَ اللهُ عزاءَ الأمةِ في خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ عبدِالله بنِ عبدِالعزيز ، وألهمنَا وخادمَ الحرمينَ الشريفينِ الملكَ سلمانَ بنَ عبدِالعزيز ، وإخوانَهُ وأهلَهُ وأبناءَهُ ، الصبرَ على هذهِ المصيبةِ، قائلينَ مرددينَ ، اللهمَّ آجِرْنا في مصيبتِنا، واخلفْنا خيراً منها، و إنا للهِ و إنا إليهِ راجعون، ولا نقولُ إلا ما يُرضي الربَّ. أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ ...............................
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ، أحمدُه تعالى ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، أما بعد: فإنَّ بلادَنا بفضلِ اللهِ ما زالتْ تحوي الكنزَ الثمينَ والرجالَ المصلحينَ ، وعزاؤنا أننا شعبٌ صبورٌ يؤمنُ باللهِ ويستسلمُ لقضائِهِ وقدرِهِ ، ومتبعونَ لسنةِ رسولِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، وبحمدِ اللهِ نحنُ في بلادٍ ما يترجَّلُ فيها فارسٌ إلا ويتسلمُ عنانَ المسؤوليةِ من بعدهِ فارسٌ آخرُ، كلُّهُم عاشوا في خِضَمِّ هذهِ المسؤوليةِ الجسيمةِ ، مسؤوليةِ قيادةِ الأمةِ ، وتدبيرِ شؤونِ البلادِ ، عاشوا في هذهِ البيئةِ منذُ نعومةِ أظفارِهِم ، ورزقَهُمُ اللهُ الحكمةَ والأناةَ ، وبُعدَ النظرَ ، تمَّمَ ذلكَ وتوَّجَهُ حرصَهُم على تطبيقِ شريعةِ اللهِ وحمايةِ جنابِ التوحيدِ ، والذودِ عن عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ وسلفِ هذهِ الأمةِ الصالحِ ، وبتوفيقِ اللهِ يختارُ خادمُ الحرمينِ الشريفينِ الملكُ سلمانُ بنُ عبدِالعزيزِ ، الأميرَ مقرنَ بنَ عبدِالعزيزِ ولياً للعهدِ نائباً لرئيسِ مجلسِ الوزراءِ، نسألُ اللهَ لهم جميعاً مزيدَ الإعانةِ والتوفيقِ ، ونسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يوفقَنَا لطاعتِهِ وطاعةِ رسولهِ وطاعةِ مَنْ وَلِيَ أمرَنا ، هذا وصلوا وسلموا على الهادي البشيرِ والسراجِ المنيرِ، فقد أمرَكم بذلكَ ربُّكم العليمُ الخبيرُ، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ .... اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ. وأذلَّ الشركَ والمشركينَ ودمرْ أعداءَ الدينِ اللهم أنتَ ربُّنا وأنتَ وليُنا ومولانا،أمرتنا بالدعاءِ ووعدتْنَا بالإجابةِ ،فنسألُك باسمِكَ الأعظمِ الذي إذا دُعيتَ بهِ أجبتَ وإذا سُئلتَ بهِ أعطيتَ،نسألُكَ بأنْ تغفرَ لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ عبدِاللهِ بنِ عبدِالعزيز وتسكنُهُ فسيحَ جناتِكَ ونسألُكَ أنْ تلطُفَ بأهلِنا في فلسطينَ وسوريا وأهلِنا في العراقِ واليمنِ وأهلِنا في مصرَ وليبيا وتونُسَ والجزائرَ والسودانِ وسائرِ بلاِدِ المسلمينَ ، وتحفظَهُم وتحقنَ دماءَهم وتكشفَ غمتَهم، ونسألك بأنك أنت القويُّ أنْ تقويَهُم وتربطَ على قلوبِهم،نسألُكَ اللهم بأنك أنت البرُّ الرحيمُ أنْ ترحمَ شهداءَهم وتشفي جرحاهُم، وتؤمنَ روعاتِهم وتبدلَ خوفَهم أمناً،عاجلاً غيرَ آجل يا رب العالمين،اللهم يا من تُعزُّ وتذلُّ من تشاءُ يا من تؤتي الملكَ من تشاءُ وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ,نسألُكَ باسمِكَ العزيزِ الحكيمِ أن تبرمَ لأمةِ الإسلامِ قاطبةً أمرَ رُشدٍ يُعزُ فيهِ أهلُ العدلِ والصلاحِ ويذلُّ فيهِ أهلُ الظلمِ والفسادِ أنتَ وليُّ ذلكَ والقادرُ عليهِ،حسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل ،اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا واجعلهم هداةً مهتدينَ واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافَكَ واتقاكَ واتبعَ رضاكَ يا أرحمَ الراحمين. اللهم أصلح حالَ المسلمينَ اللهم اجمع كلمتَهم على الحقِّ وردَّهم إلى دينِك رداً جميلاً اللهم اغفر لفقيدِنا الملكِ عبدِالله بنِ عبدِالعزيز،اللهم اغفرْ لهُ وارحمْهُ وعافِهِ واعفُ عنهُ، وأكرم نُزُله، ووسع مُدخلهُ، واغسله اللهم بالماءِ والثلجِ والبردِ، ونقهِ من الذنوبِ والخطايا كما ينقى الثوبُ الأبيضُ من الدنسِ، اللهم وأبدلْهُ داراً خيراً من دارِهِ، وأهلاً خيراً من أهلِهِ، وزوجاً خيراً من زوجِهِ، وأدخلهُ الجنةَ وأعذْهُ من عذابِ القبرِ ومن عذابِ النارِ، اللهم وارفع درجتَه في المهديين، اللهم وافسحْ له في قبرِهِ، ونوِّرْ له فيهِ وسائرَ المسلمين . اللهم إنا نسألك بأحبِّ أسمائِك الحسنى وصفاتِك العلى، التي إذا دعيتَ بها أجبتَ وإذا سئلتَ بها أعطيتَ ، أن تغفرَ له وترحمه رحمةً واسعةً، اللهم تجاوز عن سيئاتِه، اللهم و ضاعف له ثوابَ عملِه. اللهم وفقْ وليَّ أمرِنا وإمامَنا الملكَ سلمانَ لما تحبُّ وترضى وخذ بناصيتِهِ للبرِ والتقوى ، اللهم وفقْ وليَّ عهدِه الأميرَ مقرنَ بنَ عبدِالعزيزِ لما تحبهُ وترضاهُ اللهم احفظنا جميعاً بحفظِكَ واكلأنا برعايتِكَ وأدمْ علينا برَّكَ وزدْنا من فضلِكَ وارزقنا شكرَ النعمِ ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النار.
عبادَ اللهِ اذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم واشكروه على نِعمِهِ يزدْكم ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.