الشيخ/عبدالله السالم
22-01-2015, 14:40
الحمد لله البرِّ الرحيم ، التوَّاب الكريم(غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أحمدهُ وأشكرهُ ، وأشهد أنَّ لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله الله ، للنَّاس كافة ، وجعله بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين… أما بعد أيها المسلمون :- يقولُ البر الرحيم(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) هذا هو موضوع حديثِ إليكم في هذا اليوم المبارك ، بارك الله فيكم . فقد وصف الله سبحانه وتعالى ، أصحابَ محُمدٍ ، ورضي الله عنهم أجمعين ، بأنهم رحماء بينهم ، فالرحمةُ لإخوانهِم ، ومن هو على منهجِهِم ، صِفةٌ ملازمة ، وقد وصفهم الله بذلك ،( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً) رحماء بينهم ! لِما في قُلوبهم من إيمان ، ولِما عندهم من تقوى ، ولِما لديهم من خوف ، لأنَّ الرحمة من صفات المؤمنين ، وكما جاء في هذه الآية (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) فلم تكن صِفة الرحمة .. نابعةٌ من هوان ، ولا ذُلَّ ولا خور ، بل فيهم شِدَّه وفيهم غلظه ، وفيهم قسوة ، ولكن ليست على إخوانهم ، إنما هي على من حادَّ الله ورسوله ، على الكفَّار ، أمَّا هم فيما بينهم ، ( فرحماء بينهم ) فما أنبلها من صفة ، اتَّصف بها النبي ، ووصفه بها الله سُبحانه ، فقال(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) … وقد امتاز عليه الصلاة والسلام ، بقلبٍ يفيضُ بالرحمة ، وينبِضُ بالحنان ، وحبَّ الخير للعالمَين ، فقد كان يُعامِلُ بالرحمةِ ، الصغير والكبير ، والمؤمن والمُشرك ، وإنَّ سيرته العَطِرَة ، لتحمِلُ من حُسنِ خُلُقِهِ ، وطيبِ مُعاملتهِ ، ورِقَّةِ عاطِفَته . الشيء الكثير ، ففي السنن ، من حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ، كُنَّا نَقْعُدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا قَامَ قُمْنَا ، فَقَامَ يَوْمًا وَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى لَمَّا بَلَغَ وَسَطَ الْمَسْجِدِ ، أَدْرَكَهُ رَجُلٌ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَكَانَ رِدَاؤُهُ خَشِنًا ، فَحَمَّرَ رَقَبَتَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ ، احْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرَيَّ هَذَيْنِ فَإِنَّكَ لَا تَحْمِلُ مِنْ مَالِكَ وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا أَحْمِلُ لَكَ حَتَّى تُقِيدَنِي مِمَّا جَبَذْتَ بِرَقَبَتِي ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ لَا وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَ ، فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ الْأَعْرَابِيِّ ، أَقْبَلْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ عَزَمْتُ عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلَامِي ، أَنْ لَا يَبْرَحَ مَقَامَهُ حَتَّى آذَنَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِرَجُلٍ مِنْ الْقَوْمِ يَا فُلَانُ احْمِلْ لَهُ عَلَى بَعِيرٍ شَعِيرًا ، وَعَلَى بَعِيرٍ تَمْرًا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ انْصَرِفُوا .صلى عليكَ الله يا علمَ الهُدى (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) إنَّها الرحمةُ التي هي عنوان الإيمان ، ودليلُ سلامةُ القلب ، وهي سببٌ لرحمة الله سبحانه ، يقول { الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ } وقد حكم ، على مَنْ فَقَد صِفَةُ الرَّحمةِ بِالشَّقاء ، فقال { لا تُنزعُ الرَّحمةُ إلاَّ من شقي } والمُتأمِلُ لأكثر أحوال النَّاس اليوم ، يجد أن الرحمة قد خفَّ ميزانها عند أكثرهِم إلاَّ من رحِم الله ، فقد نُزِعة الرحمة من قلوب بعض النَّاس ، وحلَّ مكانها القطيعة ، والشِّدَّة ، والحقد والكره … فـ ( رُحَماءُ بينهم ) انْدَرَسَتْ !! لدى كثيرٍ من النَّاس ، فصار المسلم يؤذي المسلم ، يؤذيهِ بلسانه ويده ، ويتعدَّى على ماله ، وأحياناً على عِرضه ، بل وأحياناً على دمِهِ ، فأين الرَّحمةُ ؟ مِمَّن يحاولُ انتِهاك الأعراض ، ويتتبَّع عورات المسلمين في أسواقهم ، وعند أبوابِ مدارِسِهِم ، أو مستشفياتِهِم ، أين الرَّحمة ؟ممن يُروِّج المخدرات بين المسلمين ، لكي يلعب بِعقولهم ويُدَّمِرَ ناشئتِهِم ، أين الرَّحمة ؟ ممن يغش المسلمين في بيعِهِم وشرائِهِم ، أين الرَّحمة ؟ في مجتمعات المسلمين ، وأحدُهم تموت أمهُ وتدفن ، وما دمعة لهُ عين ، وما حضرَ لها جَنَازة ، ولا أقام عليها صلاة ، وهي الأم الحنون الرَّءوم ، الذي جعلت له البطنَ وعاءً ، والصَّدرَ سِقاء ، رحِم اللهُ الرُّحماءُ بينهم ، إنَّهم السلف الصَّالح الذين طبَّقوا هذه الآية ( رُحمَاءُ بينهم ) إنَّهم الرُّحَماءُ بينهم حقاً ، وعلى رأسهِم سيَّدُ الرُّحماء ،سيدُ وَلَدِ آدم الذي قال الله عنه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) وقد صدق الله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً) تقولُ عائشةُ أم المؤمنين رضي اللهُ عنها لرسول الله ، هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ{لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ ، يَوْمَ الْعَقَبَةِ ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى ، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ،فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِىُّ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا} وفي سُننِ بن ماجةَ من حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه ،يقولُ { إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ } فالله الله يا عباد الله ، فإِنَّ لكم في رسول الله أسوةٌ حسَنةٌ . ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ ، والرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ،
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم .
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، أحمده سبحانه وأشكره ،وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد ألاَّ إله إلاَّ هو وحده لا شريك له ، ولأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمداً ، عبده ورسوله ، نبي الرحمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتَّابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، أما بعد أيها المسلمون أفشوا التراحم بينكم ، وكونوا أذلَّةً على المؤمنين أعزَّةً على الكافرين ، أشدَّاء على الكفار ، رحماء بينكم ، ارحموا الأرامِلَ والمساكين ، فقد قال النبي { السَّاعي على الأرمَلَة والمِسكين ، كالمُجاهِد في سبيل الله } وارحموا البناتَ خاصَّة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام { من ابتُلي من هذه البناتِ بشيء ، فأحسَنَ إليهِنَّ ، كُنَّ لهُ سِتراً من النَّار } ومن الإحسان إليهنّ ، تزويجهنَّ .. وعدم تأخيرُ ذلك .. من أجلِ حُطامٍ فانٍ ، .. وارحموا اليتامى . بتأدية مالِهم ، وعدم أكلِ أموالهم ، فقد قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) واحذروا يا عباد الله أشدَّ الحذر، فإنَّ أمراة دخلت النار بسبب هرة [ قطة ] يقول كما في البخاري ، من حديثِ عبدالله ين عمر رضي اللهُ عنهُما { عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا ، وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ } وتذكروا .. إن إمراءة زانية ، بغي من بغايا بني إسرائيل ، دخلت الجنة بسبب كلبٍ عطشانٍ يلهث ويأكل الثرى ، فسقته رحمة به فدخلت الجنة ، فإذا كانت الرحمة بالحيوان ، تغفرُ بها ذنوب البغايا ، فإنها بالإنسانِ تصنعُ العجائب ، يقول الرحمن الرحيم ، جل جلاله عن المتراحمين المتآلفين ، الذين امتلأت قلوبهم إيماناً بالله ورسوله ، ورقت عواطفهم في معاملت الناس يقول تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71) عبادَ الله : صلُّوا رحمني الله وإيَّاكم ، على المبعوثِ رحمةً للعالمين فإِنَّهُ يقول { مَن صَلَّى عَلَىَّ صَلاةً صلَّى اللهُ عليهِ بِهاَ عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم .
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، أحمده سبحانه وأشكره ،وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد ألاَّ إله إلاَّ هو وحده لا شريك له ، ولأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمداً ، عبده ورسوله ، نبي الرحمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتَّابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، أما بعد أيها المسلمون أفشوا التراحم بينكم ، وكونوا أذلَّةً على المؤمنين أعزَّةً على الكافرين ، أشدَّاء على الكفار ، رحماء بينكم ، ارحموا الأرامِلَ والمساكين ، فقد قال النبي { السَّاعي على الأرمَلَة والمِسكين ، كالمُجاهِد في سبيل الله } وارحموا البناتَ خاصَّة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام { من ابتُلي من هذه البناتِ بشيء ، فأحسَنَ إليهِنَّ ، كُنَّ لهُ سِتراً من النَّار } ومن الإحسان إليهنّ ، تزويجهنَّ .. وعدم تأخيرُ ذلك .. من أجلِ حُطامٍ فانٍ ، .. وارحموا اليتامى . بتأدية مالِهم ، وعدم أكلِ أموالهم ، فقد قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) واحذروا يا عباد الله أشدَّ الحذر، فإنَّ أمراة دخلت النار بسبب هرة [ قطة ] يقول كما في البخاري ، من حديثِ عبدالله ين عمر رضي اللهُ عنهُما { عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا ، وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ } وتذكروا .. إن إمراءة زانية ، بغي من بغايا بني إسرائيل ، دخلت الجنة بسبب كلبٍ عطشانٍ يلهث ويأكل الثرى ، فسقته رحمة به فدخلت الجنة ، فإذا كانت الرحمة بالحيوان ، تغفرُ بها ذنوب البغايا ، فإنها بالإنسانِ تصنعُ العجائب ، يقول الرحمن الرحيم ، جل جلاله عن المتراحمين المتآلفين ، الذين امتلأت قلوبهم إيماناً بالله ورسوله ، ورقت عواطفهم في معاملت الناس يقول تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71) عبادَ الله : صلُّوا رحمني الله وإيَّاكم ، على المبعوثِ رحمةً للعالمين فإِنَّهُ يقول { مَن صَلَّى عَلَىَّ صَلاةً صلَّى اللهُ عليهِ بِهاَ عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ