الشيخ/عبدالله الواكد
16-10-2014, 20:51
خطبة جمعة
في التحذير من الربا
بعنوان
(( الإباء عن الربا ))
أعدها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
أما بعدُ أيها المسلمونَ : فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ عزَّ وجلَّ القائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) نتكلم اليوم ـ أيها الأحبة في الله ـ عن كبيرة من كبائر الذنوب والمعاصي، حرمها ديننا الحنيف تحريما قاطعا لما فيها من مخالفة لشرع الله وضرر للمجتمع وظلم للناس، توعد الله ورسوله مرتكب هذه الكبيرة بوعيد عظيم ، إنها معصية أكل الربا والتعامل به ، فالله سبحانه وتعالى أحل للمسلم أن يسعى في طلب المال من حله ، وأن يتاجر بالبضائع والسلع وأن يعمل عملا بعيدا عن مواطن الربا والشبهة ، ليكسب حلالا طيبا ، ولم يحل له أن يسلك طرقا معوجة يتوسل بها إلى ما حرم الله ويستغل حاجة المحتاجين ويتاجر في ضعف الضعفاء وقلة حيلة المساكين
جاء شرعنا المطهر وشريعتنا الإسلامية السمحة فحذرت من هذا الذنب العظيم وهذه المعاملة الممقوتة التي تُستغل فيها حاجة المحتاج ليُسلب منه ماله أو متاعه أو عقاره ، أو معيشة بيته وأسرته ، ويؤول إلى جيب المرابي ، ظلما وبهتانا ، فلقد جاء الإسلام والناس يتعاملون بالربا فحرمه عليهم ، يقول سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وأخرج الترمذي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)) والربا ياعباد الله : من أخس المحرمات في الكسب ، بل إن الله أنذر القائمين على الربا والمتعاملين به بحرب من الله ورسوله ، وهو لم ينذر بهذه الحرب ، أي عاص بمعصية أخرى غير الربا، وهذا ينبيك بفداحة هذه المعصية ، يقول تبارك وتعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب ، هذا هو التحذير العظيم لآكل الربا ، فما الذي يدعو المسلم لارتكاب هذا الذنب ؟ وكيف تهون عليه نفسه فيعرضها إلى حرب من الله ورسوله ، حرب من رب السموات والأرض ، ممن خضعت له المخلوقات جميعا ، ممن سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، وحرب من رسوله صلى الله عليه وسلم ، الذي أرسله رحمة للعالمين ؟! هل من عاقل يعرض نفسه لهذا الخطر ؟! وهل من حكيم يدخل هذه الحرب الخاسرة .
فما هي الدوافع إلى الربا ، أهو قلة إيمان الإنسان بموعود الله في الرزق، فلو كان الإنسان مؤمنا حقا وموقنا بأنه لن يُحرم رزقا كتبه الله له فلن يلجأ أبدا إلى دخول باب حرم الله دخوله، ولكن الثقة في الرزق مهزوزة، والاعتماد على الرزاق ضعيف، لهذا يلجأ الإنسان إلى كل الأبواب ولا يلجأ إلى باب العزيز الوهاب الذي كتب الأرزاق لعباده وحددها، يقول سبحانه ( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ) يقسم الله بنفسه سبحانه ، أن رزقك أيها الإنسان مكتوب في السماء ، ونحن نشيح بوجوهنا عن هدي ربنا ، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (( ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء مما أخذ المال أمن حلال أم من حرام )). ولكن المسلم الحق والمسلم الصادق لا يمكن أن يستسهل أمرا لعن الله فاعله وأنذره وبالغ في ذمه لأن اللعنة تعني الغضب وتعني العذاب، فالمتعامل بالربا كما يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم معرض للعنة الله رب العالمين سواء كان معطيا للربا أو آخذا له وهذا ليس بالأمر الهين ، أخرج الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه)). فاللعنة ليست على معطي الربا وحده، ولا على الطرفين فقط ، بل إنها تشمل حتى من يكتبه ومن يشهد عليه، كل هؤلاء والعياذ بالله ، تلحقهم اللعنة نسأل الله السلامة .
قال تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) بارك الله لي ولكم
الثانية
إخوة الإسلام ، هذا النظام المالي ، الذي شرعه رب العزة والجلال سبحانه ، فأحل الله البيع وحرم الربا ، ألا يجدر بالمسلمين أن يكونوا أولى من غيرهم ، بالإستمساك بشرع ربهم إذا لم نستمسك نحن بدين الله ونقف عند حدود الله فهل ننتظر ذلك من اليهود والنصارى وغيرهم ، الأجدر بالمسلمين ، الحذر من مهالك الربا والمعاملات الربوية ، ومواطن التحريم والشبهة ، كالقروض والمساهمات الربوية ، وعلى المسلم قبل أن يدخل في أي تعامل مالي ، عليه أن يسأل أهل العلم الثقات ، ويطلع على الفتاوى الصادرة من هيئة كبار العلماء ، ليستبريء لدينه ، ويبتعد عن مواطن الربا ، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين
في التحذير من الربا
بعنوان
(( الإباء عن الربا ))
أعدها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
أما بعدُ أيها المسلمونَ : فأوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ عزَّ وجلَّ القائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) نتكلم اليوم ـ أيها الأحبة في الله ـ عن كبيرة من كبائر الذنوب والمعاصي، حرمها ديننا الحنيف تحريما قاطعا لما فيها من مخالفة لشرع الله وضرر للمجتمع وظلم للناس، توعد الله ورسوله مرتكب هذه الكبيرة بوعيد عظيم ، إنها معصية أكل الربا والتعامل به ، فالله سبحانه وتعالى أحل للمسلم أن يسعى في طلب المال من حله ، وأن يتاجر بالبضائع والسلع وأن يعمل عملا بعيدا عن مواطن الربا والشبهة ، ليكسب حلالا طيبا ، ولم يحل له أن يسلك طرقا معوجة يتوسل بها إلى ما حرم الله ويستغل حاجة المحتاجين ويتاجر في ضعف الضعفاء وقلة حيلة المساكين
جاء شرعنا المطهر وشريعتنا الإسلامية السمحة فحذرت من هذا الذنب العظيم وهذه المعاملة الممقوتة التي تُستغل فيها حاجة المحتاج ليُسلب منه ماله أو متاعه أو عقاره ، أو معيشة بيته وأسرته ، ويؤول إلى جيب المرابي ، ظلما وبهتانا ، فلقد جاء الإسلام والناس يتعاملون بالربا فحرمه عليهم ، يقول سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وأخرج الترمذي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به)) والربا ياعباد الله : من أخس المحرمات في الكسب ، بل إن الله أنذر القائمين على الربا والمتعاملين به بحرب من الله ورسوله ، وهو لم ينذر بهذه الحرب ، أي عاص بمعصية أخرى غير الربا، وهذا ينبيك بفداحة هذه المعصية ، يقول تبارك وتعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب ، هذا هو التحذير العظيم لآكل الربا ، فما الذي يدعو المسلم لارتكاب هذا الذنب ؟ وكيف تهون عليه نفسه فيعرضها إلى حرب من الله ورسوله ، حرب من رب السموات والأرض ، ممن خضعت له المخلوقات جميعا ، ممن سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، وحرب من رسوله صلى الله عليه وسلم ، الذي أرسله رحمة للعالمين ؟! هل من عاقل يعرض نفسه لهذا الخطر ؟! وهل من حكيم يدخل هذه الحرب الخاسرة .
فما هي الدوافع إلى الربا ، أهو قلة إيمان الإنسان بموعود الله في الرزق، فلو كان الإنسان مؤمنا حقا وموقنا بأنه لن يُحرم رزقا كتبه الله له فلن يلجأ أبدا إلى دخول باب حرم الله دخوله، ولكن الثقة في الرزق مهزوزة، والاعتماد على الرزاق ضعيف، لهذا يلجأ الإنسان إلى كل الأبواب ولا يلجأ إلى باب العزيز الوهاب الذي كتب الأرزاق لعباده وحددها، يقول سبحانه ( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ) يقسم الله بنفسه سبحانه ، أن رزقك أيها الإنسان مكتوب في السماء ، ونحن نشيح بوجوهنا عن هدي ربنا ، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (( ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء مما أخذ المال أمن حلال أم من حرام )). ولكن المسلم الحق والمسلم الصادق لا يمكن أن يستسهل أمرا لعن الله فاعله وأنذره وبالغ في ذمه لأن اللعنة تعني الغضب وتعني العذاب، فالمتعامل بالربا كما يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم معرض للعنة الله رب العالمين سواء كان معطيا للربا أو آخذا له وهذا ليس بالأمر الهين ، أخرج الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه)). فاللعنة ليست على معطي الربا وحده، ولا على الطرفين فقط ، بل إنها تشمل حتى من يكتبه ومن يشهد عليه، كل هؤلاء والعياذ بالله ، تلحقهم اللعنة نسأل الله السلامة .
قال تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) بارك الله لي ولكم
الثانية
إخوة الإسلام ، هذا النظام المالي ، الذي شرعه رب العزة والجلال سبحانه ، فأحل الله البيع وحرم الربا ، ألا يجدر بالمسلمين أن يكونوا أولى من غيرهم ، بالإستمساك بشرع ربهم إذا لم نستمسك نحن بدين الله ونقف عند حدود الله فهل ننتظر ذلك من اليهود والنصارى وغيرهم ، الأجدر بالمسلمين ، الحذر من مهالك الربا والمعاملات الربوية ، ومواطن التحريم والشبهة ، كالقروض والمساهمات الربوية ، وعلى المسلم قبل أن يدخل في أي تعامل مالي ، عليه أن يسأل أهل العلم الثقات ، ويطلع على الفتاوى الصادرة من هيئة كبار العلماء ، ليستبريء لدينه ، ويبتعد عن مواطن الربا ، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين