الشيخ/عبدالله السالم
01-08-2014, 05:10
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ ) وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد: أيها الأحبةُ في اللهِ إنقضَى الشَّهرُ الكريمُ ، والموسِمُ العظيمُ ، والَّذِي تلذَّذتْ القلوبُ بِفَيضِ نَفَحَاتِهِ ، وتَعَطَّرَتْ الآذَانُ بِسَمَاعِ القرآَنِ وآيَاتِهِ ، كنتم تصُومونَ نَهَارَهُ ، وتَقُومُونَ مِن ليلِهِ ، وتَتقرَّبُونَ إلى ربِّكُم ، بِأَنواعِ القُرُباتِ ، طمعاً في ثوابِهِ ، وخَوفاً من عِقَابِهِ ، ثم انتهتْ تلك الأيَّامُ ، وقَطعتُم بِهَا مَرحلةً مِن حيَاتِكُم ، لن تعودَ إليكم ، وإِنَّمَا يبقى لكم ما أودعتموهُ فيها ، من خيرٍ أو شرٍّ ، وهكذا كلُّ أيَّامِ العمرِ ، مراحلٌ تقطعُونها يوماً بعد يومَ ، في طريقِكُم إِلىَ الدَّارِ الآخِرةِ ، فهي تُنَقِصُ من أعمارِكُم ، وتُقَرِّبُِكُم مِن آجَالِكُم ، ويُحْفَظُ عليكُم ما عَمِلتُمُوهُ فِيهَا ، لِتُجَازَوا عليه في الدَّارِ الباقِيةِ ، يقولُ المولى جلّ وعلا (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) يومَ يُبعثرُ ما في القبورِ ، ويُحصَّلُ ما في الصُّدُورِ ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) ،حلَّ عليكم ذلكم الشَّهرُ العظيمُ ، لتتربَّوا على فعلِ الطَّاعاتِ ، وتركِ المحرماتِ ، وتَتَلقَّوا دُروسَ الصَّبرِ ، وتَنتَصِروا على النُّفوسِ ، الأمَّارةِ بِالسُوءِ ، فما انقضتْ أيَّامُهُ ، إِلاَّ وقد ألِفتُم الطَّاعةَ ، وكرِهتُم المعصيةَ ، وتربَّيتُم على الأخلاقِ الفاضلةِ ، فتيقَّظتُم بعد غفلَةٍ ، وحضرتُم بعد طولِ غيابٍ ، وعرِفتُم قدرَ الحياةِ ، وقِيمَةَ العبادةِ ، والخيبةُ كَلَّ الخيبَةِ ، أن تُوفَّقُوا للطَّاعَاتِ ، ثُمَّ إِذا انتهى الموسمُ ، نَكصتُم على أعقابِكُم ، فأَفسدتُم ما أصلَحتُم ،يَقولُ تعالى (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ) فلا تَهدِمُوا ما بَنيتُم من صالحِ الأعمالِ ، فَإنَّ أَمامَكم مِيزَاناً تُوزنُ فيه حَسنَاتِكم ، وسيئاتِكم ، قالَ تعالى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُون تَلْفَحُ وجُوهَهُمُ الْنَّارُ وَهُم فِيهَا كَالِحُون ) ويقول تعالى في الحديث القدسي ، كما في البخاري من حديثِ أبي ذرٍ رضي الله عنه { يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ } والشَّهورُ ، أيُّها الأحبةُ في اللهِ ،مزرعةٌ للأعمالِ ، ومواقيتٌ للآجالِ ، فليحاسبْ كلٌّ منَّا نفسَهُ ، ماذا قدَّمَ في شهرِ رمضانَ ؟ فمن قدَّمَ فيهِ خيراً ، فليحمدِ اللهَ على ذلِك ، وليسألْهُ القَبُولَ ، والاستمرارَ على الطَّاعةِ ، في مُستقبَلِ حياتِهِ ، ومن كانَ مفرِّطاً فيه ، فليتُبْ إلى اللهِ ، وليبدأْ حياةً جديدةً يستغلُّها بالطَّاعةِ ، بدلَ الحياةِ التي أضاعَها ، في الغفلةِ والإساءةِ ، لعلَّ اللهَ ، أن يُكَفِّرَ عنه ما مضى ، ويوفقَهُ فيما بقى من عمرِهِ ، قال تعالى (وَأَقِمْ الصَّلاَةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) لقد مرَّ شهرُ رمضانَ على الناسِ ، وهم في حالاتٍ مختلفةٍ ، فمنهم من وافاه هذا الشهرُ ، وهو مستقيماً على الطاعةِ ، محافظاً على صلاةِ الجُمعِ والجَماعةِ ، مُبتعداً عن المعاصي ، ثم اجتهدَ في هذا الشّهرِ ، بفعلِ الطاعاتِ ، فكان زيادةَ خيرٍ له ، فهذا تَنَالُه رحمةُ اللهِ ، لأنَّهُ محسنٌ في عَمَلِهِ وقد قال تعالى (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ) ومِنهُم مَن وافَاه هذا الشهرُ ، فصامَ نهارَهُ ، وقامَ ما تيسرَ من ليلِهِ ، وهو قبلَ ذلك ، محافظاً على أداءِ الفرائضِ وكثيرٍ من الطاعاتِ ، لكن عنده ذنوبٌ دونَ الكبائرِ ، فهذا تنالُهُ مغفرةُ اللهِ ، قال تعالى ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا ) وقال النبي عليه الصلاة والسلام { الصلواتُ الخمسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ كفَّارةٌ لما بينهنَّ إذا اجتنيتْ الكبائرُ } ومنهم من وافاه شهرُ رمضانَ ، وعنده ذنوبٌ كبائرٌ ، لكنها دونَ الشركِ ، وقد استوجبَ بِهَا دخولَ النَّارِ ، ثم تابَ منها ، وصامَ الشهرَ ، وقامَ ما تَيسّرَ منه ، فهذا ينالُهُ الإعتاقُ من النارِ ، بعد ما استَوجَبَ دُخُولَها ، ومِنهُم من وافاه الشهرُ ، وهو مُقيمٌ على المعاصي ، من فعلِ المحرماتِ ، وتركِ الواجباتِ ، وإضاعةِ الصلاةِ ، فلم يَتَغيرْ حالُهُ ، ولم يتبْ إلى اللهِ من سِيئاتِهِ ، أو تابَ منها توبةً مؤقتةً في رمضانَ ، وكما انتهى عَنْهَا عادَ إليها ، فهذا هو الخاسرُ ، الذي خسرَ حياتَهُ ، وضيَّعَ أوقاتَهُ ، ولم يستفدْ من هذا الشهرِ ، إلاَّ الذنوبَ ولآثامَ ، وقد قالَ جبريلُ للنبي e{ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَمَاتَ ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَأُدْخِلَ النَّارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ } فَالْمَحرومُ من حرمَهُ اللهُ ، والشقيُ من أبعدَهُ اللهُ ،وعِبادةُ اللهِ ليس لها نهايةً إلاَّ بالموتِ ، قال تعالى ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) وما رمضانُ ، إلاَّ مدرسةً ، يتدربُ فيها من وفقَهُ اللهُ U على فعلِ البرِ ومجالاتِ الخيرِ ، وهذه فائدةٌ من فوائدِ شهرِ رمضانَ الكثيرةِ ، ولذلك ، تجدُ الذين وُفقوا للقبولِ في شهرِ رمضانَ ، يُتابعونَ ما اعتادوا عليهِ ، ويستمرونَ على فعلِ الطاعاتِ وما يقربُهم لخالقِهِم U أما الذين لم يُوفقوا للقبولِ في شهرِ رمضانَ ، الذين رَغِمَتْ أنوفُهُم ، كما في الحديثِ المعروفِ ، تجدُ أن عهدَهم بالطاعاتِ ، بانتهاءِ شهرِ رمضانَ ، بل لم يستريحوا ، ولم يهدأْ لهم بالٌ ، حتى جعلوا رمضانَ وراءَ ظهورِهم ، فهجروا طاعةَ ربِهم ، وعادوا إلى ما كانوا عليه قبلَ رمضانَ ، بل عادوا أسوأَ من ذلك ، فلنعوّدْ أنفسَنا على ما اعتادتْ عليه في رمضانَ ، ولنشعرْها بأن ما كانت تعملُ في رمضانَ ، مشروعٌ في غيرِ رمضانَ ، ومتى ما عَمِلناهُ ، مُخلصين به لله ، ومتبعين لرسوله e ، فإن اللهَ يقبلُه ، ويثيبُنا عليه ، ويرفعُ درجاتِنا بأسبابِهِ .
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ،
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد : يقولُ المُصطفى r كما في صحيصحِ مسلمٍ من حديثِ أبي أيوبٍ الأنصاري { من صامَ رمضانَ ثم أتبعَهُ ستاً من شوالٍ كان كصيامِ الدهرِ } ولا يلزمُ أيها الأحبةُ في الله أن تكونَ الستُّ سَرداً ، وإن فَعلَ فهو خيرٌ ، ولكن لو صادفَ بها أيامَ البيضِ ، أو صامَ الأثنينَ والخميسَ من كلِّ أسبوعٍ ، فهو أفضلُ لفضلِ هذه الأيامِ ، واعلموا أنكم غداً بين يدي اللهِ موقوفونَ ، وعن أعمالِكم محاسبونَ ، وعلى تفريطِكم نادمون ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون ) ألا وصلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ،
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد : يقولُ المُصطفى r كما في صحيصحِ مسلمٍ من حديثِ أبي أيوبٍ الأنصاري { من صامَ رمضانَ ثم أتبعَهُ ستاً من شوالٍ كان كصيامِ الدهرِ } ولا يلزمُ أيها الأحبةُ في الله أن تكونَ الستُّ سَرداً ، وإن فَعلَ فهو خيرٌ ، ولكن لو صادفَ بها أيامَ البيضِ ، أو صامَ الأثنينَ والخميسَ من كلِّ أسبوعٍ ، فهو أفضلُ لفضلِ هذه الأيامِ ، واعلموا أنكم غداً بين يدي اللهِ موقوفونَ ، وعن أعمالِكم محاسبونَ ، وعلى تفريطِكم نادمون ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون ) ألا وصلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ