الشيخ/عبدالله السالم
08-07-2014, 14:27
الحمد لله (الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) و(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً*وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أيها الأحبةُ في اللهِ ما هو حالُنا مع القرءانِ ؟ في شهرِ القرءانِ ، الّذي قالَ اللهُ فيه ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيْنَاتٍ مِّن الْهُدَى وَالْفُرْقَان ) ما هوَ حالُنا ؟ مع الكتابِ الذي قالَ اللهُ فيه لنبيهِ محمدe (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: من الآية89)وقالَ فيهِ ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) وقال جلّتْ قُدرتُهُ (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً)ما هوَ حالُنا في رمضانَ مع الكتابِ الذي قالَ فيهِ المصطفى e {كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَة ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ) ، هُوَ الَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ أخرجه الدارمي ]ويقولُ فيه تعالى (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) لقد فرحَ أصحابُ رسولِ اللهِ r بالقرءانِ ، فرحاً شديداً ، وأَقبَلُوا عليهِ ، فَما شبعوا من تلاوتِهِ ، وكانَ انقطاعُ الوحيِ بموتِ النبي e من أعظمِ ما أُصيبُوا بهِ ، لِمَا في ذلكَ من انقطاعِ المددِ من السماءِ ، وانقطاعِ هذا الخيرِ ، وهذا الكتابُ فَرِحَ به التَّابِعُونَ ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ،وقد بيّنَ اللهُ جل وعلا شأنَ هذا القرءان في القرءان ، في هذا الكتابِ الحكيمِ ، وكفى ببيانِ اللهِ بياناً ، وكفى بوصفِهِ وصفاً ، فهو جلّ وعلا الحكيمُ الخبيرُ العليمُ ، الذي لا تخفى عليهِ خافيةٌ ، ولا يَبلغُ الخلقُ مهما أُوتوا من وصفِ ، ومهما اجتَمَعُوا من صَفٍّ ، أن يَصِفوا الكتابَ كما وصفَهُ اللهُ جل وعلا ، فوصَفَهُ بأنَّه كريمٌ ، وبأنَّه عظيمٌ ، وبأنَّه مجيدٌ ، وبأنَّه مباركٌ ، وبأنَّه هُدَى ، ونورٌ ، وفرقانٌ ، وبأنه ذكرٌ ومبينٌ ، وبأنه تبيانٌ لكلِ شئٍ ، وموعظةٌ ، وشفاءٌ لما في الصدورِ ، وبأنه مُصدقٌ لما بين يديهِ من الكُُتُبِ ، ومُهيمنٌ عليه ، وقالَ عز وجلَّ فيه: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) وكفى بذلكَ عظمةً ، كيف لا وهو كلامُ اللهِ عز وجل ، وقد تحدى بهِ المكذبينَ من العربِ ، وهُم زعماءُ الفصاحةِ والبلاغةِ ، إن يأتوا بمثلِ هذا القرانِ ، أو بعشرِ سورٍ مثلِهِ ، أو بسورةٍ واحدةٍ ، أو بأقلِّ من ذلك ، قالَ الله عز وجل (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) فعجزوا عن ذلك ، إنَّ هذا القرانَ إيُّها الأحبةِ مَجدُنا ، إنَّهُ مجدُ هذه الأمةِ ، وعِزُّها وكرامتُها وسعادتُها في الدنيا والآخرةِ ، من طلبَ المجدَ بغيرِهِ خُذِلَ ، ومن طلبَ العزةَ بغيرِه ذُلَّ ، ومن طلبَ الكرامةَ بدونِهِ أُهينَ ، ومن طلبَ السعادةَ بسواهُ شَقي ، يقولُ ابن مسعودٍ رضي الله عنه: "إذا سمعتَ اللهَ جل وعلا في كتابِهِ يقولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأرعْها سمعَكَ يعني أصغِ إليها ، فهي إما خيرٌ تُؤمرُ بهِ أو شرٌ تُنهى عنه"، وَقِراءةُ القرآنِ شَرفٌ لكَ ما بَعدَهُ شرفٌ ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ في الحديثِ [المتفقِ عليه ] من حديثِ عائشةَ رضي اللَّهُ عنها { الَّذِي يَقرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكرَامِ البررَةِ ، والذي يقرَأُ القُرْآنَ ويتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ له أجْران }وفي الترْمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ] منْ حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ{ يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ[يعني لصاحبِهِ الذي كان يعملُ بهِ في الدُّنيا ] يَا رَبِّ حَلِّهِ ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ ، فَيَرْضَى عَنْهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً }وفي صحيحِ مسلم ، من حديثِ أَبي أُمامَةَ رضي اللَّهُ عنهُ قال : سمِعتُ رسولَ اللَّهِ e يقولُ { اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإِنَّهُ يَأْتي يَوْم القيامةِ شَفِيعاً لأصْحابِهِ }وعَن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضيَ اللَّه عنهُ قال : سمِعتُ رسول اللَّهِ e يقولُ{يُؤْتى يوْمَ القِيامةِ بالْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذِين كانُوا يعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنيَا تَقدُمهُ سورة البقَرَةِ وَآل عِمرَانَ ، تحَاجَّانِ عَنْ صاحِبِهِمَا} [ أخرجه مسلم ]ومع الأسف الشديد ، إنَّ من النّاسِ ، من لا يقرأُ من القرءانِ ، إلاَّ ما يقرأُهُ في صلاتِهِ فقط ، ومن الناسِ من يَختمُ القرءانَ كلَّ ثلاثةِ أيامٍ ، في رمضانَ وغيرِهِ ، بل إنَّ داودَ الطائيُّ ،في غيرِ رمضان كان يَستفُّ الفتيتَ، يأكلُ فُتاتَ الطعامِ، ويقولُ: بَينَ سفِّ الفتيتِ ، وأكلِ الخبزِ قراءةُ خمسينَ آيةً ، هكذا كانوا عليهم رحمةُ الله، كانوا أشدَّ الناسِ بخلاً في أوقاتِهم، فماذا يقولونَ لو اطّلَعُوا علينا ، ورأوا كيف نُضَيّعُ أوقاتَنا، في هذا الشهرِ المباركِ خاصةً ، وفي سائرِ أيامِ السنةِ عامةً ، ولاحولَ ولاقُوةَ إلاَّ بالله .
بارك اللهُ لي ولكم في القرانِ العظيمِ
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ، فاستغفروه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم
الحمدُ للهِ على إحسانِهِ ، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتنانِهِ ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِهِ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، وسلم تسليمًا مزيدًا . أما بعد : أيها الأحبَّةُ في الله : في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عنه ، أن النبي eقال لعبد الله بن مسعود: "اقرأ علي". قال عبد الله رضي الله عنه: "أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ " قال النبي r { فإني أُحِبُّ أن أسْمَعُهُ مِنْ غَيري} يقولُ: فقرأتُ عليهِ سورةَ النِّسَاء حتى إذا جئت قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً﴾، قال لي رسول الله eأمسك ،فنظرةُ فإذا عيناه تذرفان بكاءً من تأثره eبما سمع ، وها نحنُ في هذا الشهر الكريم ، وكتابُ اللهِ يُتلى فيه بين أظهُرِنا، ويَتَردَدُ في أسماعِنا، وهو القرآنُ ، الذي لو أُنزلَ على جبلٍ لرأيناهُ خاشعاً يتصدعُ، كما قال تعالى ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ولكِنَّ الرَّانَ قد رانَ على القلوبِ ، فلا قلوبَ تَخشعُ ، ولا عُيونَ تَدمعُ ، خَلتْ القلوبُ من التَّقوى ، فهي خَرابٌ بلقعُ ، وتراكمتْ عليها الذنوبُ ، فهي لا تُبصرُ ولا تسمعُ ،واللهُ عزَّ وجلَّ يقُول (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) كم تُتلى علينا آياتُ القرآنِ ، وقلوبُنا كالحجارةِ أو أشدُّ قسوةً، واللهُ عزَّ وجلَّ يقُولُ ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وكم يتوالى علينا من رمضانٍ ، وحالُنا فيه كحالِ أهلِ الشَّقوةِ،الّذين يقولون (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ) أين نحنُ من قومٍ إذا تُليتْ عليهم آياتُ اللهِ ، وَجِلتْ قلوبُهم وزادتْهم إيمانا، يقُولُ تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)يقولُ عبدالله بن الشّخير " [أتيتُ رسولَ اللهe وَهُوَ يُصَلِّي ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ] أوليسَ لنا فيهم اقتداءٌ وأُسوةٌ ؟ اللهم اجعلنا من الذينَ ، إذا تُليت عليهم آياتُ كتابِكَ وجلِت قُلُوبُهم وزادتهُم إيماناً ، اللهم ألبسنا به الحلل ، وأسكنا به الظلل ، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ، اللهم حبِّب إلينا وإلى أبناءِنا تلاوتِهِ وحفظه والتمسكَ به، واجعلْهُ نُوراً على درب حياتِنا، برحمتك يا أرحم الراحمين، عبادَ الله ، صلوا وسلموا على خيرِ خلقِ اللهِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ،فَإنَّ اللهَ قد أمركُم بذلك ، بقولِه (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً)وقد قال عليه الصلاة والسلام { حيث ما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني}وقالَ بِأبي هُوَ وأُمي{ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ}اللهم صلِّ وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ،أعفوا عنَّا ، ويا وسعَ المغفرةِ ،إغفر لنا ، ويا قريبَ الرّحمةِ ،أرحمنا برحمتكَ الواسعة ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللهم اجعل في قلوبِنا نوراً نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا اللهم حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ ، من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ ، من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تحبُهم ويحبونَك ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
بارك اللهُ لي ولكم في القرانِ العظيمِ
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ، فاستغفروه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم
الحمدُ للهِ على إحسانِهِ ، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتنانِهِ ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِهِ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، صلى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، وسلم تسليمًا مزيدًا . أما بعد : أيها الأحبَّةُ في الله : في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عنه ، أن النبي eقال لعبد الله بن مسعود: "اقرأ علي". قال عبد الله رضي الله عنه: "أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ " قال النبي r { فإني أُحِبُّ أن أسْمَعُهُ مِنْ غَيري} يقولُ: فقرأتُ عليهِ سورةَ النِّسَاء حتى إذا جئت قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً﴾، قال لي رسول الله eأمسك ،فنظرةُ فإذا عيناه تذرفان بكاءً من تأثره eبما سمع ، وها نحنُ في هذا الشهر الكريم ، وكتابُ اللهِ يُتلى فيه بين أظهُرِنا، ويَتَردَدُ في أسماعِنا، وهو القرآنُ ، الذي لو أُنزلَ على جبلٍ لرأيناهُ خاشعاً يتصدعُ، كما قال تعالى ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ولكِنَّ الرَّانَ قد رانَ على القلوبِ ، فلا قلوبَ تَخشعُ ، ولا عُيونَ تَدمعُ ، خَلتْ القلوبُ من التَّقوى ، فهي خَرابٌ بلقعُ ، وتراكمتْ عليها الذنوبُ ، فهي لا تُبصرُ ولا تسمعُ ،واللهُ عزَّ وجلَّ يقُول (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) كم تُتلى علينا آياتُ القرآنِ ، وقلوبُنا كالحجارةِ أو أشدُّ قسوةً، واللهُ عزَّ وجلَّ يقُولُ ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وكم يتوالى علينا من رمضانٍ ، وحالُنا فيه كحالِ أهلِ الشَّقوةِ،الّذين يقولون (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ) أين نحنُ من قومٍ إذا تُليتْ عليهم آياتُ اللهِ ، وَجِلتْ قلوبُهم وزادتْهم إيمانا، يقُولُ تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)يقولُ عبدالله بن الشّخير " [أتيتُ رسولَ اللهe وَهُوَ يُصَلِّي ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ] أوليسَ لنا فيهم اقتداءٌ وأُسوةٌ ؟ اللهم اجعلنا من الذينَ ، إذا تُليت عليهم آياتُ كتابِكَ وجلِت قُلُوبُهم وزادتهُم إيماناً ، اللهم ألبسنا به الحلل ، وأسكنا به الظلل ، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ، اللهم حبِّب إلينا وإلى أبناءِنا تلاوتِهِ وحفظه والتمسكَ به، واجعلْهُ نُوراً على درب حياتِنا، برحمتك يا أرحم الراحمين، عبادَ الله ، صلوا وسلموا على خيرِ خلقِ اللهِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ،فَإنَّ اللهَ قد أمركُم بذلك ، بقولِه (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً)وقد قال عليه الصلاة والسلام { حيث ما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني}وقالَ بِأبي هُوَ وأُمي{ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ}اللهم صلِّ وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ،أعفوا عنَّا ، ويا وسعَ المغفرةِ ،إغفر لنا ، ويا قريبَ الرّحمةِ ،أرحمنا برحمتكَ الواسعة ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللهم اجعل في قلوبِنا نوراً نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا اللهم حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ ، من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ ، من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تحبُهم ويحبونَك ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ