الشيخ/عبدالله السالم
07-02-2014, 07:28
الحمد لله( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما كان وما يكون. وما تسرون وما تعلنون. واشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون. وسلم تسليما كثيرا إلى يوم يبعثون ، . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أمّا بعد :أيُّها الأحبةُ في الله:فَإنَّ أعظمَ عملٍ بعد التوحيدِ ، هو الصلاةُ . فإنها من خيرِ أعمالِكم ، شأنهُا عظيمٌ ، تكلم فيها الربُ جلَّ وعلا ، وتحدثَ عنها سيدُ ولدِ آدمَ محمدٌ e فبَيَّنَ ما في هذه الصلاةِ ، من الأسرارِ والمعاني الكبارِ ، فالصلاةُ عهدٌ . قال اللهُ تعالى (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا * لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا)والعهدُ هوَ الصلاة فمن حُرِمَ الصلاةَ ، فقد حُرِمَ الشفاعةَ يومَ الحسابِ، يقولُ النبيُ e {العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ فمن تركها فقد كفر} والصلاةُ عبادةٌ ،يَقولُ تبارك وتعالى ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) والصلاةُ إيمانٌ ، وكلُ الأعمالِ بلا إيمانٍ ، لا قيمةَ لها ولا ثمرةَ ، قالَ اللهُ تعالى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) يعني صلاتَكم إلى البيتِ المقدسِ ، قبل أن تحُوَّلَ القبلةُ إلى الكعبةِ ، البيتِ الحرامِ ، ولهذا أيضاً ، بينَ النبيُ e إن تركَ الصلاةِ كفرٌ ، فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ ،{بين الرجلِ وبين الكفرِ والشركِ تركُ الصلاةِ} وتركُها أيضاً نفاقٌ ، كما في قولِهِ e {أثقلُ الصلاةِ على المنافقين ، صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا } والصلاةُ توبةٌ ، قالَ اللهُ تعالى ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) وقالَ في الآيةِ الأخرى (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) والصلاةُ ذكرٌ للهِ تعالى يقولُ تعالى ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) يعني لتذكروني بها والصلاةُ طمأنينةٌ للقلبِ ، وسكينةٌ للنفسِ ، وهناءٌ للروحِ ، قال تعالى ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) والصلاةُ شكرٌ لقولِهِ تعالى (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) بماذا كان عبداً شكوراً ..؟ بكثرةِ الصلاةِ ، ولهذا لما قالت عائشةُ رضي الله عنها ، لرسولِ اللهِ e وقد أطالَ القيامَ حتى تفطرتْ قدماه الشريفتانِ ، أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال يا عائشة{أفلا أكون عبدا شكورا } والصلاةُ عونٌ للعبدِ على ما يُعانيه ويواجِهُهُ من المشاكلِ ، في الدنيا والآخرةِ ، ولهذا قالَ اللهُ تعالى ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) فالذين يواجهونَ مشاكلَ الدُنيا وصُعوباتهِا ، ويتصدّون لجلائلِ الأعمالِ ويواجهون المشاكلَ الصغيرةَ والكبيرةَ ، لا بد أن يستعينوا على ذلك بالصلاةِ ، وإلاَّ عَجِزُوا وانقطعوا ، والصلاةُ مناجاةٌ للهِ تعالى ، ولهذا قالَ النبيُ e {إذا قام العبدُ في الصلاةِ فإنه يناجي ربَهُ } ثُم نهى e أن يبصقَ العبدُ بين يديه ، أو عن يَمينه ولكن من تحتِ قدميه أو عن شمالِهِ ، والذي يُناجي ربَهُ سُبحانه وتعالى ، كيف لهُ أن يُقبلَ على غيرِهِ ، أو ينصرفَ عنه ، أو يجعلَ بصرَهُ يلتفتُ يمنةً ويسرةً ، واللهُ قُبَالةَ وجهِهِ ، والصلاةُ زلفى ، وقُربى إلى الربِ تبارك تعالى ، فإن العبدَ بعيدٌ عن اللهِ ، إن غفلَ عن ذكرِهِ ، فكلما ذكرَ اللهَ تعالى ، وصلى أقتربَ من اللهِ ، ولهذا قال تعالى( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى ) ثُم قالَ في آخرِ السورةِ (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) أي أقتربْ إلى اللهِ تعالى بالسجودِ له ، وفي الصحيحِ أن النبيَّ e قالَ: {أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِهِ ، وهو ساجدٌ ، فأكثروا فيه من الدعاءِ ، فقمنٌ أن يستجابَ لكم } والصلاةُ كَفَّارةٌ ، قال تعالى (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) فالعبدُ منا يحترقُ بالذنوبِ والمعاصي ،يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ { تحترقون تحترقون فإذا صليتم الفجرَ غسلتْها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهرَ غسلتْها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصرَ غسلتْها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغربَ غسلتْها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاءَ غسلتْها ثم تنامون فلا يُكتبُ عليكم حتى تستيقظوا} نعم يحترقُ العبدُ بالمعاصي ، فما بين نظرةٍ حرامٍ ، وبين كلمةٍ ما حسبَ لها حساباً ،وخطوةٍ إلى معصيةٍ ، ويدٍ تمتدُ إلى ما لا يرضي اللهَ ، فإن جاءت الصلاةُ ، كفرَ العبدُ بها عن ذنوبِهِ ، وخطاياه وإلاَّ فإنه يحترقُ ، وقد ذكرَ النبيُe أن العبدَ ، يُغفرُ له ما بين الصلاتين ، ما لم يأتِ كبيرةً ، وذلك الدهرَ كُلَّهُ ، فعن أبي هريرةَ R{انه سمعَ رسولَ اللهِ e يقولُ : ثم أرأيتم ، لو أن نهراً ببابِ أحدِكم ، يغتسلُ كلَ يومٍ خمسَ مراتٍ ماذا تقولون ذلك مبقياً من درنِهِ ؟ قالوا لا يبقى من درنِهِ ، قالَ كذلك مثلُ الصلواتِ الخمسِ يمحو اللهُ بهن الخطايا } والصلاةُ عصمةٌ من الشيطانِ ولهذا قالَ النبيُ e {إن الشيطانَ يأسَ أن يعبدَهُ المصلون في جزيرةِ العربِ } والصلاةُ نورٌ، كما قال النبيُ e {والصلاةُ نورٌ} وهي ناهيةٌ عن الفحشاءِ والمنكرِ قال تعالى (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ الْمُنْكَرِ ) بل هي أفضلُ الأعمالِ كما قالَ e وقد سُئل { أي الأعمالِ أفضلُ فقال الصلاةُ لوقتِها }
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً ، أمّا بعد :فَإنَّ الصلاةَ هيَ شعارُ الإخاءِ والحبِ والمودةِ بين المصلين ، المترددين على المساجدِ ، بل هي وصيةُ اللهِ تعالى لأفضلِ خلقِهِ ، للرسلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ ، قالَ اللهُ تعالى لنبيِهِ e (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) وكان النبيُ e في مرضِ موتِهِ ، الذي قُبِضَ فيه يقولُ { الصلاةَ ، الصلاةَ وما ملكتْ أيمانُكم } فهذا شأنُ الصلاة ، شأنهُا شأنٌ عظيمٌ ، كما سَمعتُم من كلامِ العزيزِ العليمِ ، ومن قولِ المصطفى الكريم e ولكنها في هذا الزمن ، قد خفَّ ميزانُها ، عند كثيرٍ من الناسِ ، فمنهم من لا يصلي أبداً ، ويدعي أنه مسلمٌ ، واللهُ سبحانه وتعالى يقولُ (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) وآخرون من الناسِ ، لا يشهدون الصلاةَ مع الجماعةِ ، وقد قالَ اللهُ فيهم (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) قالَ سعيدُ بنُ المسيبِ ، في هذه الآيةِ ، إنهم يسمعون حيَّ على الصلاةِ حي على الفلاحِ ، فلا يجيبون ، وصنفٌ من هؤلاء البشرِ ، أخرَها عن وقتِها ، وقد قالَ اللهُ فيهم (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) يقولُ ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما ليس معنى أضاعوها في هذه الآيةِ ، تركوها بالكليةِ ، ولكن أخروها عن وقتِها ، وقالَ سعيدُ بنُ المسيبِ ، يعني أنه لا يصلي الظهرَ حتى يدخلَ العصرَ ، ولا يصلي العصرَ إلى المغربِ ، ولا يصلي المغربَ إلى العشاءِ ، ولا يصلي العشاءَ إلى الفجرِ ولا يصلي الفجرَ إلى طلوعِ الشمسِ ، فمن ماتَ وهو مصرٌّ على هذه الحالةِ ، فهو على خطرٍ عظيم ، عبادَ اللهِ صلّوا على المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليمِ فقد قالَ بأبي هو وأمي { إن من أفضَلِ ِأيامِكُم يومَ الجمعةِ فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبِضَ وفيهِ النفخةُ وفيهِ الصعقةُ فأكثروا علي من الصلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علي قالوا وكيفَ تعرضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرمتَ فقالَ إن اللهَ عز وجل حَرّمَ على الأرضِ أن تأكلَ اجسادَ الأنبياءِ}اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعل في قُلوبِنا نُوراً نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تحبُهم ويحبونَك ، وَأَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ، وانْصُرْ عِبَادَكَ المُجاهدينَ المُوَحِدِّينَ ،اللهم سدد رميهم ، ووحِّد صفهم ، وثبِّت أقدامَهُم ، وانصرهم على عدوّك وعدوِّهِم ، اللهم عليك باليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم احفظْ بلادَنا ، وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً ، أمّا بعد :فَإنَّ الصلاةَ هيَ شعارُ الإخاءِ والحبِ والمودةِ بين المصلين ، المترددين على المساجدِ ، بل هي وصيةُ اللهِ تعالى لأفضلِ خلقِهِ ، للرسلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ ، قالَ اللهُ تعالى لنبيِهِ e (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) وكان النبيُ e في مرضِ موتِهِ ، الذي قُبِضَ فيه يقولُ { الصلاةَ ، الصلاةَ وما ملكتْ أيمانُكم } فهذا شأنُ الصلاة ، شأنهُا شأنٌ عظيمٌ ، كما سَمعتُم من كلامِ العزيزِ العليمِ ، ومن قولِ المصطفى الكريم e ولكنها في هذا الزمن ، قد خفَّ ميزانُها ، عند كثيرٍ من الناسِ ، فمنهم من لا يصلي أبداً ، ويدعي أنه مسلمٌ ، واللهُ سبحانه وتعالى يقولُ (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) وآخرون من الناسِ ، لا يشهدون الصلاةَ مع الجماعةِ ، وقد قالَ اللهُ فيهم (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) قالَ سعيدُ بنُ المسيبِ ، في هذه الآيةِ ، إنهم يسمعون حيَّ على الصلاةِ حي على الفلاحِ ، فلا يجيبون ، وصنفٌ من هؤلاء البشرِ ، أخرَها عن وقتِها ، وقد قالَ اللهُ فيهم (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) يقولُ ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما ليس معنى أضاعوها في هذه الآيةِ ، تركوها بالكليةِ ، ولكن أخروها عن وقتِها ، وقالَ سعيدُ بنُ المسيبِ ، يعني أنه لا يصلي الظهرَ حتى يدخلَ العصرَ ، ولا يصلي العصرَ إلى المغربِ ، ولا يصلي المغربَ إلى العشاءِ ، ولا يصلي العشاءَ إلى الفجرِ ولا يصلي الفجرَ إلى طلوعِ الشمسِ ، فمن ماتَ وهو مصرٌّ على هذه الحالةِ ، فهو على خطرٍ عظيم ، عبادَ اللهِ صلّوا على المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليمِ فقد قالَ بأبي هو وأمي { إن من أفضَلِ ِأيامِكُم يومَ الجمعةِ فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبِضَ وفيهِ النفخةُ وفيهِ الصعقةُ فأكثروا علي من الصلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علي قالوا وكيفَ تعرضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرمتَ فقالَ إن اللهَ عز وجل حَرّمَ على الأرضِ أن تأكلَ اجسادَ الأنبياءِ}اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعل في قُلوبِنا نُوراً نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تحبُهم ويحبونَك ، وَأَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ، وانْصُرْ عِبَادَكَ المُجاهدينَ المُوَحِدِّينَ ،اللهم سدد رميهم ، ووحِّد صفهم ، وثبِّت أقدامَهُم ، وانصرهم على عدوّك وعدوِّهِم ، اللهم عليك باليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم احفظْ بلادَنا ، وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)