المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التيسير على المصلين في الجمع بين الصلاتين.من خطب الشيخ الدكتور أحمد الرظيمان بتصرف



الشيخ/عبدالله السالم
15-01-2014, 12:07
الحمدُ للهِ ( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهدُ ألا الهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ يعلمُ ما كانَ وما يكونُ وما تسرونَ وما تعلنونَ. واشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الصادقَ المأمون، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الذين كانوا يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلونَ. وسلم تسليما كثيرا إلى يومِ يبعثونَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) أما بعد : أيُّها الأحبةُ في الله : من المسلماتِ لدى أهلُ الإسلامِ أن اللهَ تعالى حَبَانا وأكرمَنَا ، بدينٍ قَويم ، مُهيمِنٍ على الأديانِ كُلِّها , مُتَصِفٌ بصفةِ السّمَاحةِ والتيسيرِ على العبادِ في العبادَاتِ جُلِّهَا , قال الله تعالى ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) وقال سبحانه ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )وجعل الدخول في الإسلام بمجرد النطق بالشهادتين , وقال النبي e في الصلاة{ صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ } وقصر الصلاة في السفر وجمع ، وأمر بالجمعِ بيين الصلاتينِ لمن احتاجَ إلى ذلك ، وفي الصّوم رخص للمسافر والمريض ، ومن كان في حُكمِهِمَا بالإفطار ، والقضاءِ من أيامٍ أُخر 0 وفي الحج قال سبحانه (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) وفي مجال الدعوة أوصىe من كلفهم بالدعوة والبلاغ ، كما في البخاري من حديثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ e قال { يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا ، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا ، وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا } وهكذا في كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ يَتعَبَّدُ المسلمُ بِهَا لله ربِّ العالمين 0 شِعَارُ هذا الدِّين اليُسر والتَّيسير حتى قال النبي e{ إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ } رواه البخاري من حديث أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه ، ومن الأمور التي غَفَلَ كَثِيرٌ من النَّاسِ عن جانبِ اليُسرِ والتيسيرِ فِيهَا ، بل ينكرونَ على من فعلَ هذهِ السّنةَ المهجُورَه ، : الجمعُ بينَ الصلاتينِ حالَ الْمَطرِ أو البَردِ الشديدِ أو الْحَرَّ الشديد , أو المرض , أو غيرِ ذلك من الأسباب ، التي يُبَاحُ للمسلمِ الجمعُ فِيها . وإنك لترى البعضُ من النَّاسِ ، يَأنَفُ ، ويَجدُ في نفسِهِ شيء، حينما يَجمَعُ إِمَامَ المسجدِ بين الصلاتينِ لِعُذرٍ شَرعي , بل من أَئَمةِ المساجدِ من يَأخذُهُ الحماسُ والعاطفةِ الدينيةِ ، فلا يَجمَعُ بين الصلاتينِ فيَشقُّ على جماعةِ مسجِدِهِ ، بِحُجةٍ دافِعُها الخيرُ والصّلاَح ، ولكِنَّها مُخالِفةٌ لهدي الإسلامِ وسَمَاحَتِهِ , فإذا قيل لأحدِهِم لماذا لا تَجمَع قالَ : نُريد أن نَربَطَ النَّاس بالمساجد , وألاَّ يفوتوا فضل الذهاب إلى المسجد , ونريد أن نَعمُرَ بُيوتِ الله فلا نُعطِّلُها , ورُبَّما قال إنَّ جماعةَ المسجدِ ، قَادِرونَ على الذَّهابِ إلى المسجدِ فلا داعي إذاً للجمع 0 وكلُّ ما يُحتَج به من كان هذا حاله ، من أئمةِ المسَاجِدِ ، نابعٌ عن حبٍ للخير ، ولَكِنَّهُ أيضاً نابعٌ عن جَهلٍ في أحكامِ الصلاةِ والمساجد ، وهدي النبي e في ذلك 0 ولهذا فإنَّ الوصيةَ لجميع أئمةِ المساجدِ ، الرجوعُ إلى الكُتبِ الْمُؤلَفَةِ في كُلِّ ما يَتعَلَّقُ بالصلاةِ والمسَاجِد ، فإنا على يقينٍ أنَّهُ سَيَتبيَنُ لَهُ مِن أُمورِ التَّيسير ، ومسائلِ العَلم ، ما لم يَكُن له على بال 0 وحَسبُنا قَولُ النبي e لمعاذ " { أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ } وَفِي البُخاري من حديثِ أَبِى مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ - e- فَقَالَ إِنِّى لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا قَالَ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - e- قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِى مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَقَالَ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ } والأحاديث في هذا الشأن كثيرة ويا أيها الأحبة في الله : الجمعُ بين الصلاتينِ ثابتٌ مِن فعلِ النبي e وأصحابِهِ رضي الله عنهُم ، ففي صحيح مسلم من ‏حديث ابن عباس رضي الله عنهما ‏ ‏قال : " ‏ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -e- بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِى غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ. وفِى حَدِيثِ وَكِيعٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ كَىْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. وَفِى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ "‏‏ ‏وعن ‏ ‏معاذ رضي الله ‏عنهما ‏قال : " ‏خرجنا مع رسول الله ‏ ‏e‏ ‏في ‏ ‏غزوة ‏ ‏تبوك ‏ ‏فكان ‏ ‏يصلي الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا ‏ " ‏ وفي الأيامِ القليلةِ التي مَضَت – أيها الإخوة – إجتاح البلاد موجةٌ من البرد قاسية ، يَشقُ على المسلمين الذهاب إلى المساجد في كل وقت ، واحتاجوا إلى الجمع بين الصلاتين ، وجمعَ بعضُ الأئمةِ وطلَبةِ العلم ، ليدركوا بها فضل الجماعة , ويحصلوا على تطبيق السنن , ويسعدوا بِرُخص الإسلام ,واشتد الإنكارُ من بعضِ كثيرٍ من النَّاس ، إنكارٌ لم يكُن في مَحِلِّهِ ، فقد قال e{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ }رواه أحمد في المسند ، من حديثِ بن عمر رضي اللهُ عنهُما ، ولذلك فإنه يتوجب على أئمة المساجدِ ، أن يُرَاعُوا أحوال جماعة المسجد ، من صغار السن وكبار السن ، والمحتاجين إلى الجمع ، وقد قال النبي e لعثمان ابن أبي العاص رضي اللهُ عنه ، حينما طلب منه أن يجعله إمام قومه قال له " {اقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ....... }‏ سيما وأن الناس اليوم ، قد كثرت فيهم الأمراض ، التي معها لا يستطيع أحدهم أن يصلي الصلاتين بوضوء واحد ، كالسكري والسلس وغيرها ، وحصول الصوارف والمغريات ، بالانصراف عن المسجد , وتأذي الكثير بالبرد ، حينما يخرج الشخص من الجو الدافئ في البيت ، إلى الباردِ في الشارع ، إلى الدافئ في المسجد ، فيحصل عندهم بعض الأمراض بسبب ذلك ، والإسلام جاء بتحقيق المصالح وجلبها , ودفع المضار وتقليلها ، فاتقوا الله يا أئمة المساجد في جماعةِ مساجدِكُم ، واعملوا على تحقيق كل ما من شأنه تحبيب الناس للعبادات ، ولاتقد موا العواطف على أحكام الإسلام , واعلموا أن النبي e قال { ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه }
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم
الحمد لله حمدا كثير طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى , وأصلي وأسلم على النبي المصطفى , وعلى آله وصحابته ومن لهديهم اقتفى .أيها الإخوة المسلمون : تتعلق في الجمع بين الصلاتين عدة مسائل وأحكام لا بد للمسلم من معرفتها , فمنها : استحضار نية الجمع قبل الشروع في الأولى هو الأولى ولو لم ينوي الجمع إلا بعد الفراغ من الأولى جاز ذلك , ولا يشترط إخبار المأمومين بنية الجمع . ومنها : أن السنن الرواتب يؤتى بها بعد الفراغ من الثانية . ومنها : الأذكار الواردة , يمكن للجامع أن يأتي بعد الفراغ من الجمع بأذكار الصلاة الأولى ثم يأتي بأذكار الصلاة الثاني , وإن اكتفى بأذكار صلاة واحدة فلا حرج عليه .ومنها أي من الأحكام : إذا كان الجمع بين صلاة المغرب والعشاء له أن يصلي الشفع والوتر بعض الانتهاء من الصلاة إذا كان الجمع جمع تقديم ولو لم يدخل وقت العشاء بعد 0ومن الأحكام : انه لا يلزم الموالاة بين الصلاتين المجموعتين فلو تنفل بينهما أو صلى الراتبة ثم جمع فلا حرج في ذلك .ومنها : أنه يشترط الترتيب بين الصلاتين , فلا يصلي العصر مثلا قبل الظهر , أو العشاء قبل المغرب . ومنها : انه يكتفى بأذان واحد وإقامتين . ومنها : أنه لا فرق بين بعيد الدار عن المسجد والقريب منه في الجمع فالكل سواء 0 وهناك أحكام أخرى لا يستغن المسلم عن معرفتها , فالنصيحة للجميع بتقوى الله وتعلم ومعرفة أحكام العبادات , والتزود من الطاعات , واجتناب المعاصي والمنكرات ، عبادَ اللهِ صلّوا على المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليمِ فقد قالَ بأبي هو وأمي { إن من أفضَلِ ِأيامِكُم يومَ الجمعةِ فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبِضَ وفيهِ النفخةُ وفيهِ الصعقةُ فأكثروا علي من الصلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علي قالوا وكيفَ تعرضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرمتَ فقالَ إن اللهَ عز وجل حَرّمَ على الأرضِ أن تأكلَ اجسادَ الأنبياءِ}اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعل في قلوبِنا نوراً نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تحبُهم ويحبونَك ،وَأَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ، وانْصُرْ عِبَادَكَ المُجاهدينَ المُوَحِدِّينَ ،اللهم سدد رميهم ، ووحِّد صفهم ، وثبِّت أقدامَهُم ، وانصرهم على عدوّك وعدوهم ، اللهم عليك باليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم عليك بهم فانهم لا يعجزونَك ، اللهم زلزل الأرض من تحتهم ، وصُبَّ عليهم العذاب من فوقهم ، وقذف الرعب في قلوبهم ، وجعلهم عبرةً للمُعتَبرين ، اللهم شتتْ شملَهم وأوهنْ عزمَهُم ،وأَرِنا بهم عجائبَ قدرتِك ، وفجاءةَ نقمتِك ، وأليمَ عذابِك اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)