المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين يدي العام الهجري الجديد 1435هـ



الشيخ/عبدالله السالم
07-11-2013, 08:34
الحمدُ للهِ جزيلِ العطاءِ ، مُسدي النَّعْمَاءِ ، وكاشفِ الضَّراءِ ومُعطي السَّراءِ ، الحمدُ للهِ أبداً سرمداً ، ولا نشركُ معه أحداً تباركَ فرداً صمداً، لم يتخذْ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكَ له ولا عَضُداً ، أشهدُ أن لا إلهَ لنا غَيرُهْ ، ولا رَبَّ لنا سِواهُ ، ولا نعبدُ إلاَّ إياهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أمّا بعدُ : أيُّها الأحبةُ في الله ، فَقَد أجزلَ اللهُ علينا من نعمِهِ العظيمةِ، وأغدقَ علينا من آلائِهِ الجسيمةِ، يمينُهُ سُبحَانَهُ تعالى ملأىَ ، لا تغيضُها نفقةٌ، سحَّاءَ في الليلِ والنهارِ، يَقْسِمُ الأرزاقَ ، ويُغدِقُ العطايا، ويَرزقُ من يشاءُ بغيرِ حسابٍ ، ياربِ ، أنزَلتَ علينا الغيثَ بفضلِكَ ورَحْمَتِك ، فعمَّيتَ به جميعَ أرضِنا ، وتتابعَ برُّكَ ، واتصلَ خيرُكَ ، وكمُلَ عطاؤكَ ، وعمَّتْ فواضلُكَ ، وتمتْ نوافِلُكَ ، فلكَ الحمدُ والشكرُ ، على نعمك التي لا تُعد ولا تُحصى ، أيها الأحبةُ في الله ، كان الحديثُ إليكم في الجمعةِ الماضيةِ ، عن نهايةِ عامٍ مضى من أعمارِنا ،وها نحنُ في أولِ جمعةٍ من العامِ الجديدِ ،الذي نسألُ اللهَ عز وجلَّ أن يكونَ عامَ خيرٍ وبركةٍ ، وأن يجعلَهُ عامَ عزٍ ونصرٍ للإسلامِ والمسلمينَ ، بعد أن ودعَنا عاماً فيه ما فيهِ ، من الأفراحِ والأحزانِ ، والأمالِ والأشجانِ ،أودعناهُ وودعناهُ ، أودعْنا فيهِ ماشاءَ اللهُ أن نُوَدِعَ ، فخزائنُ بعضِنا ملأى بما هو له ، وخزائنُ بعضِنا ملأى بما هو عليه ، ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) ، وكما قالَ تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) وصدقَ اللهُ العظيمُ ، ومن أصدقُ من اللهِ قيلاً ( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ) يقولُ جلَّ وعلا :( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) وهذا السيرُ الحثيثُ ، يُباعدُ عَنْ الدُّنيا ، ويقربُ إلى الآخرةِ ، يباعدُ من دارِ العملِ ، ويُقَرِّبُ من دارِ الجزاءِ ، قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: [ارتحلتْ الدنيا مدبرةً ، وارتحلتْ الآخرةُ مقبلةً، ولكلٍّ منهما بنونٌ ، فكونوا من أبناءِ الآخرةِ ، ولاتكونوا من أبناءِ الدنيا . فإن اليومَ عملٌ ولا حسابٌ ، وغداً حسابٌ ولا عملٌ ] أخرجَهُ البخاريُّ.فينبغي للعاقلِ ، أن يتدارَكَ أوقاتَهُ ، وأن يحفظَهَا ويستَغِلَّها بما يكونُ لَهُ ، لا بما يكونُ عليه ، يقولُ ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه [ما ندمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غربتْ شمسُهُ ، نقصَ فيه أجلي و لم يزددْ فيه عملي . نعوذُ باللهِ من تناقصِ الأجلِ من غيِر زيادةٍ في صالحِ العملِ ] والعمُرُ قليلٌ ، والأجلُ قريبٌ ، سُألَ نوحٌ ـ عليه السلامُ ـ وقد لبثَ في قومِهِ داعياً ألفَ سنةٍ إلا خمسينَ عاماً ، قيلَ : كيفَ رأيتَ هذه الدنيا ؟ قالَ : كداخلٍ من بابٍ ، وخارجٍ من آخرَ ! أكثرُ من تِسْعِمِائَةٍ وخمسينَ سنةٍ ، وكأنه داخلٌ من بابٍ ، وخارجٌ من آخرَ ! فكيف بنا وأعمَارُنا ما بين الستينَ إلى السبعينَ ! نعم أيها الأحبةُ ،هذا مِقدَارُ أعمارِنا ، فنحن لسنا كنوحٍ ، نعيشُ مئاتِ السنينَ ، الْمُعَمَّرُ فِينَا من يَبلغُ المائةَ . وفي الحديثِ عن النبيِّ e قال : { أعمارُ أمتي ما بينَ الستينَ والسبعينَ وأقلُّهم من يجوزُ ذلك } يَعني الكثرةَ هُم الذين لا يبلغون السبعينَ ، فالذي يتجاوزُ السبعينَ ، من القليلِ ، وحالةٌ نادرةٌ ، فما أقسى قلوبَنا ، والأمرُ واضحٌ وبَيِّنٌ ، وتعلمون أن أكثَرَ الناسِ ، من يوافيهِ الأجلُ بينَ الستينَ والسبعينَ ، ومنهم من يوافيهِ قبلَ ذلك ، والقلةُ ، هم الذين يتجاوزونَ سنَّ السبعينَ ، ثم أيضاً يوافيهم أجلُهُم ، قالَ البخاريُّ رحمه اللهُ ، بابٌ [ من بَلغَ ستينَ سنةً فقد أعذرَ اللهُ إليه في العمرِ ] لقولِه تعالى( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ ) يعني الشيبَ ، ثم ساقَ الحديثَ رحمَه اللهُ {عن أبي هريرةَ رضى الله عنه عن النبي e قال { أعذرَ اللهُ إلى امْرِئٍ أخَّرَ أجلَهُ حتى بلَّغَهُ ستينَ سنةً }إذا فلا بُدَّ من استغلالِ إيَّام العمر القصيرةِ فيما يَسُّرُكَ أن تلقى اللهُ به ، لأن هذا العُمُرَ الذي تُمضي في الدُّنيا ، سوف تُسألُ عنه يومَ القيامةِ ، وتُحاسبُ عليه ، يقولُ جلَّ في عُلاه : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وفي الحديثِ { عن أبي برزةَ الأسلمي قالَ قالَ رسولُ اللهِ e { لاينعقدُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ ، حتى يُسألَ عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ ، وعن علمِهِ فِيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أين اكتسبَهُ ، وفِيمَ أنفقَهُ وعن جسمِهِ فِيمَ أبلاهُ } فيا أيها الأحبةُ في اللهِ : الدنيا كما تعلمونَ ، مزرعةٌ للآخرةِ ، ومتجرٌ لدارِ الْخُلدِ والبقاءِ والقرارِ . فالسعيدُ من تنبَّهَ لها ، وأعطاها قدرَها ، ولم يُفَرِّطْ في لحظاتِها ، فضلاً عن أيامِها ، ولم ينشغلْ في مباحاتِها ، فضلاً عن محرِّمَاتِها .والسعيدُ أيضاً من علتْ همتُهُ ، وازدادتْ في الخيرِ رغبتُهُ ، فأقبلَ على طاعةِ ربِهِ ، واتبعَ سنةَ نبيِهِ e فلم يتركْ سبيلَ خيرٍ إلا وسلكَهُ ، ولم يتركْ عملاً يقربُّهُ من اللهِ ، إلا وَسَعَى إليهِ وعَمِلَ على تحقيقِهِ ، خائفاً من مقامِ ربِّهِ ، ناهياً نفسَهُ عن هواهُ ، مُعرضاً عن دُنياهُ ، مُقبِلاً على آخرتِهِ ، يخافُ يوماً تتقلبُ فيه القلوبُ والأبصارُ. بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد أيها الأحبةُ في الله ، في الحديثِ عن أبي قتادةَ رضي اللهُ عنه ، أن رجلاً سألَ النبيَّ r عن صيامَ عاشُوراءَ فقالَ r{ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ } رواه مسلم.وقد صامَهُ النبيُّ r تعظيمًا لهذا اليومِ ، وهوَ اليومُ العاشِرُ من هذا الشهر المُعَّظم ، شهرُ اللهِ المحرم ، يومٌ مباركٌ معظمٌ منذ القدمِ ، فاليهودُ أتباعُ موسى عليهِ السلامُ ، كانوا يُعَظِّمونَهُ ، ويصومونَهُ ، ويتخذونَهُ عيدًا، وذلك لأنه اليومُ الذي نجّى اللهُ فيهِ موسى عليهِ السلامُ من فرعونَ ، وفي الحديث عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: قَدِمَ النَّبِىُّ r الْمَدِينَةَ ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ { مَا هَذَا } قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَصَامَهُ مُوسَى ، قَالَ r {فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ } فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.أخرجه البخاري. قريشٌ على وثَنيّتِها وعبادتِها الأصنامَ ، كانتْ تصومُ يومَ عاشوراءَ وتعظمُهُ ، تقولُ عائشةُ رضي الله عنها: كانتْ قريشٌ تصومُ عاشوراءَ في الجاهليةِ ، فنحنُ أحقُّ بصيامِ هذا اليومِ من أولئكَ ، فهو يومٌ نجى اللهُ فيهِ موسى ، فنحنُ أحقُّ بموسى منهم ، فنصومُهُ تعظيمًا له ، كما قالَ النبيُّr فصيامُ عاشوراءَ ، وإن لم يُعدَّ واجبًا باتفاقِ جمهورِ العلماءِ ، فهو من المستحباتِ ، التي يَنبغي الحرصُ عليها ،عباد الله صلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ،بقولِهِ سبحانه ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

#@الشمالي@#
08-11-2013, 11:44
نسأل الله ان يجعله شاهدا لنا لاعلينا