المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة عيد الأضحى 1434 هـ عبدالله الواكد



الشيخ/عبدالله الواكد
14-10-2013, 21:11
الحمد لله والله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها المسلمون : اشكروا الله جل وعلا أن بلّغكم هذا اليوم العظيم وهذا الموسم الكريم، الذي رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيدًا للمسلمين حجاجًا ومقيمين، فيه ينتهي الحجيج الى صعيد منى بعد أن وقفوا بعرفة وباتوا بمزدلفة ، قد أمر الله خليله ابراهيم عليه السلام بذبح ولده وفلذة كبده وكان عمر اسماعيل عليه السلام ثلاث عشرة سنة ، الله أكبر كيف كان قلب إبراهيم ، وقلب أم إسماعيل ، على ولدهما الوحيد ، فما ذا قال هذا الصبي عليه السلام : قال يا أبت افعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، ولكن الله سبحانه بفضله ورحمته افتداه بذبح عظيم، فكانت ملة إبراهيمية جارية ، وسنة محمدية سارية ، فعلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورغّب فيها، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أقرنين أملحين ذبحهما بيده وسمّى وكبر.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
أيها المسلمون، العيد فرحة المسلم بنعمة الدين ، فعيد الفطر والأضحى كلاهما بعد ركنين عظيمين ، بعد الصيام وبعد الحج ، وأما الصلاة فهي الركن الركين ، وعمود الدين ، فهي أول عمل افتتحنا به هذه الفرحة وهذا اليوم ، حتى أن الصلاة في العيدين قدمت على الخطبة ، لعظم شأنها ، وليعلم المسلم أن أعظم فرحة له في هذا اليوم هي صلته بربه ، ووشيجته بخالقه ، يوم العيد يلتقي فيه المسلمون على صعيد الحب والإخاء ، يتبادلون الود والصفاء ، فتقوى صلتهم ، فيحمدون الله عز وجل على نعمة الإسلام الذي جمعهم ، وألف بين قلوبهم، وشد بعضهم إلى بعض بعرى العقيدة والإيمان، فأصبح مثلهم في المودة والتراحم كمثل الجسد الواحد والبنيان المرصوص،
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
العيد عيد التواصل بين المسلمين عيد التزاور وتقارب القلوب وارتفاع الوحشة وانطفاء نار الأحقاد والضغائن والحسد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
الإسلام الذي جعل المسلمين في بقاع الأرض يجتمعون لأداء صلاة العيد قادر على أن يجمعهم على الحق، ويؤلف بين قلوبهم على التقوى، فلا شيء يؤلف بين المسلمين سوى الحق؛ لأن الحق واحد، ولا يفرق بين القلوب إلا الأهواء لكثرتها ، فما مزق الدول وما فرق الإخوة والأزواج والأرحام إلا الأهواء
أيها المسلمون :
يستحق التّهنِئَةَ بالعيد الموسِر الذي يزرَع البسمةَ على شِفاه المحتاجين، والشَّفيقُ الذي يعطِف على الأرامِلِ واليتامى والمساكين، والصحيحُ الذي يتفقَّد المرضى والمقعَدين، والحر الطّليق الذي يرعَى السجناءَ والمأسورين
ليس العيدُ لمن عقَّ والدَيه فحُرِم الرّضَا ، وليس العيدُ لمن يحسُد الناسَ على ما رزقهم الله وقضى ، وليس العيدُ لخائنٍ غشّاش كذّاب يسعى بالأذَى ، وليس العيد لمن بالوشاية والنميمةِ سعى ، كيف يسعَد بالعيد من تجمَّلَ بالجديد وقلبُه على أخيهِ أسود حديد ، كيف يفرح بالعيدِ من أضاع أموالَه في الفسوقِ والفجور والإسراف والتبديد ، يمنَع الزكاة ويرجوا البركات ؟! لا يعرِف من العيدِ إلا المآكلَ والمشارب والثوبَ الجديد، ولا يفقَه مِن معاني العيد إلاّ ما اعتاده من العاداتِ والتقاليد
فيا عباد الله، ألينوا الجانب وأطلقوا الوجوه واشرحوا الصدور
صلة الرحم أيها المسلمون يجب على المسلم أن يحاسب نفسه عليها ، فالصلة أمارة على كرم النفس وإشارة على سعة الأفق وشعار لطيب المنبت وحسن الوفاء، معاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيها خاسر، والمنتصر فيها مهزوم ، الدين ينبذ الفرقة والشقاق وخصوصا بين الإخوة والرفاق ، وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها، وتشهد عليه بقطيعة إن كان قطعها. فاجعل هذا العيد منطلقا لوأد القطيعة وطيّ الشقاق والنزاع، كن بشوشا عند اللقاء ولينا في المعاملة وطيبا في القول وطلقا في الوجه،
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


أيها الناس : اتقوا الله واهنَؤوا بعيدكم، والزموا الصلاحَ وأصلحوا، فالعيد يومُ فرَح وسرورٍ ، يومُ عفوٍ وإحسان ، كن ممن عفَا عمّن هفا وأحسَن لمن أسَاء ، الزَموا حدودَ ربِّكم، وصوموا عن المحارِمِ كلَّ دَهركم، تكُن لكم أعيادٌ في الأرض وأعيادٌ في السماء.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون : صلوا في المساجد مع الجماعةِ ، مُروا بالمعروف أمرًا رفيقًا، وانهوا عن المنكر نهيًا رقيقًا، الحِسبة قِوام الدين، وبها نالت الأمّة الخيرية على العالمين، ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) الحسبة هي صمام الأمان في الأمة، فكونوا لها أوفياء، وبأهلها أحفياء، حتى لا تغرقَ سفينة الأمة. احفَظوا أقدارَ العلماء، وصونوا أعراضَ العلماء والدعاة الفُضَلاء، أطيعوا أمرَ من ولاّه الله أمركم ، واحذروا الفتنة أن تقرب داركم ، فإن لها أدعياء ، يصطادون في عكر الماء ، فاحذروهم واتقوا شرهم ،
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
أيها المسلمون : عليكم بالصدق والوفاء والأمانة والحشمة والصيانة وبرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام، تراحموا وتلاحموا و تصافحوا وتسامحوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا. احذَروا الغشّ وقولَ الزور والكذب والخيانةَ، ولا تقرَبوا الزنا، واحذروا الربَا والرشوةَ، واجتنبوا المسكِرات والمخدّرات، فإنها من الكبائرِ ، وسببُ البلايا والجرائر، وإياكم والنميمةَ والغيبةَ والظلم والبهتان والشائعات والتساهلَ في حقوق العباد؛ فإنها مجلبةٌ لغَضَب الجبار والذلّةِ والصغار وحَطِّ الأقدار، بل هي الآثام والأوزار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من كانت عندَه مظلمةٌ لأخيه من مالٍ أو عِرض فليأته فليستَحلِله من قبلِ أن يؤخَذَ منه وليسَ ثَمّ دينارٌ ولا دِرهم، فإن كانَت له حسناتٌ أخِذَ من حسناتِه لصاحِبِه، وإلاّ أخِذ من سيّئات صاحبه فطُرِحت عليه فطرِح في النار)) رواه البخاريّ.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشرَ المؤمنين، إنَّ المسلمين اليومَ تتقاذفُ بهم أمواجُ الفتَن، وتحيطُ بهم أسبابُ التفرُّق والشرور والإحن، يسعى الأعداءُ لتفريق صفهم، ويبذُلون كلَّ جهدٍ للوقيعة بينهم ، فما أحوجَ المسلمين اليومَ للالتزام بالمنهجِ الذي تصفو به القلوبُ، وتسلَم معه الصدورُ ، فاحذَروا دعاةَ السوء والفساد وإن تظاهروا بالإصلاح، فالله يعلم إنهم مفسِدون، احذروا الدعاياتِ المضلِّلة والإعلامَ الجائِر
واعلموا ـ يا أمة الإسلام ـ أن لكم أعداء يكرَهون للأمة أن تعيشَ في أمنٍ واستقرار وراحةِ بال، لا يرضيهم ذلك بل يحبّون أن تكونَ بلادُ الإسلام دائمًا بلادَ فِتَن واضطراباتٍ وانقسامات، لتفريقِ الأمّةِ وضربِ بعضِها ببعض. وما من فوضى في الأمّة إلا ووراءَها أعداءُ الإسلام ، فحَريٌّ بأهل الإسلام في كلِّ مكان الاجتماعُ على السنّة والهدى والتعاونُ على البرّ والتقوى، فلنكن يدًا واحدةً ولنحذَر أسبابَ التدابرُ والتباغض وطرقَ التنازع والتفرُّق؛ حتى يسلمَ للناسِ دينهم، وتسلمَ لهم دنياهم ويعيشوا في ظلِّ أمن وأمان ورغدٍ ورَخاء
أيها المسلمون : اتقوا الله في أبنائكم، رَبّوهم التربيةَ الصالحة، راقبوا سلوكَهم وتصرّفاتهم، فهم أمانةٌ في أعناقِكم، فعلِّموهم الخيرَ ووجِّهوهم إليه ، وحذِّروهم من الشرِّ واصرفوهم عنه .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم




الخطبة الثانية


الحمد لله والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أيها المسلمون : إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو يوم النحر، ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله في هذه الأيام الأضاحي، يقول عز وجل: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ ) وما من عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إراقة دم، فضحوا بعد انصرافكم من مصلاكم واعلموا أن الذبح مشروع حتى مغرب اليوم الرابع من أيام العيد ، فمن كان منكم يحسن الذبح فليذبحها بنفسه، ومن لا يحسن فليوكل غيره ، وليرفق الجميع بالبهيمة، وليرح أحدكم ذبيحته، وليحد شفرته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح البهيمة، ثم ليسمّ أحدكم عند ذبحها ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة ويسمي صاحبها ومن يشركهم من الأحياء والأموات ، والسنة نحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى، والبقر والغنم على جنبها الأيسر متوجهة إلى القبلة، ويستحب أن يأكل منها ويهدي ويتصدق ، لقوله تعالى: فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ ولا يعطي الجزار أجرته منها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد .
يا نساءَ المسلمين، إنّ الله رفعكنَّ وشرّفكنّ، وأعلى قدركنّ ومكانتَكنّ، وحفِظ حقوقكنّ، فاشكُرنَ النعمة، واذكُرن المنَّة، فعليكنّ بالاختِمار والاستِتار ، واحفظن الفروجَ واغضضن الأبصار ، واحذَرن ما يلفِت الأنظارَ ويُغري مرضَى القلوبِ والأشرار، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى.
اللهم إنّا خرجنا في هذا المكان نرجو رحمتَك وثوابَك، فتقبّل مساعيَنا وزكِّها، وارفع درجاتِنا وأعلها. اللهمّ آتنا من الآمالِ منتهاها، ومن الخيرات أقصاها. اللهم تقبّل ضحايانا وصدقاتنا. اللهمّ تقبّل دعاءنا يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.