المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة عيـــــــــد الأضحى 1434هـ



الشيخ/عبدالله السالم
14-10-2013, 11:09
الحمدُ للهِ ، ( فَالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى ) جاعلِ الليلَ سكناً ، خالقِ الخلائقَ ، القائمِ بأرزاقِهِم فما لأحدٍ عنه غنى . أشهدُ ألا إله إلاَّ هوَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، شهادةَ حقٍ مُخلصاً موقناً . وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ ، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلهِ و أصحابِهِ ، ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الفناءِ ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، عبادَ اللهِ ، اشكروا اللهََ جلَّ وعلا ، أن بلّغَكُم هذا اليومَ العظيمَ ، أفضلُ أيامِ العامِ. قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: { أفضلُ الأيامِ عند اللهِ يومُ النحرِ} وهو آخرُ أيامِ العشرِ ، التي أقسمَ اللهُ بها، وهو يومُ الحجِّ الأكبرِ، وهو اليومُ الذي أذَّنَ فيه مؤذنُ رسولِ اللهِ e (أَنَّ ٱللَّهَ بَرِىء مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) ، فيومُكم هذا يومٌ مباركٌ ، رفعَ اللهُ قدرَهُ ، وأعلى ذكرَهُ ، وسَمَّاه يومَ الحجِّ الأكبرِ ، وجعلَهُ عيداً للمسلمينَ ، حُجَّاجاً ومقيمينَ ، فيه ينتظمُ عِقْدُ الحجيجِ على صعيدِ مِنى ، بعد أن وقفوا بعرفةَ وباتوا بمزدلفةْ ، في هذا اليومِ المباركِ ، يَتقربُ المسلمونَ إلى ربِّهم بذبحِ القَرابين والأضاحي ، اتباعاً لسنةِ الخليلينِ ، إبراهيمَ ومحمدٍ عليهما الصلاةُ والسلامُ ، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، وللهِ الحمدُ: أيها الفضلاءُ: (إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ) يقولُ سبحانه: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ) فالإسلامُ دينُ اللهِ ، دينٌ وضُحتْ معالِمُهُ ، وكَرُمَتْ مبادؤُهُ، وثَبتَتْ مصادرُهُ، وحَفِظَهُ اللهُ من كلِّ تَحريفٍ وتبديلٍ ، دينٌ حاربَ الظلمَ والبغيَ ، دينٌ دعا إلى التَّفكرِ في هذا الكونِ العجيبِ ، لمعرفةِ قدرةِ اللهِ وعظمتِهِ ، دينٌ يُحققُ العدلَ والمساواةَ لجميعِ البشرِ.. اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ.. لا إله إلاَّ الله.. واللهُ أكبرُ..اللهُ أكبرُ ، وللَّه الحمدِ ، معاشرَ المسلمينَ ، يقولُ نبيُّنا مُحَمدٍ e {إن لكلِّ دينٍ خُلُقاً، وخُلُقُ الإسلامِ الحياءُ} والحياءُ هو الذي يَمنعُ المسلمَ من كلِّ الرذائلِ ، ويدفعُهُ إلى مكارمِ الأخلاقِ ، التي منها:الصدقُ، قالَ e : {عليكم بالصدقِ، فإن الصدقَ يهدي إلى البرِّ، وإن البرَّ يهدي إلى الجنةِ} والمسلمُ الْمُتَخَلِّقُ بأخلاقِ الإسلامِ ، يَصُونُ لسانَهُ عن الكذبِ، والزورِ والفحشِ، واللعنِ والسبابِ، قالَ e : {سِبابُ المسلمِ فسوقٌ، وقتالُهُ كفرٌ}: فالمسلمُ المتخلِّقُ بأخلاقِ الإسلامِ ، لا يَسبُّ أحداً ، حتى من أشركَ وكفرَ ،لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقول (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ.. لا إله إلاَّ الله.. واللهُ أكبرُ..اللهُ أكبرُ ، وللَّه الحمدِ ، معاشرَ المسلمينَ ، الإسلامُ دينٌ كَرَّمَ الإنسانَ ،يقولُ تعالى ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) فَلا يَحلُّ لأحدٍ أن يَعتديَ على أحد ، لا على دَمِهِ ولاعِرضهِ ومالِه ، ولذلك حَرَّمَ السَّرِقةَ ، والغَصبَ ، والربا ، والغشَّ ، ونقصَ الكيلِ والميزانِ ، والرشوةَ، واعتبرَ يدَ السارقِ ، عَضواً مريضاً ، يَجبُ أن يبترَ ، بل إن الإنسانَ إذا قُتِلَ وهو يدافعُ عن مالِهِ ، ماتَ شهيداً ، قال e : {من قُتِلَ دونَ مالِهِ فهو شهيدٌ} ومن حقِّ الإنسانِ ، أن تُحفَظَ كرامتُهُ فلا يُحتَقَرُ، ولا يُسخرُ منه . قال تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ) ومن حقِّهِ أن لا يُغتابَ، قال تعالى: (وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً) وأن الكلامَ في أعراضِ الناسِ ، لمن أعظمِ المنكرِ ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ.. لا إله إلاَّ الله.. واللهُ أكبرُ..اللهُ أكبرُ ، معاشرَ المسلمينَ :الإسلامُ نظامٌ ،وسلوكٌ ،وحضارةٌ ، ومدنيةٌ ، عَلَّمَنا النِّظامَ في كلِّ شيءٍ ، عَلَّمَنا كيفَ نَمشي في الطّريقِ، قال تعالى: (وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ) أي بالسكينةِ والوقارِ وعلمَنا كيفَ نتكلمُ . قال تعالى: (وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) أي لا ترفعْ صوتَكَ فتؤذي السامعَ ، علمنا كيف نأكلُ. قال e : {سمْ اللهَ وكُلْ بيمينِكَ، وكُلْ مما يليكَ }وأمرَنا بنظافةِ الطرقاتِ . قالَ e {إماطةُ الأذى عن الطريقِ صدقةٌ} وهي من شُعَبِ الإيمانِ. وأمرَنا بالنظافةِ والطيبِ ، والمسلمُ مأمورٌ بالغُسلِ ، في عدةِ حالاتٍ منها الموتُ، قالَ e {الطُهورُ شطرُ الإيمانِ} وما من خَيرٍ وصَلاحٍ إلاَّ والإسلامُ به أمرَ. اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ.. لا إله إلاَّ الله.. واللهُ أكبرُ..اللهُ أكبرُ ،. عبادَ اللهِ، في حجةِ الوداعِ ، وقفَ نبيُّنا عليه الصلاةُ والسلامُ خطيباً في عرفاتٍ ، وفي أيامِ التشريقِ فأعلنَ في الناسِ ، تَحريمَ الدماءِ ، والأموالِ ، والربا، وأمرَ بالإحسانِ إلى النِّساءِ وقالَ: {اتقوا اللهَ في النساءِ} وحَذَّرَ من الاقتتالِ بين المسلمينَ وقالَ: {لا تَرجِعُوا بعدي كُفاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعضٍ} وأعلنَ الأخوَّةَ الإسلاميةَ. وقال: إن كلَّ مسلمٍ أخو المسلمِ، {المسلمونَ إخوةٌ ولا يحلُّ لامرئٍ من مالِ أخيهِ إلا ما أعطاهُ من طيبِ نفسٍ} وبذلك أعلنَ عليه الصلاةُ والسلامُ عن حقوقِ المسلمِ ، وأنه مُحَرّمُ الدمِ والمالِ والعرضِ. وأعلنَ عن حقوقِ النساءِ وأمرَ بأدائِها، وعن حقوقِ الزوجِ على زوجتِهِ. وأعلنَ حرمةَ التبني والانتسابِ لغيرِ الأبِ. وحذرَ من الكذبِ ، وأوصى بالاعتصامِ بالكتابِ والسنةِ وقالَ: {تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعدَهُ إن اعتصمتُم بهِ:كتابَ اللهِ وسنةَ نبيهِ} وبذلك بلَّغَ الرسالةَ ، وأدى الأمانةَ ، وَدلَّ أمتَهُ على كلِّ خيرٍ . جعلني اللهُ وإياكم ممن يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنَهُ ، وهدانا للخيرِ بمنِّهِ وكرمِهِ.

الحمد لله، وفقَ من شاءَ لعبادتِهِ ، وأكرمَ من فازَ ، بدارِ كرامتِهِ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ،في ربوبيتِهِ وألوهيتِهِ، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَنا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وصحَابَتِهِ أما بعد : أيها الأحبَةُ في اللهِ ، فقد شرعَ اللهُ في هذا اليومِ ، الأضحيةَ ، مع الذكرِ وفعلَ الخيراتِ ، فعن عائشةَ رضي اللهُ عنها أن رسولَ اللهِ e قالَ: { ما عَمِلَ ابنُ آدمَ يومَ النحرِ أحبَّ إلى اللهِ من إراقَةِ دمٍ ، وإنها لتأتي يومَ القيامةِ بأضلافِها وقرونِها وأشعارِها، وإنَّ الدَمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ على الأرضِ، وإن للمضحي بكلِّ شعْرةٍ حسنةً وبكلِّ صوفةٍ حسنةً فطيبوا بها نفساً } رواه الترمذيُّ وابنُ ماجةَ ، وعن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما عن النبيِّ e قال: {ما عملَ ابنُ آدمَ في يومِ الأضحى أفضلَ من دمٍ يهراقُ إلا أن يكونَ رَحِمَاً يُوصلُ } رواه الطبرانيُ وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ عن النبيِّ e قال: { يا فاطمةُ، قومي إلى أضحيتِكِ، فاشهديها، فإن لك بكل قطرةٍ من دمِها ما سلفَ من ذنوبِكِ } قالتْ: يا رسولَ اللهِ، ألنا خاصةً أهلَ البيتِ، أو لنا وللمسلمينَ؟ قال: { بل لنا وللمسلمينَ }رواه الطبرانيُّ والبزارُ اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.يا نساءَ المسلمينَ، اتقينَ اللهَ تعالى في واجباتِكُنَّ التي طَوَّقتْ أعناقَكُنَّ، أحسِنَّ إلى أولادِكُنَّ بالتربيةِ الإسلاميةِ النافعةِ، واجتهدنَ في إعدادِ الأولادِ إعداداً سليماً ناجحاً، فإن المرأةَ أشدُّ تأثيراً على أولادِها من الأبِ، وليكنْ الأب معيناً لها على التربيةِ، وأحسِنَّ إلى الأزواجِ بالعشرةِ الطيبةِ، وبحفظِ الزوجِ في عرضِهِ ومالِهِ وبيتِهِ، ورعايةِ حقوقِ أقاربِهِ وضيفِهِ وجيرانِهِ، ففي الحديثِ عن النبيِّ e : { إذا صلَّتِ المرأةُ خمسَها، وصامتْ شهرَها، وحجَّتْ بيتَ ربِّها، وحفظتْ فرجَها، وأطاعتْ زوجَها، قيل لها: ادخلي الجنةَ من أي أبوابِها شئتِ }وعليكِ ـ أيتُها المرأةُ المسلمةُ ـ أن تَشكُري نعمةَ اللهِ عليكِ ، حيثُ حَفِظَ لكِ الإسلامُ حقوقَكِ كاملةً، ولا تنخدعي بالدعاياتِ الوافدةِ ، فإن مكانتَكِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ في هذه البلادِ أحسنُ مكانةً في هذا العصرِ،حيثُ المكانةِ الإسلامية ، واذكرنَ دائماً قولَ اللهِ تعالى: ( يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَاءكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلْـٰدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَـٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ، فقد كان النبيُّ e يُذكِّرُ النساءَ بهذه الآيةِ في العيدِ كما رواهُ البخاريُّ من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما ، ومعنى (بِبُهُتَـٰنٍ يَفْتَرِينَهُ) أي لا يُلحقنَ بأزواجِهن أولاداً من غيرِهم ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ.. لا إله إلاَّ الله و اللهُ أكبرُ .. اللهُ أكبرُ وللَّه الحمدِ ، أيها المسلمونَ، اعلموا أنه ليس السعيدُ من تزينَ وتجملَ للعيدِ، فلبسَ الجديدَ، ولا مَنْ خدمتْهُ الدنيا وأتتْ على ما يريدُ، لكنَّ السعيدَ من فازَ بتقوى اللهِ تعالى، وكُتِبَ له النجاةُ من نارٍ حرُّها شديدٌ، وقعرُها بعيدٌ، وطعامُ أهلِها الزقومُ والضريعُ، وشرابُهم الحميمُ والصديدُ، وفازَ بجنةِ الخلدِ التي لا يَنقُصُ نعيمُها ولا يَبيدُ ،(فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ) أين الأممُ الخاليةُ؟ وأين القرونُ الماضيةُ؟ أين مِنْهُمْ الغنيُّ والفقيرُ؟ أتى عليهم الموتُ فنقلَهم من القصورِ إلى ضيقِ القبورِ، ومن أُنسِ الأهلِ والأصحابِ إلى اللحدِ والترابِ، فلا تركنوا إلى هذه الدنيا ، التي لا يُؤمَنُ شرُّها، ولا تفي بعهدِها، ولا يدومُ سرورُها، ولا تُحصى آفاتُها، ما مَثَلُها إلا كمائدةِ أحدِكم، تُعجِبُ صاحبُها ثم تصيرُ إلى فناءٍ، دارٌ يبلى جديدُها، ويهرمُ شبابُها، وتتقلبُ أحوالُها، فاتَخِذُوها مزرعةً للآخرةِ، فنِعمَ العملُ فيها ، اللهم صلِّ وسلمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ، وارضَ اللهم عن صحابتِهِ، الذين عملوا بسنتِهِ واهتدوا بهديه. اللهم أصلحْ ولاةَ المسلمينَ، وأعزَّ من أعزَّ الدينَ. ونصر عبادك المجاهدين في سبيلك ، فوق كل أرض وتحت كل سماء ، اللهم سدد رميهم ، ووحد صفهم ، ونصرهم على عدوّك وعدوهم ،تقبلَ اللهُ منا ومنكم وغفرَ اللهُ لنا ولكم ، وكلَّ عامٍ وأنتم بخيرٍ ، وعيدٌ سعيدْ،