المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنابة في الحج



الشيخ/عبدالله السالم
26-09-2013, 09:10
الحمدُ للهِ ( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهدُ ألا الهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ يعلمُ ما كانَ وما يكونُ وما تسرونَ وما تعلنونَ. واشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الصادقَ المأمون، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الذين كانوا يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلونَ. وسلم تسليما كثيرا إلى يومِ يبعثونَ:: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً):أمّا بعدُ : فإنَّ الحجَ من أفضلِ العباداتِ التي شرعَها اللهُ عز وجل ، وهو الركنُ الخامسُ من أركانِ الإسلامِ ، فرضَهُ اللهُ عز وجل على عبادِهِ ، ولكنه سبحانه وتعالى جعلَهُ مقرُونا بالإستطاعةِ ، قال تعالى ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(آل عمران: من الآية97) ، وصحَ عن النبي r أنه قالَ : { الحجُ المبرورُ ليسَ له جزاءٌ إلا الجنةَ } وقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ { من حجَ فلم يَرفُثْ ولم يَفسُقْ ، رَجَعَ كيومِ ولدتْهُ أمُّهُ } فالحجُّ عبادةٌ بدنيةٌ ، يُطلبُ من العبدِ فعلُها بنفسِهِ ، إن استطاعَ إلى ذلكَ سبيلاً ، ليَعودَ نَقياً من الذَّنوبِ ، خاليا من الآثامِ ، وإن لم يستطعْ ، فقد جاءتْ السنةُ بجوازِ الإستنابةِ فِيه ، وذلك في الفريضةِ ، وفي حالِ اليأسِ من فعلْها ، وذلك لما وردَ في البخاريِّ ، من حَديثِ بنِ عباسٍ رضي الله عنهما { أَنْ امرأةً قالت يا رسولَ اللهِ ، إِنَّ فَريضةَ اللهِ على عبادِهِ الحجَّ ، أدركتْ أَبي شَيخاً كَبيراً ، لا يَثْبُتْ على الراحلةِ ، أفأحجُ عنه ؟ قالَ نعمْ } وذلك في حَجةِ الوداعِ ، وفي حديثٍ آخرَ {أنَّ امرأةً قالتْ يارسولَ اللهِ ، إن أُمي نذرتْ أن تحجَّ ، ولم تحجْ حتى ماتتْ ، أفأحجُ عنها ؟ قال نعم ، اقضوا حقَّ اللهِ ، فاللهُ أحقُّ بالوفاءِ } ذلكم يا عبادَ اللهِ ، أنه لا فرقَ في الشريعةِ ، بينَ ما كان أصلاً فيها ، وما أوجبَهُ الإنسانُ على نفسِهِ ، بنذرٍ أو نحوه ، وهذانِ الحديثانِ يدورانِ حولَ حَجةِ الفريضةِ في الأصلِ ، وحَجُّ النّذرِ هو ما أوجبَهُ العبدُ على نفسِهِ بنذرِهِ ، وهنا لا بأسَ بالإنابةِ في الحجِ ، وأما حجُ التطوعِ ، وهو الزائدُ عن الفريضةِ ، فجديرٌ بمن كان قادراً على الحجِ بنفسِهِ ، أن يحجَّ هوَ، لأنَّ شَرطَ الإستطاعةِ مُتَحققٌ عنده ، فلا يَحرمُ نفسَهُ من أجرِ تعبِ العبادةِ ، واستشعارِ الطاعةِ ، والذكرِ والدعاءِ ، والمنافعِ التي لا تُعَدُ ولا تُحصى ، ويكفيهِ من ذلك ، إذا لم يرفُثْ ولم يفسُقْ ، أن يرجعَ كيومِ ولدتْهُ أمُهُ ، وهذا لا يمكنُ إدراكُهُ بالتوكيلِ ، إنَّما بالنفسِ ، وقد منعَ الإمامُ أحمدُ رحمه اللهُ ، في إحدى الروايتينِ عنه ، من توكيلِ القادرِ شخصاً آخرَ ، يَحُجُ عنه تطوعاً ، ولا يَصلُحُ التَّساهلُ في ذلك ، فإمَّا أنْ يَحجَ تطوعا بنفسِهِ ، أو يبذلَ المالَ الذي يُريدُ الحجَّ به ، لمن لم يَحجَّ ، فيكونُ قد أعانَ من لم يحجَّ ، ووفرَ له شرطَ الإستطاعةِ ، ويكونُ له مثلُ مالَهُ من الأجرِ والثَّوابِ ، دونَ أن يَنقُصَ ذلك من أجرِهِ شِيئاً ، ولقد رأيتُ الناسَ أيها الأحبةُ ، تفاوتوا في هذه المسألةِ تفاوتاً عَجِيباً ، واختلفوا اختلافا غريبا ،فتجدُ مِنهُم ، مَنْ هُوَ كثيرُ المالِ صحيحُ البدنِ ، ومَضى به الكِبرُ ، حتى بلغَ من الكِبَرِ عِتيا ، ومع ذلك لم يَحُجَّ حِجةُ الفريضةِ ، أليستْ هذه مشكلةٌ ، ومصيبةٌ ومُعضلةٌ ، ولقد قالَ النبيُ r {تَعَجَّلُوا الحجَ ، فإن أحدَكم لا يدري ما يعرضُ له} وعن عبدِ الرحمنِ بنِ سابطةَ يرفَعُه { من مات ولم يحجْ حِجةَ الإسلامِ لم يمنعهُ مرضٌ حابِسٌ أوسُلطانٌ جائرٌ أو حاجةٌ ظاهرةٌ فليمُتْ على أيَّ حالٍ يهودياً أو نصرانياً} إِنَّ مَن كانتْ هذه حالُهُ ، فهو على خطرٍٍ عظيمٍ ، إن لم يتداركْ نفسَهُ ، فرجائي إليهِ ، أن ينويَ الحجَ من هذا المكانِ ، فالنيةُ هي الإنطلاقةُ ، وبعدَها يُيَسرُ اللهُ سبحانَهُ كلَّ أمرٍ عسير، أيها الأحبةُ المسلمونَ : الحجُ عبادةٌ ، وركنٌ من أركانِ الإسلامِ ، فلا يُصرفُ إلى أمرٍ دُنيوي ، ولا تَكَّسُّبٍ مَادي ، لأنَّ هُناكَ من يأخذونَ الْحِجَجَ ، ويَبحَثُونَ عَمَّن يُنيبُهم ، وذلك كلُّهُ من أجلِ المالِ فقط ، حتى صارتْ العبادةُ حِرفةً وصَنعةً ، وقد حَفِظَ الإمامُ مالكٌ رحمه الله ، عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ ، أنه قالَ : لا يُشترطُ على النسكِ من جهةِ المالِ ، وقالَ شيخُ الإسلامِ بنُ تيميةَ رحمه الله ، من حجَ ليأخذَ المالَ ، فليسَ له في الآخرةِ من خلاقٍ إهـ ، لكنَّ الإنسانُ إذا أخذَ الْحَجةَ ، ومَقصُودُهُ نَفعُ أَخيهِ ، وذلك بالحجِ عنه ، ولِيَحصُلَ لَهُ الدعاءُ والذكرُ ، والمنافعُ الأخرى ، في موسمِ الحجِ ، وكانت نيتُهُ سليمةً ، فلا بأسَ في ذلكَ ، والمالُ الَّذي يدفعُهُ المستنيبُ ، [صاحبُ الْحَجةِ ] يَكونُ كلُّهُ للوكيلِ ، إلاَّ أَنْ يَشتَرطَ عليهِ صَاحبُ الْحَجةِ ، أَن يَرُدَّ لهُ ما بقي من المالِ ، وتكونُ العُمرةُ والحجُ لصاحبِ الْحَجةِ ، لِثبُوتِ ذلك في أَعرافِ النَّاسِ ، إلاَّ أن يَشتَرطَ الوكيلُ أن تكونَ العمرةُ له ، ويقبلُ الْمُوَّكِلُ ذلك ، ولا يَجُوزُ للوكيلِ أن يُنيبَ غَيرَهُ ، إلا بِرضَى صَاحبِ الْحَجةِ ، وَمَا زَادَ عن الْحَجةِ الْمُتفقِ عليها ، مِن دُعَاءٍ وطوافٍ وصلاةٍٍ ، وتطوعٍ خارجَ النَّسُكِ ، فهو للوكيلِ ، وعلى الوكيلِ أن يقولَ عند الإهلالِ بالنسكِ عندَ الإحرامِ ، لبيكَ عمرةً متمتعاً بها إلى الحجِ عن فلانَ بنِ فلانٍ ، لمن كانتْ له الْحَجةُ ، وعِندَ الْحَجِ ، يقول لبيكَ حَجاً عن فلانَ بنِ فلانٍ ، وإن نسيَ اسمَهُ نوى ذلك بقلبِهِ ، ويَنبَغي للوكيلِ أن يَتقيَ اللهَ ، وأن يَجتَهدَ في إكمالِ النُّسكِ الْمُوكَلةِ إليهِ ، وأن يَتَحرَّى الإخلاصَ في أداءِ تلك الأمانةِ ،(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(البقرة: من الآية196) وفقني اللهُ وإياكم لما يحبُ ويرضى ،
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .







الحمدُ للهِ العزيزِ الغفارِ ، مقلبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، والقلوبِ والأبصارِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لاشريك له ، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ المصطفى المختارُ صلى الله عليه وعلى آلِهِ الطيبين الأطهارِ وعلى جميعِ أصحابِهِ البررةِ الأخيارِ ومن سارَ على نهجِهم واهتدى بهديهم إلى يومِ الحشرِ والقرارِ:إخوةَ الإسلامِ ، لقد اشتهرَ عند كثيرٍ من الناسِ ، وخصوصا في مجتمعاتِنا ، أن يكونَ من حقِّ الوالدةِ ، أو الوالدِ على أولادِهِ إذا ماتَ ، أن يحجوا عنه ، وهُو قَد أدَّى الفريضةَ ، وربما حجَ تطوعا أكثرَ من مرةٍ ، وهذا العملُ ليسَ عليهِ دليلٌ ، إنما هو إجتهادٌ في غيرِ محلِهِ ، ولو دُفعتْ هذه الأموالُ لمن لم يحجَّ ليحجَ وينوي بذلكَ الأجرَ لوالدِهِ أو والدتِهِ ، لأدركَ فضائلَ شتى ، وأجورا كثيرةً ، ولو دفعَ ذلك المالَ لأولي القربى الضعفةِ ، واليتامى والمساكيِنِ ، ونوى أجرَ ذلك لوالديهِ ، لكان في ذلك خيراً كثيراً ، وبِراً عظيماً ، فسبحان الله ، لكأن سُبلَ الخيرِ وأبوابِهِ ، أوصدتْ إلا مِن خلالِ هذا البابِ ، فما أكثرَ الفقراءَ والمساكين ، التي تُوَسعُ عليهم قِيمةُ هذه الحجةِ ، كُلَّ شهرِ ذا الحِجَّةِ ، بأضحيتِهِ ، وملابسِ العيدِ ، ومستلزماتِ فرحتِهِ ودواعي الكفافِ بقدومِهِ ، فنسألُ اللهَ ، أن يوفقَ المسلمينَ لما يحبُّهُ ويرضاهُ ، عباد الله صلَّوا على المعصوم عليه الصلاة والسلام ، فإنَّ اللهَ أمرَكم بذلك ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتُم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ