محمدالمهوس
19-09-2013, 23:06
الخطبة الأولى
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا))
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد عباد الله : خلقٌ ذميم ووصف مشين ، يورث قطيعةَ الرّحِمِ وانفصامَ عُرى المحبة ، خلقٌ ينافي الإيمانَ ويُغضِبُ الرّحمنَ ، من أعظمِ المُوبقات ، ومن أسبابِ هلاكِ الخلق ؛ إنه الشحُّ ياعباد الله ، قال تعالى (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) وقال صلى الله عليه وسلم ((اتَّقُوا الظُّلْمَ ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ )) رواه مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه .
وروى أبو داود في سننه ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ:(( إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا ))
والحديث صححه الألباني رحمه الله
فالشحُّ - عباد الله - هو بخلٌ مع حرصٍ ومنعٍ ، وهو الذي تمكّن من نفوس كثيرٍ من المسلمين اليوم ، فصار أكثرُ الناسِ يعيش فقيراً وهو من أغنى الناس بسببه ، فالشّحيحُ يَبْخَلُ حتى على نفسه ، تجده يملك الأموالَ الطائلة ، وعنده الأرصدة الْمُكدّسة ، ولكنه وبسبب هذا الداءِ الخطير ، يعيشُ عيشة الفقراء ، يدُه مغلولةٌ إلى عنقه ، يأمره شحُّه بالبخل فيبخل ، ويأمره بقطيعة الرحم فيقطع ، ويأمره بالفجور فيفجر والعياذ بالله .
فالشح صفة ذميمة ، وخلق من السوء بمكان ، حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبر بأنه سبب هلاك من اتصف به ،قال صلى الله عليه وسلم ((ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ , وَهَوًى مُتَّبَعٌ , وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ )) صححه الألباني رحمه الله .
والشح ـ أيها الأخوة ـ مع كونه وسيلة وسبب ، من وسائل وأسباب الهلاك ، فهو خلق مناف للإيمان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن ((لايجتمعُ الإيمانُ والشحُّ في قلبٍ عبدٍ أبداً)) إنما الشح صفة من صفات المنافقين ، الذين لم يؤثر الإيمان في قلوبهم ، ولم يزكي القرآنُ نفوسَهم ، ولم تتربى على السنة عقولُهم ، فلضعف يقينهم بما وعدهم الله تعالى، وعدم تصديقهم بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، هم كما قال تبارك وتعالى: (( وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا))
فلنتق الله عباد الله ، ولنحذر هذا الخلق السيئ ، الذي يكفي في سوئه ، ووجوب الحذر منه ، أنه من السبع المهلكات ، ففي الحديث الذي رواه النسائي في سننه ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ))قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هِيَ ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالشُّحُّ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)) حديث صححه الألباني رحمه الله .
اللهم آتي نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحْسانهِ، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد عباد الله / روى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قد عَلِمَت الأنصارُ أني من أكثرها مالاً، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فأطلقها، حتى إذا حلت تزوجتها، فقال عبد الرحمن بارك الله لك في أهلك، دلني على السوق)) فتأمل هذا السخاء النادر، والإيثار العظيم!
والله لو كان الموقف يحكي تنازله عن جزء يسير من ماله لكان شهامةً ونُبلاً، فكيف وهو يتنازل عن شطر ماله! بل ويعرض عليه فراق إحدى زوجتيه!! أي نفوس هذه؟!
أين المطلعون على أخبار الأمم؛ ليأتونا بأمثال هؤلاء الرجال ،وقيس ابن سعد بن عبادة رضي الله عنهما، وقد كان من الأجواد المعروفين، حتى إنه مرض مرةً فاستبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم؟ فقالوا: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين! فقال: أخزى الله مالاً يمنع الإخوانَ من الزيارة، ثم أمر منادياً ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حِلٍّ، فما أمسى حتى كُسرت عتبةُ بابه لكثرة من عاده!
أسأل الله عز وجل أن يجنبكم وإيانا وجميعَ المسلمين هذا الخلق السيء وأن يرزقنا البذل والعطاء إنه ولي ذلك والقادر عليه .
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمركم اللهُ بالصّلاة والسّلام عليه ، فقال تعالى ((إنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصلُّونَ عَلى النّبي يَا أيّها الّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا))
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد عباد الله : خلقٌ ذميم ووصف مشين ، يورث قطيعةَ الرّحِمِ وانفصامَ عُرى المحبة ، خلقٌ ينافي الإيمانَ ويُغضِبُ الرّحمنَ ، من أعظمِ المُوبقات ، ومن أسبابِ هلاكِ الخلق ؛ إنه الشحُّ ياعباد الله ، قال تعالى (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) وقال صلى الله عليه وسلم ((اتَّقُوا الظُّلْمَ ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ )) رواه مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه .
وروى أبو داود في سننه ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ:(( إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا ))
والحديث صححه الألباني رحمه الله
فالشحُّ - عباد الله - هو بخلٌ مع حرصٍ ومنعٍ ، وهو الذي تمكّن من نفوس كثيرٍ من المسلمين اليوم ، فصار أكثرُ الناسِ يعيش فقيراً وهو من أغنى الناس بسببه ، فالشّحيحُ يَبْخَلُ حتى على نفسه ، تجده يملك الأموالَ الطائلة ، وعنده الأرصدة الْمُكدّسة ، ولكنه وبسبب هذا الداءِ الخطير ، يعيشُ عيشة الفقراء ، يدُه مغلولةٌ إلى عنقه ، يأمره شحُّه بالبخل فيبخل ، ويأمره بقطيعة الرحم فيقطع ، ويأمره بالفجور فيفجر والعياذ بالله .
فالشح صفة ذميمة ، وخلق من السوء بمكان ، حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبر بأنه سبب هلاك من اتصف به ،قال صلى الله عليه وسلم ((ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ , وَهَوًى مُتَّبَعٌ , وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ )) صححه الألباني رحمه الله .
والشح ـ أيها الأخوة ـ مع كونه وسيلة وسبب ، من وسائل وأسباب الهلاك ، فهو خلق مناف للإيمان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن ((لايجتمعُ الإيمانُ والشحُّ في قلبٍ عبدٍ أبداً)) إنما الشح صفة من صفات المنافقين ، الذين لم يؤثر الإيمان في قلوبهم ، ولم يزكي القرآنُ نفوسَهم ، ولم تتربى على السنة عقولُهم ، فلضعف يقينهم بما وعدهم الله تعالى، وعدم تصديقهم بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، هم كما قال تبارك وتعالى: (( وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا))
فلنتق الله عباد الله ، ولنحذر هذا الخلق السيئ ، الذي يكفي في سوئه ، ووجوب الحذر منه ، أنه من السبع المهلكات ، ففي الحديث الذي رواه النسائي في سننه ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ))قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هِيَ ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالشُّحُّ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)) حديث صححه الألباني رحمه الله .
اللهم آتي نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحْسانهِ، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد عباد الله / روى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قد عَلِمَت الأنصارُ أني من أكثرها مالاً، سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فأطلقها، حتى إذا حلت تزوجتها، فقال عبد الرحمن بارك الله لك في أهلك، دلني على السوق)) فتأمل هذا السخاء النادر، والإيثار العظيم!
والله لو كان الموقف يحكي تنازله عن جزء يسير من ماله لكان شهامةً ونُبلاً، فكيف وهو يتنازل عن شطر ماله! بل ويعرض عليه فراق إحدى زوجتيه!! أي نفوس هذه؟!
أين المطلعون على أخبار الأمم؛ ليأتونا بأمثال هؤلاء الرجال ،وقيس ابن سعد بن عبادة رضي الله عنهما، وقد كان من الأجواد المعروفين، حتى إنه مرض مرةً فاستبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم؟ فقالوا: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين! فقال: أخزى الله مالاً يمنع الإخوانَ من الزيارة، ثم أمر منادياً ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حِلٍّ، فما أمسى حتى كُسرت عتبةُ بابه لكثرة من عاده!
أسأل الله عز وجل أن يجنبكم وإيانا وجميعَ المسلمين هذا الخلق السيء وأن يرزقنا البذل والعطاء إنه ولي ذلك والقادر عليه .
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمركم اللهُ بالصّلاة والسّلام عليه ، فقال تعالى ((إنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصلُّونَ عَلى النّبي يَا أيّها الّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))