منصور الغايب
30-07-2013, 18:07
يمّه خبزِتَك !
كنت صغيراً إلى حدّ لا يمكنني معه فهم مفردة عمتي - رحمها الله - والتي كانت ترددها على مسامع ابنها كلّما أبدى تذمّراً من وظيفته المرهقة والمتعبة والتي لا تختلف كثيراً عن وظائف أقرانه من البدون حيث أنها تبدأ من السابعة والنصف صباحاً وحتى الثانية عشرة والنصف ظهراً ثم من الرابعة عصراً وحتى الثامنة والنصف مساءً على فترتين تفصلهما راحة تمكّنك من الإحساس بآدميتك قليلاً ، لكن هذا الإحساس قد ينعدم رويداً رويداً عند التفكير بقيمة الوقود الذي ستصرفه للعودة إلى بيتك من أجل أقل من ثلاث ساعات من الراحة ، ليضيع العمر بأكمله في روحة وجيئة وجهاد لا ينقطع من أجل "خبزة" .
ابن عمتي في ذلك الوقت كان يبادل حرص عمّتي - رحمها الله - بعبارة "والله يايمّه كرهتيني بالخبز" ! ، ثم يتلوها بضحكة تضحك على أثرها عمتي - رحمها الله - متيقّنة من وصول المقصود لابنها ثم تسكت - رحمها الله - لتقتنص فرصة أخرى جديدة تردد معها ذات العبارة "يمّه خبزتك" فلله درك ياعمتي ما أحرصك ، ورحمك الله يامن سيمرّ عليّ عيد الفطر الأول الذي لا أراك فيه ولا أقبل رأسك فيه ولكن حتماً سيمر بمخيلتي مع أول أيام العيد صورة فراشك وجهاز الأوكسجين الذي لم يكن يفارقك .
كبرت والتحقت بوظيفة لا تختلف كثيراً عن وظيفة ابن عمتي ولا عن أقراننا البدون مع امتيازات بسيطة أحمد الله عزّ وجلّ عليها ليل نهار وأذكّر نفسي مع كل لحظة تذمّر وعدم رضا من قبلي بأن هناك آلاف من البدون تساهم البطالة مع بقية الأسباب التي لا تخفاكم في قتلهم رويداً رويداً ، وقد أكون ضمن من أنجاهم الله من ذلك بسبب هذه الوظيفة التي هي بالتأكيد لاتعجبني ولكنها تسعدني !
كبرت وبدأت أعي تماماً ما كانت تعنيه عمتي - رحمها الله - وهي تقول لابنها "يمّه خبزتك" ، وبدأت أسمعها أو أشعر بها من والديّ ولكن بأشكال مختلفة وبصور متعدّدة كإيقاظك بصورة مرعبة عندما تتأخر على موعد عملك ، أو سؤالك نفس السؤال مرات عدّ عندما لا تذهب إلى العمل "هل أنت مستأذن اليوم؟!" أو إلقاء المحاضرات الطويلة في ضرورة أن تحافظ على هذه الوظيفة وغيرها من الطرق التي وإن اختلفت فإنها تؤدي إلى "روما" عمّتي وهي "يمّه خبزتك" .
وظيفة الشاب أو الفتاة البدون هي خبزته التي يجب أن يحافظ عليها ويتمسك بها ويعضّ عليها بناجذيه وأن يحمد الله عزّ وجلّ ليل نهار على هذه النعمة / الخبزة والتي بزوالها ربّما سيجد نفسه مضطرّا للتسول المعنوي أو الحسّي تحت شعار "لله يا محسنين" ، فحافظوا على خبزتكم رحمكم الله .
كنت صغيراً إلى حدّ لا يمكنني معه فهم مفردة عمتي - رحمها الله - والتي كانت ترددها على مسامع ابنها كلّما أبدى تذمّراً من وظيفته المرهقة والمتعبة والتي لا تختلف كثيراً عن وظائف أقرانه من البدون حيث أنها تبدأ من السابعة والنصف صباحاً وحتى الثانية عشرة والنصف ظهراً ثم من الرابعة عصراً وحتى الثامنة والنصف مساءً على فترتين تفصلهما راحة تمكّنك من الإحساس بآدميتك قليلاً ، لكن هذا الإحساس قد ينعدم رويداً رويداً عند التفكير بقيمة الوقود الذي ستصرفه للعودة إلى بيتك من أجل أقل من ثلاث ساعات من الراحة ، ليضيع العمر بأكمله في روحة وجيئة وجهاد لا ينقطع من أجل "خبزة" .
ابن عمتي في ذلك الوقت كان يبادل حرص عمّتي - رحمها الله - بعبارة "والله يايمّه كرهتيني بالخبز" ! ، ثم يتلوها بضحكة تضحك على أثرها عمتي - رحمها الله - متيقّنة من وصول المقصود لابنها ثم تسكت - رحمها الله - لتقتنص فرصة أخرى جديدة تردد معها ذات العبارة "يمّه خبزتك" فلله درك ياعمتي ما أحرصك ، ورحمك الله يامن سيمرّ عليّ عيد الفطر الأول الذي لا أراك فيه ولا أقبل رأسك فيه ولكن حتماً سيمر بمخيلتي مع أول أيام العيد صورة فراشك وجهاز الأوكسجين الذي لم يكن يفارقك .
كبرت والتحقت بوظيفة لا تختلف كثيراً عن وظيفة ابن عمتي ولا عن أقراننا البدون مع امتيازات بسيطة أحمد الله عزّ وجلّ عليها ليل نهار وأذكّر نفسي مع كل لحظة تذمّر وعدم رضا من قبلي بأن هناك آلاف من البدون تساهم البطالة مع بقية الأسباب التي لا تخفاكم في قتلهم رويداً رويداً ، وقد أكون ضمن من أنجاهم الله من ذلك بسبب هذه الوظيفة التي هي بالتأكيد لاتعجبني ولكنها تسعدني !
كبرت وبدأت أعي تماماً ما كانت تعنيه عمتي - رحمها الله - وهي تقول لابنها "يمّه خبزتك" ، وبدأت أسمعها أو أشعر بها من والديّ ولكن بأشكال مختلفة وبصور متعدّدة كإيقاظك بصورة مرعبة عندما تتأخر على موعد عملك ، أو سؤالك نفس السؤال مرات عدّ عندما لا تذهب إلى العمل "هل أنت مستأذن اليوم؟!" أو إلقاء المحاضرات الطويلة في ضرورة أن تحافظ على هذه الوظيفة وغيرها من الطرق التي وإن اختلفت فإنها تؤدي إلى "روما" عمّتي وهي "يمّه خبزتك" .
وظيفة الشاب أو الفتاة البدون هي خبزته التي يجب أن يحافظ عليها ويتمسك بها ويعضّ عليها بناجذيه وأن يحمد الله عزّ وجلّ ليل نهار على هذه النعمة / الخبزة والتي بزوالها ربّما سيجد نفسه مضطرّا للتسول المعنوي أو الحسّي تحت شعار "لله يا محسنين" ، فحافظوا على خبزتكم رحمكم الله .