المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرينة كانت آآآآآآآمنة



الشيخ/عبدالله السالم
18-04-2013, 12:03
الحمدُ للهِ المتوحدِ بالعظمةِ و الجلالِ ، الْمُتَصِفِ بصِفَاتِ الكمالِ ، إلهٌ ، تتابعَ برُّهُ و اتصلَ خيرُهُ وكمُلَ عطاؤهُ وعمَّتْ فوا ضلُهُ و تمتْ نوافِلُهُ وبرَّ قسمُهُ و صدقَ وعدُهُ و حقَّ على أعدائِهِ وعيدُهُ ، أشهدُ ألا إلهَ لنا غيرُهُ ولا ربَّ لنا سواهُ ولا نعبدُ إلاَّ إياه ، وأشهدُ أن نبيَنا محمداً عبدُهُ و رسولُهُ ، أنقذَ من الضلالِ ، وهدى إلى أشرفِ الخصالِ ، صلى اللهُ و سلم و بارك عليه وعلى آله و صحبِهِ ، خيرُ صحبٍ و آلٍ والتابعينَ ، و من تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ المآلِ :: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) : أما بعد : أيها الأحبةُ في الله ، يقولُ المولى جلَّ وعلا ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ *وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) في هاتين الآيتين الكريمتين يذكرُ تعالى للعظةِ والعبرة ،قَريةٍ من القُرى كانت تَنعمُ بأمنٍ واستقرار وطمأنينةٍ ورغدٍ من العيش، يأتيها رزقُها من كل مكان ، لا يعرفُ أهلُها الجوعَ والخوف، ولا الفاقةَ والحرمان،لكنَّهُم تجرؤوا على انتهاكِ محارمِ الله وتجاوزِ حدودهِ سبحانه، مُغترينَ بإمهالِ اللهِ لهم وصبرِه على انحرافهِم وظلمهِم وبغيهِم ، فبدلاً من أنْ يشكروا ربهم ويعترفوا بإحسانِه إليهِم وتفضلِه عليهِم ويلتزموا حدودَه ويعرفوا حقوقَه إذا بهم يتنكرون للمنعِم العظيم ويتجرؤون في سفهٍ وغرور على العزيزِ الحكيم الذي يقول: (يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) ويقولُ جلَّ شأنُهُ (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) فماذا كانتْ النتيجة؟ وما النهايةُ والعاقبة بعد ذلك الإمهالِ والصبرِ الجميل؟: (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) إذًا فرغدُ العيش ، وسعةُ الرزق ، يتحولُ في طرفةِ عين ولمحةِ بصر جوعًا يَذهبُ بالعقول ، وتتصدعُ له القلوبُ والأكباد ، وإذا البطونُ الملأى والأمعاءُ المتخمة ، يتضورُ أصحابُها جوعا ويصطلون حسرةً وحرمانا، وإذا بالأمنِ الذي تَفضَلَ به سبحانه ينقلبُ رُعبًا وهَلَعَاً، لا يأمن المرءُ على نفسِه وعرضِه ، فضلاً عن مالهِ ومُلكِه ، فانتشر المجرمون ، ينتهكونَ الأعراض ، ويحوزونَ الأموال ، وأصبحَ باطنُ الأرضِ خيرًا من ظاهِرهِا ، في تلك القريةِ البائسةِ المشؤومة . واللهُ عزَّ وجلَّ حين يعرضُ في القرآنِ الكريمِ بوضوحٍ وجلاء ، مآلَ تلكَ القريةِ الظالمِ أهلُها ، ويقررُ أنَّ ما أصابهَم هو بسببِ ما اقترفتُه أيديهِم ، من التمردِ والجحود ونكران الجميل، حين يعرضُ ذلكَ كلَّه فهو إنما يخاطبُنا نحن الحاضرين ويخاطبُ غيَرنا ، حتى يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها، يحذرُنا أن نقعَ في ذاتِ الخطأ الذي وقعوا فيه، فنؤولُ لذاتِ المآلِ الذي آلوا إليه ،وفي الحديثِ عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي اللهُ عنهُ ، أن رسول الله r بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِىِّ r، فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ{ أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَىْءٍ } قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ { فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّى أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ }رواه البخاري ومسلم ، لقد ذاقت هذه الأمةُ أيُّها الأحبه ، ألونًا من العقوباتِ الْمُدَّمرةِ ، التي يشيبُ من هولهِا الوالدان ، ولولا أنَّ الذي سطَّرها في كتبهِم ونَقلَ لنا أخبارَها في مُصنفَاتِهم هم أئمةُ الإسلامِ المحققون ، كابن كثير والذهبي وغيرهِما ، لظننا ذلك ضربًا من الخيالِ والتَّهويل . فإليكم طرفًا مما حدثَ لهذه الأمة حينَ كفرتْ بأنعُمِ الله ، واستجابتْ لِدَاعي الهوى والشّيطَان؛ لعلنا نتعظُ ونعتَبِرُ ، ونَلجأُ إلى ربِّنا ، إذْ لا ملجأَ من اللهِ إلاَّ إليه . ذكر ابن الجوزي رحمه الله ، خبرَ الطاعون الذي أصاب مدينةَ البصرةَ العراقية ، قال: "فَمَاتَ في اليومِ الأولِ سَبعُونَ ألفاً، وفي اليوم الثاني واحدٍ وسبعونَ ألفاً، وفي الثالث ثلاثةٌ وسبعون ألفا، وأصبح الناسُ في اليوم الرابعِ موتى ، إلا قليلاً من آحادِ النَّاس. قال أبو النُفيد ، وكان قد أدركَ هذا الطَّاعون، قال: كنَّا نطوفُ بالقبائلِ وندفنُ الموتى ، فَلَمَّا كثروا ، لم نقوَ على الدَّفن ، فكنَّا ندخلُ الدار ، وقد مات أهلُها ، فنسدُ بابهَا عليهم".وفي أحداثِ سنةِ تسعٍ وأربعين وأربعمائة من الهجرة ذكر ابنُ كثيرٍ رحمه الله خبرَ الغلاءِ والجوعِ الذي أصابَ بغداد، بحيث خلتْ أكثرُ الدور، وسُدَّت على أهلِها الأبواب لموتِهم وفنائِهم، وأكلَ الناسُ الجِيفَ والميتة من قلةِ الطعام، فيا أيهاالسَّامِعُ لِمَا أقول ، إن هذه العقوباتِ المهلكة ، والكوارثَ المفجعة ، ليست ضربًا من الخيال ، وليس فيها شيءٌ من التهويلِ والْمُبالغةِ ، فالله يقول: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) لكن الذي نَشأَ مُنذُ نعومةِ أظفارِهِ في بحبوحةٍ من العيش لم يذقْ مرارةَ الجوع طرفةَ عين ، حَريٌ به أن يَعجبَ مما سمعَ كلَّ العجب، لكنْ سلوا الآباء والأجداد ، الذين اصطلوا بنارِ الجوع ولهيبِ الظمأِ دهرًا طويلا ، وارتعدتْ فرائصهُم وقلوبُهم من قُطَّاعِ الطرق ،وعصاباتِ السّطو في وضَحِ النَّهار، يتضح أنَّه ليسَ في الأمرِ غَرابةٌ من قريبٍ أو بعيد ، فاعتبروا يا أولي الأبصار.... بارك الله لي ولكم في القران العظيم ،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم منكلِّ ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم







الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ الحقُّ المبينُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الأمينُ ، صلى اللهُ وسلم عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الطيبينَ الطاهرينَ، والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلمَ تسليماً كثيرًا ، أما بعد: أيها الأحبةُ في الله ، فقد جَرت سُنةِ الله عز وجل في عبادهِ ، أن يُعامِلَهُم بِحَسبِ أعمَالِهِم، فإذا اتقى النَّاس ربَّهم عز وجل ، أنزل عليهم البركاتُ من السماءِ، وأخرج لهم الخيراتِ من الأرض ، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) وقال تعالى: (وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) وإذا تمرد العباد على شرع الله ،وفسقوا عن أمره ، أتاهم العذابَ والنكالَ من الكبيرِ المتعالِ، فمهما كان العِبادُ مُطيعين لله عز وجل ، مُعظمين لشرعِهِ ، أغدقَ اللهُ عزَّ وجلَّ عليهم النِّعَم وأزاح عنهم النِّقَم، فإذا تبدل حال العباد من الطاعةِ إلى المعصيةِ ومن الشكرِ إلى الكفرِ ، حَلَت بِهِم النِّقَم ، وزالت عَنهُم النِّعَم. فكُلُّ ما يَحصلُ للعبادِ من إحنٍ ومِحَن ، فَبِمَا كَسَبت أيديهِم ويعفو عن كثير، كما قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).فالله عز وجل لا يُبَدِلُ حالَ العبادِ من النِّقمةِ إلى النِّعمَةِ، ومن الرَّخَاءِ إلى الضَّنكِ والشقاء، حتى يُغيروا مَا بِأنفُسِهِم من الإيمانِ إلى الكفر، ومن الطاعةِ إلى الفسق ، كما قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)عبادَ الله صلّوا رحمني الله وإياكم على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي }وقال{ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا } اللهُّم صلِّ وسلِّمْ وأنعِمْ وأكرِمْ وزِدْ وبارِكْ على عبْدِكَ ورسُولِكَ مُحمَّدٍ وارضِ اللهُّم عن أصحابِهِ الأطهاَرِ ، أبي بكرٍ وعُمَرَ وعُثمَانَ وعَلي وعنْ سائِرِ أصحاَبِ نبيِّكَ أجمَعِين وعنِ التَّابِعينَ وتابعيهم بِإحسَانٍ إلى يومِ الدِّينِ وعَنَّا معَهُم بِمَنِّكَ وفضلِكَ ورحمَتِكَ يا أرحمَ الرَّاحِمينَ ، اللَّهُم أعزَّ الإسلاَمَ وانصُرِ المُسلِمِين ، ودمِّرِ اليَهُودَ والنَّصارى والنُصريين ، والشيعةَ والشيوعيين ،ومن كَرِه الإسلامَ والمُسلمين ، يا ربَّ العَالمِين ، اللَّهُم اجعَلُهُم حصيداً خَامِدين ، وعِبرَةً لِلمُعتًبِرين ، إنَّكَ على ذلِك قدِيرٌ وبالإجابَةِ جَدِيرٌ ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللَّهُم اغفِرْ لِجميعِ موتىَ المُسلِمين الَّذينَ شَهِدوا لَكَ بِالوحدَانيَّةِ ولِنبيِّكَ بالرِّسالَةِ وماتوا على ذلِك ، اللَّهُم اغفرْ لَهُم وارحمهُم وأكرِمْ نُزُلَهم ووسِّعْ مُدخَلَهم ونقِّهم مِن الذُّنوبِ والخطَايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ مِن الدَّنَسِ ربَّنا أتِنا في الدُّنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسَنَةً وقِنا عذابَ النَّارِ عِبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمُرُ بالعَدلِ والإحسَانِ وإيتاءِ ذي القُربى وينهى عنِ الفَحشاءِ والمُنكرِ والبَغي يعظكم لعلَّكُم تذكَّرون فاذكروا اللهَ العظِيمَ يذكُرْكُم واشكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم ولَذِكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنَعُون