محمدالمهوس
06-02-2013, 06:18
الخطبة الأولى
الحمد لله ، مُظهرِ الحق ومبديهِ ، ومُنجزِ الوعد وموفيه ، ومسعدِ العبد ومشقيه ، أحمدُه حمداً يليق بكريم وجهه ، وعظيمِ سلطانه ، وعد من أطاعه بنعيم الْجِنانِ ، وتوعّد من جحده وعصاه ، بجحيم النيران ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبدُه ورسوله ، وصفيُّه وخليلُه ، وخيرتُه من خلقه ، صلى الله عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وسلم تسليماً كثيراً
أمّابعدُ: أيها الناس/ اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
عباد الله : روى البخاريُّ في صحيحه عن أبي جُحيفةَ وهْبِ بنِ عبدالله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم ، آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ الفارسي وأَبِي الدَّرْدَاءِ ـ رضي الله عنهما ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً ،فَقَالَ لها سلمان : مَا شَأْنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟ قَالَتْ : إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا . قَالَ : فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَ سلمان رضي الله عنه : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ، قَالَ : فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيَقُومَ ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : نَمْ ، فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ ، فَقَالَ لَهُ : نَمْ ، فَنَامَ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ، قَالَ لَهُ سَلْمَانُ : قُمِ الآنَ ، فَقَامَا فَصَلَّيَا ، فَقَالَ سلمان لأخيه أبي الدرداء : إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . فَأَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلّم ـ سلمان وأبو الدرداء ـ فَذَكَرَا ذَلِكَ له ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلّم : (( صَدَقَ سَلْمَانُ )) .
عباد الله :
من خلال هذه الحادثة ، يتبين لنا : أهمية التوازن في الحياة ، وضرورة التوفيق بين الحقوق والواجبات ، وأن يكون المسلم متزنا في تعامله ، لا يهتم بأمر على حساب غيره ، تأملوا ـ عباد الله ـ قول سلمان رضي الله عنه ، والذي أقره النبي صلى الله عليه وسلّم ، وصدّقه عليه : لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ .
فالتوفيقُ بين الحقوق والواجبات مطلبٌ شرعي ، وواجب إسلامي يجب على المسلم أن يؤديَ ما يُطلب منه ، وأنْْ يقومَ بما يجب عليه ، على حسب مكانتِه ووضعه وحالته ، فكونُه عبدا لله عليه أن يقومَ بواجبات عبوديته لخالقه ورازقه ، وكونُه ربا لأسرة ، فعليه أن يقوم بواجبات زوجته وأولاده،وعندما يحل عليه ضيف ، يجب عليه أن يقوم بواجبه لضيافته ، ومع ذلك عليه أن لا يهمل نفسه ، ولا يرهقها بترك ما يجب عليه لها ، فلنفسه عليه حقا ، ولربه عليه حقا ، ولضيفه عليه حقا ، ولأهله عليه حقا ، فعليه أن يعطي كل ذي حق حقه .
عباد الله :
إعطاءُ كل ذي حق حقه ، هو مبدأُ الناجحين ، ومنهجُ الناجين السالمين من تبعات الإهمال والتقصير ، وما فشلَ أكثرُ الناس في الحياة ، إلا بسبب مخالفة هذا المبدأ المهمَّ العظيمَ وعدمِ العمل بهذا التوجيه النبوي الكريم .
فبعض الناس ـ عباد الله ـ على سبيل المثال : تجده باستراحته ، متميزا بين أصحابه ، لو تأخر لحظات عنهم لافتقدوه ، لا تَحْلُوا جلستُهم ولا سهرتُهم إلا بوجوده ، ولكنه فاشلٌ مع أهله ؛بل وفاشل حتى في عمله ، لأن ارتباطه مع أصحابه ، وتقضية وقته بالسهر واللعب والضحك معهم ، على حساب أهله وعمله ، فالأهلُ حقهم منه التقصيرُ والإهمال ، والبعد والهجر ، والعملُ حقه منه الكسل والنوم ، وتعطيل مصالح المسلمين . فهذا هو الفشل بعينه .
ومنهم من يقضي وقته ، ويبذل جهده ، من أجل جمع المال ، إما مع الحَلالِ في البرّيّة أو مع العقار في سوقه،فهمهُ وشغلُه الشاغل جمع المال ، ولكنه بخيلٌ كل البخل على أسرته ، مهمل لصحته ، قاطع لرحمه ، تارك لواجباته ، قد عقَّ والديه بسبب كثرة مشاغله يتحجج بقلة الفراغ ، وعدم وجود الوقت ، وهذا الفشل بعينه ، والله سبحانه يقول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))
عباد الله :
ماذا كان يفعلُ أبو الدرداء رضي الله عنه ؟ كان يصومَ النهار ويقومَ الليل ،ولكن لم يُقِرْ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فِعْلَهُ ذلك ، لأنه على حساب أهلِه ، فكيف بمن يُهمل واجباتَه ، ولا يؤدي حقوقَه ، من أجل شهواته وملذاته ورغباته .
فلنتق الله ـ أحبتي في الله ـ ولنعطي كل ذي حق حقه ، اسأل الله لي ولكم علما نافعا ، وعملا خالصا ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ، فإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
عباد الله :
إن تنظيمَ الوقت ، وترتيبَ الأولويات والمهمات ، هو المعينُ الأولُ ، بعد توفيق الله تعالى ، على إعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقه ، ولذلك الوقت هو الحياة ، فعلى المسلم أن ينظِّم وقته تنظيمًا مُحكمًا، بحيث يرتِّب بين الواجبات والأعمال المختلفة ، سواء كانت دينيَّة أو دنيويَّة ، على أنْ لا يَطغى بعضُها على بعض، ويقدِّمُ الأهمَّ على المهمِّ ، وكما جاء في هذه الحادثة ، التي ينبغي أن يُذكّرُ بِها كلَّ فوضوي في حياته ، مهملٍ لحقوقه وواجباته ، اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، إنه سميع مجيب .
اللهم إنا نسألك الهدى ، والتقى ، والعفاف والغنى ، اللهم أحينا سعداء ، وتوفنا شهداء ، واحشرنا في زمرة الأتقياء ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار ، اللهم جنبنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، واجعلنا هداة مهتدين ، لا ضالين ولا مضلين ، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك وأنت في عليائك ، وأنت الغني ونحن الفقراء إليك ، أن تغيث قلوبنا بالإيمان ، وبلادنا بالأمطار ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريعا سحا غدقا مجللا نافعا غير ضار ، عاجلا غير آجل ، غيثا تغيث به البلاد والعباد ، اللهم اسق بلادك وعبادك وبهائمك ، برحمتك يا أرحم الراحمين . (( رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))
عباد الله :
(( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الحمد لله ، مُظهرِ الحق ومبديهِ ، ومُنجزِ الوعد وموفيه ، ومسعدِ العبد ومشقيه ، أحمدُه حمداً يليق بكريم وجهه ، وعظيمِ سلطانه ، وعد من أطاعه بنعيم الْجِنانِ ، وتوعّد من جحده وعصاه ، بجحيم النيران ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبدُه ورسوله ، وصفيُّه وخليلُه ، وخيرتُه من خلقه ، صلى الله عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وسلم تسليماً كثيراً
أمّابعدُ: أيها الناس/ اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
عباد الله : روى البخاريُّ في صحيحه عن أبي جُحيفةَ وهْبِ بنِ عبدالله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم ، آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ الفارسي وأَبِي الدَّرْدَاءِ ـ رضي الله عنهما ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً ،فَقَالَ لها سلمان : مَا شَأْنُكِ مُتَبَذِّلَةً؟ قَالَتْ : إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا . قَالَ : فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَ سلمان رضي الله عنه : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ، قَالَ : فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيَقُومَ ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : نَمْ ، فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ ، فَقَالَ لَهُ : نَمْ ، فَنَامَ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ ، قَالَ لَهُ سَلْمَانُ : قُمِ الآنَ ، فَقَامَا فَصَلَّيَا ، فَقَالَ سلمان لأخيه أبي الدرداء : إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . فَأَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلّم ـ سلمان وأبو الدرداء ـ فَذَكَرَا ذَلِكَ له ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلّم : (( صَدَقَ سَلْمَانُ )) .
عباد الله :
من خلال هذه الحادثة ، يتبين لنا : أهمية التوازن في الحياة ، وضرورة التوفيق بين الحقوق والواجبات ، وأن يكون المسلم متزنا في تعامله ، لا يهتم بأمر على حساب غيره ، تأملوا ـ عباد الله ـ قول سلمان رضي الله عنه ، والذي أقره النبي صلى الله عليه وسلّم ، وصدّقه عليه : لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ .
فالتوفيقُ بين الحقوق والواجبات مطلبٌ شرعي ، وواجب إسلامي يجب على المسلم أن يؤديَ ما يُطلب منه ، وأنْْ يقومَ بما يجب عليه ، على حسب مكانتِه ووضعه وحالته ، فكونُه عبدا لله عليه أن يقومَ بواجبات عبوديته لخالقه ورازقه ، وكونُه ربا لأسرة ، فعليه أن يقوم بواجبات زوجته وأولاده،وعندما يحل عليه ضيف ، يجب عليه أن يقوم بواجبه لضيافته ، ومع ذلك عليه أن لا يهمل نفسه ، ولا يرهقها بترك ما يجب عليه لها ، فلنفسه عليه حقا ، ولربه عليه حقا ، ولضيفه عليه حقا ، ولأهله عليه حقا ، فعليه أن يعطي كل ذي حق حقه .
عباد الله :
إعطاءُ كل ذي حق حقه ، هو مبدأُ الناجحين ، ومنهجُ الناجين السالمين من تبعات الإهمال والتقصير ، وما فشلَ أكثرُ الناس في الحياة ، إلا بسبب مخالفة هذا المبدأ المهمَّ العظيمَ وعدمِ العمل بهذا التوجيه النبوي الكريم .
فبعض الناس ـ عباد الله ـ على سبيل المثال : تجده باستراحته ، متميزا بين أصحابه ، لو تأخر لحظات عنهم لافتقدوه ، لا تَحْلُوا جلستُهم ولا سهرتُهم إلا بوجوده ، ولكنه فاشلٌ مع أهله ؛بل وفاشل حتى في عمله ، لأن ارتباطه مع أصحابه ، وتقضية وقته بالسهر واللعب والضحك معهم ، على حساب أهله وعمله ، فالأهلُ حقهم منه التقصيرُ والإهمال ، والبعد والهجر ، والعملُ حقه منه الكسل والنوم ، وتعطيل مصالح المسلمين . فهذا هو الفشل بعينه .
ومنهم من يقضي وقته ، ويبذل جهده ، من أجل جمع المال ، إما مع الحَلالِ في البرّيّة أو مع العقار في سوقه،فهمهُ وشغلُه الشاغل جمع المال ، ولكنه بخيلٌ كل البخل على أسرته ، مهمل لصحته ، قاطع لرحمه ، تارك لواجباته ، قد عقَّ والديه بسبب كثرة مشاغله يتحجج بقلة الفراغ ، وعدم وجود الوقت ، وهذا الفشل بعينه ، والله سبحانه يقول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))
عباد الله :
ماذا كان يفعلُ أبو الدرداء رضي الله عنه ؟ كان يصومَ النهار ويقومَ الليل ،ولكن لم يُقِرْ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم فِعْلَهُ ذلك ، لأنه على حساب أهلِه ، فكيف بمن يُهمل واجباتَه ، ولا يؤدي حقوقَه ، من أجل شهواته وملذاته ورغباته .
فلنتق الله ـ أحبتي في الله ـ ولنعطي كل ذي حق حقه ، اسأل الله لي ولكم علما نافعا ، وعملا خالصا ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ، فإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
عباد الله :
إن تنظيمَ الوقت ، وترتيبَ الأولويات والمهمات ، هو المعينُ الأولُ ، بعد توفيق الله تعالى ، على إعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقه ، ولذلك الوقت هو الحياة ، فعلى المسلم أن ينظِّم وقته تنظيمًا مُحكمًا، بحيث يرتِّب بين الواجبات والأعمال المختلفة ، سواء كانت دينيَّة أو دنيويَّة ، على أنْ لا يَطغى بعضُها على بعض، ويقدِّمُ الأهمَّ على المهمِّ ، وكما جاء في هذه الحادثة ، التي ينبغي أن يُذكّرُ بِها كلَّ فوضوي في حياته ، مهملٍ لحقوقه وواجباته ، اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، إنه سميع مجيب .
اللهم إنا نسألك الهدى ، والتقى ، والعفاف والغنى ، اللهم أحينا سعداء ، وتوفنا شهداء ، واحشرنا في زمرة الأتقياء ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار ، اللهم جنبنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، واجعلنا هداة مهتدين ، لا ضالين ولا مضلين ، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إنا نسألك وأنت في عليائك ، وأنت الغني ونحن الفقراء إليك ، أن تغيث قلوبنا بالإيمان ، وبلادنا بالأمطار ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريعا سحا غدقا مجللا نافعا غير ضار ، عاجلا غير آجل ، غيثا تغيث به البلاد والعباد ، اللهم اسق بلادك وعبادك وبهائمك ، برحمتك يا أرحم الراحمين . (( رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))
عباد الله :
(( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .