محمدالمهوس
29-11-2012, 16:54
الخطبة الأولى
الحمد لله الرحيم الرحمن ، الكريم المنان ، ذي الفضل والإحسان ، )) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( .
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وعظيم سلطانه ، )) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (( .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، )) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (( .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، بعثه رحمة للعالمين ، وقدوة للسالكين ، وخاتما للأنبياء ، وإماما للمرسلين ، صلى الله عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد : أيها الناس / أوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي وصية الله لعباده أجمعين ، الأولين والآخرين ، يقول سبحانه : )) وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ((
عباد الله : روى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً زارَ أخاً لَهُ في قريةِ أخرى ، فأرْصَدَ اللهُ لَهُ على مَدْرَجَتِهِ مَلَكا )) أي وكل الله ملكا يحفظه ، على مدرجته ، أي على طريقه ، (( فلما أَتى عليه قال : أين تُريدُ ؟ قال: أُريدُ أخا لي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نِعْمة تَرُبُّها ؟ )) أي تقوم بها وتسعى في صلاحها . (( قال : لا ، غير أني أحبَبْتُه في الله ، قال : فإني رسولُ الله إِليكَ بأنَّ اللهَ قد أحبَّكَ كما أحببتَه فيه )) .
عباد الله : الأخوة في الدين ، هي الرابطة الأقوى والأمتن بين المسلمين ، التي من أجلها يقرب البعيد ، ويبعد القريب ، لأنها رابطة بعقد الله سبحانه وتعالى القائل ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) فهي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته ، فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، قال تعالى ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )) فالأخوة الإيمانية تفتح لكل موحد باب عظيم للأخوة في كل أنحاء الأرض ، وما أجمله من شعور ، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا ، له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه ، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى ،فالأخوة في الدين فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية ، ورحم الله القائل :
يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد
فأخوة الدين فوق كل أخوة نسب أو قبيلة أو بلد ؛ فكل أخوة تخلو من أخوة الدين فإنها لاتدوم وإن دامت فلا تخلو من الشوائب والمشاكل والمنغصات ، وما ذكره الله عز وجل عن أخوة يوسف ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ فلم تمنعهم أخوة النسب ، عن التخلص من أخيهم ، كما قال الله تعالى على لسانهم ((اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِه قَوْمًا صَالِحِينَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ))
مع أنهم إخوةٌ ، ويعيشونَ تحتَ سقفِ بيتٍ واحد ؛ إلا أنهم فقدوا أخوة الدين لا النسب ، وذاك الرجلُ ، يقطع الفيافي ليزور أخيه ، لأنه يحبه في الله ، جمعت أخوة الدين بينهما ، وأخوة النسب لم تمنع من القتل ، وإلقاءه في غيابة الجب كما ذكر الله تعالى .
فالأخوة الإيمانية ، هي ما تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم ، وهي الأمر الأهم ، الذي حينما فقد ، صار المسلم يذبح كما تذبح الشاة ، والآخر يغني ويرقص ويأكل ويشبع وغيره من إخوانه المسلمين في هم وغم لايجد لقمة عيشه ، وصار المسلم يدك منزله عليه وعلى أطفاله ، والآخر يتفرج ولا يلقي لذلك بالا حتى بالدعاء لأخيه المسلم .
قالَ أَبو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْهَجِيرِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ )) رواه أحمد والحديث صحيح .
فالأخوة في الدين واجب ديني ، وفريضة شرعية بعيدة عن المصالح الدنيوية والعلاقات الشخصية كما قال تعالى ((( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ )) فلا خير في مجتمع ، ولا في نسب ، تفقد منه أخوة الدين ، لأنها إذا فقدت فقد الأمن ، وفقد الاستقرار ، وصارت العلاقات من أجل المصالح والمنافع ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته من مكة إلى المدينة ، كان على رأس أولوياته ، إقامة الرابطة الأخوية الإيمانية ، فآخى بين المهاجرين والأنصار ، فوجد الإيثار والاحترام ، وانتشر الحب والوئام ، فصاروا كما قال تبارك وتعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَ تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ )) .
اسأل الله ، أن يهدي ضال المسلمين ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ، فإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
عباد الله :
إن الإنسان إذا تجرد من أخوة الدين ، وبنا علاقاته على مصالحه الشخصية ، فإنه يصل إلى درجة لا يحسد عليها من الانحطاط والانحدار ، وإلى درجة من الخسة والنذالة والأنانية ، وعدم الإحساس بالآخرين ، بل سوف يصل إلى منزلق خطير ، يبعده عن الدين ورضى رب العالمين .
فالأمن والرخاء ، والمحبة ، ووجود الإيثار ، ووحدة الصف ، وعلوا الكلمة ، وغير ذلك مما ينبغي أن نكون عليه وتكون عليه مجتمعاتنا الإسلامية بفضل من الله ثم بفضل تحقيق مفهوم أخوة الدين ، والعكس عند فقدها حيث تكون القطيعة ، والتنافس المذموم ، وسوء الظن ، والكذب والغيبة والنميمة والظلم وأكل الحقوق ، والكره والتخاصم والتهاجر ، وغير ذلك من الرذائل التي لا يرضاها الله عز وجل ، وقد تكون سببا في دخول النار وبئس القرار ، وكما قال تبارك وتعالى : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ .
عباد الله :
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الحمد لله الرحيم الرحمن ، الكريم المنان ، ذي الفضل والإحسان ، )) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( .
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وعظيم سلطانه ، )) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (( .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، )) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (( .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، بعثه رحمة للعالمين ، وقدوة للسالكين ، وخاتما للأنبياء ، وإماما للمرسلين ، صلى الله عليه ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد : أيها الناس / أوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي وصية الله لعباده أجمعين ، الأولين والآخرين ، يقول سبحانه : )) وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ((
عباد الله : روى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً زارَ أخاً لَهُ في قريةِ أخرى ، فأرْصَدَ اللهُ لَهُ على مَدْرَجَتِهِ مَلَكا )) أي وكل الله ملكا يحفظه ، على مدرجته ، أي على طريقه ، (( فلما أَتى عليه قال : أين تُريدُ ؟ قال: أُريدُ أخا لي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نِعْمة تَرُبُّها ؟ )) أي تقوم بها وتسعى في صلاحها . (( قال : لا ، غير أني أحبَبْتُه في الله ، قال : فإني رسولُ الله إِليكَ بأنَّ اللهَ قد أحبَّكَ كما أحببتَه فيه )) .
عباد الله : الأخوة في الدين ، هي الرابطة الأقوى والأمتن بين المسلمين ، التي من أجلها يقرب البعيد ، ويبعد القريب ، لأنها رابطة بعقد الله سبحانه وتعالى القائل ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) فهي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته ، فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، قال تعالى ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )) فالأخوة الإيمانية تفتح لكل موحد باب عظيم للأخوة في كل أنحاء الأرض ، وما أجمله من شعور ، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا ، له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه ، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى ،فالأخوة في الدين فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية ، ورحم الله القائل :
يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد
فأخوة الدين فوق كل أخوة نسب أو قبيلة أو بلد ؛ فكل أخوة تخلو من أخوة الدين فإنها لاتدوم وإن دامت فلا تخلو من الشوائب والمشاكل والمنغصات ، وما ذكره الله عز وجل عن أخوة يوسف ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ فلم تمنعهم أخوة النسب ، عن التخلص من أخيهم ، كما قال الله تعالى على لسانهم ((اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِه قَوْمًا صَالِحِينَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ))
مع أنهم إخوةٌ ، ويعيشونَ تحتَ سقفِ بيتٍ واحد ؛ إلا أنهم فقدوا أخوة الدين لا النسب ، وذاك الرجلُ ، يقطع الفيافي ليزور أخيه ، لأنه يحبه في الله ، جمعت أخوة الدين بينهما ، وأخوة النسب لم تمنع من القتل ، وإلقاءه في غيابة الجب كما ذكر الله تعالى .
فالأخوة الإيمانية ، هي ما تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم ، وهي الأمر الأهم ، الذي حينما فقد ، صار المسلم يذبح كما تذبح الشاة ، والآخر يغني ويرقص ويأكل ويشبع وغيره من إخوانه المسلمين في هم وغم لايجد لقمة عيشه ، وصار المسلم يدك منزله عليه وعلى أطفاله ، والآخر يتفرج ولا يلقي لذلك بالا حتى بالدعاء لأخيه المسلم .
قالَ أَبو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْهَجِيرِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ )) رواه أحمد والحديث صحيح .
فالأخوة في الدين واجب ديني ، وفريضة شرعية بعيدة عن المصالح الدنيوية والعلاقات الشخصية كما قال تعالى ((( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ )) فلا خير في مجتمع ، ولا في نسب ، تفقد منه أخوة الدين ، لأنها إذا فقدت فقد الأمن ، وفقد الاستقرار ، وصارت العلاقات من أجل المصالح والمنافع ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته من مكة إلى المدينة ، كان على رأس أولوياته ، إقامة الرابطة الأخوية الإيمانية ، فآخى بين المهاجرين والأنصار ، فوجد الإيثار والاحترام ، وانتشر الحب والوئام ، فصاروا كما قال تبارك وتعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَ تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ )) .
اسأل الله ، أن يهدي ضال المسلمين ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ، فإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
عباد الله :
إن الإنسان إذا تجرد من أخوة الدين ، وبنا علاقاته على مصالحه الشخصية ، فإنه يصل إلى درجة لا يحسد عليها من الانحطاط والانحدار ، وإلى درجة من الخسة والنذالة والأنانية ، وعدم الإحساس بالآخرين ، بل سوف يصل إلى منزلق خطير ، يبعده عن الدين ورضى رب العالمين .
فالأمن والرخاء ، والمحبة ، ووجود الإيثار ، ووحدة الصف ، وعلوا الكلمة ، وغير ذلك مما ينبغي أن نكون عليه وتكون عليه مجتمعاتنا الإسلامية بفضل من الله ثم بفضل تحقيق مفهوم أخوة الدين ، والعكس عند فقدها حيث تكون القطيعة ، والتنافس المذموم ، وسوء الظن ، والكذب والغيبة والنميمة والظلم وأكل الحقوق ، والكره والتخاصم والتهاجر ، وغير ذلك من الرذائل التي لا يرضاها الله عز وجل ، وقد تكون سببا في دخول النار وبئس القرار ، وكما قال تبارك وتعالى : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ .
عباد الله :
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .