ناصر الدين
30-10-2012, 19:22
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ عَزَّ جَاهاً وحُكما , وَوسِعَ كُلَّ شيءٍ رحمةً وعِلما , وأشهدُ أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , لا نُقِرُّ له نظيرا ولا ندّاً , وأشهدُ أنَّ محمداً نبيُّهُ ورسولُه , عَظُمَ عند اللهِ منزلةً وكَرُمَ عبداً, صلى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابِه الذين كانوا له سندا وردئا , ومن تبعهم بإحسان ولَزِمَ أمْرَهُم تَعبُّداً وقصدا .
عباد الله ــ اتقوا الله تعالى واشكروه وأطيعوه وراقبوه ولا تعصوه وقصروا الأمل واستعدِوا ليوم الأجل ,
فما أطال العبد الأمل إلا وأساء العمل .
في الأيامِ القليلةِ الخاليةِ قضى الحجاجُ عبادةً من أعظمِ العبادات، وقُربةً من أجلِ القُربات، تجرّدوا لله من المخيط عند الميقات، وهلّت دموعُ التوبةِ في صعيدِ عرفات ، خَجلاً من الهفوات والعثرات، وضجّت بالافتقار إلى الله كُلَ الأصوات ، عادَ الحُجَاجُ بعد ذلك فرحِين بما آتاهم الله من فضله ( قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ) ، فهنِيئًاً للحُجَاجِ حَجُهم، وهنيئًا لهم قولُ رسولِ الهدى صلى الله عليه وسلم " والحَجُ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة " . وهنيئا لهم بشراه صلى الله عليه وسلم بقوله :
" من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
وَإِنِّي لأَدعُـو اللهَ أَسأَلُ عَفـــوَهُ
وَأَعـــلـــَمُ أَنَّ اللــهَ يَعفُـو وَيَغفِـرُ
لَئِن أَعظَمَ النَّاسُ الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا
وَإِن عَظُمَت ففي رَحمَةِ اللهِ تَصغُرُ
أخواني الحجاج.. إياكم أن تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد تعبها وكدها وسهرها الليالي الطوال، فاحذروا أن تنقضوا العهد، وتخلفوا الوعد؛ وذاك بأنْ تعصوا الله وتقارفوا الذنوب، بعد أن أكرمك بقربه وزيارة بيته، وأداء فرضه، فتزل قدمٌ بعد ثوبتها والعياذ بالله.
* قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ لبعض من حجّ: (يا هذا؛ إنَّ الله تعالى يختم على عمل الحاجّ بطابع من نور؛ فإياك أن تفك ذلك الختم بمعصية الله عز وجل).
واعلم ـ أيها الحجاج ـ أنّ المعاصي تُنغِّص الحياة وتكدِّرها، وتُقسي القلب وتشتته، وتُذهب بهاء الوجه ونوره، وتمحق بركة العمر والرزق، وتفقد صاحبها لذة الطاعة والأُنس بالله.
* قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: (على العاقل أن يحذرَ مغبّة المعاصي، فإنّ نارها تحت الرماد).
والحذر الحذر من ذنوب الخلوات فإنها مصيرها شؤم، قال ابن رجب الحنبلي ــ رحمه الله ــ: " خاتمة السوء؛ تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس".
وحتى نحفظ حجنا مبروراً، وسعينا مشكوراً؛ لا بد من المحافظة على الفرائض والواجبات، وترك المعاصي والذنوب، وحفظ اللسان من الغيبة والنّميمة والكذب، والمجادلة والمخاصمة، وغضّ البصر عن الحرام، فليس كل من حجّ حجّ، ولا كل من اعتمر اعتمر، فكم من أناس ليس لهم نصيب من حجّهم وعمرتهم سوى اسم حاج أو معتمر، ومن تأمل أحوال القوم أيقن ذلك. قال مجاهد لعبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وقد دخلت القوافل ـ: ما أكثر الحاج ! فقال: ما أقلهم ! ولكن قل: ما أكثر الركب.
خليلي قطاع الفيافي إلى الحمى
كثير وجمــع الواصــلين قليـل
وجوه عليها للقبول علامــــةٌ
وليس على كل الوجــوهِ قبـولُ
* قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عند دفع النّاس من عرفة: (ليس السابق اليومَ من سبق به بعيره؛ إنما السابق من غـفر له). أي: إنّ الأمر ليس بالكثرة؛ ولكن بالقـبُول.
عباد الله ـــ كَمَا أَكرَمَ اللهُ الحُجَّاجَ بِالحَجِّ فَقَد أَنعَمَ عَلَى سَائِرِ المُسلِمِينَ من غير الحُجاج بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ، وَيَسَّرَ لهم عِبَادَاتٍ جَلِيلَةً، مَرَّت بهم عَشرُ ذِي الحجَّةِ الَّتي هِيَ أَفضَلُ أَيَّامِ الدُّنيَا عِندَ اللهِ، وَمَرَّ بهم يَومُ عَرَفَةَ الَّذِي يُكَفِّرُ صِيَامُهُ سَنَتَينِ، وَمَرَّ بهم يَومُ النَّحرِ فَصَلَّوا وَضَحَّوا , وتقربوا إلى ربهم بالأعمال الصالحة .
أَلا فَاستَقِيموا رحمكم الله ـ عَلَى مَا بَدَأتَم به مِن أعَماَلٍ صَالحٍة ، فَإِنَّ الاستِقَامَةَ عَلَى الصِّرَاطِ وَالثَّبَاتَ عَلَيهِ، مَدعَاةٌ إِلى أَن يُختَمَ لِلمَرءِ بِالخَاتِمَةِ الحَسَنَةِ، وَأَن يُبَشَّرَ عِندَ مَوتِهِ بِرِضَا رَبِّهِ وَدُخُولِ جَنَّتِهِ، ألآ فَاصبِرواْ وَصَابِرواْ وَرَابِطْوا وَسَارِعوا وجِدّوا وَاجتَهِدوا ، فَإِنَّ المُسلِمَ لا يَزدَادُ بِطُولِ العُمُرِ إِلاَّ خَيرًا
عباد الله إنَّ معيار القبول هو إخلاصُ العامل لله ومُتابعته رسولَ الله , فرُبَّ عابدٍ في ذُرَى جِبال السِّند هو أقرب إلى الله من مُتعبِّدٍ عندَ الكعبة، ورُبَّ مُصلٍّ عند جبل طارِق تبلغُ صلاتُه ما لم تبلُغه صلاةُ مُصلٍّ في الروضة الشريفة . فإن الجامع لذلك هو الإخلاص لله جل جلاله .
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وقال أيضا: ( وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاء ) وقال أيضا: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا)
شَكَرَ الله سَعيكم وغفَر الله ذنبكم وتقبل الله منا ومنكم ورزقنا الله وإياكم الإخلاص في القول و العمل وجنبنا وإياكم الخطأ و الزلل , سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك .
الخطبة الثانية
الحمد لله يمن على عباده بمواسم الخير أفراحاً، ويدفع عنهم بلطفه أسباب الردى شروراً وأتراحاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله رافع لواء الدين دعوة وإصلاحاً، والهادي إلى طريق الرشادِ سعادةً وفلاحاً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خيار هذه الأمة تُقىً وصلاحاً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله :
من استطاعَ منكم أن لا يُبطِلَ عملاً صالحًا عمِلَه بعملٍ سيّئ فليفعل. فإنَّ الخير ينسَخُ الشرَّ، وإن الشرَّ ينسَخُ الخير، وإنَّ مِلاكَ الأعمالِ خواتيمُها .
تقرَّبوا إلى الله جل ثناؤُه بطاعته وعبادتِه ، فحقٌّ على من يَعودُ شبابُهُ هرمًا ونَشاطُهُ وَهنًا وقوّتُه ضعفًا وزَيادتُه نقصًا وحياتُه مَوتًا أن يُبادِرَ بالتوبةِ والإقبالِ على الله، ولا يتمادَى في اغتِراره، ولا يتناهى على إِصرارِه، والتائِبِ منَ الذنبِ كمن لا ذنبَ له، ومَن يتحرَّ الخيرَ يعُطه، ومن يَتَوَقَّ الشرَّ يُوقِه، ومن يعتَصِم بالله فقد هُدِي إلى صراطٍ مستقيم.
سدِّدوا وقاربوا وأبشِروا، واستعِينوا بالغَدوةِ والرَّوحة وشيءٍ من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا.
جعلكم الله مباركين أينما كنتم , وعاودتكم الأفراحَ و الأعياد ما عَادَ عيدٌ واخضّرَ عود .
اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، واغفر لنا إنك أنت الغفورُ الرحيم .
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم، واكفِهم شرَّ أنفسهم وشرَّ الشيطان وشِركه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصر إخواننا المُستضعفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم كُن لهم ناصرًا ومُعينًا ومُؤيِّدًا وظَهيرًا.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك، واتبعَ رِضاكَ يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اجعل مواسمَ الخيرات لنا مربَحًا ومغنَمًا، وأوقات البركات والنَّفَحات إلى رحمتِك طريقًا وسُلَّمًا.
اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم أغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم أغثنا اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين , اللهم اسق عبادك واحي بلدك الميت و انشر رحمتك يا ارحم الراحمين .
سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحمدُ للهِ عَزَّ جَاهاً وحُكما , وَوسِعَ كُلَّ شيءٍ رحمةً وعِلما , وأشهدُ أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , لا نُقِرُّ له نظيرا ولا ندّاً , وأشهدُ أنَّ محمداً نبيُّهُ ورسولُه , عَظُمَ عند اللهِ منزلةً وكَرُمَ عبداً, صلى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابِه الذين كانوا له سندا وردئا , ومن تبعهم بإحسان ولَزِمَ أمْرَهُم تَعبُّداً وقصدا .
عباد الله ــ اتقوا الله تعالى واشكروه وأطيعوه وراقبوه ولا تعصوه وقصروا الأمل واستعدِوا ليوم الأجل ,
فما أطال العبد الأمل إلا وأساء العمل .
في الأيامِ القليلةِ الخاليةِ قضى الحجاجُ عبادةً من أعظمِ العبادات، وقُربةً من أجلِ القُربات، تجرّدوا لله من المخيط عند الميقات، وهلّت دموعُ التوبةِ في صعيدِ عرفات ، خَجلاً من الهفوات والعثرات، وضجّت بالافتقار إلى الله كُلَ الأصوات ، عادَ الحُجَاجُ بعد ذلك فرحِين بما آتاهم الله من فضله ( قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ) ، فهنِيئًاً للحُجَاجِ حَجُهم، وهنيئًا لهم قولُ رسولِ الهدى صلى الله عليه وسلم " والحَجُ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة " . وهنيئا لهم بشراه صلى الله عليه وسلم بقوله :
" من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .
وَإِنِّي لأَدعُـو اللهَ أَسأَلُ عَفـــوَهُ
وَأَعـــلـــَمُ أَنَّ اللــهَ يَعفُـو وَيَغفِـرُ
لَئِن أَعظَمَ النَّاسُ الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا
وَإِن عَظُمَت ففي رَحمَةِ اللهِ تَصغُرُ
أخواني الحجاج.. إياكم أن تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد تعبها وكدها وسهرها الليالي الطوال، فاحذروا أن تنقضوا العهد، وتخلفوا الوعد؛ وذاك بأنْ تعصوا الله وتقارفوا الذنوب، بعد أن أكرمك بقربه وزيارة بيته، وأداء فرضه، فتزل قدمٌ بعد ثوبتها والعياذ بالله.
* قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ لبعض من حجّ: (يا هذا؛ إنَّ الله تعالى يختم على عمل الحاجّ بطابع من نور؛ فإياك أن تفك ذلك الختم بمعصية الله عز وجل).
واعلم ـ أيها الحجاج ـ أنّ المعاصي تُنغِّص الحياة وتكدِّرها، وتُقسي القلب وتشتته، وتُذهب بهاء الوجه ونوره، وتمحق بركة العمر والرزق، وتفقد صاحبها لذة الطاعة والأُنس بالله.
* قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: (على العاقل أن يحذرَ مغبّة المعاصي، فإنّ نارها تحت الرماد).
والحذر الحذر من ذنوب الخلوات فإنها مصيرها شؤم، قال ابن رجب الحنبلي ــ رحمه الله ــ: " خاتمة السوء؛ تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس".
وحتى نحفظ حجنا مبروراً، وسعينا مشكوراً؛ لا بد من المحافظة على الفرائض والواجبات، وترك المعاصي والذنوب، وحفظ اللسان من الغيبة والنّميمة والكذب، والمجادلة والمخاصمة، وغضّ البصر عن الحرام، فليس كل من حجّ حجّ، ولا كل من اعتمر اعتمر، فكم من أناس ليس لهم نصيب من حجّهم وعمرتهم سوى اسم حاج أو معتمر، ومن تأمل أحوال القوم أيقن ذلك. قال مجاهد لعبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وقد دخلت القوافل ـ: ما أكثر الحاج ! فقال: ما أقلهم ! ولكن قل: ما أكثر الركب.
خليلي قطاع الفيافي إلى الحمى
كثير وجمــع الواصــلين قليـل
وجوه عليها للقبول علامــــةٌ
وليس على كل الوجــوهِ قبـولُ
* قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عند دفع النّاس من عرفة: (ليس السابق اليومَ من سبق به بعيره؛ إنما السابق من غـفر له). أي: إنّ الأمر ليس بالكثرة؛ ولكن بالقـبُول.
عباد الله ـــ كَمَا أَكرَمَ اللهُ الحُجَّاجَ بِالحَجِّ فَقَد أَنعَمَ عَلَى سَائِرِ المُسلِمِينَ من غير الحُجاج بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ، وَيَسَّرَ لهم عِبَادَاتٍ جَلِيلَةً، مَرَّت بهم عَشرُ ذِي الحجَّةِ الَّتي هِيَ أَفضَلُ أَيَّامِ الدُّنيَا عِندَ اللهِ، وَمَرَّ بهم يَومُ عَرَفَةَ الَّذِي يُكَفِّرُ صِيَامُهُ سَنَتَينِ، وَمَرَّ بهم يَومُ النَّحرِ فَصَلَّوا وَضَحَّوا , وتقربوا إلى ربهم بالأعمال الصالحة .
أَلا فَاستَقِيموا رحمكم الله ـ عَلَى مَا بَدَأتَم به مِن أعَماَلٍ صَالحٍة ، فَإِنَّ الاستِقَامَةَ عَلَى الصِّرَاطِ وَالثَّبَاتَ عَلَيهِ، مَدعَاةٌ إِلى أَن يُختَمَ لِلمَرءِ بِالخَاتِمَةِ الحَسَنَةِ، وَأَن يُبَشَّرَ عِندَ مَوتِهِ بِرِضَا رَبِّهِ وَدُخُولِ جَنَّتِهِ، ألآ فَاصبِرواْ وَصَابِرواْ وَرَابِطْوا وَسَارِعوا وجِدّوا وَاجتَهِدوا ، فَإِنَّ المُسلِمَ لا يَزدَادُ بِطُولِ العُمُرِ إِلاَّ خَيرًا
عباد الله إنَّ معيار القبول هو إخلاصُ العامل لله ومُتابعته رسولَ الله , فرُبَّ عابدٍ في ذُرَى جِبال السِّند هو أقرب إلى الله من مُتعبِّدٍ عندَ الكعبة، ورُبَّ مُصلٍّ عند جبل طارِق تبلغُ صلاتُه ما لم تبلُغه صلاةُ مُصلٍّ في الروضة الشريفة . فإن الجامع لذلك هو الإخلاص لله جل جلاله .
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وقال أيضا: ( وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاء ) وقال أيضا: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا)
شَكَرَ الله سَعيكم وغفَر الله ذنبكم وتقبل الله منا ومنكم ورزقنا الله وإياكم الإخلاص في القول و العمل وجنبنا وإياكم الخطأ و الزلل , سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك .
الخطبة الثانية
الحمد لله يمن على عباده بمواسم الخير أفراحاً، ويدفع عنهم بلطفه أسباب الردى شروراً وأتراحاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله رافع لواء الدين دعوة وإصلاحاً، والهادي إلى طريق الرشادِ سعادةً وفلاحاً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خيار هذه الأمة تُقىً وصلاحاً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله :
من استطاعَ منكم أن لا يُبطِلَ عملاً صالحًا عمِلَه بعملٍ سيّئ فليفعل. فإنَّ الخير ينسَخُ الشرَّ، وإن الشرَّ ينسَخُ الخير، وإنَّ مِلاكَ الأعمالِ خواتيمُها .
تقرَّبوا إلى الله جل ثناؤُه بطاعته وعبادتِه ، فحقٌّ على من يَعودُ شبابُهُ هرمًا ونَشاطُهُ وَهنًا وقوّتُه ضعفًا وزَيادتُه نقصًا وحياتُه مَوتًا أن يُبادِرَ بالتوبةِ والإقبالِ على الله، ولا يتمادَى في اغتِراره، ولا يتناهى على إِصرارِه، والتائِبِ منَ الذنبِ كمن لا ذنبَ له، ومَن يتحرَّ الخيرَ يعُطه، ومن يَتَوَقَّ الشرَّ يُوقِه، ومن يعتَصِم بالله فقد هُدِي إلى صراطٍ مستقيم.
سدِّدوا وقاربوا وأبشِروا، واستعِينوا بالغَدوةِ والرَّوحة وشيءٍ من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا.
جعلكم الله مباركين أينما كنتم , وعاودتكم الأفراحَ و الأعياد ما عَادَ عيدٌ واخضّرَ عود .
اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، واغفر لنا إنك أنت الغفورُ الرحيم .
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم، واكفِهم شرَّ أنفسهم وشرَّ الشيطان وشِركه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصر إخواننا المُستضعفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم كُن لهم ناصرًا ومُعينًا ومُؤيِّدًا وظَهيرًا.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك، واتبعَ رِضاكَ يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اجعل مواسمَ الخيرات لنا مربَحًا ومغنَمًا، وأوقات البركات والنَّفَحات إلى رحمتِك طريقًا وسُلَّمًا.
اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم أغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم أغثنا اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين , اللهم اسق عبادك واحي بلدك الميت و انشر رحمتك يا ارحم الراحمين .
سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.