المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة ( الجوالات - الهواتف المحمولة )



الشيخ/عبدالله الواكد
26-09-2012, 02:15
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


خطبة الجمعة لهذا الاسبوع


12/11/1433 هـ


بإذن الله تعالى


بعنوان


الهواتف المحمولة


أو


الهواتف النقالة


أو


الجوالات


كتبها / عبدالله بن فهد الواكد


إمام وخطيب جامع الواكد بحائل




الخطبة الأولى



أيها الأحبةُ المسلمونَ : قال اللهُ سبحانَهُ وتعالى ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) وفي صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الدنيا حلوة خضرة , وإن الله مستخلفكم فيها . فينظر كيف تعملون . ) الحديث
أيها الأحبة في الله : لقدْ تسجَّى الناسُ بنِعمٍ غامرةٍ ، وأفضالٍ عامرةٍ ، مجردُ نظرةٍ خاطفةٍ للماضي القريبِ ، تخلقُ في نظرِ الناظرِ ، بَوناً شاسعاً بينَ ذلكَ الزمانِ العطرِ ، والدهرِ العبقِ ، الذي كانَ الناسُ فيهِ في راحةٍ وطمأنينةٍ ، وأُنسٍ وسعادةٍ ، مجالسُهُم تفوحُ بالرجولةِ ، وتزدانُ بالأنسِ ، وتطيبُ بالحديثِ ، قبلَ أنْ تفيضَ عليهِم هذهِ الدنيا ، منْ فيضِ عطاءِ اللهِ ، سُبلَ الرفاهِ والسعةِ ، وقبلَ أنْ تُكدِّرَ عليهِم الحضارةُ والتقنيةُ ، نقاوةَ زمانِهِم ، وصفاءَ مكانِهِم ، حطَّت الصناعاتُ والإختراعاتُ بثُقلِها ، فتقاربت البلدانُ ، وتلاحمت الأوطانُ ، وتطورتْ وسائلُ الإتصالِ ، حتى أصبحَ الهاتفُ النقالُ في جيوبِ الصبيانِ والأطفالِ ، دُهِشَ الناسُ وشُدِهُوا ، إغتراباً وعجباً ، مِنْ هذهِ الوسيلةِ ، ومنْ هذا الجهازِ ، الذي قضى على الرسائلِ والخطاباتِ ، التي كانتْ وسائلَ للإتصالِ زمناً طويلاً ، جاءَ الهاتفُ الجوالُ ، فكانَ شيئاً أغربَ مِنَ الخيالِ ، نمى وتطورَ فأُلْحِقَتْ بهِ وسائلُ التسجيلِ ، وكمراتُ التصويرِ ، وبرامجُ الكتابةِ والتدوينِ ، فأصبحَ مكتباً متنقلاً في جيبِ الإنسانِ ، تُعرضُ عليهِ القنواتُ ، وتُسمَعُ بهِ التسجيلاتُ ، فسبحانَ اللهِ ، هذهِ الدنيا كُلَّماَ أعطتْ أخذَتْ ، وكُلماَ أَترفَتْ أَتلفَتْ ، لقدْ سرقت هذهِ الأجهزةُ من حياةِ الناسِ الشيءَ الكثيرَ ، وكدَّرت عليهم صَفْوَ أيامِهِم ، كانَ الناسُ إلى عهدٍ قريبٍ ، يَقْدِرُونَ للمجالسِ قَدْرَهاَ ، ويعرفونَ آدابَها وأصولَها ، فلا يجتريءُ صغيرٌ بالكلامِ أمامَ الكبيرِ ، ولا يُقاطِعُ المتحدثَ أحدٌ حتى يُنهي حديثَهُ ، ولا يلهوا أحدٌ بشيءٍ عندَ جليسِهِ ، فللمجالسُ آدابٌ حثَّتْ عليهاَ شريعةُ اللهِ ، وسنةُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، التزمَ الناسُ بها لأنَّها ضَرْبٌ من ضروبِ الأخلاقِ التي تقومُ عليها العاداتُ الإجتماعيةُ ، والمُثُلُ الأخلاقيةُ ، فهي أصولٌ تتفرعُ منها الفضائلُ الجميلةُ والشمائلُ الأصيلةُ ، جاءتْ هذه الجوالاتُ ، فكانت نعمةً من نعمِ اللهِ ، تُقضى بها الحاجاتُ ، وتُنهى بها المُهِمَّاتُ ، وتُنقلُ بها الأخبارُ ، وتُقضى بها الأوطارُ ، ثم طُوِّرَتْ هذهِ الوسائلُ حتى أصبحت مراكزَ للمعلوماتِ ، وأجهزةً تضمُّ العديدَ من الخدماتِ ، فعكفَ عليها أهلُها عكوفاً شديداً أشدَّ من عكوفِهِم على تلاوةِ كتابِ اللهِ ، وعلى قراءةِ سنةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، أصبحَ إنهماكُ الناسِ على شاشاتِها ظاهرةً مزعجةً ، وقضيةً مقلقةً ، ينموا في ظِلِّها مع الأيامِ سلوكاً انطوائياً ، وتشتُّتاً إجتماعياً ، وشطَطاً تربوياً ، واللهِ إنَّكَ لتدخلَ البيتَ فتجدُ أهلَ البيتِ الصغيرَ والكبيرَ ، كلَّ واحدٍ منهُم في يدِهِ جوالٌ ، قد أرْخَوْ رؤوسَهم على شاشاتِ جوالاتِهم ، , إجتمعتْ أجسادُهُم وتفرقت أرواحُهُم وعقولُهُم ، مشكلةٌ كبيرةٌ ، ومعضلةٌ عظيمةٌ ، تدخلُ مجلساً من المجالسِ ، فيه من الشبابِ وربما من الرجالِ ، قد تقابَلوا واجتمعوا ، وتَنتَظِرُ مِنْهُم أنْ يكونَ للحديثِ بينَهُم تجاذبٌ ، فإذا بِهِم صرعى على هذه الجوالاتِ ، كأَنَّ على رؤوسِهُمُ الطيرَ ، لا يُكَلِّمُ أحدٌ أحداً ، ما هذهِ الظاهرةُ المزعجةُ ، وما هذا السلوكُ الغريبُ ، أنُزِعَ الحياءُ من البيوتِ ، ومن المجالسِ ، وأمسى الجليسُ ليسَ لهُ قيمةٌ ، والضيفُ ليسَ لهُ حضوةٌ ، هذهِ الأجهزةُ ، دخَلتْ في حياتِنا فصنَعَت الكثيرَ ، وغيرت الكثيرَ ، وأتلفت الكثيرَ ، فقد تجاوزَ الناسُ الحدَّ في الإستفادةِ منها ، حتى انقلبتْ إلى وسائلِ شرٍّ ووبالٍ ، فكم سبَّبَت من مشاكلَ وخصوماتٍ ، وفُرقةٍ وخلافاتٍ ، وكم أتلفت من أموالٍ ، حتى أصبحَ الأكلُ والشربُ أرخصَ من الكلامِ ، وكم سببت من حوادثَ ووفياتٍ ، وكم كانت سبباً في إزعاجِ البيوتِ وإيذاءِ المصلينَ ، وسَلْبِ خشوعِ الخاشعينَ ، ما كنتُ أظُنُّ أنها تبلُغُ هذا المبلغَ ، ذكرَ لي أحدُ الشبابِ أنهُ رأى في أحدِ مساجدِ الجمعةِ شباباً منهمكونَ على أجهزةِ جوالاتِهِم ، البلاك بيري ، الإمامُ يخطبُ ، وهم يتحادثونَ بالرسائلِ ، ألهذا الحدِّ أيها المسلمونَ ، سيطَرَتْ هذهِ الأجهزةُ على سلوكِنا وسلوكِ أبنائِناَ ، أصبحَ الواحدُ منا يتكلمُ بالساعاتِ المتواصلةِ ، دونَ أنْ يحسِبَ أيَّ حسابٍ لصحتِهِ ولمالِهِ ولمن عندَهُ من الجالسينَ ، ورُبَّما دخلَ أحدُكُم على دائرةٍ حكوميةٍ أو شركةٍ خدماتيةٍ ، فبدلاً مِنْ أنْ يُرحبَ بهِ الموظفونَ وينجزوا لهُ عملَهُ ، تدخلُ على بعضِهِم هداهُمُ اللهُ وهُمْ في عالمٍ آخرَ معَ هذه الجوالاتِ ، وأما الشوارعُ والطرقاتُ فهي أكثرُ نفيراً فقلَّماَ تمرُّ بجانبِ سيارةٍ إلا وصاحبُها منهمكٌ مع جوالِهِ ، إما يقرأُ أو يكتبُ أو يتحدثُ ، يسيرُ في الطريقِ ، وفي وسطِ الناسِ ، وبينَ السياراتِ ، وربما معَهُ أسرتُهُ وأبناؤُهُ وهو منهمكٌ بالحديثِ أو مشغولٌ بالرسائلِ أو بغيرِها ، مشكلةٌ عظيمةٌ ، ومعضلةٌ جسيمةٌ ، أيها المسلمونَ : إنَّ مِنْ أسبابِ حفظِ النعمةِ ، هو تقنينُها ، وتقنينُ استخدامِها في محيطِ الفائدةِ المحضةِ ، أرأيتُمُ النارَ التي في بُيُوتِكُم ، هل هي نعمةٌ أم نقمةٌ ؟ لا واللهِ بلْ نعمةٌ عظيمةٌ من نِعَمِ اللهِ قال اللهُ تعالى فيها ( أفرأيتُم النارَ التي تورون ) ولا يخلوا بيتٌ من موقدٍ للنارِ لكنَّها إنْ خرجَتْ عن محيطِ استخدامِها المقننِ ، سببت الحرائقَ العظيمةَ ، فأزهقت الأنفسَ وأتلفت الممتلكاتِ ، نسألُ اللهَ أنْ يحفظَناَ وإياكم من كُلِّ سوءٍ ، باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ ....




الخطبة الثانية



الهاتفُ الجوالُ أيها المسلمونَ : وسيلةٌ يتوسلُ بها الناسُ لمآربَ أخرى ، وليسَ غايةً بعينِه ، فيجبُ على الناسِ إقتصارُ استخدامِهِ على الحاجاتِ المهمةِ والملحةِ ، وأنْ يتقي اللهَ السائقونَ في أنفسِهِم وفيمنْ حولَهم من الغادينَ والرائحينَ وأنْ يتركوا استخدامَهُ أثناءَ القيادةِ وخصوصاً في الأماكنِ المزدحمةِ ، علماً أنَّ أنظمةَ المرورِ في كثيرٍ من الدولِ تمنعُ ذلكَ ، وأنْ يُعَنِّزَ الجالسونَ على مَنْ يعبثُ بهِ بينَهُم ويؤنبُوهُ لأنَّ المجالسَ لها آدابُها ، ومع ذلكَ كُلِّه فلا بأسَ أنْ يطَّلعَ الإنسانُ على ما يردُ من خلالِهِ مِن رسائلَ نافعةٍ وأخبارٍ ، ولكنْ ليسَ بينَ الناسِ ولاَ وهُوَ يقودُ السيارةَ ، إنما يجعلُ لهُ أوقاتاً مخصصةً في بيتِهِ ولوحدِهِ ، وعلى المسلمِ أنْ يبتعدَ عن وضعِ الموسيقى ونحوِها تنبيهاً لجوالِهِ ، وأنْ يحرصَ المسلمُ على قفلِ جوالِهِ عندَ دخولِهِ المسجدِ ومعَ وضْعِهِ لحذائِهِ ، فإذا خرجَ من الصلاةِ فتحَهُ مع لبسِهِ لحذائِهِ ، لأنَّ المصلينَ يتأذَّوْنَ من أصواتِ الجوالاتِ ، بل وتسلُبُ الخشوعَ والطمأنينةَ من قلوبِ المصلينَ ، فلا تَكُنْ باركَ اللهُ فيكَ سبباً في قتلِ الفضائلِ وهدمِ السلوكِ الحسنِ ولا تكن سبباً في إيذاءِ الناسِ وإلحاقِ الضررِ بِهم بسببِ هذا الجوالِ ، حفظَناَ وإياكَ الكبيرُ المتعالُ ، صلوا وسلموا على محمد

هند القاضي
26-09-2012, 17:40
بارك الله فيك

سالم الظفيري
26-09-2012, 23:40
جزاك الله خير وبارك فيك ونفع في علمك

الشيخ/عبدالله الواكد
28-09-2012, 00:43
بارك الله فيك أختي الكريمة هند
وأشكر لك مرورك وتعقيبك

الشيخ/عبدالله الواكد
28-09-2012, 00:44
أشكر مرورك الكريم أخي سالم
وأسأل الله أن يحفظك ويرعاك

الشيخ/عبدالله السالم
28-09-2012, 08:27
شكر الله لك أيها الخطيب اللبيب و شيخنا الحبيب . لقد أبدعت وأفدت . وليس غريبا منك أنت كذا كما عودتنا .. ستكون هي خطبتي هذا اليوم إن شاء الله .. لا حرمكَ الله أجرها .. محبك أبو ســامي

الشيخ/عبدالله الواكد
29-09-2012, 22:52
شكر الله لك أيها الخطيب اللبيب و شيخنا الحبيب . لقد أبدعت وأفدت . وليس غريبا منك أنت كذا كما عودتنا .. ستكون هي خطبتي هذا اليوم إن شاء الله .. لا حرمكَ الله أجرها .. محبك أبو ســامي



زادني شرفا مرورك العطر يا أبا سامي ولي شرف أن تخطبها فأنتم الأطباء ونحن الصيادلة أحبك الله الذي أحببتنا فيه
أخوك المخلص أبو فهد

محمدالمهوس
02-10-2012, 08:24
لا فض فوك شيخنا الفاضل
خطبة رائعة سوف تكون في جامعنا الجمعة القادمة
من دون زيادة أو نقص أو تصرف ( وفقك الله وجعلها في ميزان
حسناتك )

الشيخ/عبدالله الواكد
19-02-2015, 14:42
سأخطبها غدا بإذن الله لحاجة الناس إليها