المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العاهل الاردني والدولة العلوية مقال عبدالباري عطوان



الشرق
09-08-2012, 14:19
العاهل الاردني والدولة العلوية مقال عبدالباري عطوان

مقال عبدالباري عطوان في جريدة القدس العربي بتأريخ اليوم 8/8/2012

من الصعب ان يتكهن اي انسان، مهما بلغ من الحكمة والخبرة، بالصورة التي ستنتهي عليها اﻻ‌وضاع في سورية، ولكن ما يمكن التكهن به هو ان الصراع المسلح الدائر حاليا على اﻻ‌رض سيطول، وان النظام السوري لن يسقط خﻼ‌ل ايام، رغم اﻻ‌نشقاقات التي تعرض لها واحدثت هزة نفسية واعﻼ‌مية، صعّدت آمال الكثيرين في هذا المضمار.
الذين تدخلوا في هذه اﻷ‌زمة، خاصة اولئك الذين دفعوا باتجاه عسكرة الثورة السورية، ودعموا المعارضين بالمال والسﻼ‌ح، لم يتدخلوا من اجل احﻼ‌ل الديمقراطية وحقوق اﻻ‌نسان وتخليص الشعب من نظام ديكتاتوري دموي سلبه كرامته وحرياته، كما انهم لم يتوقعوا ان تستمر، اي اﻷ‌زمة، ﻷ‌كثر من اسابيع او اشهر معدودة، وهنا جاء الخطر اﻻ‌كبر والكارثي في الحسابات.
النظام السوري صمد طوال هذه المدة ﻷ‌ن معظم اﻻ‌نشقاقات التي وقعت في صفوفه كانت اعﻼ‌مية صرفة، وفي اطار حرب نفسية، ولم تحدث اثرا جديا يضعف النظام ويقوّض اركانه. اسماء كبيرة.. نعم.. ولكنها دون جذور حقيقية او ﻻ‌عبة اساسية في دائرة صنع القرار.
صحيح ان اربع شخصيات امنية كبرى تشكل عصب خلية ادارة اﻷ‌زمة، من بينهم وزير الدفاع ونائبه آصف شوكت صهر الرئيس، تعرضوا لﻼ‌غتيال، ولكن الصحيح ايضا ان هذه العملية ما زالت تتسم بالغموض، ولم ترشح اي تفاصيل عنها، ولم تعلن اي جهة المسؤولية عن تنفيذها، ولم نتعرف حتى هذه اللحظة على العنصر او العناصر التي شاركت فيها، وما هو مصيرها، فهل هي عملية انتحارية، ام عملية زرع متفجرات في القاعة، وكيف تمت؟
جميع السيناريوهات واردة، ولكن ﻻ‌ يجب استبعاد السيناريو اﻷ‌هم وهو احتمال قيام النظام نفسه، او ابرز اجنحته، بتصفية هؤﻻ‌ء بضربة استباقية لشكوك في وﻻ‌ئهم، او لتسرّب معلومات من استخبارات خارجية مضادة (روسية مثﻼ‌) عن وجود اتصاﻻ‌ت غربية معهم لقلب النظام؟
كان ﻻ‌فتا انه بعد تصفية هؤﻻ‌ء ازداد الجيش السوري شراسة، ونجح في السيطرة على مدينة دمشق، بعد ان كادت تسقط في ايدي الجيش السوري الحر وانصاره، واستعادة الجزء اﻷ‌كبر من حي صﻼ‌ح الدين في حلب، ان لم يكن كله، اﻷ‌مر الذي يذكرنا بتقدم مماثل لقوات المعارضة الليبية بعد اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس قائدها السابق، وتوالي سقوط المدن في ايديها ،ابتداء من مصراتة وانتهاء بطرابلس وسرت وبني الوليد.
' ' '
الكفة بدأت ترجح لصالح النظام السوري وحلفائه، ليس لضعف المعارضة وقواتها، وانما لتردد حلفائها خوفا من الخسارة اوﻻ‌، وللمواقف شبه اﻻ‌نتحارية الداعمة للنظام من قبل الروس واﻻ‌يرانيين والصينيين، واستخدامهم كل ما في جعبتهم من اوراق قوة للحيلولة دون سقوط الرئيس اﻻ‌سد، حتى اﻵ‌ن على اﻷ‌قل.
الحماس التركي للمعارضة السورية بدأ يخفت، وتهديدات السيد رجب طيب اردوغان باتت اخف لهجة، ان لم تكن معدومة في اﻻ‌يام اﻻ‌خيرة، بعد ازدياد عمليات حزب العمال الكردستاني، واستخدامه لخمس محافظات شمال سورية كقاعدة لشنها، وتصاعد اﻻ‌صوات التركية المعارضة لتورط تركيا في اﻷ‌زمة السورية، وتسرّب ابناء عن بوادر صراع طائفي بين اﻻ‌قلية العلوية مدعومة ببعض الفصائل الكردية، واﻻ‌غلبية السنية.
اﻻ‌دارة اﻻ‌مريكية الحاضنة اﻷ‌برز للمعارضة السورية بدت مرتبكة في سياستها تجاه الملف السوري، فهي تريد دعم المعارضة السورية للتسريع بإسقاط النظام، ولكنها تخشى في الوقت نفسه ان تصل اﻻ‌سلحة الى التنظيمات اﻻ‌سﻼ‌مية المتشددة، وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص الذي بات من الصعب انكار وجوده على اﻻ‌راضي السورية.
فعندما يتحدث المقاتلون في صفوف المعارضة في حلب، المعركة اﻻ‌هم، عن نقص حاد في الذخيرة، فهذا يعني وبكل بساطة ان فرص قوات الجيش العربي السوري النظامي في استعادة المدينة باتت اكبر، والمسألة مسألة وقت ﻻ‌ اكثر.
من الواضح، ومن خﻼ‌ل بعض التقارير الغربية، ان خطة 'اصدقاء الشعب السوري' كانت تتلخص في اﻻ‌طاحة بالنظام واﻻ‌ستيﻼ‌ء على ترسانته من اﻻ‌سلحة النووية، قبل اﻻ‌نتخابات الرئاسية اﻻ‌مريكية، للتفـــــرغ ﻻ‌نجاز هـــــدفين اساسيين، اﻻ‌ول: هو اشعال ثورة شــــعبية في الجزائر تطيح بالنظام الحالي. والثاني البدء في تنـــفيذ اﻻ‌تـــــفاق اﻻ‌سرائيــــلي ـ اﻻ‌مريكي بضرب المنشآت النووية اﻻ‌يرانية، بعــــد تحيــــيد العامل السوري، وعزل حزب الله في لبنان ومحاصرته وربما تصفيته عسكريا وامنيا وسياسيا، من خﻼ‌ل هجوم موسع.
فليس من قبيل الصدفة ان يقوم السيد سعيد جليلي ممثل السيد علي خامنئي المرشد اﻻ‌على للجمهورية اﻻ‌سﻼ‌مية، بزيارة خاطفة الى كل من بيروت حيث التقى السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، ودمشق لﻼ‌جتماع بالرئيس السوري بشار اﻻ‌سد، والتأكيد بأن ايران 'لن تسمح بكسر محور المقاومة الذي تشكل سورية ضلعا اساسيا فيه'.
الحرب الجارية حاليا في سورية هي حرب طائفية، والصراع الدائر فيها هو صراع على السلطة من المتوقع ان يستمر ﻷ‌شهر، وربما سنوات حتى يستطيع احد طرفيه حسم اﻷ‌مور عسكريا على اﻻ‌رض لصالحه، ويسلّم الطرف اﻵ‌خر في المقابل بالهزيمة، ويدفع ثمن هزيمته على غرار ما حدث في ليبيا.
الحلول السلمية جرى قبرها بعد انهيار مهمة كوفي عنان واستقالة صاحبها يأسا وقرفا، وعدم تعيين بديل حتى اﻵ‌ن، في ظل صراع شرس على النفوذ بين القوى العظمى، تطور الى حرب بالوكالة على اﻻ‌رض.
الروس والصينيون الذين انهزموا في العراق وليبيا، وقبلها في افغانستان، ﻻ‌ يريدون ان ينهزموا في سورية، او باﻻ‌حرى يريدون ان ينتقموا للخديعة الكبرى التي تعرضوا لها في هذه الدول على يد اﻻ‌مريكان وحلفائهم الغربيين والعرب النفطيين، وهذا ما يفسر استئسادهم في الدفاع عن اﻻ‌سد ونظامه.
' ' '
العاهل اﻻ‌ردني عبد الله الثاني يمكن ان نوصفه بأنه الترمومتر، او العدسة اﻷ‌صدق في رؤية مﻼ‌مح المخططات التي تطبخ للمنطقة، فقد كان اول من حذر من الهﻼ‌ل الشيعي وضرورة اقامة هﻼ‌ل سني في مقابله، وهذه النبوءة التي صدرت قبل ست سنوات تتجسد على اﻻ‌رض، كما انه كان اول من كشف عن وجود ستة آﻻ‌ف مقاتل يتبعون لتنظيم القاعدة، يعملون على اﻻ‌راضي السورية.
باﻷ‌مس فاجأنا العاهل اﻻ‌ردني بالتحذير من لجوء الرئيس بشار اﻻ‌سد وانصاره الى المنطقة العلوية واقامة كيان طائفي علوي فيها، وذلك اثناء حديث لمحطة 'سي.ان.ان' اﻻ‌مريكية الشهيرة، وعلينا اخذ هذه التحذيرات بجدية مطلقة، فالرجل ﻻ‌ ينطق عن هوى، وبﻼ‌ده استضافت قبل شهرين مناورات 'اﻻ‌سد المتأهب' العسكرية التي شاركت فيها 19 دولة بقيادة امريكا، تحت عنوان التدخل عسكريا لـ'تأمين' مخزون اﻻ‌سلحة الكيماوية السورية، وهي ايضا التي باتت المﻼ‌ذ اﻵ‌من للمنشقين السياسيين، وربما العسكريين السوريين.
التحذير من كيان علوي هو اول واقوى مؤشر عن مدى جدية احتمال تقسيم او تفتيت سورية على اسس طائفية وعرقية، وهذا يتناقض كليا مع اهداف الثورة الشعبية السورية في اقامة دولة ديمقراطية على جميع انحاء سورية، تتعايش فيها كل الطوائف واﻷ‌ديان واﻷ‌عراق على قدم المساواة.
سورية تتجه بسرعة نحو سيناريو التفتيت المرعب، وهو سيناريو، اذا ما نجح، سيصل الى الدول التي تستعجل سقوط النظام السوري حتما، فليست هناك اي دولة محصنة، بما في ذلك اﻻ‌ردن وتركيا ودول الخليج والسعودية منها خصوصا، فإذا قامت دولة علوية، واخرى سنية وثالثة كردية ورابعة درزية في ســورية، فتوقعوا قيام دولة الحجاز ودولة نجد ودولة عسير، ودولة اﻻ‌حساء، وربما ايضا دولة اﻻ‌قباط فــي مصر.. وﻻ‌ ننسى لبنان في هذه العجالة ايضا. نظرية أحجار الدومينو التفتيتية قد تكون العنوان اﻷ‌برز للمرحلة المقبلة.

الحيمري
09-08-2012, 21:28
هذا مقال العميل/عبدالباري عطوان

هو نفسه ممنوع من دخول بعض الدول العربيه بسبب السموم الذي يتثقف به

في جريدته.


سلام