عبدالرحمن
06-07-2012, 23:21
خص الكاتب وأستاذ علم الإجتماع علي الطراح خص بمقال عن الحركة الشبابية :
كيف نفهم حركة الشباب
مصيبة الدولة العربية بأنها لا تتعلم من التاريخ وهذا ما يفسر لنا حالة النكوص بشكلها العام .التاريخ البشري مليء بالشواهد والخبرات التي نتعلم منها ، والقاعدة هنا بديهية لا تحتاج الى ذكاء خارق وهي اول ما يتعلمه الطفل بأن خبراته المتراكمة هي الطريق السوي لتعديل سلوكه ، الا ان عقل السلطة العربية مصاب بعلل غير قابل للشفاء ، لان العقل تربى على ان الايام كفيلة بالمعالجة فيأتي التأجيل في مواجهة الازمات ومن هنا نفسر تكرارها الممل ، فالتمعن بحالة مصر وليبيا وسوريا هو الدليل لعلة عقل السلطة .
ففي مصر هناك معادلة خطيرة بما تحتويه من معان ،فمن كان يقبع بالسجن هو رأس السطلة ومن كان يعتليها يقبع بالسجن ،فالمعادلة لها دلالات كبيرة لا ان العقل السلطوي دائما يميل الى حلول غير عقلانية ، فيسارع الى المواجهة الامنية او اغداق المال لعله يعالج الخلل بينما نجد ان المطالب مشروعة وكل ما تحتاجه ايجاد السبل العقلانية في معالجة السياسات العامة التي انتجت تشوهات اجتماعية كبيرة في مجتمعاتنا العربية.
الشباب هو عنوان هذه المرحلة التي نعيشها ، وهو وقود التغير الذي نشاهده في بقاع بلادنا العربية ، هذا ما يقوله بعض من علماء الاجتماع من بلاد المغرب العربي حيث جمعتنا جلسة مناقشة نبحر بها في تحليل طبيعة التغيرات العربية. نحن نعرف ان مجتمعاتنا شابة لكون الشباب هم الغالبية وفي نفس الوقت هم من اكثر الفئات معاناة من قسوة السياسات العامة وهم اكثر الفئات مهمشة وهم كذلك الاكثر تأثرا في التغير الذي يحدث في العالم وهم من يستجيب ويتفاعل مع قضايا العصر والعولمة الا ان تفكير عقول السلطة يتجه دائما نحو تهميش هذه الفئة على اعتبار ان افكارهم ثورية وكثير ما تكون عاطفية بينما حقيقة الامر هم يحملون الطموح ويتعطشون لمجتمعات يسودها العدل الاجتماعي .
وهنا اعيد مقولة مشهورة للفيلسوف سارتر في تفاعله مع ثورة الشباب في عام 1969 حيث قال : تملكون خيالا اخصب من اسلافكم، امر تفصح عنه تلك الشعارات المكتوبة على الجدران. يتدفق منكم شيء مدهش، مزعزع، يدين كل ما ادى الى وصول مجتمعنا الى ما صول اليه من رداءة ظاهرة اسميتها حقل الممكنات'. هذه المقولة المشهورة تحلل لنا طبيعة الازمة حيث تعاملنا مع الشباب لا يكون ضمن العقل وقواعده مما نجد انفسنا قد نواجه انفجارات غير مسبوقة تؤدي الى تغيرات جذرية وهذا ما نود ان يفهم من الساسة في مجتمعاتنا العربية.
ثمة حقائق علمية من الممكن استنتاجها من حركة التغير العربي او ما سمي بالربيع العربي ، وهي حقائق سوشيولوجيا او اجتماعية تفسر لنا طبيعة الحدث . اول هذه الحقائق ، بأن الشباب هم من دفع بالحراك الثوري وهم من ازاحوا الاستبداد في مصر وليبيا .
الحقيقة الثانية ان التغير بدا وهو في بداية مراحله وتسير وفق متغيرات متفاعلة بين ما هو محلي وعالمي ، والحقيقة الثالثة ، ان مجتمعاتنا العربية تشهد تغير في نظام القيم الاجتماعية التي تحكم مسار المجتمع ، وهنا ظاهرة القيم هي من اكثر الظواهر تعقيدا في حقل العلوم الاجتماعية . فنظام القيم الاجتماعية تغير ولم يعد محكوم بالوروثات التقليدية ولدينا امثلة كثيرة حتى في مجتمعاتنا الخليجية حيث نجد ان شيوخ القبائل لم تعد لهم السطوة في تسير توجهات الشباب وفي قرار خياراتهم ، بمعنى ان هذه الشريحة ترفض التعامل من منطق السيد والمسود .
فاليوم ونتيجة لتوسع التعليم والتطور التقني ادى الى تغير كثير من المفاهيم ولعلى استحضر قول المؤرخ البريطاني لورانس ستون الذي درس التحولات في الثورة الانجليزية والفرنسية والروسية حيث لاحظ بوجود علاقة طردية بين ارتفاع نسبة التعليم وبين التخلص من الاستبداد وهذا ما اطلق عليه ' الاقلاع الثقافي'. كما علينا ان نتذكر التغير الذي اصاب الاسرة العربية حيث تراجعت سلطة الاب التقليدية ومقابل ذلك تطور وضع المراة وتحولت الى شريك في مواجهة الحياة ، فالرجل لم يعد هو العائل في ظل عمل المراة ومشاركتها للرجل وهذا بحد ذاته غير لنا فهمنا لكثير من المفاهيم الاجتماعية وجعل من الشباب بمصر سواء من الفتيات او الصبيان يقودون التغير ويواجهون العسكر غير مبالين لموتهم ، فهم وصلوا الى مرحلة لم يعد فيها شيء يفقدوها ،فالحياة تساوت مع الموت بل احيانا يكون في الموت حياة تعيد للانسان كرامته . والحقيقة الرابعة ، تتجسد في التطور في عالم المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي ، فاليوم الملايين يدخولن العالم الافتراضي وفي هذا العالم تدربوا على كسر حاجز الخوف ،فهم يشعرون احرار فيما يقولون وهذا مكنهم للخروج الى عالم الواقع. فعالم الانترنت احدث ثورة يصعب فهمها من ساستنا وهو عالم معقد يحرص علماء العلوم الاجتماعية دراسة تداعيتة السلوكية . فهذا العالم اوجد فرصة للتفاعل مع كل قضايا العالم بل احيانا كثيرة وحد الشباب وجعلهم قوة كبيرة يحرص الساسة في العالم المتقدم في التفاعل مع مطالبهم العقلانية . ولعلى هنا اشير الى ان الدين شكل قوة دافعة في تحريك الشباب ، والدين هنا شكل احد العوامل الاساسية ، فالطقوس لها بعدها السياسي كما حدث في صلوات الجمعة في ميدان التحرير .
اذن نحن امام متغيرات ضخمة يجب ان لا يستهان بها ، فالتغير في طوره الاول ولن يقف فيما وصل اليه ، ففي مصر نجد الرئيس مرسي من حركة الاخوان يعمل على توسيع دوائر التحالف مما يعني ان الرئيس لا يملك الاستفراد بالقرار حيث عرف وعايش قوة الحركة الشبابية التي كسرت الخوف ولم يعد الامن يشكل عامل خوف وهذا بحد ذاته يجب ان يفهم على حقيقتة والا لا نحاول تقليل دور الحركة الشبابية التي انتفضت وغيرت من معالم لم نكفر في يوم بانها تخضع للتغير الغير متوقع.
والرسالة التي نبعث بها بأن مجتمعاتنا الخليجية ليست ببعيدة عن الحراك الاجتماعي ، وهي مجتمعات تميزت بخصوصية لكون نظم الحكم السياسية ، ليست بنظم مستبدة كما انها نظم تحضى برضا اجتماعي مما يجعلها في موقع متميز يجب فيها ان تحرص على اخذ المبادرة والعمل على تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية.
كيف نفهم حركة الشباب
مصيبة الدولة العربية بأنها لا تتعلم من التاريخ وهذا ما يفسر لنا حالة النكوص بشكلها العام .التاريخ البشري مليء بالشواهد والخبرات التي نتعلم منها ، والقاعدة هنا بديهية لا تحتاج الى ذكاء خارق وهي اول ما يتعلمه الطفل بأن خبراته المتراكمة هي الطريق السوي لتعديل سلوكه ، الا ان عقل السلطة العربية مصاب بعلل غير قابل للشفاء ، لان العقل تربى على ان الايام كفيلة بالمعالجة فيأتي التأجيل في مواجهة الازمات ومن هنا نفسر تكرارها الممل ، فالتمعن بحالة مصر وليبيا وسوريا هو الدليل لعلة عقل السلطة .
ففي مصر هناك معادلة خطيرة بما تحتويه من معان ،فمن كان يقبع بالسجن هو رأس السطلة ومن كان يعتليها يقبع بالسجن ،فالمعادلة لها دلالات كبيرة لا ان العقل السلطوي دائما يميل الى حلول غير عقلانية ، فيسارع الى المواجهة الامنية او اغداق المال لعله يعالج الخلل بينما نجد ان المطالب مشروعة وكل ما تحتاجه ايجاد السبل العقلانية في معالجة السياسات العامة التي انتجت تشوهات اجتماعية كبيرة في مجتمعاتنا العربية.
الشباب هو عنوان هذه المرحلة التي نعيشها ، وهو وقود التغير الذي نشاهده في بقاع بلادنا العربية ، هذا ما يقوله بعض من علماء الاجتماع من بلاد المغرب العربي حيث جمعتنا جلسة مناقشة نبحر بها في تحليل طبيعة التغيرات العربية. نحن نعرف ان مجتمعاتنا شابة لكون الشباب هم الغالبية وفي نفس الوقت هم من اكثر الفئات معاناة من قسوة السياسات العامة وهم اكثر الفئات مهمشة وهم كذلك الاكثر تأثرا في التغير الذي يحدث في العالم وهم من يستجيب ويتفاعل مع قضايا العصر والعولمة الا ان تفكير عقول السلطة يتجه دائما نحو تهميش هذه الفئة على اعتبار ان افكارهم ثورية وكثير ما تكون عاطفية بينما حقيقة الامر هم يحملون الطموح ويتعطشون لمجتمعات يسودها العدل الاجتماعي .
وهنا اعيد مقولة مشهورة للفيلسوف سارتر في تفاعله مع ثورة الشباب في عام 1969 حيث قال : تملكون خيالا اخصب من اسلافكم، امر تفصح عنه تلك الشعارات المكتوبة على الجدران. يتدفق منكم شيء مدهش، مزعزع، يدين كل ما ادى الى وصول مجتمعنا الى ما صول اليه من رداءة ظاهرة اسميتها حقل الممكنات'. هذه المقولة المشهورة تحلل لنا طبيعة الازمة حيث تعاملنا مع الشباب لا يكون ضمن العقل وقواعده مما نجد انفسنا قد نواجه انفجارات غير مسبوقة تؤدي الى تغيرات جذرية وهذا ما نود ان يفهم من الساسة في مجتمعاتنا العربية.
ثمة حقائق علمية من الممكن استنتاجها من حركة التغير العربي او ما سمي بالربيع العربي ، وهي حقائق سوشيولوجيا او اجتماعية تفسر لنا طبيعة الحدث . اول هذه الحقائق ، بأن الشباب هم من دفع بالحراك الثوري وهم من ازاحوا الاستبداد في مصر وليبيا .
الحقيقة الثانية ان التغير بدا وهو في بداية مراحله وتسير وفق متغيرات متفاعلة بين ما هو محلي وعالمي ، والحقيقة الثالثة ، ان مجتمعاتنا العربية تشهد تغير في نظام القيم الاجتماعية التي تحكم مسار المجتمع ، وهنا ظاهرة القيم هي من اكثر الظواهر تعقيدا في حقل العلوم الاجتماعية . فنظام القيم الاجتماعية تغير ولم يعد محكوم بالوروثات التقليدية ولدينا امثلة كثيرة حتى في مجتمعاتنا الخليجية حيث نجد ان شيوخ القبائل لم تعد لهم السطوة في تسير توجهات الشباب وفي قرار خياراتهم ، بمعنى ان هذه الشريحة ترفض التعامل من منطق السيد والمسود .
فاليوم ونتيجة لتوسع التعليم والتطور التقني ادى الى تغير كثير من المفاهيم ولعلى استحضر قول المؤرخ البريطاني لورانس ستون الذي درس التحولات في الثورة الانجليزية والفرنسية والروسية حيث لاحظ بوجود علاقة طردية بين ارتفاع نسبة التعليم وبين التخلص من الاستبداد وهذا ما اطلق عليه ' الاقلاع الثقافي'. كما علينا ان نتذكر التغير الذي اصاب الاسرة العربية حيث تراجعت سلطة الاب التقليدية ومقابل ذلك تطور وضع المراة وتحولت الى شريك في مواجهة الحياة ، فالرجل لم يعد هو العائل في ظل عمل المراة ومشاركتها للرجل وهذا بحد ذاته غير لنا فهمنا لكثير من المفاهيم الاجتماعية وجعل من الشباب بمصر سواء من الفتيات او الصبيان يقودون التغير ويواجهون العسكر غير مبالين لموتهم ، فهم وصلوا الى مرحلة لم يعد فيها شيء يفقدوها ،فالحياة تساوت مع الموت بل احيانا يكون في الموت حياة تعيد للانسان كرامته . والحقيقة الرابعة ، تتجسد في التطور في عالم المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي ، فاليوم الملايين يدخولن العالم الافتراضي وفي هذا العالم تدربوا على كسر حاجز الخوف ،فهم يشعرون احرار فيما يقولون وهذا مكنهم للخروج الى عالم الواقع. فعالم الانترنت احدث ثورة يصعب فهمها من ساستنا وهو عالم معقد يحرص علماء العلوم الاجتماعية دراسة تداعيتة السلوكية . فهذا العالم اوجد فرصة للتفاعل مع كل قضايا العالم بل احيانا كثيرة وحد الشباب وجعلهم قوة كبيرة يحرص الساسة في العالم المتقدم في التفاعل مع مطالبهم العقلانية . ولعلى هنا اشير الى ان الدين شكل قوة دافعة في تحريك الشباب ، والدين هنا شكل احد العوامل الاساسية ، فالطقوس لها بعدها السياسي كما حدث في صلوات الجمعة في ميدان التحرير .
اذن نحن امام متغيرات ضخمة يجب ان لا يستهان بها ، فالتغير في طوره الاول ولن يقف فيما وصل اليه ، ففي مصر نجد الرئيس مرسي من حركة الاخوان يعمل على توسيع دوائر التحالف مما يعني ان الرئيس لا يملك الاستفراد بالقرار حيث عرف وعايش قوة الحركة الشبابية التي كسرت الخوف ولم يعد الامن يشكل عامل خوف وهذا بحد ذاته يجب ان يفهم على حقيقتة والا لا نحاول تقليل دور الحركة الشبابية التي انتفضت وغيرت من معالم لم نكفر في يوم بانها تخضع للتغير الغير متوقع.
والرسالة التي نبعث بها بأن مجتمعاتنا الخليجية ليست ببعيدة عن الحراك الاجتماعي ، وهي مجتمعات تميزت بخصوصية لكون نظم الحكم السياسية ، ليست بنظم مستبدة كما انها نظم تحضى برضا اجتماعي مما يجعلها في موقع متميز يجب فيها ان تحرص على اخذ المبادرة والعمل على تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية.