الشيخ/عبدالله السالم
13-04-2012, 09:54
الحمدُ للهِ جزيلِ العطاءِ ، مُسدي النَّعْمَاءِ ، وكاشفِ الضَّراءِ ومُعطي السَّراءِ ، الحمدُ للهِ أبداً سرمداً ، ولا نشركُ معه أحداً تباركَ فرداً صمداً، لم يتخذْ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكَ له ولا عَضُداً ، أشهدُ أن لا إلهَ لنا غَيرُهْ ، ولا رَبَّ لنا سِواهُ ، ولا نعبدُ إلاَّ إياهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أَمَّا بَعْدُ :أيُّها الأحبةُ في الله ، فَقَد أنزلَ اللهُ عَلينا الغيثَ بفضلِهِ ورحمتِهِ ، وَعمَّ به جميعَ أرضِنا ، فأصبحْنا بنعمتِهِ مستبشرينَ ، وبخيرِهِ ورحمتِهِ فرحينَ ، (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)والْغَيثُ المُبَارَكُ نِعمةٌ ورَحْمَةٌ مِنَ الله تَعَالَى ، يَرْحَمُ بِهِ عِبَادَهُ لِيَشْرَبُوا وَيَأْكُلُوا وَيَتَطَهَّرُوا، وَوَاجِبٌ عَلَيهِمْ أَنِ يَعْرِفُوا لِهَذِهِ الْنِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ قَدْرَهَا، وَيَجْتَهِدُوا فِي شُكْرِهَا، مُسْتَحْضِرِينَ أَثَرَ هَذِهِ الْنِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ فِي مَشَارِبِهِمْ ، وَمَآكِلِهِمْ وَطَهُورِهِمْ، وَمَنِ اسْتَقْرَأَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ وَجَدَ فِيهِ تَنْوِيهًا بِهَذِهِ الْنِّعَمِ الْثَّلَاثِ فِي الْغَيثِ ، مَعَ تَذْكِيرِ الْخَلْقِ بِشُكْرِهَا فِي كُلِّ مَوضِعٍ: فَفِي نِعْمَةِ الْشُّرْبِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (أَفَرَأَيتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ *أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ *لَو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَولَا تَشْكُرُونَ) [الْوَاقِعَةُ: 70] أَي: فَهَلَّا شَكَرْتُمُوهُ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي نِعْمَةِ المَآكِلِ آيَاتٌ كَثِيرةٌ تُعَلَّلُ بِالْشُّكْرِ ، وَانْتَبِهُوا لِلْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْرِّزْقِ وَالْأَكْلِ تَجِدُوهَا مُذَيَّلَةً بِالْشُّكْرِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [الْبَقَرَةِ: 172]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ الله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [الْنَّحْلِ: 114]. وَالْنَّاسُ يَأْكُلُونَ مِنْ نِتَاجِ الْأَرْضِ الَّذِي سَبَبُهُ الْغَيثُ، فَجَعَلَ اللهُ تَعَالَىْ مَعَاشَ الْنَّاسِ وَأَرْزَاقَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ:يقولُ جلَّ في عُلاه (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) [الْأَعْرَافِ: 10]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوُا لَهُ) [سَبَأٍ: 15]، وَالْخَلِيلُ إِبْرَاهيمُ عَلَيهِ الْسَّلَامُ حِينَ دَعَا لَنَا بِالْرِّزْقِ ، عَلَّلَ ذَلِكَ بِالْشُّكْرِ؛ لِعِلْمِهِ بِمَقَامِ الْشُّكْرِ عِنْدَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ ، فَقَالَ عَلَيهِ الْسَّلَامُ (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إِبْرَاهِيمَ: 37]، وَهُوَ قُدْوَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ فِي شُكْرِ الْنِّعَمِ؛ إِذْ وَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى بِقَولِهِ سُبْحَانَهُ: (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ) [الْنَّحْلِ: 121]وَجَمَعَ اللهُ تَعَالَى نِعْمَتِي المَاءِ وَالْطَّعَامِ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ ، وجَعَلَهَا سُبْحَانَهُ دَلِيلًا عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، مُسْتَوجِبَةً لِشُكْرِهِ عَلَى نِعَمِهِ:قالَ عزَّ ذِكرُه (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ المَيتَةُ أَحْيَينَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ *وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ *لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ) [يس: 35] أَي: لَمْ يَعْمَلُوا بِأَيدِيهِمْ هَذِهِ الْعُيُونَ المُتَفَجِّرَةَ بِالمَاءِ، وَلَا هَذِهِ الْجَنَّاتِ المَلِيئَةَ بِالْطَّعَامِ وَالْثِّمَارِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ خَلْقِ الله تَعَالَى لَهُمْ، حِينَ أَحْيَا أَرْضَهُمْ، وَفَجَّرَ مَاءَهُمْ، وَأَنْبَتَ زَرْعَهُمْ، وَأَخْرَجَ ثِمَارَهُمْ، أَفَلَا يَشْكُرُونَهُ عَلَى ذَلِكَ؟! (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ). إِي وَعِزَّةِ رَبِّنَا وَجَلَالِهِ، لَمْ تَعْمَلْهُ أَيدِينَا، فَهَلَّا شَكْرَنَا اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا رَزَقَنَا وَأَعْطَانَا؟!لَقَدْ كَانَتْ نِعْمَتَا المَشْرَبِ وَالمَأْكَلِ ، مُسْتَحْضَرَةً عِنْدَ الْنَّبِيِّ e ، فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَشْرَبُ فِيهَا أَو يَأْكُلُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ y قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله e إِذَا أَكَلَ أَو شَرِبَ قَالَ: {الْحَمْدُ لله الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَيَسْتَحْضِرُ هَاتَينِ الْنِّعْمَتَينِ ، عِنْدَ الْخُلُودِ إِلَى الْنَّومِ ، فَيَشْكُرُ اللهَ تَعَالَى عَلَيهِمَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ y ، أَنَّ رَسُولَ الله e كَانَ إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ:{الْحَمْدُ لله الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَأَمَّا نِعْمَةُ الْتَّطَهُّرِ بِالمَاءِ فَجَاءَ الْتَّنْوِيهُ بِهَا ، فِي آيَةِ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ ، حِينَ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى فُرُوضَهُما وَأَحْكَامَهُمَا، ثُمَّ خَتَمَهَا بِقَولِهِ سُبْحَانَهُ: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [الْمَائِدَةِ: 6]، فَالمَاءُ وَالتَّطَهُّرُ بِهِ وَبَيَانُ أَحْكَامِ الْتَّطَهُّرِ كُلُّهَا ، نِعَمٌ تَسْتَوجِبُ الْشُّكْرَ، فَهَلَّا شَكَرْنَا اللهَ تَعَالَى عَلَيهَا؟! إِنَّنَا مَهْمَا عَدَدْنَا نِعَمَ الله تَعَالَى عَلَينَا فِي الْغَيثِ المُبَارَكِ ، فَلَنْ نُحْصِيَهَا ، وَهِيَ نِعَمٌ تَنْدَرِجُ تَحْتَ أُصُولٍ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْنِعَمِ: الأَكْلُ وَالْشُّرْبُ وَالتَّطَهُّرُ، وَإِذَا كُنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إِحْصَاءَهَا فَنَحْنُ عَاجِزُونَ عَنْ شُكْرِهَا، وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى بِنَا ، أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْنَا مِنَ الْشُكْرِ إِلَّا مَا نَسْتَطِيعُ ، فَهَلْ يَلِيقُ أَنْ نُقَصِّرَ فِيمَا نَسْتَطِيعُ مِنَ الْشُكْرِ ، وَهُوَ قَلِيلٌ بِالْنِّسْبَةِ لِكَثْرَةِ الْنِّعَمِ وَعَظَمَةِ المُنْعِمِ سُبْحَانَهُ؟! قَالَ سُلَيمَانُ التَّيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْعَمَ عَلَى الْعِبَادِ عَلَى قَدْرِهِ، وَكَلَفَهُمْ الشُّكْرَ عَلَى قَدْرِهِمْ".فـ(يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ الْسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فَاطِرِ: 3]. بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ...
الْحَمْدُ لله حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَومِ الْدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، حِينَ يَنْزِلُ الْغَيثُ المُبَارَكُ ، تَحْيَا الْأَرْضُ بِهِ بَعْدَ مَوتِهَا، وَيَنْتَعِشُ الْحَيَوَانُ وَالْشَّجَرُ وَالْثَمَرُ، وَيَغْسِلُ الْأَجْوَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْتَّلَوُّثِ، وَيَكُونُ الْهَوَاءُ نَقِيًّا، وَيَسْتَجِمُّ الْنَاسُ فِي رِيَاضِهِ وفَيَاضِهِ. وَكُلُّ أُولَئِكَ نِعَمٌ تَسْتَوجِبُ الْشُّكْرَ، وَلَا يَصْرِفُ الْنَّاسَ عَنِ الْشُّكْرِ ، إِلَّا حَبَائِلُ الْشَّيطَانِ المَنْصُوبَةِ لَهُمْ ،حِينَ وَعَدَ بِذَلِكَ: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَينِ أَيدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الْأَعْرَافِ: 17]. أَلَا وَإِنَّ مِنَ الْشُّكْرِ كَثْرَةَ ذِكْرِ الله تَعَالَى وَتَعْدَادَ نِعَمِهِ عَلَينَا،يقولُ سُبحانه (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَذِهِ الْنِّعْمَةِ فَإِنَّ ذِكْرَهَا شُكْرٌ". وَمِنَ الْشُّكْرِ المُحَافَظَةُ عَلَى فَرَائِضِ الله تَعَالَى وَالاجْتِهَادُ فِي عِبَادَتِهِ، (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الْشَّاكِرِينَ) [الْزُّمَرْ: 66].وَمِنَ الْشُّكْرِ مُجَانَبَةُ المَعَاصِي، فَلَا يَلِيقُ بِالْعِبَادِ ، أَنْ يُقَابِلُوا نِعَمَ الله تَعَالَى عَلَيهِمْ بِالمَعَاصِي، وَلَا أَنْ يُسَخِّرُوا مَا رَزَقَهُمْ ، فِيمَا يُغْضِبُهُ سُبْحَانَهُ؛ فَيَجِبُ أَنْ لَا نَبْطَرَ بِمَا رَزَقَنَا، وَأَنْ لَا نَنْسَى بِالْأَمْسِ حَاجَتَنَا وَاسْتِسْقَاءَنَا، وَشُكْرُ النِعَمِ يَزِيدُهَا، كَمَا أَنَّ كُفْرَهَا يَمْحَقُهَا وَيُذْهِبُ بَرَكَتَهَا، وَيَسْتَوجِبُ مَقْتَ الله تَعَالَى وَعُقُوبَتَهُ، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إِبْرَاهِيمَ: 7]، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "قَيِّدُوا الْنِّعَمَ بِالْشُّكْرِ".وَقَدْ يُغِيثُ اللهُ تَعَالَى قَومًا لِاسْتِسْقَائِهِمْ، وَاسْتِجَابَةً لِدُعَائِهِمْ، فَلَا يَشْكُرُونَهُ سُبْحَانَهُ، فَيُنْزِلُ عُقُوبَتَهُ عَلَيهِمْ، وَمَا بَينَ نِعْمَتِهِ وَعُقُوبَتِهِ ، مُدَّةٌ يَهْنَؤونَ فِيهَا بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيهِمْ ، (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)[الْنَّمْلِ: 40] عبادَ الله صلّوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
الْحَمْدُ لله حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَومِ الْدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، حِينَ يَنْزِلُ الْغَيثُ المُبَارَكُ ، تَحْيَا الْأَرْضُ بِهِ بَعْدَ مَوتِهَا، وَيَنْتَعِشُ الْحَيَوَانُ وَالْشَّجَرُ وَالْثَمَرُ، وَيَغْسِلُ الْأَجْوَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْتَّلَوُّثِ، وَيَكُونُ الْهَوَاءُ نَقِيًّا، وَيَسْتَجِمُّ الْنَاسُ فِي رِيَاضِهِ وفَيَاضِهِ. وَكُلُّ أُولَئِكَ نِعَمٌ تَسْتَوجِبُ الْشُّكْرَ، وَلَا يَصْرِفُ الْنَّاسَ عَنِ الْشُّكْرِ ، إِلَّا حَبَائِلُ الْشَّيطَانِ المَنْصُوبَةِ لَهُمْ ،حِينَ وَعَدَ بِذَلِكَ: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَينِ أَيدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الْأَعْرَافِ: 17]. أَلَا وَإِنَّ مِنَ الْشُّكْرِ كَثْرَةَ ذِكْرِ الله تَعَالَى وَتَعْدَادَ نِعَمِهِ عَلَينَا،يقولُ سُبحانه (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَذِهِ الْنِّعْمَةِ فَإِنَّ ذِكْرَهَا شُكْرٌ". وَمِنَ الْشُّكْرِ المُحَافَظَةُ عَلَى فَرَائِضِ الله تَعَالَى وَالاجْتِهَادُ فِي عِبَادَتِهِ، (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الْشَّاكِرِينَ) [الْزُّمَرْ: 66].وَمِنَ الْشُّكْرِ مُجَانَبَةُ المَعَاصِي، فَلَا يَلِيقُ بِالْعِبَادِ ، أَنْ يُقَابِلُوا نِعَمَ الله تَعَالَى عَلَيهِمْ بِالمَعَاصِي، وَلَا أَنْ يُسَخِّرُوا مَا رَزَقَهُمْ ، فِيمَا يُغْضِبُهُ سُبْحَانَهُ؛ فَيَجِبُ أَنْ لَا نَبْطَرَ بِمَا رَزَقَنَا، وَأَنْ لَا نَنْسَى بِالْأَمْسِ حَاجَتَنَا وَاسْتِسْقَاءَنَا، وَشُكْرُ النِعَمِ يَزِيدُهَا، كَمَا أَنَّ كُفْرَهَا يَمْحَقُهَا وَيُذْهِبُ بَرَكَتَهَا، وَيَسْتَوجِبُ مَقْتَ الله تَعَالَى وَعُقُوبَتَهُ، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إِبْرَاهِيمَ: 7]، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "قَيِّدُوا الْنِّعَمَ بِالْشُّكْرِ".وَقَدْ يُغِيثُ اللهُ تَعَالَى قَومًا لِاسْتِسْقَائِهِمْ، وَاسْتِجَابَةً لِدُعَائِهِمْ، فَلَا يَشْكُرُونَهُ سُبْحَانَهُ، فَيُنْزِلُ عُقُوبَتَهُ عَلَيهِمْ، وَمَا بَينَ نِعْمَتِهِ وَعُقُوبَتِهِ ، مُدَّةٌ يَهْنَؤونَ فِيهَا بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيهِمْ ، (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)[الْنَّمْلِ: 40] عبادَ الله صلّوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ