المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألبيــــــــــوت



الشيخ/عبدالله السالم
07-03-2012, 08:39
إن الْحَمْد لِلَّهِ، نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومن سيئات أعمالنا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وحدَهُ لا شريك له ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( ، ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(أما بعدُ ، أيُّها الأحبةُ في اللهِ : المساكِنُ والبُيوتُ نِعَمٌ عظيمةٌ ، أنعمَ اللهُ U بها على جميعِ المخلوقاتِ ، من إنسانٍ وحيوانٍ ودوابٍ وحشراتٍ قال تعالى )حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل:18) واختصَّ اللهُ بها عبادَهُ يومَ ظعنِهم ويومَ إقامتِهم وجعلَ للظَّعْنِ بُيوتاً وللإقامةِ بُيوتاً : ، هيَّأَها اللهُ لناَ ، ويَسَّرَ لناَ سُبُلَ بِنائِها وإِقامَتِها ، لتعُينَنَا على مطالبِ العيشِ وظروفِ الحياةِ ، تسكنُ بهاَ نفوسُنَا ، وترتاحُ فيها أجسادُنا ، ونأوي إليها متى شئنا ، وأنَّى أردْنا ، تقينا بردَ الشتاءِ ، وتُكِنَّنا عن لهيبِ الصيفِ ، وتستُرُنا عنْ أنظارِ الناسِ . يقولُ U مذكراً بهذهِ النعمةِ : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ) يقولُ ابنُ سعدي رحمه اللهُ في تفسيرِهِ عندَ هذهِ الآيةِ : يُذَكِّرُ تعالى عبادَهُ نِعَمَهُ ، ويستدعي منهم شُكْرَها والاعترافَ بها فقال : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ) في الدورِ والقصورِ ونحوِها ، تُكِنُّكُم منَ الحَرِّ والبردِ ، وتستُرُكُم أنتُمْ وأولادُكُم وأمتِعَتِكُم . ـ أيها الأخوةُ المسلمونَ ـ هذِهِ البيوتُ التي نسكنُ بها ، مِنْ أعظمِ نِعَمِ اللهِ U على عبادِه ِ، وبِماَ أنَّ اللهَ خلَقَها ويسَّرَهاَ للناسِ ، فليسَ مِن حكمتِهِ سبحانَهُ أنْ يترُكَ ما خلقَ عبثاً ، دونَ أنْ يوجِّهَ عُمَّارَ هذهِ البيوتِ إلى آدابِهاَ وحلالهِاَ وحرامِهاَ ، وقدْ أُنيطَتْ مسؤوليةُ هذهِ البيوتِ بربِّ الأسرةِ قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ ( كلُّكُمْ راعٍ وكلٌّ مسئولٌ عن رعيتِهِ ) فوليُّ أمرِ الأسرةِ ، مسؤولٌ عنْ سلامَة هذهِ البيوتِ ومَنْ فيها ، ومسؤولٌ عن أمْنِها الفكريِّ والإجتماعيِّ والتربويِّ ، ومسؤولٌ عن صيانَتِها والاهتمامِ بهاَ ، لأنَّ ذلكَ مطلَبٌ شرعيٌ ، وواجبٌ دينيُّ ، وبيتُ المسلمِ أيها المسلمونَ : يميزُهُ عن بيوتِ الآخرينَ ، أنَّهُ مأوى ومسكنُ ذلك الإنسانِ ، الذي جعلَ شريعةَ اللهِ أمامَ ناظريهِ ، وسُنةَ رسولِ اللهِ أغلى مما ملكتْ يديهِ ، مأوى ومسكنُ المسلمِ ، الذي يريدُ أنْ تسيرَ أمورُ البيتِ حسبَ شرعِ اللهِ ، فمسْكَنُ المسلمِ ومأكلُهُ ومشربُهُ وملبسُهُ ، لا يكونُ مخالفاً لما جاءَ بهِ دينُه ، الذي ارتضاهُ لهُ ربُّهُ U ، القائلُ في كتابِه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) فهذهِ البيوتُ التي نسكنُ بها ، نعمةٌ عظيمةٌ ، ومِنةٌ كريمهٌ ، ومن بابِ الشكرِ ، ووازعِ الذكرِ ، الذي تعلوا بهِ القيمُ ، وتدومُ بهِ النعمُ ، أنْ نجعَلَهاَ كماَ يُريدُ المنعمُ بها U قال سبحانه : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) فلا بدَّ أيها الأخوةُ في اللهِ من صيانةِ البيوتِ صيانةً حسيةً ، وصيانةً معنويةً ، وصيانةً شرعيةً ، إذْ ليستْ سلامةُ البيوتِ ، بأهمِّ مِن سلامةِ ساكنِيها ، وليستْ سلامةُ ساكنِيها في الدنيا ، بأولى مِن سلامَتِهم في الآخرةِِ ، فاعتَنَى الإسلامُ بهذهِ النعمةِ عنايةً عظيمةً ، فأوجبَ خُلوَّ هذهِ البيوتِ من الكلابِ والصورِ ، فجاءَ في الحديثِ المتفقِ عليهِ ، قولُ الرسولِ e :{ لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ } وحثَّ الإسلامُ على عِمَارَتهِا بكتابِ اللهِ ، وخاصةً قراءةُ سورةِ البقرهِ ، فقالَ e كما في صحيحِ مسلمٍ ، من حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ { لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ } وأمرَ بكثرةِ ذكرِ اللهِ U بها ، فقالَ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ في الحديثِ الذي رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ { مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِى يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِى لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ } وربُّ الأسرةِ ، وأهلُ البيتِ ، همُ الذينَ يستطيعونَ أنْ يجعلوا المسكنَ ، مصدرَ سعادةٍ وأمنٍ وراحةٍ وطمأنينةٍ ، لأنَّ عدمَ المبالاةِ بأمرِ الدينِ ، وتوجيهاتِ الشرعِ ، تجلبُ الشقاءَ والتعاسةَ للبيوتِ ، فحينما تركَ بعضُ المسلمينَ توجيهاتِ ربِّهمْ ، وتوصياتِ نبيِّهم e ، صارتْ بيوتُهم كعنابرِ السجونِ ، لا يجدونَ الراحةَ والطمأنينةَ إلا بالبعدِ عنها، نعم ـ أخوتي في الله ـ لما صارتْ بيوتُ بعضِ المسلمينَ مليئةً بوسائلِ الشرِّ التي لا تخفى على ألبابِكُم ، حلتْ العقوبةُ من الله ، فصارتْ مأوى للشياطينِ ، ومركزاً للقطيعةِ ، ومَوئلاً للعقوقِ ، وضياعاً للقوامةِ ، وتمرداً للشبابِ ، ونشوزاً للنساءِ ، ومُستنقعاً للخصوماتِ والطّلاقِ ، وحُقولاً للأمراضِ النفسيةِ والعضويةِ، ونُزعتِ البركةُ من الأرزاقِ والأعمارِ ، وهُجرتِ البيوتُ وعُمرتِ الاستراحاتُ ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) فلنتقِ اللهَ ـ يا عبادَ اللهِ ـ ولنشكرِ اللهَ U على هذهِ النعمةِ العظيمةِ ، ولنجعلها وسيلةً وسبباً لما يُقربناَ من المنعمِ بها ، اسأله U أن يهدي ضال المسلمين ، إنه سميع مجيب ، اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فإنه هو الغفور الرحيم .







الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا:أمَّا بعد : أيها الأخوة المؤمنون : ومما جاءَ به الدينُ ، ويتعلقُ بنعمةِ السكنِ ، العملُ على سلامةِ البيوتِ من أخطارِ وأضرارِ الدنيا ، وهي ميزةٌ تميَّزَ بها الإسلامُ ، بحرصِهِ على سلامةِ أفرادِهِ ، ومن ذلكَ ـ أيها الأخوة ـ : فعلُ أسبابِ النجاةِ ، والحذرُ من وسائلِ الهلاكِ ، ففي البخاريِّ من حديثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما ، يقول الرسولُ e : { خَمِّرُوا الآنِيَةَ ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ ، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ } وفي الحديثِ الذي رواهُ البخاريُّ ، عن أَبِي مُوسى t ، قَالَ : احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ e ، قَالَ :{ إِنَّ هذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ } نسألُ اللهَ U أنْ يجعلَ بيوتَناَ وسائلَ راحةٍ لنا في دنيانا ، وسُبُلَ سعادةٍ لنا في آخرتنِا ، إنه سميع مجيب .اللهم آمنا في اوطاننا ، واستعمل علينا خيارنا ، واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك ، واتبع رضاك ، يارب العالمين .اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولها ، برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى . اللهم أحينا سعداء وتوفنا شهداء واحشرنا في زمرة الأتقياء يارب العالمين . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا ، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا ، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم اختم لنا بخير واجعل عواقب أمورنا إلى خير وتوفنا وأنت راضٍ عنا.اللهم إنا نسألك وأنت في عليائك ، وأنت الغني ونحن الفقراء إليك ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريعا سحا غدقا ، عاجلا غير آجل ، نافعا غير ضار ، غيثا تغيث به البلاد والعباد ، وتسقي به الحاضر والباد ، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان ، وبلادنا بالأمطار ، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عباد الله :( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فاذكروا الله العظيم يذكركم ، واشكروه على وافر نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون