منصور الغايب
01-03-2012, 23:35
"عندنا وعندك خير" هي أول جملة يسمعها من يشتكي حاله لشخص آخر محسناً به الظن في أنه سيقوم بالتخفيف عنه ومواساته وتذكيره بنعم الله التي تتوالى عليه ومحاولة صرف نظره عن التفكير في مثل هذه الأمور وإدامة النظر في من هو أقل حالا منه حتى لا يزدري نعمة ربه عزّ وجل ، لكنه مع الأسف يخيب ظنه فيه مع أول جملة تنطق بها شفتاه وكأنه يقول له : "زيد من اللطم والعويل زيد هو أنته لسّه شفت حاجة ؟!" ، فيعود ذلك على الشاكي باليأس والإحباط والوقوع في ما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم وهو إزدراء نعمة الله عز وجل على العبد ، فيصدق في الشاكي قول القائل :
المستجير بزيد عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
في بلدي ... الكل إلا ما ندر ممتعض ومتسخط وغير راضٍ عن وضعه ، والكل يرى نفسه أفقر الموجودين على هذه البسيطة ، ويرى نفسه المظلوم الذي أخذ حقه لأنه لا يملك الواسطة ، ويرى أنه الأجدر بكل شئ ، الأجدر بالمنصب والأجدر بالمال والأجدر بالتقدير والاحتفاء ، بل ويتجاوز ذلك حتى يرى البعض أنه الأجمل في هذا البلد وأنه مظلوم من قبل الفتيات اللاتي ما يعطونه وجه !
الحقيقة أن سياسية التشكي والتظلم وعدم الرضا والقناعة بما عليه المرء مرض فتّاك يغزو غالبية المجتمع ، حتى أصبحت بعض المجالس مملة من كثرة التباكي على الوضع لدرجة يخيل إليك أن الحديث يدور عن بلد آخر ، ولو كلّف بعض المتسخطين أنفسهم ويمموا وجوههم قبل بعض المناطق التي يعيش فيها بعض ضعاف الحال في هذا البلد لعلموا أنهم يعيشون حياة الغنى والبذخ حتى لو حاولوا تغطية ذلك بالكم الهائل من الشكوى والتسخط والتباكي على الوضع المزري بزعمهم ، ولعلموا أنهم في نعمة عظيمة يغبطهم عليها البعض ويحسدهم البعض الآخر ، وإنني لينتابني في بعض الأحيان تساؤل فيما لو قاسى بعض هؤلاء المتسخطين ليل نهار بعضاً مما يقاسيه البدون في هذه الحياة والذين أثبتوا فعلاً أنها عقيدة و"جهاد" ، ما أظنهم إلا أنهم سيفكرون في الإنتحار !!
نعم الله عزّ وجل علينا في هذا البلد لا تعد ولا تحصى ، وهذا لا يعني أنها ستدوم وأنها غير قابلة للزوال ، بل الأصل فيها الزوال لأن دوام الحال من المحال والأيام دول كما قال أبو البقاء الرندي في رثائه للأندلس :
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سرّه زمن ساءته أزمان
فالنعم زائلة لامحالة إلا إن عملت لشكرها واستعملتها فيما يحبه الله عزّ وجلّ ويرضاه ، فهذا مما يساهم في دوامها أو إطالة مدة بقائها ، قال تعالى (اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور) ، فكفكف دموع التسخط والشكوى وارسم على وجهك ابتسامة الرضا فأنت ترفل في نعم حرم منها كثيرون وهم ليسوا ببعيدين عنك بل بعضهم يعيش معك ويخالطك صباح مساء ، واغرس بذور القناعة في قلبك لتجني على أثرها جمال روحٍ يمكنك من رؤية كل ما حولك جميلا كما قال أبوماضي :
أيّهذا الشاكي وما بك داء
كن جميلا ترَ الوجود جميلا
المستجير بزيد عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار
في بلدي ... الكل إلا ما ندر ممتعض ومتسخط وغير راضٍ عن وضعه ، والكل يرى نفسه أفقر الموجودين على هذه البسيطة ، ويرى نفسه المظلوم الذي أخذ حقه لأنه لا يملك الواسطة ، ويرى أنه الأجدر بكل شئ ، الأجدر بالمنصب والأجدر بالمال والأجدر بالتقدير والاحتفاء ، بل ويتجاوز ذلك حتى يرى البعض أنه الأجمل في هذا البلد وأنه مظلوم من قبل الفتيات اللاتي ما يعطونه وجه !
الحقيقة أن سياسية التشكي والتظلم وعدم الرضا والقناعة بما عليه المرء مرض فتّاك يغزو غالبية المجتمع ، حتى أصبحت بعض المجالس مملة من كثرة التباكي على الوضع لدرجة يخيل إليك أن الحديث يدور عن بلد آخر ، ولو كلّف بعض المتسخطين أنفسهم ويمموا وجوههم قبل بعض المناطق التي يعيش فيها بعض ضعاف الحال في هذا البلد لعلموا أنهم يعيشون حياة الغنى والبذخ حتى لو حاولوا تغطية ذلك بالكم الهائل من الشكوى والتسخط والتباكي على الوضع المزري بزعمهم ، ولعلموا أنهم في نعمة عظيمة يغبطهم عليها البعض ويحسدهم البعض الآخر ، وإنني لينتابني في بعض الأحيان تساؤل فيما لو قاسى بعض هؤلاء المتسخطين ليل نهار بعضاً مما يقاسيه البدون في هذه الحياة والذين أثبتوا فعلاً أنها عقيدة و"جهاد" ، ما أظنهم إلا أنهم سيفكرون في الإنتحار !!
نعم الله عزّ وجل علينا في هذا البلد لا تعد ولا تحصى ، وهذا لا يعني أنها ستدوم وأنها غير قابلة للزوال ، بل الأصل فيها الزوال لأن دوام الحال من المحال والأيام دول كما قال أبو البقاء الرندي في رثائه للأندلس :
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سرّه زمن ساءته أزمان
فالنعم زائلة لامحالة إلا إن عملت لشكرها واستعملتها فيما يحبه الله عزّ وجلّ ويرضاه ، فهذا مما يساهم في دوامها أو إطالة مدة بقائها ، قال تعالى (اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور) ، فكفكف دموع التسخط والشكوى وارسم على وجهك ابتسامة الرضا فأنت ترفل في نعم حرم منها كثيرون وهم ليسوا ببعيدين عنك بل بعضهم يعيش معك ويخالطك صباح مساء ، واغرس بذور القناعة في قلبك لتجني على أثرها جمال روحٍ يمكنك من رؤية كل ما حولك جميلا كما قال أبوماضي :
أيّهذا الشاكي وما بك داء
كن جميلا ترَ الوجود جميلا