منصور الغايب
06-01-2012, 22:16
أعزميَ طال هذا الليل فانظر
أمنك الصبح يفرق أن يؤوبا ؟!
المتنبي
يبدو أن الحكومات العربية كلها وإن اختلفت في أشياء كثيرة ، إلا أنها تتفق في أنها تمارس ذات "الغباء" في طريقة تناولها وتعاطيها للقضايا التي تكون مدانة فيها على الصعيد الإعلامي فتحاول جاهدة عبر قنوات "غبية" تلميع صورتها وتبرئة ساحتها ، والظهور بمظهر المظلوم المضطهد الذي أعطى وأعطى وأعطى وقوبل عطاؤه بالنكران ورد الإساءة بالإحسان ، فيخيل إليك من شدة "المسكنة" أن الحكومة باتت على شكل فتاة مسكينة تجلس في زاوية مظلمة في غرفة نوم وقد مزقت ثيابها من جيبها وظهر جزء من صدرها ، وظهرت آثار كدمة في وجهها ، ودماء على شفتيها المرتجفتين خوفا ، وكأنها تريد أن تخبرك بأن "الغوغائيين" على حد زعمها قد عبثوا بأغلى ما تملك .
بمثل هذا "الغباء" حاول الإعلام الرسمي المصري مواجهة المتظاهرين الغاضبين على الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك ، فوصفهم في حينه بأنهم مجموعة من البلطجية والشباب المندفع الذي أصبح سلاحاً في يد دول معادية ، جلّ همهم الوقيعة بمصر العروبة ومصر الإسلام وأنهم ينفذون أجندات خارجية ، وبمثل هذا "الغباء" أيضاً وصف الإعلام الليبي الرسمي الثوار بأبشع الألقاب التي لم تقف عند حدّ الوصف بالجرذان والمقملين وغيرها من عبارات العقيد معمر التي أصبحت فيمابعد ضربا من الطرائف ، وراحت القنوات الرسمية الليبية تبث البرامج الدينية التي تمجد بالعقيد وتلمعه وتحط من قدر معارضيه باسم الدين طبعاً واستعانت ببعض أصدقاء المهنة "الدينية" من الدول المجاورة ، وبمثل هذا "الغباء" أيضاً وصف الإعلام اليمني الرسمي الثوار في اليمن بأبشع الأوصاف وراح يكيل لهم التهم وراح يصدر البيانات من بعض الجمعيات الدينية متضمنة تجديد البيعة والولاء لعلي عبدالله صالح وتكفير من عاداه ، وبمثل هذا "الغباء" بل وفاقه بعشرات المرات ما يمارسه الإعلام الرسمي السوري تجاه الثوار السوريين الذي خرجوا رفضا للظلم والطغيان والاستبداد فخرجوا بصدور مشرعة تقول للرصاص يامرحبا يامرحبا ، فراح الإعلام الرسمي السوري عبر قنواته يصفهم بأقذع الأوصاف وأبشعها ويصفهم بالإرهابيين المدعومين من قوى الشر الخارجية وراج يجري اللقاءات المفبركة مع رئيس الدولة ليظهر بأن الوضع تحت السيطرة بينما هو يعيش أيامه الأخيرة ، وراح يجري اللقاءات مع بعض المواطنين المجبرين ليقولوا أنهم بألف خير ونعمة ، وقام بتحريك بعض الفنانين المتكسبين من بقاء النظام الظالم والذين أبدوا تأييدهم للنظام في وجه ما أسموه بالإرهاب زورا وبهتانا .
ولأننا دائما نقول للعالم : "عندنا وعندكم خير" فليست حكومتنا الموقرة بمعزل عن استعمال ذات "الغباء" في تعاطيها مع القضايا التي تدينها عبر قنواتها الرسمية ، ولو عدنا بالذاكرة قليلا وتذكرنا كيف تعامل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي ، وأعني بشبه الرسمي الموالي للحكومة ، مع قضية ضرب النواب والمواطنين في ديوانية الحربش ، وقضية الميموني رحمه الله وقضية خروج المواطنين إلى ساحة الإرادة لعرفنا أن لدينا من ذلك "الغباء" ما لا يستهان به مقارنة بتلك الدول .
واليوم وفي قضية البدون تحديدا ، تمارس القنوات الرسمية وشبه الرسمية أيضاً ذات "الغباء" في تعاطيها مع هذه القضية ، عبر لقاءات لا تسمن ولا تغني من جوع ، وعبر استضافات تدور حول فلك القضية ولا تناقش القضية وحلولها ، وعبر برامج مليئة بالمن والأذى تارة ، وبانكار الظلم الواقع على هذه الفئة جملة وتفصيلا تارة أخرى .
المصيبة العظمى أن الحكومات لم تقتنع حتى الآن بأن أحدا لم يعد يصدق كذبها الذي تلقيه عبر قنواتها الرسمية ، وأن الإعلام اليوم أصبح أكبر من قناة حكومية "غبية" تتراجع حين يتقدم الآخرون في مجال الشفافية والمصداقية وسرعة نقل الخبر ، وأن المرء أصبح بإمكانه أن يصنع عالمه الإعلامي الخاص به عن طريق العديد من المواقع الالكترونية الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي ، وأن مقطع يوتيوب واحد قد يخبرنا العديد مما تحاول القنوات الرسمية إخفاؤه عبر الكذب والتدليس .
أمنك الصبح يفرق أن يؤوبا ؟!
المتنبي
يبدو أن الحكومات العربية كلها وإن اختلفت في أشياء كثيرة ، إلا أنها تتفق في أنها تمارس ذات "الغباء" في طريقة تناولها وتعاطيها للقضايا التي تكون مدانة فيها على الصعيد الإعلامي فتحاول جاهدة عبر قنوات "غبية" تلميع صورتها وتبرئة ساحتها ، والظهور بمظهر المظلوم المضطهد الذي أعطى وأعطى وأعطى وقوبل عطاؤه بالنكران ورد الإساءة بالإحسان ، فيخيل إليك من شدة "المسكنة" أن الحكومة باتت على شكل فتاة مسكينة تجلس في زاوية مظلمة في غرفة نوم وقد مزقت ثيابها من جيبها وظهر جزء من صدرها ، وظهرت آثار كدمة في وجهها ، ودماء على شفتيها المرتجفتين خوفا ، وكأنها تريد أن تخبرك بأن "الغوغائيين" على حد زعمها قد عبثوا بأغلى ما تملك .
بمثل هذا "الغباء" حاول الإعلام الرسمي المصري مواجهة المتظاهرين الغاضبين على الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك ، فوصفهم في حينه بأنهم مجموعة من البلطجية والشباب المندفع الذي أصبح سلاحاً في يد دول معادية ، جلّ همهم الوقيعة بمصر العروبة ومصر الإسلام وأنهم ينفذون أجندات خارجية ، وبمثل هذا "الغباء" أيضاً وصف الإعلام الليبي الرسمي الثوار بأبشع الألقاب التي لم تقف عند حدّ الوصف بالجرذان والمقملين وغيرها من عبارات العقيد معمر التي أصبحت فيمابعد ضربا من الطرائف ، وراحت القنوات الرسمية الليبية تبث البرامج الدينية التي تمجد بالعقيد وتلمعه وتحط من قدر معارضيه باسم الدين طبعاً واستعانت ببعض أصدقاء المهنة "الدينية" من الدول المجاورة ، وبمثل هذا "الغباء" أيضاً وصف الإعلام اليمني الرسمي الثوار في اليمن بأبشع الأوصاف وراح يكيل لهم التهم وراح يصدر البيانات من بعض الجمعيات الدينية متضمنة تجديد البيعة والولاء لعلي عبدالله صالح وتكفير من عاداه ، وبمثل هذا "الغباء" بل وفاقه بعشرات المرات ما يمارسه الإعلام الرسمي السوري تجاه الثوار السوريين الذي خرجوا رفضا للظلم والطغيان والاستبداد فخرجوا بصدور مشرعة تقول للرصاص يامرحبا يامرحبا ، فراح الإعلام الرسمي السوري عبر قنواته يصفهم بأقذع الأوصاف وأبشعها ويصفهم بالإرهابيين المدعومين من قوى الشر الخارجية وراج يجري اللقاءات المفبركة مع رئيس الدولة ليظهر بأن الوضع تحت السيطرة بينما هو يعيش أيامه الأخيرة ، وراح يجري اللقاءات مع بعض المواطنين المجبرين ليقولوا أنهم بألف خير ونعمة ، وقام بتحريك بعض الفنانين المتكسبين من بقاء النظام الظالم والذين أبدوا تأييدهم للنظام في وجه ما أسموه بالإرهاب زورا وبهتانا .
ولأننا دائما نقول للعالم : "عندنا وعندكم خير" فليست حكومتنا الموقرة بمعزل عن استعمال ذات "الغباء" في تعاطيها مع القضايا التي تدينها عبر قنواتها الرسمية ، ولو عدنا بالذاكرة قليلا وتذكرنا كيف تعامل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي ، وأعني بشبه الرسمي الموالي للحكومة ، مع قضية ضرب النواب والمواطنين في ديوانية الحربش ، وقضية الميموني رحمه الله وقضية خروج المواطنين إلى ساحة الإرادة لعرفنا أن لدينا من ذلك "الغباء" ما لا يستهان به مقارنة بتلك الدول .
واليوم وفي قضية البدون تحديدا ، تمارس القنوات الرسمية وشبه الرسمية أيضاً ذات "الغباء" في تعاطيها مع هذه القضية ، عبر لقاءات لا تسمن ولا تغني من جوع ، وعبر استضافات تدور حول فلك القضية ولا تناقش القضية وحلولها ، وعبر برامج مليئة بالمن والأذى تارة ، وبانكار الظلم الواقع على هذه الفئة جملة وتفصيلا تارة أخرى .
المصيبة العظمى أن الحكومات لم تقتنع حتى الآن بأن أحدا لم يعد يصدق كذبها الذي تلقيه عبر قنواتها الرسمية ، وأن الإعلام اليوم أصبح أكبر من قناة حكومية "غبية" تتراجع حين يتقدم الآخرون في مجال الشفافية والمصداقية وسرعة نقل الخبر ، وأن المرء أصبح بإمكانه أن يصنع عالمه الإعلامي الخاص به عن طريق العديد من المواقع الالكترونية الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي ، وأن مقطع يوتيوب واحد قد يخبرنا العديد مما تحاول القنوات الرسمية إخفاؤه عبر الكذب والتدليس .