المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الْمَكَارِمُ مَنَوطَـةٌ بالْمَكَارِهِ



عدنان ابو ماهر
18-07-2011, 07:33
الْمَكَارِمُ مَنَوطَـةٌ بالْمَكَارِهِ


يظن بعض الناس أن السعادة أن يعيش الإنسان حياة صافية من كلّ كَدَر .

لا يُصادِفه مُنغِّصَات وْ لا تُصيبه مُصيبة
وْ لا يتعرّض لِفتنَة

وهذه لا بُـدّ منها فهي كالملْح في الطّعام !
ثم إن طبيعة هذه الحياة الدنيا أنها طُبِعت على كَدَرٍ


جُبِلَتْ على كَدَرٍ وأنت تَرُومُها *** صفواً من الأقذار والأكـدارِ

ومكلِّف الأيام ضِدّ طِباعِهـا *** مَتَطَلِّبٌ في الماء جـذوة نـارِ
وإذا رَجَوتَ المستحيل فإنمـا *** تَبْنِي الرّجاء على شفيرٍ هـارِ

فهي لا تصفو لأحد ، ولا تدوم لِمخلوق .
سمع الْحَسَن البصري رجلاً يقول لآخر : لا أراك الله مكروهاً أبداً . فقال له : دَعَوتَ الله له بالموت ! فإن الدنيا لا تخلو عن المكروه !


وقد وصف الله حياة ابن آدم
فقال :

(لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ)

فهو في مَشَقّـةٍ ومُكابَدةٍ في دنياه ، كما قال بعض المفسِّرين .

إذاً .. ما هي الحياة الطيبة ؟


وكيف تُوجد السَّعـادة ؟


اختلفت عبارات السَّلَف حول معنى الحياة الطيبة .




قال ابن عباس
هي
الرزق الحلال .

وقال الحسن

هي القناعة .

وقال مُقاتل بن حيان :

يعني العيش في الطاعة .

وقال أبو بكر الوراق :

هي حلاوة الطاعة .

وقال القاضي البيضاوي :
قال تعالى

(فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)

في الدنيا يعيش عيشا طيباً ، فإنه إن كان مُوسِراً فظاهر ، وإن كان مُعْسِراً يَطيب عيشه بالقناعة والرضا بالقسمة وتوقّع الأجر العظيم . اهـ .


وعلى كلٍّ هي :

حياةُ قلبٍ مؤمن بالله ، راضٍ بقضائه ، مُسْتَسْلِم لِحُكْمِه ، واثق بِوَعْدِه .

والحياة الطيبة ربما يعيشها المؤمن وهو لا يشعر بها ، وربما لا يَجِد لذّتها .
كيف ؟
ربما عاش المؤمن راحة البال ، ووجَد الأمن النّفسي ، لا يُزعجه المستقبل ، ولا يُقلقه ما في غـدٍ .
الأمن النفسي من أعظم ما يَمنّ الله به على عبده المؤمن .
ولذا قال سبحانه وتعالى :

(الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)

ليس فقط الأمن الاجتماعي في الأوطان ، بل حتى الأمن النفسي في نفوس المؤمنين .
وهذا يُفسِّر لنا سِـرّ سعادة الكافر إذا أسلم ، إذ وَجَـد ما كان يفتقده ، وعاش لـذّة الطاعة ، وخالطت قلبه بشاشة الإيمان .

فالسعادة ليست في كأس وغانية !
وليست في مالٍ وجارية !
ولا في المراكب الفارِهة !
ولا في القصور العامِرة !


وإنما هي بطاعة الله جل جلاله .

إن بعض الناس يشكو أنه لا يعيش الحياة الطيبة في حين أنه يعمل الأعمال الصالحة ، وهو أهنأ ما يكون في عيش وصحّة ، وأمن ورخاء .
وهذا ربما تُوجَد عنده صُورة العَمَل ، ولا تُوجد حقيقة العمل .

والفَرْق بينهما كما بين الثرى والثريّا

إن الرجلين ربما صَلَّيَا إلى جوار بعض ، وبينهما في صلاتهما كما بين المشرق والمغرب !
فَرَجُل قلبه يحوم حول العَرش يُسبِّح بِحَمْدِ ربِّـه
وآخر يحوم حول القاذورات !

قال بعض السلف :

إن هذه القلوب جَوّالة ؛ فمنها ما يَجُول حول العَرْش ، ومنها ما يَجُول حَول الْحُشّ " بيت الخلاء " .

فيا بُعد ما بينهما !

فَمن تعلّق قلبه بالله ، ملأه الله غنىً ورضاً وطُمأنينة .
ومن تعلّق بغيره وُكِل إليه


" تَعِسَ عَبْدُ الدينار و عَبْدُ الدرهم و عَبْدُ الخميصة " .

ان لذّة الفساق ليستِ كَلَـذَّةِ الـأبـرار فـي عَقْـلٍ ولا قـرآنِ
فإن أردت المكارم فتحمّل المكارِه .
وإن أردت السعادة الأبدية فالزم عَتَبة العبودية .

سالم الظفيري
18-07-2011, 11:13
تسلم اخوي عدنان


يعطيك العافية


بالك الله فيك

جمران
18-07-2011, 23:36
بارك الله فيك اخي عدنان

جزاك الله خير وكتب الله لك الاجر