الشيخ/عبدالله السالم
08-07-2011, 11:24
الحمدُ للهِ ،قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو الكريمُ الوهابُ ، هازمُ الأحزابِ ، ومنشئُ السحابِ ، ومنزلُ الكتابِ ، ومسببُ الأسبابِ ، وخَالِقُ النَّاسِ مِن تُرابٍ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفَعَّالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ أَن لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ،يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) أما بعد : أيُها الأخوةُ في اللهِكانَ النبيُّ e يَهتَمُ بشهرِنا هذا ، اهتماماً كبيراً : وكان : يَحُثُ أُمتَهُ على الصّيامِ ، وقراءةِ القرانِ والصدقاتِ وغيرِها من الأعمالِ الصالحةِ ، يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ y[ كان المسلمونَ ، إذا دخلَ شعبانُ ، إنكَبُوا على المصاحفِ فقرءوها ، وأخرجوا زكاةَ أموالِهم ، تقويةً للضعيفِ والمسكينِ ، على صيامِ رمضانَ]وللهِ أقوامٌ يَختَصُهُم بالنِّعمِ لمنافعِ العبادِ ، وتفريجِ كُرَبِهِم بعدَ اللهِ ، وجزاءُ التفريجِ ، تَفريجُ كُرباتٍ ، وكشفُ غمومٍ في الآخرةِ ، يقولُ المصطفى e: { من نفَّسَ عن مؤمنٍ كربةً من كربِ الدنيا ، نفَّسَ اللهُ عنه كربةً من كربِ يومِ القيامةِ } رواه مسلمٌ وفي لفظٍ له: {من سرَّهُ أن يُنَجِيَهُ اللهُ مَنْ كُرَبِ يومِ القيامةِ فليُنفسْ عن معسرٍ أو يضعْ عنه } والساعي لقضاءِ الحوائِجِ ، موعودٌ بالإعانةِ ، مؤيدٌ بالتوفيقِ ، واللهُ في عُونِ العبدِ ، ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ ، وفي خِدمةِ الناسِ بركةٌ في الوقتِ والعملِ ، وتَيسِيرُ ما تَعسَّرَ من الأمورِ، يقولُ النبيُّ e: { من يسَّرَ على معسرٍ يسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرة } فَنُبَلاءُ الإسلامِ ، وأعلامُ الأمةِ ، شأنُهُم قضاءُ الحوائجِ ، يقولُ ابنُ القيمِ رحمه اللهُ : "كان شيخُ الإسلامِ يسعى سعيًا شديدًا لقضاءِ حوائجِ الناسِ" بهذا جاءَ الدينُ؛ عِلمٌ وعَمَلٌ، عبادةٌ ومعاملةٌ ، ببذلِ المعروفِ والإحسانِ ، وفي شُعَبِ الإيمانِ للبيهقي عن عطاءَ، عن ابنِ عباسٍ، رضي اللهُ عنهُما، أنه كان معتكفاً في مسجدِ رسولِ اللهِ e، فأتاهُ رجلٌ فسلّمَ عليهِ، ثم جَلَسَ فقالَ لهُ ابنُ عباسٍ : يا فلانٌ أراكَ كئيباً حزيناً، قالَ : نعمْ يا ابنَ عمِّ رسولِ اللهِ e لفلانٍ عليَّ حقٌ ، ما أقدرُ عليهِ، قالَ ابنُ عباسٍ : أفلا أكلمُهُ فيكَ ، قالَ : إنْ أحببتَ ، قالَ : فانتقلَ ابنُ عباسٍ ثم خرجَ من المسجدِ ، فقالَ لهُ الرجلُ : أنسيتَ ما كنتَ فيهِ قالَ : لا ولكني سمعتُ صاحبَ هذا القبرِ e والعهدُ بهِ قريبٌ ، فدمعتْ عيناهُ ، وهو يقولُ { من مشى في حاجةِ أخيهِ وبلغَ فيها ، كان خيراً من اعتكافِ عشرِ سنينٍ، ومن اعتكفَ يوماً ابتغاءَ وجهِ اللهِ تعالى جعلَ اللهُ بينَهُ وبينَ النارِ ثلاثةَ خنادقٍ أبعدَ ما بينَ الخافقينِ } اللهُ أكبرُ كَثُرَ خيرُ اللهِ وطابَ، ويقولُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ:{صنائعُ المعروفِ، تقي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ، وأهلُ المعروفِ في الدنيا، هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ } رواهُ ابنُ حبانَ ، وفي بذلِ الجاهِ للضعفاءِ ومساندةِ ذوي العاهاتِ والمسكنةِ ، نفعٌ في العاجلِ والآجلِ، يقولُ e : { رُبَّ أشعثَ أغبرَ مَدفُوعٍ بالأبوابِ لو أقسمَ على اللهِ لأبرَهُ } ومَنْ للضعفاءِ والأراملِ واليتامى بعد المولى؟! إذا لم نقفْ معهُم ، بدعوةٍ صالحةٍ منهم مستجابةٍ ، تسعدُ أحوالُكَ، والدُنيا مَحنٌ ، والحياةُ ابتلاءٌ ، فالقويُ فيها قد يضعفُ، والغنيُ ربما يُفلسُ، والحيُ فيها يموتُ، والسعيدُ من اغتنمَ جاهَهُ في خدمةِ الدينِ ، ونَفعِ المسلمينَ ، يقولُ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: [من مَشى بحقِّ أخيهِ ليقضيَهُ فلَهُ بكلِّ خُطوةٍ صدقةٌ]والمعروفُ ذخيرةُ الأَبدِ، والسَعيُ في شؤونِ النَّاسِ، زكاةُ أهلِ المروآاتِ، ومِنْ المصائبِ عِندَ ذوي الهمَمِ، عَدَمُ قَصدِ النَّاسِ لهم في حَوائِجِهِم، يقولُ حكيمُ بنُ حزامٍ y [ما أَصبَحتُ وليس على بابي صاحبُ حاجةٍ، إلا عَلِمتُ أنها مِنْ الْمَصائبِ ] وأَعظمُ من ذلِكَ، أَنهَّم يرونَ أن صاحبَ الحاجةِ ، مُنعِمٌ ومُتفضلٌ على صاحبِ الجاهِ، حِينَمَا أَنزلَ حاجتَهُ بهِ، يقولُ ابنُ عباسٍ y : [ ثلاثةٌ لا أُكَافئُهُم: رجلٌ بَدَأَنيَ بالسلامِ ، وَرَجُلٌ وسَّعَ ليَ في المجلسِ ، ورجلٌ إغبَّرتْ قدماهُ في المشيِ إليَّ ، إرادةَ التسليمِ عليَّ، فأما الرابعُ فلا يكافئُهُ عني إلا اللهُ] قيل: ومن هو؟ قالَ: [رجلٌ نزلَ به أمرٌ فباتَ ليلتَهُ يفكرُ بمن يُنزلُهُ ، ثم رآني أهلاً لحاجتِهِ فأنزلَها بي]ألا فاتقوا اللهَ، عبادَ الله، وأَعِينُوا إخوانَكم، وتُواصوا بالحقِّ والعدل ِ، وتَعاونُوا على البرِّ والتقوى، فلن يبقَ للإنسانِ إلا عَمَلُهُ، والمرءُ حيٌّ بِسَجَايَاهُ ، وإن كانَ مُوسَدًا مع أهلِ القبورِ في لحدِهِ ، (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)...... بارك الله لي ولكم في القران العظيم
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعدُ :أيُها الأحبةُ في الله ، لعلَّ من مزايا شهرِ شعبانَ ، تحويلَ القبلةِ ، من بيتِ المقدسِ إلى الكعبةِ المشرفةِ ، فإن ذلك كان في نصفِ شعبانَ ، وقد كان هذا التحويلُ ، إختباراً للمؤمنينَ ، فيما يُظهرونَهُ من الصدقِ والرضا ، وفِتنةً للمُرتَابين ، فيما يُظهرونَهُ من الشكِّ والاعتراضِ ، كما قال تعالى ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) ويقولُ سُبحانه (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) ثُمَّ يقولُ تعالى رداً عليهم ( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ومن فضائلِ شهرِ شعبانَ، أنَّ فَرْضَ صيامِ رمضانَ ،كان بعد مُضي ليلتينِ من شهرِ شعبانَ، من السنةِ الثانيةِ للهجرةِ ، وتقولُ عائشةُ رضي الله عنها، { لم يكنْ النبيُّ e، يصومُ شهراً، أكثرَ من شعبانَ فإنهُ كان يصومُ شعبانَ كُلَّهُ } رواه البُخاريُ ، وروى الإمامُ أبو داودَ رحمه اللهُ ، عن أُمِّ سلمةَ رضي الله عنها ، {أنه كان لا يصومُ من السنةِ شهراً تاماً ، إلا شعبانَ يصلُهُ برمضانَ } والحكمةُ في ذلك ، هُو ما جاءَ في حديثٍ أخرجَهُ النسائيُ وأبو داودَ ، وصححَهُ ابنُ خزيمةَ ، عن أُسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما ، قال قلتُ : يا رسولَ اللهِ لم أركَ تصومُ من شهرٍ من الشهورِ ، ما تصومُ من شعبانَ ، قال : {ذلك شهرٌ يغفلُ الناسُ عنه ، بين رجبٍ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأُحبُّ ، أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ } فعليكم بتعظيمِ شهرِكم هذا والتسابقِ في الخيراتِ ، لتنالوا الأجرَ والثوابَ من اللهِ عزَّ وجلَّ ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلام { إن من أفضَلِ أيامِكُم يومُ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النفخةُ وفيه الصعقةُ فأكثروا عليَّ من الصلاةِ فيه فإنّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ قالوا وكيفَ تُعرضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرمتَ ؟ فقالَ إن اللهَ عز وجل حرّمَ على الأرضِ أن تأكلَ اجسادَ الأنبياءِ} اللهم صلي وسلم وأنعم وأكرم وزد وبارك ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ الذي ماترك خيراً إلاَّ ودلنا عليه ، ولا شرّاً إلاَّ وحذرنا منه بأبي هو وأُمي ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، وأن تبارك لنا في شعبان ،وتُبلغَنا رمضانَ ، وأن تجعلَنا من الذين يصومونَهُ ويقومونَهُ ، أيماناً واحتساباً ياربَّ العالنين ، ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
للاستماع :
http://abosami.com/pro/sasa.mp3
للحفظ : [ هنا ] (http://abosami.com/pro/sasa.mp3)
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعدُ :أيُها الأحبةُ في الله ، لعلَّ من مزايا شهرِ شعبانَ ، تحويلَ القبلةِ ، من بيتِ المقدسِ إلى الكعبةِ المشرفةِ ، فإن ذلك كان في نصفِ شعبانَ ، وقد كان هذا التحويلُ ، إختباراً للمؤمنينَ ، فيما يُظهرونَهُ من الصدقِ والرضا ، وفِتنةً للمُرتَابين ، فيما يُظهرونَهُ من الشكِّ والاعتراضِ ، كما قال تعالى ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) ويقولُ سُبحانه (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) ثُمَّ يقولُ تعالى رداً عليهم ( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ومن فضائلِ شهرِ شعبانَ، أنَّ فَرْضَ صيامِ رمضانَ ،كان بعد مُضي ليلتينِ من شهرِ شعبانَ، من السنةِ الثانيةِ للهجرةِ ، وتقولُ عائشةُ رضي الله عنها، { لم يكنْ النبيُّ e، يصومُ شهراً، أكثرَ من شعبانَ فإنهُ كان يصومُ شعبانَ كُلَّهُ } رواه البُخاريُ ، وروى الإمامُ أبو داودَ رحمه اللهُ ، عن أُمِّ سلمةَ رضي الله عنها ، {أنه كان لا يصومُ من السنةِ شهراً تاماً ، إلا شعبانَ يصلُهُ برمضانَ } والحكمةُ في ذلك ، هُو ما جاءَ في حديثٍ أخرجَهُ النسائيُ وأبو داودَ ، وصححَهُ ابنُ خزيمةَ ، عن أُسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما ، قال قلتُ : يا رسولَ اللهِ لم أركَ تصومُ من شهرٍ من الشهورِ ، ما تصومُ من شعبانَ ، قال : {ذلك شهرٌ يغفلُ الناسُ عنه ، بين رجبٍ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأُحبُّ ، أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ } فعليكم بتعظيمِ شهرِكم هذا والتسابقِ في الخيراتِ ، لتنالوا الأجرَ والثوابَ من اللهِ عزَّ وجلَّ ، يقولُ عليه الصلاةُ والسلام { إن من أفضَلِ أيامِكُم يومُ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النفخةُ وفيه الصعقةُ فأكثروا عليَّ من الصلاةِ فيه فإنّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ قالوا وكيفَ تُعرضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرمتَ ؟ فقالَ إن اللهَ عز وجل حرّمَ على الأرضِ أن تأكلَ اجسادَ الأنبياءِ} اللهم صلي وسلم وأنعم وأكرم وزد وبارك ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ الذي ماترك خيراً إلاَّ ودلنا عليه ، ولا شرّاً إلاَّ وحذرنا منه بأبي هو وأُمي ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، وأن تبارك لنا في شعبان ،وتُبلغَنا رمضانَ ، وأن تجعلَنا من الذين يصومونَهُ ويقومونَهُ ، أيماناً واحتساباً ياربَّ العالنين ، ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
للاستماع :
http://abosami.com/pro/sasa.mp3
للحفظ : [ هنا ] (http://abosami.com/pro/sasa.mp3)