المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مغرم بالألعاب



منصور الغايب
17-06-2011, 13:11
يعمد المرء أحيانا كوسيلة لتسلية نفسه وابعادا عن شعورها بالحرمان إلى اتخاذ وسائل بديلة تجعل ألم الحرمان في حقه أقل تأثيرا فيما لو لم يتخذ تلك الوسائل ، في صغري كنت أحتفظ بصور الألعاب التي لا أستطيع شراءها بل ولا أجرؤ أصلا على طلب شرائها من والدي حفظه الله فأعمد إلى قص صورها من المجلات الخاصة بها وحين يقوم بعض الأطفال في مكان ما من العالم باللعب بتلك الألعاب أكون أنا في بيتنا الصغير الضيق ألعب بصور تلك الألعاب لا بالألعاب نفسها وربما أجدني أشعر بمتعة كبيرة لا أدري هل توازي تلك المتعة متعة اللعب بالألعاب نفسها ؟ لست أدري فلم أجرب !!
الألعاب كانت تسحرني وتسرق عقلي إبان طفولتي فكثيرا ما أتأخر عن المشي مع والدي وإخوتي في السوق والسبب وقوفي أمام محل بيع الألعاب والانهماك في مراقبة تلك الألعاب ولا يفيقني من غفلتي تلك إلا صراخ قد لا يخلو من شتيمة في بعض الأحيان .
ألعاب صديقي في المدرسة "سعد" كانت كفيلة لجعلي أخاطر بالذهاب مشيا على الأقدام من بيتنا الكائن في قطعة خمسة إلى بيت صديقي "سعد" الكائن في قطعة ستة مع خطورة هذا الأمر لمن هو في مثل سني حينها ولاداعي لذكر تلك المخاطر فمن عاصر تلك الحقبة يعي تماما معنى أن يذهب طفل صغير هذه المسافة ماشيا ، تبدأ الاستعدادت بالاستئذان من والدتي حفظها الله والتي من حسن حظي أنها تعرف والدته مما يوفر علي كثيرا من الوقت في إقناع والدتي حفظها الله ، فتقوم والدتي بتجهيز ثوب نظيف ألبسه وكأن أمي تجهزني لتزفني نحو تلك الألعاب بينما هي تريدني أن أبدو بشكل جميل ومرتب أمام أهل "سعد" ، وبمجرد ةصولي إلى هناك وألتقائي بمحبوبتي تنتابني سعادة غامرة وأشعر بأن الدنيا بحذافيرها قد حيزت لي ؛ كانت أوقاتا جميلة أقضيها مع ألعاب "سعد" منشغلا عن الآخرين بما أتيت من أجله فقط .
كبرت وأصبحت موظفا وأمتلك مالا لشراء أجمل الألعاب ولكن لم يعد لي شغف لتلك الألعاب ولم تعد تناسب عمري أصلا ، ياااااه ياخسارة ... دائما الأشياء الجميلة تأتي متأخرة !!
أنظر لولدي عبدالله وأبتسم وأنا أحدث نفسي سأشتري لك أي لعبة تريدها ، المشكلة أنني لا أجد فيه نهما في حب الألعاب كأبيه !!
أحيانا أقول بأن الحرمان من الشئ هو من يجعلك تحبه حبا فوق المتصور وأنك بمجرد الحصول عليه تشعر باللذة تزول رويدا رويدا ، فكل ممنوع مرغوب ، ولو كنت حصلت على تلك الألعاب عند رغبتي بها مباشرة لما كانت لها قيمة عندي .
وقد يكون لهذا الأمر علاج وهو أن تشغل نفسك عن هذا الشئ وتتجاهله حتى يعود رخيصا في نفسك بعد أن كان غاليا ، كما قال المتنبي :
وإذا غلا شئ علي تركته
فيكون أهون ما يكون إذا غلا
وهذه بالطبع لاتكون في حق طفل مولع بحب الألعاب ولكن الشئ بالشئ يذكر .
هناك أشياء أخرى يتعب المرء من أجل أن يتحصل عليها ويبذل الغالي والنفيس من أجلها وما إن تصبح ملكا له إلا ويزهد فيها ، من تلكم الأشياء على سبيل المثال لا الحصر بعض العلاقات بين الجنسين ، فحين يرى الشاب فتاة يعاملها معاملة طفل للعبة يجري خلفها ويحاول أن يمتلكها ومتى ما حصل له ذلك ولعب بها .... رماها خلفه وراح يبحث عن لعبة أخرى .
أهل المعاصي كذلك .... يبذلون ما يستطيعون من مال وجهد لتوفير سبل المعصية لأنفسهم وما إن يقعوا في المعصية وتنتهي لذتهم المزيفة إلا وشعروا بالندم والحزن فقد انتهت اللعبة أو " جيم أوفر " .
وأحيانا أخرى أشعر بأن للحرمان فائدة فهو يجعل المرء يعرف قيمة الشئ إذا ما تحصل عليه بعد عناء وجهد ، وهذا الشئ يجعلني أفكر في أن أتعامل مع ولدي عبدالله كما كان يتعامل معي أبي حفظه الله ، وحرمان النفس أيضا يدربها ويعلمها على العيش الضنك لو طرأ لها طارئ كما أنه قد يخرجك ممن قال الله تعالى فيهم ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) ، فقد مرّ عمر بن الخطاب ذات يوم على أحد الصحابة ومعه لحم فقال له ما هذا ؟! قال : يا أمير المؤمنين اشتهيته فاشتريته ، فقال عمر : أوَ كلما اشتهيت اشتريت ؟! أما تخشى أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) .
يبقى الحرمان مهما تكلمنا عن فوائده ومحاسنه أو أضراره ومساوئه شيئا قاسيا على النفس لاسيما إذا صاحبه شعور كبير بالنقص لدى المحروم يشعره بأنه يختلف كثيرا عن أبناء جيله .
دمتم طيبين .

متعجب
17-06-2011, 13:22
زادك الله رضا وملأ قلبك قناعة وأورث ابنك خصالك الجميله

سالم الظفيري
17-06-2011, 14:06
حفظك الله اخي ابو عبدالله


وصلح الله لك ابنك


ولهم ابنك البر والتقوي والخيال الجميلة

لوليتا
18-06-2011, 01:51
*
*


ليس كل ما نكره سيئ
نكره الحرمان ولا نريد ان يعاني منه ابناءنا
لكن له فوائد اولها واهمها ان نسعد بلحظة الحصول على ما حرمنا منه
كالصائم اذا افطر
كذلك ان نعي قيمته الشئ بعد طول حرمان فنحافظ عليه
والا لما سعى المرء بحياته للوصول لهدف او نجاح او حقق طموح ما
التربية بنوع من الحرمان مناسب للطفل سواء كان يحب الشئ او لا
يعني اذا عبودي ماله شغف بالالعاب مثل ابوه تقدر تعرفه قيمة الاشياء وتعلمه السعي للوصول الى ما يريد
من خلال الاشياء التي يحبها او تستهويه
ليتعلم ان لا شئ يأتي بدون جهد وتعب وان ليس كل ما نحبه واجب الحصول عليه


منصور

الله يبارك لك ويبارك في عبودي ويخليه لك يارب وتشوفه رجل بمعني الكلمة

تقديري

*
*

منصور الغايب
19-06-2011, 17:34
الغالي متعجب ...


مرورك مصدر اعتزاز وسعادة ...


لك ودي يالحبيب ...



سالم الظفيري ...

لاحرمني الله مرورك وإعجابك ...

تقبل الاحترام ..




لوليتا ...

إضافة قيمة كعادتك ...



شكرا جزيلا لك ...




لكم ودي ...

ريم شمر
21-06-2011, 14:17
ان تجبر على الحرمان شي وان تحرم نفسك طائعا شي اخر

فالثاني يحتاج لقوة اراده وعزم لايحتملها الا القله

موضوع متميز كعادتك ابو عبدالله

تسلم ولاهنت

أبو فهد
21-06-2011, 17:10
حديثك لا يمل يا ابو عبدالله


عوضك الله عن طفولتك لشبابك





شكرا




----------------
أبو فهد الهمزاني

منصور الغايب
24-06-2011, 10:52
الفاضلة أم طلال ،،،

الأول يحتاج لقوة إرادة صحيح
لكن الثاني موجع أكثر

وفقك الله


......


الغالي أبوفهد

شكرا على طيب قولك

وجعلني الله عند حسن الظن


لكما ودي

الشاهري العبيدي
26-06-2011, 13:56
مساء الخير ابو عبدالله


ومقال جميل


الحرمان من شئ يجعل له قيمة خاصة مهما طال العهد.....

وحال زماننا كما ذكرت أنت...كل شئ متوفر ولذلك زهد الطفل ومل المراهق ولم يبالي الكبير


فكثرت الملهيات مع روعتها وفقدت قيمتها

ووصل الحال لأمور جد ثمينة ...كعلاقات طيبة او انفس طاهرة زهدت عنها الأنفس



شكرا ابو عبود

منصور الغايب
30-06-2011, 15:17
الغالي أبو يوسف


مرور أشكرك عليه من أعماق قلبي

وفقك الله وأحسن إليك

ليلى بنت عبدالعزيز
01-07-2011, 10:59
لاحرمنا جميعا من نعيم الجنه
ممميز كعادتك ..

منصور الغايب
01-07-2011, 13:55
آمين ،،،

شكرا أختي أم محمد

لك احترامي

المشرف العام
07-07-2011, 18:12
/

عذرا على التأخير :)


في طفولتي .. نصنع الألعاب ، ونقتنع بما نصنعه وان شاهدنا من الالعاب مانتمناه لا نلهث خلفه على النحو الذي يلهث خلفه ابنائي حفظهم الله ..

لعلّ القناعه فيما مضى هي المظله التي نلجأ لها تحت شمس الحرمان :)

/

اطفالنا . . حرمانهم من الشيء ، لا يعني لهم بالضرورة إعطاؤهم جرعات مفرطه من القناعه ، بقدر ما تمنحهم مؤشرات يستدلون بها على النقصان في كفّة المساواة مع قرنائهم



وهذا الشعور بالنقصان . . يتغلل في تكوينهم النفسي منذ الصغر ، وله سلبيات كبيره في الكِبَر ، لن احصيها هنا ، فقط وددت الاشاره إلى هذا الجانب


/

لعلّ حروفي . . داعبة جانب من جوانب طرحك ، وإن لم تلامس جسده ، فيكفيني انها تحاول بأطرافه :)



احترامي وتقديري



ابوسلطان

منصور الغايب
08-07-2011, 09:34
أن تصل متأخرا خير من ألا تصل يا غالي :)


بل وضعت يدك على الجرح يا أستاذ

الاحساس بالنقص هو ما نخشى أن يتغلغل في نفوسهم ... لذلك أصبحنا نلهث نحن ليجدوا هم ...!!

لك الود ...