الشيخ/عبدالله السالم
27-04-2011, 14:44
الحمدُ للهِ جزيلِ العطاءِ ، مُسدي النَّعْمَاءِ ، وكاشفِ الضَّراءِ ومُعطي السَّراءِ ، الحمدُ للهِ أبداً سرمداً ، ولا نشركُ معه أحداً تباركَ فرداً صمداً، لم يتخذْ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكَ له ولا عَضُداً ، أشهدُ أن لا إلهَ لنا غَيرُهْ ، ولا رَبَّ لنا سِواهُ ، ولا نعبدُ إلاَّ إياهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أمّا بعدُ أيها المسلمون، لقد أجزلَ اللهُ علينا من نعمِهِ العظيمةِ، وأغدقَ علينا من آلائِهِ الجسيمةِ ،(وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ،
هو الحميدُ فكلُّ حمـدٍ واقعٌ *** أو كان مفروضاً مدى الأزمـانِ
ملأَ الوجودَ جميعـُهُ ونظيرُهُ *** من غيرِ ما عدٍّ و لا حُسبــانِ
هو أهلُهُ سـبحانَهُ وبحمـدِهِ *** كلُّ المحامدِ وصفُ ذي الإحسانِ
أنزلَ عَلينا الغيثَ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ ، بفضلِهِ ورحمتِهِ ، فعمَّ به جميعَ أرضِنا ، فأصبحْنا بنعمتِهِ مستبشرينَ ، وبخيرِهِ ورحمتِهِ فرحينَ ، يقولُ سُبحانَه (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) ويَقولُ سُبحانَهُ وبحمدِهِ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (الزمر:21) ذلك من آياتِ اللهِ (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم:24) فاشكروا اللهَ على هذه النعمةِ العظيمةِ ، واذكروهُ ذكراً كثيراً ، وسبحوهُ بكرةً وأصيلا ، يقولُ سُبحانه ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ) ويقولُ تَقَدَّسَ في عُلاهُ ( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) فللهِ الحمدُ والشكرُ من قبلُ ومن بعدُ ، فاشكروا اللهَ على هذه النعمةِ ، واسألوهُ سبحانه أن يباركَ لكُم بها ، فإن كثيراً من الناسِ ، لا يشكرونَ اللهَ على هذه النعمةِ ، كما إنهم لا يشكرونَهُ على غيرِها من النِّعمِ ، وبعضُهم يَنسِبُ نزولَ المطرِ ، إلى الكواكبِ وغيرِها ، يقولُ زيدُ بنُ خالدٍ الْجُهني رضي الله عنه ، كما في الصحيحينِ [ صَلَّى بنى رسولُ اللهِ r صلاةَ الصبحِ بالحديبيةَ ، على أثرِ سماءٍ كانتْ من الليلِ [أي نزولِ مطرٍ ] فلما انصرفَ أقبلَ على الناسِ وقالَ ، {أتدرونَ ماذا قالَ ربُّكم ؟ قالوا اللهُ ورسولُهُ أعلمُ ، قالَ : قالَ . أصبحَ من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ ، فأما من قالَ مُطرْنا بفضلِ منةِ اللهِ ورحمتِهِ ، فذلك مؤمنٌ بي ، كافرٌ بالكواكبِ ، وأما من قالَ ، مُطرْنا بنوءِ كذا وكذا ، فذلكَ كافرٌ بي مؤمنٌ بالكواكبِ } فالواجبُ أن يُنسبَ نزولُ المطرِ ، وجميعُ النعمِ إلى المُنعِمِ سُبحانه (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل:53) وإنزالُ الغيثِ من أعظمِ نعمِ اللهِ وإحسانِهِ إليكم ، فيجبُ عليكم أن تشكروهُ عليه يقولُ تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7) كان أبو المغيرةَ إذا قيلَ له: كيفَ أصبحتَ؟ قال: "أصبحنا مغرَقينَ بالنِّعمِ، عاجزينَ عن الشكرِ" (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) [إبراهيم:34]، فيجبُ الشكرُ والتقربُ إلى اللهِ تعالى ، بفعلِ الطاعاتِ ، وتركِ المحرماتِ ، يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: (النعمةُ موصولةٌ بالشكرِ، والشكرُ يتعلّقُ بالمزيدِ، ولا ينقطعُ المزيدُ من اللهِ حتى ينقطعَ الشكرُ) ويقولُ الحسنُ رحمه الله: "إن اللهَ يُمتِّعُ بالنعمةِ ما شاءَ، فإذا لم يُشكرْ عليها قَلبَها عذابًا"وإذا رأيتَ ربَّكَ يوالي عليكَ نعمَهُ وأنتَ تَعصيِهِ فاحذرْهُ ،فَإنَّهُ يقول (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) ويقولُ سُبحانه (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) وفي أثرٍ إلهيٍّ يقولُ تعالى { إني والإنسُ والجنُّ في نبأٍ عظيمٍ ، أخلقُ ويعبدُ غيري ، وأرزقُ ويشكرُ سواي } وفي أثرٍ حَسنٍ { إبنَ آدمَ ما أنصفتَني ! خَيري إليكَ نازلٌ ، وشرُّكَ إلي صاعدٌ ، وكم أَتَحبّبُ إليكَ بالنعمِ وأنا غنيٌّ عنكَ ، وكم تتبغضُ إليَّ بالمعاصي وأنتَ فقيرٌ إليَّ ، ولا يزالُ الملَكُ الكريمُ ، يَعرجُ إليَّ مِنكَ بِعَمَلٍ قَبيحٍ } فيا إخوةَ الإسلامِ والعَقيدةِ ، لقد أصبحَ بنا من نِعَمِ اللهِ مالا نُحصِيهِ ، مع كَثَرةِ ما نَعْصِيهِ ، فَمَا نَدرِي أَيُّهما نَشْكُرُ ! أجميلَ ما يَسَّرَ ؟ أم قَبيحَ ما سترَ ؟ لقد أسبغَ علينا نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً ، وأمرَنا بشكرِهِ ، فاشكروا له ولا تكفروهُ ...
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد:أيها الأحبةُ في اللهِ ، رأى بكرُ بنُ عبدِ اللهِ المزني رحمه الله تعالى ، حَمَّالاً عليهِ حِملَهُ ، وهو يقولُ: الحمدُ للهِ، أستغفرُ اللهَ، قالَ: فانتظرتُهُ حتى وضعَ ما على ظهرِهِ وقلتُ لهُ: أما تُحسِنُ غَيرَ هذا؟ قال: بَلىَ أحسنُ خيراً كثيراً: أقرأُ كتابَ اللهِ ، غيرَ أن العبدَ بينَ نَعمةٍ وذَنبٍ، فأحمدُ اللهَ على نِعَمِهِ السابغةِ وأستغفرُهُ لذنوبي : فقالَ رحمهُ الله : الحمالُ أفقَهُ مِنْ بكرٍ . وقالَ ابنُ زيدٍ رحمه الله تعالى: "إنه ليكونَ في المجلسِ الرجلُ الواحدُ يحمدُ اللهَ عز وجل ، فَيُقْضَى لذلكَ المجلسِ حوائجُهم كلُّهم".فالحمدُ أيُّها الأحبةُ ، من أعلى مقاماتِ الإيمانِ ، ويُوجبُ محبةَ اللهِ عز وجل ونُصْرَتَهُ ، وفي كَثرةِ الحمدِ ، جَلبُ النِّعمِ المفقودةِ ، والمحافظةُ على الموجودةِ ، وفِيهِ غُفْرانُ الذنوبِ ، وسَترُ العُيوبِ ، وهو أفضلُ من عِتقِ الرقابِ ، والصدقةِ بِحُرِّ المالِ ، وكثرةُ الحمدِ ، تَجعلُ العبدَ مُطمئناً لِقَضَاءِ اللهِ ، بل ويُوصِلُهُ لمقامِ الرِّضَا ، الَّذي هو مِنْ أجلِّ الصِّفَاتِ ، التي تَحلَّى بِهَا رسولُ الله e ، وأوصى بها أُمتَهُ ، عبادَ الله صلّوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
الخطبة بصوت الشيخ :
http://abosami.com/pro/mat.mp3
إضغط هنا للتحميل
(http://abosami.com/pro/mat.mp3)
5670
هو الحميدُ فكلُّ حمـدٍ واقعٌ *** أو كان مفروضاً مدى الأزمـانِ
ملأَ الوجودَ جميعـُهُ ونظيرُهُ *** من غيرِ ما عدٍّ و لا حُسبــانِ
هو أهلُهُ سـبحانَهُ وبحمـدِهِ *** كلُّ المحامدِ وصفُ ذي الإحسانِ
أنزلَ عَلينا الغيثَ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ ، بفضلِهِ ورحمتِهِ ، فعمَّ به جميعَ أرضِنا ، فأصبحْنا بنعمتِهِ مستبشرينَ ، وبخيرِهِ ورحمتِهِ فرحينَ ، يقولُ سُبحانَه (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) ويَقولُ سُبحانَهُ وبحمدِهِ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (الزمر:21) ذلك من آياتِ اللهِ (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم:24) فاشكروا اللهَ على هذه النعمةِ العظيمةِ ، واذكروهُ ذكراً كثيراً ، وسبحوهُ بكرةً وأصيلا ، يقولُ سُبحانه ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ) ويقولُ تَقَدَّسَ في عُلاهُ ( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) فللهِ الحمدُ والشكرُ من قبلُ ومن بعدُ ، فاشكروا اللهَ على هذه النعمةِ ، واسألوهُ سبحانه أن يباركَ لكُم بها ، فإن كثيراً من الناسِ ، لا يشكرونَ اللهَ على هذه النعمةِ ، كما إنهم لا يشكرونَهُ على غيرِها من النِّعمِ ، وبعضُهم يَنسِبُ نزولَ المطرِ ، إلى الكواكبِ وغيرِها ، يقولُ زيدُ بنُ خالدٍ الْجُهني رضي الله عنه ، كما في الصحيحينِ [ صَلَّى بنى رسولُ اللهِ r صلاةَ الصبحِ بالحديبيةَ ، على أثرِ سماءٍ كانتْ من الليلِ [أي نزولِ مطرٍ ] فلما انصرفَ أقبلَ على الناسِ وقالَ ، {أتدرونَ ماذا قالَ ربُّكم ؟ قالوا اللهُ ورسولُهُ أعلمُ ، قالَ : قالَ . أصبحَ من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ ، فأما من قالَ مُطرْنا بفضلِ منةِ اللهِ ورحمتِهِ ، فذلك مؤمنٌ بي ، كافرٌ بالكواكبِ ، وأما من قالَ ، مُطرْنا بنوءِ كذا وكذا ، فذلكَ كافرٌ بي مؤمنٌ بالكواكبِ } فالواجبُ أن يُنسبَ نزولُ المطرِ ، وجميعُ النعمِ إلى المُنعِمِ سُبحانه (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل:53) وإنزالُ الغيثِ من أعظمِ نعمِ اللهِ وإحسانِهِ إليكم ، فيجبُ عليكم أن تشكروهُ عليه يقولُ تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7) كان أبو المغيرةَ إذا قيلَ له: كيفَ أصبحتَ؟ قال: "أصبحنا مغرَقينَ بالنِّعمِ، عاجزينَ عن الشكرِ" (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) [إبراهيم:34]، فيجبُ الشكرُ والتقربُ إلى اللهِ تعالى ، بفعلِ الطاعاتِ ، وتركِ المحرماتِ ، يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: (النعمةُ موصولةٌ بالشكرِ، والشكرُ يتعلّقُ بالمزيدِ، ولا ينقطعُ المزيدُ من اللهِ حتى ينقطعَ الشكرُ) ويقولُ الحسنُ رحمه الله: "إن اللهَ يُمتِّعُ بالنعمةِ ما شاءَ، فإذا لم يُشكرْ عليها قَلبَها عذابًا"وإذا رأيتَ ربَّكَ يوالي عليكَ نعمَهُ وأنتَ تَعصيِهِ فاحذرْهُ ،فَإنَّهُ يقول (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) ويقولُ سُبحانه (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) وفي أثرٍ إلهيٍّ يقولُ تعالى { إني والإنسُ والجنُّ في نبأٍ عظيمٍ ، أخلقُ ويعبدُ غيري ، وأرزقُ ويشكرُ سواي } وفي أثرٍ حَسنٍ { إبنَ آدمَ ما أنصفتَني ! خَيري إليكَ نازلٌ ، وشرُّكَ إلي صاعدٌ ، وكم أَتَحبّبُ إليكَ بالنعمِ وأنا غنيٌّ عنكَ ، وكم تتبغضُ إليَّ بالمعاصي وأنتَ فقيرٌ إليَّ ، ولا يزالُ الملَكُ الكريمُ ، يَعرجُ إليَّ مِنكَ بِعَمَلٍ قَبيحٍ } فيا إخوةَ الإسلامِ والعَقيدةِ ، لقد أصبحَ بنا من نِعَمِ اللهِ مالا نُحصِيهِ ، مع كَثَرةِ ما نَعْصِيهِ ، فَمَا نَدرِي أَيُّهما نَشْكُرُ ! أجميلَ ما يَسَّرَ ؟ أم قَبيحَ ما سترَ ؟ لقد أسبغَ علينا نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً ، وأمرَنا بشكرِهِ ، فاشكروا له ولا تكفروهُ ...
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد:أيها الأحبةُ في اللهِ ، رأى بكرُ بنُ عبدِ اللهِ المزني رحمه الله تعالى ، حَمَّالاً عليهِ حِملَهُ ، وهو يقولُ: الحمدُ للهِ، أستغفرُ اللهَ، قالَ: فانتظرتُهُ حتى وضعَ ما على ظهرِهِ وقلتُ لهُ: أما تُحسِنُ غَيرَ هذا؟ قال: بَلىَ أحسنُ خيراً كثيراً: أقرأُ كتابَ اللهِ ، غيرَ أن العبدَ بينَ نَعمةٍ وذَنبٍ، فأحمدُ اللهَ على نِعَمِهِ السابغةِ وأستغفرُهُ لذنوبي : فقالَ رحمهُ الله : الحمالُ أفقَهُ مِنْ بكرٍ . وقالَ ابنُ زيدٍ رحمه الله تعالى: "إنه ليكونَ في المجلسِ الرجلُ الواحدُ يحمدُ اللهَ عز وجل ، فَيُقْضَى لذلكَ المجلسِ حوائجُهم كلُّهم".فالحمدُ أيُّها الأحبةُ ، من أعلى مقاماتِ الإيمانِ ، ويُوجبُ محبةَ اللهِ عز وجل ونُصْرَتَهُ ، وفي كَثرةِ الحمدِ ، جَلبُ النِّعمِ المفقودةِ ، والمحافظةُ على الموجودةِ ، وفِيهِ غُفْرانُ الذنوبِ ، وسَترُ العُيوبِ ، وهو أفضلُ من عِتقِ الرقابِ ، والصدقةِ بِحُرِّ المالِ ، وكثرةُ الحمدِ ، تَجعلُ العبدَ مُطمئناً لِقَضَاءِ اللهِ ، بل ويُوصِلُهُ لمقامِ الرِّضَا ، الَّذي هو مِنْ أجلِّ الصِّفَاتِ ، التي تَحلَّى بِهَا رسولُ الله e ، وأوصى بها أُمتَهُ ، عبادَ الله صلّوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
الخطبة بصوت الشيخ :
http://abosami.com/pro/mat.mp3
إضغط هنا للتحميل
(http://abosami.com/pro/mat.mp3)
5670