عبدالرحمن
24-04-2011, 01:44
لم يتعرض تاريخ دولة للكذب والتحريف كما تعرض تاريخ الدولة الأموية فيما عرف بكتب «المثالب» التي جمعت بها كل مساوئ العرب. والخلافة الأموية هي التي أسسها معاوية بن أبي سفيان عام 662م، ووصل إشعاع الحضارة الإسلامية من عاصمتها دمشق إلى بلاد بعيدة لتصبح الدولة الأموية أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ، قبل أن تسقط في زمن مروان بن محمد عام 750م.
مثلت الخلافة الأموية الرفعة العربية، وكانت عربية صرفة في دواوينها وثقافتها. كما عُرفت الخلافة الأموية بتسامحها مع غير المسلمين، نتيجة سيادة فكر أهل السنة والجماعة، فكانت أمور المالية في فترات عدة بيد مسيحي، بل إن البطريركية المارونية تم إنشاؤها عام 685م كهيكل روحي للمردة الجراجمة المعروفين بالموارنة في لبنان حاليا. أما اليهود فيكفي أن نعرف أن اللهجة اليهودية الليبية أو الطرابلسية هي لهجة عربية تحدثوا بها في الأندلس في أواخر الدولة الأموية. أما الموالي -المسلمون غير العرب- فكان أمر التعامل معهم قد حسم بالمساواة منذ زمن خلافة الراشدين.
وفي عاصمة الأمويين تحاول حكومة بشار الأسد هذه الأيام إقناع العالم بأن سوريا هدف مؤامرة لإحداث صراع طائفي، وأن هناك مشروع فتنة في سوريا. كل هذا لأن الأغلبية تظاهروا بمطالب مشروعة لهم تصطدم بقانون الطوارئ ودكتاتورية الحزب الواحد الذي تسيطر عليه أقلية واحدة منذ 40 عاماً. حيث تتمثل إشكالية المتظاهرين في أن الأغلبية هم من العرب السنة في مجتمع سوريا بعربه وبكرده وآشورييه ومسلميه ومسيحييه ودروزه، بينما يمسك بالمفاصل الاقتصادية والأمنية والسياسية في دمشق رجال من أقلية واحدة.
وتعرف الأقلية أنهم جماعة لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع الجماعات المسيطرة في نفس المجتمع وتمتلك قدرا أقل من النفوذ والقوة وتمارس عددا أقل من الحقوق مقارنة بالجماعة المسيطرة في المجتمع، وغالبا ما يحرم أفراد الأقليات من الاستمتاع الكافي بحقوق مواطني الدرجة الأولى. لكن الأمر لم يكن كذلك في رواندا وبوروندي حين غزتها أقليات عرقية من التوتسي بينما كان يعيش فيها أغلبية من الهوتو، حيث تبنت عرقية التوتسي -وهي الأقلية- حكما استبداديا عنصريا يقوم على اضطهاد الهوتو، بل ووصلت نزعة الاستعلاء لدى التوتسي إلى أنهم كانوا يعتبرون طعام الهوتو ومشربهم نجسا، حيث كانت النتيجة حرباً سقط فيها نصف مليون قتيل معظمهم من أقلية المتغطرسين التوتسي.
لقد قدست الديمقراطية الغربية حق الأقليات، وصار من المحظورات التي استوردناها مع الديمقراطية الإشارة من قريب أو بعيد إلى الأقلية بشيء حتى وإن اقترفت أكبر الموبقات، مما دفع العديد من الأقليات إلى استغلال ثقافة الديمقراطية وتضخيم مقولة أن المجتمع العربي أكبر منطقة طاردة للأقليات، لنهب مكاسب لا حق لهم فيها متجاوزين حقوق الأغلبية بل وحقوقهم المشروعة للوصول بمنزلتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلى طبقة الأقلية المميزة أو جماعة الصفوة «Elite» أو النخبة، وصار كل من يقترب من خطوط مكتسباتهم فوق العادية معاديا للأقليات وطائفيا ومثيرا للفتنة.
وهنا نتساءل إن كانت النجاحات غير المشروعة لبعض الأقليات وتحولها من طبقة مستضعفة إلى طبقة مستبدة دون المرور بطبقة المواطنة العامة مصدر تبرمنا نحن فحسب في شرقنا العربي؟
لقد أدرك صمويل هنتنغتون «Samuel Huntington» حقيقة استحواذ الأقليات على مكاسب لا حق لهم بالحصول عليها إلا بترويج مقولة حرمان أفراد الأقليات من الاستمتاع الكافي بحقوق مواطني الدرجة الأولى. وفي كتابه «من نحن.. تحديات الهوية الوطنية الأميركية «Who Are We? The Challenges to Americas National Identity»
يذهب هنتنغتون إلى أن معاودة ظهور الهويات الفرعية، العرقية والدينية واللغوية والثقافية في المجتمع الأميركي مهددة للهوية الجماعية، بل ومهددة للأغلبية وهم الرجل الأبيض الذي صار عليه الوقوف في آخر الطابور بعد أن ميزت القوانين أفراد الأقليات، فصارت فرص العمل والتعليم مثلا تقسم بين شرائح تضم النساء والسود والهسبانك اللاتينيين والشرقيين ثم تقتسم شريحة الرجل الأبيض وهم الأغلبية ما تبقى من الفرص.
لقد استقر كوديعة منسية في اللاوعي العربي أننا مجتمعات قاهرة للأقليات، فانتهزت ذلك أقليات تريد الاستحواذ على كل المميزات دون أن تدرك أنّ من صالحها على المدى البعيد عودة الأمويين لا عودة التوتسي.
دكتور. ظافر العجمي.
مثلت الخلافة الأموية الرفعة العربية، وكانت عربية صرفة في دواوينها وثقافتها. كما عُرفت الخلافة الأموية بتسامحها مع غير المسلمين، نتيجة سيادة فكر أهل السنة والجماعة، فكانت أمور المالية في فترات عدة بيد مسيحي، بل إن البطريركية المارونية تم إنشاؤها عام 685م كهيكل روحي للمردة الجراجمة المعروفين بالموارنة في لبنان حاليا. أما اليهود فيكفي أن نعرف أن اللهجة اليهودية الليبية أو الطرابلسية هي لهجة عربية تحدثوا بها في الأندلس في أواخر الدولة الأموية. أما الموالي -المسلمون غير العرب- فكان أمر التعامل معهم قد حسم بالمساواة منذ زمن خلافة الراشدين.
وفي عاصمة الأمويين تحاول حكومة بشار الأسد هذه الأيام إقناع العالم بأن سوريا هدف مؤامرة لإحداث صراع طائفي، وأن هناك مشروع فتنة في سوريا. كل هذا لأن الأغلبية تظاهروا بمطالب مشروعة لهم تصطدم بقانون الطوارئ ودكتاتورية الحزب الواحد الذي تسيطر عليه أقلية واحدة منذ 40 عاماً. حيث تتمثل إشكالية المتظاهرين في أن الأغلبية هم من العرب السنة في مجتمع سوريا بعربه وبكرده وآشورييه ومسلميه ومسيحييه ودروزه، بينما يمسك بالمفاصل الاقتصادية والأمنية والسياسية في دمشق رجال من أقلية واحدة.
وتعرف الأقلية أنهم جماعة لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع الجماعات المسيطرة في نفس المجتمع وتمتلك قدرا أقل من النفوذ والقوة وتمارس عددا أقل من الحقوق مقارنة بالجماعة المسيطرة في المجتمع، وغالبا ما يحرم أفراد الأقليات من الاستمتاع الكافي بحقوق مواطني الدرجة الأولى. لكن الأمر لم يكن كذلك في رواندا وبوروندي حين غزتها أقليات عرقية من التوتسي بينما كان يعيش فيها أغلبية من الهوتو، حيث تبنت عرقية التوتسي -وهي الأقلية- حكما استبداديا عنصريا يقوم على اضطهاد الهوتو، بل ووصلت نزعة الاستعلاء لدى التوتسي إلى أنهم كانوا يعتبرون طعام الهوتو ومشربهم نجسا، حيث كانت النتيجة حرباً سقط فيها نصف مليون قتيل معظمهم من أقلية المتغطرسين التوتسي.
لقد قدست الديمقراطية الغربية حق الأقليات، وصار من المحظورات التي استوردناها مع الديمقراطية الإشارة من قريب أو بعيد إلى الأقلية بشيء حتى وإن اقترفت أكبر الموبقات، مما دفع العديد من الأقليات إلى استغلال ثقافة الديمقراطية وتضخيم مقولة أن المجتمع العربي أكبر منطقة طاردة للأقليات، لنهب مكاسب لا حق لهم فيها متجاوزين حقوق الأغلبية بل وحقوقهم المشروعة للوصول بمنزلتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إلى طبقة الأقلية المميزة أو جماعة الصفوة «Elite» أو النخبة، وصار كل من يقترب من خطوط مكتسباتهم فوق العادية معاديا للأقليات وطائفيا ومثيرا للفتنة.
وهنا نتساءل إن كانت النجاحات غير المشروعة لبعض الأقليات وتحولها من طبقة مستضعفة إلى طبقة مستبدة دون المرور بطبقة المواطنة العامة مصدر تبرمنا نحن فحسب في شرقنا العربي؟
لقد أدرك صمويل هنتنغتون «Samuel Huntington» حقيقة استحواذ الأقليات على مكاسب لا حق لهم بالحصول عليها إلا بترويج مقولة حرمان أفراد الأقليات من الاستمتاع الكافي بحقوق مواطني الدرجة الأولى. وفي كتابه «من نحن.. تحديات الهوية الوطنية الأميركية «Who Are We? The Challenges to Americas National Identity»
يذهب هنتنغتون إلى أن معاودة ظهور الهويات الفرعية، العرقية والدينية واللغوية والثقافية في المجتمع الأميركي مهددة للهوية الجماعية، بل ومهددة للأغلبية وهم الرجل الأبيض الذي صار عليه الوقوف في آخر الطابور بعد أن ميزت القوانين أفراد الأقليات، فصارت فرص العمل والتعليم مثلا تقسم بين شرائح تضم النساء والسود والهسبانك اللاتينيين والشرقيين ثم تقتسم شريحة الرجل الأبيض وهم الأغلبية ما تبقى من الفرص.
لقد استقر كوديعة منسية في اللاوعي العربي أننا مجتمعات قاهرة للأقليات، فانتهزت ذلك أقليات تريد الاستحواذ على كل المميزات دون أن تدرك أنّ من صالحها على المدى البعيد عودة الأمويين لا عودة التوتسي.
دكتور. ظافر العجمي.