عبدالرحمن
20-04-2011, 13:42
غير قابل للإصلاح!
سبق لي أن كتبت مقالا تحت عنوان “ودمعٌ لا يكفكف يا دمشق” عن التحرك الشعبي السوري المنادي بالحرية، وذلك في بدايات انطلاقته، وكنت قد ختمت ذلك المقال بالتساؤل عما إذا كان الرئيس السوري سيتعظ من تجربتي زميليه حاكمي تونس ومصر المخلوعين، ويستفيد من نقطتي قوة نظامه المتمثّلتين في الموقف الممانع تجاه إسرائيل والقاعدة الحزبية العقائدية التي يستند إليها النظام، بحيث يبادر إلى الإسراع الجاد في فتح باب إصلاح نظامه والإقرار بحريات شعبه وحقوق مواطنيه من دون تأجيل، ليتجاوز أزمته؟... أم أنّه سيكرر الأخطاء القاتلة التي اقترفها زملاؤه المستبدون الزائلون منهم والمنتظرون؟!
وكان الظنّ، أو لعلّها الأمنية أو الوهم، أنّ الطبيب الرئيس “دكتور” وليس مجرد ديكتاتور، وأنّه بحكم حداثة السن ومستوى التأهيل العلمي والانفتاح الشخصي على العالم الخارجي أقدر من غيره على أن يتفّهم استحقاقات الإصلاح والتغيير غير القابلة للمماطلة والتأجيل، خصوصا بعدما كسر الشعب السوري حاجز الخوف؛ وانطلق مثل بقيه الشعب العربي في مختلف أوطانه يطالب بالحرية... ولكن سرعان ما خاب الظنّ وتلاشت الأمنية وزال الوهم وانعدم مبرر التساؤل عن خيارات النظام مع سقوط مئات الشهداء في ساحات بلاد الشام، ومع الوحشية المفرطة في قهر السوريين ومحاولة إذلالهم وتركيعهم وكسر شوكتهم النابتة حديثا!
لقد كانت الجماهير السورية تنتظر مع انطلاقة تحركها أن يستجيب النظام لمطلب الإصلاح، وأن يقطع الطريق على ما يدعيه عن التآمر الخارجي ضده، فيحترم إرادة الشعب ويطلق الحريات ويقوي جبهته الداخلية، وإذا بالنظام يرد بإطلاق الرصاص على الجماهير بدلا من إطلاق حرياتها!
وكانت الجماهير السورية تتوقع أن يرفع النظام حالة الطوارئ الممتدة لقرابة نصف قرن، وإذا به يربط رفعها باشتراط سنّ قوانين إضافية لتقييد الحريات، أحدها قانون لمكافحة الإرهاب وفق المعايير الأميركية، وآخر لتنظيم المظاهرات، بعد تجهيز قوات الأمن بالمعدات اللازمة لقمعها، وحينذاك يمكن رفع حالة الطوارئ!
وكانت الجماهير السورية تتطلع إلى قانون يقرّ حرية الأحزاب السياسية وآخر يبيح حرية الإعلام، وإذا بالنظام يتحدث عن فتح باب النقاش حول مثل هذين القانونين، وكأنّ مطلب الشعب كان مقتصرا على إقامة حلقة نقاشية لتبادل وجهات النظر وتدوين الملاحظات!
وكانت الجماهير السورية وهي تنادي بالحرية تقرن هتافها بالهتاف القائل “واحد واحد واحد الشعب السوري شعب واحد”، فيرد النظام على نداء الوحدة بممارسة أسوأ ألاعيب الفتن الطائفية ويضرب على أوتارها الحساسة لعلّ الشعب ينشغل بها عن حقّه في الحرية!
وكانت الجماهير السورية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وإذا بالنظام يعيد بعضهم جثامين متورمة ومدامة من آثار التعذيب، ويزجّ في كل يوم بالمئات من الشباب السوري في غياهب سجونه الرسمية ومعتقلاته السرية الملحقة بأجهزة مخابراته التي لا تُعدّ ولا تُحصى!
وبعد هذا كله، لم يعد هناك أي مبرر أمام الجماهير السورية لاستمرار ترديدها الهتاف المنادي بأنّ “الشعب يريد إصلاح النظام”، إذ لا إصلاح ممكنا لنظام استبدادي دموي ولا أمل يرتجى منه، وليس هناك بدٌّ من ترديد النشيد الشعبي العربي الموحد القائل: “الشعب يريد إسقاط النظام”!.
احمد الديين.
سبق لي أن كتبت مقالا تحت عنوان “ودمعٌ لا يكفكف يا دمشق” عن التحرك الشعبي السوري المنادي بالحرية، وذلك في بدايات انطلاقته، وكنت قد ختمت ذلك المقال بالتساؤل عما إذا كان الرئيس السوري سيتعظ من تجربتي زميليه حاكمي تونس ومصر المخلوعين، ويستفيد من نقطتي قوة نظامه المتمثّلتين في الموقف الممانع تجاه إسرائيل والقاعدة الحزبية العقائدية التي يستند إليها النظام، بحيث يبادر إلى الإسراع الجاد في فتح باب إصلاح نظامه والإقرار بحريات شعبه وحقوق مواطنيه من دون تأجيل، ليتجاوز أزمته؟... أم أنّه سيكرر الأخطاء القاتلة التي اقترفها زملاؤه المستبدون الزائلون منهم والمنتظرون؟!
وكان الظنّ، أو لعلّها الأمنية أو الوهم، أنّ الطبيب الرئيس “دكتور” وليس مجرد ديكتاتور، وأنّه بحكم حداثة السن ومستوى التأهيل العلمي والانفتاح الشخصي على العالم الخارجي أقدر من غيره على أن يتفّهم استحقاقات الإصلاح والتغيير غير القابلة للمماطلة والتأجيل، خصوصا بعدما كسر الشعب السوري حاجز الخوف؛ وانطلق مثل بقيه الشعب العربي في مختلف أوطانه يطالب بالحرية... ولكن سرعان ما خاب الظنّ وتلاشت الأمنية وزال الوهم وانعدم مبرر التساؤل عن خيارات النظام مع سقوط مئات الشهداء في ساحات بلاد الشام، ومع الوحشية المفرطة في قهر السوريين ومحاولة إذلالهم وتركيعهم وكسر شوكتهم النابتة حديثا!
لقد كانت الجماهير السورية تنتظر مع انطلاقة تحركها أن يستجيب النظام لمطلب الإصلاح، وأن يقطع الطريق على ما يدعيه عن التآمر الخارجي ضده، فيحترم إرادة الشعب ويطلق الحريات ويقوي جبهته الداخلية، وإذا بالنظام يرد بإطلاق الرصاص على الجماهير بدلا من إطلاق حرياتها!
وكانت الجماهير السورية تتوقع أن يرفع النظام حالة الطوارئ الممتدة لقرابة نصف قرن، وإذا به يربط رفعها باشتراط سنّ قوانين إضافية لتقييد الحريات، أحدها قانون لمكافحة الإرهاب وفق المعايير الأميركية، وآخر لتنظيم المظاهرات، بعد تجهيز قوات الأمن بالمعدات اللازمة لقمعها، وحينذاك يمكن رفع حالة الطوارئ!
وكانت الجماهير السورية تتطلع إلى قانون يقرّ حرية الأحزاب السياسية وآخر يبيح حرية الإعلام، وإذا بالنظام يتحدث عن فتح باب النقاش حول مثل هذين القانونين، وكأنّ مطلب الشعب كان مقتصرا على إقامة حلقة نقاشية لتبادل وجهات النظر وتدوين الملاحظات!
وكانت الجماهير السورية وهي تنادي بالحرية تقرن هتافها بالهتاف القائل “واحد واحد واحد الشعب السوري شعب واحد”، فيرد النظام على نداء الوحدة بممارسة أسوأ ألاعيب الفتن الطائفية ويضرب على أوتارها الحساسة لعلّ الشعب ينشغل بها عن حقّه في الحرية!
وكانت الجماهير السورية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وإذا بالنظام يعيد بعضهم جثامين متورمة ومدامة من آثار التعذيب، ويزجّ في كل يوم بالمئات من الشباب السوري في غياهب سجونه الرسمية ومعتقلاته السرية الملحقة بأجهزة مخابراته التي لا تُعدّ ولا تُحصى!
وبعد هذا كله، لم يعد هناك أي مبرر أمام الجماهير السورية لاستمرار ترديدها الهتاف المنادي بأنّ “الشعب يريد إصلاح النظام”، إذ لا إصلاح ممكنا لنظام استبدادي دموي ولا أمل يرتجى منه، وليس هناك بدٌّ من ترديد النشيد الشعبي العربي الموحد القائل: “الشعب يريد إسقاط النظام”!.
احمد الديين.