الشيخ/عبدالله السالم
01-04-2011, 19:45
الحمدُ للهِ الذي استخلصَ الحمدَ لنفسِهِ ، واستوجبَهُ على جميعِ خلقِهِ ، الذي ناصيةُ كلِّ شيءٍ بيديهِ ، ومصيرُ كلِّ شيءٍ إليهِ ، القوي في سلطانِهِ ، اللطيفُ في جبروتِهِ ، لا مانعَ لما أعطى ، ولا معطيَ لما منعَ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، إلهاً واحداً صمداً ، لم يتخذْ صاحبةً ولا ولداً ، ولم يكنْ له شريكٌ في الملكِ ، ولم يكنْ له وليٌّ من الذلِّ ، وأشهدُ أن محمداً ، عبدُهُ ورسولُه ، وصفوتُهُ من خلقِهِ ، وأمينُهُ على وحيهِ ، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) .. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أمَّا بعدُ أيها الأخوةُ في الله :فَإنَّ الإسلامَ قد اهتمَّ بالأُسرةِ المسلمةِ اهتمامًا كبيرًا ، إهتماماً تقصرُ عنهُ فهومُ البشرِ ، وقوانينُ الدولِ الوضعيةُ ، قلماَ تجدُ نظاماً ، يُعنى بشؤونِ الصغيرِ والكبيرِ ، والغنيِّ والفقيرِ ، والمرأةِ والرجلِ ، مثلَ شريعةِ اللهِ ، خلاَ ادعاءاتِ تحريرِ المرأةِ وحقوقِ الإنسانِ ، التي تحملُ في بُطونِها ما ليسَ على ظُهورِها ، وقدْ تَجَلَّتْ أهميةُ تأسيسِ الأُسرةِ المستقرةِ الآمنةِ ، مِنْ خلالِ قولهِ تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ومِنْ خلالِ وصايَا النبيِّe التِي تُنَمْذِجُ خُطى التكوينِ الأسريِّ ، منذُ عهدِهِ الأولِ ، قالَ عليهِ الصلاةُ والسلام { تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ } والمرأةُ . أهمُّ شيءٍ في بناءِ الأسرةِ والمجتمعِ ، أُولائكَ يَدعونَ لتحريرِها وكأنَّهاَ مُحْتَلةٌ منْ قَبلِ الرجلِ ، يَدعونَ لِمسخِهاَ مِن أُنوثتِها ، وسلخِها مِن عَفَافِها ، يبغونَها سافرةً مَكشوفةً ، يقعُ عليها البعوضُ والذبابُ ، أماَّ الإسلامُ ، فإنَّهُ يعتني بهاَ ويُؤسِّسُها لغرضِ البناءِ المتينِ ، وليسَ لغرضِ تَملُّقِ الأعينِ ، وتَلذُّذِ الأبصارِ ، فهيَ مَصدرُ التغييرِ والتأثيرِ، وهِيَ أساسُ البيتِ ، وركنُهُ الركينُ ، بشَّرَها رسولُ اللهِ e بالجنةِ فقالَ { إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ } وأخبرَ رَسُولُ اللَّهِ e أنها كنزٌ مِن كنوزِ الدنيا فقالَ لعُمر بن الخطابي رضي الله عنه ، كما في سُننِ أبي داوود { أَلاَ أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ } طاعةُ الزوجِ ، ورعايةُ الأبناءِ ، والقيامُ علَى شؤونِ البيتِ ، وحُسْنُ التربيةِ ، رسالةٌ اجتماعيةٌ ، ووظيفةٌ إسلاميةٌ عظيمةٌ مُناطةٌ بِها ، فهيَ ليستْ سَقْطُ مَتَاعٍ ، أو إِمَّعةُ استمتاعٍ ، إنَّماَ هي شريكٌ للرجلِ ، هي نِصفُ دينِ الرجلِ ، النساءُ شقائقُ الرجالِ ، المرأةُ تُنَشِّئُ أبناءَهَا علَى الإيمانِ والطاعةِ وحَمْلِ رسالةِ الدينِ وواجبِ الدعوةِ إلى اللهِ ، وحُبِّ الوطنِ والولاءِ لهُ ولولاةِ أمرِهِ ، وعلَى الأَخلاقِ الفاضلةِ والقِيَمِ السامِيَةِ، و التزوُّدِ بالعلومِ والمعارفِ ، وعلَى الزوجيْنِ وهُمَا يؤسسانِ هذا البيتَ الأُسريَّ ، أَنْ يُدرِكَا أنَّ أحدَهُمَا أَوْ كليْهِمَا ، لَنْ يَجدَ صاحبَهُ كاملاً ، فالكمالُ للهِ سبحانَهُ وتعالى ، ولقدْ أوصى اللهُ عزَّ وجلَّ ، بالتعايشِ بالمعروفِ، قالَ سبحانَهُ وتعالَى ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )ولينظُرِ الزوجُ والزوجةُ ، إلى الإيجابياتِ في كلٍّ منهُماَ ، لأنَّ كثيراً مِنَ الأزواجِ ، يَختصمونَ على محاورِ السلبياتِ ، أنتِ فعلتِ كذاَ ، وأنتَ الذي فيكَ كذاَ ، والنبيُّ e يوصي الزوجينِ بخلافِ ذلكَ، يقولُ بإبي هوَ وأُمي كما في صحيحِ مسلم من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه{لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ}هكذَا يُرسِّخُ الإسلامُ قِيَمَ البناءِ المتينِ ، والتشييدِ المكينِ ، التِي تقودُ الأُسرةَ إلَى السعادةِ والاستقرارِ ، والنموِّ والإزدهارِ .فالأُسرةُ قائمةٌ على الزوجينِ في كلِّ شيءٍ ، معَ تفاوتِ نِسَبِ المسئوليةِ ، يتعاونانِ علَى تربيةِ الأولادِ ، وإدارةِ شؤونِ البيتِ ، وهذهِ فطرةٌ حتى في البَهائمِ والطّيورِ ، فالزوجُ يَتعاونُ معَ زوجتِهِ ، ويقفُ معَها في قِيامِها بواجبِها ، وهذا ليسَ عَيباً ولا مَثلباً ، كما يظنُّهُ عوامُ الناسِ ، وجهلةُ المسلمينَ ، على أنَّ مسؤوليةَ الزوجِ في واجهةِ الرِّجالِ فقط ، إنَّماَ تعاونُهُ معهاَ دليلٌ علَى نُبْلِ نفسِ الزوجِ ِ، وطِيبِ مَعْشَرِهِ، وقدْ كانَ رسولُ اللهِe كثيراً مَا ينشغلُ بالقيامِ بأعباءِ الرسالةِ وشؤونِهَا ، واستقبالِ الوفودِ، ومعَ ذلكَ كانَ أحْسَنَ الناسِ عِشرَةً، وهوَ خيْرُ الناسِ لنسائِهِ ، ولَمْ تمنَعْهُ كلُّ هذهِ الأعباءُ ، أَنْ يعاونَ أهلَهُ، وقدْ سُئِلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المؤمنينَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كَانَ النَّبِيُّ e يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ قَالَتْ {كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ } فَينبغي للبيوتِ أنْ لا يسودَ فيها الإستبدادُ بالرأيِ ، فقدْ كانَ رسولُ اللهِ e يستشيرُ بعضَ نسائِهِ ،كمَا كانَ يفعلُ معَ أُمِّ سلمةَ رضيَ اللهُ عنهَا، فقَدْ كانَ يأنَسُ برأيِهَا ، ويعجِبُهُ رجحانُ عقلِهَا ، رضيَ اللهُ عنْهَا .ولقدْ كَثُرَ في هذا الزمانِ ، أساتذةُ الرأيِ ، وفطاحلةُ الكلمةِ ، منَ الذينَ يتدخَّلونَ في مشاكلِ الأسرِ ، وخلافاتِ البيوتِ ، دونَ أنْ يُطلَبَ منهمْ ذلكَ ، وربَّما أرادَ أحدُهُم أنْ يَحِلَّ مشاكلَ الآخرينَ ، وهوَ معَ بيتِهِ واقعٌ في حمأةِ المشاكلِ ،فحمايةُ الأُسرةِ مِنْ تدَخُّلاتِ الآخرينَ أمرٌ ضروريٌّ لسلامَتِها ، وقد أَمَرَ الإسلامُ أَنْ يَصونَ أفرادُ الأُسرةِ جميعاً ، أسرارَ البيتِ مِنْ أَنْ تخرجَ خارجَ البيتِ ، وخاصةً مَا يكونُ بيْنَ الزوجيْنِ مِنْ أُمورٍ خاصةٍ ،
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.أما بعد:أيهَا المسلمونَ : هناكَ أمرٌ غايةٌ في الأهميةِ ، هو الوفاءُ بيْنَ أفرادِ الأُسرةِ عموماً ، وهوَ أشدُّ مَطلوبٍ سيَّمَا عندَ الكِبَرِ، فقَدْ أمرَ الدينُ الزوجَ أَنْ يكونَ وفيًّا لزوجتِهِ علَى كلِّ حالٍ والزوجةُ وفيةً لزوجِها ، يحفظُ لَهَا حقَّهَا، وتحفظُ لهُ حقَّهُ ، ويذكُرُ لَهَا جميلَهَا، ويُقدِّرُ لَهَا معروفَهَا خاصةً بعدَمَا كَبُرَتْ سنُّهَا واشتَدَّ ضعفُهَا وحاجتُهَا إليهِ، وكيفَ لاَ يكونُ كذلكَ وقدْ جعَلَ اللهُ كُلاًّ مِنَ الزوجيْنِ سكَناً للآخَرِ طيلةَ حياتِهِما ، وقد سمعْنا ورأيْناَ مظاهرَ مِنْ هذاَ الوفاءِ وللهِ الحمدُ في مجتمعاتِنَا بينَ الزوجِ وزوجتِهِ وبينَ الإخوةِ والأخواتِ وآباءِهِم وأمهاتِهِم مايُثلجُ الصدرَ ، في دولِ الغربِ ، الولدُ يسكنُ في مدينةِ أمهِ وأبيهِ ، ولا يزورُهُم إلاَّ في السنةِ مرةً أو مرتينِ ، أمَّا أنتم أيها المسلمونَ ، فأهلُ وفاءٍ وأهلُ شِيمٍ وخصالٍ كريمةٍ ، نبعتْ مِن عروبتِكُم قبلَ أنْ يُتَممَ الإسلامُ هذهِ المكارمَ ، قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ {إنَّما بُعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقَ } ألا فصلوا وسَلِّموا على مُتممِ الأخلاقِ ما غابتِ الأفلاكُ في الآفاقِ ، كما أمرَكُم بذلكَ الخلاقُ .بقولِهِ تعالى ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتُم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعدائكَ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، يارب العالمين ، واجمعْ قلوبَ عبادِكَ المسلمينَ ، واجعلْنا رحمةً منك يا أرحمَ الراحمينَ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً،وجَنّبه الفتن ماظهرَ منها وما بطن ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )
الخطبة بصوت الشيخ :
http://abosami.com/pro/shga.mp3
إضغط هنا للتحميل
(http://abosami.com/pro/shga.mp3)
5604
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.أما بعد:أيهَا المسلمونَ : هناكَ أمرٌ غايةٌ في الأهميةِ ، هو الوفاءُ بيْنَ أفرادِ الأُسرةِ عموماً ، وهوَ أشدُّ مَطلوبٍ سيَّمَا عندَ الكِبَرِ، فقَدْ أمرَ الدينُ الزوجَ أَنْ يكونَ وفيًّا لزوجتِهِ علَى كلِّ حالٍ والزوجةُ وفيةً لزوجِها ، يحفظُ لَهَا حقَّهَا، وتحفظُ لهُ حقَّهُ ، ويذكُرُ لَهَا جميلَهَا، ويُقدِّرُ لَهَا معروفَهَا خاصةً بعدَمَا كَبُرَتْ سنُّهَا واشتَدَّ ضعفُهَا وحاجتُهَا إليهِ، وكيفَ لاَ يكونُ كذلكَ وقدْ جعَلَ اللهُ كُلاًّ مِنَ الزوجيْنِ سكَناً للآخَرِ طيلةَ حياتِهِما ، وقد سمعْنا ورأيْناَ مظاهرَ مِنْ هذاَ الوفاءِ وللهِ الحمدُ في مجتمعاتِنَا بينَ الزوجِ وزوجتِهِ وبينَ الإخوةِ والأخواتِ وآباءِهِم وأمهاتِهِم مايُثلجُ الصدرَ ، في دولِ الغربِ ، الولدُ يسكنُ في مدينةِ أمهِ وأبيهِ ، ولا يزورُهُم إلاَّ في السنةِ مرةً أو مرتينِ ، أمَّا أنتم أيها المسلمونَ ، فأهلُ وفاءٍ وأهلُ شِيمٍ وخصالٍ كريمةٍ ، نبعتْ مِن عروبتِكُم قبلَ أنْ يُتَممَ الإسلامُ هذهِ المكارمَ ، قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ {إنَّما بُعثتُ لأتممَ مكارمَ الأخلاقَ } ألا فصلوا وسَلِّموا على مُتممِ الأخلاقِ ما غابتِ الأفلاكُ في الآفاقِ ، كما أمرَكُم بذلكَ الخلاقُ .بقولِهِ تعالى ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتُم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعدائكَ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، يارب العالمين ، واجمعْ قلوبَ عبادِكَ المسلمينَ ، واجعلْنا رحمةً منك يا أرحمَ الراحمينَ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً،وجَنّبه الفتن ماظهرَ منها وما بطن ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ ، ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )
الخطبة بصوت الشيخ :
http://abosami.com/pro/shga.mp3
إضغط هنا للتحميل
(http://abosami.com/pro/shga.mp3)
5604