ولد الأشراف
27-02-2011, 04:37
مقدمة:
في هذا الموضوع نذكر نص خطاب ألقاه الامير الشريف/ حمود بن ثامر السعدون (حاكم امارة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها) أمام عدد من شيوخ عشائر وقبائل امارة المنتفق وذلك قبيل مواجهته للجيش العثماني و لوالي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م في معركة (غليوين) التي انتهت بانتصار قوات امارة المنتفق, ومقتل الوالي, ودخول جيش امارة المنتفق شوارع بغداد ظافراً, وتسليمه مقاليد الولاية لدخيلهم (سعيد بن سليمان باشا) الذي لجأ إليهم محتمياً من بطش الوالي السابق عبدالله باشا ومساعده طاهر آغا. وقد رفض الأمير حمود السعدون تسليم دخيله للدولة العثمانية مما أدى الى حشد الدولة العثمانية لحملة عسكرية كبيره ضده وكانت نهاية الأحداث سقوط مدينة بغداد بيد أسرة السعدون وأمارة المنتفق .
أطراف المعركة:
1- الدولة العثمانية : ممثلة بوالي بغداد (عبدالله باشا التوتنجي) من المماليك والذي حشد في هذه المعركة قبائل ربيعة والجشعم وقوات عقيل المتحضرة من أهل نجد, والمرافقين له بالإضافة إلى عسكر الدوله العثمانية وقوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان والكثير من أبناء الحاضرة لحرب امارة المنتفق.
2- امارة المنتفق : والتي كانت دولة تضم معظم مناطق و قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق حضر وبادية, سنة وشيعة , مسلمين وغير مسلمين (الصابئة واليهود والمسيحيين في جنوب العراق). الأسرة الحاكمة : أسرة السعدون.
التعريف بحاكم امارة المنتفق الأمير حمود بن ثامر السعدون:
كان الأمير حمود بن ثامر السعدون يلقب بـ (حمود العمى) وذلك لأصابته بالعمى في أخر عشرين سنة من حكمه وتحديدا من عام 1807م (1222هـ) ... كما كان يلقب أيضا بــ (سلطان البر ) ... وهذا تسلسل نسبه :
الامير حمود (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ثامر (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير سعدون (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير محمد (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير مانع الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير شبيب الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ما نع الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الاميرشبيب الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الشريف حسن ( مؤسس امارة المنتفق) بن الشريف مانع بن مالك بن سعدون الأول بن إبراهيم (أحمر العينين) بن الامير كبش (امير المدينة المنورة) بن الامير منصور (امير المدينة المنورة) بن الامير جماز (امير المدينة المنورة + امير مكة المكرمة 687هـ) بن الامير شيحة (امير المدينة المنورة+امير مكة المكرمة عام 637هـ) بن الامير هاشم (امير المدينة المنورة) بن الامير قاسم (أبو فليته) (امير المدينة المنورة+ امير مكة عام 571هـ) بن الامير مهنا الاعرج (امير المدينة المنورة) بن الامير الحسين (شهاب الدين ) (امير المدينة المنورة) بن الامير مهنا الأكبر ( أبو عمارة ) (امير المدينة المنورة) بن الامير داود (أبو هاشم ) (امير المدينة المنورة) بن الامير القاسم (امير المدينة المنورة) بن الامير عبيد الله (امير المدينة المنورة+ امير العقيق) بن طاهر بن يحي النسابة بن الحسن بن جعفر ( الحجة ) بن عبيد الله ( الاعرج ) بن الحسين (الأصغر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين - رضي الله عنه - ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –.
سبب المعركة:
هو التجاء سعيد بك إلى ديار المنتفق التي كانت تحت حكم الامير حمود بن ثامر السعدون في الفترة (1797 – 1826) بعد تأكده من نيات والي بغداد (عبد الله التوتنجي ) لقتله و سعيد بك هو ابن سليمان باشا الكبير الذي كان والياً على العراق للفترة من 1780 – 1802.وقد امتنع الامير حمود بن ثامر السعدون من تسليم الدخيل اليه الى الدولة العثمانية.
تفاصيل المعركة:
بعد رفض الأمير حمود بن ثامر السعدون تسليم دخيله (سعيد) للدولة العثمانية , حشد والي بغداد قواته العثمانية وأسندها بالعشائر العربية (ربيعة وعقيل والجشعم والخزاعل وغيرها ) الموالية آنذاك له وأعلن أعتراف الدولة العثمانية رسميا بالأمير نجم بن عبدالله (ولد عم الأمير حمود) حاكما على امارة المنتفق , واتجه بالجنود الى امارة المنتفق لأخذ الدخيل بالقوة العسكرية ولتنصيب الأمير نجم بن عبدالله , يذكر الدكتور حميد بن حمد السعدون في كتابه امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق و المنطقة الأقليمية 1546م – 1918م , ص: 160((( فكان مع الجيش قوات عشائر ربيعة يتقدمها الأمير-مشكور- وقوات الخزاعل ومقدمتهم الشيخ – سبتي بن محسن المحمد- وقوات عقيل يتقدمهم شيخهم – ناصر محمد الشبلي- وقوات الجشعم , مضافا اليها قوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان , هذا غير قوات - نجم العبدالله- المعين من قبل الوالي – التوتنجي - أميرا للمنتفق بدلا من أميرها حمود الثامر . بحيث كان حجم الجيش والعشائر المساندة له في مسيره نحو المنتفق , من أضخم الحملات العسكرية التي شهدها العراق ))). وقعت المعركة في 10 كانون الثاني 1813 قرب نهر صغير بين الناصرية وسوق الشيوخ يسمى " اغليوين " قاد قوات امارة المنتفق فيها الأمير برغش بن حمود بن ثامر السعدون الذي جرح في المعركة وتوفي بعدها بيومين من أثار الجراح وانتهت المعركة بانتصار قبائل المنتفق بعد الصمود البطولي الذي لا يوصف بوجه مدفعية وقوات جيش الوالي وتمكنت خيالة المنتفق بقيادة الأمير علي بن ثامر السعدون من اسر الوالي عبد الله التوتنجي وكبار قادة جيشه فنقلوا إلى مدينة سوق الشيوخ (عاصمة أمارة المنتفق) كأسرى ثم تم قتلهم تحت أقدام سعيد بك (دخيل المنتفق) ، وبعد المعركة فرض الأمير حمود بن ثامر السعدون سطوته على الدولة العثمانية و توجه بقوات امارة المنتفق إلى بغداد واحتلها وقام بتنصيب سعيد بك والياً على بغداد بالقوة وقد اضطرت الدولة العثمانية الى أن تبلع الأهانة والأعتراف بسعيد كوالي . يذكر المؤرخ العثماني المعاصر للأحداث ابن سند دخول الأمير حمود بن ثامر السعدون ومعه سعيد الى بغداد , كتاب مطالع السعود في أخبار الوالي داوود , المقتطع من خزانة التواريخ النجدية , ص: 304 ((( ثم توجه حمود مع سعيد باشا الى بغداد , ودخلاها بالموكب والأبهة والجاه , وكاتب سعيد باشا الدولة فجاءه الفرمان بأنه والي بغداد والبصرة وشهرزور , فرجع حمود الى المنتفق , لكن سعيد باشا لايبرم صغيره ولا كبيره الا بمشورته))).
أهمية المعركة تاريخيا لأسرة السعدون (حكام امارة المنتفق وشيوخ قبائلها):
معركة غليوين تعتبر من مفاخر أسرة السعدون تاريخيا وهذه المعركة وغيرها الكثير من الحملات العثمانية التي دمرتها أمارة المنتفق , تبرز قوة نفوذ آل سعدون في العراق , فبالأضافة الى أن أسرة السعدون كانت تحكم امارة المنتفق والتي تضم معظم مناطق و قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق فأنها فرضت نفوذها حتى على بغداد نفسها أحد أقوى عواصم الدولة العثمانية في الوطن العربي , ويتضح هذا النفوذ من خلال قيام الامير حمود بن ثامر السعدون بتعيين دخيله سعيد والي على بغداد وتنتفيذ ذلك بالقوة العسكرية وباحتلال بغداد واضطرار الدولة العثمانية الى ان تبلع الاهانة وتقبل بالوالي الجديد على الرغم من انه كان صغير في السن (عمره واحد وعشرين سنه) وكان ايضا غير مؤهل للولايه وبعد التعيين اصبح الامير حمود بن ثامر السعدون يدير مناطق العراق العثمانية من خلال هذا الوالي ولعدة سنوات وقام الوالي سعيد باشا باعطاء الامير حمود السعدون مافي جنوب البصرة من القرى والتي يعادل ايرادها ثلث ايراد العراق وقصد الشعراء الامير حمود السعدون .
ينقل الدكتور علي الوردي عن المؤرخ العثماني ابن سند البصري المعاصر للأحداث , كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث , ج1 ص : 218
((( ان امر سعيد باشا صار بيد حمود شيخ المنتفق كالطفل في يد وصيه , وقد أعطاه سعيد باشا مافي جنوب البصرة من القرى جميعها وهو مايقارب ثلث ايراد العراق , وضحك لآل المنتفق الزمان ,وأطاعهم الحاضر والبادي , وقصدهم الشعراء من جميع النواحي , وأجازوا بجوائز تفوق جوائز بني العباس , وكنت لاتسمع في المجالس الا صفاتهم ومدحهم بما هو زائد عن حدهم , بل عن حد الملوك .)))
يقول ماكس فرايهير فون أوبنهايم في كتابه البدو , ج3 , ص: 285 ((( فدخل حمود الى بغداد مع سعيد الذي كان في حمايته , وكان هذا نصرا لآل سعدون لا مثيل له . لم يكن سعيد مؤهلا لمنصبه , فلم يكن عمره سوى واحد وعشرين عاما ولم تكن لديه أي خبره في ادارة شؤون الدولة ))).
يقول حمد بن لعبون في كتابه تاريخ ابن لعبون ص:660 ((( وجرح برغش بن حمود . ثم : أنه مات وقتلوا عبدالله باشا وسار حمود وجه أسعد لبغداد , وملك العراق ورجع ))).
يقول سليمان فائق بك (وهو عدو للمنتفق و أحد كبار الموظفين العثمانيين في العراق في القرن التاسع عشر ) في كتابه عشائر المنتفق , ص:35 ((( وبناء على هذه الوقعة الكبيرة نالت عشائر المنتفق الشهرة العظيمة , وانتشر خبر حمود الثامر في كل الأطراف , وهابته العشائر , ولقبته بسلطان البر . وبدأوا يسمونه سلطان حمود الثامر ))).
يذكر النبهاني في كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية (((وبعد تلك الحوادث توجه سعيد باشا إلى بغداد وصحبه حمود بقومه حتى دخلا بغداد بمحفل عجيب. فكاتب سعيد باشا الدولة العثمانية طالباً وزارة بغداد لنفسه فأرسلت الدولة له (مرسوماً) بإسناد إيالة بغداد إليه وشهر زور والبصرة فوصله في عام (1228هـ 1812م) فبعد ذلك أكرم سعيد باشا (حموداً) إكراماً جزيلاً ومنحه جميع ما في جنوب البصرة من القرى والنخيل يستوفي وارداتها لنفسه هي وما جاورها (وهو قسم لا يستهان به) لأن إيراده كان يقارب ثلث إيراد العراق (في ذلك الزمن) ولما انتظم أمر سعيد باشا في بغداد واستتب له الأمر رجع حمود إلى مقره. وكان في الحقيقة زمام أمور سعيد باشا في يد حمود يديرها كيفما شاء. وقد ابتسم الزمان للمنتفق في ذلك العصر وأطاعهم الحاضر والبادي. وقصدتهم الشعراء وأجازوا بالجوائز العظام التي ربما فاقت على جوائز بني العباس))).
يذكر لطفي جعفر في كتابه عبدالمحسن السعدون ودوره في تاريخ العراق السياسي المعاصر , ص: 22 ((( وفي 1227هـ (1811م) وقبل أن يكون سعيد (ابن سليمان الكبير) واليا لبغداد لم ير غير (حمود بن ثامر السعدون ) يحتمي عنده من بطش والي بغداد (عبدالله باشا) وقد صدق ظنه بقدرة السعدونيين على حمايته , فقد تمكنوا من القضاء على الوالي (عبدالله باشا) في 1227هـ (1811م) ومساعدة (سعيد ) في أن يكون واليا على بغداد ))).
يذكر عبد الحليم احمد الحصيني في مقاله : الناصرية في أروقة الزمن , جريدة الصباح (((والى ايام الفضلية وهي المعركة التي اندحر فيها الفرس عام 1777 عندما توغلوا في اراضي المنتفك وحصلت المواجهة في منطقة الفضلية الواقعة على نهر الفرات على بعد عدة اميال من العرجة وتكبدوا فيها خسائر فادحة من جراء غيهم بعد ان لقنوا درسا بليغا من اهالي المنتفك الذين كانوا لهم بالمرصاد والى ايام ابو حلانه يوم لم يروق للفرس هزيمتهم في معركة الفضلية تقدموا بقواتهم نحو المنتفك والتقو عند ( ابو حلانة) نهاية عام 1778 وعندها ابلى رجال المنتفك بلاء حسنا وابادوا القوات الفارسية ابادة تامة وغنمو خلالها العديد من الاسلحة والمعدات ومن ابو حلانة الى اغليوين (جدول يقع بين الناصرية وسوق الشيوخ) دارت عنده المعركة بين المنتفك والقوات العثمانية اوائل عام 1813م ودارت المعركة سجالا بين الطرفين حيث كانت الغلبة بادئ الامر لصالح قوات الوالي العثماني حيث يفوقون المنتفك عددا وسلاح .
ولكن صلابة المنتفك وبسالتهم غيرت من نتائج المعركة واصبحت الكفة لصالح المنتفك وحوصرت قوات الوالي العثماني وقتل اغلبية القادة وهكذا تلقت القوات العثمانية ضربات موجعة لم ينج منها الا نفر قليل ولى هاربا رغم الاستعدادت الكبيرة وثقل القوات المهاجمة وسجلت المنتقك نصرا كبيرا . اثبتت المنتفك من خلاله انها صاحبة القرار بكل ماتريد او لاتريد وفي كل ارجاء العراق من شماله الى جنوبه)))
.........................
وهذه قصيدة الأمير الشريف/ علي بن ثامر السعدون في رثاء أخيه الأمير الشريف /عبدالمحسن بن ثامر السعدون, وذكر انتصارهم في معركة (غليوين) على والي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م حماية لدخيلهم سعيد باشا, وقد قامت المنتفق بقتل الوالي القديم, واحتلوا بغداد,ونصبوا سعيد باشا والياً عليها:
الورق يلعي فوق عالي قصورها
حمايمٍ، ويطربن الغنا من فجورها
تغنّت بصافي النوح عندي, وانا الذي
من البعد والفرقا أصالي مرورها
أيا أيها الورق الذي أنت ساهر
لك النوح شطرٍ من معالم شطورها
آه وا عضيدي راح.. ما عاد يرجع
باللحد ثاوي في مطاوي قبورها
(أبا براك) زبن الجاذيات ابن ثامر
وان همّلوا عصمان الايدي سيورها
أيا ليت (ابو براك) بالكون حاضر
به صولةٍ جتنا. كفى الله شرورها
لفتنا: ربيعة وابن جشعم ولامها
معا.. عسكر الدولة، وجملة حضورها
ومعهم عقيلٍ، والقبايل جميعها
واللي بقلبه حسفةٍ.. جا.. يدورها
واشاروا علينا بالقطيعة، وذبحنا
والاطواب تكفي في ملاهي زمورها
دعونا الصبح, واحنا نلملم جموعنا
وحاروا، وداروا.. كيف حالٍ ندورها
و(صالح) نهار الكون زيزوم حربنا
عزنا، وزبن رجالنا عن عقورها
وانا على قبّاً.. قحومٍ وعندلٍ
رفوعٍ، وشعوى لى تمثنت وعورها
ركضنا عليهم ركضةٍ (هاشميّة)
وراحت تناحي بالعوالي صدورها
غدا ذاك مذبوح, والاخر مخلاّ
وهذاك حقٍّ للحدا مع نسورها
وليناهم, وطابت بهم نفس لابتي
ليا عاد (ابو برغش) حماها، وسورها
لمن خاب ذاك اليوم منّا، ومنهم
رايات سودٍ تنتشر في نشورها
(ورد نص الخطاب في كتاب تاريخ المنتفق لسليمان فائق).
يذكر سليمان فائق ( وهو أحد كبار موظفي الدولة العثمانية بالقرن التاسع عشر بالأضافة الى كونه عدو للمنتفق ) نص الخطاب الذي ألقاه حاكم امارة المنتفق الأمير حمود بن ثامر السعدون على أمراء وشيوخ القبائل في امارة المنتفق قبل المعركة ... ويذكر أيضا ردهم عليه.
أيها الأمراء والرؤساء والمشايخ:
أخاطبكم اليوم لعلمي أنكم الممثلون للعرب، وأعلم أيضاً أن قد تجسمت فيكم الشهامة والغيرة والحمية، وبما أنكم أمراء ورؤساء القبائل أخاطبكم بخطاب يليق بكم، فليكن معلومكم أيها الأجلاء العظام والسادة الكرام...أن دخيلنا (سعيد بك) لما علم أن حياته بخطر، وأن الداعي كنت المتفق الخاص لوالده التجأ إلينا كي يتمكن من المحافظة على حياته المهددة بالخطر، ووقع دخيلاً عندنا،وها هو هذا: تعرفونه وتعرفون أباه، وتعرفون منزلة أبيه وهو من ذوي البيوت لا من العتقاء والسوقة، وإني قد تعهدت وتكفلت بحمايته حماية مطلقة، وأنه الدخيل عندي، ولم تظهر له أدنى مظاهرة تشغل الحكومة بل ولم يتحرك بحركة مخالفة لرضاء الدولة، وكررت هذه الكيفية للولاية مراراً فلم تفد جميع مراجعاتي واسترحاماتي. ولذا لم يبق للحكومة حق إن خالفتها وعصيتها لأني قد اخترت جواب السلب، وأمرتنا الولاية بهذا الأمر الذي قرأته عليكم بتسليم الدخيل، فإن لم نسلمه تأخذه الحكومة من عندنا قسراً بقوة السلاح، وهذا تهديدهم كما سمعتموه. و قد حاكمت نفسي مراراً بكيفية تسليم الدخيل، فأبت نفسي وشيمتي العربية تسليم الدخيل كتسليم الشاة إلى القصاب، وجزمت وعزمت على أن أقاوم وأدافع الحكومة بكل مجهودي وقوتي لآخر نفس، فإن عجزت عن المقاومة أكون مجبوراً على ترك أولادي وعيالي وآخذ دخيلي، وأهرب به إلى الديار النجدية حفظاً لناموسي وشرفي،فمن كان منكم يكره هذه الحالة فليعتزل إلى جنب، واعتقدوا أني لا أجبر ولا أكره أحداً على أن يكون معي. فكل منكم مختار برأيه حيث أن هذه المسألة خاصة بنفسي، وعائدة علي، ولا شك أن هذا ناموسي وشرفي، ولا أقبل أن يدنس أو يكون فيه العار، وتسليم الدخيل هو أكبر عار علينا، ولهذا لا بد أن أهرق آخر قطرة من دمي للمحافظة على الناموس، واعلموا جميعاً أني لا أكلف أحداً منكم بتكليف لا يطيقه.فردوا عليه بالموافقة، ومما قالوا له:
ألم نكن نحن مثلك عرب ومن العرب؟.
أما نحن الذين قبلناك رئيساً علينا لعلمنا أنك الرجل الوحيد بل الشريف الغيور الفريد المنصف بهذه الديار؟،
فكما أن شيمتك العربية تأبى تسليم الدخيل فشيمتنا وغيرتنا العربية تأبى أيضاً أن نعتزل عنك بمثل هذا اليوم الأسود، وكيف تقبل شيمتنا الاعتزال عنك فلا نبقيك أنت ودخيلك مادام فينا دم الحياة؟،
وها نحن حاضرون نفدي أنفسنا وأرواحنا ومالنا في سبيل تخليص دخيلك.
بعض المصادر التي ذكرت معركة غليوين :
1- كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي , ج1 ص :217-218.
2-تاريخ ابن لعبون , ص:659- 660 .
3- كتاب البدو , ماكس فرايهير فون أوبنهايم , ج 3 , ص: 285 , 601 .
4- عنوان المجد , ابن بشر ,ج 1, ص: 336 - 337 .
5- التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية , ص:414 – 417 .
6- امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق والمنطقة الأقليمية , د. حميد حمد السعدون ,ص: 159 – 163.
7- عشائر المنتفق , سليمان فائق بك , ص:35
8- التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية , الشيخ محمد بن الشيخ خليفة النبهاني , ج : 10 , الجزء الخاص بامارة المنتفق.
9- عبدالمحسن السعدون ودوره في تاريخ العراق السياسي المعاصر , لطفي جعفر , ص: 22
10- جريدة الصباح ، الناصرية في أروقة الزمن ، عبد الحليم احمد الحصيني .
في هذا الموضوع نذكر نص خطاب ألقاه الامير الشريف/ حمود بن ثامر السعدون (حاكم امارة المنتفق وشيخ مشائخ قبائلها) أمام عدد من شيوخ عشائر وقبائل امارة المنتفق وذلك قبيل مواجهته للجيش العثماني و لوالي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م في معركة (غليوين) التي انتهت بانتصار قوات امارة المنتفق, ومقتل الوالي, ودخول جيش امارة المنتفق شوارع بغداد ظافراً, وتسليمه مقاليد الولاية لدخيلهم (سعيد بن سليمان باشا) الذي لجأ إليهم محتمياً من بطش الوالي السابق عبدالله باشا ومساعده طاهر آغا. وقد رفض الأمير حمود السعدون تسليم دخيله للدولة العثمانية مما أدى الى حشد الدولة العثمانية لحملة عسكرية كبيره ضده وكانت نهاية الأحداث سقوط مدينة بغداد بيد أسرة السعدون وأمارة المنتفق .
أطراف المعركة:
1- الدولة العثمانية : ممثلة بوالي بغداد (عبدالله باشا التوتنجي) من المماليك والذي حشد في هذه المعركة قبائل ربيعة والجشعم وقوات عقيل المتحضرة من أهل نجد, والمرافقين له بالإضافة إلى عسكر الدوله العثمانية وقوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان والكثير من أبناء الحاضرة لحرب امارة المنتفق.
2- امارة المنتفق : والتي كانت دولة تضم معظم مناطق و قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق حضر وبادية, سنة وشيعة , مسلمين وغير مسلمين (الصابئة واليهود والمسيحيين في جنوب العراق). الأسرة الحاكمة : أسرة السعدون.
التعريف بحاكم امارة المنتفق الأمير حمود بن ثامر السعدون:
كان الأمير حمود بن ثامر السعدون يلقب بـ (حمود العمى) وذلك لأصابته بالعمى في أخر عشرين سنة من حكمه وتحديدا من عام 1807م (1222هـ) ... كما كان يلقب أيضا بــ (سلطان البر ) ... وهذا تسلسل نسبه :
الامير حمود (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ثامر (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير سعدون (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الأمير محمد (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير مانع الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير شبيب الثاني(شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الامير ما نع الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الاميرشبيب الاول (شيخ مشايخ قبائل امارة المنتفق) بن الشريف حسن ( مؤسس امارة المنتفق) بن الشريف مانع بن مالك بن سعدون الأول بن إبراهيم (أحمر العينين) بن الامير كبش (امير المدينة المنورة) بن الامير منصور (امير المدينة المنورة) بن الامير جماز (امير المدينة المنورة + امير مكة المكرمة 687هـ) بن الامير شيحة (امير المدينة المنورة+امير مكة المكرمة عام 637هـ) بن الامير هاشم (امير المدينة المنورة) بن الامير قاسم (أبو فليته) (امير المدينة المنورة+ امير مكة عام 571هـ) بن الامير مهنا الاعرج (امير المدينة المنورة) بن الامير الحسين (شهاب الدين ) (امير المدينة المنورة) بن الامير مهنا الأكبر ( أبو عمارة ) (امير المدينة المنورة) بن الامير داود (أبو هاشم ) (امير المدينة المنورة) بن الامير القاسم (امير المدينة المنورة) بن الامير عبيد الله (امير المدينة المنورة+ امير العقيق) بن طاهر بن يحي النسابة بن الحسن بن جعفر ( الحجة ) بن عبيد الله ( الاعرج ) بن الحسين (الأصغر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين - رضي الله عنه - ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –.
سبب المعركة:
هو التجاء سعيد بك إلى ديار المنتفق التي كانت تحت حكم الامير حمود بن ثامر السعدون في الفترة (1797 – 1826) بعد تأكده من نيات والي بغداد (عبد الله التوتنجي ) لقتله و سعيد بك هو ابن سليمان باشا الكبير الذي كان والياً على العراق للفترة من 1780 – 1802.وقد امتنع الامير حمود بن ثامر السعدون من تسليم الدخيل اليه الى الدولة العثمانية.
تفاصيل المعركة:
بعد رفض الأمير حمود بن ثامر السعدون تسليم دخيله (سعيد) للدولة العثمانية , حشد والي بغداد قواته العثمانية وأسندها بالعشائر العربية (ربيعة وعقيل والجشعم والخزاعل وغيرها ) الموالية آنذاك له وأعلن أعتراف الدولة العثمانية رسميا بالأمير نجم بن عبدالله (ولد عم الأمير حمود) حاكما على امارة المنتفق , واتجه بالجنود الى امارة المنتفق لأخذ الدخيل بالقوة العسكرية ولتنصيب الأمير نجم بن عبدالله , يذكر الدكتور حميد بن حمد السعدون في كتابه امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق و المنطقة الأقليمية 1546م – 1918م , ص: 160((( فكان مع الجيش قوات عشائر ربيعة يتقدمها الأمير-مشكور- وقوات الخزاعل ومقدمتهم الشيخ – سبتي بن محسن المحمد- وقوات عقيل يتقدمهم شيخهم – ناصر محمد الشبلي- وقوات الجشعم , مضافا اليها قوات اللاوند وأغوات الأكراد والتركمان , هذا غير قوات - نجم العبدالله- المعين من قبل الوالي – التوتنجي - أميرا للمنتفق بدلا من أميرها حمود الثامر . بحيث كان حجم الجيش والعشائر المساندة له في مسيره نحو المنتفق , من أضخم الحملات العسكرية التي شهدها العراق ))). وقعت المعركة في 10 كانون الثاني 1813 قرب نهر صغير بين الناصرية وسوق الشيوخ يسمى " اغليوين " قاد قوات امارة المنتفق فيها الأمير برغش بن حمود بن ثامر السعدون الذي جرح في المعركة وتوفي بعدها بيومين من أثار الجراح وانتهت المعركة بانتصار قبائل المنتفق بعد الصمود البطولي الذي لا يوصف بوجه مدفعية وقوات جيش الوالي وتمكنت خيالة المنتفق بقيادة الأمير علي بن ثامر السعدون من اسر الوالي عبد الله التوتنجي وكبار قادة جيشه فنقلوا إلى مدينة سوق الشيوخ (عاصمة أمارة المنتفق) كأسرى ثم تم قتلهم تحت أقدام سعيد بك (دخيل المنتفق) ، وبعد المعركة فرض الأمير حمود بن ثامر السعدون سطوته على الدولة العثمانية و توجه بقوات امارة المنتفق إلى بغداد واحتلها وقام بتنصيب سعيد بك والياً على بغداد بالقوة وقد اضطرت الدولة العثمانية الى أن تبلع الأهانة والأعتراف بسعيد كوالي . يذكر المؤرخ العثماني المعاصر للأحداث ابن سند دخول الأمير حمود بن ثامر السعدون ومعه سعيد الى بغداد , كتاب مطالع السعود في أخبار الوالي داوود , المقتطع من خزانة التواريخ النجدية , ص: 304 ((( ثم توجه حمود مع سعيد باشا الى بغداد , ودخلاها بالموكب والأبهة والجاه , وكاتب سعيد باشا الدولة فجاءه الفرمان بأنه والي بغداد والبصرة وشهرزور , فرجع حمود الى المنتفق , لكن سعيد باشا لايبرم صغيره ولا كبيره الا بمشورته))).
أهمية المعركة تاريخيا لأسرة السعدون (حكام امارة المنتفق وشيوخ قبائلها):
معركة غليوين تعتبر من مفاخر أسرة السعدون تاريخيا وهذه المعركة وغيرها الكثير من الحملات العثمانية التي دمرتها أمارة المنتفق , تبرز قوة نفوذ آل سعدون في العراق , فبالأضافة الى أن أسرة السعدون كانت تحكم امارة المنتفق والتي تضم معظم مناطق و قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق فأنها فرضت نفوذها حتى على بغداد نفسها أحد أقوى عواصم الدولة العثمانية في الوطن العربي , ويتضح هذا النفوذ من خلال قيام الامير حمود بن ثامر السعدون بتعيين دخيله سعيد والي على بغداد وتنتفيذ ذلك بالقوة العسكرية وباحتلال بغداد واضطرار الدولة العثمانية الى ان تبلع الاهانة وتقبل بالوالي الجديد على الرغم من انه كان صغير في السن (عمره واحد وعشرين سنه) وكان ايضا غير مؤهل للولايه وبعد التعيين اصبح الامير حمود بن ثامر السعدون يدير مناطق العراق العثمانية من خلال هذا الوالي ولعدة سنوات وقام الوالي سعيد باشا باعطاء الامير حمود السعدون مافي جنوب البصرة من القرى والتي يعادل ايرادها ثلث ايراد العراق وقصد الشعراء الامير حمود السعدون .
ينقل الدكتور علي الوردي عن المؤرخ العثماني ابن سند البصري المعاصر للأحداث , كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث , ج1 ص : 218
((( ان امر سعيد باشا صار بيد حمود شيخ المنتفق كالطفل في يد وصيه , وقد أعطاه سعيد باشا مافي جنوب البصرة من القرى جميعها وهو مايقارب ثلث ايراد العراق , وضحك لآل المنتفق الزمان ,وأطاعهم الحاضر والبادي , وقصدهم الشعراء من جميع النواحي , وأجازوا بجوائز تفوق جوائز بني العباس , وكنت لاتسمع في المجالس الا صفاتهم ومدحهم بما هو زائد عن حدهم , بل عن حد الملوك .)))
يقول ماكس فرايهير فون أوبنهايم في كتابه البدو , ج3 , ص: 285 ((( فدخل حمود الى بغداد مع سعيد الذي كان في حمايته , وكان هذا نصرا لآل سعدون لا مثيل له . لم يكن سعيد مؤهلا لمنصبه , فلم يكن عمره سوى واحد وعشرين عاما ولم تكن لديه أي خبره في ادارة شؤون الدولة ))).
يقول حمد بن لعبون في كتابه تاريخ ابن لعبون ص:660 ((( وجرح برغش بن حمود . ثم : أنه مات وقتلوا عبدالله باشا وسار حمود وجه أسعد لبغداد , وملك العراق ورجع ))).
يقول سليمان فائق بك (وهو عدو للمنتفق و أحد كبار الموظفين العثمانيين في العراق في القرن التاسع عشر ) في كتابه عشائر المنتفق , ص:35 ((( وبناء على هذه الوقعة الكبيرة نالت عشائر المنتفق الشهرة العظيمة , وانتشر خبر حمود الثامر في كل الأطراف , وهابته العشائر , ولقبته بسلطان البر . وبدأوا يسمونه سلطان حمود الثامر ))).
يذكر النبهاني في كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية (((وبعد تلك الحوادث توجه سعيد باشا إلى بغداد وصحبه حمود بقومه حتى دخلا بغداد بمحفل عجيب. فكاتب سعيد باشا الدولة العثمانية طالباً وزارة بغداد لنفسه فأرسلت الدولة له (مرسوماً) بإسناد إيالة بغداد إليه وشهر زور والبصرة فوصله في عام (1228هـ 1812م) فبعد ذلك أكرم سعيد باشا (حموداً) إكراماً جزيلاً ومنحه جميع ما في جنوب البصرة من القرى والنخيل يستوفي وارداتها لنفسه هي وما جاورها (وهو قسم لا يستهان به) لأن إيراده كان يقارب ثلث إيراد العراق (في ذلك الزمن) ولما انتظم أمر سعيد باشا في بغداد واستتب له الأمر رجع حمود إلى مقره. وكان في الحقيقة زمام أمور سعيد باشا في يد حمود يديرها كيفما شاء. وقد ابتسم الزمان للمنتفق في ذلك العصر وأطاعهم الحاضر والبادي. وقصدتهم الشعراء وأجازوا بالجوائز العظام التي ربما فاقت على جوائز بني العباس))).
يذكر لطفي جعفر في كتابه عبدالمحسن السعدون ودوره في تاريخ العراق السياسي المعاصر , ص: 22 ((( وفي 1227هـ (1811م) وقبل أن يكون سعيد (ابن سليمان الكبير) واليا لبغداد لم ير غير (حمود بن ثامر السعدون ) يحتمي عنده من بطش والي بغداد (عبدالله باشا) وقد صدق ظنه بقدرة السعدونيين على حمايته , فقد تمكنوا من القضاء على الوالي (عبدالله باشا) في 1227هـ (1811م) ومساعدة (سعيد ) في أن يكون واليا على بغداد ))).
يذكر عبد الحليم احمد الحصيني في مقاله : الناصرية في أروقة الزمن , جريدة الصباح (((والى ايام الفضلية وهي المعركة التي اندحر فيها الفرس عام 1777 عندما توغلوا في اراضي المنتفك وحصلت المواجهة في منطقة الفضلية الواقعة على نهر الفرات على بعد عدة اميال من العرجة وتكبدوا فيها خسائر فادحة من جراء غيهم بعد ان لقنوا درسا بليغا من اهالي المنتفك الذين كانوا لهم بالمرصاد والى ايام ابو حلانه يوم لم يروق للفرس هزيمتهم في معركة الفضلية تقدموا بقواتهم نحو المنتفك والتقو عند ( ابو حلانة) نهاية عام 1778 وعندها ابلى رجال المنتفك بلاء حسنا وابادوا القوات الفارسية ابادة تامة وغنمو خلالها العديد من الاسلحة والمعدات ومن ابو حلانة الى اغليوين (جدول يقع بين الناصرية وسوق الشيوخ) دارت عنده المعركة بين المنتفك والقوات العثمانية اوائل عام 1813م ودارت المعركة سجالا بين الطرفين حيث كانت الغلبة بادئ الامر لصالح قوات الوالي العثماني حيث يفوقون المنتفك عددا وسلاح .
ولكن صلابة المنتفك وبسالتهم غيرت من نتائج المعركة واصبحت الكفة لصالح المنتفك وحوصرت قوات الوالي العثماني وقتل اغلبية القادة وهكذا تلقت القوات العثمانية ضربات موجعة لم ينج منها الا نفر قليل ولى هاربا رغم الاستعدادت الكبيرة وثقل القوات المهاجمة وسجلت المنتقك نصرا كبيرا . اثبتت المنتفك من خلاله انها صاحبة القرار بكل ماتريد او لاتريد وفي كل ارجاء العراق من شماله الى جنوبه)))
.........................
وهذه قصيدة الأمير الشريف/ علي بن ثامر السعدون في رثاء أخيه الأمير الشريف /عبدالمحسن بن ثامر السعدون, وذكر انتصارهم في معركة (غليوين) على والي بغداد عبدالله باشا سنة 1813م حماية لدخيلهم سعيد باشا, وقد قامت المنتفق بقتل الوالي القديم, واحتلوا بغداد,ونصبوا سعيد باشا والياً عليها:
الورق يلعي فوق عالي قصورها
حمايمٍ، ويطربن الغنا من فجورها
تغنّت بصافي النوح عندي, وانا الذي
من البعد والفرقا أصالي مرورها
أيا أيها الورق الذي أنت ساهر
لك النوح شطرٍ من معالم شطورها
آه وا عضيدي راح.. ما عاد يرجع
باللحد ثاوي في مطاوي قبورها
(أبا براك) زبن الجاذيات ابن ثامر
وان همّلوا عصمان الايدي سيورها
أيا ليت (ابو براك) بالكون حاضر
به صولةٍ جتنا. كفى الله شرورها
لفتنا: ربيعة وابن جشعم ولامها
معا.. عسكر الدولة، وجملة حضورها
ومعهم عقيلٍ، والقبايل جميعها
واللي بقلبه حسفةٍ.. جا.. يدورها
واشاروا علينا بالقطيعة، وذبحنا
والاطواب تكفي في ملاهي زمورها
دعونا الصبح, واحنا نلملم جموعنا
وحاروا، وداروا.. كيف حالٍ ندورها
و(صالح) نهار الكون زيزوم حربنا
عزنا، وزبن رجالنا عن عقورها
وانا على قبّاً.. قحومٍ وعندلٍ
رفوعٍ، وشعوى لى تمثنت وعورها
ركضنا عليهم ركضةٍ (هاشميّة)
وراحت تناحي بالعوالي صدورها
غدا ذاك مذبوح, والاخر مخلاّ
وهذاك حقٍّ للحدا مع نسورها
وليناهم, وطابت بهم نفس لابتي
ليا عاد (ابو برغش) حماها، وسورها
لمن خاب ذاك اليوم منّا، ومنهم
رايات سودٍ تنتشر في نشورها
(ورد نص الخطاب في كتاب تاريخ المنتفق لسليمان فائق).
يذكر سليمان فائق ( وهو أحد كبار موظفي الدولة العثمانية بالقرن التاسع عشر بالأضافة الى كونه عدو للمنتفق ) نص الخطاب الذي ألقاه حاكم امارة المنتفق الأمير حمود بن ثامر السعدون على أمراء وشيوخ القبائل في امارة المنتفق قبل المعركة ... ويذكر أيضا ردهم عليه.
أيها الأمراء والرؤساء والمشايخ:
أخاطبكم اليوم لعلمي أنكم الممثلون للعرب، وأعلم أيضاً أن قد تجسمت فيكم الشهامة والغيرة والحمية، وبما أنكم أمراء ورؤساء القبائل أخاطبكم بخطاب يليق بكم، فليكن معلومكم أيها الأجلاء العظام والسادة الكرام...أن دخيلنا (سعيد بك) لما علم أن حياته بخطر، وأن الداعي كنت المتفق الخاص لوالده التجأ إلينا كي يتمكن من المحافظة على حياته المهددة بالخطر، ووقع دخيلاً عندنا،وها هو هذا: تعرفونه وتعرفون أباه، وتعرفون منزلة أبيه وهو من ذوي البيوت لا من العتقاء والسوقة، وإني قد تعهدت وتكفلت بحمايته حماية مطلقة، وأنه الدخيل عندي، ولم تظهر له أدنى مظاهرة تشغل الحكومة بل ولم يتحرك بحركة مخالفة لرضاء الدولة، وكررت هذه الكيفية للولاية مراراً فلم تفد جميع مراجعاتي واسترحاماتي. ولذا لم يبق للحكومة حق إن خالفتها وعصيتها لأني قد اخترت جواب السلب، وأمرتنا الولاية بهذا الأمر الذي قرأته عليكم بتسليم الدخيل، فإن لم نسلمه تأخذه الحكومة من عندنا قسراً بقوة السلاح، وهذا تهديدهم كما سمعتموه. و قد حاكمت نفسي مراراً بكيفية تسليم الدخيل، فأبت نفسي وشيمتي العربية تسليم الدخيل كتسليم الشاة إلى القصاب، وجزمت وعزمت على أن أقاوم وأدافع الحكومة بكل مجهودي وقوتي لآخر نفس، فإن عجزت عن المقاومة أكون مجبوراً على ترك أولادي وعيالي وآخذ دخيلي، وأهرب به إلى الديار النجدية حفظاً لناموسي وشرفي،فمن كان منكم يكره هذه الحالة فليعتزل إلى جنب، واعتقدوا أني لا أجبر ولا أكره أحداً على أن يكون معي. فكل منكم مختار برأيه حيث أن هذه المسألة خاصة بنفسي، وعائدة علي، ولا شك أن هذا ناموسي وشرفي، ولا أقبل أن يدنس أو يكون فيه العار، وتسليم الدخيل هو أكبر عار علينا، ولهذا لا بد أن أهرق آخر قطرة من دمي للمحافظة على الناموس، واعلموا جميعاً أني لا أكلف أحداً منكم بتكليف لا يطيقه.فردوا عليه بالموافقة، ومما قالوا له:
ألم نكن نحن مثلك عرب ومن العرب؟.
أما نحن الذين قبلناك رئيساً علينا لعلمنا أنك الرجل الوحيد بل الشريف الغيور الفريد المنصف بهذه الديار؟،
فكما أن شيمتك العربية تأبى تسليم الدخيل فشيمتنا وغيرتنا العربية تأبى أيضاً أن نعتزل عنك بمثل هذا اليوم الأسود، وكيف تقبل شيمتنا الاعتزال عنك فلا نبقيك أنت ودخيلك مادام فينا دم الحياة؟،
وها نحن حاضرون نفدي أنفسنا وأرواحنا ومالنا في سبيل تخليص دخيلك.
بعض المصادر التي ذكرت معركة غليوين :
1- كتاب لمحات من تاريخ العراق الحديث للدكتور علي الوردي , ج1 ص :217-218.
2-تاريخ ابن لعبون , ص:659- 660 .
3- كتاب البدو , ماكس فرايهير فون أوبنهايم , ج 3 , ص: 285 , 601 .
4- عنوان المجد , ابن بشر ,ج 1, ص: 336 - 337 .
5- التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية , ص:414 – 417 .
6- امارة المنتفق وأثرها في تاريخ العراق والمنطقة الأقليمية , د. حميد حمد السعدون ,ص: 159 – 163.
7- عشائر المنتفق , سليمان فائق بك , ص:35
8- التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية , الشيخ محمد بن الشيخ خليفة النبهاني , ج : 10 , الجزء الخاص بامارة المنتفق.
9- عبدالمحسن السعدون ودوره في تاريخ العراق السياسي المعاصر , لطفي جعفر , ص: 22
10- جريدة الصباح ، الناصرية في أروقة الزمن ، عبد الحليم احمد الحصيني .