عبدالله المهيني
18-02-2011, 09:25
أولاد حارتنا
فهد عافت
http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2011/02/18/196603_فهد-عافت_small.jpg
نكتة مصرية، جمعت بين آخر ثلاثة رؤساء لمصر، اثنان يسألان الثالث الأخير: 'سم، ولاّ منصّة؟! فيجيب: فيس بوك!'، يا لعبقرية النكات المصرية، تعجن التاريخ بالحاضر، وتشير إلى المستقبل، بعين غامزة، لكنها ترى كل شيء، حتى حق ليوسف إدريس، أن يقول: النكتة، أقصر قصة قصيرة.
وما خلصت إليه النكتة المصرية الأخيرة، سبق أن خلصت إليه، بشكل أو آخر، أشهر روايات نجيب محفوظ 'أولاد حارتنا'، التي لم تنته، إلا بعد أن تمكن 'عرفة'، من قتل 'الجبلاوي'.
ولم يكن 'عرفة' سوى العلم، والمعرفة، والتقدم الإنساني المهول، في التكنولوجيا وطرائق الاتصال، التي ربما فاقت خيالات نجيب محفوظ، لكنها سكنت ضمير عبقريته.
ما حدث في مصر، كان قتلا لجبلاوي صغير، أو متوهّم، عن طريق 'عرفة'، في أحد أعجب أشكاله: 'الفيس بوك'، ذلك الذي يمكن لك، من خلال ضغطة زر على موقع اليوتيوب، مشاهدة ابن الرئيس المصري السابق، يضحك عليه، بسخرية، تحقيرا له، وجهلا به، وتقليلا من شأنه، من الواضح أننا أمام حقائق جديدة، أمام طرائق تجميع، وتنظيم، ومراقبة، وتحرك، أكثر طزاجة، مما تحتمل العقول المسنة.
والحقيقة الأكثر وضوحا اليوم، هي أن من هو أصغر منك بيوم، أعرف منك بعشرة سنوات، على الأقل، واليوم فقط، صار يمكن لي أن أفهم، أكثر من أي وقت مضى، لماذا أرسل 'الجبلاوي' القتيل خادمته السوداء إلى 'عرفة'، لتؤكد له أن 'الجبلاوي' مات، وهو راضٍ عنه! لقد استاءت المجتمعات العربية، من تطورات التكنولوجيا، واعتبرت أن في اقتحام هذه التقنية، لشوارعها وبيوتها هتكا لخصوصياتها، وكلنا يتذكر تلك المخاوف الوهمية، التي واكبت كاميرات التصوير، المرافقة في الجوالات، وقد حدثت بالفعل، إساءات خادشة، في استخدامات مسيئة، لمثل هذه التقنية، لكنني اليوم أعيد التفكير في المسألة، خاصة مع كثرة الحديث عن 'البطانة' هذه الأيام، فأقول: لماذا لا نستخدم تقنية تصوير الفيديو، في كل المعاملات، والمراجعات، التي نرى أنها تستحق التصوير،
ولماذا لا تكون هذه الكاميرا الصغيرة، هي بطانة المسؤول، الجاد والملتزم.
إنه لأمر رائع أن تذهب اليوم، إلى جهة حكومية، أو غير حكومية، لإنهاء معاملة ما، ثم تشغل الجهاز، عيني عينك، وعلنا، ثم تطلب من الموظف المختص، أن ينجز لك معاملتك، حسب القانون، لحظتها، سيتحقق لك ما كنت تتمناه منذ زمن بعيد، إذ لن يتمكن الموظف، من معاملتك وكأنك متسوّل، فيتجهم في وجهك، أو يطلب منك الأعاجيب، من التوقيعات
والأوراق غير اللازمة، قبل أن يلطعك، في موعد جديد، بعد شهر، أو ستة أشهر، وإذا كان تاريخنا، مليئا، بخلفاء وولاة، يضطر أحدهم إلى التخفي، والخروج إلى السوق، والبيوت، بزي لا يكشف عن حقيقته، حتى يعرف أحوال الرعية، بعيدا عن بطانته.
إننا اليوم، أمام ثورة، من الاتصالات الكاشفة، والتواصل المذهل، تتيح لأي مسؤول، في ما لو سمح للناس بتصوير كل ما يجري، مشاهدة، ومتابعة الأمور، بدقة لم يكن توافرها ممكنا من قبل، أنصح بهذا، لأنني أشك أصلا، في أن 'عرفة' مات، هو الآخر، كما تقول الرواية، ثم انه حتى وإن كان قد مات، فإن صديقه، لم يمت، والأهم أن 'الدفتر' الذي دوّن فيه 'عرفة' كل أسراره، يمكن أن يظهر، في يد أحدهم، في أي لحظة!
:3ajebni:
فهد عافت
http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2011/02/18/196603_فهد-عافت_small.jpg
نكتة مصرية، جمعت بين آخر ثلاثة رؤساء لمصر، اثنان يسألان الثالث الأخير: 'سم، ولاّ منصّة؟! فيجيب: فيس بوك!'، يا لعبقرية النكات المصرية، تعجن التاريخ بالحاضر، وتشير إلى المستقبل، بعين غامزة، لكنها ترى كل شيء، حتى حق ليوسف إدريس، أن يقول: النكتة، أقصر قصة قصيرة.
وما خلصت إليه النكتة المصرية الأخيرة، سبق أن خلصت إليه، بشكل أو آخر، أشهر روايات نجيب محفوظ 'أولاد حارتنا'، التي لم تنته، إلا بعد أن تمكن 'عرفة'، من قتل 'الجبلاوي'.
ولم يكن 'عرفة' سوى العلم، والمعرفة، والتقدم الإنساني المهول، في التكنولوجيا وطرائق الاتصال، التي ربما فاقت خيالات نجيب محفوظ، لكنها سكنت ضمير عبقريته.
ما حدث في مصر، كان قتلا لجبلاوي صغير، أو متوهّم، عن طريق 'عرفة'، في أحد أعجب أشكاله: 'الفيس بوك'، ذلك الذي يمكن لك، من خلال ضغطة زر على موقع اليوتيوب، مشاهدة ابن الرئيس المصري السابق، يضحك عليه، بسخرية، تحقيرا له، وجهلا به، وتقليلا من شأنه، من الواضح أننا أمام حقائق جديدة، أمام طرائق تجميع، وتنظيم، ومراقبة، وتحرك، أكثر طزاجة، مما تحتمل العقول المسنة.
والحقيقة الأكثر وضوحا اليوم، هي أن من هو أصغر منك بيوم، أعرف منك بعشرة سنوات، على الأقل، واليوم فقط، صار يمكن لي أن أفهم، أكثر من أي وقت مضى، لماذا أرسل 'الجبلاوي' القتيل خادمته السوداء إلى 'عرفة'، لتؤكد له أن 'الجبلاوي' مات، وهو راضٍ عنه! لقد استاءت المجتمعات العربية، من تطورات التكنولوجيا، واعتبرت أن في اقتحام هذه التقنية، لشوارعها وبيوتها هتكا لخصوصياتها، وكلنا يتذكر تلك المخاوف الوهمية، التي واكبت كاميرات التصوير، المرافقة في الجوالات، وقد حدثت بالفعل، إساءات خادشة، في استخدامات مسيئة، لمثل هذه التقنية، لكنني اليوم أعيد التفكير في المسألة، خاصة مع كثرة الحديث عن 'البطانة' هذه الأيام، فأقول: لماذا لا نستخدم تقنية تصوير الفيديو، في كل المعاملات، والمراجعات، التي نرى أنها تستحق التصوير،
ولماذا لا تكون هذه الكاميرا الصغيرة، هي بطانة المسؤول، الجاد والملتزم.
إنه لأمر رائع أن تذهب اليوم، إلى جهة حكومية، أو غير حكومية، لإنهاء معاملة ما، ثم تشغل الجهاز، عيني عينك، وعلنا، ثم تطلب من الموظف المختص، أن ينجز لك معاملتك، حسب القانون، لحظتها، سيتحقق لك ما كنت تتمناه منذ زمن بعيد، إذ لن يتمكن الموظف، من معاملتك وكأنك متسوّل، فيتجهم في وجهك، أو يطلب منك الأعاجيب، من التوقيعات
والأوراق غير اللازمة، قبل أن يلطعك، في موعد جديد، بعد شهر، أو ستة أشهر، وإذا كان تاريخنا، مليئا، بخلفاء وولاة، يضطر أحدهم إلى التخفي، والخروج إلى السوق، والبيوت، بزي لا يكشف عن حقيقته، حتى يعرف أحوال الرعية، بعيدا عن بطانته.
إننا اليوم، أمام ثورة، من الاتصالات الكاشفة، والتواصل المذهل، تتيح لأي مسؤول، في ما لو سمح للناس بتصوير كل ما يجري، مشاهدة، ومتابعة الأمور، بدقة لم يكن توافرها ممكنا من قبل، أنصح بهذا، لأنني أشك أصلا، في أن 'عرفة' مات، هو الآخر، كما تقول الرواية، ثم انه حتى وإن كان قد مات، فإن صديقه، لم يمت، والأهم أن 'الدفتر' الذي دوّن فيه 'عرفة' كل أسراره، يمكن أن يظهر، في يد أحدهم، في أي لحظة!
:3ajebni: