عبدالرحمن
12-01-2011, 13:08
الرأي ما يعتقده الإنسان ويميل إليه وعندما تطلب رأيا من إنسان فأنت تستشيره...
إذ أن سلامة الرأي تدل على رجاحة العقل، فصاحب الرأي إن لم يكن ذا عزيمة
فسد رأيه لأن فساد الرأي أحياناً يكون في تردده.
يقول الأفوه الأودي
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن فسدت... فبالأشرار تنقاد
ويقول صفي الدين الحلي:
وأغــزر الناس عــقــــلاً مــن إذا نـظــرتْ
عــــينــاه أمــراً غــدا بالغــير مــعـتـبـرا
فـــقـــــد يُقال عِــثار الرِّجــل إن عَــثَرتْ
ولا يــــــقـــال عــثار الــرأي إنْ عَـــثَــرا
مــــن دَبّـــر الـــعـــــيـــش بالآراء دام له
صــفـــواً وجـــاء إليه الخـطْــــبُ مُعتذرا
يــهــــــونُ بالـــرأي مــا يجري القضاء به
مـــن أخطأ الرأيَ لا يســتذنبُ القــــدرا
...
وقد نُقِل لنا من التاريخ والتراث كثير من الآراء، التي مثلت نقلة مفصلية في كثير من الحوادث،
ولم تقتصر هذه الآراء على الذكور دون الإناث... وممن كانت لهن المشورة السديدة والرأي الحازم
أم سلمة رضي الله عنها وسعدى أم أوس بن حارثة بن لأم و ابنته بهيسة وغيرهن الكثير.
وكما يقول المتنبي:
لو كانت النساء كمن فقدن
لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال
لما تأخر المسلمون في الاستجابة لامر الرسول في صلح الحديبية بأن يتحللوا...
أشارت عليه أم سلمة فقالت: يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة،
حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فقام ونحر وحلق فقام أصحابه ينحرون ويحلقون.
...
ولما هجا بشر بن أبي خازم الأسدي أوس بن حارثة بن لام الطائي فأسره بعد ذلك،
وأراد قتله، فقالت له أمه وكانت ذات رأي: والله لا محا هجاءه لك إلا مدحه إياك فعفا عنه...
فرفع بشر يده وطرفه إلى السماء ثم قال: اللهم أشهد على بشر أنه لا يمدح أحداً غير أوس بن حارثة
ما مددت له في العمر، فمدحه بقصائد عدة.
...
ولئن كانت البسوس سبب الفتنة التي أدت إلى اندلاع حرب دامت أربعين سنة بين بكر وتغلب،
فإن بهيسة بنت أوس بن لام الطائي، كانت سببا في حقن دماء عبس وذبيان
في الحرب المشهورة باسم داحس والغبراء، والتي تعد من أطول الحروب وأشهرها في الجاهلية.
...
سأل رجل من أشراف العرب اسمه الحارث بن عوف بن أبي حارثة صديقه خارجة بن سنان المرّي
قائلا: أتراني أخطب إلى أحد من العرب فيردني؟
قال: نعم.
قال: ومن ذاك؟
قال: أوس بن حارثة بن لأم الطائي.
فقال الحارث لغلامه: ارحل بنا، ففعل... فركبا حتى انتهيا إلى أوس بن حارثة في بلاده،
فوجداه أمام منزله فرحب بهما وسألهما عن حاجتهما.
فقال الحارث: جئتك خاطبا.
فقال: أوس: لست هناك «أي لست أهلاً للمصاهرة»، وانصرف ولم يكلمه.
ثم دخل أوس مغضباً على زوجته وكانت من بني عبس فقالت:
منْ رجل وقف عليك فلم يطل ولم تكلمه؟
قال: ذاك سيد العرب الحارث بن عوف.
قالت: فمالك لم تستنزله؟ قال: إنه استحمق، جاءني خاطباً.
قالت المرأة في هدوء: أتريد أن تزوج بناتك؟
قال: نعم.
قالت: فإذا لم تزوج سيد العرب، فمن؟
قال: قد حدث ما حدث.
قالت: فتدارك ما حدث.
قال: بما؟
قالت: تلحقه فترده.
قال: فكيف وقد سبق إليه مني ما قد سبق؟
قالت: تقول له: إنك لقيتني مغضباً بأمرٍ لم تقدم فيه قولاً، فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ما سمعت،
فانصرف ولك عندي كل ما أحببت فإنه سيفعل
فركب أوس بن حارثة في أثر الحارث بن عوف ثم كلمه بذلك الكلام الذي أخبرته به زوجته
فرجع معه الحارث فرحاً مسروراً وعندما عرض أوس الأمر على ابنته الصغرى قالت: أنت وذاك.
فقال: إني عرضت ذلك على أختيك فرفضتاه.
فقالت: لكني واللّه الجميلة وجهاً، الصناع يداً، الرفيعة خلقاً، الحسيبة أباً فإن طلقني فلا أخلف اللّه عليه بخير.
فخرج أوس إلى الحارث، وقال له: قد زوجتك بُهيسة بنت أوس.
قال: قد قبلت.
وأمر أوس زوجته أن تجهز البنت لزوجها وتصلح من شأنها، وأفرد لأبنته وزوجها بيتاً يبيتان فيه ليلتهما.
ويقول راوي القصة: ثم خرج إلينا الحارث بعد أن اختلى قليلاً بزوجته، فسألته: هل فرغت من شأنك؟
قال: لا.
قلت: ولم؟
قال: عندما مددت يدي إليها، قالت: أعند أبي وإخوتي؟ هذا والله ما لا يكون، فأمر الحارث بالرحيل
فسرنا ما شاء الله. ثم انتحى بزوجته ناحية وسبقناه على الطريق،
ولم يلبث حتى لحق بنا، فقلت له: أفرغت؟
قال: لا
قلت: ولم؟
قال: عندما دخلت أريد حقي منها، تأبّت وقالت: أكما يفعل الرجل بالأمة الجليبة
أو السبية الأخيذة؟ لا واللّه حتى تنحر وتذبح وتدعو العرب وتعمل ما يُعمل لمثلي.
قلت: والله إني لأرى همة ً وعقلاً، وأرجو أن تكون المرأة منجبة إن شاء الله.
فرحلنا حتى جئنا بلادنا
ففعل مثل ما أرادت ونحر الإبل والغنم، ودعا العرب ثم دخل عليها وخرج
فقلت له: أفرغت؟ قال: لا
قلت: لم؟ قال: دخلت أريد حقي منها فتمنعت
وقالت: لقد ذكرت لي من الشرف ما لا أراه فيك.
فقال لها الحارث: وكيف؟
قالت: أتفرغ لنكاح النساء والعرب تقتل بعضها! «وذلك في أيام حرب عبس وذبيان»،
فسألها: وما رأيك؟ قالت: اخرج إلى هؤلاء القوم فأصلح بينهم ثم ارجع إلى أهلك فلن يفوتك شيء.
قلت: والله إني لأرى همة ًوعقلاً، ولقد قالت قولاً.
فخرج الحارث وخارجة بن سنان المرّي، حتى أتيا القوم فمشيا بينهم بالصلح وحملا عنهم الديات،
ثم عاد الحارث إلى زوجته التي استقبلته بالطبع أحسن استقبال
وأروعه، خصوصا بعدما وجد له مكانا فسيحا في معلقة زهير بن أبي سلمى:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
...
يقول المتنبي
الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو الأول وهي المحل الثاني
...
على الهامش
الأجرد لقب للشاعر مسلم بن عبدالله الثقفي ولقب بالأجرد لقوله:
معا قلنا في الحرب جرد كأنها
أجادل جو السماء كواسر.
مقال قرأته للمهندس فهدحمود الحيص واعجبني
على ما احتواه من فائدة كبيرة فأتيت به الى مضيف الاسرة
لان جزء كبير منه يتعلق بالمرأة وكيف هي مع الرأي الصحيح!.
اتمنى ان يكون نقل مفيد ويعجب القارئ الكريم.
إذ أن سلامة الرأي تدل على رجاحة العقل، فصاحب الرأي إن لم يكن ذا عزيمة
فسد رأيه لأن فساد الرأي أحياناً يكون في تردده.
يقول الأفوه الأودي
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن فسدت... فبالأشرار تنقاد
ويقول صفي الدين الحلي:
وأغــزر الناس عــقــــلاً مــن إذا نـظــرتْ
عــــينــاه أمــراً غــدا بالغــير مــعـتـبـرا
فـــقـــــد يُقال عِــثار الرِّجــل إن عَــثَرتْ
ولا يــــــقـــال عــثار الــرأي إنْ عَـــثَــرا
مــــن دَبّـــر الـــعـــــيـــش بالآراء دام له
صــفـــواً وجـــاء إليه الخـطْــــبُ مُعتذرا
يــهــــــونُ بالـــرأي مــا يجري القضاء به
مـــن أخطأ الرأيَ لا يســتذنبُ القــــدرا
...
وقد نُقِل لنا من التاريخ والتراث كثير من الآراء، التي مثلت نقلة مفصلية في كثير من الحوادث،
ولم تقتصر هذه الآراء على الذكور دون الإناث... وممن كانت لهن المشورة السديدة والرأي الحازم
أم سلمة رضي الله عنها وسعدى أم أوس بن حارثة بن لأم و ابنته بهيسة وغيرهن الكثير.
وكما يقول المتنبي:
لو كانت النساء كمن فقدن
لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال
لما تأخر المسلمون في الاستجابة لامر الرسول في صلح الحديبية بأن يتحللوا...
أشارت عليه أم سلمة فقالت: يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة،
حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فقام ونحر وحلق فقام أصحابه ينحرون ويحلقون.
...
ولما هجا بشر بن أبي خازم الأسدي أوس بن حارثة بن لام الطائي فأسره بعد ذلك،
وأراد قتله، فقالت له أمه وكانت ذات رأي: والله لا محا هجاءه لك إلا مدحه إياك فعفا عنه...
فرفع بشر يده وطرفه إلى السماء ثم قال: اللهم أشهد على بشر أنه لا يمدح أحداً غير أوس بن حارثة
ما مددت له في العمر، فمدحه بقصائد عدة.
...
ولئن كانت البسوس سبب الفتنة التي أدت إلى اندلاع حرب دامت أربعين سنة بين بكر وتغلب،
فإن بهيسة بنت أوس بن لام الطائي، كانت سببا في حقن دماء عبس وذبيان
في الحرب المشهورة باسم داحس والغبراء، والتي تعد من أطول الحروب وأشهرها في الجاهلية.
...
سأل رجل من أشراف العرب اسمه الحارث بن عوف بن أبي حارثة صديقه خارجة بن سنان المرّي
قائلا: أتراني أخطب إلى أحد من العرب فيردني؟
قال: نعم.
قال: ومن ذاك؟
قال: أوس بن حارثة بن لأم الطائي.
فقال الحارث لغلامه: ارحل بنا، ففعل... فركبا حتى انتهيا إلى أوس بن حارثة في بلاده،
فوجداه أمام منزله فرحب بهما وسألهما عن حاجتهما.
فقال الحارث: جئتك خاطبا.
فقال: أوس: لست هناك «أي لست أهلاً للمصاهرة»، وانصرف ولم يكلمه.
ثم دخل أوس مغضباً على زوجته وكانت من بني عبس فقالت:
منْ رجل وقف عليك فلم يطل ولم تكلمه؟
قال: ذاك سيد العرب الحارث بن عوف.
قالت: فمالك لم تستنزله؟ قال: إنه استحمق، جاءني خاطباً.
قالت المرأة في هدوء: أتريد أن تزوج بناتك؟
قال: نعم.
قالت: فإذا لم تزوج سيد العرب، فمن؟
قال: قد حدث ما حدث.
قالت: فتدارك ما حدث.
قال: بما؟
قالت: تلحقه فترده.
قال: فكيف وقد سبق إليه مني ما قد سبق؟
قالت: تقول له: إنك لقيتني مغضباً بأمرٍ لم تقدم فيه قولاً، فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ما سمعت،
فانصرف ولك عندي كل ما أحببت فإنه سيفعل
فركب أوس بن حارثة في أثر الحارث بن عوف ثم كلمه بذلك الكلام الذي أخبرته به زوجته
فرجع معه الحارث فرحاً مسروراً وعندما عرض أوس الأمر على ابنته الصغرى قالت: أنت وذاك.
فقال: إني عرضت ذلك على أختيك فرفضتاه.
فقالت: لكني واللّه الجميلة وجهاً، الصناع يداً، الرفيعة خلقاً، الحسيبة أباً فإن طلقني فلا أخلف اللّه عليه بخير.
فخرج أوس إلى الحارث، وقال له: قد زوجتك بُهيسة بنت أوس.
قال: قد قبلت.
وأمر أوس زوجته أن تجهز البنت لزوجها وتصلح من شأنها، وأفرد لأبنته وزوجها بيتاً يبيتان فيه ليلتهما.
ويقول راوي القصة: ثم خرج إلينا الحارث بعد أن اختلى قليلاً بزوجته، فسألته: هل فرغت من شأنك؟
قال: لا.
قلت: ولم؟
قال: عندما مددت يدي إليها، قالت: أعند أبي وإخوتي؟ هذا والله ما لا يكون، فأمر الحارث بالرحيل
فسرنا ما شاء الله. ثم انتحى بزوجته ناحية وسبقناه على الطريق،
ولم يلبث حتى لحق بنا، فقلت له: أفرغت؟
قال: لا
قلت: ولم؟
قال: عندما دخلت أريد حقي منها، تأبّت وقالت: أكما يفعل الرجل بالأمة الجليبة
أو السبية الأخيذة؟ لا واللّه حتى تنحر وتذبح وتدعو العرب وتعمل ما يُعمل لمثلي.
قلت: والله إني لأرى همة ً وعقلاً، وأرجو أن تكون المرأة منجبة إن شاء الله.
فرحلنا حتى جئنا بلادنا
ففعل مثل ما أرادت ونحر الإبل والغنم، ودعا العرب ثم دخل عليها وخرج
فقلت له: أفرغت؟ قال: لا
قلت: لم؟ قال: دخلت أريد حقي منها فتمنعت
وقالت: لقد ذكرت لي من الشرف ما لا أراه فيك.
فقال لها الحارث: وكيف؟
قالت: أتفرغ لنكاح النساء والعرب تقتل بعضها! «وذلك في أيام حرب عبس وذبيان»،
فسألها: وما رأيك؟ قالت: اخرج إلى هؤلاء القوم فأصلح بينهم ثم ارجع إلى أهلك فلن يفوتك شيء.
قلت: والله إني لأرى همة ًوعقلاً، ولقد قالت قولاً.
فخرج الحارث وخارجة بن سنان المرّي، حتى أتيا القوم فمشيا بينهم بالصلح وحملا عنهم الديات،
ثم عاد الحارث إلى زوجته التي استقبلته بالطبع أحسن استقبال
وأروعه، خصوصا بعدما وجد له مكانا فسيحا في معلقة زهير بن أبي سلمى:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
...
يقول المتنبي
الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو الأول وهي المحل الثاني
...
على الهامش
الأجرد لقب للشاعر مسلم بن عبدالله الثقفي ولقب بالأجرد لقوله:
معا قلنا في الحرب جرد كأنها
أجادل جو السماء كواسر.
مقال قرأته للمهندس فهدحمود الحيص واعجبني
على ما احتواه من فائدة كبيرة فأتيت به الى مضيف الاسرة
لان جزء كبير منه يتعلق بالمرأة وكيف هي مع الرأي الصحيح!.
اتمنى ان يكون نقل مفيد ويعجب القارئ الكريم.