المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإستقامة



الشيخ/عبدالله الواكد
17-12-2010, 01:53
خطبة جمعة يوم الغد إن شاء الله

بعنوان

الاستقامة





الخطبة الأولى

عبادَ الله : إنّ سعادةَ الإنسان أن يحافظَ على فطرتِه التي فطره الله عليها ، فلا يدَعُها تنحرِف عن الصراط المستقيم ، ولا يتركها تفسُد بالشهواتِ وتتكدر بالشّبهات ، ولا يمكِّن من نفسِه شياطينَ الإنسِ والجنّ يصدُّونه عن سبيل الله ويوردونه مواردَ الهلاك والخزيِ والموبقات ، إنما يحتَمي بعزِّ الله وقدرتِه ، ويتوكَّل على خالقه ، ويعتصِم بدين الله القويم، قال الله تعالى: ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) ، وقال تعالى: (وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِراطٍ مّسْتَقِيمٍ )

أيّها المسلمون : أتدرُون ماذا أعدَّ الله للمعتصمِين بالله المستقيمين على دينِ الله استمعوا إلى قول الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ).

فالاستقامةُ هي الاعتصامُ بكتاب الله تعالى وسنَّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم . الاستقامة هي سعادةُ الإنسان وفلاحُه ونجاحُه وفوزُه ونجاته وعدّته لشدَّته ،

الاستقامةُ هي أعظمُ ما متنّ الله به على العباد، وهي الزادُ يوم المعاد.

أمرَ الله بالاستقامة ، وحث عليها ، قال تعالى : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ، وقال تعالى : ( وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ).

الاستقامةِ يا عباد الله : هي الثباتُ على دين الله ولزومُ الصراط المستقيم ، فلا ينحرِف العبدُ مع الأهواء والشهواتِ والبدَع المُضلّة.

الاستقامة هي تعظيمُ أوامِر الله تعالى بالمسارعةِ إلى امتثالها.

الاستقامةُ هي تعظيم نواهي الله بالبُعد عنها واجتنابها، قال تعالى: ( ذالِكَ وَمَن يُعَظّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبّهِ )

الاستقامةُ هي المحافظةُ على الطاعات ، الاستقامة هي أن تُحدِث لكلّ ذنب توبةً نصوحًا. الاستقامة هي عبادةُ الله بما شرَع الله تعالى وبما شرع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وبُغضُ البدَع والبعدُ عنها والتحذير منها.

الاستقامة هي الإخلاصِ لله عزّ وجلّ والتمسُّكُ بسنة المصطفى وتعظيمُها ونشرها

الاستقامةُ هي تحقيقُ التوحيد لربّ العالمين. وما أعظمَ وأجلَّ تفسيرَ السلفِ للاستقامة إذ قالوا هي تحقيق التوحيدِ لله تعالى، بإفرادِ الله عزّ وجلّ وتخصيصه بالدعاء والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة، والتوكُّلِ والرغبةِ والرهبة والرجاءِ والذَّبح والنذرِ والسجودِ والركوع، وغير ذلك من أنواع العبادة التي لا تكون إلاّ لربّ العالمين.

الاستقامةُ هي نهاية الغاياتِ وأعظمُ الوصايا وأجلُّ العطايا، عن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلامِ قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، قال: ((قل: آمنت بالله ثم استقم)) رواه مسلم(5)[5]. وكان الحسن البصري رحمه الله يقول: "اللهمّ أنت ربّنا، فارزقنا الاستقامة"(6)[6].

وقد جعل الله ثوابَ الاستقامة أعظمَ الثواب، وأمّن صاحبَها من العذاب، فقال عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى الْحياةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ [فصلت:30-32].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيّد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.











الخطبة الثانية

أمّا بعد: فاتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

أيّها المسلمون، وما أشدَّ حاجتَنا نحن المسلمين إلى الاستقامة، وما أعظمَ افتقارَنا إليها خاصَّةً في هذا العصر الذي اشتدّت به المحنُ وكثُرت فيه الفِتن،

ألا وإنّ أحسنَ أحوالِ العبد أن يُتبعَ الحسنةَ حسنةً بعدها ، قال الله تعالى : ( وَأَقِمِ الصلاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ الَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ ذالِكَ ذِكْرَى لِلذكِرِينَ ) وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اتّق الله حيثما كنتَ، وأتبِع السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناسَ بخلقٍ حسن))(8)[1].

ألا وإن أسوأُ أحوال العبدِ أن يُتبع السيئةَ سيئةً بعدها ولا يحاسبُ نفسَه ولا يخاف ربَّه ولا يفكّر في توبَة، فمن رضي لنفسِه بأسوأ الحالات وشرِّ الصفات ونزولِ الدركات خسِر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.

فكن ـ يا عبدَ الله ـ ممّن سلك سبيلَ النجاةِ ، وأصلَح دنياه بطاعةِ مولاه، وتذكّر الموتَ وكرباتِه وما يكون بعدَه من الأهوال، وأعِدَّ لذلك اليوم أفضلَ ما تقدِر عليه من الأعمال، وإنّ أجلَ الله لآت، وما أنتم بمعجزين.

عبادَ الله، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلّى عليَّ صلاةً واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا)).

فصلّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين

ابو ضاري
18-12-2010, 09:41
بارك الله فيك شيخنا الفاضل

ونفع بك الامه

أحمد الفهد
22-12-2010, 11:57
بارك الله فيك