المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لم هُمشوا ؟!



محمد العربي
29-09-2010, 02:35
اقترب موعد اقلاع الطائرة , فطُلب من المسافرين التوجه الى البوابة المخصصة والتي يسلكون من خلالها ممراً يؤدي بهم الى بوابة الطائرة .
قبل ان يهموا بدخولها تم تصنيفهم الى شريحتين كلٌ على قدره . الفرق هو ان احدى الشريحتين تجد اهتماماً وتكريماً اكثر من غيرها , فالمقاعد تكون وثيرة واكثر راحةً ونعومة , وهناك ايضاً شاشة خاصة لكل مقعد تكون مجهزة على المقعد الذي (يسبقه) لينشغل بها الراكب عن الرتابة التي حوله وما حوت من هموم السفر ومشغلاته وما عُزم على السفر بسببه , حيث يجد ما يريد من برامج (مختارة ), كذلك فالمضيفات هن اكثر لطافةً وحناناً بل واهتماماً بالمسافر ومعرفةً بحق المسافر .. هذا إن لم نُغفل الوجبات الخاصة المدروسة والمتنوعة .

ومع ذلك فالشريحتين سواء عند الهلع إن تعرضت الطائرة لمطبات هوائية .. هم سواء عند الملل والضجر إن تأخرت الطائرة في اقلاعها او عند هبوطها .. هم سواء حتى عند الخوف والجزع إن تعرضت الطائرة لعملية اختطاف .

اكثر ما يُحسدون عليه انهم اول من ينزل من الطائرة بينما الآخرين ينظرون اليهم عبر النوافذ وهم قابعين في اماكنهم لا يبرحونها .. مع انهم كانوا جميعاً (فوق هام السحب).



تضارب الاحوال ظاهرها مع باطنها لا ينتهي .. ثوب رث وقذر مرسومٌ عليه وردةً حمراء اللون تقف على عود فتي ويافع , هذا اللباس هو على طفلة في العاشرة من عمرها تقف على الرصيف تنظر عبر زجاج محل العاب .. لا إلى لعبةً قد احبتها بل لكعكة قد رماها تحت قدميه تذمراً طفلٌ آخر بعد ان عجز ابوه من ان يجد اللعبة التي يريدها .. فمالذي سيحفظ هذه الوردة البريئة من الذبول ؟


تضارب المصائب مع بعضها البعض لا ينتهي .. امرأة تتابعت عليها المصائب .. فقدت زوجها الذي أورثها طفلاً صغيراً وديناً كبيراً .. عزلها الفقر عن الناس ومنعها التعفف من ان تمد يدها اليهم .. صبرت وآثرت على نفسها وجعلت همها الأوحد هو في تربية ابنها الوحيد وتقويمه على الطريق الذي كان سيرسمه له والده لو كان حياً .. تعلقت بابنها وعلقت عليه آمالها وتطلعاتها .. كبر ابنها وكبرت احلامها .. كان باراً بها محباً لها .. هي ترى بانها قد أدت امانتها على اكمل وجه فكانت تتمنى ان لو كان زوجها حياً ليرى ما وصل اليه ابنه خالد .. كان خالد بالنسبة لأُمه هو الامل والحلم والثروة والمستقبل والهناء والسعادة والفرح والسرور .. لكن الموت قطع كل ذلك .. لتكون وحيدة في بيتها المتهالك والمنزوي عن الناس .. فقدت ابنها ففقدت من بعده عقلها !!


تضارب الحياة مع الموت لا ينتهي ايضاً .. طفلة في عمر الزهور .. تتمنى ان تكون مثل زميلاتها في المدرسة .. وأن وتعيش كما يعشن وأن تفعل كما يفعلن .. هي تسمع منهن عن الدنيا وبهجتها واماكن المتعة فيها ما لم تتخيله وتحلم به .. تشاهد معهن ما يجرح فؤادها الغض بسبب الحرمان وقسوة الزمن .. لم تكن متعلقة ببيتها بل هي اسعد ما تكون حينما تغادره الى مدرستها .. إلا في ذلك اليوم .. الذي تعلقت به ورفضت ان تغادره .. لقد وجدوها في بيتها المصنوع من الصفيح وقد فارقت الحياة .


تضارب الواقع مع الواقع لا ينتهي .. أفقت على صوت الذي يجلس بجانبي في الطائرة وهو يحمد الله على سلامة الوصول .

افضل الحلول .. ان تحول الواقع الى حلم !!

عطارد
29-09-2010, 03:34
أيها الكاتب الفذ الفاحص
أستاذنا الكريم محمد العربي

بوركت رحلتك السعيدة التي نزفت هذا التأمل
من شرايين الواقع
لقد قضيت مع موضوعك دقائق من حياتي نازعتني أثناء قرائته عواصف الحزن والأسى لما اكتنفه من مفارقات هذا الزمن وأحوال الناس فيه قلت سبحان الله والحمد لله أن في هذا الخضم قلوب تسبر غور المآسي وترسم للعالم الخارجي صورا من المطالعات والتأملات
أنت مرهف الحس نابض القلب مفعم الفؤاد منحك الله قلبا رقيقا شفيقا جسدت به فوارق الأحوال
هذه النقائض أيها الكريم هي من ابتلاءات الله سبحانه وتعالى وكل عنده منها نصيب قد ترى شخصا يمتطي سيارة فارهة فتقول إنه لذو حظ عظيم وهو يغدوا إلى بيت مكتظ بالمشاكل والخصومات وقد ترى فقيرا معدما يقلب قراريط في محفظته ليشتري رغيف خبز وفول ويعود به إلى أسرة تنافس بيوت السلاطين مسرة وهناء
هذا الديدن في كل زمان ومكان
ولكن تبعا لهذه التناقضات وهاتين الشريحتين
هنالك شريحتان هما نتيجتا الصبر والشكر
عليهما معول السعادة الأبدية

هاتان الشريحتان هما

-

-

-

-

-

-

-

-

-

( فريق في الجنة وفريق في السعير )

جعلنا الله من فريق الجنة

أمتعني موضوعك ( ولو أنني كفكفت مدامعي أثناء قراءته )
ولكن حتى الدموع أحيانا تكون متعة

عطارد

عبدالرحمن
29-09-2010, 13:03
محمد العربي هنا ! الكادح الكبير هنا !
ما اسعدها من لحظات ان نرى هذا الاسم المختلف في كل شيء
فالعام اليوم في حالة قيام كيف لا وقد حضر سيد الشأن العام .
هذه حال الدنيا ياصاحبي فلو كانت على غير هذه الحال لطالب به ذو الشأن!
نعم ايها الكاتب المبجل حاضر اليوم ماهو إلا وعاء لخزائن الامس!
وطالما بقي هذا الوعاء ستبقى الامور على تسير وفق رؤية اهل القصور!
كثيرة هي مواطن التهميش وقليلة هي الانتفاضات الاجتماعية!
نحن قوم نحب البردين واياك ان يذهب بك التفكير الى صلاة البردين!
وان لم تعرفهما فأعلم ان الاستفسار سيقعك في المحظور!
وانت تعلم كم هي كبيرة اعداد المحظورات في بلاد تعاني من الشح الانساني!
لذلك يجب عليك ان تغير مهنتك حتى تتلائم من متطلبات سوق العمل!
الذي هو الاخر يعاني من ندرة اصحاب التخصصات المطلوبة مقابل العمالة الهامشية!.

سعيد بوجودك اخي العزيز محمد استاذ الكلمة المسؤولة.

منصور الغايب
29-09-2010, 18:18
تضارب الأحوال ظاهرها مع باطنها ...

تضارب المصائي بعضها مع بعض ..

تضارب الحياة مع الموت ...


هذه الثلاث ... كانت محور الحديث ..

القدير ... محمد العربي .. أسعدنا موضوعك ... كما أسعدتنا عودتك للكتابة ...

موضوع جميل ... سبر أغوار حوادث ربما تحصل أمامنا بشكل مستمر ...

لكننا لم نشعر بها كما شعرنا بها عند قراءة حروفك ...

شكرا لك لايقاظنا ...

وفقك الله ...

المشرف العام
29-09-2010, 22:59
/



نعم .. قلت لك : الحمد لله على سلامة الوصول ، لكي أذكرك بأن الرحله توقفت وبإمكانك اعادة لي قلمي الذي استعرته :)


تدري .. خله ذكرى معك ، وبكل إشراقة فكره أو مناضله لتصوير ألم نخر بجسد هذه الأمّه ، تذكر أن هناك من يتعطش بلهفه لإرتشاف تلك الفكره أو لدراسه فن تصوير الألم




التوقيع :


معجب

الاصمعي
30-09-2010, 00:50
العربي هنا اذا سنأتي ثانية هنا <<للتعليق أو للقراءة

سعيد بمصافحة حروفك ثانية أخي العربي

تحيتي وتقديري

عبدالواحد
01-10-2010, 23:59
كنت متوقع ستكون يوما ما لاجئا اجتماعيا ...بعدما اعجزتك تناقضات الساسه والسياسين

..

لك اجمل الدعوات ,,

محمد العربي
02-10-2010, 09:28
اشكرك اخي العزيز عطارد .. اشكرك كثيراً على ما تفضلت به ..

في الحقيقة لا اجد الكلمات التي أُعبر بها عن امتناني لك ..

ادعو الله ان نكون من فريق الجنة

وتقبل خالص شكري وامتناني .

محمد العربي
02-10-2010, 09:32
وما اسعدني انا أن ارى اسمك الكريم هنا اخي عبدالرحمن .

"وانت تعلم كم هي كبيرة اعداد المحظورات في بلاد تعاني من الشح الانساني"

والله يا اخي اكاد اعتقد بأن كل شيء محضور !!

سعيد برؤيتك وبتعليقك .. حفظك الله .

محمد العربي
02-10-2010, 09:41
اخي الكريم منصور الغايب ..

اولاً اشكرك على الموضوع المعنون بـ " الحاضر الغائب محمد العربي " .. والله شيء يفرح ويسعد ان يكون هناك اخوة لا يزالون يذكرون الايام الحلوة التي كانت بيننا في المضائف . اشكرهم واشكرك على ان اعطيتني الفرصة بأن اعيش هذا الشعور الطيب ..

اشكرك من كل قلبي

حفظك الله .

محمد العربي
02-10-2010, 09:46
اخي وعزيزي ابو سلطان ..


اشكرك على حضورك وقولك وكذلك قلمك الذي معي .. اعظم ما في هذا المقر هو باجتماعنا هنا وتقديرنا لبعضنا وتبادل الافكار مع بعضنا والذي لم يكن ليحصل لولا مجهودك الجبار لهذا الصرح العملاق .


اشكرك مرة أُخرى

محمد العربي
02-10-2010, 09:50
تحيتي وتقديري ايضاً للكريم الاصمعي ..

اشكرك اخي الكريم لحضورك ولمشاركتك .

ريم شمر
03-10-2010, 21:10
هنا يطيب الثناء ويحلو الاحتفاء بالقلم الاجمل والاسم المتميز

حياك كاتب المضايف الاول محمد العربي

وحيا كل حرف تخطه هنا


متصفح يستحق المرور مرات ومرات

تقبل شكري وفائق تقديري اخي محمد ونتمنى ان لايغيب قلمك عن مضايفك

محمد العربي
06-10-2010, 00:59
اخي الكريم عبدالواحد

في الحقيقة كنت وبعض الاصدقاء في نقاش ذات مرة تماماً عن ما تفضلت انت به , وفي الحقيقة اقتنعنا بأن امور السياسة ومشاكل المرأة والعملة الواحدة ونحو هذا هو من الامور التي لا طائل منها ولا فائدة وانها تُلهي الانظار عن مشاكلنا وهمومنا التي تهيم فوق رؤوسنا ..

لك اجمل الدعوات ايضاً وشرفني حضورك العزيز ..

محمد العربي
06-10-2010, 01:05
يا هلا اختي الكريمة ريم شمر وشرفني هذا الوصف والذي ارجو ان اكون جديراً به ..

وجودك هنا تشريف لي .. لك الشكر والدعاء بالتوفيق والسداد ..