وسمي المويس
29-05-2010, 07:24
بداية مصدر هذا التقرير من المصري اليوم ..وقدمه الصحفي محمد عبود
دخل الحاخام «شالوم دوف ليفشيتس» زعيم تنظيم «يد للأخوة» اليهودى إلى مكتبه، غاضبا ومحاطا بعدد من شباب الحاخامات، فاعتدل «ألون نوريئيل» محرر الملحق الدينى بجريدة «معاريف» فى جلسته، وبادر بتقبيل يد الحاخام الغاضب الذى سحب يده ببطء محسوب، ثم وَجَّه حديثه إلى الصحفى الشاب: «استدعيتك اليوم لتخدم دينك، وأنت قادر على ذلك، لقد وصلت إلينا معلومات خطيرة عن نشاط جماعة (التبليغ والدعوة) لنشر الإسلام فى إسرائيل.
لقد نجحوا، من قبل، فى إجبار الحاخام يوسف كوهين على دخول الإسلام، واليوم اكتشفنا أنهم استمالوا عشرات الرجال والنساء اليهود، ومازلنا نحاول استعادتهم دون جدوى».
لم يناقش «نوريئيل» الحاخام «ليفشيتس»، ولم يجادله. فمن ناحية هو يهودى متشدد، ومن الناحية الأخرى من فى إسرائيل يمكنه رد أمر زعيم تنظيم «يد للأخوة» الإرهابى.
فصحيفة هاآرتس الليبرالية، تقول فى واحد من تحقيقاتها الخطيرة: «يد للأخوة تنظيم إرهابى إسرائيلى، هدفه منع اليهود من اعتناق ديانات أخرى خاصة المسيحية والإسلام، ويُكره اليهود العلمانيين على الالتزام باليهودية، ويلجأ للعنف المسلح، والخطف، والتعذيب، وله شعار موجه للمسلمين والمسيحيين، عبارة عن ذراع يهودية تحمل لَوْحَى التوراة، ومكتوب أسفلهما بخط بارز: (لن نفرط فى يهودى واحد)».
ولا يخطئ مواطن إسرائيلى فى التعرف على حاخامات «يد للأخوة»، رجال دين شباب، أغلبهم فى سن المراهقة، يرتدون البذلات السوداء والقبعات المرتفعة، وتتدلى سوالفهم حتى أذقانهم، وتتدلى أسلحتهم من السترات السوداء.
يقول «دان ميخائيل» لـ«يديعوت أحرونوت»: «إذا لم تقابلهم فى الشارع، فانظر حولك، على كل شجرة ملصق دعائى مكتوب عليه (إذا عرفت أن يهوديا ارتد عن دينه، اتصل، فورا، برقم الهاتف الموضح أدناه، واترك الأمر لنا».
وفور الاتصال تبدأ ميليشيات «يد للأخوة» فى ممارسة دورها الذى يبدأ باختطاف اليهودى الذى تحول للمسيحية أو الإسلام، ولا ينتهى قبل إصلاح غلطته، وضمان عودته إلى: «حضن اليهودية» على حد تعبير موقع التنظيم على شبكة الإنترنت!
وبالرغم من أن تقرير الحالة الدينية الأمريكى اتهم «يد للأخوة» بممارسة الإرهاب، والإكراه الدينى، والعنف المسلح ضد مخالفيهم فى العقيدة اعتباراً من ١٩٩٨ فصاعداً، فإن اللوبى اليهودى فى الكونجرس نجح فى رفع اسم التنظيم من تقرير الحالة الدينية الأمريكى اعتبارا من عام ٢٠٠١، وحتى اليوم.
والمثير أن تنظيم «يد للأخوة» يمارس الإرهاب تحت سمع وبصر الشرطة والجيش الإسرائيليين قبل لجنة الحريات الدينية الأمريكية، فقد أعدت القناة العاشرة الإسرائيلية، العام الماضى، تقريرا عن أساليب «يد للأخوة» فى الإكراه الدينى جاء فيه: «تنكر حاخامات يد للأخوة فى زى الشرطة الإسرائيلية، وداهموا قرية فلسطينية على أطراف طولكرم، فاختطفوا شابا فلسطينيا مسلما، وزوجته الإسرائيلية، وابنتهما (٦ سنوات)، وبعد أسبوع من التعذيب المتواصل، أطلقوا سراح الشاب المسلم، وأجبروا المرأة، وابنتها على العودة لليهودية، ومواصلة الحياة داخل دار رعاية يشرف عليها حاخامات (يد للأخوة).
ثم أصدر التنظيم بيانا يتحمل فيه مسؤولية العملية، ويحذر أى يهودى أو يهودية من تغيير دينه. وقال الناطق باسم التنظيم لأخبار القناة العاشرة: «سنواجه الشباب الفلسطينى الذى يغوى نساء اليهود، ويتزوجهن، فيدخلن الإسلام. وقد استعدنا الأم والفتاة، وأفرجنا عن الزوج بعد تحذيره».
وبعد صدور البيان تقدم الشاب الفلسطينى ببلاغ للشرطة انطلاقا من أن اعتراف «يد للأخوة» سيد الأدلة. لكن الشرطة تحججت بأن العملية وقعت فى أراضى السلطة الفلسطينية، وأعلن الجيش أن الحادث لم يقع، بدليل عدم توفر معلومات عنه من مصادر محايدة.
فى ضوء نفوذ تنظيم «يد للأخوة» داخل المؤسسات الإسرائيلية، وعلاقاته الوطيدة مع وزارة الداخلية التى يسيطر عليها حزب شاس المتطرف، لم يماطل الصحفى «نوريئيل» الحاخام ليفشيتس، علاوة على أن أى صحفى، فى موقعه، لن يرفض انفرادا مدعوما بمعلومات رسمية وموثقة عن أعداد المتحولين للإسلام فى إسرائيل نتيجة نشاط جماعة «التبليغ والدعوة».
لم يمر أسبوع، حتى كان المانشيت الرئيسى لـ«معاريف»: «(يد للأخوة) يكشف خطة (التبليغ والدعوة) لنشر الإسلام فى إسرائيل». وبدأالتحقيق بهذه المقدمة: «يتمدد الإسلام فى إسرائيل شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، ووزارة الداخلية تتلقى، شهريا، أكثر من ١٠ بلاغات من إسرائيليين وإسرائيليات، تحولوا من اليهودية للإسلام، يطالبون بحمل أسماء عربية، وتعديل خانة الديانة فى الأوراق الرسمية».
والتفاصيل عن العبرية: «لقد تزايد نشاط (التبليغ والدعوة) فى إسرائيل، حتى تجاوز نشاط جماعات التبشير المسيحية المنتشرة فى البلاد طولا وعرضا. ونشرت الجماعة دعاتها فى إسرائيل، وهدفهم الأول والأخير إقناع اليهود بالإسلام، الأمر الذى دفع تنظيم (يد للأخوة) لتشكيل ميليشيات من شباب الحاخامات المدربين على العمل السرى أثناء خدمتهم فى الجيش لتعقب الدعاة المسلمين، ومراقبتهم، والتنصت عليهم».
«ألون نوريئيل» كان من الذكاء بحيث حصل على بيان رسمى صادر عن تنظيم «يد للأخوة» اعتمد عليه فى كتابة تحقيقه، وجاء فى البيان: «تنظيم (يد للأخوة) عمل شهورا طويلة فى مراقبة وتتبع الدعاة المسلمين، وصورهم بكاميرات فيديو عن بعد، وسجل الدروس الدينية التى يلقونها فى المساجد، ووثق أساليبهم فى الدعوة للإسلام، وهم لا يلجأون للعنف، ويجذبون اليهود بالحجة والنقاش الدينى».
ويزعم البيان الذى تبنته حركة شاس بزعامة الحاخام عوفديا يوسيف، ونشرته على موقعها الرسمى أن تنظيم «يد للأخوة» حصل على وثائق تثبت أن الشيخ «عبد الله الفراحين»، عضو الجماعة، يحصل على تبرعات مالية من رجال أعمال مسلمين من مصر والأردن وتركيا لمساعدة المسلمين الجدد على بدء حياة جديدة بعيدا عن ضغوط المؤسسات الإسرائيلية.
ونشر البيان أسماء الدعاة المسلمين فى إسرائيل، وعناوين مساكنهم، وحرَّض المتطرفين اليهود على اغتيالهم. وتلقفت المواقع الدينية اليهودية على شبكة الإنترنت مثل موقع حركة شاس، و«حباد»، و«حريديم» هذه الأسماء والعناوين، ونشرتها مع تصريح على لسان الحاخام «ليفشيتش» زعيم «يد للأخوة»، يقول فيه: «كشفنا أسماء مشايخ التبليغ والدعوة فى إسرائيل، وأساليبهم فى العمل، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتحذير اليهود من انتشار الإسلام. ونشرنا الأسماء بعد استشارة حاخامات متخصصين فى القانون المدنى والجنائى بإسرائيل».
الشيخ «محمد عبدالله» من دعاة التبليغ والدعوة فى فلسطين لم يندهش من بيان «يد للأخوة»، وقال: «نحن جماعة مسالمة، لا نلجأ للعنف، ونبلغ دعوة الإسلام لمن يريد أن يسمع عنها.
كما أننا نعمل فى ضوء القانون. فوثيقة الاستقلال لدولة إسرائيل تضمن حرية العقيدة لكل فرد.
ويحق لكل طائفة دينية من الناحية القانونية ممارسة عقيدتها، والاحتفال بأعيادها، وإدارة شؤونها، لكن يبدو أن وثيقة الاستقلال التى تقوم مقام الدستور فى إسرائيل فى واد، والواقع العملى فى وادٍ آخر. فلا يتصور مواطن يهودى من سكان إسرائيل أن يدخل الإسلام أو المسيحية، ويتركه الحاخامات لحاله.
ولا يتصور أكثر من مليون مسلم هم العدد التقريبى لسكان إسرائيل من عرب ٤٨ أن يتمتعوا بالمساواة فى الحقوق الدينية مع الأغلبية اليهودية».
ويتوقف «عبدالله» عند الاتهامات التى يسوقها تنظيم «يد للأخوة» لجماعة التبليغ، وزعمه بأنها تحصل على تمويل من مركزها الرئيسى بالهند. فيقول: «دعاة التبليغ لا يتلقون تمويلا من أية جهة، وكل داعية يمارس الدعوة على نفقته الخاصة، باعتبارها جهادا فى سبيل الله بالمال والوقت والجهد، وهذه مسألة معروفة للكافة.
فنحن جماعة من أهل السنة، نتجول فى جميع أنحاء العالم، فندعو للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
ونحض المسلمين على التمسك بالصلاة، ونبلغ من لم تبلغه دعوة الإسلام بدين نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)».
ويوضح عبدالله أن: «الجماعة تأسست فى الهند عام ١٩٢٦، ولا تعمل بالسياسة، وتستمد نجاحها من الآية الكريمة: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، ومن حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) «بلغوا عنى ولو آية».
أما فيما يتعلق باستهدافنا فى إسرائيل، فنحن لا نخشى فى الله لومة لائم، ونؤمن بقول الله عز وجل: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)».
فى المقابل يشير بيان «يد للأخوة» إلى أن مساجد «التبليغ والدعوة» فى إسرائيل تنتشر فى «كفر مندا» شمالى إسرائيل، وفى الخليل، واللد، ونابلس، وجفعات شاءول بالقدس المحتلة. واللافت للانتباه، ولم يشر إليه بيان التنظيم اليهودي، ويرفض الشيخ عبدالله التعليق عليه أن جميع هذه المدن لها علاقة وطيدة بالتاريخ الإسلامى فى فلسطين.
فالاعتقاد السائد لدى المؤرخين أن «كفر مندا» هى بلدة «مدين» المذكورة فى القرآن الكريم. وذلك وفقا لما ذكره المؤرخ «ياقوت الحموى» الذى مر بها سنة ١٢٣٠ م. وما زال بها بئران يُعتقد أن نبى الله موسى قابل عندهما بنات شعيب (عليه السلام).
والمركز الثانى هو مدينة خليل الله إبراهيم، ثم «اللد» عاصمة جند عمرو بن العاص بعد فتح فلسطين، ونابلس التى فتحت فى عهد أبى بكر الصديق، وتضم ٤٩ مسجدا، بينها المسجد العمرى الذى بناه الظاهر بيبرس بعد تحرير فلسطين، وحى جفعات شاءول فى القدس المحتلة هو أكبر معاقل اليهود الدينيين، وعلى أطرافه تقع المحكمة الشرعية الإسلامية، وفيها يحصل المسلمون الجدد على شهادات رسمية تثبت ذلك، ويستبدلون أسماء عربية بأسمائهم.
غير أن أول ملاحظة تسجل على نشاط «التبليغ والدعوة» فى إسرائيل، هى ندرة المعلومات، فالجماعة لا تعلن عن نجاحاتها فى إقناع اليهود بدخول الإسلام رغم الصخب الذى يحيط باسمها فى وسائل الإعلام العبرية.
والمعلومات القليلة عن أهم دعاتها، نجدها فى بيان «يد للأخوة» على لسان الحاخام «موشيه كوهين» قائد ميليشيا مكافحة (التبليغ والدعوة) فى تنظيم «يد للأخوة» الذى يقول: «زعيم التبليغ والدعوة فى إسرائيل هو الشيخ أبو ياسين من كفر مندا، وبدأ نشاطه، المعلن، بعد نجاح جماعته فى إقناع الحاخام يوسف كوهين بدخول الإسلام، هو وزوجته، وأبنائه الخمسة، وتغيير اسمه إلى يوسف الخطاب، وتمكنوا من تهريبه خارج إسرائيل.
والرجل الثانى هو الشيخ إبراهيم نادر من نابلس، ويتلوه الشيخ سالم الطويل من رام الله، ثم الشيخ عبدالله الفراحين من قرية «بيت أولا».
ويعمل الشيخ سالم الطويل ممرضا فى مستشفى معروف بالقدس، ويلتقى، خلال عمله، بعدد كبير من اليهود المتدينين، والعلمانيين، ونجح فى إقناع العشرات بالإسلام. أما الشيخ الفراحين، فيتولى تأمين اليهود المتحولين للإسلام، ويوفر لهم فرص عمل، ومسكنا بقرى عرب ٤٨، أو القرى الفلسطينية، بعيدا عن سطوة الحاخامات.
المصدر الثانى للمعلومات عن «التبليغ والدعوة» فى إسرائيل هو الصحف العبرية التى تنشر من حين لآخر تحقيقات عن تحول اليهود للإسلام، ومعاناة معظمهم بسبب سيطرة الأحزاب الدينية اليهودية على الوزارات الخدمية مثل وزارتى الداخلية والأديان.
«يديعوت أحرونوت» على سبيل المثال، تعتبر أن إسلام الحاخام «يوسف كوهين»، وأسرته المكونة من خمسة أفراد منعطفا خطيرا فى نشاط «التبليغ والدعوة» بإسرائيل. فقد زلزل إسلامه اليهود المتشددين دينيا.
خاصة أنه غير اسمه إلى «يوسف الخطاب»، وتحول لداعية فى سبيل الله، على حد وصفه. وكان يوسف الخطاب يهوديا متشددا، يدعى « يوسف بريان كوهين».
عاش معظم حياته فى نيويورك. وكان من مريدى الحاخام عوفديا يوسيف. وهاجر لإسرائيل عام ١٩٩٨، ليتلقى العلم الدينى من الحاخام عوفديا شخصيا. بعدما عانى من حاخامات أمريكا الذين يعلون من شأن كتاب التلمود الذى وضعه الحاخامات ليكون بديلا عن التوراة.
ويقول يوسف الخطاب: «انتقالى لفلسطين لم يفدنى كثيرا، فلم أجد فى إسرائيل التزاما دينيا كما توقعت، فالنساء يكشفن شعرهن عكس أوامر التوراة، ويلبسن ثيابا تكشف أكثر مما تخفي، والأطفال لا يدرسون التوراة، ويتعلمون قشورا من التلمود ليظلوا جهلة بدينهم».
ويضيف يوسف الخطاب فى سيرته الذاتية المنشورة على موقعه الإلكتروني: «بالصدفة قابلت شابا إماراتيا فى أحد منتديات الدردشة على الإنترنت عام ٢٠٠٢، وعندما عرف أننى إسرائيلى قرر إنهاء المحادثة. سألته عن السبب، فحدثنى عن وحشية الإسرائيليين وقمعهم للفلسطينيين، فى مقابل تكريم الإسلام للإنسان، وإيمان المسلمين بكل الأنبياء وأصحاب الرسالات.
وشعرت فى ردودى بضعف منطقى. بعد نهاية حديثنا، شعرت برغبة فى التعرف على الإسلام، فاشتريت قرآنا مترجما للإنجليزية. والتقيت بالشاب الإماراتى «صالح» مرات كثيرة، وناقشته فى أمور لم أفهمها فى الإسلام. وامتد الحديث بيننا ساعات. وبعد تفكير عميق دخلت الإسلام، وأخبرت «صالح» بقراري، فطلب منى التفكير مرة أخرى حتى لا يكون قرارى انفعاليا.
وبالفعل، التزمت بقراءة القرآن والتفاسير يوميا، بالرغم من أن ذلك من الكبائر فى اليهودية. لكننى كنت مقتنعا بما أفعله، وأخبرت زوجتى وكل من حولى بإسلامى. فأقنعنى أحد أصدقائى الفلسطينيين، من التبليغ والدعوة، بإخفاء إسلامي، فى البداية، حتى لا أتعرض لانتقام حزب شاس. فكنت أصلى فى المنزل، وأغلق الأبواب والنوافذ عند قراءة القرآن. وبعد فترة ضقت بهذا الوضع.
وبمساعدة إخوة فلسطينيين انتقلت للعيش فى حى عربى بالقدس الشرقية». وبعد فترة اقتنعت زوجة يوسف الخطاب بالإسلام بعد أن كانت يهودية متعصبة، وغيرت اسمها من «لونا تريم» إلى «قمر الخطاب»، والابنة عسيدة ١٨ عاما صارت حسيبة، والطفل رحمايم ٨ أعوام أصبح عبدالرحمن، أما عوفديا الصغير فقد صار عبدالله.
لكن «يوسف الخطاب» لم يفلت من اعتداءات حاخامات «يد للأخوة» الذين لاحقوه فى القدس، وتعمدوا إهانته، وهددوا بقتله، وخطف أبنائه، وزوجته بحجة أنه أجبرهم على الإسلام. ورفضت وزارة «الداخلية» الاعتراف بإسلامه، حتى تمكنت التبليغ والدعوة من تهريبه للمغرب عام ٢٠٠٦، حيث يعيش الآن.
صحيفة هاآرتس، من جانبها، نشرت تحقيقا العام الماضى عن عشر حالات ليهود أعلنوا إسلامهم، بينهم يوسف الخطاب. وفضحت التعنت الذى واجهوه من «يد للأخوة»، ووزارتى الداخلية والأديان بقيادة وزيرين من حزبى شاس، ويهودية التوراة.
وأوردت الصحيفة قصة السيدة «جيئولا» التى ذهبت بصحبة زوجها «رامى» فلسطينى الجنسية، إلى مكتب تسجيل السكان بإسرائيل، ليشهرا زواجهما ويخطرا المكتب باعتناق الزوجة الإسلام. وقدمت «جيئولا» للموظف شهادة صادرة عن المحكمة الشرعية بالقدس تفيد بصحة إسلامها، وأنها صارت تدعى «فاطمة الزهراء».
لكن الموظف اليهودى لم يعترف بالشهادة، وطالبها بإحضار شهادة من محكمة شرعية يهودية تجيز إسلامها، أو شهادة رسمية من وزارة الأديان تثبت ذلك!
وعندما ذهب الزوجان إلى وزارة الأديان، انفردت مسؤولة كبيرة بالمرأة بعيدا عن زوجها، وحاولت إثناءها، بشتى الطرق، عن الإسلام، وعددت لها مزايا اليهودية، وعيوب الإسلام من وجهة نظرها. ولما لم تغير «فاطمة الزهراء» أو «جيئولا» رأيها، وأصرت على ملء استمارة «تغيير ديانة»، والحصول على جميع الأوراق اللازمة.
قيل للزوجين إن لجنة خاصة تتألف من حاخام وطبيب نفسى وإخصائى اجتماعى ستتولى بحث الطلب، والتحقيق فى الأمر خشية أن تكون «جيئولا» غيرت دينها قهرا، وأن اللجنة ستبدأ عملها بعد ستة أشهر، وتستمر فيه سنة ونصف السنة، وهى وحدها المخولة بإصدار قرار يقضى بأحقية «جيئولا» فى تغيير دينها من عدمه.
وخلال هذه الفترة لا يحق للزوجين إشهار زواجهما، أو «تغيير ديانة» الزوجة، أو التعامل مع الجهات الرسمية بالاسم القديم أو الجديد حتى تفصل اللجنة فى الأمر.
الإجراءات البيروقراطية التى واجهت «فاطمة الزهراء»، هى نفسها التى واجهت «سعديا» الذى أسلم، وصار اسمه «سعيد». وكذلك «عينات كارمل» التى أسلمت، وأصبحت تدعى «صفية داوود»، واتهمتها لجنة وزارة الأديان، رسميا، بالجنون.
وفيما كشفت صحيفة هاآرتس عن معاناة ١٠ مسلمين جدد فى إسرائيل، يرفض آخرون الكشف عن أسمائهم حتى لا يتعرضوا لإيذاء اليهود المتطرفين، ونجحت جمعية الدفاع عن حقوق المواطن فى إسرائيل بصعوبة فى إحصاء الحالات التى تعانى من القهر الدينى نتيجة تحولهم للإسلام، وحركت دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية باسم أربع نساء يتعرضن للإكراه الدينى، ويخشين من عرض قضيتهن فى وسائل الإعلام، حتى لا يفقدن حقوقهن المشروعة، أو يتعرضن لاعتداءات تنظيم «يد للأخوة» الإرهابى.
دخل الحاخام «شالوم دوف ليفشيتس» زعيم تنظيم «يد للأخوة» اليهودى إلى مكتبه، غاضبا ومحاطا بعدد من شباب الحاخامات، فاعتدل «ألون نوريئيل» محرر الملحق الدينى بجريدة «معاريف» فى جلسته، وبادر بتقبيل يد الحاخام الغاضب الذى سحب يده ببطء محسوب، ثم وَجَّه حديثه إلى الصحفى الشاب: «استدعيتك اليوم لتخدم دينك، وأنت قادر على ذلك، لقد وصلت إلينا معلومات خطيرة عن نشاط جماعة (التبليغ والدعوة) لنشر الإسلام فى إسرائيل.
لقد نجحوا، من قبل، فى إجبار الحاخام يوسف كوهين على دخول الإسلام، واليوم اكتشفنا أنهم استمالوا عشرات الرجال والنساء اليهود، ومازلنا نحاول استعادتهم دون جدوى».
لم يناقش «نوريئيل» الحاخام «ليفشيتس»، ولم يجادله. فمن ناحية هو يهودى متشدد، ومن الناحية الأخرى من فى إسرائيل يمكنه رد أمر زعيم تنظيم «يد للأخوة» الإرهابى.
فصحيفة هاآرتس الليبرالية، تقول فى واحد من تحقيقاتها الخطيرة: «يد للأخوة تنظيم إرهابى إسرائيلى، هدفه منع اليهود من اعتناق ديانات أخرى خاصة المسيحية والإسلام، ويُكره اليهود العلمانيين على الالتزام باليهودية، ويلجأ للعنف المسلح، والخطف، والتعذيب، وله شعار موجه للمسلمين والمسيحيين، عبارة عن ذراع يهودية تحمل لَوْحَى التوراة، ومكتوب أسفلهما بخط بارز: (لن نفرط فى يهودى واحد)».
ولا يخطئ مواطن إسرائيلى فى التعرف على حاخامات «يد للأخوة»، رجال دين شباب، أغلبهم فى سن المراهقة، يرتدون البذلات السوداء والقبعات المرتفعة، وتتدلى سوالفهم حتى أذقانهم، وتتدلى أسلحتهم من السترات السوداء.
يقول «دان ميخائيل» لـ«يديعوت أحرونوت»: «إذا لم تقابلهم فى الشارع، فانظر حولك، على كل شجرة ملصق دعائى مكتوب عليه (إذا عرفت أن يهوديا ارتد عن دينه، اتصل، فورا، برقم الهاتف الموضح أدناه، واترك الأمر لنا».
وفور الاتصال تبدأ ميليشيات «يد للأخوة» فى ممارسة دورها الذى يبدأ باختطاف اليهودى الذى تحول للمسيحية أو الإسلام، ولا ينتهى قبل إصلاح غلطته، وضمان عودته إلى: «حضن اليهودية» على حد تعبير موقع التنظيم على شبكة الإنترنت!
وبالرغم من أن تقرير الحالة الدينية الأمريكى اتهم «يد للأخوة» بممارسة الإرهاب، والإكراه الدينى، والعنف المسلح ضد مخالفيهم فى العقيدة اعتباراً من ١٩٩٨ فصاعداً، فإن اللوبى اليهودى فى الكونجرس نجح فى رفع اسم التنظيم من تقرير الحالة الدينية الأمريكى اعتبارا من عام ٢٠٠١، وحتى اليوم.
والمثير أن تنظيم «يد للأخوة» يمارس الإرهاب تحت سمع وبصر الشرطة والجيش الإسرائيليين قبل لجنة الحريات الدينية الأمريكية، فقد أعدت القناة العاشرة الإسرائيلية، العام الماضى، تقريرا عن أساليب «يد للأخوة» فى الإكراه الدينى جاء فيه: «تنكر حاخامات يد للأخوة فى زى الشرطة الإسرائيلية، وداهموا قرية فلسطينية على أطراف طولكرم، فاختطفوا شابا فلسطينيا مسلما، وزوجته الإسرائيلية، وابنتهما (٦ سنوات)، وبعد أسبوع من التعذيب المتواصل، أطلقوا سراح الشاب المسلم، وأجبروا المرأة، وابنتها على العودة لليهودية، ومواصلة الحياة داخل دار رعاية يشرف عليها حاخامات (يد للأخوة).
ثم أصدر التنظيم بيانا يتحمل فيه مسؤولية العملية، ويحذر أى يهودى أو يهودية من تغيير دينه. وقال الناطق باسم التنظيم لأخبار القناة العاشرة: «سنواجه الشباب الفلسطينى الذى يغوى نساء اليهود، ويتزوجهن، فيدخلن الإسلام. وقد استعدنا الأم والفتاة، وأفرجنا عن الزوج بعد تحذيره».
وبعد صدور البيان تقدم الشاب الفلسطينى ببلاغ للشرطة انطلاقا من أن اعتراف «يد للأخوة» سيد الأدلة. لكن الشرطة تحججت بأن العملية وقعت فى أراضى السلطة الفلسطينية، وأعلن الجيش أن الحادث لم يقع، بدليل عدم توفر معلومات عنه من مصادر محايدة.
فى ضوء نفوذ تنظيم «يد للأخوة» داخل المؤسسات الإسرائيلية، وعلاقاته الوطيدة مع وزارة الداخلية التى يسيطر عليها حزب شاس المتطرف، لم يماطل الصحفى «نوريئيل» الحاخام ليفشيتس، علاوة على أن أى صحفى، فى موقعه، لن يرفض انفرادا مدعوما بمعلومات رسمية وموثقة عن أعداد المتحولين للإسلام فى إسرائيل نتيجة نشاط جماعة «التبليغ والدعوة».
لم يمر أسبوع، حتى كان المانشيت الرئيسى لـ«معاريف»: «(يد للأخوة) يكشف خطة (التبليغ والدعوة) لنشر الإسلام فى إسرائيل». وبدأالتحقيق بهذه المقدمة: «يتمدد الإسلام فى إسرائيل شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، ووزارة الداخلية تتلقى، شهريا، أكثر من ١٠ بلاغات من إسرائيليين وإسرائيليات، تحولوا من اليهودية للإسلام، يطالبون بحمل أسماء عربية، وتعديل خانة الديانة فى الأوراق الرسمية».
والتفاصيل عن العبرية: «لقد تزايد نشاط (التبليغ والدعوة) فى إسرائيل، حتى تجاوز نشاط جماعات التبشير المسيحية المنتشرة فى البلاد طولا وعرضا. ونشرت الجماعة دعاتها فى إسرائيل، وهدفهم الأول والأخير إقناع اليهود بالإسلام، الأمر الذى دفع تنظيم (يد للأخوة) لتشكيل ميليشيات من شباب الحاخامات المدربين على العمل السرى أثناء خدمتهم فى الجيش لتعقب الدعاة المسلمين، ومراقبتهم، والتنصت عليهم».
«ألون نوريئيل» كان من الذكاء بحيث حصل على بيان رسمى صادر عن تنظيم «يد للأخوة» اعتمد عليه فى كتابة تحقيقه، وجاء فى البيان: «تنظيم (يد للأخوة) عمل شهورا طويلة فى مراقبة وتتبع الدعاة المسلمين، وصورهم بكاميرات فيديو عن بعد، وسجل الدروس الدينية التى يلقونها فى المساجد، ووثق أساليبهم فى الدعوة للإسلام، وهم لا يلجأون للعنف، ويجذبون اليهود بالحجة والنقاش الدينى».
ويزعم البيان الذى تبنته حركة شاس بزعامة الحاخام عوفديا يوسيف، ونشرته على موقعها الرسمى أن تنظيم «يد للأخوة» حصل على وثائق تثبت أن الشيخ «عبد الله الفراحين»، عضو الجماعة، يحصل على تبرعات مالية من رجال أعمال مسلمين من مصر والأردن وتركيا لمساعدة المسلمين الجدد على بدء حياة جديدة بعيدا عن ضغوط المؤسسات الإسرائيلية.
ونشر البيان أسماء الدعاة المسلمين فى إسرائيل، وعناوين مساكنهم، وحرَّض المتطرفين اليهود على اغتيالهم. وتلقفت المواقع الدينية اليهودية على شبكة الإنترنت مثل موقع حركة شاس، و«حباد»، و«حريديم» هذه الأسماء والعناوين، ونشرتها مع تصريح على لسان الحاخام «ليفشيتش» زعيم «يد للأخوة»، يقول فيه: «كشفنا أسماء مشايخ التبليغ والدعوة فى إسرائيل، وأساليبهم فى العمل، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتحذير اليهود من انتشار الإسلام. ونشرنا الأسماء بعد استشارة حاخامات متخصصين فى القانون المدنى والجنائى بإسرائيل».
الشيخ «محمد عبدالله» من دعاة التبليغ والدعوة فى فلسطين لم يندهش من بيان «يد للأخوة»، وقال: «نحن جماعة مسالمة، لا نلجأ للعنف، ونبلغ دعوة الإسلام لمن يريد أن يسمع عنها.
كما أننا نعمل فى ضوء القانون. فوثيقة الاستقلال لدولة إسرائيل تضمن حرية العقيدة لكل فرد.
ويحق لكل طائفة دينية من الناحية القانونية ممارسة عقيدتها، والاحتفال بأعيادها، وإدارة شؤونها، لكن يبدو أن وثيقة الاستقلال التى تقوم مقام الدستور فى إسرائيل فى واد، والواقع العملى فى وادٍ آخر. فلا يتصور مواطن يهودى من سكان إسرائيل أن يدخل الإسلام أو المسيحية، ويتركه الحاخامات لحاله.
ولا يتصور أكثر من مليون مسلم هم العدد التقريبى لسكان إسرائيل من عرب ٤٨ أن يتمتعوا بالمساواة فى الحقوق الدينية مع الأغلبية اليهودية».
ويتوقف «عبدالله» عند الاتهامات التى يسوقها تنظيم «يد للأخوة» لجماعة التبليغ، وزعمه بأنها تحصل على تمويل من مركزها الرئيسى بالهند. فيقول: «دعاة التبليغ لا يتلقون تمويلا من أية جهة، وكل داعية يمارس الدعوة على نفقته الخاصة، باعتبارها جهادا فى سبيل الله بالمال والوقت والجهد، وهذه مسألة معروفة للكافة.
فنحن جماعة من أهل السنة، نتجول فى جميع أنحاء العالم، فندعو للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
ونحض المسلمين على التمسك بالصلاة، ونبلغ من لم تبلغه دعوة الإسلام بدين نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)».
ويوضح عبدالله أن: «الجماعة تأسست فى الهند عام ١٩٢٦، ولا تعمل بالسياسة، وتستمد نجاحها من الآية الكريمة: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، ومن حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) «بلغوا عنى ولو آية».
أما فيما يتعلق باستهدافنا فى إسرائيل، فنحن لا نخشى فى الله لومة لائم، ونؤمن بقول الله عز وجل: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)».
فى المقابل يشير بيان «يد للأخوة» إلى أن مساجد «التبليغ والدعوة» فى إسرائيل تنتشر فى «كفر مندا» شمالى إسرائيل، وفى الخليل، واللد، ونابلس، وجفعات شاءول بالقدس المحتلة. واللافت للانتباه، ولم يشر إليه بيان التنظيم اليهودي، ويرفض الشيخ عبدالله التعليق عليه أن جميع هذه المدن لها علاقة وطيدة بالتاريخ الإسلامى فى فلسطين.
فالاعتقاد السائد لدى المؤرخين أن «كفر مندا» هى بلدة «مدين» المذكورة فى القرآن الكريم. وذلك وفقا لما ذكره المؤرخ «ياقوت الحموى» الذى مر بها سنة ١٢٣٠ م. وما زال بها بئران يُعتقد أن نبى الله موسى قابل عندهما بنات شعيب (عليه السلام).
والمركز الثانى هو مدينة خليل الله إبراهيم، ثم «اللد» عاصمة جند عمرو بن العاص بعد فتح فلسطين، ونابلس التى فتحت فى عهد أبى بكر الصديق، وتضم ٤٩ مسجدا، بينها المسجد العمرى الذى بناه الظاهر بيبرس بعد تحرير فلسطين، وحى جفعات شاءول فى القدس المحتلة هو أكبر معاقل اليهود الدينيين، وعلى أطرافه تقع المحكمة الشرعية الإسلامية، وفيها يحصل المسلمون الجدد على شهادات رسمية تثبت ذلك، ويستبدلون أسماء عربية بأسمائهم.
غير أن أول ملاحظة تسجل على نشاط «التبليغ والدعوة» فى إسرائيل، هى ندرة المعلومات، فالجماعة لا تعلن عن نجاحاتها فى إقناع اليهود بدخول الإسلام رغم الصخب الذى يحيط باسمها فى وسائل الإعلام العبرية.
والمعلومات القليلة عن أهم دعاتها، نجدها فى بيان «يد للأخوة» على لسان الحاخام «موشيه كوهين» قائد ميليشيا مكافحة (التبليغ والدعوة) فى تنظيم «يد للأخوة» الذى يقول: «زعيم التبليغ والدعوة فى إسرائيل هو الشيخ أبو ياسين من كفر مندا، وبدأ نشاطه، المعلن، بعد نجاح جماعته فى إقناع الحاخام يوسف كوهين بدخول الإسلام، هو وزوجته، وأبنائه الخمسة، وتغيير اسمه إلى يوسف الخطاب، وتمكنوا من تهريبه خارج إسرائيل.
والرجل الثانى هو الشيخ إبراهيم نادر من نابلس، ويتلوه الشيخ سالم الطويل من رام الله، ثم الشيخ عبدالله الفراحين من قرية «بيت أولا».
ويعمل الشيخ سالم الطويل ممرضا فى مستشفى معروف بالقدس، ويلتقى، خلال عمله، بعدد كبير من اليهود المتدينين، والعلمانيين، ونجح فى إقناع العشرات بالإسلام. أما الشيخ الفراحين، فيتولى تأمين اليهود المتحولين للإسلام، ويوفر لهم فرص عمل، ومسكنا بقرى عرب ٤٨، أو القرى الفلسطينية، بعيدا عن سطوة الحاخامات.
المصدر الثانى للمعلومات عن «التبليغ والدعوة» فى إسرائيل هو الصحف العبرية التى تنشر من حين لآخر تحقيقات عن تحول اليهود للإسلام، ومعاناة معظمهم بسبب سيطرة الأحزاب الدينية اليهودية على الوزارات الخدمية مثل وزارتى الداخلية والأديان.
«يديعوت أحرونوت» على سبيل المثال، تعتبر أن إسلام الحاخام «يوسف كوهين»، وأسرته المكونة من خمسة أفراد منعطفا خطيرا فى نشاط «التبليغ والدعوة» بإسرائيل. فقد زلزل إسلامه اليهود المتشددين دينيا.
خاصة أنه غير اسمه إلى «يوسف الخطاب»، وتحول لداعية فى سبيل الله، على حد وصفه. وكان يوسف الخطاب يهوديا متشددا، يدعى « يوسف بريان كوهين».
عاش معظم حياته فى نيويورك. وكان من مريدى الحاخام عوفديا يوسيف. وهاجر لإسرائيل عام ١٩٩٨، ليتلقى العلم الدينى من الحاخام عوفديا شخصيا. بعدما عانى من حاخامات أمريكا الذين يعلون من شأن كتاب التلمود الذى وضعه الحاخامات ليكون بديلا عن التوراة.
ويقول يوسف الخطاب: «انتقالى لفلسطين لم يفدنى كثيرا، فلم أجد فى إسرائيل التزاما دينيا كما توقعت، فالنساء يكشفن شعرهن عكس أوامر التوراة، ويلبسن ثيابا تكشف أكثر مما تخفي، والأطفال لا يدرسون التوراة، ويتعلمون قشورا من التلمود ليظلوا جهلة بدينهم».
ويضيف يوسف الخطاب فى سيرته الذاتية المنشورة على موقعه الإلكتروني: «بالصدفة قابلت شابا إماراتيا فى أحد منتديات الدردشة على الإنترنت عام ٢٠٠٢، وعندما عرف أننى إسرائيلى قرر إنهاء المحادثة. سألته عن السبب، فحدثنى عن وحشية الإسرائيليين وقمعهم للفلسطينيين، فى مقابل تكريم الإسلام للإنسان، وإيمان المسلمين بكل الأنبياء وأصحاب الرسالات.
وشعرت فى ردودى بضعف منطقى. بعد نهاية حديثنا، شعرت برغبة فى التعرف على الإسلام، فاشتريت قرآنا مترجما للإنجليزية. والتقيت بالشاب الإماراتى «صالح» مرات كثيرة، وناقشته فى أمور لم أفهمها فى الإسلام. وامتد الحديث بيننا ساعات. وبعد تفكير عميق دخلت الإسلام، وأخبرت «صالح» بقراري، فطلب منى التفكير مرة أخرى حتى لا يكون قرارى انفعاليا.
وبالفعل، التزمت بقراءة القرآن والتفاسير يوميا، بالرغم من أن ذلك من الكبائر فى اليهودية. لكننى كنت مقتنعا بما أفعله، وأخبرت زوجتى وكل من حولى بإسلامى. فأقنعنى أحد أصدقائى الفلسطينيين، من التبليغ والدعوة، بإخفاء إسلامي، فى البداية، حتى لا أتعرض لانتقام حزب شاس. فكنت أصلى فى المنزل، وأغلق الأبواب والنوافذ عند قراءة القرآن. وبعد فترة ضقت بهذا الوضع.
وبمساعدة إخوة فلسطينيين انتقلت للعيش فى حى عربى بالقدس الشرقية». وبعد فترة اقتنعت زوجة يوسف الخطاب بالإسلام بعد أن كانت يهودية متعصبة، وغيرت اسمها من «لونا تريم» إلى «قمر الخطاب»، والابنة عسيدة ١٨ عاما صارت حسيبة، والطفل رحمايم ٨ أعوام أصبح عبدالرحمن، أما عوفديا الصغير فقد صار عبدالله.
لكن «يوسف الخطاب» لم يفلت من اعتداءات حاخامات «يد للأخوة» الذين لاحقوه فى القدس، وتعمدوا إهانته، وهددوا بقتله، وخطف أبنائه، وزوجته بحجة أنه أجبرهم على الإسلام. ورفضت وزارة «الداخلية» الاعتراف بإسلامه، حتى تمكنت التبليغ والدعوة من تهريبه للمغرب عام ٢٠٠٦، حيث يعيش الآن.
صحيفة هاآرتس، من جانبها، نشرت تحقيقا العام الماضى عن عشر حالات ليهود أعلنوا إسلامهم، بينهم يوسف الخطاب. وفضحت التعنت الذى واجهوه من «يد للأخوة»، ووزارتى الداخلية والأديان بقيادة وزيرين من حزبى شاس، ويهودية التوراة.
وأوردت الصحيفة قصة السيدة «جيئولا» التى ذهبت بصحبة زوجها «رامى» فلسطينى الجنسية، إلى مكتب تسجيل السكان بإسرائيل، ليشهرا زواجهما ويخطرا المكتب باعتناق الزوجة الإسلام. وقدمت «جيئولا» للموظف شهادة صادرة عن المحكمة الشرعية بالقدس تفيد بصحة إسلامها، وأنها صارت تدعى «فاطمة الزهراء».
لكن الموظف اليهودى لم يعترف بالشهادة، وطالبها بإحضار شهادة من محكمة شرعية يهودية تجيز إسلامها، أو شهادة رسمية من وزارة الأديان تثبت ذلك!
وعندما ذهب الزوجان إلى وزارة الأديان، انفردت مسؤولة كبيرة بالمرأة بعيدا عن زوجها، وحاولت إثناءها، بشتى الطرق، عن الإسلام، وعددت لها مزايا اليهودية، وعيوب الإسلام من وجهة نظرها. ولما لم تغير «فاطمة الزهراء» أو «جيئولا» رأيها، وأصرت على ملء استمارة «تغيير ديانة»، والحصول على جميع الأوراق اللازمة.
قيل للزوجين إن لجنة خاصة تتألف من حاخام وطبيب نفسى وإخصائى اجتماعى ستتولى بحث الطلب، والتحقيق فى الأمر خشية أن تكون «جيئولا» غيرت دينها قهرا، وأن اللجنة ستبدأ عملها بعد ستة أشهر، وتستمر فيه سنة ونصف السنة، وهى وحدها المخولة بإصدار قرار يقضى بأحقية «جيئولا» فى تغيير دينها من عدمه.
وخلال هذه الفترة لا يحق للزوجين إشهار زواجهما، أو «تغيير ديانة» الزوجة، أو التعامل مع الجهات الرسمية بالاسم القديم أو الجديد حتى تفصل اللجنة فى الأمر.
الإجراءات البيروقراطية التى واجهت «فاطمة الزهراء»، هى نفسها التى واجهت «سعديا» الذى أسلم، وصار اسمه «سعيد». وكذلك «عينات كارمل» التى أسلمت، وأصبحت تدعى «صفية داوود»، واتهمتها لجنة وزارة الأديان، رسميا، بالجنون.
وفيما كشفت صحيفة هاآرتس عن معاناة ١٠ مسلمين جدد فى إسرائيل، يرفض آخرون الكشف عن أسمائهم حتى لا يتعرضوا لإيذاء اليهود المتطرفين، ونجحت جمعية الدفاع عن حقوق المواطن فى إسرائيل بصعوبة فى إحصاء الحالات التى تعانى من القهر الدينى نتيجة تحولهم للإسلام، وحركت دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية باسم أربع نساء يتعرضن للإكراه الدينى، ويخشين من عرض قضيتهن فى وسائل الإعلام، حتى لا يفقدن حقوقهن المشروعة، أو يتعرضن لاعتداءات تنظيم «يد للأخوة» الإرهابى.