مشاهدة النسخة كاملة : أضف لمعلوماتك [ الفكر الضال]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لنضيف الى معلوماتنا
بعض المعلومات عن الفكر الضال
والمذاهب المبتدعة
محطات عن العلمانية -الشيعة - الحوثية - وغيرهم
أولاً - الحوثيون :
من هم الحوثيون؟ ومتى ظهروا؟ وإلى أي شيء يهدفون؟ ولماذا تحاربهم الحكومة اليمنية؟ وما هو تأثير القوى الخارجية العالمية على أحداث قصتهم؟ هذه الأسئلة وغيرها هي موضوع مقالنا، والذي أرجو أن ينير لنا الطريق في هذه القصة المعقَّدة..
بدأت القصة في محافظة صعدة (على بُعد 240 كم شمال صنعاء)، حيث يوجد أكبر تجمعات الزيدية في اليمن، وفي عام 1986م تم إنشاء "اتحاد الشباب"، وهي هيئة تهدف إلى تدريس المذهب الزيدي لمعتنقيه، كان بدر الدين الحوثي -وهو من كبار علماء الزيدية آنذاك- من ضمن المدرِّسين في هذه الهيئة.
وفي عام 1990م حدثت الوَحْدة اليمنية، وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية، ومن ثَمَّ تحول اتحاد الشباب إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي -وهو ابن العالم بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، ودخل مجلس النواب في سنة 1993م، وكذلك في سنة 1997م.
تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدًّا بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع مجد الدين المؤيدي، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما.
اعترض بدر الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدَّة، خاصة أنه من فرقة "الجارودية"، وهي إحدى فرق الزيدية التي تتقارب في أفكارها نسبيًّا مع الاثني عشرية. وتطوَّر الأمر أكثر مع بدر الدين الحوثي، حيث بدأ يدافع بصراحة عن المذهب الاثني عشري، بل إنه أصدر كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن"، يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثني عشرية؛ ونظرًا للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية، فإنّه اضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث عاش هناك عدة سنوات. وعلى الرغم من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الاثني عشرية بدأت في الانتشار، خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة، وهذا منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م، وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق، وكوَّن جماعة خاصة به، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا معارضًا للحكومة ابتداءً من سنة 2002م.
وفي هذه الأثناء توسَّط عدد من علماء اليمن عند الرئيس علي عبد الله صالح لإعادة بدر الدين الحوثي إلى اليمن، فوافق الرئيس، وعاد بدر الدين الحوثي إلى اليمن ليمارس من جديد تدريس أفكاره لطلبته ومريديه.ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن تعطي هذه الجماعة شأنًا ولا قيمة، ولا تعتقد أن هناك مشاكل ذات بالٍ يمكن أن تأتي من ورائها
مظاهرات ضخمة للحوثيين وبداية الحرب:
وفي عام 2004م حدث تطوُّر خطير، حيث خرج الحوثيون بقيادة حسين بدر الدين الحوثي بمظاهرات ضخمة في شوارع اليمن مناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق، وواجهت الحكومة هذه المظاهرات بشدَّة، وذكرت أن الحوثي يدَّعِي الإمامة والمهديّة، بل ويدَّعِي النبوَّة. وأعقب ذلك قيام الحكومة اليمنية بشنّ حرب مفتوحة على جماعة الحوثيين الشيعية، واستخدمت فيها أكثر من 30 ألف جندي يمني، واستخدمت أيضًا الطائرات والمدفعية، وأسفرت المواجهة عن مقتل زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي، واعتقال المئات، ومصادرة عدد كبير من أسلحة الحوثيين.
تأزَّم الموقف تمامًا، وتولى قيادة الحوثيين بعد مقتل حسين الحوثي أبوه بدر الدين الحوثي، ووضح أن الجماعة الشيعية سلحت نفسها سرًّا قبل ذلك بشكل جيد؛ حيث تمكنت من مواجهة الجيش اليمني على مدار عدة سنوات.
وقامت دولة قطر بوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية في سنة 2008م، عقدت بمقتضاها اتفاقية سلام انتقل على إثرها يحيى الحوثي وعبد الكريم الحوثي -أشقاء حسين بدر الدين الحوثي- إلى قطر، مع تسليم أسلحتهم للحكومة اليمنية، ولكن ما لبثت هذه الاتفاقية أن انتُقضت، وعادت الحرب من جديد، بل وظهر أن الحوثيين يتوسعون في السيطرة على محافظات مجاورة لصعدة، بل ويحاولون الوصول إلى ساحل البحر الأحمر للحصول على سيطرة بحريَّة لأحد الموانئ؛ يكفل لهم تلقِّي المدد من خارج اليمن.
لقد صارت الدعوة الآن واضحة، والمواجهة صريحة، بل وصار الكلام الآن يهدِّد القيادة في اليمن كلها، وليس مجرَّد الانفصال بجزء شيعي عن الدولة اليمنية.
أسباب قوة الحوثيين:
والسؤال الذي ينبغي أن يشغلنا هو: كيف تمكّنت جماعة حديثة مثل هذه الجماعة أن تواجه الحكومة طوال هذه الفترة، خاصَّة أنها تدعو إلى فكر شيعي اثني عشري، وهو ليس فكراً سائداً في اليمن بشكل عام، مما يجعلنا نفترض أن أتباعه قلة؟!
لذلك تبريرات كثيرة تنير لنا الطريق في فهم القضية، لعل من أبرزها ما يلي:
أولاً: لا يمكن استيعاب أن جماعة قليلة في إحدى المحافظات اليمنية الصغيرة يمكن أن تصمد هذه الفترة الطويلة دون مساعدة خارجية مستمرة، وعند تحليل الوضع نجد أن الدولة الوحيدة التي تستفيد من ازدياد قوة التمرد الحوثي هي دولة إيران، فهي دولة اثنا عشرية تجتهد بكل وسيلة لنشر مذهبها، وإذا استطاعت أن تدفع حركة الحوثيين إلى السيطرة على الحكم في اليمن، فإنّ هذا سيصبح نصرًا مجيدًا لها، خاصة أنها ستحاصر أحد أكبر المعاقل المناوئة لها وهي السعودية، فتصبح السعودية محاصَرة من شمالها في العراق، ومن شرقها في المنطقة الشرقية السعودية والكويت والبحرين، وكذلك من جنوبها في اليمن، وهذا سيعطي إيران أوراق ضغط هائلة، سواء في علاقتها مع العالم الإسلامي السُّني، أو في علاقتها مع أمريكا.
وليس هذا الفرض نظريًّا، إنما هو أمر واقعي له شواهد كثيرة، منها التحوُّل العجيب لبدر الدين الحوثي من الفكر الزيديّ المعتدل إلى الفكر الاثني عشري المنحرف، مع أن البيئة اليمنية لم تشهد مثل هذا الفكر الاثني عشري في كل مراحل تاريخها، وقد احتضنته إيران بقوَّة، بل واستضافته في طهران عدة سنوات، وقد وجد بدر الدين الحوثي فكرة "ولاية الفقيه" التي أتى بها الخوميني حلاًّ مناسبًا للصعود إلى الحكم حتى لو لم يكن من نسل السيدة فاطمة رضي الله عنها، وهو ما ليس موجودًا في الفكر الزيدي. كما أن إيران دولة قوية تستطيع مدَّ يد العون السياسي والاقتصادي والعسكري للمتمردين، وقد أكّد على مساعدة إيران للحوثيين تبنِّي وسائل الإعلام الإيرانية الشيعية، والمتمثلة في قنواتهم الفضائية المتعددة مثل "العالم" و"الكوثر" وغيرهما لقضية الحوثيين.
كما أن الحوثيين أنفسهم طلبوا قبل ذلك وساطة المرجع الشيعي العراقي الأعلى آية الله السيستاني، وهو اثنا عشري قد يستغربه أهل اليمن، لكن هذا لتأكيد مذهبيَّة التمرد، هذا إضافةً إلى أن الحكومة اليمنية أعلنت عن مصادرتها لأسلحة كثيرة خاصة بالحوثيين، وهي إيرانية الصنع. وقد دأبت الحكومة اليمنية على التلميح دون التصريح بمساعدة إيران للحوثيين، وأنكرت إيران بالطبع المساعدة، وهي لعبة سياسية مفهومة، خاصة في ضوء عقيدة "التقية" الاثني عشرية، والتي تجيز لأصحاب المذهب الكذب دون قيود.
ثانيًا: من العوامل أيضًا التي ساعدت على استمرار حركة الحوثيين في اليمن التعاطف الجماهيري النسبي من أهالي المنطقة مع حركة التمرد، حتى وإن لم يميلوا إلى فكرهم المنحرف، وذلك للظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة جدًّا التي تعيشها المنطقة؛ فاليمن بشكل عام يعاني من ضعف شديد في بنيته التحتية، وحالة فقر مزمن تشمل معظم سكانه، لكن يبدو أن هذه المناطق تعاني أكثر من غيرها، وليس هناك اهتمام بها يوازي الاهتمام بالمدن اليمنية الكبرى، ويؤكد هذا أن اتفاقية السلام التي توسَّطت لعقدها دولة قطر سنة 2008م بين الحكومة اليمنية والحوثيين، كانت تنص على أن الحكومة اليمنية ستقوم بخطة لإعادة إعمار منطقة صعدة، وأن قطر ستموِّل مشاريع الإعمار، لكن كل هذا توقف عند استمرار القتال، ولكن الشاهد من الموقف أن الشعوب التي تعيش حالة التهميش والإهمال قد تقوم للاعتراض والتمرد حتى مع أناسٍ لا يتفقون مع عقائدهم ولا مبادئهم.
ثالثًا: ساعد أيضًا على استمرار التمرد، الوضعُ القبلي الذي يهيمن على اليمن؛ فاليمن عبارة عن عشائر وقبائل، وهناك توازنات مهمَّة بين القبائل المختلفة، وتشير مصادر كثيرة أن المتمردين الحوثيين يتلقون دعمًا من قبائل كثيرة معارضة للنظام الحاكم؛ لوجود ثارات بينهم وبين هذا النظام، بصرف النظر عن الدين أو المذهب.
رابعًا: ومن العوامل المساعدة كذلك الطبيعة الجبلية لليمن، والتي تجعل سيطرة الجيوش النظامية على الأوضاع أمرًا صعبًا؛ وذلك لتعذر حركة الجيوش، ولكثرة الخبايا والكهوف، ولعدم وجود دراسات علمية توضح الطرق في داخل هذه الجبال، ولا وجود الأدوات العلمية والأقمار الصناعية التي ترصد الحركة بشكل دقيق.
خامسًا: ساهم أيضًا في استمرار المشكلة انشغال الحكومة اليمنية في مسألة المناداة بانفصال اليمن الجنوبي عن اليمن الشمالي، وخروج مظاهرات تنادي بهذا الأمر، وظهور الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق "علي سالم البيض" من مقره في ألمانيا وهو ينادي بنفس الأمر. هذا الوضع لا شك أنه شتَّت الحكومة اليمنية وجيشها ومخابراتها؛ مما أضعف قبضتها عن الحوثيين.
سادسًا: وهناك بعض التحليلات تفسِّر استمرار التمرد بأن الحكومة اليمنية نفسها تريد للموضوع أن يستمر! والسبب في ذلك أنها تعتبر وجود هذا التمرد ورقة ضغط قوية في يدها تحصِّل بها منافع دولية، وأهم هذه المنافع هي التعاون الأمريكي فيما يسمَّى بالحرب ضد الإرهاب، حيث تشير أمريكا إلى وجود علاقة بين تنظيم القاعدة وبين الحوثيين. وأنا أرى أن هذا احتمال بعيد جدًّا؛ لكون المنهج الذي يتبعه تنظيم القاعدة مخالف كُلِّية للمناهج الاثني عشرية، ومع ذلك فأمريكا تريد أن تضع أنفها في كل بقاع العالم الإسلامي، وتتحجج بحججٍ مختلفة لتحقيق ما تريد، واليمن تريد أن تستفيد من هذه العلاقة في دعمها سياسيًّا واقتصاديًّا، أو على الأقل التغاضي عن فتح ملفات حقوق الإنسان والدكتاتورية، وغير ذلك من ملفات يسعى الغرب إلى فتحها.
وإضافةً إلى استفادة اليمن من علاقتها بأمريكا، فإنها ستستفيد كذلك من علاقتها بالسعودية، حيث تسعى السعودية إلى دعم اليمن سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا لمقاومة المشروع الشيعي للحوثيين، واستمرار المشكلة سيوفِّر دعمًا مطَّردًا لليمن، ولعل الدعم لا يتوقف على السعودية، بل يمتد إلى قطر والإمارات وغيرها.
وبصرف النظر عن الأسباب فالمشكلة ما زالت قائمة، والوضع فيما أراه خطير، ووجب على اليمن أن تقف وقفة جادة مع الحدث، ووجب عليها كذلك أن تنشر الفكر الإسلامي الصحيح؛ ليواجه هذه الأفكار المنحرفة، وأن تهتم اهتمامًا كبيرًا بأهالي هذه المناطق حتى تضمن ولاءهم بشكل طبيعي لليمن وحكومتها. ويجب على العالم الإسلامي أن يقف مع اليمن في هذه الأزمة، وإلاّ أحاط المشروع الشيعي بالعالم الإسلامي من كل أطرافه، والأهم من ذلك أن يُعيد شعب اليمن حساباته وينظر إلى مصلحة اليمن، وأن هذه المصلحة تقتضي الوحدة، وتقتضي الفكر السليم، وتقتضي التجمُّع على كتاب الله وسُنَّة رسوله، وعندها سنخرج من أزماتنا، ونبصر حلول مشاكلنا.
ونسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين
هذه بعض أقوال أهل العلم في الشيعة الرافضة جمعتها لتنير عقل من جهل حقيقة
القوم ودعا الى التقريب معهم أواغتر بتقيتهم وكلامهم المعسول....وهناك الكثير لم أنقله مكتفية ولعدم الاطالة .
أوردتها لتكون حجة على كل من كان ضحية لوحش الجهالة كيلا يكون له عذر يوم يلقى ربه في الدعوة للوحدة مع أولئك الضالين سائلا المولى عزوجل أن ينفع بها و لايحرمني أجر نصر سنة حبيبي صلى الله عليه وسلم..
قول علقمة بن قيس النخعي -رحمه الله- (62هـ) :
روى عبدالله بن أحمد بسنده عن الشعبي عن علقمة قال:
(لقد غلت هذه الشيعة في علي -رضي الله عنه- كما غلت النصارى في عيسى بن مريم). السنة لعبد الله بن أحمد 2/548
قول عامر الشعبي -رحمه الله- (105هـ):
قال( لو كانت الشيعة من الطير لكانوا رخماً ). ومن هذه الآثار ما رواه عبدالله بن أحمد وغيره عنه أنه قال: (ما رأيت قوماً أحمق من الشيعة).
السنة لعبد الله بن أحمد 2/549، وأخرجه الخلال في السنة 1/497، واللالكائي في شرح السنة 7/1461.
وقال: ( نظرت في هذه الأهواء وكلمت أهلها فلم أر قوماً أقل عقولاً من الخشبية.)
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة 2/548
وعنه أنه قال: ( لو شئت أن يملؤا هذا البيت ذهباً وفضة، على أن أكذب لهم على علي لفعلوا. وكان يقول: لو كانت الشيعة من الطير لكانوا رخماً، ولو كانوا من الدواب لكانوا حمراً ).
أخرجه اللالكائي في شرح السنة 7/1267
وقال: ( أحذركم الأهواء المضلة وشرّها الرافضة، وذلك أن منهم يهوداً يغمصون الإسلام لتحيا ضلالتهم، كما يغمص بولس بن شاول ملك اليهود النصرانية لتحيا ضلالتهم.ثم قال: لم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة من الله ولكن مقتاً لأهل الإسلام ). )
أخرجه اللالكائي في شرح السنة 8/1461، والخلال في السنة 1/497
قول طلحة بن مصرّف -رحمه الله- (112هـ):
روى ابن بطة بسنده عنه أنه قال: (الرافضة لا تنكح نساؤهم، ولا تؤكل ذبائحهم، لأنهم أهل ردة).
الإبانة الصغرى ص161.
قول الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- (150هـ):
روى ابن عبد البر عن حماد بن أبي حنيفة أنه قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (الجماعة أن تفضل أبا بكر وعمر وعلياً وعثمان ولا تنتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلىالله عليه وسلم) )
الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ص163.
قول مسعر بن كدام -رحمه الله- (155هـ):
روى اللالكائي: (أن مسعر بن كدام لقيه رجل من الرافضة فكلمه بشئ... فقال له مسعر: تنح عني فإنك شيطان).
أخرجه اللالكائي في شرح السنة 8/1457.
قول الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- (179هـ):
روى الخلال بسنده عن الإمام مالك أنه قال: ( الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لهم سهم، أوقال نصيب في الإسلام ).
السنة: للخلال 1/493، وأخرجه ابن بطة في الابانة الصغرى ص162
وروى اللالكائي عنه أنه قال: ( من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له في الفيء حق يقول الله عز وجل: { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } الآية. هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمالذين هاجروا معه ثم قال: {والذين تبؤوا الدار والإيمان} الآية. هؤلاء الأنصار، ثم قال: { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان } فالفيء لهؤلاء الثلاثة فمن سب أصحاب رسول لله صلى الله عليه وسلم فليس من هؤلاء الثلاثة ولا حق له في الفيء )
شرح أصول اعتقاد أهل السنة 7/1268-1269
وقال أشهب بن عبدالعزيز سئل مالك عن الرافضة فقال: ( لا تكلمهم ولا تروعنهم فإنهم يكذبون). ) ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة 1/61
قول القاضي أبي يوسف -رحمه الله- (182هـ):
روى اللالكائي بسنده عن أبي يوسف أنه قال: ( لا أصلي خلف جهمي، ولا رافضي، ولا قدري ).
شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/733.
قول عبدالرحمن بن مهدي -رحمه الله- (198هـ):
قال البخاري قال عبدالرحمن بن مهدي: ( هما ملتان: الجهمية، والرافضة). خلق أفعال العباد ضمن مجموعة "عقائد السلف" جمع علي سامي النشار، وعمار الطالبي ص125
قول الإمام الشافعي -رحمه الله- (204هـ):
ثبت بنقل الأئمة عنه أنه قال: ( لم أر أحداً من أصحاب الأهواء،أكذب في الدعوى، ولا أشهد بالزور من الرافضة ).أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى 2/545، واللالكائي في شرح السنة 8/1457.
قول محمد بن يوسف الفريابي -رحمه الله- (212هـ):
روى اللالكائي عنه أنه قال: ( ما أرى الرافضة والجهمية إلا زنادقــة ). شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/1457
قول القاسم بن سلام -رحمه الله- (224هـ):
روى الخلال عن عباس الدوري قال: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: (عاشرت الناس، وكلمت أهل الكلام، وكذا، فما رأيت أوسخ وسخاً، ولا أقذر قذراً، ولا أضعف حجة، ولا أحمق من الرافضة، ولقد وليت قضاء الثغور فنفيت منهم ثلاثة رجال: جهميين ورافضي، أو رافضيين وجهمي، وقلت: مثلكم لا يساكن أهل الثغور فأخرجتهم )
السنة للخلال 1/499.
قول أحمد بن يونس -رحمه الله- (227هـ):
روى اللالكائي عن عباس الدوري قال: سمعت أحمد بن يونس يقول: ( إنا لا نأكل ذبيحة رجل رافضي، فإنه عندي مرتد). شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/459.
قول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- (241هـ):
عن عبدالله بن أحمد قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ما أراه على الإسلام). السنة للخلال 1/493.
وعن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبدالله عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ( ما أراه على الإسلام).السنة للخلال 1/493
.
وعن إسماعيل بن إسحاق أن أبا عبدالله سُئل: عن رجل له جار رافضي يسلم عليه؟ قال: (لا، وإذا سلم عليه لا يرد عليه ). السنة للخلال 1/494
قول الإمام البخاري -رحمه الله- (256هـ):
قال في كتاب خلق أفعال العباد: ( ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون ، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم ). خلق أفعال العباد (ضمن عقائد السلف) ص125
قول أبي زرعة الرازي -رحمه الله- (264هـ):
روى الخطيب بسنده عنه أنه قال: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلمعندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدي إلينا هذا القرآن، والسنن: أصحاب رسول الله صلى الله عليهوسلموإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة). ) الكفاية ص49.
وروى اللالكائي من طريق عبدالرحمن بن أبي حاتم: أنه سأل أباه وأبا زرعة عن مذاهب السنة، واعتقادهما الذي أدركا عليه أهل العلم في جميع الأمصار، ومما جاء في كلامهما: (وإن الجهمية كفار، وإن الرافضة، رفضوا الإسلام). شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/178.
قول عبدالله بن قتيبة -رحمه الله- (276هـ):
قال في كتابه: تأويل مختلف الحديث بعد حديثه: عن أهل الكلام وأساليبهم في تفسير القرآن الدالة على جهلهم: « وأعجب من هذا التفسير، تفسير الروافض للقرآن، وما يدعونه من علم باطنه، بما وقع إليهم من الجفر... وهو جلد جفر ادعوا أنه كَتَبَ فيه لهم الإمام، كل ما يحتاجون إلى علمه، وكل ما
يكون إلى يوم القيامة....
إلى أن قال: وهم أكثر أهل البدع افتراقاً ونحلاً... ولا نعلم في أهل البدع والأهواء، أحداً ادعى الربوبية لبشر غيرهم، فإن عبدالله بن سبأ ادعى الربوبية لعلي فأحرق علي أصحابه بالنار وقال في ذلك:
لما رأيـت الأمـر أمــراً منكــراً ¯ أججــت نـاري ودعــوت قنبرا
ولا نعلم أحداً ادعى النبوة لنفسه غيرهم، فإن المختار بن أبي عبيد ادعى النبوة لنفسه...». ) تأويل مختلف الحديث ص76-79.
قول الإمام الطحاوي -رحمه الله- (321هـ):
قال في عقيدته: « ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغـض من يبغضهـم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم: دين، وإيمان، وإحسـان، وبغضهم: كفر، ونفاق، وطغيان ». العقيدة الطحاوية مع شرحها لابن أبي العز ص689
قول الحسن بن علي بن خلف البربهاري-رحمه الله-(329هـ):
قال: « واعلم أن الأهواء كلها ردية، تدعوا إلى السيف، وأردؤها وأكفرها الرافضة ،والمعتزلة، والجهمية، فإنهم يريدون الناس على التعطيل والزندقة ». كتاب شرح السنة ص54.
قول ابن بطة -رحمه الله- (387هـ):
قال في الإبانة الكبرى: « وأما الرافضة: فأشد الناس اختلافاً، وتبايناً، وتطاعناً، فكل واحد منهم يختار مذهباً لنفسه يلعن من خالفه عليه، ويكفر من لم يتبعه. وكلهم يقول: إنه لا صلاة، ولا صيام، ولاجهاد، ولا جمعة، ولا عيدين، ولا نكاح، ولا طلاق، ولا بيع، ولاشراء، إلا بإمام وإنه من لا إمام له، فلا دين له، ومن لم يعرف إمامه فلا دين له..
ولولا ما نؤثره من صيانة العلم، الذي أعلى الله أمره وشرّف قدره، ونزهه أن يخلط به نجاسات أهل الزيغ، وقبيح أقوالهم، ومذاهبهم، التي تقشعر الجلود من ذكرها، وتجزع النفوس من استماعها، وينزه العقلاء ألفاظهم وأسماعهم عن لفظها، لذكرت من ذلك ما فيه عبرة للمعتبرين ».كتاب اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ص251-252.
قول الإمام القحطاني -رحمه الله- (387هـ):
قال في نونيته:
إن الروافضَ شرُّمن وطيءَ الحَصَى من كـلِّ إنـسٍ ناطــقٍ أو جــانِ
مدحوا النّبيَ وخونوا أصحابـــه ورموُهـــمُ بالظلـــمِ والعــدوانِ
حبّـوا قرابتــهَ وسبَّـوا صحبـه جــدلان عند الله منتقضـــانِ
*نونيه القحطاني ص21
قول أبي بكر بن العربي -رحمه الله- (543هـ):
قال في العواصم: « ما رضيت النصارى واليهود، في أصحاب موسى وعيسى، ما رضيت الروافض في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، حين حكموا عليهم بأنهم قد اتفقوا على الكفر والباطل».العواصم من القواصم ص192.
قول ابن الجوزي -رحمه الله- (597هـ):
قال: « وغلو الرافضة في حب علي -رضي الله عنه-، حملهم على أن وضعوا أحاديث كثيرة في فضائله، أكثرها تشينه وتؤذيه... ولهم مذاهب في الفقه ابتدعوها، وخرافات تُخالف الاجماع... في مسائل كثيرة يطول ذكرها خرقوا فيها الإجماع، وسوّل لهم إبليس وضعها على وجه لا يستندون فيه إلى أثر ولا قياس، بل إلى الواقعات، ومقابح الرافضة أكثر من أن تحصى ». تلبيس إبليس ص136-137.
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (728هـ):
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : « والله يعلم وكفى بالله عليماً، ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم: لا أجهل، ولا أكذب، ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان، وأبعد عن حقائق الإيمان منهم ».) منهاج السنة 1/160.
ويقول: « وهؤلاء الرافضة: إما منافق، وإما جاهل، فلا يكون رافضي ولا جهمي إلا منافقاً، أو جاهلاً
بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يكون فيهم أحد عالماً بما جاء به الرسول صلى الله عليه
وسلم مع الإيمان به. فإن مخالفتهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذبهم عليه لا يخفى قط إلا على
مفرط في الجهل والهوى». منهاج السنة 1/161.
وقال: « فبهذا يتبين أنهم شر من عامة أهل الأهواء... وأيضاً فغالب أئمتهم زنادقة إنما يظهرون الرفض لأنه طريق إلى هدم الإسلام ». مجموع الفتاوى 28/482-483.
ويقول عن جهلهم وضلالهم: « القوم من أضل الناس عن سواء السبيل فإن الأدلة إما نقليه وإما عقليه، والقوم من أضل الناس في المنقول والمعقول، في المذاهب والتقرير، وهم من أشبه الناس بمن قال الله فيهم: { وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} والقوم من أكذب الناس في النقليات، ومن أجهل الناس في العقليات، يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالاضطرار أنه من الأباطيل ويكذبون بالمعلوم من الاضطرار، المتواتر أعظم تواتر في الأمة جيلاً بعد جيل») منهاج السنة 1/8.
ويقول عن اشتهارهم بالكذب: « وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب ». منهاج السنة 1/59.
ويقول عن عدائهم للمسلمين ومناصرتهم الكفرة والمشركين: « وقد عرف العارفون بالإسلام أن الرافضة تميل مع أعداء الدين، ولما كانوا ملوك القاهرة كان وزيرهم مرة يهودياً، ومرة نصرانياً أرمينياً، وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الأرميني، وبنوا كنائس كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين، وكانوا ينادون بين القصرين: من لعن وسب فله دينار وأردب » مجموع الفتاوى 28/637
ويقول: « والرافضة تحب التتار ودولتهم لأنه يحصل لهم بها من العز مالا يحصل بدولة المسلمين، والرافضة هم معاونون للمشركين واليهود والنصارى على قتال المسلمين، وهم كانوا من أعظم الأسباب في دخول التتار قبل إسلامهم إلى أرض المشرق بخراسان والعراق والشام، وكانوا من أعظم الناس معاونة لهم على أخذهم لبلاد الإسلام وقتل المسلمين وسبي حريمهم، وقضية ابن العلقمي وأمثاله مع الخليفة، وقضيتهم في حلب مع صاحب حلب مشهورة يعرفها عموم النـــاس ». مجموع الفتاوى28/527-528.
ويقول: « وهؤلاء يعاونون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلموأمته المؤمنين، كما أعانوا المشركين من الترك والتتار على ما فعلوه ببغداد وغيرها بأهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ولد العباس وغيرهم من أهل البيت المؤمنين من القتل والسبي وخراب الديـــار.
وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام». مجموع الفتاوى 25/309.
قول الذهبي -رحمه الله- (748هـ):
قال معلقاً على بعض الأحاديث الموضوعة في فضل علي -رضي الله عنه-: « وعلي -رضي الله عنه- سيد كبير الشأن، قد أغناه الله تعالى عن أن يثبت مناقبه بالأكاذيب، ولكن الرافضة لا يرضون إلا أن يحتجوا له بالباطل، وأن يردوا ما صح لغيره من المناقب، فتراهم دائماً يحتجون بالموضوعات، ويكذبون بالصحاح، وإذا استشعروا أدنى خوف لزموا التقية، وعظموا الصحيحين، وعظموا السنة، ولعنوا الرفض، وأنكروا، فيعلنون بلعن أنفسهم شيئاً ما يفعله اليهود ولا المجوس بأنفسهم، والجهل بفنونه غالب على مشايخهم وفضلائهم،فما الظن بعامتهم، فمالظن بأهل البر والحَـيْـل منهم، فإنهم جاهلية جهلاء، وحمر مستنفرة، فالحمد لله على الهداية، فتعليمهم ونصحهم وجرّهم إلى الحق بحسب الإمكان من أفضل الأعمال ».() ترتيب الموضوعات لابن الجوزي تأليف محمد بن أحمد الذهبي ص124.
قول ابن القيم -رحمه الله- (751هـ):
قال في إغاثة اللهفان: -وأخرج الروافض الإلحاد والكفر، والقدح في سادات الصحابة، وحزب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأوليائه وأنصاره في قالب محبة أهل البيت والتعصب لهم وموالاتهم». إغاثة اللهفان 2/75.
قول ابن كثير -رحمه الله- (774هـ):
يقول في وصف حال الرافضة: «ولكنهم طائفة مخذولة وفرقة مرذولة يتمسكون بالمتشابه، ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام».) البداية والنهاية 5/251.
قول أبي حامد المقدسي -رحمه الله- (888هـ):
قال في كتابه الرد على الرافضة بعد أن ذكر جملة من عقائدهم:
« لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين، أن أكثر ما قدمناه في الباب، قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح، لا يتوقف الواقف مع تكفيرهم، والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام وضلالهم ». رسالة في الرد على الرافضة لأبي حامد المقدسي ص200.
قول الإمام الشوكاني -رحمه الله- (1250هـ):
قال -رحمه الله-: « واعلم أن لهذه الشنعة الرافضية، والبدعة الخبيثة ذيلاً هو أشر ذيل، وويلاً هو أقبح ويل، وهو أنهم لما علموا أن الكتاب والسنة يناديان عليهم بالخسارة والبوار بأعلى صوت، عادوا السنة المطهرة، وقدحوا فيها وفي أهلها بعد قدحهم في الصحابة -رضي الله عنهم-، وجعلوا المتمسك بها من أعداء أهل البيت، ومن المخالفين للشيعة لأهل البيت، فأبطلوا السنة بأسرها، وتمسكوا في مقابلها،وتعوضوا عنها بأكاذيب مفتراه، مشتملة على القدح المكذوب المفترى في الصحابة، وفي جميع الحاملين للسنة المهتدين بهديها العاملين بما فيها، الناشرين لها في الناس من التابعين وتابعيهم إلى هذه الغاية،وسَمُوْهم بالنصب، والبغض لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأولاده، فأبعد الله الرافضة وأقمأهم». قطر الولي على حديث الولي للشوكاني ص305-306
قول عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي-رحمه الله-(1239هـ):
قال عن الرافضة في آخر كتابه العظيم (التحفة الأثنى عشرية) الذي ألفه في الرد عليهم واختصره الألوسي، واشتهر من خلاله: « ومن استكشف عن عقائدهم الخبيثة، وما انطووا عليه علم أن ليس لهم في الإسلام نصيب، وتحقق كفرهم لديه، ورأى منهم كل أمر عجيب، واطلع على كل أمر غريب، وتيقن أنهم قد أنكروا الحسي، وخالفوا البديهي الأوّلى، ولا يخطر ببالهم عتاب، ولا يمر على أذهانهم عذاب أو عقاب، فإن جاءهم الباطل أحبوه ورضوه، وإذا جاءهم الحق كذبوه وردوه {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لايبصرون * صم بكم عمى فهم لا يرجعون} ولقد غشي على قلوبهم الران، فلا يعون ولا يسمعون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولقد تعنّتوا بالفسق والعصيان في فروع الدين وأصوله، فصدق ظن إبليس فاتبعوه من دون الله ورسوله، فياويلهم من تضييعهم الإسلام ويا خسارتهم مما وقعوافيه من حيرة الشبه والأوهام...». مختصر التحفة الأثني عشرية ص300-301.
عبدالقاهر البغدادي رحمه الله:
يقول : ( وأما أهل الأهواء من الجارودية والهشاميةوالجهمية والإمامية الذين أكفروا خيار الصحابة .. فإنا نكفرهم ، ولا تجوز الصلاةعليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم ) . الفرق بين الفرق ص 357 .
وقال : ( وتكفيرهؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء ، وقولهم بأنه يريد شيئاً ثم يبدو له ، وقدزعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لأنه بدى له فيه .. وما رأينا ولا سمعنابنوع من الكفر إلا وجدنا شعبة منه في مذهب الروافض ) . الملل والنحل ص 52 - 53 .
علي بن سلطان القاري رحمه الله:
قال : ( وأما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم أو يترتب عليه ثوابكما هو دأب كلامهم أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع ) . شم العوارض في ذم الروافض الورقة 6أ مخطوط.
أقوال بعض هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية :
جاء في إحدى فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ضمن الإجابة عن سؤال عن معتقد الرافضة : « مذهب الشيعة الإمامية مذهب مبتدع في الإسلام أصوله وفروعه...».
وفي فتوى أخرى: «... إن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية قد نقلــوا في كتبهــم عن أئمتهم: أن القرآن الذي جمعه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن طريق حفاظ القرآن من الصحابة محرفاً بالزيادة فيه والنقص منه وتبديل بعض كلماته وجمله، وبحذف بعض آيات وسور منه يعرف ذلك من قرأ كتاب ( فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب ) الذي ألفه حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي في تحريف القرآن
، وأمثاله مما ألف انتصاراً للرافضة ودعماً لمذهبهم كمنهاج الكرامة لابن المطهر، كما أنهم يعرضون عن دواوين السنة الصحيحة كصحيحي البخاري ومسلم فلا يعتبرونها مرجعاً لهم في الاستدلال على الأحكام عقيدة وفقهاً، ولا يعتمدون عليها في تفسير القرآن وبيانه، بل استحدثوا كتباً في الحديث، وأصلوا لأنفسهم أصولاً غير سليمة يرجعون إليها في تمييز الضعيف في زعمهم من الصحيح، وجعلوا من أصولهم الرجوع إلى أقوال الأئمة الإثني عشرية المعصومين في زعمهم...» فتاوى اللجنة الدائمة جمع أحمد الدويش 2/268 فتوى رقم (9420) وقد جاءت هذه الفتوى مذيلة بتوقيعات كل من: سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بازو الشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ عبدالله بن غديان.
فتوىرقم 9247
السؤال: ما حكم عوام الروافض الامامية الاثنى عشرية ؟وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أوالتفسيق؟
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآلهوصحبه .. وبعد:
من شايع من العوام إماما من أئمة الكفر والضلال ، وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغيا وعدوا ،حكم له بحكمهم كفرا وفسقا.
قال الله تعالى : " يسألك الناس عن الساعة " .... الى ان قال : " وقالوا ربناإنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا . ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا"
واقرأالآية رقم 165 ، 166 ، 167 من سورة البقرة ، والآية رقم 37 ، 38 ، 39من سورةالاعراف ، والآية رقم 21 ، 22 من سورة ابراهيم ، والآية رقم 28 ، 29 من سورةالفرقان ، والآيات رقم 62 ، 63 ، 64 من سورة القصص ، والآيات رقم 31 ، 32 ، 33 من سورة سبأ ، والآيات رقم 20 حتى 36 من سورة الصافات ، والآيات 47 حتى 50من سورةغافر ،
وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير ؛
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم ، وكذلك فعل أصحابه ، ولم يفرقوا بين السادة والأتباع .
وبالله التوفيق ، وصلىالله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتوى رقم 1661
السؤال: إن السائل وجماعة معه في الحدودالشمالية مجاورون للمراكزالعراقية وهناك جماعة على مذهب الجعفرية امتنع عن أكل ذبائحهم ، ومنهم من أكل .
ونقول : هل يحل لناأن نأكل منها ، علمابأنهم يدعون عليا والحسن والحسين وسائر سادتهم في الشدة والرخاء ؟
الجواب : إذا كان الامركما ذكر السائل من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية يدعون علياوالحسن والحسين وسادتهم ، فهم مشركون مرتدون عن الاسلام والعياذ بالله،
لا يحل الأكل من ذبائحهم ، لأنها ميتة ولو ذكروا عليها اسم الله .
انتهى
عبدالعزيز بن باز رحمه الله
قال في رسالة له: من عبد العزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم . . . وفقه الله لكل خير آمين .
:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فقد تلقيت كتابكم الكريم وفهمت ما تضمنه . وأفيدكم بأن الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولا سيما الأئمة الاثني عشر حسب زعمهم ولكونهم يكفرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نسأل الله السلامة مما هم عليه من الباطل .
وهذا لا يمنع دعوتهم إلى الله وإرشادهم إلى طريق الصواب وتحذيرهم مما وقعوا فيه من الباطل على ضوء الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة .
وأسأل الله لك ولإخوانك من أهل السنة المزيد من التوفيق لما يرضيه مع الإعانة على كل خير ،وأوصيكم بالصبر والصدق والإخلاص والتثبت في الأمور والعناية بالحكمة والأسلوب الحسن في ميدان الدعوة والإكثار من تلاوة القرآن الكريم والتدبر في معانيه ومدارسته ومراجعة كتب أهل السنة فيما أشكل من ذلك كتفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي ، مع العناية بحفظ ما تيسر من السنة كبلوغ المرام للحافظ ابن حجر وعمدة الأحكام في الحديث للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ، ولا يخفى أنه يجب على الإنسان أن يسأل عما يشكل عليه في أمر دينه كما قال تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِإِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) وإليكم برفقه بعض الكتب أسأل الله أن ينفعكم بمافيها وأن يعم بنفعكم إخوانكم المسلمين كما أسأله سبحانه أن يثبتنا وإياكم على الحق وأن يجعلنا جميعا من أنصار دينه وحماة شريعته والداعين إليه على بصيرة إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
صدرت الإجابة من مكتب سماحته في 22 / 1 / 1409 هـ برقم 136 / 1 .
س : من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم ؟
ج : التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأن العقيدة مختلفة ،
فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب ، ومن عقيدة أهل السنة محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعا والترضي عنهم والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء وأن أفضلهم أبو بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ، رضي الله عن الجميع ، والرافضة خلاف ذلك فلا يمكن الجمع بينهما ، كما أنه لايمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة ، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها .
محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد وقفت على الأقوال الخمسة التي نقلتموها عن كتب المسمى ( روح الله الخميني) راغبين مني بيان حكمي فيها ، وفي قائلها ، فأقول وبالله تعالى وحده أستعين :
إن كل قول من تلك الأقوال الخمسة كفربواح ، وشرك صراح ، لمخالفته للقرآن الكريم ، والسنة المطهرة وإجماع الأمة ، وما هومعلوم من الدين بالضرورة . ولذلك فكل من قال بها ، معتقداً ، ولو ببعض مافيها فهو مشرك كافر ، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم .
والله سبحانه وتعالىيقول في كتابه المحفوظ عن كل زيادة ونقص : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين لهالهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ).
وبهذه المناسبة أقول :
إن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يدعون أنهم من أهل السنة والجماعة ، يتعاونون مع (الخمينيين الصفويون ) في الدعوة إلى إقامة دولتهم والدفاع عنها من خطر الامريكان واليهود.
، والتمكين لها في أرض المسلمين ، جاهلين أو متجاهلين عما فيها من الكفر والضلال ، والفساد في الأرض والله لا يحب الفساد .
فإن كان عذرهم جهلهم بعقائدهم ، وزعمهم أن الخلاف بيننا وبينهم إنما هو خلاف في الفروع وليس في الأصول
، فما هو عذرهم بعد أن نشروا كتيبهم : ( الحكومة الإسلامية )لمؤلفه الخميني
وطبعوه عدة طبعات ، ونشروه في العالم الإسلامي ،وفيه من الكفريات ما جاء نقل بعضها عنه في السؤال الأول ، مما يكفي أن يتعلم الجاهل ويستيقظ الغافل ، هذا مع كون الكتيب كتاب دعاية وسياسة ، والمفروض في مثله أن لايذكر فيه من العقائد ما هو كفر جلي عند المدعوين،
ومع كون الشيعة يتدينون بالتقيةالتي تجيز لهم أن يقولوا ويكتبوا ما لا يعتقدونه ، كما قال عز وجل في بعض أسلافهم :(يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم ) ، حتى قرأت لبعض المعاصرين منهم قوله وهو يسردالمحرمات في الصلاة : ( والقبض فيها إلا تقية ) ، يعني وضع اليمين على الشمال في الصلاة .
ومع ذلك كله فقد ( قالوا كلمة الكفر ) في كتيبهم ، مصداق قوله تعالى في أمثالهم : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) ، ( وما تخفي صدورهم أكبر) .
وختاماً أقول محذراً جميع المسلمين بقول رب العالمين :
( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوابطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء في أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون).
وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهدأن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك.
يوم الغدير عند الشيعة الرافضة
فإن الشيعة لا يملُّون من الاستمرار في محاولاتهم لنشر اعتقاداتهم من خلال الزحف الفكري والعقدي والسياسي في بلاد المسلمين، ولا يسأمون من محاولة نشر عقائدهم وشعائرهم والجهر بها رغم كل شئ .
وإن كان ذلك عجيبًا في أي بلد من بلاد المسلمين؛ فالأعجب منه أن يكون ذلك في بلد كالمملكة العربية السعودية، التي تُعتبر مهدًا الصحوة السلفية السنية في القرون الأخيرة، والأعجب منه أن يُقابل هذا الجهر بالاحتفالات والأعياد بالصمت ودون نكير من دولة كانت تمنع الشيعة من احتفالات الدماء واللطميات التي تسمى بالحُسينيات،
ولكن لعلَّ ذلك يدخل في سلسلة من المزالق على كافة الأصعدة، من رفع راية حوار الأديان مرورًا بفساد الإعلام وصولاً إلى إباحة الاختلاط، تلك المزالق التي لا تؤدي في النهاية إلا إلى هاوية التاريخ، ونسأل الله العافية لبلاد المسلمين.
ولا يخفى أيضًا أن أرض الحرمين وكذا باقي بلدان المسلمين حلم من أحلام الرافضة؛ لما لها من مكانة في قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك نسمع بين الحين والآخر عن محاولاتهم لإشاعة البلابل وإحداث الفتن، وكذا سعيهم الحثيث في الجهر بالاحتفالات الخاصة بهم، والتي ينبني كلٌّ منها على أصل عقديٍّ تُستغل تلك الاحتفالات لبثه ونشره بين الناس.
وكان آخر هذه الاحتفالات ما حدث بعد موسم الحج لهذا العام (1430هـ)،
حيث احتفل رافضة المدينة بيوم الغدير والذي هو من أعظم أعياد الشيعة، والذي يزعمون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نصَّب فيه عليًّا خليفة مِن بعده على المسلمين!
والناظر في قصة غدير خُمٍّ التي يستدلون بها على أحقية علي -رضي الله عنه- بالخلافة على أبي بكر وعمر وعثمان بل تكاد تكون أقوى حججهم النقلية؛ يجد أن مثلهم وما استندوا إليه كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا، (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)(العنكبوت:41)،
بل إن الرد عليهم في مزاعمهم حول هذه القصة موجودٌ في سياق القصة نفسها، ولكن الإشكال في أن أصل القصة صحيحٌ رواه الإمام مسلم –رحمه الله-، مما قد يُحدث إشكالاً عند البعض بسبب عدم التفريق بين الخلاف في ثبوت الحديث والخلاف في مفهوم الحديث.
فنقف مع حادثة الغدير، ووجه استدلال الشيعة الرافضة منها على أحقيَّة عليٍّ –رضي الله عنه- بالخلافة، ومناقشة ذلك، ولن نتناول بالذكر الأدلة التي فيها الإشارة إلى خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنها-، والتي هي أصرح وأوضح بكثير مما استدلوا به في حادثة الغدير -على فرض التسليم بأن في قصة الغدير أي نوع من أنواع الإشارة إلى الولاية أو الخلافة-؛ فإن هذا الأمر يطول، وليس هذا موضعه.
وكذا لن نتعرَّض لبقية الأدلة الواهية التي يستند إليها الشيعة في مسألة استخلاف عليٍّ –رضي الله عنه-؛ فالمقام مقام تنبيه على تلك الحادثة؛ لما استجد من شهرتها والجهر بالاحتفال بها في بلاد السنة.
قصة الغدير، وأهم رواياتها:
روى الإمام مسلم –رحمه الله- عن زيد بن أرقم –رضي الله عنه- قال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ:
(أَمَّا بَعْدُ؛ أَلا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ)، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: (وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِي)،
فَقَالَ حُصَيْنٌ بنُ سَبْرَةَ لِزَيْدٍ: "وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟"، قَالَ: "نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ"، قَالَ: "وَمَنْ هُمْ؟"، قَالَ: "هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ"، قَالَ: "كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟"، قَالَ: "نَعَمْ".
وعند أحمد والترمذي والنسائي في "خصائص عليِّ" والحاكم زيادة: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ؛ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ)، وهي زيادة صحيحة.
وهناك زيادة أخرى وهي: (اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ)، وهي مختَلَفٌ في تصحيحها، والراجح تصحيحها.
وهناك زيادة: (وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ) قال الألباني -رحمه الله-: "في ثبوته عندي وقفة؛ لعدم ورود ما يجبر ضعفه، و كأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: (اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ)".
وقد ضعَّف شيخ الإسلام –رحمه الله- زيادة: (اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِمَنْ عَادَاهُ)، وكذَّب زيادة : (وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْخَذَلَهُ) (مجموع الفتاوى 4/417-418)، وقد أفاض الشيخ الألباني -رحمه الله- فيالكلام على هذا الحديث وطُرُقه في السلسلة الصحيحة عند حديث رقم (1750) (4/330-344).
استدلال الشيعة الرافضة بحادثة غدير خُمٍّ على استخلاف علي -رضي الله عنه-:
يتمسك الشيعة الرافضة بهذا الحديث للدلالة على أحقية علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- بالخلافة على أبي بكر وعمر وعثمان –رضي الله عنهم-، فيقولون أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خطب في مفترق الحجيج، حيث ينفتل كل امرئٍ راجعًا إلى موطنه، وكأنها وصية من النبي –صلى الله عليه وسلم- لكل هؤلاء بعد حجَّة الوداع -التي كمل فيها الدين، وأتم الله فيها على الأمة نعمته- بأن يكون الخليفة بعده هو عليٌّ –رضي الله عنه-.
وبناءً عليه فيقولون أن المسلمين في هذا اليوم كانوا من كلِّ فجٍّ عميق، فهم كلُّ من أتى حاجًّا من المسلمين، فكان هذا أكبر تجمع للمسلمين –على زعمهم- كيوم عرفة في حجته –صلى الله عليه وسلم-، فيزعمون أن عدة من حضر خطبة غدير خمٍّ فاق المائة ألف نفس.
مناقشة الشيعة الرافضة فيما ذهبوا إليه من الاحتجاج بحادثة غدير خُمٍّ:
- أما قولهم أن غدير خُمِّ في الجحفة كان هو مفترق الحجيج فهو كلام باطل عقلاً ونقلاً:
فالجُحفة التي فيها غدير خُمٍّ تبعد عن مكة تقريبًا مائتين وخمسين (250) كيلومترًا، فكيف تكون هي مفترق الحجيج؟ فمُجتمع الحجيج هو مكة، ومفترق الحجيج هو مكة أيضًا، لا مكان يبعد عن مكة كل هذه المسافة، فأهل مكة يبقون في مكة، وأهل الطائف يرجعون إلى الطائف، وأهل اليمن يرجعون إلى اليمن، وأهل العراق يرجعون إلى العراق، ويكون هذا التفرق من مكة، لا على بعد أكثر من مائتي كيلومتر.
- أما بالنسبة لقولهم أن عدة المسلمين في هذا اليوم تجاوزت المائة ألف نفس؛ فتعلم بطلانه مما سبق؛ حيث أنه على هذا البُعد من مكة وبعد افتراق الحجيج الحقيقي لم يكن مع النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا مَن كان معه من أهل المدينة في طريقهم إليها، وكذلك مَن كان معه على طريق المدينة.
- أما بالنسبة لمتن كلام النبي –صلى الله عليه وسلم- فالخلاف بين أهل السنة والشيعة ليس في ثبوت الحديث -أو بالأخص ثبوت الروايات التي ذكرناها- وإنما في مفهوم الحديث؛ فإنهم يستدلون بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ) على أحقية علي -رضي الله عنه- بالخلافة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقالوا أن معناه: من كنتُ واليه فعليٌّ واليه.
ومناقشة ذلك بما يلي:
كلمة "المولى" تحتمل عدة معانٍ، قال ابن الأثير -رحمه الله-: "وقد تكرر ذكر المَوْلَى في الحديث، وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة، فهو: الرَّبُّ، والمَالكُ، والسَّيِّد، والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ، والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد، والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه" (النهاية في غريب الحديث والأثر 5/228).
فلو أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما زعموا؛ لم يأتِ بكلمةٍ تحتمل كل هذه المعاني، وهو قد أوتي جوامع الكلم، فكان الأولى أن يقول: "علي خليفتي من بعدي"، أو: "علي الإمام من بعدي"، أو: "إذا أنا مت فاسمعوا وأطيعوا لعلي".
فهل يجمع الحجيج الذين جاوزوا مائة ألف -على زعمهم-، ثم يخطب فيهم حتى يبين لهم مَن الخليفة بعده -على زعمهم أيضًا-، ثم يقول مثل هذا اللفظ الذي يحتمل معانٍ عدة في مسألة يعتبرونها ركنًا ركينًا من أركان الدين؟!
ثم إن هذا على التسليم بأن كلمة المولى تعني الوالي؛ وإلا فكلمة المولى هي من الوَلاية -بفتح الواو-، لا الوِلاية –بكسر الواو-، والوَلاية هي الحب والنصرة والقرب والتأييد، ومن شواهد ذلك في القرآن:
- قال تعالى:
(إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)(التحريم:4)، فالموالاة هنا من النصرة والتأييد، ولا يستقيم هنا أن نقول أن المولى بمعنى الوالي.
- وقال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ)(محمد:11)، والموالاة هنا من النصرة.
- وقال تعالى: (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)(الدخان:41)، والموالاة هنا من القرب، قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيرها: "أي: لا ينفع قريب قريبًا".
- وقال تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(آل عمران:68)، قال الزمخشري: "إن أخصهم به وأقربهم منه، مِن الوَلْي وهو القُرب"، فأولى هنا من القُرب.
- وكذا قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(الحديد:15)، قال ابن كثير: "أي: هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم".
فقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ) يدلُّ على أنه تجب الموالاة لعليٍّ –رضي الله عنه-، وهي المحبة والنصرة والتأييد.
وبالرغم من أن الشيعة الرافضة يعتبرون حديث غدير خمٍّ دليلاً قطعيًّا على تقديم علي –رضي الله عنه- في الخلافة؛ إلا أن بعضهم يُقرُّ بأن اللفظ في الحديث مجمل، ولا يدل دلالة قطعية على ما أراد الشيعة إثباته به، ومن هؤلاء النوريُّ الطبرسيُّ أحد كبار علماء الشيعة حيث يقول:
"لم يصرِّح النبي –صلى الله عليه وسلم- لعليٍّ بالخلافة بعدَه بلا فصل في يوم الغدير، وأشار إليها بكلام مجمل مُشترك بين معانٍ يحتاج تعيين ما هو المقصودُ منها إلى قرائن" (فصل الخطاب 205-206).
أما لماذا خُصِّص عليٌّ –رضي الله عنه- بالذكر في هذه الحادثة
مع أن الصحابة أجمعين تجتمع فيهم مسألة الولاية، وكل منهم مولى للمؤمنين؛ فهذا لأن لهذا الحدث سببين اثنين:
السبب الأول:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدْ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلا تَرَى إِلَى هَذَا؟، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (يَا بُرَيْدَةُ، أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (لا تُبْغِضْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)" (رواه البخاري)، وفي رواية الترمذي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لبريدة: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ).
وذلك أن النبيَّ –صلى الله عليه وسلم- كان قد أرسل خالد بن الوليد ليغزو اليمن، وبعد أن فتح الله عليه أرسل خالدٌ إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- ليرسل له مَن يُخمِّس له الغنيمة، فأرسل –صلى الله عليه وسلم- عليًّا -رضي الله عنه-، فجاء -رضي الله عنه- وقبض الخمس، ثم اختار جارية من الخمس ودخل بها، ثم اغتسل، فلما رآه بريدة وقد اغتسل قال ما قال لخالد.
قال ابن حجر –رحمه الله-:
"قوله: "وكنت أبغض عليًّا، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى؟"، هكذا وقع عنده مختصرًا، وقد أورده الإسماعيلي من طرق إلى روح بن عبادة الذي أخرجه البخاري من طريقه، فقال في سياقه: "بعث عليًّا إلى خالد ليقسم الخمس"، وفي رواية له: "ليقسم الفيء، فاصطفى عليٌّ منه لنفسه سَبِيئة" بفتح المهملة، وكسر الموحدة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم همزة، أي جارية من السبي، وفي رواية له: "فأخذ منه جارية، ثم أصبح يقطر رأسه، فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما صنع هذا؟ قال بريدة: وكنت أبغض عليًّا"، ولأحمد من طريق عبد الجليل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: "أبغضتُ عليًّا بغضًا لم أبغضه أحدًا، وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليًّا، قال: فأصبنا سبيًا، فكتب -أي الرجل- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: ابعث إلينا من يخمِّسه، قال: فبعث إلينا عليًّا، وفي السبي وصيفة هي أفضل السبي، قال: فخمَّس وقسَّم، فخرج ورأسه يقطر، فقلت: يا أبا الحسن ما هذا؟ فقال: ألم تر إلى الوصيفة، فإنها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمد، ثم صارت في آل علي فوقعت بها" (فتح الباري 8/66).
السبب الثاني:
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "بعث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عليَّ بن أبي طالب إلى اليمن، فكنت فيمن خرج معه، فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا -وكُنا قد رأينا في إبلنا خللاً-، فأبى علينا، وقال: إنما لكم فيها سهم كما للمسلمين.
فلما فرغ عليٌّ وانطفق من اليمن راجعًا؛ أمَّر علينا إنسانَا وأسرع هو وأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ارْجِعْ إِلَى أَصْحَابِكَ حَتَّى تَقْدُمَ عَلَيْهِم)".
قال أبو سعيد: "وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان عليٌّ منعنا إياه ففعل، فلما عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت، ورأى أثر الركب؛ قدم الذي أمَّره ولامه، فقلت: لئن قدمت المدينة لأذكرنَّ لرسول الله ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق.
فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلقيت أبا بكر خارجًا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآني وقف معي، ورحب بي، وساءلني وساءلته، وقال: متى قدمت؟ فقلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدخل، وقال هذا سعد بن مالك بن الشهيد، فقال: (ائْذَنْ لَهُ)، فدخلت، فحييت رسول الله وحياني، وأقبل عليَّ، وسألني عن نفسي وأهلي، وأحفى المسألة، فقلت: يا رسول الله، ما لقينا من عليٍّ من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فاتئد رسول الله، وجعلتُ أنا أعدِّد ما لقينا منه، حتى إذا كنت في وسط كلامي، ضرب رسول الله على فخذي -وكنت منه قريبًا- وقال: (يَا سَعْدَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الشَّهِيدِ، مَهْ، بَعْضَ قَوْلِكَ لأَخِيكَ عَلِيٍّ، فَوَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَحْسَنَ فِي سَبِيلِ اللهِ)".
قال: "فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعدَ بن مالك، ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم ولا أدري، لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدًا سرًّا ولا علانية".
وهذا الخبر رواه البيهقي في الدلائل، ورواه الإمام أحمد مختصرًا في مسنده (3/86)، وقال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا إسناد جيد على شرط النسائي، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة".
وفي روايةٍ أن سبب ذلك أنهم لبسوا حُللاً من الغنيمة، فأنكر ذلك عليٌّ -رضي الله عنه-، ونزع عنهم الحُلل.
قال ابن كثير -رحمه الله-: "عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: إنما وَجَدَ جيش علي بن أبي طالب الذين كانوا معه باليمن لأنهم حين أقبلوا خلَّف عليهم رجلاً، وتعجَّل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعمد الرجل فكسى كلَّ رجلٍ حُلَّة، فلما دنوا خرج عليهم عليٌّ يستلقيهم، فإذا عليهم الحلل.
قال علي: ما هذا؟ قالوا: كسانا فلان، قال: فما دعاك إلى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء، فنزع الحلل منهم، فلما قدموا على رسول الله اشتكوه لذلك".
ثم عقَّب -رحمه الله- قائلاً: "والمقصود أن عليًّا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة، واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه، وعليٌّ معذور فيما فعل، لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج.
فلذلك -والله أعلم- لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حجته، وتفرغ من مناسكه، ورجع إلى المدينة، فمر بغدير خم؛ قام في الناس خطيبًا، فبرَّأ ساحة عليٍّ، ورفع من قدره، ونبَّه على فضله؛ ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس" (البداية والنهاية 5/122-123).
فكان هناك من تكلَّم في علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- بسبب الحادثتين، وكانتا في وقت حج النبي –صلى الله عليه وسلم-، فنبَّه النبي –صلى الله عليه وسلم- على فضل عليٍّ بما ورد في هذا الحديث.
فإن قيل: لماذا لم يتكلَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة في أيام منًى أو في يوم عرفة، وإنما أجَّل الأمر إلى أن رجع؟
فالجواب: أن الذين تكلموا هم من كانوا مع عليٍّ -رضي الله عنه- في السَّرِيَّة، وهم من أهل المدينة، فأراد النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يوجِّه كلامه لأهل المدينة، فبعد مفترق الحجيج في مكة، وعلى طريق المدينة الطويل -حيث كان يستغرق من خمسة إلى سبعة أيام- وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- للراحة، وخطب فيمَن كان معه مِن أهل المدينة ومَن هم على طريق المدينة أو يمرون بالمدينة وهم في طريقهم إلى ديارهم، فذكَّرهم بأهل بيته، وفضل عليٍّ –رضي الله عنه-.
وبهذا يتضح تهافت استدلال الشيعة الرافضة بحادثة الغدير على أحقيَّة عليٍّ -رضي الله عنه- بالخلافة على أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-،
وبطلان مزاعمهم من أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد استخلف عليًّا يوم الغدير، أو أنه اجتمع بالمسلمين في مفترق الحجيج ليشهدهم على استخلاف علي، وغير ذلك من المزاعم الباطلة.
ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجمعنا مع نبيه الكريم محمد –صلى الله عليه وسلم- وصحابته أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة الكرام –رضي الله عنهم أجمعين- في الفردوس الأعلى من الجنة.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مايقوله الشيعة الروافض عن القرآن الكريم
قال الله تعالى في كتابه الكريم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
وقال ربنا تبارك وتعالى:
{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42
أما مايقوله الشيعة الروافض وعلى لسان أكابر علمائهم ومراجعهم وعلى مر العصور
ما لم يسمع به الشيعة أنفسهم قبل غيرهم ومما يخالف كلام الله تعالى وكلام نبيه المصطفى
صلى الله عليه وسلم وجميع أمة المسلمين في مشارق الارض ومغاربها .
و إني لأعجب حقيقة من هؤلاء الذين يكفرون أصحاب رسول الله و يتفنون في شتمهم ليل نهار و يكفرون من لم يؤمن بإمامة الأئمة الإثنى عشر، كيف لا يكفرون من يطعن بالقرآن؟!!
وبعيدا عن التعصبية التي قد نتهم بها عند ذكر الحقائق ولمن يريد الاطلاع عليها ذكرت
مصادر هؤلاء المراجع وحتى الطبعات واصداراتها...دون ذكر النقل الخاص بالتحريف كاملا احيانا لعدم الاطالة ولمن لديه رغبة بالاطلاع يرجع لتلك المصادر.
أي من مصادرهم هم (مراجع القوم) وليس من أحد آخر وهؤلاء العلماء هم صفوة المذهب لديهم وأعلى المراجع المعتبرة عندهم...
أما ماقاله كبار العلماء في المذهب الشيعي:
كبار علماء الشيعه يقولون بأن القول بتحريف ونقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة
ومن هؤلاء العلماء :
أبو الحسن العاملي :
إذ قال : " وعندي في وضوح صحة هذا القول " تحريف القرآن وتغييره " بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وانه من أكبر مقاصد غصب الخلافة " [المقدمه الثانية الفصل الرابع لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار وطبعت كمقدمه لتفسير (البرهان للبحراني)].
العلامه الحجه السيد عدنان البحراني :
إذ قال : " وكونه : أي القول بالتحريف " من ضروريات مذهبهم " أي الشيعة " [مشارق الشموس الدرية ص 126 منشورات المكتبة العدنانية - البحرين].
ومما قاله أبو الحسن العاملي :
" اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات " [المقدمه الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الاسرار ص 36 وطبعت هذه كمقدمه لتفسير البرهان للبحراني].
قال الشيخ المفيد شيخ المذهب ومؤسس الطائفة:
" إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان " اوائل المقالات :طبعة بيروت. ص 91.
وقال ـ الذي يعد من مؤسسي المذهب ـ فقد نقل إجماعهم على التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة.
قال في ( أوائل المقالات ) : (( واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الاموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف ، واتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى ، وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس ، واتفقوا أن أئمة (يقصد الصحابه) الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن ، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأجمعت المعتزلة ، والخوارج ، والزيديه والمرجئة ، وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه ))( اوائل المقالات ص 48 ـ 49 دار الكتاب الإسلامي ـ بيروت).
نعمة الله الجزائري واعترافه بالتحريف :
قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية 2/357 ، 358 :
(( إن تسليم تواترها { القراءات السبع } عن الوحي الآلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعرابا ، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها ( يقصد صحة وتصديق الروايات التي تذكر بأن القرآن محرف).
سلطان محمد الخراساني :
قال : " اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك " [تفسير (( بيان السعادة في مقامات العبادة )) مؤسسة الأعلمي ص 19].
محمد باقر المجلسي :
والمجلسي يرى أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلى إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة على حد زعمهم فيقول في كتابه (( مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول)) الجزء الثاني عشرص 525 في معرض شرحه الحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية قال عن هذا الحديث (مرآة العقول للمجلسي ص 525 ح 12 دار الكتب الإسلامية ـ ايران):
العلامه الحجه السيد عدنان البحراني :
قال : " الأخبار التي لا تحصى ( أي اخبار التحريف ) كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر" [( مشارق الشموس الدرية) منشورات المكتبه العدنانية - البحرين ص 126].
الفيض الكاشاني ( المتوفي 1091 هـ ) :
وممن صرح بالتحريف من علمائهم : مفسرهم الكبير الفيض الكاشاني صاحب تفسير " الصافي ".
قال في مقدمة تفسيره معللا تسمية كتابه بهذا الأسم (( وبالحري أن يسمى هذا التفسير بالصافي لصفائه عن كدورات آراء العامة والممل والمحير )) تفسير الصافي - منشورات مكتبة الصدر - طهران - ايران ج1 ص13.
وقد مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة ، خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن. وعنون لهذه المقدمة بقوله ( المقدمة السادسة في نبذ مما جاء في جمع القرآن ، وتحريفه وزيادته ونقصه ، وتأويل ذلك) المصدر السابق ص 40.
وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن ، والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم ، خرج بالنتيجة التالية فقال : (( والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ماهو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغير محرف ، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي عليه السلام ، في كثير من المواضع ، ومنها لفظة آل محمد
صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، ومنها غير ذلك ، وأنه ليس أيضا على الترتبيب المرضي عند الله ، وعند رسول صلى الله عليه وآله وسلم )) - تفسير الصافي 1/49 منشورات الاعلمي ـ بيروت ، ومنشورات الصدر - طهران.
أبو منصور أحمد بن منصور الطبرسي ( المتوفي سنة 620هـ ) :
ويزعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها ، لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء ، فبقيت القصص مكناة. يقول : (( إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ، ليست من فعله تعالى ، وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين )) المصدر السابق 1/249.
ولم يكتف الطبرسي بتحريف ألفاظ القرآن ، بل أخذ يؤول معانيه تبعا لهوى نفسه ، فزعم أن في القرآن الكريم رموزا فيها فضائح المنافقين ، وهذه الرموز لايعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت ، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه( المصدر السابق 1/253).
هذه هي عقيدة الطبرسي في القرآن ، وما أظهره لا يعد شيئا مما أخفاه في نفسه ، وذلك تمسكا بمبدأ ( التقية ) يقول : (( ولو شرحت لك كلما أسقط وحرف وبدل ، مما يجري هذا المجرى لطال ، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ، ومثالب الأعداء)) المصدر السابق 1/254.
العلامة المحدث الشهير يوسف البحراني :
بعد أن ذكر الأخبار الدالة على تحريف القرآن في نظره قال :
" لايخفى ما في هذه الأخبار من الدلاله الصريحه والمقاله الفصيحة على ما أخترناه ووضوح ما قلناه ولو تطرق الطعن إلى هذه الأخبار(أي الأخبار التي تطعن بالقرآن الكريم) على كثرتها وانتشارها لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعه (أي شريعة مذهب الشيعة) كلها كما لايخفى إذ الاصول واحدة وكذا الطرق والرواة والمشايخ والنقله ولعمري ان القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج من حسن الظن بأئمة الجور( يقصد الصحابة رضوان الله عليهم) وأنهم لم يخونوا في الأمانة الكبرى(يقصد القرآن الكريم) مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى(يقصد امامه على رضي الله عنه ) التي هي أشد ضررا على الدين " - الدرر النجفيه للعلامه المحدث يوسف البحراني مؤسسة آل البيت لاحياء التراث ص 298.
* لاحظ أخي المسلم ان هذا العالم الشيعي الكبير عندهم لا يستطيع ان يطعن في الروايات التي تثبت التحريف في كتب الشيعة لان هذا الطعن يعتبره طعناً في شريعة مذهب الشيعه.
أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار.
(1) فقد روى الصفار عن ابي جعفر الصادق انه قال : " ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما انزل الله إلا كذاب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن ابي طالب والائمة من بعده (الصفار ( بصائر الدرجات ) ص 213 - منشورات الاعلمي - طهران).
(2) الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن ابي جعفر (ع) أنه قال : ما يستطيع أحد أن يدعي انه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء (المصدر السابق).
وخاتمة الاقوال هنا اكتفينا بها لانها القاصمة الماحقة والدليل الاكبر لديهم..وبنفس الوقت هو الحجة الدامغة عليهم...
وهذا الكتاب لاينكره أي عالم او مرجع منهم بل حتى عوامهم ومقلديهم
ولاحول ولاقوة الا بالله
كتاب - فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب
النوري الطبرسي ( المتوفي 1320هـ ) وكتابه (فصل الخطاب) :
قد كانت روايات وأقوال الشيعه في التحريف متفرقة في كتبهم السالفة التي لم يطلع عليها كثير من الناس حتى أذن الله بفضيحتهم على الملأ ، عندما قام النوري الطبرسي - أحد علمائهم الكبار - في سنة 1292هـ وفي مدينة النجف حيث المشهد الخاص بأمير المؤمنين بتأليف كتاب ضخم لإثبات تحريف القرآن. سماه ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) وقد ساق في هذا الكتاب حشداً هائلاً من الروايات لإثبات دعواه في القرآن الحالي أنه وقع فيه التحريف .
وقد اعتمد في ذلك على أهم المصادر عندهم من كتب الحديث والتفسير ، واستخرج منها مئات الروايات المنسوبة للأئمة في التحريف. وأثبت أن عقيدة تحريف القرآن هي عقيدة علمائهم المتقدمين.
وقد قسم كتابه هذا إلى ثلاث مقدمات وبابين .
المقدمة الأولى : عنون لها بقوله (في ذكر الأخبار التي وردت في جمع القرآن وسبب جمعه ، وكونه في معرض النقص ، بالنظر الى كيفية الجمع ، وأن تأليفه يخالف تأليف المؤمنين ).
المقدمة الثانية : جعل عنوانها ( في بيان أقسام التغيير الممكن حصوله في القرآن والممتنع دخوله فيه ).
المقدمة الثالثة : جعلها في ذكر أقوال علمائهم في تغيير القرآن وعدمه (فصل الخطاب : ص 1).
ولعل هذه العناوين تنبأ عما تحتها من جرأة عظيمة على كتاب الله الكريم بشكل لم يسبق له مثيل.
وقد تغاضيت عن نقل الكثير من الاقوال واكتفيت بأعلاه
ولاني قد وجدت ماوجدت من بشاعة وهول بعض الاقوال ايضا اكتفي
بهذا القدر..
{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9
اللهم لاعلم لنا الا ما علمتنا انك أنت العزيز الحكيم
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تاريخ فرق الشيعة و مذاهبهم
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى صحبه أجمعين ، رضينا بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً و بأبي بكر و عمر و عثمان و علي خلفاء راشدين مهديين من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
أما بعد : تقسم الشيعة تاريخياً إلى الفرق التالية:
الأولى السبئية : وهم أتباع عبدالله بن سبأ اليهودي قيل أنه من الحيرة وهو الأرجح أو من اليمن ، أظهر الاسلام في عهد عثمان (رض) مكرا لإشعال الفتنة و قد نجح ، ويعتبر هو أول من نادى بالغلو في أهل البيت و هو أول من وضع أساس ذلك و لذلك ينسب إليه كل طوائف الشيعة .
انتقل من بلد إلى أخرى ينشر هذه الأفكار وعندما وجد من يتبعه دعى إلى ولاية علي (رض) ثم إلى ألوهية علي (رض) وكلما بث هذه الأفكار في من معه أظهر فكرة جديدة في الغلو فقد دعى إلى الرجعة ثم إلى صعود علي (رض) إلى السماء ونفى موته وأن الرعد صوته والبرق سوطه ولذلك قال عند موت علي (رض) " والله لو جئتمونا بدماغه في صره لم نصدق بموته ، ولا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الارض". وهو أول من علم الشيعة كيف يؤولون القران بحسب هواهم فقد دعى أن محمد (ص) سيعود واستدل بقول الله تعالى ( إن الذي فرض عليك القران لرادك إلى معاد ) فسبحان الله من جهل بالتفسير وأسباب التنزيل ،ولكن أصبح هذا منهج الشيعة عامة ، ولقد بدأ بهذه الفتن في عهد علي الذي
نفاه إلى اليمن وياليته احرقه مع من أحرق ولكن الله يقدر ، وإن كان بعض الشيعة ينكرون عودتهم إلى ابن سبأ بل وآخرين ينفون وجود أي شخصية بهذا الإسم إلا أن الأسس التي أخذها ابن سبأ من اليهودية وباقي الديانات الخرافية ووضعها عقيدة له ولأتباعه ما زالت عقيدة لك طوائف الشيعة برغم تفاوتهم بالغلو ، ولذلك تعتبر هذه الفرقة هي أصل كل طوائف الشيعة إلى يومنا باختلاف حججهم و دعواهم فقد وضع ابن سبأ قاعدة عدم رد الاحاديث إلى الرسول بل إلى علي وعلى نهجه فطوائف الشيعة تغير من منهجها ما يحلو لها ولميولها بأحاديث تنسبها كذبا إلى الأئمة دون ردها الى الرسول ولاحظ ذلك في كتبهم وأدلتهم .
الثانية الكيسانية : ظهرت هذه الطائفة بعد مقتل الامام علي (رض) وعرفوا بموالآتهم لابن الحنفية وقد اشتد ظهورهم بعد تنازل الحسن (رض) لمعاوية (رض) فقد أسقطوا خلافة الحسن والحسين (رض) ودعوا إلى خلافة محمد بن الحنفية (رض) وأنه وصي أبيه وإن كانت فرقة منهم أثبتت إمامة الحسن ثم الحسين ثم ابن الحنفية إلا أن الأكثرية دعوا إلى إمامة ابن الحنفية مباشرة وكفرّوا مخالفه ، وتنسب تسمية الكيسانية الى كيسان مولى علي (رض) أو إلى كيسان تلميذ ابن الحنفية (رض) ومع مرور الوقت تحول الكثير من طوائف الكيسانية إلى المختارية .
الثالثة المختارية : يتزعمها المختار بن أبي عبيد الثقفي وقد بدأ بجماعة صغيرة ثم تجمع معه الكثير من أتباع الكيسانية كما ذكرنا ، كان المختار ذكي وماكر وعمه والي الكوفة من قبل علي (رض) وقد سمي فيما بعد بكيسان فقد أطلق ابن الحنفية كما يزعمون عليه هذا اللقب تكريما له وتشبيها بأفضل تلامذته وقد دخل الكثير من المعارك بإسم ابن الحنفية و انتصر بها ثم تمادى حتى إدعّى أنه يوحى إليه ويعتقد أنه كذاب ثقيف الذي روته حديثه أسماء (رض) عن الرسول (ص) وقد إدعت هذه الطائف بأن ابن الحنفية لم يمت بل حبسه الله وسوف يخرج في آخر الزمان بل وتمادوا في وصف حالته في محبسه كوجود أسد عن يمينه ونمر عن شماله ..الخ من الخرافات. و قد حاول المختار جاهداً إقناع بن الحنيفة بتآييده فرفض هذا الأخير. فلم يجد المختار بداً من طلب الخلافة لنفسه. و قد كانت نهايته على يد مصعب بن الزبير (رض).
الرابعة الزيدية : ظهرت هذه الطائفة بعد مقتل الحسين (رض) فلم يجدوا في زين العابدين الإمام الذي سوف يسير على هواهم بل تركهم وما يدعون وأصبح من أولياء بني أمية و جليس يزيد بن معاوية لذلك إنتسبت هذه الفرقة إلى إبنه زيد الذي خرج على حكام بني أمية و أشهر سيفه ولذلك سمّوا بالزيدية و استكملت هذه الطائفة الامامة في أبناء زيد وتعتبر هذه الفرقة من أقرب طوائف الشيعة إلى أهل السنة فهم لم يكفروا الصحابة (رض) ولم يتطاولوا عليهم بل واعترفوا بإمامة الخلفاء أبو بكر و عمر و عثمان (رض) لمبايعة علي(رض) لهم وإن كان بعض فرق الزيدية خالفة ذلك وخرجت على مبادىء زيد إلا أنهم قلة. وقد قتل زيد بن علي (رض) بعدما غدر به الشيعة من أتباعه وتركوه في أرض المعركة منفردا وماهو إلا تاريخ يعيد نفسه فكما غدروا بعلي (رض) والحسين (رض) غدروا الآن به لقتله منفردا .
وهم كما قلنا أقرب الفرق للسنة فهم يقولون بولاية المفضول و بعدم عصمة الائمة ولا يدعي بوجود الغائب المكتوم و لكنهم وافقوا المعتزلة بمرتكب الكبيرة و أنه بين المنزلتين كما لم يقل بإبداء و لا بالرجعة ، و الجدير بالذكر أن هذه العقيدة إنحرفت لدخول علماء الضلالة بها فالكثير منهم أصبحوا يتبعون باقي طوائف الشيعة بعقيدتهم المنحرفة. و توجد اليوم عند بعض العشائر البدوية في اليمن. ومن أشهر طوائف هذه الفرقة الجارودية و الحصنية. و الجارودية يقولون بتكفير الصحابة أيضاً.
الخامسة الرافضة : وقد سموا بهذا الإسم لرفضهم أكثر الصحابة وقيل لرفضهم إمامة زيد إلا أن الأول هو الأرجح لأنهم وجدوا قبل زيد ، بل ودعوه لمعتقداتهم من رفض إمامة الشيخان ورفض حكم بني أمية و غيرها ولقد رفضها جميعها ولم يلتفت اليهم . ومن أهم مسمياتهم الخشبية لقتالهم بالخشب فهم لا يجيزون رفع السلاح إلا بوجود راية للإمام المعصوم ، كما أطلق عليهم الإمامية لدعوتهم بوجود نص إلهي بولاية علي (رض) ، ومن هنا نعلم أن طائفة الشيعة الإثنا عشرية احد طوائف فرقة الروافض الذين يقولون بالمهدي والرجعة والبداء والتقية وغيرها من خرافات هذه العقيدة . و سنسعى جاهدين إلى تفصيل هذه الفرق بتفرعاتها التي أصبحت عليها الآن لكي نعلم أساس الطوائف التي يعلوا صوتها بكل باطل بل ويناظرون وهم على باطل. و تتركز هذه الفرقة إيران و الخليج العربي و العراق و جنوب لبنان و الهند
المصدر : الشبكة الإسلامية
تمدد النفوذ الشيعي في المنطقة والعالم الإسلامي ودعم اليهود في ذلك
مثلت إيران (بلاد فارس سابقاً) عَبْر التاريخ طرفاً رئيسياً في النزاعات والتوترات مزمنة في المنطقة، ولم ينته هذا الأمر برحيل نظام معيَّن من الأنظمة التي تعاقبت على حكم بلاد فارس منذ بداية القرن العاشر الهجري ولغاية اليوم.
ففي بداية ذلك التاريخ (907هـ - 1501م) نشأت في إيران دولة قائمة على أُسُس عقدية تُضمِر العداوة لكل مَن هو عربي ومسلم سُّنِّي، وتطمح لإعادة الإمبراطورية الفارسية الكسروية البائدة. وقد بقي حلم إعادة تلك الإمبراطورية المندثرة هدفاً إستراتيجياً ثابتاً لدى جميع الأنظمة التي أعقبت العهد الصفوي. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فقد خاضت إيران حروباً وصراعات عديدة ضد الدولة العثمانية التي كانت تُمثِّل آنذاك دولة الخلافة الإسلامية السُّنِّية، وقد خاضت حروبها تلك مدعومة من قِبَل الصليبيين الذين وجدوا في الدولة الصفوية ضالتهم المنشودة؛ لإضعاف الدولة العثمانية ووَقْفِ زحفها نحو أوروبا التي كانت على وشك الانهيار والدخول في الإسلام. ولهذه الغاية فقط أوكلت الحكومة البريطانية مهمة بناء جيش نظامي وإنشاء مصنع للسلاح في مدينة أصفهان عاصمة الدولة الصفوية في عهد الشاه عباس الاول (حكم من 989 هـ - 1038هـ) إلى الأخوين (أنتوني ورابرت شرلي) ووضعت تحت إمرتهم 25 ضابطاً من الجيش البريطاني؛ لتنظيم العلاقات والتعاون بين الدولة الصفوية والدول الأوروبية؛ لمحاربة الدولة العثمانية!
وقد انتقل هذا التعاون بين الغرب والدولة الصفوية إلى الحكومات الإيرانية المتعاقبة، وهي: الأفشارية، القاجارية، والبهلوية، وقد بلغ هذا التعاون أَوْجَهُ في زمن الحكم البهلوي (1926م - 1979م) حيث تحولت فيه إيران إلى قاعدة غربية في المنطقة، وأصبحت مصدر حروب وتهديد لجيرانها والمنطقة عامة قبل قيام الكيان الصهيوني.
ومكافأة لدورها المساند للغرب، فقد دفعت الدول الاستعمارية إيران لضم إمارة الأحواز العربية وسمحت لها أيضاًً باحتلال الجزر الإماراتية الثلاثة (طنب الكبرى) و (الصغرى) و (أبو موسى) وذلك بهدف تقويتها للقيام بحفظ المصالح الغربية على أحسن وجه. وعند قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، كانت إيران من أوائل الدول التي اعترفت بهذا الكيان وَمدَّته بالنفط والغاز، كما سمحت لليهود الإيرانيين بالهجرة إلى الكيان؛ لتقديم الخبرات والتطوع في جيش الاحتلال. واستطاع العديد من اليهود الإيرانيين تسنُّم مناصب عليا في الحكومات اليهودية، ومنهم على سبيل المثال رئيس الكيان السابق موشي كسَّاف (موسى قصاب) وأصله من مدينة «يزد» الإيرانية وكان من زملاء الدراسة الابتدائية للرئيس الإيراني السابق (محمد خاتمي) وكذلك بالنسبة لوزير الحرب الصهيوني السابق «شاؤول موفاز» فهو أيضاً من اليهود الإيرانيين وأصله من طهران، وهناك الكثير من اليهود الإيرانيين الذين شغلوا مناصب عليا في حكومات الكيان الصهيوني، وقَدَّموا خدمات كثيرة لإيران، ولعبوا دوراً كبيراً في التعاون بين إيران والكيان الصهيوني.
وحول هذا الموضوع تحدَّث «الدكتور سيامك» رئيس جمعية يهود طهران لوكالة أنباء «قدسنا» عن وفاء اليهود الإيرانيين الذين هاجروا إلى الكيان الصهيوني لإيران، وضرب أمثلة على دورهم في التعاون مع جهاز الأمن «السافاك» في عهد الشاه ومشاركتهم في الحرب الإيرانية ضد العراق معتبراً ذلك أفضل وأروع دليل على وفاء اليهود الإيرانيين أينما كانوا للدفاع عن إيران. وأضاف قائلاً: «إن اليهود الإيرانيين كانوا دوماً مساندين لسيادة إيران والمصالح الوطنية الإيرانية». مضيفاً: «أن اليهود خلال وجودهم في إيران - والذي استمَرَّ أكثر من ثلاثين قرناً - لم يواجهوا أية حركات عدوانية مضادة. وهذا يُعتَبر من مفاخر الثقافة الإيرانية، وأن الإمام الخميني أكد على مبدأ رعاية كامل حقوق الطائفة اليهودية في إيران». وأضاف الدكتور سيامك قائلاً: «نظراً لتاريخ اليهود العريق في إيران؛ فإن ثقافتهم في الحقيقة ثقافة إيرانية، ونحن نكتب ونتكلم ونفكر باللغة الفارسية، والفارق الوحيد بيننا هو ديننا».
وعلى الرغم من التبني والرعاية الغربية الكاملة للكيان الصهيوني إلَّا أن ذلك لم يُسقِط دور إيران وأهمية التعاون معها، كما أن ذلك لم يُلْغِ المسعى الإيراني لتحقيق حلم إعادة الهيمنة الفارسية على المنطقة؛ حيث لم تجد إيران في وجود هذا الكيان (اللقيط) عائقاً لتحقيق مخططها بقدر ما هو مساعد لها على تحقيق ذلك؛ فالنظرة الإيرانية لليهود تقوم على الأساس نفسه الذي وضعه الإمبراطور«قورش الإخميني» عند تحريره اليهود من السَّبْيِ البابلي؛ وهو أن اليهود جنس له شبه كبير بالجنس الآري (الفارسي) ويمكن الاستفادة منه من خلال إغرائه بالمال.
وهذا ما يفسر سبب عدم ظهور حركة احتجاج واحدة من قِبَل أي جماعة دينية أو سياسية في إيران عند إعلان قيام الكيان الصهيوني (1948م) على أرض فلسطين؛ فقد التزمت وقتها حوزة قم الدينية السكوت ولم تدع إلى أي مظهر من مظاهر الاحتجاج، وهكذا الأمر بالنسبة للحركات السياسية؛ فقد جاء موقفها مطابقاً لموقف الشاه غير أن الموقف الاحتجاجي الوحيد الذي ظهر آنذاك تَمثَّل بموقف الشيخ نواب الصفوي - أُعدم 1956م - زعيم حركة «فدائيان الإسلام» فهو رجل الدين الإيراني الوحيد الذي حضر مؤتمر القدس في مدينة القدس سنة 1953م وقد لقي حضوره في المؤتمر اعتراضاً شديداً من قِبَل المرجعيات الشيعية في قُم.
علماً أن حضوره في ذلك المؤتمر كان بناءً على اقتراح من جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي كانت على علاقة وثيقة مع حركة «فدائيان الإسلام» التي اغتالت العالِم والمؤرخ الإيراني العلاَّمة أحمد كسروي عام 1324هـ بعدما ترك التشيع وأصبح من أهل السُّنة؛ حيث اعتبرت الحركة تحوُّل كسروي إلى صفوف أهل السُّنَّة كفراً وأقدمت على قتله.
الثورة الخمينية والتمدد الإيراني:
شكَّل قيام الثورة الخمينية عام 1979م حدثاً كبيراً وهاماً في المنطقة؛ حيث تزامنت تلك الثورة مع حدوث تطورات إقليمية ودولية عديدة كان من أبرزها اشتعال الحرب الأهلية في لبنان، الغزو السوفييتي لأفغانستان، وتنامي المد الإسلامي في المنطقة، وأحداث كثيرة أخرى إلى جانب القضية الفلسطينية التي تُشكِّل الحدث المحوري لجميع القضايا في المنطقة.
وقد وفَّرت تلك الأحداث الفرصة لقيادة الثورة الإيرانية للاستفادة منها واتخاذ بعضها مطيَّة لترويج أفكارها تحت مسمى «تصدير الثورة الإسلامية» وكانت بداية التحرك الإيراني في العراق الذي رأى فيه الإيرانيون البوابة التي يمكن الولوج منها لتحقيق هدف نشر أفكار الثورة الخمينية؛ وذلك بحكم الجوار الجغرافي مع العراق وتركيبته الطائفية التي تضم نسبة كبيرة من المقلِّدين والتابعين للمرجعيات الدينية الإيرانية في كل من النجف وقُم، بالإضافة إلى عوامل عديدة أخرى، جميعها كانت سبباً في اختيار العراق منطلقاً لتصدير الثورة الخمينية نحو المنطقة العربية لتحقيق غايتها في التمدد والهيمنة. وكانت باكورة مشاريع الثورة الإيرانية في العراق تحريض المرجعيات الدينية في النجف وكربلاء ضد السلطة العراقية وإنشاء تنظيمات طائفية موالية لها لإسقاط نظام الحكم العراقي، والتي بات أغلبها اليوم أداة طيِّعة في يد قوات الاحتلال ومطية لتثبيت المشروع الأمريكي في المنطقة.
إن إستراتيجية الثورة الخمينية قامت على اعتبار أن قلب منطقة الشرق الأوسط هو العراق ودول الخليج العربي، وأن الهيمنة على هذا الإقليم سوف تساعد على سقوط الأطراف بسهولة في القبضة الإيرانية؛ ولهذا أرادت طهران تطويق دول الخليج والعراق بمحور (سوري، لبناني، فلسطيني) ولهذا عمدت إلى التحرك في لبنان الذي كان يعيش حرباً طائفية كان الشيعة فيها الأضعف سياسياً وعسكرياً، وقد وفَّر هذا الأمر الفرصة لإيران للقيام بتشكيل «حزب الله» ليكون ذراعاً إيرانية ليس في لبنان وحسب بل في عموم المنطقة وهذا ما حصل بالفعل؛ حيث استُخدم «حزب الله» وما زال يُستخدَم كعصا إيرانية غليظة عَبْر تنفيذه العديد من العمليات الإرهابية ضد البُلدان العربية التي قاومت التمدد الإيراني وصمدت في وجه مخططات الثورة الخمينية. وقد حاولت إيران استنساخ حزب الله في العديد من هذه البُلدان ومنها الخليجية تحديداً، ولكن تلك الأحزاب المستنسَخة لم تستطع أن تحقق لإيران ما حققه لها حزب الله في لبنان؛ فقد وُئد ما سُمِّي بـ «حزب الله الحجاز» رغم قيامه بعدة عمليات إرهابية في المملكة العربية السعودية، كما وُئد نظيره الكويتي بعد قيامه بعمليات إرهابية مماثلة في الكويت والسعودية. ووحده حزب الله البحريني الذي بقي يتنفس لِحَدِّ الآن وإن كان بشكل بطيء؛ حيث يقوم بين فترة وأخرى وكلما طلبت منه إيران بارتكاب بعض الجرائم؛ لإحداث القلاقل؛ وذلك للضغط على الحكومة البحرينية وبعض الدول الخليجية.
وإلى جانب ذلك، فقد سعت إيران وبذلت جُلَّ اهتمامها لفتح ثغرة في الحركة الفلسطينية؛ للنفوذ منها إلى الساحة الفلسطينية مستغِلَّة - في تحقيق ذلك - الأحداث التي تتعرض لها القضية الفلسطينية؛ راغبة في إيجاد موطئ قدم إيرانية في الساحة الفلسطينية مدعية أن الثورة الخمينية قد رفعت شعار نصرة فلسطين، ولكن لم تعط دليلاً واحداً يفسر سبب التعاون الإيراني مع الكيان الصهيوني في كثير من الحالات خلال العقود الثلاثة الماضية على أقل تقدير، كما لم تفسر إيران لنا سبب عدم حصول ولو اشتباك (صهيوني - إيراني) واحد طوال هذه المدة. بينما دخلت إيران في حرب دامية دامت ثماني سنوات مع العراق، كما خاضت اشتباكات وحرباً استخباراتية وسياسية وتعاونت علانية مع الغرب ضد حكومة طالبان (الإسلامية) ولكنها لم تشتبك ولو لمرة واحدة مع الكيان الصهيوني. حتى في أحلك الظروف التي مر بها الشعب الفلسطيني في السنوات الأخيرة لم نشاهد على أرض الواقع أي تَدَخُّل إيراني حقيقي لمناصرة هذا الشعب؛ فأثناء تَعرُّض قطاع غزة للعدوان الصهيوني الذي دام قريباً من شهر سمع العالم كيف أن مرشد الثورة الإيرانية آية الله «علي خامنئي» أصدر فتوىً بمنع تَوجُّه أيِّ إيراني للمشاركة في الدفاع عن أهالي غزة. ووصف خامنئي الدعم الإيراني للفلسطينيين بالدعم المعنوي. ولكن مع ذلك؛ فإن النظام الإيراني ما زال يزاود على الجميع في مسألة الدفاع عن فلسطين. وهناك الكثير ممن ما زال يصدق هذه الشعارات التي ثبت زيفها!
التمدد الإيراني لم ينحصر في المنطقة العربية وحسب، بل تخطاها ليصل إلى جنوب آسيا وشمال إفريقيا ووسطها. وحول هذا الموضوع كتبتْ مجلة التايم الأمريكية (4/11/1991) تقول: «إن الحكومة الإيرانية ترسل الأموال والبعثات (الثقافية) إلى بُلدان مثل: غانا ونيجيريا، وتستقبل الطلاب المسلمين من تايلاند وبورما وإندونيسيا؛ ليتلقوا (الدراسة الشيعية) في قم». وفي الحقيقة؛ إن الزائر لمدينة قم «العاصمة الدينية الإيرانية» يشاهد بوضوح أعداد الآسيويين والأفارقة والمدارس الدينية التي خُصِّصَت لهم، وهي مدارس يجري إدارتها وتمويلها من قِبَل «المركز الإسلامي العالمي» المموَّل من قِبَل وزارة الاطلاعات (الاستخبارات).
ولتعزيز نفوذها في إفريقيا، فقد تناوب رؤساء الجمهورية الإيرانية (خامنئي، رفسنجاني، خاتمي، وأحمدي نجاد) على زيارة عدد من الدول الإفريقية. وتُعدُّ زيارة أحمدي نجاد في شهر مارس آذار الماضي إلى ثلاث من الدول الإفريقية هي: (كينيا، جيبوتي، جزر القُمُر) دعماً للمساعي الإيرانية التي بدأت منذ عدة سنوات في توسيع دائرة تحركاتها الإفريقية مستفيدة إلى أقصى حد من الفرص المتاحة؛ فإلى جانب السودان توجد علاقات إيرانية وثيقة مع كلٍّ من جنوب إفريقيا والسنغال وأوغندا، وعادةً ما يتم ترويج النموذج الإيراني إفريقياً، ولا سيما في مجالات الطاقة والتنقيب عن النفط وتنمية القِطَاعات الزراعية والصحية وما شاكل ذلك؛ فقد افتتحت إيران مصنعاً لل****ات الزراعية في أوغندا، كما أنها أقامت خط إنتاج لسيارات «ساماندا» الإيرانية في السنغال[1].
كما أن التمدد الإيراني قد توسع شمالاً في الجمهوريات الإسلامية ودول القوقاز. وإن تَدَخُّلها في شؤون أفغانستان وباكستان واضح ومثل ما هو واضح في العراق والبحرين واليمن ولبنان... وغيرها، وأغلب هذا التدخل يتم بزعم الدفاع عن مظلومية الشيعة!
ولكن الأسئلة التي تبقى تراود أغلب المتابعين للسياسة الإيرانية هي: لماذا تمكنت إيران من القيام بهذا التمدد بينما عجزت دول عربية وإسلامية كبرى عن ذلك؟ فهل الأدوات السياسية التي تمتلكها إيران تختلف عن تلك التي يمتلكها غيرها؟ وكيف استطاعت إيران أن تُحْرِز هذا التمدد والنفوذ وهي محاصرة من قِبَل القوى العظمى، كما تزعم، أم أن القوى العظمى هي من سمحت لإيران بالتمدد فيما منعت ذلك عن غيرها من الدول العربية والإسلامية؟
وأخيراً:
هل الخطر «الصهيوني» وحده الذي يتهدد أمن ومصلحة المنطقة، أم أن في المنطقة من لا يقل خطراً عن الكيان الصهيوني على هذه المنطقة ومستقبل أبنائها؟
المصدر: البرهان : نقلاً عن جريدة العرب القطرية، عدد 1/3/2009م.
خيانة الشيعة لأئمة آل البيت
سنعرض هنا في هذا الموضوع نماذج من خيانة الشيعة لأئمة آل البيت منذ الفترات الأولى لظهور التشيع، ونحن لا نقصد أولئك الصحابة الكرام الذين كانوا في معسكر علي رضي الله عنه، ولكن كلامنا يتجه إلى أولئك الرعاع الذي ادعوا كذبا وزورا التشيع لآل البيت، هربا من سيف القصاص الذي كان ينتظرهم إثر مشاركتهم الآثمة في قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ظلما وعدوانا.
مباشرة بعد استقرار الأمر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة بعد واقعتي الجمل وصفين، واطمأن أولئك القتلة الرعاع أتباع عبد الله ابن سبأ اليهودي، (وكل من يريد أن ينكر وجود هذه الشخصية اليهودية الماكرة التي كان لها الدور الأساسي في ظهور الغلو في محبة آل البيت وادعاء أمورا فيهم ما أنزل الله بها من سلطان، من مثل النص والتعيين والوصية، فعليه أن ينكر دور اليهودي " بولس" أو" شاؤول" في تحريف الديانة المسيحية، والاتجاه بها إلى منحى الغلوفي شخص المسيح عليه السلام إلى حد ادعاء الألوهية في شخصية، وأنه ابن لله وليس نبي الله). أظهر الشيعة حقيقة أمراضهم النفسية والخلقية المنحطة الملتصقة بإثارة الدنيا على الآخرة، والركون إلى الباطل عوض نصرة الحق، عكس ما كانوا يزعمونه ويدعونه على عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وجعلوا ذلك سبب خروجهم على خليفة المسلمين الشرعي.
والشيعة الذين غالوا في حب آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ثبتت خيانتهم لهم منذ اللحظات الأولى لظهور التشيع إبَّان الفتن التي ثارت ثائرتها بين الصحابيين الجليلين علي ومعاوية رضوان الله عليهما.
1)خيانتهم لعلي بن أبي طالب:
فقد كان أكثر شيعة علي بن أبي طالب من أهل العراق وعلى وجه الخصوص أهل الكوفة والبصرة، وعندما عزم علي على الخروج بهم إلى أهل الشام بعد القضاء على فتنة الخوارج خذلوه، وكانوا وعدوه بنصرته والخروج معه، ولكنهم تخاذلوا عنه وقالوا: ( يا أمير المؤمنين لقد نفدت نبالنا وكلَّت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا فارجع بنا فلنستعد بأحسن عدتنا... فأدرك علي أن عزائمهم هي التي كلت ووهنت وليس سيوفهم، فقد بدأوا يتسللون من معسكره عائدين إلى بيوتهم دون علمه، حتى أصبح المعسكر خاليًا، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير) (تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك: 5/89، 90 / وابن الأثير: الكامل في التاريخ :3/ 349).
"وأدرك الإمام علي أن هؤلاء القوم لا يمكن أن تنتصر بهم قضية مهما كانت عادلة ولم يستطع أن يكتم هذا الضيق فقال لهم: ( ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس وما أنتم لي بثقة... وما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون) ( تاريخ الطبري (5/90)، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص91) ).
والعجيب أن شيعة علي من أهل العراق لم يتقاعسوا عن المسير معه لحرب الشام فقط، وإنما جبنوا وتثاقلوا عن الدفاع عن بلادهم، فقد هاجمت جيوش معاوية عين التمر وغيرها من أطراف العراق، فلم يذعنوا لأمر علي بالنهوض للدفاع عنها حتى قال لهم أمير المؤمنين علي:
"يا أهل الكوفة كلما سمعتم بمنسر ( وهي مقدمة الجيش ) من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من عررنمون ولمن فازكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون" تاريخ الطبري ( 5/135) والعالم الإسلامي في العصر الأموي (ص96)) .
2) خيانتهم للحسن بن علي
ولما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبويع ابنه الحسن رضي الله عنه بالخلافة لم يكن يؤمن بجدوى حرب معاوية وخصوصًا أن شيعته خذلوا أباه من قبل، ولكن عاد شيعتهم من أهل العراق يطالبون الحسن بالخروج لقتال معاوية وأهل الشام فأظهر الحسن حنكة كبيرة دلت على سعة أفقه، فهو لم يشأ أن يواجه أهل العراق من البداية بميله إلى مصالحة معاوية وتسليم الأمر له حقنًا لدماء المسلمين، لأنه يعرف خفة عقول أهل العراق وتهورهم، فأراد أن يقيم من مسلكهم الدليل على صدق نظرته فيهم، وعلى سلامة ما اتجه إليه، فوافقهم على المسير لحرب معاوية وعبأ جيشه وبعث قيس بن عبادة في مقدمته على رأس اثني عشر ألفا، وسار هو خلفه فلما وصلت تلك الأخبار إلى معاوية وتحرك هو أيضًا بجيشه ونزل مسكن، وبينما الحسن في المدائن إذ نادى منادي من أهل العراق أن قيسًا قد قتل، فسرت الفوضى في الجيش وعات إلى أهل العراق طبيعتهم في عدم الثبات، فاعتدوا على سرادق الحسن ونهبوا متاعه حتى أنهم نازعوه بساطًا كان تحته، وطعنوه وجرحوه.. وهنا فكر أحد شيعة العراق وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي في أمر خطير وهو أن يُوثق الحسن بن علي ويسلمه لمعاوية طمعًا في الغنى والشرف، فقد جاء عمه سعد بن مسعود الثقفي وكان واليا على المدائن من قبل علي، فقال له: ( هل لك في الغنى والشرف؟ قال: وما ذاك؟ قال: توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية، فقال له عمه: عليك لعنة الله، أَثِبُ على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوثقه؟ بئس الرجل أنت) (تاريخ الطبري (5/159)، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص101)).
بل إن الحسن بن علي رضي الله عنهما كان يقول: ( أرى معاوية خيرًا لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وأخذوا مالي والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي في أهلي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني؛ فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلما، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير) (كتاب الاحتجاج للطبرسي (ص 148)).
3) خيانتهم للحسين بن علي
بعد وفاة معاوية رضي الله عنه سنة 60هـ توالت رسائل ورسل أهل العراق على الحسين بن علي رضي الله عنه تفيض حماسة وعطفًا وقالوا له: ( إنا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فاقدم علينا.) ( تاريخ الطبري (5/347) )
وتحت إلحاحهم قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الموقف فخرج مسلم في شوال سنة 60هـ.
وما إن علم بوصوله أهل العراق حتى جاءوه فأخذ منهم البيعة للحسين، فقيل بايعه اثني عشر ألفا، ثم أرسل إلى الحسين ببيعة أهل الكوفة وأن الأمر على ما يرام (تاريخ الطبري (5/ 348)).
وللأسف خُدع الحسين عليه السلام بهم، وسار إليهم بعد أن حذره كثير من المقربين إليه من الخروج لما يعرفون من خيانة شيعة العراق، حتى قال له ابن عباس رضي الله عنه: ( أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم؟، فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر، وعماله تُجبي بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك، ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونون أشد الناس عليك)(الكامل في التاريخ (4/37)).
وهنا كان عبد الله ابن عباس رضي الله عنه فطناً حصيفاً، حاول أن ينبه الحسين بن علي رضي الله عنه، وهو الذي كان قائدا وحامل لواء ابن عمه علي بن أبي طالب في حروبه، إلى أمر مهم وهو واقع الحال بالكوفة الذي لا يزال يسيطر عليه عامل يزيد ابن معاوية، عبيد الله ابن زياد، عليه من الله ما يستحق، وكيف أن أهل الكوفة -وهم يدعون أنهم شيعة لأهل البيت- لم يقضوا عليه بعد ولم يتخلصوا من حكمه وسطوته، ويراسلون رغم ذلك الحسين بن علي ليقدم عليهم أميرا مُبايَعا. إن في الأمر من المجازفة والمغامرة ما فيه، خاصة والحسين بن علي لن يكون خروجه في جيش وعتاد، بل فقط في ثلة من أبنائه وإخوانه وبني إخوانه، وعليه فإنه من الحكمة التريث لحين وصول الأخبار المؤكدة من الكوفة أن أهلها قد قضوا على حاكمها، وأجلوه منها وصار الأمر إليهم واستقر، حينها يلحق بهم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معززا مكرما.
وبالفعل ظهر غدر شيعة أهل الكوفة برغم مراسلاتهم للحسين حتى قبل أن يصل إليهم فإن الوالي الأموي عبيد الله بن زياد لما علم بأمر مسلم بن عقيل، وما يأخذ من البيعة للحسين جاء فقتله وقتل مضيفه هانئ بن عروة المرادي، كل ذلك وشيعة الكوفة لم يتحرك لهم ساكن، بل تنكروا لوعودهم للحسين بن علي واشترى بن زياد ذممهم بالأموال ( المسعودي: مروج الذهب (3/67) وما بعدها، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص473)).
فلما خرج الحسين بن عليه رضي الله عنه، وكان في أهله وقلة من أصحابه عددهم نحو سبعين رجلاً، وبعد مراسلات وعروض ( وقد كان الحسين – رحمه الله – قد عرض عرضًا جيدًا قال فيه: ( إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني بالحق فالحق بالثغور) ، وهذا عين الحكمة من الحسين عليه السلام لحقن الدماء، ولكن الشيطان عبيد الله بن زياد رفض إلا أن يسلم الحسين نفسه أسيرًا، فرأى الحسين الموت عنده أهون من ذلك، فكان ما كان ولا حول ولا قوة إلا بالله ) تدخل ابن زياد في إفسادها ودار القتال فقتل الحسين رضي الله عنه وقتل سائر أصحابه، وكان آخر كلامه قبل أن يسلم الروح: ( اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا ) (تاريخ الطبري (5/ 389)) .
بل دعاؤه عليهم مشهور حيث قال قبل استشهاده: ( اللهم إن متعتهم ففرقهم فرقًا واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا) (الإرشاد للمفيد (ص241). وإعلام الورى للطبرسي (ص 949)) .
أرأيت سوء صنيع القوم، وكيف كان غدرهم وخيانتهم حتى بآل البيت الذين زعموا حبهم واتخذوه ذريعة في عداءهم لكل من عادوا؟.
وهل بعد خيانتهم لآل البيت يستبعد خيانتهم للأمة عامة، فهم منذ اللحظات الأولى يجبنون عن الحرب ويبيعون ذممهم بالأموال، ويفكرون في الخيانة في مقابل الغنى والشرف، ولو كان الثمن هو تسليم واحد من أكابر آل البيت كما فكر المختار الثقفي أن يسلم الحسن بن علي للأمويين.
علمًا بأننا للإنصاف لا بد أن نقرر أن شيعة الصدر الأول في أيام علي والحسن والحسين – رضوان الله عليهم – كان من بينهم فضلاء أخيار كبعض نفر من الصحابة – رضوان الله عليهم – وهؤلاء نربأ بهم عن الخيانة، ومعاذ الله أن نصف أحدًا منهم بها، وإنما مواقف هؤلاء الفضلاء كانت قائمة على الاجتهاد أخطأوا أوأصابوا، وهذا ما أشرنا إليه آنفا ونؤكد عليه مرة أخرى، حتى لا يتهمنا أحد بالخلط والافتراء على شيعة آل البيت المخلصين من الصدر الأول.
وقد كان تشيَّع أكثر الناس يومئذ يدور في فلك الحب لعلي رضي الله عنه وآل بيته بناء على مرويات سمعها الناس في الوصاية بحب هذه العترة الطاهرة، ولكن لم تكن هناك مبادئ مقررة للتشيع كالتقية والرجعة وغير ذلك.. اللهم إلا أن يكون عند نفر من الغلاة الذين ترأسهم عبد الله بن سبأ وقالوا بألوهية علي رضي الله عنه، ( رجال الكشي، ص: 70 ).
لكن بعد ذلك جدَّت أمور شكلت فكر الشيعة وأطَّرته، وجعلت تقفز به في الانحراف من ميدان إلى ميدان، وتدخلت عناصر مغرضة مجوسية ويهودية وغير ذلك وتسترت بالإسلام ثم بالتشيع، وجعلت تسعى لنقض عرى الإسلام عروة بعد عروة في محاولة يائسة منها لأجل إحياء الأفكار المجوسية وعقائدها، من زرادشتية، ومانوية، ومزدكية. فصار بذلك التشيع عبارة عن خليط من العقائد الباطنية الفاسدة الغربية عن الإسلام وتعاليمه، حيث تحول الفكر الشيعي بعدها إلى فكر لا عقلاني.
إن التاريخ الطويل والحافل بخيانة من يدعي التشيع لآل البيت، ولأئمة آل البيت، بدأ من خيانتهم لعلي بن أبي طالب وتقاعسهم عن القتال معهم ونصرته في المواقف العصيبة، إلى غدرهم بالحسين بن علي رضي الله عنهما بعدما أغروه بالمبايعة والنصرة، ودعوه للإمرة والخلافة، وصولا إلى تحريفهم لما كان عليه أهل البيت من الدين والمودة والمحبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ناهيك عن غدرهم وخيانتهم للأمة الإسلامية، إبان الحملة المغولية على الإمبراطورية الإسلامية في أواخر عهد الدولة العباسية، على عهد الوزير الشيعي ابن العلقمي. إضافة إلى تواطؤ الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية مع النصارى إبان حملتهم الصليبية على بلاد الشام وبيت المقدس، وغضهم الطرف عن التواجد النصراني بأرض فلسطين، طوال قرنين من الزمان لحين قيام الناصر صلاح الدين بإنهاء سيطرة الفاطميين على أرض الكنانة، إيذانا منه، رحمه الله، بدأ حملته القاضية بتطهير بيت المقدس من التواجد الصليبي، واضعا الحد بذلك للحملة الصليبية الأولى على أرض فلسطين، وصولا إلى تحالف الدولة الصفوية الشيعية الإيرانية، في عهد إسماعيل الصفوي، مع الإمبراطورية الروسية في مواجهة الإمبراطورية العثمانية السنية، وأخيرا وليس آخرا تحالفهم المبطن، أحيانا، والسافر أحيانا أخرى، مع " قوى التحالف الدولي" بخصوص غزو العراق وأفغانستان .
ومن المفارقات العجيبة أن يلجأ الشيعة الرافضة إلى التحدث بأحاديث موضوعة، ومكذوبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تضمن لهم الجنة وحدهم، وحتى لو غضينا الطرف عن مدى صحة تلك الأحاديث، فهي ولا شك تتحدث عن علي وشيعته المخلصين، وليس هؤلاء الشيعة الاثني عشرية المنافقين، والمكفرين لخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ورغم ضعفها ووضاعتها فإنهم يسقطونها على أنفسهم، فإذا كان علي رضي الله عنه مبشرا بالجنة هو ومن كان معه من الصحابة رضوان الله عليهم، فحتما فإنه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي حياته، لم يكن لمسلم الحق أن يتحزب لجهة ما، لا الجهة علي ولا لأبي بكر وعمر أو غيرها، إلا التحزب إلى جهة نبي الإسلام ودين الإسلام. كيف يكون التشيع والتحزب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جائز وقد قال الله سبحانه : (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ))[الحجرات:10] ، والأخوة منة ينعم بها الله تعالى على عباده الصالحين فتأتلف قلوبهم وتتوثق روابطهم؛ كما أنعم على الجيل الأول والرهط المبارك من الصحابة رضوان الله عليهم حين قال عز وجل: ((هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [الأنفال:62-63] ، جاء هذا التأليف بعد امتحان للقلوب واختبار للنوايا فلما صدقوا نزلت عليهم النعمة وغشيته الرحمة؟ .
رضي الله تعالى عن الصحابة الكرام أجمعين وجمعنا معهم في فردوسه الأعلى إنه ولي ذلك والقادر عليه .
العلمانية وموقف الإسلام منها
د.حمود بن أحمد الرحيلي
المقدّمــة
الحمد لله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد بن عبد الله الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى آله وأصحابه، ومن نهج نهجهم وسلك سبيلهم إلي يوم الدين.
أما بعــد:
فإنه لما كان المسلمون يجمعهم كتاب ربهم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتجمعهم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كانوا أمة واحدة قوية وعزيزة ورائدة.
ولكن لما اتصلت هذه الأمة بالأمم الأخرى ذات الأنماط الحضارية المختلفة، فإن هذه الأمة قد تأثرت بكيد أعدائها من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان والملاحدة حتى أصبح المتأثرون بفكر أولئك الأعداء أمة داخل الأمة الإسلامية.
وما لذلك من سبب سوى البعد عن منهج الله الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم هداية ونوراً وإخراجاً للناس من الظلمات إلى النور.
وهذا البحث المتواضع يتناول جانباً مهما وخطيراً من جوانب هذا التيار الفكري الذي وفد على الأمة الإسلامية واستهدف إبعادها عن عقيدتها وربطها بالفكر المهيمن في هذا العصر البعيد عن هدي الله ومنهج رسوله - صلى الله عليه وسلم.
وهذا التيار الذي نحن بصدد الحديث عنه، هو تيار "العلمانية" ذلك المصطلح الغربي الذي يوحي ظاهره أن طريقة الحياة التي يدعو إليها تعتمد على العلم وتتخذه سنداً لها ليخدع الناس بصواب الفكرة واستقامتها. حتى انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره، وقد أوصلهم ذلك إلى البعد عن الدين بعداً واضحاً.
وإن من أقوى الأدلة المشاهدة في الرد على العلمانيين هو ما تحقق من تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية في العصر الحديث من نجاح عظيم في شتى المجالات.
وقد حاولت في هذا البحث إلقاء بعض الضوء على هذا الموضوع وسميته: "العلمانية وموقف الإسلام منها".
خطة البحث
وقد جعلت البحث في مقدمة وخمسة فصول وخاتمة:
وقد اشتملت المقدمة على أهمية الموضوع والخطة ومنهجي في البحث.
والفصل الأول: في تعريف العلمانية ومفهومها، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف العلمانية في اللغة والاصطلاح.
والمبحث الثاني: التضليل والخداع في تسميتها.
والمبحث الثالث: مراحل العلمانية أو صورهــا.
والفصل الثاني: في أسباب ظهورها ونشأتها وآثارها في الغرب، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أسباب ظهور العلمانية وظروف نشأتها في الغرب، ويشتمل على ما يلي:
أولاً: طغيان رجال الكنيسة.
ثانياً: الصراع بين الكنيسة والعلم.
ثالثاً: الثورة الفرنسية.
رابعاً: نظرية التطـور.
خامساً: طبيعة التعاليم النصرانية.
سادساً: دور اليهود.
المبحث الثاني: آثار العلمانية في الغرب.
والفصل الثالث: الإسلام يتنافى مع العلمانيـة.
والفصل الرابع: في عوامل انتقالها إلى العالم الإسلامي وآثارها السيئة عليه، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: عوامل انتقالها إلى العالم الإسلامي، ويشتمل على ما يلي:
أولاً: انحراف كثير من المسلمين عن العقيدة الصحيحة.
ثانياً: الاستعمار الغربي والشرقي.
ثالثاً: الغزو الفكري.
رابعاً: المستشرقون.
خامساً:المنصّرون.
سادساً: الأقليات غير المسلمة داخل المجتمعات الإسلامية.
سابعاً: تقدم الغرب الهائل في مضمار العلم المادي.
ثامناً: البعثات إلى الخارج.
المبحث الثاني: في آثارها السيئة على العالم الإسلامي.
والفصل الخامس: في موقف الإسلام من العلمانية، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حكم الإسلام من العلمانية.
المبحث الثـاني: عمد وقواعد العلمانية وتفنيدها.
المبحث الثالث: التطبيق العملي للإسلام.
وأما الخاتمـة فقد أوجزت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث.
هذا وقد عزوت الآيات الكريمة إلى السور مع ترقيمها،كما خرجت الأحاديث النبوية الواردة في البحث، وشرحت معانـي الكلمات الغريبة، كما عزوت ما تناولته في البحث إلى المصادر والمراجع التي رجعت إليها في هذاالشأن.
هذا. وأحبُّ أن أنبه بأن ما نقلته عن كتب في هذه السلسلة لا يعني موافقتي لأصحابها في المنهج، وإنما كان ذلك لحاجة هذه الأبحاث لمثل تلك المراجع، والحكمة ضالة المؤمن أنـى وجدها أخذها.
وقد ألحقت بهذا فهرساً للآيات الكريمة، وفهرساً للأحاديث والآثار، وقائمة بأسماء المصادر والمراجع مرتبة حسب حروف الهجاء مبيناً اسم المؤلف والطبعة وتاريخ النشر ما أمكن، وقائمة أخرى للموضوعات.
وإنه على الرغم مـن كثرة الكتابات عـن العلمانية إلا أنـي قد بذلت جهداً في إضافة فوائد مهمة كعمد العلمانية وتفنيدها، وتوضيح آثارها، وبيان موقف الإسلام منها على التفصيل، مبتعداً عن الاستطرادات المملة والاختصارات المخلة.
وأسأل الله جلت قدرته أن أكون قد وفقت فيما كتبت، وأن يتجاوز عن التقصير إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الفصل الثالث
الإسلام يتنافى مع العلمانية
العلمانية ظهرت في أوروبا نتيجة لظروف خاصة بعضها يتعلق بالكنيسة وديانتها المحرفة، وطغيانها الأعمى في شتى المجالات الدينية والاقتصادية والسياسية، وبعضها يتعلق بتعاليم النصرانية نفسها ودور اليهود.
وتلك الظروف لا تنطبق على الإسلام؛ وذلك لأسباب أبرزها وأهمها ما يلي:
1- أنَّ أول ما يلاحظ في دين أوروبا هو التحريف الذي أصاب العقيدة والشريعة. عقيدة التثليث المضطربة، والأناجيل المحرفة والمتناقضة، ثم النظرة القاصرة التي فصلت الدين عن الدولة والحياة، وحصرته في الأديرة والكنائس.
أما الإسلام فهو عقيدة، وشريعة دين ودولة، حيث وضع نظاماً كاملاً ومحدداً لكل شأن من شئون الحياة.
قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
قال ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية:
قال ابن مسعود: "قد بين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شيء"، وقال مجاهد: "كل حلال وكل حرام، وقول ابن مسعود أعم وأشمل، فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ماسبق، وعلم ما سيأتي، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ومعاشهم ومعادهم
وقد تكفل الله تعالى بحفظ هذا القرآن من التغيير بخلاف الكتب السابقة قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
2- أَنَّه ليس في الإسلام كهنوت ولا واسطة بين الخالق وخلقه، وبإمكان أي مسلم في أي مكان وفي أي زمـان، من ليل أو نهار أن يتصل بربه بلا كاهن ولا قسيس.
قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
والإسلام إنما جاء لتحرير العباد، من عبودية العباد إلى عبادة ربِّ العباد دون من سواه، ولا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى كائناً من كان.
قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - إنما بعثوا بالدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}
وقال سبحانه: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}
وقال تعالى إِخباراً عن الملائكة الكرام: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}
فالإسلام إنما جاء لإخراج الناس من عبادة البشر إلى عبادة الله وحده، ولذلك قـال ربعي بن عامر - رضي الله عنه - لرستم قائد جيش الفرس: "إن الله ابتعثنا، والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام..."
3-والإسلام يقرر أنه لا عصمة لبشر إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن ربه، وبعد ذلك فالكل سواء رجل دين أو رجل دنيا {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وبذلك سد الإسلام الباب أمام نظام الكهانة الذي ابتدعه القساوسة، ولم يعترف بوجود طبقة ممتازة يدعي رجال الدين أن لها عصمة أو قداسة، وأساس التحاكم بين جميع الناس هو كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
4- أَنَّه ليس في الإسلام صراع أو خصام بين الدين والعلم، كالذي حدث بين الكنيسة ورواد الفكر الغربي في عصر النهضة، بل إن الإسلام على العكس من ذلك فيه انسجام تام بينهما، ودعوة جادة من الإسلام للعلم والتعليم.
إن طلب العلم في الإسلام فريضة على كل مسلم ومسلمة ولم يقيد حرية العلماء والباحثين، فقد دعا القرآن إلى العلم في كثير من الآيات البينات.
وفي رحاب القرآن الكريم، وبتوجيه منه قامت في العالم نهضة علمية، ووصل العلماء من خلاله إلى كثير من الابتكارات العلمية في مختلف المجالات؛ كالطبيعة والكيمياء والفلك والطب وغيرها.
وقد أشاد القرآن الكريم بمنزلة العلماء قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
وقد قرنهم الله تعالى بنفسه وملائكته في الشهادة بوحدانيته تعالى؛ قال سبحانه: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
كما أن أول نزول القرآن الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم -قد نوه بقيمة القراءة والتعليم؛ قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}
والعلم في الإسلام عام وشامل، يقوم على استغلال طاقات الإنسان والكون بما يحقق للإنسانية الرخاء والاستقرار، وذلك يشمل جميع المعارف التي تحتاج إليها البشرية، سواء أكان مصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية، كعلوم الدين من العقيدة والتفسير والحديث والفقه والدعوة وغيرها، أم كان مصدرها التجربة والنظر في الكون والحياة؛ كالرياضيات والكيمياء وعلوم الطب والفيزياء والهندسة وغيرها، وهذا الشمول دلت عليه نصوص كثيرة؛ منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله به طريقاً إلى الجنة"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"
ومما يدل على أنه لا مجال للصراع بين الدين والعلم في الإسلام، أنه لم يحدث في التاريخ الإسلامي أن عالماً يبحث في الطب أو يبحث في الفلك أو الفيزياء أو الكيمياء، وجد نفسه معزولاً عن العقيدة الإسلامية، أو وجد أنها تعطله عن البحث العلمي الدقيق، وإنما عاش العلم في ظلال العقيدة.
5- ليس في الإسلام تعاليم فات أوانها، أو أحكام انقضى زمنها. إن كل مافي الإسلام حيٌ دائماً، متجدد دائماً، صالح للتطبيق في كل زمان ومكان إلى أن تعود الحياة إلى ربها. والإسلام بهذا الشمول، وبهذه المرونة قد كفل لأحكامه التطبيقية النمو والتجدد على مدى الأزمان
قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً}
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيره للآية الأخيرة:
"هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل الله تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم - صلوات الله وسلامه عليه- ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خلف".
وقـال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
6- أَنَّ الملاحظ أن الموطن الذي ولد فيه الفكر العلماني - وهو إنجلترا وفرنسا وألمانيا - لم يأخذ بالاتجاه العلماني في التطبيق في الحياة العلمية، فالتاج البريطاني لم يزل حامياً للبروتستانت، وفرنسا لم تزل حامية للكثلكة في صورة عملية، والدولة في إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا على الرغم من أنها علمانية - تساعد المدارس الدينية من ضرائبها الخاصة التي تجبيها من المواطنين، مع علمها باستقلال هذه المدارس في برامجها التعليمية
جاء في صحيفة المدينة المنورة العدد (12227):
إن العلمانية في مفهوم المجتمع الغربي لا تعني التحرر من الدين ونبذه كما يتوهم البعض في عالمنا الإسلامي، ففي حرب "الفولكلاند" الشهيرة التي حدثت بين بريطانيا والأرجنتين عام 1982م نقل التليفزيون البريطاني صوراً لرئيسة الوزراء -آنذاك- وهى تذهب إلى الكنيسة مصلية وداعية، وأثناء حرب الخليج اتصل الرئيس الأمريكي – السابق - "جورج بوش" باثنين من رجال الدين أبلغهما أنه يصلي من أجل السلام، وإن الرجال الثلاثة صلوا معاً، وهذا الأمر لا يقتصر على الرؤساء، بل يشمل الأحزاب كذلك، فهذا حزب العمال البريطاني يبدأ مؤتمره السنوي بالصلوات المسيحية في الكنيسة، وممن عرفوا بتدينهم في هذا الحزب: النائب العمالي السابق "إريك هيفر" وكان محسوباً على اليسار المتشدد في الحزب نفسه وكان - أيضاً - عضواً عاملاً في الكنيسة، وألف قبل وفاته كتاباً عن الديانة المسيحية.
وقد حضرت "تاتشر" رئيسة وزراء بريطانيا - آنذاك - صلاة تخصه بعد وفاته، ولما سئلت: ما الذي يجمعها بشخص مثل "هيفر" ؟
أجابت فيما معناه: هو التوجه الديني المسيحي.
ابو ضاري
09-02-2010, 09:48
نظرة الرافضة إليك وحُكمهم فيك أيها السُّني الموحد
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد بن عبد الله، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا ضال، وعلى آله وصحبه الاخيار الذين جاهدوا في الله حق جهاده ونقلوا لنا الدين غضاً طرياً كما تلقوه من النبي صلّى الله عليه وسلم كاملاً غير منقوص رضي الله عنهم أجمعين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أخي المسلم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…:
فأعلم يرحمني ويرحمك الله أن إتباع سبيل المؤمنين ومجانبة أصحاب الجحيم من اليهود والنصارى والمشركين هو الذي يوصل الى رضوان رب العالمين، وإذا كان الامر كذلك فخذ للأمر عدته والزم طريقة نبيك محمد صلّى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، واسلم بدينك من معاشرة أصحاب الهوى والزيغ ولاتغتر بمعسول كلامهم : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن .
فمن الفِرق التي عمَّ شرها وطمَّ الروافض اللئام الذين تقربوا إلى الشيطان الرجيم بسبِّ أصحاب نبينا صلّى الله عليه وسلم وأزواجه وأئمّتنا مصابيح الدجى رضوان الله عليهم ، ـ ألا لعنة الله على الظالمين ـ .
أخي المسلم سترى في هذه الاسطر حقيقة نظرتهم إليكَ وماحكمكَ عندهم أيها السنُّي الموحد ، فالله الله في دينك وتذّكر أنك على ثغرة من ثغور الاسلام فلا يُأتي الاسلام عن طريقك. والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد .
ماذا يعني لفظ الناصب ؟
أبي حنيفة عند الشيعة ناصبي
كما في: {الكافي 8/292} ط دار الكتب الاسلامية طهران .
ـ المفيد في كتابه: {عدة مسائل ص 253،263،265،268،270 ط قم} أطلق لفظ الناصبي على أبي حنيفة .
ـ الجزائري في: {الانوار النعمانية 2/307 ط تبريز} (ويؤيد هذا المعنى أنَّ الائمة عليهم السلام وخواصهم أطلقوا لفظ الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله مع أنه لم يكن ممن نصب العداوة لإل البيت) .
ـ حسين بن الشيخ محمد آل عصفور البحراني في: {المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية ص157 ط بيروت} ( على أنك قد عرفت سابقاً أنه ليس الناصب إلا عبارة عن التقديم على عليٍّ عليه السلام) .
ـ وقبلها قال في ص147 من كتابه: (بل أخبارهم تُنادي بأنَّ الناصب هو ما يُقال له عندهم سنياً) .
ـ ويقول في نفس الموضع: (ولا كلام في أنَّ المراد بالناصبة هم أهل التسنّن) .
ـ حسين بن شهاب الدين الكركي العاملي في كتابه: {هداية الابرار إلى طريق الأئمة الاطهار ص106 ط1} (كالشبهة التي أوجبت للكفار إنكار نبوة النبي صلّى الله عليه وسلم والنواصب إنكار خلافة الوصي) .
ـ محمد الحسيني الشيرازي في موسوعته: {الفقه 33/38 ط2 دار العلوم اللبنانية} (الثالث مصادمة الخبرين المذكورين بالضرورة بعد أنْ فُسر الناصب بمطلق العامة) .
ـ إذن المقصود بالعامة هم أهل السُّنّة كما يقول محسن الامين في كتابه: {أعيان الشيعة 1/21 ط دار التعارف بيروت} ( الخاصة وهذا يطلقه أصحابنا على أنفسهم مقابل العامة الذين يُسمّون أنفسهم بأهل السُّنّة والجماعة) .
ـ فتح الله الشيرازي في: {قاعدة لاضرر ولاضرار ص21 نشر دار الاضواء بيروت} (وأما الحديث من طريق العامة فقد روى كثير من محدثيهم كالبخاري ومسلم....) .
إذن النواصب عند الشيعة هم مجمل أهل السُّنّة والجماعة (العامة). فإذا فهمنا هذه النقطة ننتقل إلى مايترتب عليها من أحكام عندهم .
نجاسة أهل السُّنّة عند الرافضة
ـ الخوئي في كتابه: {منهاج الصالحين1/116 ط نجف} (في عدد الاعيان النجسة وهي عشرة ـ إلى أنْ قال ـ العاشر الكافر وهو من لم ينتحل ديناً غير الاسلام أو انتحل الاسلام وجحد ما يُعلم أنه من الدين الاسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة، نعم إنكار المعاد يُوجب الكفر مطلقاً ولا فرق بين المرتد والكافر الاصلي الحربي والذمي والخارجي والغالي والناصب) .
ـ محسن الحكيم في كتابه: {العروة الوثقى 1/68 ط طهران} ( لا إشكال في نجاسة الغلاة والخوارج والنواصب) .
ـ الخميني في: {تحرير الوسيلة 1/119} (غير الاثني عشرية من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب أو معاداة وسب لسائر الائمة الذين لايعتقدون بإمامتهم طاهرون وأما مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب:ـ ويقول في ص 118 ط بيروت: (وأما النواصب والخوارج لعنهما الله تعالى فهما نجسان من غير توقف) .
ـ محمد بن علي القمي الصدوق في: {عقاب الاعمال ص352 ط بيروت} عن الامام الصادق أنّه قال (إنَّ المؤمن ليشفع في حميمه إلاّ أنْ يكون ناصبياً ولو أنَّ ناصباً شفع له كل نبي مرسل وملك مقرب ما شفعوا) .
ـ ويروي في الصفحةِ ذاتها عن أبي بصير عن الصادق (إنَّ نوحاً عليه السلام حمل في السفينة ال*** والخنزير ولم يحمل ولد الزنا والناصب شر من ولد الزنا) .
حكم من لا يقول بإمامة الاثني عشر عند الشيعة
ـ يوسف البحراني في: {الحدائق الناضرة 18/153 ط بيروت}
وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه ورسوله وبين من كفر بالائمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين .
ـ الفيض الكاشاني في : {منهاج النجاة ص48 ط دار الاسلامية بيروت}
ومن جحد إمامة أحدهم ـ الائمة الاثني عشرـ فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء .
ـ المجلسي في: {بحار الانوار23/390 ط بيروت}
أعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام وفضّل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار .
ـ يوسف البحراني في: {الحدائق الناضرة 18/53} (إنك قد عرفت أن المخالف كافر لاحظ له في الاسلام بوجه من الوجوه كما حققنا في كتابنا الشهاب الثاقب) .
ـ عبد الله شبر في: {حق اليقين في معرفة أصول الدين 2/188 ط بيروت} (وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب فالذي عليه جملة من الامامية كالسيد المرتضى أنهم كفار في الدنيا والاخرة والذي عليه الأشهر أنهم كفار مخلدون في النار ) .
ـ محمد بن حسن النجفي في: {جواهر الكلام 6/62} (والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا كالمحكي عن الفاضل محمد صالح في شرح أصول الكافي، بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق من الحكم بكفر منكري الولاية لأنها أصل من أصول الدين ) .
ـ يقول أيضاً في نفس المصدر السابق (ومعلوم أن الله عقد الاخوّة بين المؤمنين بقوله تعالى: {إنما المؤمنون أخوة} دون غيرهم فكيف تتصور الاخوة بين المؤمن والمخالف بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات في وجوب معاداتهم والبراءة منهم ) .
ـ عبد الله المامقاني في: {تنقيح المقال 1/208 باب الفوائد ط نجف}
وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن إثني عشرياً .
ـ الصدوق في: {علل الشرائع ص601 ط نجف/ الحر العاملي في وسائل الشيعة18/463/ والجزائري في الانوارالنعمانية2/308}
عن داود بن فرقد قال: قلتُ: لأبى عبد الله عليه السلام ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حلال الدم ولكن اتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد عليك فافعل. قلتُ: فما ترى في ماله؟ قال: تُوه ما قدرت عليه .
ـ الجزائري في: {الانوار النعمانية2/308} (وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة فأمر غلمانه وهدوا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريباً فأراد الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى مولانا الكاظم فكتب عليه السلام إليه جواب كتابه بأنك لو كنت تقدمت إلي قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم وحيث أنك لم تتقدم إلي فكفّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه، فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لاتعادل دية أخيهم الأصغر وهو *** الصيد فإن ديته خمس وعشرون درهماً ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي فإنها ثمانمائة درهم وحالهم في الدنيا أخس وأبخس ) .
ـ أبو جعفر الطوسي في: {تهذيب الأحكام 4/122 ط طهران /الفيض الكاشاني في الوافي 6/43 ط دار الكتب الاسلامية طهران} عن الامام الصادق (خذ مال الناصب حيث ما وجدته وادفع إلينا خُمسه ) .
ـ الخميني في: {تحرير الوسيلة 1/352} (والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما أغتنم منهم وتعلق الخُمس به بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان وادفع إلينا خُمسه ) .
ـ يوسف البحراني في: {الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة12/323-324} (إن إطلاق المسلم على الناصب وإنه لا يجوز أخذ ماله من حيث الاسلام خلاف ما عليه الطائفة المحقة سلفاً وخلفاً من الحكم بكفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله بل قتله ) .
جواز اغتياب المخالفين
ـ الخميني في: {المكاسب المحرمه1/251 ط قم} (والأنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لائمة الحق عليهم السلام ) .
ـ الخميني في: {المكاسب المحرمة1/249} (ثم أن الظاهر اختصاص الحرمة بغيبة المؤمن فيجوز اغتياب المخالف إلا أن تقتضي التقية وغيرها لزوم الكف عنهم ) .
ـ عبد الحسين دستغيب في: {الذنوب الكبرى 2/267 ط الدار الاسلامية بيروت} (ويجب أن يعلم أن حرمة الغيبة مختصة بالمؤمن أي المعتقد بالعقائد الحقة ومنها الاعتقاد بالائمة عليهم السلام وبناءً على ذلك فأن غيبة المخالفين ليست حراماً ) .
ـ محمد حسن النجفي في: {جواهر الكلام22/62} (وعلى كل حال فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك لاتحاد الكفر الاسلامي والإيماني فيه بل لعل هجائهم على رؤوس الأشهاد من أفضل عبادة العباد ما لم تمنع التقية وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الاعصار والامصار وعلمائهم وعوا مهم حتى ملاؤا القراطيس منها بل هي عندهم من أفضل الطاعات وأكمل القربات فلا غرابة في دعوى تحصيل الإجماع كما عن بعضهم بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات فضلاً عن القطعيات ) .
موقفهم من أئمة المذاهب الأربعة
ـ الكليني في: {الكافي 1/58 ط طهران/ الحر العاملي في وسائل الشيعة18/33 ط بيروت} (عن موسى الكاظم قال: لعن الله أبا حنيفة، كان يقول قال علي عليه السلام وقلت أنا وقالت الصحابة ) .
ـ محمد الرضوي في: {كذبوا على الشيعة ص 135 ط إيران} (قبحك الله يا أبا حنيفة كيف تزعم أن الصلاة ليسـت من دين الله ) .
ـ وأيضاً في ص 279 (ولو أن أدعياء الاسلام والسُّنّة أحبوا أهل البيت عليهم السلام لاتبعوهم ولما أخذوا أحكام دينهم عن المنحرفين عنهم كأبي حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل ) .
ـ الجزائري في: {قصص الأنبياء ص347 ط بيروت} (أقول هذا يكشف لك عن أمور كثيرة منها بطلان عبادة المخالفين وذلك انهم وإن صاموا وصلوا وحجوا وزكوا وأتوا من العبادات والطاعات وزادوا على غيرهم إلا انهم آتوا إلى الله تعالى من غير الأبواب التي أُمروا بالدخول منها... وقد جعلوا المذاهب الأربعة وسائط وأبواب بينهم وبين ربهم وأخذوا الأحكام عنهم وهم أخذوها عن القياسات والآراء والاجتهاد الذي نهى الله عن اخذ الأحكام عنها، وطعن عليهم من دخل في الدين منها ) .
أخي المسلم السُني الموحد هذا ما استطعت جمعه من أقوالهم حتى تعلم حقيقة نظرتهم إليك التي هي فرع من نظرتهم الى دينك ونبيك صلّى الله عليه وسلم وسلف الأمة رضوان الله عليهم، فاحذر يرحمني ويرحمك الله أن يُلّبس عليك هؤلاء حقيقتهم. فكما تحرص على عِرضك أن لا يمسه سوء فمن باب أولى أن تحرص على دينك الذي هو عصمة أمرك .
بسم الرحمن الرحيم الله * والعصر* إن الإنسان لفي خُسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ وتواصوا بالحقِ وتواصوا بالصبر*
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلّى الله على محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
وكتبها: مســـلم / نقلا عن صفحة الشيخ الموحد
فاعتبروا يا أهل السنة والجماعة ،، ان الشيعة الرافضة أخطر عليكم من اليهود والنصارى
ابو ضاري
10-02-2010, 09:21
فاعتبروا يا أهل السنة والجماعة ،، ان الشيعة الرافضة أخطر عليكم من اليهود والنصارى
ابو ضاري
17-02-2010, 01:06
الشيعه وخيانتهم
خيانتهم للحسن بن علي
ولما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبويع ابنه الحسن رضي الله عنه بالخلافة لم يكن يؤمن بجدوى حرب معاوية وخصوصًا أن شيعته خذلوا أباه من قبل، ولكن عاد شيعتهم من أهل العراق يطالبون الحسن بالخروج لقتال معاوية وأهل الشام فأظهر الحسن حنكة كبيرة دلت على سعة أفقه، فهو لم يشأ أن يواجه أهل العراق من البداية بميله إلى مصالحة معاوية وتسليم الأمر له حقنًا لدماء المسلمين، لأنه يعرف خفة عقول أهل العراق وتهورهم، فأراد أن يقيم من مسلكهم الدليل على صدق نظرته فيهم، وعلى سلامة ما اتجه إليه، فوافقهم على المسير لحرب معاوية وعبأ جيشه وبعث قيس بن عبادة في مقدمته على رأس اثني عشر ألفا، وسار هو خلفه فلما وصلت تلك الأخبار إلى معاوية وتحرك هو أيضًا بجيشه ونزل مسكن، وبينما الحسن في المدائن إذ نادى منادي من أهل العراق أن قيسًا قد قتل، فسرت الفوضى في الجيش وعات إلى أهل العراق طبيعتهم في عدم الثبات، فاعتدوا على سرادق الحسن ونهبوا متاعه حتى أنهم نازعوه بساطًا كان تحته، وطعنوه وجرحوه.. وهنا فكر أحد شيعة العراق وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي في أمر خطير وهو أن يُوثق الحسن بن علي ويسلمه لمعاوية طمعًا في الغنى والشرف، فقد جاء عمه سعد بن مسعود الثقفي وكان واليا على المدائن من قبل علي، فقال له: ( هل لك في الغنى والشرف؟ قال: وما ذاك؟ قال: توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية، فقال له عمه: عليك لعنة الله، أَثِبُ على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوثقه؟ بئس الرجل أنت) (تاريخ الطبري (5/159)، العالم الإسلامي في العصر الأموي (ص101)).
بل إن الحسن بن علي رضي الله عنهما كان يقول: ( أرى معاوية خيرًا لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وأخذوا مالي والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي في أهلي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني؛ فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلما، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير) (كتاب الاحتجاج للطبرسي (ص 148)).
معلومات قيمه ومفيده
الله يجزاك خير غاليتي شام وكذلك اخي ابوضاري
وفي موازين حسناتك
ابو ضاري
22-02-2010, 00:15
قول الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- (179هـ):
روى الخلال بسنده عن الإمام مالك أنه قال: ( الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لهم سهم، أوقال نصيب في الإسلام ).
السنة: للخلال 1/493، وأخرجه ابن بطة في الابانة الصغرى ص162
ابو ضاري
24-02-2010, 16:07
قول محمد بن يوسف الفريابي -رحمه الله- (212هـ):
روى اللالكائي عنه أنه قال: ( ما أرى الرافضة والجهمية إلا زنادقــة ). شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/1457
http://thumbs.bc.jncdn.com/c97182db430204259dee3f8dfcdd0728_lm.jpg
البابية والبهائية
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
البابية والبهائية حركة(*) نبعت من المذهب (*) الشيعي الشيخي (*) سنة 1260ه*/1844م تحت رعاية الاستعمار (*) الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• أسسها الميرزا علي محمد رضا الشيرازي 1235ـ1266هـ (1819 ـ 1850 م)، ففي السادسة من عمره تلقى تعليمه الأولي على يد دعاة الشيخية (*) من الشيعة (*) ثم انقطع عن الدراسة ومارس التجارة.
ـ وفي السابعة عشر من عمره عاد للدراسة واشتغل بدراسة كتب الصوفية والرياضة الروحانية وخاصة كتب الحروفيين وممارسة الأعمال الباطنية (*) المتعبة.
ـ في عام 1259 م ذهب إلى بغداد وبدأ يرتاد مجلس إمام الشيخية في زمانه كاظم الرشتي ويدرس أفكاره وآراء الشيخية. وفي مجالس الرشتي تعرف عليه الجاسوس الروسي كينازد الغوركي والمدعي الإسلام باسم عيسى النكراني والذي بدأ يلقي في روعهم أن الميرزا علي محمد الشيرازي هو المهدي المنتظر والباب الموصل إلى الحقيقة الإلهية والذي سيظهر بعد وفاة الرشتي وذلك لما وجده مؤهلاً لتحقيق خطته في تمزيق وحدة المسلمين.
ـ في ليلة الخميس 5 جمادى الأولى 1260 ه* ـ 23 مارس 1844م أعلن أنه الباب نسبة إلى ما يعتقده الشيعة الشيخية من ظهوره بعد وفاة الرشتي المتوفى 1259 ه*، وأنه رسول (*) كموسى وعيسى ومحمد ـ عليهم السلام ـ بل وعياذاً بالله ـ أفضل منهم شأناً.
ـ فآمن به تلاميذ الرشتي وانخدع به العامة واختار ثمانية عشرة مبشراً لدعوته أطلق عليهم حروف الحي إلا أنه في عام 1261 ه* قبض عليه فأعلن توبته على منبر مسجد الوكيل بعد أن عاث وأتباعه في الأرض فساداً وتقتيلاً وتكفيراً للمسلمين.
ـ في عام 1266 ه* ادعى الباب حلول الإلهية في شخصه حلولاً مادياً وجسمانياً؛ لكن بعد أن ناقشه العلماء حاول التظاهر بالتوبة والرجوع، ولم يصدقوه فقد عرف بالجبن والتنصل عند المواجهة. وحكم عليه بالإعدام هو والزنوزي وكاتب وحيه حسين اليزدي الذي تاب وتبرأ من البابية قبل الإعدام فأفرج عنه وذلك في 27 شعبان سنة 1266 ه* ـ 8 يوليو 1850 .
• قرة العين واسمها الحقيقي أم سلمى ولدت في قزوين سنة 1231 ه* أو 1233 ه* أو 1235 ه* للملا محمد صالح القزويني أحد علماء الشيعة ودرست عليه العلوم ومالت إلى الشيخية (*) بواسطة عمها الأصغر الملا علي الشيخي وتأثرت بأفكارهم ومعتقداتهم، ثم رافقت الباب في الدراسة عند كاظم الرشتي بكربلاء حتى قيل إنها مهندسة أفكاره إذ كانت خطيبة مؤثرة، أديبة فصيحة اللسان فضلاً عن أنها جميلة جذابة، إلا أنها إباحية فاجرة طلقها زوجها وتبرأ من أولادها. كانت تلقب بـ زرين تاج ـ صاحبة الشعر الذهبي ـ بالفارسية.
ـ في رجب 1264 ه* اجتمعت مع زعماء البابية في مؤتمر بيدشت وكانت خطيبة القوم ومحرضة الأتباع على الخروج في مظاهرات احتجاج على اعتقال الباب، وفيه أعلنت نسخ الشريعة الإسلامية (*).
ـ اشتركت في مؤامرة قتل الشاه ناصر الدين القاجاري فقبض عليها وحكم بأن تحرق حية ولكن الجلاد خنقها قبل أن تحرق في أول ذي القعدة 1268 ه* الموافق 1852 م.
• الميرزايحي علي: أخو البهاء والملقب بصبح أزل، أوصى له الباب بخلافته وسمي أصحابه بالأزليين فنازعه أخوه الميرزا حسين البهاء في الخلافة ثم في الرسالة والإلهية وحاول كل منهما دس السم لأخيه. ولشدة الخلافات بينهم وبين الشيعة تم نفيهم إلى أدرنة بتركيا في عام 1863 م حيث كان يعيش اليهود، ولاستمرار الخلافات بين أتباع صبح أزل وأتباع البهاء نفى السلطان العثماني البهاء وأتباعه مع بعض أتباع أخيه إلى عكا ونفى صبح أزل مع أتباعه إلى قبرص حتى مات ودفن بها في 29 إبريل 1912 م صباحاً عن عمر يناهز 82 عاما مخلفاً كتاباً أسماه الألواح ـ تكملة البيان بالفارسي ـ والمستيقظ ناسخ البيان وأوصى بالخلافة لابنه الذي تَنصّر وانفض من حوله الأتباع.
• الميرزا حسين علي الملقب بهاء الله المولود 1817م نازع أخاه خلافة الباب وأعلن في بغداد أمام مريديه أنه المظهر الكامل الذي أشار إليه الباب وأنه رسول (*) الله الذي حلّت فيه الروح الإلهية لتنهي العمل الذي بشر به الباب وأن دعوته هي المرحلة الثانية في الدورة العقائدية.
ـ حاول قتل أخيه صبح أزل، وكان على علاقة باليهود في أدرنة بسالونيك في تركيا والتي يطلق عليها البهائيون أرض السر التي أرسل منها إلى عكا فقتل من أتباع أخيه صبح أزل الكثير. وفي عام1892م قتله بعض الأزليين ودفن بالبهجة بعكا وله الأقدس الذي نسخ به البيان والإيقان وكانت كتبه تدعو للتجمع الصهيوني على أرض فلسطين.
• عباس أفندي: الملقب بـ عبد البهاء ولد في 23 مايو 1844 م نفس يوم إعلان دعوة الباب، أوصى له والده البهاء بخلافته فكان ذا شخصية جادة لدرجة أن معظم المؤرخين يقولون بأنه: لولا العباس لما قامت للبابية والبهائية قائمة، ويعتقد البهائيون أنه معصوم غير مشرع، وكان يضفي على والده صفة الربوبية القادرة على الخلق.
ـ زار سويسرا وحضر مؤتمرات الصهيونية ومنها مؤتمر بال 1911 م وحاول تكوين طابور خامس وسط العرب لتأييد الصهيونية، كما استقبل الجنرال اللنبي لما أتى إلى فلسطين بالترحاب لدرجة أن كرمته بريطانيا بمنحه لقب سير فضلاً عن أرفع الأوسمة الأخرى.
ـ زار لندن وأمريكا وألمانيا والمجر والنمسا والإسكندرية للخروج بالدعوة من حيز الكيان الإسلامي فأسس في شيكاغو أكبر محفل للبهائية، رحل إلى حيفا 1913 م ثم إلى القاهرة حيث هلك بها في 1921 م / 1340 ه* بعد أن نسخ بعض تعاليم أبيه وأضاف إليها من العهد القديم (*) ما يؤيد أقواله.
• شوقي أفندي: خلف جده عبد البهاء وهو ابن الرابعة والعشرين من العمر في عام 1921 م / 1340 ه* وسار على نهجه في إعداد الجماعات البهائية في العالم لانتخاب بيت العدالة الدولي، ومات بلندن بأزمة قلبية ودفن بها في أرض قدمتها الحكومة البريطانية هدية للطائفة البهائية.
• في عام 1963 م تولى تسعة من البهائيين شؤون البهائية بتأسيس بيت العدالة الدولي من تسعة أعضاء أربعة من أمريكا، واثنان من إنجلترا وثلاثة من إيران وذلك برئاسة فرناندو سانت ثم تولى رئاستها من بعده اليهودي الصهيوني ميسون الأمريكي الجنسية.
الأفكار والمعتقدات:
• يعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جميع الأشياء.
• يقولون بالحلول (*) والاتحاد (*) والتناسخ (*) وخلود الكائنات وأن الثواب والعقاب إنما يكونان للأرواح فقط على وجه يشبه الخيال.
• يقدسون العدد 19 ويجعلون عدد الشهور 19 شهراً وعدد الأيام 19 يوماً، وقد تابعهم في هذا الهراء المدعو محمد رشاد خليفة حين ادَّعى قدسية خاصة للرقم 19، وحاول إثبات أن القرآن الكريم قائم في نظمه من حيث عدد الكلمات والحروف على 19 ولكن كلامه ساقط بكل المقاييس.
• يقولون بنبوة بوذا (*) وكنفوشيوس وبراهما (*) وزاردشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس الأول.
• يوافقون اليهود والنصارى في القول بصلب المسيح (*).
• يؤولون القرآن تأويلات باطنية (*) ليتوافق مع مذهبهم.
• ينكرون معجزات الأنبياء (*) وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار.
• يحرمون الحجاب على المرأة ويحللون المتعة وشيوعية النساء والأموال.
• يقولون إن دين (*) الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
• يؤولون القيامة بظهور البهاء، أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين بدلاً من المسجد الحرام.
• والصلاة تؤدى في تسع ركعات ثلاث مرات والوضوء بماء الورد وإن لم يوجد فالبسملة بسم الله الأطهر الأطهر خمس مرات.
• لا توجد صلاة الجماعة إلا في الصلاة على الميت وهي ست تكبيرات يقول كل تكبيرة (الله أبهى).
• الصيام عندهم في الشهر التاسع عشر شهر العلا فيجب فيه الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب مدة تسعة عشر يوماً (شهر بهائي) ويكون آخرها عيد النيروز 21 آذار وذلك من سن 11 إلى 42 فقط يعفى البهائيون من الصيام.
• تحريم الجهاد (*) وحمل السلاح وإشهاره ضد الأعداء خدمة للمصالح الاستعمارية.
ينكرون أن محمداً ـ، خاتم النبيين مدعين استمرار الوحي (*) وقد وضعوا كتباً معارضة للقرآن الكريم مليئة بالأخطاء اللغوية والركاكة في الأسلوب.
• يبطلون الحج إلى مكة وحجهم حيث دفن بهاء الله في البهجة بعكا بفلسطين.
الجذور الفكرية والعقائدية:
* الرافضة (*) الإمامية.
* الشيخية (*) أتباع الشيخ أحمد الإحسائي.
* الماسونية العالمية.
* الصهيونية العالمية.
الانتشار ومواقع النفوذ:
• تقطن الغالبية العظمى من البهائيين في إيران وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة حيث مقرهم الرئيسي وكذلك لهم وجود في مصر حيث أغلقت محافلهم بقرار جمهوري رقم 263 لسنة 1960 م وكما أن لهم عدة محافل مركزية في أفريقيا بأديس أبابا وفي الحبشة وكمبالا بأوغندا ولوساكا بزامبيا التي عقد بها مؤتمرهم السنوي في الفترة من 23 مايو حتى 13 يونيو 1989 م، وجوهانسبرج بجنوب أفريقيا وكذلك المحفلى الملى بكراتشي بباكستان. ولهم أيضاً حضور في الدول الغربية فلهم في لندن وفينا وفرانكفورت محافل وكذلك بسيدني في استراليا ويوجد في شيكاغو بالولايات المتحدة أكبر معبد لهم وهو ما يطلق عليه مشرق الأذكار ومنه تصدر مجلة نجم الغرب وكذلك في ويلمنت النويز (المركز الأمريكي للعقيدة البهائية) وفي نيويورك لهم قافلة الشرق والغرب وهي حركة شبابية قامت على المبادئ البهائية ولهم كتاب دليل القافلة وأصدقاء العلم. ولهم تجمعات كبيرة في هيوستن ولوس أنجلوس وبيركلين بنيويورك حيث يقدر عدد البهائيين بالولايات المتحدة حوالي مليوني بهائي ينتسبون إلى 600 جمعية. ومن العجيب أن لهذه الطائفة ممثل في الأمم المتحدة (*) في نيويورك فيكتور دي أرخو ولهم ممثل في مقر الأمم المتحدة بجنيف ونيروبي وممثل خاص لأفريقيا وكذلك عضو استشاري في المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة أيكوسكو Ecosco وكذلك في برنامج البيئة للأمم المتحدة Unep وفي اليونيسيف Unicef وكذلك بمكتب الأمم المتحدة للمعلومات U. N. office of public information، ودزي بوس ممثل الجماعات البهائية الدولية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ورستم خيروف الذي ينتمي إلى المؤسسة الدولية لبقاء الإنسانية.
ويتضح مما سبق:
أن البابية والبهائية من الفئات الضالة الخارجة عن الإسلام بحكم إنكارهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو خاتم الأنبياء (*) والمرسلين وادعائهم بأن روح الله عز وجل حلت في الباب أو البهاء وإنكارهم للعقوبات الإلهية وموالاتهم المستمرة لليهود وسعيهم الدائب لتهويد المسلمين، وإعلامهم أن كتابهم البيان قد نسخ القرآن الكريم.
وقد صدرت الفتاوى من المجامع العلمية مثل مجمع الفقه الإسلامي بمكة ودار الإفتاء المصرية بخروج البهائية والبابية عن شريعة الإسلام واعتبارها حربًا عليه، وكفر (*) أتباعها كفرًا بواحًا سافرًا لا تأويل فيه (جريدة المدينة ـ الأحد 2/11/1399هـ 23 سبتمبر 1979م).
المصدر : صيد الخاطر
الأحباش
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
طائفة ضالة تنسب إلى عبد الله الحبشي، ظهرت حديثاً في لبنان مستغلة ما خلّفته الحروب الأهلية اللبنانية من الجهل والفقر والدعوة إلى إحياء مناهج أهل الكلام والصوفية والباطنية (*) بهدف إفساد العقيدة وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• عبد الله الهرري الحبشي: هو عبد الله بن محمد الشيبي العبدري نسباً الهرري موطناً نسبة إلى مدينة هرر بالحبشة، فيها ولد لقبيلة تدعى الشيباني نسبة إلى بني شيبة من القبائل العربية. ودرس في باديتها اللغة العربية والفقه الشافعي على الشيخ سعيد بن عبد الرحمن النوري والشيخ محمد يونس جامع الفنون ثم ارتحل إلى منطقة جُمة وبها درس على الشيخ الشريف وفيها نشأ شذوذه وانحرافه حيث بايع (*) على الطريقة التيجانية. ثم ارتحل إلى منطقة داويء من مناطق أرمو ودرس صحيح البخاري وعلوم القرآن الكريم على الحاج أحمد الكبير. ثم ارتحل إلى قرية قريبة من داويء فالتقى بالشيخ مفتي السراج ـ تلميذ الشيخ يوسف النبهاني صاحب كتاب شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق ودرس على يديه الحديث. ومن هنا توغل في الصوفية وبايع على الطريقة الرفاعية. ثم أتى إلى سوريا ثم إلى لبنان من بلاد الحبشة في أفريقيا عام 1969م. وذكر أتباعه أنه قدم عام 1950م بعد أن أثار الفتن ضد المسلمين، حيث تعاون مع حاكم إندراجي صهر هيلاسيلاسي ضد الجمعيات الإسلامية لتحفيظ القرآن بمدينة هرر سنة 1367ه* الموافق 1940م فيما عرف بفتنة بلاد كُلُب فصدر الحكم على مدير المدرسة إبراهيم حسن بالسجن ثلاثاً وعشرين سنة مع النفي حيث قضى نحبه في مقاطعة جوري بعد نفيه إليها. وبسبب تعاون عبد الله الهرري مع هيلاسيلاسي تم تسليم الدعاة والمشايخ إليه وإذلالهم حتى فر الكثيرون إلى مصر والسعودية، ولذلك أطلق عليه الناس هناك صفة (الفتّان) أو (شيخ الفتنة).
ـ منذ أن أتى لبنان وهو يعمل على بث الأحقاد والضغائن ونشر الفتن كما فعل في بلاده من قبل من نشره لعقيدته الفاسدة من شرك وترويج لمذاهب (*): الجهمية في تأويل صفات الله، والإرجاء والجبر والتصوف والباطنية والرفض، وسب للصحابة، واتهام لأم المؤمنين عائشة بعصيان أمر الله، بالإضافة إلى فتاوى شاذة.
ـ نجح الحبشي مؤخراً في تخريج مجموعات كبيرة من المتبجحين والمتعصبين الذين لا يرون مسلماً إلا من أعلن الإذعان والخضوع لعقيدة شيخهم مع ما تتضمنه من إرجاء (*) في الإيمان وجبر (*) في أفعال الله وجهمية (*) واعتزال في صفات الله. فهم يطرقون بيوت الناس ويلحون عليهم بتعلم العقيدة الحبشية ويوزعون عليهم كتب شيخهم بالمجان.
• نزار الحلبي: خليفة الحبشي ورئيس جمعية المشاريع الإسلامية ويطلقون عليه لقب (سماحة الشيخ) حيث يعدونه لمنصب دار الفتوى إذ كانوا يكتبون على جدران الطرق (لا للمفتي حسن خالد الكافر، نعم للمفتي نزار الحلبي) وقد قتل مؤخراً.
• لديهم العديد من الشخصيات العامة مثل النائب البرلماني عدنان الطرابلسي ومرشحهم الآخر طه ناجي الذي حصل على 1700 صوتاً معظمهم من النصارى حيث وعدهم بالقضاء على الأصولية (*) الإسلامية، لكن لم يكتب له النجاح، وحسام قرقيرا نائب رئيس جمعية المشاريع الإسلامية، وكمال الحوت وعماد الدين حيدر وعبد الله البارودي وهؤلاء الذين يشرفون على أكبر أجهزة الأبحاث والمخطوطات مثل المؤسسة الثقافية للخدمات ويحيلون إلى اسم غريب لا يعرفه حتى طلبة العلم فمثلاً يقولون: (قال الحافظ العبدري في دليله) فيدلسون على الناس فيظنون أن الحافظ من مشاهير علماء المسلمين مثل الحافظ ابن حجر أو النووي وإنما هو في الحقيقة شيخهم ينقلون من كتابه الدليل القويم مثلاً.
الأفكار والمعتقدات:
• يزعم الأحباش أنهم على مذهب (*) الإمام الشافعي في الفقه والاعتقاد ولكنهم في الحقيقة أبعد ما يكونون عن مذهب الإمام الشافعي رحمه الله. فهم يُؤولون (*) صفات الله تعالى بلا ضابط شرعي فـيؤولون الاستواء بالاستيلاء كالمعتزلة والجهمية (*).
• يزعم الحبشي أن جبريل هو الذي أنشأ ألفاظ القرآن الكريم وليس الله تعالى، فالقرآن عنده ليس بكلام الله تعالى، وإنما هو عبارة عن كلام جبريل، كما في كتابه إظهار العقيدة السنية ص591.
• الأحباش في مسألة الإيمان من المرجئة (*) الجهمية الذين يؤخرون العمل عن الإيمان ويبقى الرجل عندهم مؤمناً وإن ترك الصلاة وسائر الأركان، (انظر الدليل القويم ص7، بغية الطالب ص51).
ـ تبعاً لذلك يقللون من شأن التحاكم للقوانين الوضعية (*) المناقضة لحكم الله تعالى فيقول الحبشي: (ومن لم يحكّم شرع الله في نفسه فلا يؤدي شيئاً من فرائض الله ولا يجتنب من المحرمات، ولكنه قال ولو مرة في العمر: لا إله إلا الله، فهذا مسلم مؤمن. ويقال له أيضاً مؤمن مذنب) الدليل القويم 9ـ 10 بغية الطالب 51.
• الأحباش في القدر جبرية (*) منحرفة يزعمون أن الله هو الذي أعان الكافر على كفره وأنه لولا الله ما استطاع الكافر أن يكفر. (النهج السليم 71).
• يحث الأحباش الناس على التوجه إلى قبور الأموات والاستغاثة بهم وطلب قضاء الحوائج منهم، لأنهم في زعمهم يخرجون من قبورهم لقضاء حوائج المستغيثين بهم ثم يعودون إليها، كما يجيزون الاستعاذة بغير الله ويدعون للتبرك بالأحجار. (الدليل القويم 173، بغية الطالب 8، صريح البيان 57، 62). (شريط خالد كنعان /ب / 70) ولو قال قائل أعوذ برسول الله من النار لكان هذا مشروعاً عندهم.
• يرجح الأحباش الأحاديث الضعيفة والموضوعة بما يؤيد مذهبهم بينما يحكمون بضعف الكثير من الأحاديث الصحيحة التي لا تؤيد مذهبهم ويتجلى ذلك في كتاب المولد النبوي.
• يكثر الحبشي من سب الصحاب وخاصة معاوية بن أبي سفيان وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم. ويطعن في خالد بن الوليد وغيره، ويقول إن الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه ماتوا ميتة جاهلية. ويكثر من التحذير من تكفير سابِّ الصحابة، لاسيما الشيخين إرضاءً للروافض (*). إظهار العقيدة السنية 182.
• يعتقد الحبشي أن الله تعالى خلق الكون لا لحكمة وأرسل الرسل لا لحكمة وأن من ربط فعلاً من أفعال الله بالحكمة فهو مشرك.
• كفّر (*) الحبشي العديد من العلماء فحكم على شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه كافر وجعل من أول الواجبات على المكلف أن يعتقد كفره ولذلك يحذر أشد التحذير من كتبه، وكذا الإمام الذهبي فهو عنده خبيث، كما يزعم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجرم قاتل كافر ويرى أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني كافر، وكذلك الشيخ سيد سابق فيزعم أنه مجوسي كافر أما الأستاذ سيد قطب فمن كبار الخوارج (*) الكفرة في ظنه. انظر مجلة منار الهدى الحبشية عدد (3ص234) النهج السوي في الرد على سيد قطب وتابعه فيصل مولوي) أما ابن عربي صاحب مذهب وحدة الوجود (*) ونظرية الحلول (*) والاتحاد (*) والذي شهد العلماء بكفره فيعتبره الحبشي شيخ الإسلام. كما يدعو الحبشي إلى الطريقة النقشبندية والرفاعية والصوفية.
• وللحبشي العديد من الفتاوى الشاذة القائلة بجواز التحايل في الدين وأن النظر والاختلاط والمصافحة للمرأة الأجنبية حلال لاشيء فيه بل للمرأة أن تخرج متعطرة متبرجة ولو بغير رضا زوجها.
• يبيح بيع الصبي الحر وشراءه كما يجيز للناس ترك زكاة العملة الورقية بدعوى أنها لا علاقة لها بالزكاة إذ هي واجبة في الذهب والفضة كما يجيز أكل الربا ويجيز الصلاة متلبساً بالنجاسة. (بغية الطالب 99).
• أثار الأحباش في أمريكا وكندا فتنة تغيير القبلة حتى صارت لهم مساجد خاصة حيث حرفوا القبلة 90 درجة وصاروا يتوجهون إلى عكس قبلة المسلمين حيث يعتقدون أن الأرض نصف كروية على شكل نصف البرتقالة، وفي لبنان يصلون في جماعات خاصة بهم بعد انتهاء جماعة المسجد، كما اشتهر عنهم ضرب أئمة المساجد والتطاول عليهم وإلقاء الدروس في مساجدهم لنشر أفكارهم رغماً عنهم. ويعملون على إثارة الشغب في المساجد، كل هذا بمدٍ وعونٍ من أعداء المسلمين بما يقدمون لهم من دعم ومؤازرة.
الجذور الفكرية والعقائدية:
· مما سبق يتبين أن الجذور الفكرية والعقائدية للأحباش تتلخص في الآتي:
ـ المذهب (*) الأشعري المتأخر في قضايا الصفات الذي يقترب من منهج الجهمية **(*).
ـ المرجئة (*) والجهمية في قضايا الإيمان.
ـ الطرق الصوفية المنحرفة مثل الرفاعية والنقشبندية.
ـ عقيدة الجفر (*) الباطنية.
ـ مجموعة من الأفكار والمناهج المنحرفة التي تجتمع على هدف الكيد للإسلام وتمزيق المسلمين. ولا يستبعد أن يكون الحبشي وأتباعه مدسوسين من قبل بعض القوى الخارجية لإحداث البلبلة والفرقة بين المسلمين كما فعل عبد القادر الصوفي ثم المرابطي في أسبانيا وبريطانيا وغيرها.
الانتشار ومواقع النفوذ:
ينتشر الأحباش في لبنان بصورة تثير الريبة، حيث انتشرت مدارسهم الضخمة وصارت حافلاتهم تملأ المدن وأبنية مدارسهم تفوق سعة المدارس الحكومية، علاوة على الرواتب المغرية لمن ينضم إليهم ويعمل معهم وأصبح لهم إذاعة في لبنان تبث أفكارهم وتدعو إلى مذهبهم، كما ينتشر أتباع الحبشي في أوروبا وأمريكا وقد أثاروا القلاقل في كندا واستراليا والسويد والدانمارك. كما أثاروا الفتن في لبنان بسبب فتوى شيخهم بتحويل اتجاه القبلة إلى جهة الشمال.
وقد بدأ انتشار أتباع هذا المذهب الضال في مناطق عدة من العالم حيثما وجد لبنانيون في البداية، ثم بعض المضللين ممن يعجب بدعوة الحبشي.
يتضح مما سبق:
أن الأحباش طائفة ضالة، تنتمي إلى الإسلام ظاهراً وتهدم عراه باطناً، وقد استغلت سوء الأوضاع الاقتصادية وما خلفته الحروب الأهلية اللبنانية من فقر وجهل في الدعوة إلى مبادئها الهدامة وإحياء الكثير من الأفكار والمعتقدات الباطلة التي عفى عليها الدهر مثل خلق القرآن والخلاف المعروف في قضايا الصفات الذي تصدَّى لها علماء أهل السنة والجماعة في الماضي والحاضر. وقد تصدَّى لهم عدد من علماء أهل السنة والجماعة في عصرنا مثل المحدث الشيخ الألباني وغيره. وأفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في الفتوى رقم 2392/1 بتاريخ 30/10/1406ه* التي جاء فيها: (إن طائفة الأحباش طائفة ضالة، ورئيسهم عبد الله الحبشي معروف بانحرافه وضلاله، فالواجب مقاطعتهم وإنكار عقيدتهم الباطلة وتحذير الناس منهم ومن الاستماع لهم أو قبول ما يقولون).
المصدر : صيد الخاطر
الأشاعرة
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
الأشاعرة: فرقة كلامية إسلامية، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة. وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم، لإثبات حقائق الدين (*) والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• أبو الحسن الأشعري: هو أبو الحسن علي بن إسماعيل، من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ولد بالبصرة سنة 270هـ ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل:
ـ المرحلة الأولى: عاش فيها في كنف أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .
ـ المرحلة الثانية: ثار فيه على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل (*) وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .
ـ المرحلة الثالثة: إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف(*) ولا تشبيه(*) ولا تعطيل(*) ولا تحريف(*) ولا تبديل ولا تمثيل، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبّر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم ، الذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل. ولم يقتصر على ذلك بل خلّف مكتبة كبيرة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدّر بثمانية وستين مؤلفاً، توفي سنة 324هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته: "اليوم مات ناصر السنة".
• بعد وفاة أبو الحسن الأشعري، وعلى يد أئمة المذهب(*) وواضعي أصوله وأركانه، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور، تعددت فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده، و ما ذلك إلا لأن المذهب لم يبن في البداية على منهج مؤصل، واضحة أصوله الاعتقادية، ولا كيفية التعامل مع النصوص الشرعية، بل تذبذبت مواقفهم واجتهاداتهم بين موافقة مذهب السلف واستخدام علم الكلام لتأييد العقيدة والرد على المعتزلة . من أبرز مظاهر ذلك التطور:
ـ القرب من أهل الكلام والاعتزال .
ـ الدخول في التصوف، والتصاق المذهب الأشعري به .
ـ الدخول في الفلسفة (*) وجعلها جزء من المذهب .
• من أبرز أئمة المذهب:
ـ القاضي أبو بكر الباقلاني: (328ـ402هـ) (950ـ1013م) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، من كبار علماء الكلام، هذَّب بحوث الأشعري، وتكلَّم في مقدمات البراهين العقلية للتوحيد وغالى فيها كثيراً إذ لم ترد هذه المقدمات في كتاب ولا سنة، ثم انتهى إلى مذهب السلف وأثبت جميع الصفات كالوجه واليدين على الحقيقة وأبطل أصناف التأويلات التي يستعملها المؤولة وذلك في كتابه: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل . ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها . وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها . من كتبه: إعجاز القرآن، الإنصاف، مناقب الأئمة، دقائق الكلام، الملل والنحل، الاستبصار، تمهيد الأوائل ، كشف أسرار الباطنية .
ـ أبو إسحاق الشيرازي: (293ـ476هـ) (1003ـ1083م) . وهو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي، العلامة المناظر، ولد في فيروز أباد بفارس وانتقل إلى شيراز، ثم البصرة ومنها إلى بغداد سنة (415هـ) . وظهر نبوغه في الفقه الشافعي وعلم الكلام(*)، فكان مرجعاً للطلاب ومفتياً للأمة في عصره، وقد اشتهر بقوة الحجة في الجدل(*) والمناظرة . بنى له الوزير نظام الملك: المدرسة النظامية على شاطئ دجلة، فكان يدرس فيها ويديرها .
من مصنفاته: التنبيه والمهذَّب في الفقه، والتبصرة في أصول الشافعية، وطبقات الفقهاء، واللمع في أصول الفقه وشرحه، والملخص، والمعونة في الجدل .
• أبو حامد الغزالي: (450ـ505هـ) (1058ـ1111م) وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، ولد في الطابران، قصبة طوس خراسان وتُوفِّي بها . رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد، فالحجاز، فبلاد الشام، فمصر ثم عاد إلى بلدته .
لم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني، بل خالف الأشعري في بعض الآراء وخاصة فيما يتعلق بالمقدمات العقلية في الاستدلال، وذم علم الكلام وبيَّن أن أدلته لا تفيد اليقين كما في كتبه المنقذ من الضلال، وكتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة (*)، وحرم الخوض فيه فقال: " لو تركنا المداهنة لصرحنا بأن الخوض في هذا العلم حرام " . اتجه نحو التصوف، واعتقد أنه الطريق الوحيد للمعرفة .. وعاد في آخر حياته إلى السنة من خلال دراسة صحيح البخاري .
• أبو إسحاق الإسفراييني: (ت418هـ) (1027م) وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق عالم بالفقه والأصول وكان يلقب بركن الدين وهو أول من لقب به من الفقهاء . نشأ في إسفرايين (بين نيسابور وجرجان) ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له مدرسة عظيمة فدرس فيها، ورحل إلى خراسان وبعض أنحاء العراق، فاشتهر في العالم الإسلامي . ألَّف في علم الكلام (*) كتابه الكبير، الذي سماه الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين . قال ابن خلكان: رأيته في خمسة مجلدات . توفي أبو إسحاق الإسفراييني في يوم عاشوراء سنة عشرة وأربعمائة بنيسابور ثم نقل إلى إسفرايين ودفن بها وكان قد نيف على الثمانين .
• إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: (419ـ478هـ) (1028ـ1085م) . وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، الفقيه الشافعي ولد في بلد جوين (من نواحي نيسابور) ثم رحل إلى بغداد، فمكة حيث جاور فيها أربع سنين، وذهب إلى المدينة المنورة فأفتى ودرّس . ثم عاد إلى نيسابور فبنى له فيها الوزير نظام الملك المدرسة النظامية، وكان يحضر دروسه أكابر العلماء . وبقي على ذلك قريباً من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع، ودافع فيها عن الأشعرية فشاع ذكره في الآفاق، إلا أنه في نهاية حياته رجع إلى مذهب السلف . وقد قال في رسالته: النظامية والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة إتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة … ويعضد ذلك ما ذهب إليه في كتابه غياث الأمم في التياث الظلم، فبالرغم من أن الكتاب مخصص لعرض الفقه السياسي الإسلامي فقد قال فيه:" والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين، قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات … " .
ـ نقل القرطبي في شرح مسلم أن الجويني كان يقول لأصحابه: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به" . توفي رحمه الله بنيسابور وكان تلامذته يومئذ أربعمائة . ومن مصنفاته : العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية، البرهان في أصول الفقه، ونهاية المطلب في دراية المذهب في فقه الشافعية، والشامل في أصول الدين .
• الفخر الرازي (544هـ ـ 1150م) (606هـ ـ 1210م): هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن الحسين التيمي الطبرستاني الرازي المولد، الملقب فخر الدين المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعي قال عنه صاحب وفيات الأعيان " إنه فريد عصره ونسيج وحده، فاق أهل زمانه في علم الكلام (*)، والمعقولات " أهـ، وهو المعبر عن المذهب (*) الأشعري في مرحلته الأخيرة حيث خلط الكلام بالفلسفة (*)، بالإضافة إلى أنه صاحب القاعدة الكلية التي انتصر فيها للعقل وقدمه على الأدلة الشرعية . قال فيه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: (4/426 ـ 429): " كان له تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث الحيرة، وكان يورد شبه الخصوم بدقة ثم يورد مذهب أهل السنة على غاية من الوهن " إلا أنه أدرك عجز العقل (*) فأوصى وصية تدل على حسن اعتقاده . فقد نبه في أواخر عمره إلى ضرورة إتباع منهج (*) السلف، وأعلن أنه أسلم المناهج بعد أن دار دورته في طريق علم الكلام (*) فقال: " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية رأيتها لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق، طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات (الرحمن على العرش استوى) و (إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه)، و أقرأ في النفي (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) و (ولا يحيطون به علماً)، ثم قال في حسرة وندامة: "ومن جرب تجربتي عرف معرفتي " أهـ . (الحموية الكبرى لابن تيمية) .
من أشهر كتبه في علم الكلام: أساس التقديس في علم الكلام، شرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا، واللوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات، البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والضلال، كافية العقول.
الأفكار والمعتقدات:
• مصدر التلقي عند الأشاعرة: الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام ؛ ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض، صرح بذلك الرازي في القانون الكلي للمذهب في أساس التقديس والآمدي وابن فورك وغيرهم .
ـ عدم الأخذ بأحاديث الآحاد(*) في العقيدة لأنها لا تفيد العلم اليقيني ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي. والمتواتر(*) منها يجب تأويله، ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل فرادى لتبليغ الإسلام كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن، ولقوله صلى الله عليه وسلم : "نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها … " الحديث، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة .
ـ مذهب طائفة منهم وهم: صوفيتهم كالغزالي والجامي في مصدر التلقي، تقديم الكشف(*) والذوق على النص، وتأويل النص ليوافقه . ويسمون هذا "العلم اللدني" جرياً على قاعدة الصوفية "حدثني قلبي عن ربي" . وكما وضح ذلك في الرسالة اللدنية 1/114ـ118 من مجموعة القصور العوالي، وكبرى اليقينيات لمحمد سعيد رمضان البوطي، الإهداء ـ 32ـ35 . ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج (*) أهل السنة والجماعة (*) وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب .
• يقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التلقي إلى ثلاثة أقسام:
ـ قسم مصدره العقل(*) وحده وهو معظم الأبواب ومنه باب الصفات ولهذا يسمون الصفات التي تثبت بالعقل " عقلية " وهذا القسم يحكم العقل بوجوبه دون توقف على الوحي (*) عندهم . أما ما عدا ذلك من صفات خبرية دل الكتاب والسنة عليها فإنهم يؤولونها .
ـ قسم مصدره العقل والنقل معاً كالرؤية ـ على خلاف بينهم فيها .
ـ قسم مصدره النقل وحده وهو السمعيات ذات المغيبات من أمور الآخرة كعذاب القبر والصراط والميزان وهو مما لا يحكم العقل باستحالته، فالحاصل أنهم في صفات الله جعلوا العقل حاكماً، وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلاً، وفي الرؤية جعلوه مساوياً. أما في مذهب أهل السنة والجماعة فلا منافاة بين العقل والنقل أصلاً ولا تقديم للعقل في جانب وإهماله في جانب آخر وإنما يُبدأ بتقديم النقل على العقل .
• خالف الأشاعرة مذهب السلف في إثبات وجود الله تعالى، ووافقوا الفلاسفة والمتكلمين في الاستدلال على وجود الله تعالى بقولهم: إن الكون حادث ولا بد له من محدث قديم وأخص صفات القديم مخالفته للحوادث وعدم حلوله فيها . ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس بجوهر ولا جسمٍ ولا في جهة ولا في مكان . وقد رتبوا على ذلك من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت حصر مثل: إنكارهم صفات الرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم من أجل الرد على القائلين بقدم العالم، بينما طريقة السلف هي طريقة القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الخالق سبحانه وتعالى .
• التوحيد عند الأشاعرة هو نفي التثنية والتعدد بالذات ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي نفي الكمية المتصلة والمنفصلة . وفي ذلك يقولون: إن الله واحد في ذاته لا قسيم له، واحد في صفاته لا شبيه له، واحد في أفعاله لا شريك له . ولذلك فسروا الإله (*) بأنه الخالق أو القادر على الاختراع، و أنكروا صفات الوجه واليدين والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم. وفي هذا مخالفة كبيرة لمفهوم التوحيد عند أهل السنة والجماعة (*) من سلف الأمة ومن تبعهم ـ، وبذلك جعل الأشاعرة التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته .
وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد هو أول واجب على العبيد إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف (*) أو تعطيل (*) أو تكييف أو تمثيل .
ـ إن أول واجب عند الأشاعرة إذا بلغ الإنسان سن التكليف هو النظر أو القصد إلى النظر ثم الإيمان، ولا تكفي المعرفة الفطرية ثم اختلفوا فيمن آمن بغير ذلك بين تعصيته و تكفيره ..
بينما يعتقد أهل السنة والجماعة أن أول واجب على المكلفين هو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له، توحيد الألوهية بدليل الكتاب والسنة والإجماع (*)، وأن معرفة الله تعالى أمر فطري مركوز في النفوس .
ـ يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين واليمين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل (*) حيث شمل أكثر نصوص الإيمان، خاصة فيما يتعلق بإثبات الزيادة والنقصان، وكذلك موضوع عصمة الأنبياء . أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص ـ بمعنى تحريفه ـ أو تفويضه (*)، سواءً كان في نصوص الصفات أو غيرها .
• الأشاعرة في الإيمان بين: المرجئة (*) التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان، وبين الجهمية (*) التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين أن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين، (تبسيط العقائد الإسلامية 29ـ32) . و مال إليه البوطي و (كبرى اليقينيات 196) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون) [الجاثية:21]. عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن هناك داع لحرص النبي صلى الله عليه وسلم على قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله وغير ذلك كثير .
• الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير (*) فتارة يقولون لا نكفر أحداً، وتارة يقولون لا نكفر إلا من كفرنا، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق والتبديع، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون: إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر .
أما أهل السنة والجماعة (*) فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً،ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفره بإثبات شروط وانتفاء موانع 0
• قولهم بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة ولكنه كلام الله النفسي وأن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة . يقول صاحب الجوهرة: " يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم " وذلك في محاولة لم يحالفها النجاح للتوفيق بين أهل السنة والجماعة (*) والمعتزلة .أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو: أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل و سمعه موسى ـ عليه السلام ـ ويسمعه الخلائق يوم القيامة . يقول تعالى: (وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله).
• والإيمان والطاعة بتوفيق الله، والكفر (*) والمعصية بخذلانه ، والتوفيق عند الأشعري، خلق القدرة على الطاعة، والخذلان عنده: خلق القدرة على المعصية، وعند بعض أصحاب الأشعري، تيسير أسباب الخير هو التوفيق وضده الخذلان .
• كل موجود يصح أن يرى، والله موجود يصح أن يُرى، وقد ورد في القرآن أن المؤمنين يرونه في الآخرة، قال تعالى: (وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة) [القيامة:22]. ولكن يرى الأشاعرة أنه لا يجوز أن تتعلق به الرؤية على جهة ومكان وصورة ومقابلة واتصال شعاع فإن كل ذلك مستحيل ! وفي ذلك نفي لعلو الله تعالى والجهة بل ونفي للرؤية نفسها . ويقترب الرازي كثيراً من قول المعتزلة في تفسيره للرؤية بأنها مزيد من الانكشاف العلمي .
• حصر الأشاعرة دلائل النبوة (*) بالمعجزات (*) التي هي الخوارق، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النبي صلى الله عليه وسلم بينما يرى جمهور أهل السنة أن دلائل ثبوت النبوة (*) للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات .
• صاحب الكبيرة (*) إذا خرج من الدنيا بغير توبة حكمه إلى الله تعالى، إما أن يغفر له برحمته، وإما أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم، موافقة لمذهب (*) أهل السنة والجماعة (*) .
• يعتقد الأشاعرة أن قدرة العبد لا تأثير لها في حدوث مقدورها ولا في صفة من صفاته، وأن الله تعالى أجرى العادة بخلق مقدورها مقارناً لها، فيكون الفعل خلقاً من الله وكسباً من العبد لوقوعه مقارناً لقدرته . ولقد عدَّ المحققون " الكسب " هذا من محالات الكلام وضربوا له المثل في الخفاء والغموض، فقالوا: " أخفى من كسب الأشعري "، وقد خرج إمام الحرمين وهو من تلاميذ الأشعري عن هذا الرأي، وقال بقول أهل السنة والجماعة بل والأشعري نفسه في كتاب الإبانة رجع عن هذا الرأي .
• قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً، ولكنهم قالوا إن الله يجعل لكل نبي معجزة لأجل إثبات صدق النبي صلى الله عليه وسلم فتناقضوا في ذلك بين ما يسمونه نفي الحكمة والغرض وبين إثبات الله للرسول(*) المعجزة تفريقاً بينه وبين المتنبئ .
• وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة والجنة والنار، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .
• كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأ وعن اجتهاد منهم، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم، لأن الطعن فيهم إما كفر، أو بدعة، أو فسق، كما يرون الخلافة في قريش، وتجوز الصلاة خلف كل برٍ وفاجر، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات .
• فضلاً عن تصدي الأشعري للمعتزلة ومحاجتهم بنفس أسلوبهم الكلامي ليقطع شبهاتهم ويرد حجتهم عليهم، تصدى أيضاً للرد على الفلاسفة والقرامطة والباطنية (*)، والروافض (*) وغيرهم من أهل الأهواء الفاسدة والنحل الباطلة .
• والأشعري في كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي هو آخر ما ألَّف من الكتب على أصح الأقوال (1)، رجع عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل .. يقول رحمه الله:" وقولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا عليه السلام، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته ـ قائلون، ولما خالف قوله مخالفون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق، ورفع به ضلال الشاكِّين، فرحمة الله عليه من إمام مقدَّم وجليل معظَّم وكبير مفخَّم ".
• إن مدرسة الأشعرية الفكرية لا تزال مهيمنة على الحياة الدينية في العالم الإسلامي، ولكنها كما يقول الشيخ أبو الحسن الندوي: " فقدت حيويتها ونشاطها الفكري، وضعف إنتاجها في الزمن الأخير ضعفاً شديداً وبدت فيها آثار الهرم والإعياء ". لماذا ؟
ـ لأن التقليد طغى على تلاميذ هذه المدرسة وأصبح علم الكلام (*) لديهم علماً متناقلاً بدون تجديد في الأسلوب .
ـ لإدخال مصطلحات الفلسفة (*) وأسلوبها في الاستدلال في علم الكلام .. فكان لهذا أثر سيئ في الفكر الإسلامي، لأن هذا الأسلوب لا يفيد العلم القطعي .. ولهذا لم يتمثل الأشاعرة بعد ذلك مذهب أهل السنة والجماعة (*) ومسلك السلف، تمثُّلاً صحيحاً، لتأثرهم بالفلاسفة وإن هم أنكروا ذلك .. حتى الغزالي نفسه الذي حارب الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة يقول عنه تلميذه القاضي ابن العربي: " شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر".
ـ تصدي شيخ الإسلام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية التي انحرفت عن الكتاب والسنة ـ ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم ـ في كتابه القيم: درء تعارض العقل والنقل وفنَّد آراءهم الكلامية، وبيَّن أخطاءهم وأكَّد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيدة .
الجذور الفكرية والعقائدية:
• كما رأينا في آراء أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية أن العقيدة الإسلامية، كما هي في الكتاب والسنة وعلى منهج(*) ابن كلاب هي الأساس في آرائه الكلامية وفي ما يتفق مع أحكام العقل(*) .
• تأثر أئمة المذهب بعد أبي الحسن الأشعري ببعض أفكار ومعتقدات: الجهمية(*) من الإرجاء(*) والتعطيل(*)، وكذلك بالمعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف(*) نصوصها، ونفي العلو والصفات الخبرية كما تأثرو بالجبرية في مسألة القدر(*).
• لا ينفي ذلك تأثرهم بعقيدة أهل السنة والجماعة (*) فيما وافقوهم فيها .
الانتشار ومواقع النفوذ:
انتشر المذهب (*) الأشعري في عهد وزارة نظام الملك الذي كان أشعريِّ العقيدة، وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية السلجوقية، ولذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة .
وزاد في انتشارها وقوتها مدرسة بغداد النظامية، ومدرسة نيسابور النظامية، وكان يقوم عليهما رواد المذهب الأشعري، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامي وقتها، كما تبنى المذهب وعمل على نشره المهدي بن تومرت مهدي الموحدين، ونور الدين محمود زنكي، والسلطان صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء عليه، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين . ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله، لا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية وله جامعاته ومعاهده المتعددة .
يتضح مما سبق:
أن الأشاعرة فرقة كلامية إسلامية تنسب إلى أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية التي خرج فيها على المعتزلة ودعا فيها إلى التمسك بالكتاب والسنة، على طريقة ابن كلاب، وهي تثبت بالعقل (*) الصفات العقلية السبع فقط لله تعالى، (الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام) واختلفوا في صفة البقاء، أما الصفات الاختيارية والمتعلقة بالمشيئة من الرضا والغضب والفرح والمجيء والنزول فقد نفوها، بينما يؤلون الصفات الخبرية لله تعالى أو يفوضون معناها . ويؤمن متأخرو الأشاعرة ببعض الأفكار المنحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة (*) التي تصدى لها ولغيرها شيخ الإسلام ابن تيمية، لا سيما في مجال العقيدة، حيث أكد أن أسلوب القرآن والسنة بفهم السلف الصالح هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيدة والدين . وعموماً فإن عقيدة الأشاعرة تنسب إلى عقيدة أهل السنة والجماعة بالمعنى العام في مقابل الشيعة (*) ، وأن الأشاعرة وبخاصة أشاعرة العراق الأوائل أمثال أبو الحسن الأشعري، والباهلي، وابن مجاهد، والباقلاني وغيرهم، أقرب إلى السنة والحق من الفلاسفة والمعتزلة بل ومن أشاعرة خراسان كأبي بكر بن فورك وغيره، وإنهم ليحمدوا على مواقفهم في الدفاع عن السنة والحق في وجه الباطنية (*) والرافضة (*) والفلاسفة، فكان لهم جهدهم المحمود في هتك أستار الباطنية وكشف أسرارهم، بل وكان لهم جهادهم المشكور في كسر سورة المعتزلة والجهمية (*).
إلا أنه ينبغي عليهم وقد تبينت الأمور في هذا الزمان أن يتخلصوا من مخالفاتهم ، ويلحقوا بأهل السنة ، وما ذلك على الله بعزيز .
المصدر : صيد الفوائد
الجهمية والمعتزلة
الفصل الأول: التعريف بالجهمية وبمؤسسها
س: من هي الجهمية؟ ومن هو مؤسسها؟
ج: الجهمية إحدى الفرق الكلامية التي تنتسب إلي الإسلام، ولها آراء خاطئة في مفهوم الإيمان وفي صفات الله تعالي وأسمائه، وترجع في نسبتها إلي مؤسسها الجهم بن صفوان الترمذي، وهو من أهل خراسان، ظهر في المائة الثانية من الهجرة سنة 2هـ،ويكني بأبي محرز، وهو من الجبرية الخالصة، وأول من ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته، وكان مولى لبني راسب إحدى قبائل الأزد، وكان من أخلص أصدقاء الحارث بن سريج إلي أن قتلا سنة 128 هـ، وقيل: إن الجهم قتل سنة 130، وقيل سنة 132هـ، وكان الجهم كثير الجدال والخصومات والمناظرات، وإلا أنه لم يكن له بصر بعلم الحديث ولم يكن من المهتمين به، إذ شغله علم الكلام عن ذلك.
الفصل الثاني: نشأة الجهمية
س: كيف نشأت الجهمية؟
ج: كانت نقطة الانتشار لهذه الطائفة بلدة ترمذ التي ينتسب إليها الجهم، ومنها انتشرت في بقية خراسان، ثم تطورت فيما بعد وانتشرت بين العامة والخاصة، وقد ذكر شيخ الإسلام درجات الجهمية وقسمهم إلي ثلاث درجات:
الدرجة الأولي: وهم الجهمية الغالية النافون لأسماء الله وصفاته، وإن سموه بشيء من الأسماء الحسنى قالوا: هو مجاز.
الدرجة الثانية من الجهمية: وهم المعتزلة ونحوهم، الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة لكن ينفون صفاته.
الدرجة الثالثة: وهم قسم من الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية، ولكن فيهم نوع من التجهم، وهم الذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة ولكنهم يريدون طائفة من الأسماء، والصفات الخبرية وغير الخبرية ويؤولونها.
ومنهم من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث كما عليه كثير من أهل الكلام والفقه، وطائفة من أهل الحديث، ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضاً في الجملة، لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول، وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتبعه، وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلي السنة المحضة أقرب منهم إلي الجهمية والرافضة والخوارج والقدرية.
الفصل الثالث: بيان مصدر مقالة الجهمية
س: ما هو مصدر مقالة الجهمية؟
ج: يذكر شيخ الإسلام أصل مقالة التعطيل وأنها ترجع في نهايتها إلى اليهود والصابئين والمشركين والفلاسفة الضالين، وأول ما ظهرت هذه المقالة من جعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، وقد قيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان وأخذها أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الرابع: ذكر أهم عقائد الجهمية إجمالاً
س: ما هي أهم عقائد الجهمية؟
ج: 1- إنكار جميع الأسماء والصفات لله عز وجل ويجعلونها من باب المجاز، ويزعمون أن إثبات الصفات يقتضي أن يكون الله جسما، ويقتضي مشابهة الله لخلقه، وهذا الكلام هو من أفكار ملاحدة الفلاسفة.
2- القول بالجبر والإرجاء، والجبر هو إسناد ما يفعله الشخص من أعمال إلي الله عز وجل، وأن العبد لا قدرة له البتة على الفعل، وإنما هو مجبور على فعله.
3- إنكار الصراط والميزان ورؤية الله تعالي وعذاب القبر.
4- القول بفناء الجنة والنار.
5- نفي أن يكون الله متكلماً بكلام يليق بجلاله، والقول بأن القرآن مخلوق.
6- أن الإيمان هو المعرفة بالله.
7- نفي أن يكون الله تعالي في جهة العلو.
8- والقول بأن الله قريب بذاته، وأن الله مع كل أحد بذاته عز وجل، وهذا هو المذهب الذي بنى عليه أهل الاتحاد والحلول أفكارهم.
الفصل الخامس: الحكم على الجهمية
س: ما هو الحكم على الجهمية؟
ج: اختلف الناس في إطلاق الكفر على الجهمية، فهناك من يحكم بكفرهم، وهناك من يدافع عنهم، ولقد ذهب كثير من علماء السلف إلى تكفير الجهمية وإخراجهم من أهل القبلة، ومن هؤلاء الإمام الدارمي أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي، واستدل بالقرآن الكريم، حيث أخبر عن قريش قالوا عن القرآن: (إن هذا إلا قول البشر) أي مخلوق، وهو نفسه قول الجهم بخلقه، ومن الأثر ما ورد عن علي وابن عباس في قتلهم الزنادقة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه "، كما أورد الدارمي جملة من أسماء الذين حكموا بكفر الجهمية صراحة، ومنهم: سلام بن أبي مطيع، وحماد بن زيد، ويزيد بن هارون، وابن المبارك، ووكيع، وحماد بن أبي سليمان، ويحي بن يحيى، وأبو توبة الربيع ابن نافع، ومالك بن أنس.
المعتزلة
الفصل الأول: نشأتهم
س: كيف نشأت المعتزلة؟
ج: المعتزلة اسم يطلق على فرقة ظهرت في الإسلام في القرن الثاني الهجري ما بين سنة 105 وسنة 110هـ، بزعامة رجل يسمي واصل بن عطاء الغزال، وقد أصبحت المعتزلة فرقة كبيرة تفرعت عن الجهمية في معظم الآراء، ثم انتشرت في أكثر بلدان المسلمين انتشارا واسعا، وهناك روايات يذكرها الباحثون في كيفية نشأة المعتزلة:
1- إذ يرى بعض العلماء أن أصل بدء الاعتزال كان في زمن الخليفة الراشد علي رضي الله عنه، حينما اعتزل جماعة من الصحابة كانوا معه السياسة، وتركوا الخوض في تلك الخلافات التي نجمت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وهذا القول باطل لا صحة له، وقد أيده الشيخ محمد الطاهر النيفر.
2- ويرى أكثر العلماء أن أصل بدء الاعتزال هو ما وقع بين الحسن البصري وواصل بن عطاء من خلاف في حكم أهل الذنوب.
وقد تفرقت المعتزلة فرقا كثيرة، إلا أنه يجمعهم إطار عام وهو الاعتقاد بالأصول الخمسة، وهي التوحيد على طريقة الجهمية والعدل على طريقة القدرية، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على طريقة الخوارج.
الفصل الثاني: أسماء المعتزلة وسبب تلك التسميات
س: ما أسماء المعتزلة وما سبب تلك التسميات؟
ج: أ- الأسماء التي لا يحبها المعتزلة:
1- المعتزلة: ويرجع سبب التسمية إلى اعتزال أول زعيم لهم وهو واصل ابن عطاء الغزالي إلى حلقة الحسن البصري حينما ألقي رجل سؤالا عن مرتكبي الذنوب فبادر واصل إلى الجواب قبل أن يجيب الحسن، حيث أجاب بأنهم في منزلة بين المنزلتين، وسموا معتزلة على سبيل الذم من قبل المخالفين لهم.
2- جهمية: ولهذا الاتفاق بين المعتزلة والجهمية في تلك المسائل العقدية، ولسبق الجهمية في الظهور، أطلق العلماء اسم الجهمية على المعتزلة، وذلك لأن المعتزلة هم الذين أحيوا آراء الجهمية في مبدأ ظهورهم، والجهمية أعم من المعتزلة فكل معتزلي جهمي، وليس كل جهمي معتزليا.
3- القدرية: بسبب موافقتهم القدرية في إنكار القدر وإسنادهم أفعال العباد إلى قدرتهم، وهم لا يرضون بهذا الاسم ويرون أنه ينبغي أن يطلق على الذين يقولون بالقدر خيره وشره من الله تعالى لا عليهم، وكان أول المتكلمين في القدر والمقررين له معبد الجهني وغيلان الدمشقي.
4- الثنوية والمجوسية: وهم ينفرون من هذا الاسم، وسموا بهذا لأن مذهبهم يقرر أن الخير من الله والشر من العبد، وهو يشبه مذهب الثنوية والمجوس الذي يقرر وجود إلهين: أحدهما للخير والآخر للشر.
5- الوعيدية: وهو ما اشتهروا به من قولهم بإنفاذ الوعد.
6- المعطلة : وهو اسم للجهمية أيضا ثم أطلق على المعتزلة لموافقتهم الجهمية في نفي الصفات وتعطيلها.
ب- الأسماء التي يحبها المعتزلة:
1- المعتزلة : وقد سبق أنه اسم ذم وهو كذلك إلا أن المعتزلة أخذوا يدللون على أنه اسم مدح بمعنى الاعتزال عن الشرور والمحدثات واعتزال الفتن.
2- أهل العدل والتوحيد أو "العدلية ": والعدل عندهم يعنى نفي القدر عن الله تعالى، أو أن تضاف إليه أفعال العباد القبيحة، والتوحيد عندهم يعنى نفى الصفات عن الله تعالى، وتسميتهم بالعدلية اسم مدح اخترعوه لأنفسهم.
3- أهل الحق: لأنهم يعتبرون أنفسهم على الحق ومن عداهم على الباطل.
4- الفرقة الناجية: لينطبق عليهم ما ورد في فضائل هذه الفرقة.
5- المنزهون الله : لزعمهم حين نفوا الصفات أنهم ينزهون الله، وأطلقوا على من عداهم وخصوصا أهل السنة أسماء جائرة كاذبة مثل: القدرية – المجيزة – المشبه – الحشوية – النابتة.
س: متى عظم أمر المعتزلة؟
ج: عظم أمر المعتزلة حينما استطاعوا اختطاف الخليفة العباسي المأمون إلى جانبهم، ووقع في يد أحمد بن أبي دؤاد، ومن ثم ناصر المعتزلة بكل ما لديه من قوة، ولقي المسلمون عنتا شديدا منه، وأوذي الكثير من العلماء الأجلاء وعلى رأسهم الإمام أحمد رحمه الله.
س: هل اتفقت مفاهيم المعتزلة مع القدرية؟
ج: اتفقت مفاهيم المعتزلة مع القدرية في مسألة من أهم مسائل العقيدة، ألا وهى القدر، فذهبت المعتزلة والقدرية إلى القول بأن الله تعالى غير خالق لأفعال الناس، بل الناس هم الذين يخلقون أفعالهم بأنفسهم، وليس لله تعالى أي صنع في ذلك ولا قدرة ولا مشيئة ولا قضاء، وكل هذا باطل، فإن الله تعالى يقول:(والله خلقكم وما تعملون)، ويقول سبحانه وتعالى في نفاذ مشيئته:(وما تشاءون إلا أن يشاء الله).
الفصل الثالث: مشاهير المعتزلة القدرية الجهمية
س: من هم مشاهير المعتزلة القدرية الجهمية؟
ج: بشر بن السري، وثور بن زيد المدني، وثور بن يزيد الحمصي، وحسان بن عطية المحاربي، والحسن بن ذكوان، وداود بن الحصين، وزكريا بن إسحاق، وسالم بن عجلان، وسلام بن عجلان، وسلام بن مسكين وغيرهم.
الفصل الرابع: ذكر أهم عقائد المعتزلة إجمالا
س: ما هي أهم عقائد المعتزلة؟
ج: 1- اختلفوا في المكان لله تعالي، فذهب بعضهم – وهم جمهورهم – إلى أن الله تعالى في كل مكان بتدبيره، وهذا قول أبي الهذيل والجعفرين، والإسكافي، ومحمد بن عبد الوهاب الجبائي، وذهب آخرون إلى أن الله تعالى لا في مكان، بل هو على ما لم يزل عليه، وهذا قول هشام الفوطي وعباد بن سليمان وأبي زفر.
2- ذهبوا إلى أن الاستواء هو بمعنى الاستيلاء.
3- أجمعوا على أن الله لا يرى بالأبصار.
4- اختلفوا في صفة الكلام لله تعالى، فذهب بعضهم إلى إثباتها وبعضهم إلى إنكارها.
وإن أبرز سمات هذه الطائفة في باب الأسماء والصفات تظهر في إنكارهم الصفات وتعطيلها، وأنهم بنوا آراءهم ومعتقداتهم في أصول خمسة، لا يسمي الشخص معتزليا إلا إذا حققها واعتقد صحتها.
الفصل الخامس: الأصول الخمسة للمعتزلة بيانها، والرد عليها
س: ما هي الأصول الخمسة للمعتزلة؟ وما الرد عليها؟
ج: 1- التوحيد: والتوحيد عندهم يعنى نفى الصفات عن الله تعالى، وقد حرص المعتزلة على إنكار صفات لله تعالى بحجة أن إثباتها يستلزم تعدد القدماء وهو شرك على حد زعمهم، والمخرج من ذلك هو نفى الصفات وإرجاعها إلى ذات الباري تعالي فيقال: عالم بذاته قادر بذاته.. الخ، والرد عليهم أن السلف رحمهم الله يثبتون صفات الله عز وجل كما جاءت في الكتاب والسنة دون تحريف أو تأويل، مع معرفتهم بمعانيها وتوقفهم في بيان كيفياتها، لأنهم يؤمنون بأن الكلام في صفة كل شيء فرع عن تصور ذاته، والله عز وجل له ذات لا تشبه الذات ولا يعلم أحد كيفيتها، وصفاته كذلك ثابتة على ما يليق بذاته جل وعلا.
2- العدل: والعدل عندهم يعنى نفي القدر عن الله تعالى، أو أن تضاف إليه أفعال العباد القبيحة، وأن الله تعالى غير خالق لأفعال العباد وأن العباد هم الخالقون لأفعالهم، واستدلوا بالآية الكريمة:
(ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)، فقد فسروا التفاوت هنا بالحكمة، بينما الصحيح أن التفاوت المنفي هنا هو التفاوت في الخلقة، أي لا يوجد في خلق السموات والأرض من تفاوت، أي من عيب أو خلل، لقلة استوائهما بل هما في أدق تناسب وإتقان، ويلتحق بمسألة العدل مسائل من أهمها الصلاح والأصلح، واللطف من الله تعالى، وإرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام.
3- الوعد والوعيد: ويقصدون بالوعد أنهم يوجبون على ربهم أن ينفذ وعده وأن يعطي العبد أجر ما كلفه به من طاعات استحقاقا منه على الله مقابل وعد الله له إذا التزم العبد بجميع التكاليف التي اختارها الله وكلف بها عباده، واستدلوا بقوله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما)، حيث فسروا هذا الوقوع بمعني الوجوب، والحق أن دخول الجنة إنما هو بفضل الله أولا وأخيرا، وليس للعبد على ربه أي استحقاق غير أن الله تعالي أوجب على نفسه أنه لا يظلم عمل عامل من ذكر أو أنثي، فجعل العمل من الأسباب دخول الجنة، والأسباب نفسها إنما هي تفضيل من الله تعالى.
وأما الوعيد فهو ما يتعلق بأحكام المذنبين من عصاه المؤمنين إذا ماتوا من غير توبة، وقد أوضح المعتزلة رأيهم في هذا وهو أن أصحاب الكبائر إذا ماتوا من غير توبة فإنهم يستحقون بمقتضى الوعيد من الله النار خالدين فيها إلا أن عقابهم يكون أخف من عقاب الكفار، وقد استدلوا من القرآن الكريم بكل آية يذكر فيها عقاب العصاة بالنار والخلود فيها، والواقع أن قولهم غير مسلم، وهو خطأ في فهم النصوص وحمل لها على غير معانيها الصحيحة، فإن الآيات لا تدل على خلود أصحاب المعاصي من المؤمنين خلودا أبديا حتميا، ذلك أن الله عز وجل قد يعفو عنهم ابتداء وقد يعذبهم بقدر ذنوبهم ثم يخرجهم الله بتوحيدهم وإيمانهم، ومن ناحية أخرى، فإن خلف الوعيد من فعل الكرام وهى صفة مدح، بخلاف خلف الوعد فإنها صفة ذم، والله عز وجل يتنزه عنها.
4- المنزلة بين المنزلتين: وتلقب هذه المسألة حسب ما يذكره القاضي عبد الجبار "بمسألة الأسماء والأحكام"، ويريدون بالمنزلة بين المنزلتين المؤمن صاحب المعاصي، فهو عندهم ليس بمؤمن ولا كافر بل يفرد له حكم ثالث وهو تسميته " فاسقا" في الدنيا، والحكم بخلوده في النار في الآخرة، فاختلف اسمه وحكمه في الدنيا فاستحق أن يكون في منزلة بين المنزلتين، والواقع أن العاصي غير خارج من الملة بفسقه بل هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، ولم تخرجه النصوص عن الإيمان لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه، ولا في إجماع الأمة.
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وقد توافق أهل السنة والمعتزلة في حكم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كونه من الواجبات على الكفاية، إلا أنه وقع خلاف بين أهل السنة والمعتزلة فيما يلي:
أ- طريقة تغيير المنكر، فقد ساروا فيها عكس الحديث الذي بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم موقف المسلم إزاء تغيير المنكرات، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
ب- أوجبوا الخروج على السلطان الجائر.
ج- حمل السلاح في وجوه المخالفين لهم سواء كانوا من الكفار أو من أصحاب المعاصي من أهل القبلة.
مختصر كتاب (فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها) للدكتور غالب العواجي
المرجئة
الفصل الأول: التعريف بالإرجاء لغة واصطلاحاً وبيان أقوال العلماء في ذلك
س: ما هو الإرجاء لغة واصطلاحا؟
ج: الإرجاء في اللغة: يطلق على عدة معاني منها: (الأمل) قال تعالى: {وترجون من الله ما لا يرجون}، و(الخوف) قال تعالى: {ما لكم ترجون لله وقاراً}، و(التأخير) قال تعالى {قالوا أرجه وأخاه}، وكذلك إعطاء الرجاء، وقد يهمز وقد لا يهمز.
وأما في الاصطلاح: فقد اختلف العلماء في الإرجاء:
1- أن الأرجاء في الاصطلاح مأخوذ من معناه اللغوي؛ أي بمعنى التأخير والإمهال – وهو إرجاء العمل عن درجة الإيمان، وجعله في منزلة ثانية بالنسبة للإيمان لا أنه جزء منه، وأن الإيمان يتناول الأعمال على سبيل المجاز.
2- وذهب آخرون إلى أن الأرجاء يراد به تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضى عليه في الدنيا حكم ما.
3- وبعضهم ربط الإرجاء بما جرى في شأن علي رضي الله عنه من تأخيره في المفاضلة بين الصحابة إلى الدرجة الرابعة، أو إرجاء أمره هو وعثمان إلى الله ولا يشهدون عليهما بإيمان ولا كفر، وخلص بعضهم من هذا المفهوم إلى وصف الصحابة الذين اعتزلوا الخوض في الفتن التي وقعت بين الصحابة وخصوصاً ما جرى بين علي ومعاوية من فتن ومعارك طاحنة، خلصوا إلى زعم أن هؤلاء هم نواة الإرجاء، حيث توقفوا عن الخوض فيها واعتصموا بالسكوت، وهذا خطأ من قائليه؛ فإن توقف بعض الصحابة إنما كان بغرض ريثما تتجلى الأمور، حيث توقفوا ثم أرجئوا الحكم في تلك الفتن وفوضوا أمر المختلفين فيها إلى الله سبحانه وتعالى فلم يحكموا بتخطئة أحد أو تصويبه مع اعترافهم بفضل الجميع، وليس إرجاء حكم هؤلاء الصحابة في علي ومعاوية هو أساس الإرجاء البدعي، فالواقع أن إطلاق اسم الإرجاء على كل من يقول عن الإيمان: إنه قول أو تصديق بلا عمل، أو القول بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا تنفع مع الكفر طاعة – هو الأغلب في عرف العلماء حينما يطلقون حكم الإرجاء على أحد؛ بل هو المقصود بالإرجاء.
الفصل الثاني: الأساس الذي قام عليه مذهب المرجئة
س: ما هو الأساس الذي قام عليه مذهب المرجئة؟
ج: الأساس الذي قام عليه مذهب الإرجاء هو الخلاف في حقيقة الإيمان ومم يتألف،وأكثر فرق المرجئة على أن الإيمان هو مجرد ما في القلب ولا يضر مع ذلك أن يظهر من عمله ما ظهر، حتى وإن كان كفراً وزندقة، وهذا مذهب الجهم بن صفوان، وذهب أبو حنيفة رحمة الله إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب والإقرار باللسان، وأن العاصي تحت المشيئة، وأنه لا يخرج عن الإيمان، وخالفوا أهل السنة في عدم إدخال العمل في الإيمان يزيد وينقص، فلم يقولوا بذلك، على أن في نسبة الإرجاء إلى أبى حنيفة من الخلاف الكثير بين العلماء، ولقد بذل كثير من علماء الأحناف جهدهم ليجعلوا الخلاف بينهم وبين أهل السنة في حقيقة الإيمان لفظياً، إلا أن كل هذه الحجج لا تجعل الخلاف لفظياً؛ وذلك أن أهل السنة لا يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان، فالتفرقة بين الأعمال والإيمان لا يقول بها السلف، كما أن السلف لا يرون أن الناس على درجة واحدة في الإيمان والتوحيد، كذلك حكم الأحناف للعصاة بالإيمان الكامل لم يوافقهم فيه السلف، كما أن السلف لا يوافقونهم في القول بعدم زيادة الإيمان ونقصانه.
الفصل الثالث: كيف نشأ الإرجاء وكيف تطور إلى مذهب
س: كيف نشأ الإرجاء وكيف تطور إلى مذهب؟
ج: الإرجاء في بدء الأمر كان يراد به في بعض إطلاقاته أولئك الذين أحبو السلامة والبعد عن الخلافات وترك المنازعات في الأمور السياسية والدينية، وخصوصاً ما يتعلق بالأحكام الأخروية من إيمان وكفر وجنة ونار، وما يتعلق كذلك بأمر علي وعثمان وطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة وغيرهم، وما جرى بين علي ومعاوية من أحداث، إلا أنه من الملاحظ أنه بعد قتل عثمان رضي الله عنه وبعد ظهور الخوارج والشيعة أخذ الإرجاء يتطور تدريجياً، فظهر الخلاف في حكم مرتكب الكبيرة ومنزلة العمل من الإيمان، ثم ظهر جماعة دفعوا بالإرجاء إلى الحد المذموم والغلو، فبدأ الإرجاء يتكون على صفة مذهب.
الفصل الرابع: بيان أول من قال بالإرجاء وبيان أهم زعماء المرجئة
س: من أول من قال بالإرجاء؟ ومن هم أهم زعماء المرجئة؟
ج: يذكر العلماء أن الحسن بن محمد بن الحنفية هو أول من ذكر الإرجاء في المدينة بخصوص علىّ وعثمان وطلحة والزبير،حينما خاض الناس فيهم وهو ساكت ثم قال: "قد سمعت مقالتكم ولم أر شيئاً أمثل من أن يرجأ علي وعثمان وطلحة والزبير، فلا يتولوا ولا يتبرأ منهم"، ولكنه ندم بعد ذلك على هذا الكلام وتمنى أنه مات قبل أن يقوله،ولم يلتفت الذين تبنوا القول بالإرجاء إلى ندم الحسن بعد ذلك، فإن كتابه عن الإرجاء انتشر بين الناس وصادف هوى في نفوس كثيرة فاعتنقوه، وقيل: إن أول من قال بالإرجاء على طريقة الغلو فيه هو رجل يسمى ذر بن عبد الله الهمداني وهو تابعي، وقد ذمه علماء عصره من أهل السنة، والجمع بين هذا القول والذي قبله يتضح باختلاف حقيقة الإرجاء عند الحسن وعند ذر بن عبد الله؛ إذ الإرجاء عند الحسن ترك الحكم على أولئك الأشخاص، وأما الإرجاء عند ذر فهو إخراج العمل عن مسمى الإيمان.
ومن كبار المرجئة ومشاهيرهم: الجهم بن صفوان، وأبو الحسين الصالحي، ويونس السمري، وأبو ثوبان، والحسين بن محمد النجار، وغيلان، ومحمد بن شبيب، وأبو معاذ التومني، وبشر المريسي، ومحمد بن كرام، ومقاتل بن سليمان المشبه لله عز وجل بخلقه ومثله الجواربي وهما من غلاة المشبهة.
الفصل الخامس: أصول المرجئة
س: ما هي أصول المرجئة؟
ج: تكاد فرق المرجئة تتفق في أصولها على مسائل هامة هي: تعريف الإيمان بأنه التصديق بالقول أو المعرفة أو الإقرار، وأن العمل ليس داخلاً في حقيقة الإيمان - مع أنهم لا يغفلون منزلة العمل من الإيمان تماماً إلا عند الجهم ومن تبعه في غلوه-، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن أصحاب المعاصي مؤمنون كاملو الإيمان بكمال تصديقهم، ولهم اعتقادات أخرى: كالقول بأن الإنسان يخلق فعله، وأن الله لا يرى في الآخرة، وقد تأثروا في هذه الآراء بالمعتزلة، وكذا رأيهم في أن الإمامة ليست واجبة، فإن كان ولا بد فمن أي جنس كان ولو كان غير قرشي، وقد تأثروا بهذا الرأي من الخوارج، ومن عقائد المرجئة الجهمية أن الكفر بالله هو الجهل به- وهو قول جهم -، وأن الإيمان هو المعرفة بالله فقط وأنه لا يتبعض، ومنها أن الجنة والنار تفنيان وتبيدان ويفنى أهلهما ولا خلود لأحد فيهما، وبعضهم ذهب إلى أن كل معصية فهي كبيرة، وبعضهم يذهب إلى أن غفران الله الذنوب بالتوبة تفضل من الله، وبعضهم إلى أنه باستحقاق، وبعضهم جوز على الأنبياء فعل الكبائر، وبعضهم ذهب في إثبات التوحيد إلى قول المعتزلة، وبعضهم إلى قول المشبهة، واختلفوا في القول بخلق القرآن، فمنهم من قال: إنه مخلوق. ومنهم من قال: غير مخلوق. ومنهم من توقف، واختلفوا في القول بالقدر فبعضهم نفى القدر وقال بأقوال المعتزلة، وبعضهم أثبته، واختلفوا في أسماء الله وصفاته، فبعضهم قال بأقوال عبد الله ابن كلاب، ومنهم من قال بأقوال المعتزلة.
س: ما هي اتجاهات الناس في حقيقة الإيمان؟
ج: اتجاهات الناس في حقيقة الإيمان هي:
أ- الذين قالوا: إن الإيمان بالقلب واللسان والجوارح:
1- الخوارج؛ مرتكب الكبيرة عندهم كافر.
2- المعتزلة؛ مرتكب الكبيرة عندهم في منزلة بين المنزلتين؛ يعني في الدنيا، وأما في الآخرة فقد وافقوا الخوارج في الحكم.
3- أهل السنة والجماعة.
ب- الذين قالوا: إنه يكون بالقلب واللسان فقط:
1- الذين يدخلون أعمال القلب وهم بعض قدماء المرجئة الفقهاء، وبعض محدثي الحنفية المتأخرين.
2- الذين لا يدخلون أعمال القلب، وقد تطور بهم الأمر إلى إخراج قول اللسان أيضاً من الإيمان وجعلوه علامة فقط، وهم عامة الحنفية "الماتريدية".
ج- الذين قالوا: إنه يكون بالقلب فقط:
1- الذين يدخلون فيه أعمال القلب جميعاً، وهم سائر فرق المرجئة: كاليونسية والشمرية والتومنية.
2- الذين يقولون: هو عمل قلبي واحد – المعرفة – الجهم بن صفوان.
3- الذين يقولون: هو عمل قلبي واحد – التصديق – الأشعرية والماتريدية.
د- الذين قالوا: إنه باللسان والجوارح فقط: الغسانية.
ه- الذين قالوا:إنه باللسان فقط: الكرّامية.
الفصل السادس: أقسام المرجئة
س: ما هي أقسام المرجئة؟
ج: انقسمت المرجئة في اعتقاداتها إلى أقسام كثيرة:
1- مرجئة السنة: وهم الأحناف: أبو حنيفة وشيخه حماد بن أبى سليمان ومن أتبعهما من مرجئة الكوفة وغيرهم، وهؤلاء أخروا العمل عن حقيقة الإيمان.
2- مرجئة الجبرية: وهم الجهمية أتباع جهم بن صفوان، وهم الذين اكتفوا بالمعرفة القلبية وأن المعاصي لا أثر لها في الإيمان، وأن الإقرار والعمل ليس من الإيمان.
3- مرجئة القدرية: الذين تزعمهم غيلان الدمشقي، وهم الغيلانية.
4- مرجئة خالصة: وهم فرق اختلف العلماء في عدهم لها.
5- مرجئة الكرامية: أصحاب محمد بن كرام، وهم الذين يزعمون أن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب.
6- مرجئة الخوارج: الشبيبية وبعض فرق الصفرية الذين توقفوا في حكم مرتكب الكبيرة.
الفصل السابع: أدلة المرجئة لمذهبهم والرد عليها
س: ما هي أدلة المرجئة لمذهبهم وما الرد عليها؟
ج: استندوا إلى إخراج الأعمال عن حقيقة الإيمان بما استنبطوه مما جاء في القرآن الكريم من إسناد الإيمان إلى القلب فقط، كقول الله تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وقوله تعالى: {من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب}، والرد عليهم أن هذه الآيات لا تدل على نفي دخول الأعمال في حقيقة الإيمان، بل غاية ما فيها التركيز على أهمية الإيمان القلبي الذي بدوره يثمر الإيمان بالقيام بأعمال الشرع الظاهرة، أو أنها أسندت إلى القلوب باعتبار أنها هي المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ومن أدلتهم كذلك ما جاء في أحاديث شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم في أقوام فيخرجهم الله من النار حتى لا يبقى من في قلبه ذرة أو برة أو شعيرة من الإيمان، وفيه عبارة: "لم يعملوا خيراً قط"، والرد عليهم أنه لابد من النظر إلى الأحاديث الكثيرة التي صرحت بأنهم من أهل الإيمان وعليهم أثر السجود الذي هو عبارة عن عمل الصلاة وأن الجهنميين يعرفون بذلك، وفي بعض الروايات أن المؤمنين يشفعون فيمن عرفوه بأنه من أهل الإيمان والعمل في الدنيا، وهذا لا يمنع أن فيه جماعة من الناس لهم أعمال لا يعلم بها إلا الله أخرجهم الله بسببها من النار، حيث ظهرت عليهم علامات إيمانهم وأعمالهم التي قدموها، وقوله: "لم يعملوا خيراً قط" لا ينفي العمل مطلقاً بل قد يكون لهم عمل وإن كان قليلاً إلى جانب إيمانهم وحسناتهم الأخرى فينفعهم ذلك، ثم إن هؤلاء معهم إيمان وعمل، ولولا ذلك لكانوا كسائر الكفار والمشركين يخلدون في النار، فلا مزية لخروجهم منها إلا ذلك، وربما أن الله أخرجهم أو أدخلهم الجنة لعزمهم على العمل ومباشرتهم الدخول فيه.
الفصل الثامن: مذهب أهل السنة في تعريف الإيمان
س: ما مذهب أهل السنة في تعريف الإيمان؟
ج: مذهب أهل السنة في الإيمان أنه قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وهذا هو الواضح من النصوص الكثيرة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، إلا أنه قد تختلف تعبيرات أهل السنة عن حقيقة الإيمان فيعرفونه بصيغ مختلفة، ولكن القصد واحد، وهو إدخال العمل في حقيقة الإيمان، واستدل أهل السنة على ذلك بأدلة منها قوله صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".
الفصل التاسع: منزلة مذهب المرجئة عند السلف
س: ما منزلة مذهب المرجئة عند السلف؟
ج: مذهب المرجئة المتأخرين منهم مذهب رديء وخطير، يهون المعصية، ويدعو إلي الكسل والخمول، ولذا تجد السلف يحذرون منه كثيراً ويذمونه لما اشتمل عليه من فساد وتمييع لمنزلة العمل في النفوس، وهذا المذهب ومذهب القدرية من المذاهب الرديئة.
مختصر كتاب (فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها) للدكتور غالب العواجي
القاديانية
التعريف:
القاديانية حركة (*) نشأت سنة 1900م بتخطيط من الاستعمار(*) الإنجليزي في القارة الهندية، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد(*) بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، وكان لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• كان مرزا غلام أحمد القادياني 1839ـ 1908م أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية. وقد ولد في قرية قاديان من بنجاب في الهند عام 1839م، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين (*) والوطن، وهكذا نشأ غلام أحمد وفياً للاستعمار مطيعاً له في كل حال، فاختير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون وينشغلوا به عن جهادهم للاستعمار الإنجليزي. وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم، فأظهروا الولاء لها، وكان غلام أحمد معروفاً عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات.
ـ وممن تصدى له ولدعوته الخبيثة، الشيخ أبو الوفاء ثناء الله الأمرتستري أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند، حيث ناظره وأفحم حجته، وكشف خبث طويته، وكفره ، وانحراف نحلته. ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك المرزا غلام أحمد القادياني في عام 1908م مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً، ومن أهم كتبه: إزالة الأوهام، إعجاز أحمدي، براهين أحمدية، أنوار الإسلام، إعجاز المسيح، التبليغ، تجليات إلهية.
• نور الدين: الخليفة الأول للقاديانية، وضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه فتبعه المريدون. من مؤلفاته: فصل الخطاب.
• محمد علي وخوجه كمال الدين: أمير القاديانية اللاهورية، وهما مُنَظّرا القاديانية وقد قدّم الأول ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية ومن مؤلفاته: حقيقة الاختلاف، النبوة في الإسلام، والدين الإسلامي. أما الخوجة كمال الدين فله كتاب المثل الأعلى في الأنبياء وغيره من الكتب، وجماعة لاهور هذه تنظر إلى غلام أحمد ميرزا على أنه مجدد فحسب، ولكنهما يعتبران حركة (*) واحدة تستوعب الأولى ما ضاقت به الثانية وبالعكس.
• محمد علي: أمير القاديانية اللاهورية، وهو مُنَظِّر القاديانية وجاسوس الاستعمار (*) والقائم على المجلة الناطقة باسم القاديانية، قدم ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية. من مؤلفاته: حقيقة الاختلاف، النبوة (*) في الإسلام على ما تقدم.
• محمد صادق: مفتي القاديانية، من مؤلفاته: خاتم النبيين.
• بشير أحمد بن الغلام: من مؤلفاته سيرة المهدي، كلمة الفصل.
• محمود أحمد بن الغلام وخليفته الثاني: من مؤلفاته أنوار الخلافة، تحفة الملوك، حقيقة النبوة.
• كان لتعيين ظفر الله خان القادياني كأول وزير للخارجية الباكستانية أثر كبير في دعم هذه الفرقة الضالة حيث خصص لها بقعة كبيرة في إقليم بنجاب لتكون مركزاً عالمياً لهذه الطائفة وسموها ربوة استعارة من نص الآية القرآنية (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين).[سورة المؤمنون، الآية: 50].
الأفكار والمعتقدات:
• بدأ غلام أحمد نشاطه كداعية إسلامي حتى يلتف حوله الأنصار ثم ادعى أنه مجدد وملهم من الله ثم تدرج خطوة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود ثم ادعى النبوة وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
• يعتقد القاديانيون أن الله يصوم ويصلي وينام ويصحو ويكتب ويخطئ ويجامع ـ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ـ.
• يعتقد القادياني بأن إلهه (*) إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية !!!.
• تعتقد القاديانية بأن النبوة (*) لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية، والله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً.
• يعتقدون أن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد وأنه كان يوحى إليه، وأن إلهاماته كالقرآن.
• يقولون لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود (الغلام)، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته، ولا نبي إلا تحت سيادة غلام أحمد.
• يعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم.
• يعتقدون أنهم أصحاب دين (*) جديد مستقل وشريعة مستقلة وأن رفاق الغلام كالصحابة.
• يعتقدون أن قاديان كالمدينة المنورة ومكة المكرمة بل وأفضل منهما وأرضها حرم وهي قبلتهم وإليها حجهم.
• نادوا بإلغاء عقيدة الجهاد (*) كما طالبوا بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية لأنها حسب زعمهم ولي الأمر بنص القرآن !!!.
• كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية: كما أن من تزوج أو زوج من غير القاديانيين فهو كافر.
• يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات والمسكرات.
الجذور الفكرية والعقائدية:
• كانت حركة (*) سير سيد أحمد خان التغريبية قد مهدت لظهور القاديانية بما بثته من الأفكار المنحرفة.
• استغل الإنجليز هذه الظروف فصنعوا الحركة القاديانية واختاروا لها رجلاً من أسرة عريقة في العمالة.
• في عام 1953م قامت ثورة (*) شعبية في باكستان طالبت بإقالة ظفر الله خان وزير الخارجية حينئذ واعتبار الطائفة القاديانية أقلية غير مسلمة، وقد استشهد فيها حوالي العشرة آلاف من المسلمين ونجحوا في إقالة الوزير القادياني.
• وفي شهر ربيع الأول 1394ه* الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام، وطالب المسلمون بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين.
• قام مجلس الأمة في باكستان (البرلمان المركزي) بمناقشة زعيم الطائفة مرزا ناصر أحمد والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله. وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة عجز فيها ناصر أحمد عن الأجوبة وانكشف النقاب عن كفر هذه الطائفة، فأصدر المجلس قراراً باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة.
• من موجبات كفر (*) الميرزا غلام أحمد الآتي:
ـ ادعاؤه النبوة (*).
ـ نسخه فريضة الجهاد (*) خدمة للاستعمار.
ـ إلغاؤه الحج إلى مكة وتحويله إلى قاديان.
ـ تشبيهه الله تعالى بالبشر.
ـ إيمانه بعقيدة التناسخ (*) والحلول (*).
ـ نسبته الولد إلى الله تعالى وادعاؤه أنه ابن الإله.
ـ إنكاره ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وفتح بابها لكل من هبَّ ودبَّ.
• للقاديانية علاقات وطيدة مع إسرائيل وقد فتحت لهم إسرائيل المراكز والمدارس ومكنتهم من إصدار مجلة تنطق باسمهم وطبع الكتب والنشرات لتوزيعها في العالم.
• تأثرهم بالمسيحية (*) واليهودية والحركات الباطنية (*) واضح في عقائدهم وسلوكهم رغم ادعائهم الإسلام ظاهرياً.
الانتشار ومواقع النفوذ:
• معظم القاديانيين يعيشون الآن في الهند وباكستان وقليل منهم في إسرائيل والعالم العربي ويسعون بمساعدة الاستعمار (*) للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه.
• وللقاديانيين نشاط كبير في أفريقيا، وفي بعض الدول الغربية، ولهم في أفريقيا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية، ونشاطهم الواسع يؤكد دعم الجهات الاستعمارية لهم.
• هذا وتحتضن الحكومة الإنجليزية هذا المذهب (*) وتسهل لأتباعه التوظف بالدوائر الحكومية العالمية في إدارة الشركات والمفوضيات وتتخذ منهم ضباطاً من رتب عالية في مخابراتها السرية.
• نشط القاديانيون في الدعوة إلى مذهبهم بكافة الوسائل، وخصوصاً الثقافية منها حيث أنهم مثقفون ولديهم كثير من العلماء والمهندسين والأطباء. ويوجد في بريطانيا قناة فضائية باسم التلفزيون الإسلامي يديرها القاديانية.
ويتضح مما سبق:
أن القاديانية دعوة ضالة، ليست من الإسلام في شيء، وعقيدتها تخالف الإسلام في كل شيء، وينبغي تحذير المسلمين من نشاطهم، بعد أن أفتى علماء الإسلام بكفرهم.
مخططات الشيعة السرية
للشيخ ممدوح الحربي
نتكلم هنا عن أمر مهم وخطير جداً , ألا وهو الخطة السرية لعلماء وآيات الشيعة في تشييع المناطق والدول المجاورة لدولتهم إيران , وقد قام بنشر هذه الخطة السرية والخطيرة في محتواها ومضمونها , رابطة أهل السنة في إيران , مكتب لندن , كما نشرت في بعض الدوريات والمجلات التي توزع في بلاد أهل السنة ومنها مجلة البيان بعددها 123 لشهر ذي القعدة لعام 1418هـ , الموافق لشهر مارس لعام 1998 م .
وهذه الخطة , إخواني في الله , هي رسالة سرية وجهت من المجلس الأعلى الثقافي لشورى الثورة الإيرانية إلى جميع المحافظين ورجال الدين في مختلف الولايات والمدن الإيرانية , وهي عبارة عن خطة زمنية طويلة المدى تستغرق 50 سنة , هدفها تشييع أهل السنة في المناطق الإيرانية التي يتواجدون فيها , وكذلك الدول المجاورة لإيران كالسعودية والعراق والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان , إضافة إلى السيطرة الكاملة على هذه الدول عقديا واجتماعيا وثقافيا بل وعسكريا , وذلك بالإطاحة بأنظمة هذه الدول وسيطرة الشيعة السيطرة الكاملة عليها .
وهذه الخطة أحبابي في الله , لابد أن يتنبه لها الجميع وعلى جميع المستويات , سواء كانوا من ولاة الأمر من العلماء والأمراء وفقهم الله لكل خير وبر , أو كانوا من عامة أهل السنة , من الرجال والنساء و لأن المسألة خطيرة , ونحن جميعاً في سفينة واحدة فلابد أن نحافظ على هذه السفينة , وقد قيل : كلكم على ثغر من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم .
والآن نستعرض نص هذه الخطة السرية والخطيرة كاملة دون تعليق , ثم بع ذلك نقف على بعض الفقرات في هذه الخطة ونحاول بيان أوجه الارتباط بينها وبين الواقع الذي نراه أمام أعيننا فإلى نص الخطة :
(( إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلامية المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا وتنتصر علينا .
وقد قامت الآن بفضل الله وتضحية أمة الإمام الباسلة دولة الإثني عشرية في إيران بعد قرون عديدة ، ولذلك فنحن – وبناء على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين – نحمل واجبا خطيرا وثقيلا وهو تصدير الثورة ، وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلا عن مهمتهـا في حفـظ استقـلال البـلاد وحقـوق الشعب، فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات .
لكن نظرا للوضع العالمي الحالي والقوانين الدولية – كما اصطلح على تسميتها – لا يمكن تصدير الثورة بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة .
ولهذا فإننا خلال ثلاث جلسات وبآراء شبه إجماعية من المشاركين وأعضاء اللجان وضعنا خطة خمسينية تشمل خمس مراحل ، ومدّة كل مرحلة عشر سنوات، لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول المجاورة نوحد الإسلام أولا ، لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب ، لأن هؤلاء ( الوهابيين وأهل السنة) يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين، وحتى إنهم يعدّون اعتماد المذهب الشيعي كمذهب رسمي دستورا للبلاد أمرا مخالفا للشرع والعرف ، وهـم بذلك قد شقوا الإسلام إلى فرعين متضادين .
بناء على هذا: يجب علينا أن نزيد نفوذنا في المناطق السنية داخل إيران، وبخاصة المدن الحدودية، ونزيد من عدد مساجدنا و( الحسينيات) ونقيم الاحتفالات المذهبية أكثر من ذي قبل، وبجدية أكثر، ويجب أن نهيئ الجو في المدن التي يسكنها 90 إلى 100بالمائة من السنة حتى يتم ترحيل أعداد كبيرة من الشيعة من المدن والقرى الداخلية إليها، ويقيمون فيها إلى الأبد للسكنى والعمل والتجارة، ويجب على الدولة والدوائر الحكومية أن نجعل هؤلاء المستوطنين تحت حمايتها بشكل مباشر ليتم إخراج إدارات المدن والمراكز الثقافية والاجتماعية بمرور الزمن من بدء المواطنين السابقين من السنة – والخطة التي رسمناها لتصدير الثورة- خلافا لرأي حتى رد فعل من القوى العظمى في العالم، وإن الأموال التي ستنفق في هذا السبيل لن تكون نفقات دون عائد
طرق تثبيت أركان الدولة :
نحن نعلم أن تثبيت أركان كل دولة والحفاظ على كل أمة أو شعب ينبني على أسس ثلاثة :
الأول : القوة التي تملكها السلطة الحاكمة .
الثاني : العلم والمعرفة عند العلماء والباحثين .
الثالث : الاقتصاد المتركز في أيدي أصحاب رؤوس الأموال .
إذا استطعنا أن نزلزل كيان تلك الحكومات بإيجاد الخلاف بين الحكام والعلماء، ونشتت أصحاب رؤوس الأموال في تلك البلاد ونجذبها إلى بلادنا، أو إلى بلاد أخرى في العالم، نكون بلا ريب قد حققنا نجاحا باهرا وملفتا للنظر، لأننا أفقدناهم تلك الأركان الثلاثة .
وأما بقية الشعوب التي تشكل 70 إلى 80 % من سكان كل بلد فهم أتباع القوة والحكم ومنهمكون في أمور معيشتهم وتحصيل رزقهم من الخبز والمأوى ، ولذا فهم يدافعون عمن يملكون القوة .
وجيراننا من أهل السنة والوهابية هم : تركيا والعراق وأفغانستان وباكستان وعدد من الإمارات في الحاشية الجنوبية ومدخل ( الخليج الفارسي )! التي تبدو دولا متحدة في الظاهر إلا أنها في الحقيقة مختلفة .
ولهذه المنطقة بالذات أهمية كبرى سواء في الماضي أو الحاضر كما أنها تعتبر حلقوم الكرة الأرضية من حيث النفط ، ولا توجد في العالم نقطة أكثر حساسية منها، ويملك حكام هذه المناطق بسبب بيع النفط أفضل إمكانيات الحياة ...
فئات شعوب المنطقة :
وسكان هذه البلاد هم ثلاث فئات:
الفئة الأولى : هم البدو وأهل الصحراء الذين يعود وجودهم في هذه البلاد إلى مئات السنين .
الفئة الثانية : هم الذين هاجروا من الجزر والموانئ التي تعتبر من أرضنا اليوم، وبدأت هجرتهم منذ عهد الشاه إسماعيل الصفـوي، واستمرت في عهد نـادر شـاه أفتشار وكريم خان زند وملوك القاجار وأسرة البهلوي، وحدثت هجرات متفرقة منذ بداية الثورة الإسلامية .
والفئة الثالثة : هم من الدول العربية الأخرى ومن مدن إيران الداخلية .
أما التجارة وشركات الاستيراد والتصدير والبناء فيسيطر عليها في الغالب غير المواطنين، ويعيش السكان الداخليون من هذه البلاد على إيجار البنايات وبيع الأراضي وشرائها، وأما أقرباء ذوي النفوذ فهم يعيشون على الرواتب العائدة من بيع النفط .
أما الفساد الاجتماعي والثقافي والأعمال المخالفة للإسلام فهي واضحة للعيان . ومعظم المواطنين في هذه البلاد يقضون حياتهم في الانغماس في الملذات الدنيوية والفسق والفجور !
وقد قام كثير منهم بشراء الشقق وأسهم المصانع وإيداع رؤوس الأموال في أوروبا وأمريكا وخاصة في اليابان إنجلترا والسويد وسويسرا خوفا من الخراف والمستقبلي لبلادهم .إن سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم .
أسلوب تنفيذ الخطة المعدّة :
ولإجراء هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقتنا مع دول الجوار ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم حتى إننا سوف نحسن علاقتنا مـع العراق بعد الحرب وسقوط صدام حسين ، ذلك أًن إسـقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد .
وفي حال وجود علاقات ثقافية وسياسـية واقتصادية بيننا وبينهم فسوف يهاجر بلا ريب عـدد من الإيرانيين إلى هذه الدول، ويمكننا مـن خلالهـم إرسـال عـدد مـن العمـلاء كمهاجرين ظاهراً ويكونون في الحقيقة من العاملين في النظام ، وسوف تحدد وظائفهم حين الخدمة والإرسال .
لا تفكروا أن خمسين سنة تعد عمراً طويلاً، فقد احتاج نجاح ثورتنا خطة دامت عشرين سنة ، وإن نفوذ مذهبنا الذي يتمتع به إلى حـد ما في الكبير من تلك الدول ودوائرها لم يكن وليد خطةَ يوم واحد أو يومين ، بل لم يكن لنا في أي دولة موظفون فضلا عن وزير أو كيل أو حاكم ، حتى فرق الوهابية والشافعية الحنفية والمالكية والحنبلية كانت تعتبرنا من المرتدين وقد قام أتباع هذه المذاهب بالقتل العام للشيعة مرارا وتكرارا، صحيح أننا لم نكن في تلك الأيام، لكن أجدادنا قد كانوا، وحياتنا اليوم ثمرة لأفكارهم وآرائهم ومساعـيهم وربما لن نكون نحن أنفسنا في المستقبل لكن ثورتنا ومذهبنا باقيان .
لكن يكفي لأداء هذا الواجب المذهبي التضحية بالحياة والخبز والغالي والنفيس، بل يتوجب أن يكون هناك برنامج مدروس ، ويجب إيجاد مخططات ولو كانت لخمسمائة عام مقبل فضلا عن خمسين سنة ، فنحن ورثة الملايين الشهداء الذين قتلوا بيد الشياطين المتأسلمين وجرت دماؤهم منذ وفاة الرسول في مجرى التاريخ إلى يومنا هذا، ولم تجف هذه الدماء ليعتقد كل من يسمى مسلما بـ( علي وأهل بيت رسول الله ) ويعترف بأخطاء أجداده ويعترف التشيع كوارث أصيل للإسلام .
مراحل مهمة في طريقنا :
أولاً : ليس لدينا مشكلة في ترويج المذهب في أفغانستان وباكستان وتركيا والعراق والبحرين، وسنجعل الخطة العشرية الثاني هي الأولى في هذه الدول الخمس، وعلى ذلك فمن واجب مهاجرينا – العملاء – المكلفين في بقية الدول ثلاثة أشياء:
1- شراء الأراضي والبيوت والشقق، وإيجاد العمل ومتطلبات الحياة وإمكانياتها لأبناء مذهبهم ليعيشوا في تلك البيوت ويزيدوا عدد السكان .
2- العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال في السوق والموظفين الإداريين خاصة الرؤوس الكبار والمشاهير والأفراد الذين يتمتعون بنفوذ وافر في الدوائر الحكومية .
3- هناك في بعض الدول قرى متفرقة في طور البناء، وهناك خطط لبناء عشرات القرى والنواحي والمدن الصغيرة الأخرى ، فيجب أن يشتري هؤلاء المهاجرين العملاء الذين أرسلناهم أكبر عدد ممكن من البيوت في تلك القرى ويبيعوا ذلك بسعر مناسب للأفراد والأشخاص الذين باعوا ممتلكاتهم في مراكز المدن ، وبهذه الخطة تكون المدن ذات الكثافة السكانية قد أخرجت من أيديهم .
ثانيا: يجب حث الناس ( الشيعة ) على احترام القانون وطاعة منفذي القانون وموظفي الدولة ، والحصول على تراخيص رسمية للاحتفالات المذهبية – بكل تواضع – وبناء المساجد والحسينيات لأن هذه التراخيص الرسمية سوف تطرح مستقبلا على اعتبار أنها وثائق رسمية .
ولإيجاد الأعمال الحرة يجب أن نفكر في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية لنجعلها موضع المناقشة في المواقع الحساسة ، ويجب على الأفراد في هاتين المرحلتين أن يسعوا للحصول على جنسية البلاد التي يقيمونه فيها باستغلال الأصدقاء وتقديم الهداية الثمينة ، وعليهم أن يرغّبوا الشباب بالعمل في الوظائف الحكومية والانخراط خاصة في سلك الجندية .
وفي النصف الثاني من هذه الخطة العشرية يجب – بطريقة سرية وغير مباشرة – استثارة علماء السنة والوهابية ضد الفساد الاجتماعي والأعمال المخالفة للإسلام الموجودة بكثرة في تلك البلاد ، وذلك غبر توزيع منشورات انتقادية باسم بعض السلطات الدينية والشخصيات المذهبية من البلاد الأخرى ، ولا ريب أن هذا يسكون سببا في إثارة أعداد كبيرة من تلك الشعوب ، وفي النهاية إما أن يلقوا القبض على تلك القيادات الدينية أو الشخصيات المذهبية أو أنهم سيكذبون كل ما نشر بأسمائهم وسوف يدافع المتدينون عن تلك المنشورات بشدة بالغة وستقع أعمال مريبة وستؤدي إلى إيقاف عدد من المسؤولين السابقين أو تبديلهم ، وهذه الأعمال ستكون سببا في سوء ظن الحكام بجميع المتدينين في بلادهم ، وهم ذلك سوف لن يعملوا على نشر الدين وبناء المساجد والأماكن الدينية، وسوف يعتبرون كل الخطابات الدينية ولاحتفالات المذهبية أعمالا مناهضة لنظامهم، وفضلا عن هذا سينمو الحقد والنفرة بين العلماء والحكام في تلك البلاد وحتى أهل السنة والوهابية سيفقدون حماية مراكزهم الداخلية ولن يكون لهم حماية خارجة إطلاقا .
ثالثا: وفي هذه المرحلة حيث تكون ترسّخت صداقة عملائنا لأصحاب رؤوس الأموال والموظفين الكبار، ومنهم عدد كبير في السلك العسكري والقوى التنفيذية وهم يعملون بكل هدوء وأدب ، ولا يتدخلون في الأنشطة الدينية، فسوف يطمئن لهم الحكام أكثر من ذي قبل، وفي هذه المرحلة حيث تنشأ خلافات وفرقة وكدر بين أهل الدين والحكام فإنه يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد وخاصة في المراسم المذهبية ، ويبرزا التشيع كمذهب لا خطر منه عليهم، وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس غبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ويحوزوا على رضاهم فيقلدوهم الوظائف الحكومية دون خوف منهم أو وجل , وفي هذه المرحلة ومع حدوث تحولات في الموانئ والجزر والمدن الأخرى في بلادنا، إضافة إلى الأرصدة التي سوف نستحدثها سيكون هناك مخططات لضرب الاقتصاد في دور المجاور .
ولا شك في أن أصحاب رؤوس الأموال وفي سيبل الربح الآمن والثبات الاقتصادي سوف يرسلون جميع أرصدتهم إلى بلدنا، وعندما نجعل الآخرين أحرارا في جميع الأعمال التجارية والأرصدة البنكية في بلادنا فإن بلادهم سوف ترحب بمواطنينا وتمنحهم التسهيلات الاقتصادية للاستثمار .
رابعا: وفي المرحة الرابعة سكون قد تهيأ أمامنا دول بين علماءها وحكامها مشاحنات، والتجار فيها على وشك الإفلاس والفرار، والناس مضطربون ومستعدون لبيع ممتلكاتهم بنصف فيمتها ليتمكنوا من السفر إلى أماكن آمنة ، وفي وسط هذه المعمعة فإن عملائنا ومهاجرينا سيعتبرون وحدهم حماة السلطة والحكم، وإذا عمل هؤلاء العملاء بيقظة فسيمكنهم أن يتبوؤوا كبرى الوظائف المدينة والعسكرية ويضيّقوا المسافة بينهم وبين المؤسسات الحاكمة والحكام ومن مواقع كهذه يمكننا بسهولة بالغة المخلصين لدى الحكام على أنهم خونة، وهذا سيؤدي إلى توقيعهم أو طردهم أو استبدالهم بعناصرنا ، ولهذا العمل ذاته ثمرتان إيجابيتان :
أولا: إن عناصرنا سيكسبون ثقة الحكام أكثر من ذي قبل.
ثانيا: إن سخط أهل السنة على الحكم سيزداد بسبب ازدياد قدرة الشيعة في الدوائر الحكومية، وسيقوم أهل السنة من جرّاء هذا بأعمال مناوئة أكثر ضد الحكومة، وفي هذه الفترة يتوجب على أفرادنا أن يقفوا إلى جانب الحكام ، ويدعوا الناس إلى الصلح والهدوء ، ويشتروا في الوقت نفسه بيوت الذين هم على وشك الفرار وأملاكهم .
خامسا: وفي العشرية الخامسة فإن الجو سيكون قد أصبح مهيأ للثورة لأننا أخذنا منهم العناصر الثلاثة التي اشتملت على : الأمن ، والهدوء ، والراحة ، الهيئة الحاكمة ستبدو كسفينة وسط الطوفان مشرفة على الغرق تقبل كل اقتراح للنجاة بأرواحهم .
وفي هذه الفترة سنقترح عبر شخصيات معتمدة ومشهورة تشكيل مجلس شعبي لتهدئة الأوضاع، وسنساعد الحكام في المراقبة على الدوائر وضبط البلد، ولا ريب أنهم سيقبلون ذلك، وسيحوز مرشحونا وبأكثر مطلقة على معظم كراسي المجلس ، وهذا الأمر سوف يسبب فرار التجار والعلماء حتى الخدمة المخلصين، وبذلك سوف نستطيع تصدير ثورتنا الإسلامية إلى بلاد كثيرة دون حرب أو إراقة للدماء .
وعلى فرض أن الخطة لم تثمر في المرحلة العشرية الأخيرة، فإنه يمكننا أن نقيم ثورة شعبية ونسلب السلطة من الحكام ، وإذا كان في الظاهر أن عناصرنا – الشيعة – هم أهل تلك البلاد ومواطنوها وساكنوها، لكنا نكون قد قمنا بأداء الواجب أما الله والدين وأمام مذهبنا، وليس من أهدافنا إيصال شخص معين إلى سده الحكم- فإن الهدف هو فقط التصدير الثورة ، وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي ، وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود )) أ. هـ .
يتبع إن شاء الله
المصدر : شبكة السرداب الإسلامية
مخططات الشيعة السرية ج2
والأخير
نحاول الآن أن نعلق على بعض الفقرات التي وردت في هذه الخطة :
تُفتتح الخطة بقولها : (إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلامية المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا وتنتصر علينا . )
وهذا النص يعني تصدير الثورة وفق مفهوم جديد وآلية عمل جديدة , كما أن الخطة تحمل في مضمونها هدفين :
الأول : هو هدف تبشيري .
الثاني : إيقاف الدعوة التي قوم بها أهل السنة والجماعة .
وكذلك تنص الخطة على انبثاقها من دولة أسمتها : ( الإثنى عشرية في إيران ) و ( إن زعماء الشيعة يحملون واجبا ثقيلا وهو تصدير الثورة .. ) إلى أن تقول الخطة ( وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلا عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب , فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات ) إلى أن تقول الخطة ( لكن نظرا للوضع العالمي الحالي والقوانين الدولية لا يمكن تصدير الثورة بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة ) ..
أقول أحبابي في الله , هذه الفقرة تعتبر جوهر الخطة , وهي قيامها على منظومة دولة تحميها وتمولها , وهذه الدولة وفق ما عبرت عنه هذه الخطة هي دولة مذهبية , بمعنى أنها تنص على نصرة مذهب على آخر دون أن تكون لها خطة منهجية في الدعوة إلى دين الإسلام عامة , وهذا المذهب تعرفه الخطة بأنه المذهب الأثنى عشري بمعناه الخاص وهو دخول النص والتعيين على الإمامة ضمن محاور العقيدة , وبالتالي كفر القائل بعدمها .
وبما أن هذه الدولة وفق مفهوم هذه الخطة هي دولة مذهبية فبالتالي ستتبنى تصدير منهجيتها إبتداءا بالجيران باعتبار اختلاف المنهج والمعتقد , وإلا فإيران لا تتميز عن جيرانها بدين خاص , بل إن دين الإسلام وصل إلى إيران عن طريق العرب الفاتحين الذين فتحوا العراق ثم بلاد فارس .
ويقول أهل هذه الخطة بأنهم ( اتفقوا على هذه الخطة الخمسينية بعد مدارسات شبه إجماعية , ودراسات قامت بها لجان متخصصة , ومدة هذه الخطة خمسون سنة مقسمة على خمس مراحل , أمد وفترة كل مرحلة 10 سنوات .. إلى أن تقول هذه الخطة , لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول المجاورة , ونوحد الإسلام أولا لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب لأن هؤلاء الوهابيين وأهل السنة يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين ) ..
طبعا ولاية الفقيه عند الخميني وأتباعه هو حكم الفقيه نيابة عن الإمام المهدي , والذي بيده تعطيل ما يشاء من الأحكام إلى وقت خروج إمامهم الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري .
إن أخطر ما في النص السابق هو أسلوب عملهم المستلزم لإعلان العداوة على أهل السنة , بل ومصافحة الغرب والشرق , وهو ما يحصل اليوم على عهد إيران وسياساتها الراهنة , فهي تدعو إلى فتح حوار الحضارات مع الأمم الأخرى , وقد قام خاتمي رئيس دولة إيران بزيارة البابا يوحنا بولس الثاني , وعمل كل الإجراءات التي من شأنها التمهيد لسياسة الحوار والتداخل , ولكن هذه المنهجية مع الغرب لا نراها مع الوسط الإسلامي , حيث لم يقم الإيرانيون بعمل حقيقي جاد في بث سياسة الحوار والتعاون داخل الوسط الإسلامي السني , بل هم حريصون دائما على نبش التاريخ والإصرار على الشركيات والبدع , والنص السابق واضح العبارة بما لا لبس فيه بأنهم يوالون الكفار ويعادون المسلمين الذين أسموهم بالوهابية وأهل السنة باعتبارهم معادين لنظرية ولاية الفقيه , وهي بدعة الخميني منذ أن كان في مدينة النجف .
أما النص السابق الذي يقول : ( الخطر الذي يواجهنا من الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب .. ) ..
يوضحه تماما ما كانت تقوله المخابرات الإيرانية للعلامة الشيخ محمد صالح ضيائي , رحمة الله عليه , قبل أن يمزقوه إربا إربا , قائلين إن الطلاب الذين أرسلتهم للدراسة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أخطر علينا من صواريخ صدام حسين , وبناء على هذه الخطة السرية فإنهم يطمحون إلى زيادة نفوذهم في المناطق السنية داخل إيران , وبخاصة المدن الحدودية , وكذلك زيادة المساجد والحسينيات , وإقامة الإحتفالات المذهبية , حيث تقول الخطة : ( نهيئ الجو في المدن التي يسكنها 90 إلى 100بالمائة من السنة حتى يتم ترحيل أعداد كبيرة من الشيعة من المدن والقرى الداخلية إليها، ويقيمون فيها إلى الأبد سكناً وعملاً وتجارة ) إلى أن تقول الخطة ( والخطة التي رسمناها لتصدير الثورة ستثمر دون ضجيج أو إراقة للدماء أو حتى ردة فعل من القوى العظمى في العالم , وإن الأموال التي ستنفق في هذا السبيل لن تكون نفقات دون عائد .. ) ..
ياله من تخطيط ومكر شديدين , فهذه الأموال التي تُقدر بمئات الملايين من الدولارات لن تكون غير مجدية , بل سيكون لها عائد وسريع وهو نشر التشيع في الإقليم كله كما نراه اليوم من تكتل في شرق المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين والإمارات واليمن , هذا فضلا عن سوريا والعراق وباكستان وأفغانستان , ومن يرجع قليلاً إلى التاريخ السابق يجد أن إيران نفسها كانت في يوم من الأيام ذات ثقل سني كبير , قبل قيام الدولة الصفوية ومجيء الشاه إسماعيل الصفوي الطائفي , ولكن بعد مدة وجيزة من سياسة القتل والتشريد والتصفية الجسدية , وصلت إيران على ما وصلت إليه , في أنها أصبحت المعقل الرئيسي والممون الوحيد للتشيع في جميع أرجاء العالم .
وهم في هذه الخطة يقسمون ما حولهم إلى أقسام , فالأماكن التي فيها الشيعة يمثلون الأغلبية لها منهج سياسي يختلف تماماً , عما إذا كانت الشيعة أقلية من حيث العدد والمركز , فقد وصل بهم الحال إلى أنهم جعلوا أهل السنة في إيران لا يمثلون إلا ثُلث سكانها الذين يبلغ عددهم 60 مليون نسمة , وذلك بزيادة حسينياتهم للتأثير والانتشار , وهو تماما ما نراه ونشاهده في انتشار الحسينيات في المنطقة الشرقية من مملكتنا الحبيبة .. الحسينيات إخواني في الله هي الأماكن التي يجتمعون فيها خاصة في شهر محرم لضرب الخدود وشق الثياب وضرب السلاسل , وكل هذا في ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه إضافة إلى سب الصحابة رضوان الله عليهم , كما يهتمون بهذه الحسينيات اهتماما بالغاً يفوق اهتمامهم بالمساجد , إما الحسينيات خارج إيران فأصبحت مراكز تجسس إيرانية , وقد ذكرت ذلك بالتفصيل جريدة إنقلاب إسلامي لأبي الحسن بني صدر , كما ذكرت هذه الجريدة المراكز الجاسوسية بدول الخليج وخاصة بدولة الإمارات العربية بالاسم والعنوان والتاريخ , وكيف أن المخابرات الإيرانية تجمع الأموال من التجار الإيرانيين في دولة الإمارات لدعم هذه المراكز .
كما أن هذه الخطة تخص المناطق التي يسكنها من 90% إلى 100% من أهل السنة والجماعة , وذلك بالتخطيط لرفع عدد الشيعة , وذلك بتشجيع ودعم تهجير الشيعة من المدن والقرى بهدف توفير فرص عمل وتجارة للمهجرين , وقد مارسوا ذلك في مناطق مختلفة منها العراق , فقد تحولت مدينة بغداد منذ الخمسينات من نسبة 10% إلى قرابة الـ50 % لصالح الشيعة , مع استيلائهم على أغلب المراكز الإعلامية والمالية والثقافية والتجارية والأدبية فيها .
كذلك فإن هذا المخطط يغطي مناطق أخرى من العراق , فقد تشيعت 60 قرية في مدينة الموصل , وتحول كثير من القبائل السنية في الجنوب إلى معتقد التشيع ومنها قبائل السعدون والدليم وبنو خالد والجنابيون والجبور وغيرهم , حتى أن المدن السنية المركزية أصبحت مفتوحة لهم , ومنها على سبيل المثال محافظة الأنبار حيث توغلوا فيها وأصبح لهم مركز ثقل في بعض مدنها , وسيطروا على جملة من المؤسسات الصناعية .
ثم تواصل الخطة حديثها وتشير إلى مفصل جوهري في هذا المخطط , وهي قولها : ( طرق تثبيت أركان الدولة ) وتجيب على هذا قائلة : ( أن تثبيت أركان كل دولة والحفاظ على كل أمة أو شعب ينبني على أسس ثلاثة :
الأول : القوة التي تملكها السلطة الحاكمة .
الثاني : العلم والمعرفة عند العلماء والباحثين .
الثالث : الاقتصاد المتمركز في أيدي أصحاب رؤوس الأموال . )
وهذا الكلام أحبابي في الله , هو أخطر ما في هذه الخطة , حيث يمثل جوهر منهجهم السياسي , فهم يعملون على هدم دولة وإقامة دولة أخرى على أساس مذهبهم الأثنى عشري , فالأسس الثلاثة التي حُدت هي أساس قيام أي دولة سواء كان قيامها على أساس ديني أو منهج وضعي , فالسلطة هي التي تملك القرار والتنفيذ , إما العلماء فهم الذين يبنون المناهج ويوضحون الأحكام , ومنهم أيضا السلطة القضائية , أما الإقتصاد فهو أساس الحركة في المجتمع وعصب الحياة , وهم تجاه هذه المحاور الثلاثة يقومون بتشتيت رؤوس الأموال , وكذلك ببناء محاور لهم حتى لو كانوا أقلية بالنسبة لعدد السكان , إضافة إلى قيامهم بإشعال الفتن والمصادمات بين العلماء وحكامهم في كل بلد مجاور لدولتهم .
ثم تبدأ الخطة بأهم الخطوات العملية , والتي بدأ الكثير من المراقبين يرون آثارها , حيث تقول الخطة : ( ولإنجاز هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقتنا مع دول الجوار ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم...
وفي حال وجود علاقات ثقافية وسياسـية واقتصادية بيننا وبينهم فسوف يهاجر بلا ريب عـدد من الإيرانيين إلى هذه الدول ، ويمكننا مـن خلالهـم إرسـال عـدد مـن العمـلاء كمهاجرين ظاهراً ويكونون في الحقيقة من العاملين في النظام ، وسوف تحدد وظائفهم حين الخدمة والإرسال . )
طبعا يقصدون بالعملاء الجواسيس والعيون الموزعين والمنتشرين في مختلف القطاعات من عساكر وتجار وأساتذة جامعات وطلاب وباحثين جامعيين .
فهل انتبه أولياء الأمور في منطقتنا إلى هذا المخطط الهائل الذي يقوم على توطيد العلاقة والتداخل تمهيدا للتبشير بالتشيع , وتهجير الكوادر الشيعية لمشروعهم المستقبلي , ثم إسقاط الأنظمة القائمة , واستبدالها بأنظمة شيعية , تماما كما تسعى إيران جاهدة مع العراق في وقتنا الحالي .
وهذا أيضا ما يفسر العلاقة ا****دة التي تعمل إيران على توطيدها وخاصة مع المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان وتركيا والعراق وأفغانستان وباكستان , وذلك ليس لإقتناع السياسة الإيرانية بضرورة تعاون دول المنطقة في حماية أمنها الإقليمي , كما هو معلن وظاهر , وإنما لإسقاط هذه الدول تحت وطأة التشيع .
أما توصية الخطة بإنشاء علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية فقد تكون هذه العلاقات الثقافية بتبادل العلوم والتعاون العلمي من خلال الجامعات في دولة إيران وجامعات الدول المجاورة لها , أي المستهدفة , إضافة إلى فتح المجال للمفكرين والمثقفين والطلاب الشيعة في جامعات إيران , لبث سمومهم وعقائدهم الضالة من خلال الزيارات العلمية والأطروحات التي تلقى في جامعات أهل السنة المستهدفة في هذه الخطة , وكل ذلك تحت ستار التعاون الثقافي المتبادل , تحت شعار تبادل التراث الإسلامي بين أبناء المنطقة الواحدة .
وقد تكون العلاقات السياسية بتبادل الخبرات في المجال العسكري تحت ستار , مثلا المصالح المشتركة أو إستتباب الأمن في المنطقة , وعلى إثر ذلك يكون تبادل الخبراء العسكريين من الطرفين , فيأتي الخبراء الإيرانيون على أنهم مستشارون في هذه القطاعات الحساسة العسكرية , ومن خلاله تتسرب المعلومات المهمة والحساسة عن وضع الجيوش المسلمة من حيث قوتها وعتادها وغير ذلك من الأمور الخطيرة .
أما العلاقات الاقتصادية فتكون عن طريق التبادل التجاري الواسع وعلى جميع المستويات الرسمية والخاصة , ومن ذلك قيام شركات صغيره وكبيرة ذات رؤوس أموال شيعية , أو مشتركة شيعية - سنية , إضافة إلى الزيارات الرسمية التجارية المتبادلة , والتي يتم تنسيقها عن طريق وزارات التجارة والصناعة والاقتصاد الإيرانية ونظيراتها في الدول المستهدفة .
ثم تقول الخطة : ( لا تفكروا أن خمسين سنة تعد عمراً طويلاً، فقد احتاج نجاح ثورتنا خطة دامت عشرين سنة...
ولا يكفي لأداء هذا الواجب المذهبي التضحية بالحياة والخبز والغالي والنفيس ، بل يتوجب أن يكون هناك برنامج مدروس ، ويجب إيجاد مخططات ولو كانت لخمسمائة عام مقبل فضلا عن خمسين سنة ، فنحن ورثة الملايين الشهداء الذين قتلوا بيد الشياطين المتأسلمين ... )
طبعا يقصدون بالشياطين المتأسلمين أبناء السنة والجماعة .. وهذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق , فروح الشذوذ والإرهاب والدعوة إلى الفرقة ظاهرة بينة , ولا يزيلها أبداً دعوة وطنية أو إقليمية أو حتى حوارات فكرية لأن المسألة مسألة عقيدة ودين .
ثم تقول الخطة : ( ولم تجف هذه الدماء ليعتقد كل من يسمى مسلما بـ( علي وأهل بيت رسول الله ) ويعترف بأخطاء أجداده ويعترف التشيع كوارث أصيل للإسلام . ) ..
وهذا يؤكد لنا أنهم لا يمكن لهم التعايش معنا , بل ولا يقبلوا ديناً سوى مذهبهم الخرافي الدموي , وأن الإحسان إليهم وأخذ العهود والمواثيق منهم لا يعني شيئا ولو كانوا يحملون جنسية البلد المستهدف .
كما توصي الخطة بقولها : ( والحصول على تراخيص رسمية للإحتفالات المذهبية , لأن هذه التراخيص الرسمية سوف تطرح مستقبلا على اعتبار أنها وثائق رسمية ) ..
أقول إخواني في الله ينبغي أن نكون على حذر تام من إعطائهم ما يطلبون من التوسع في إعلان شعائرهم , لأنهم ينطلقون في هذه الخطة من السياسة التي تقول : ( خذ ثم طالب بالمزيد ) , وعندها يصعب على من أراد إيقاف هذا المد الخطير والرهيب , والسبب بكل بساطة أن كل ما قاموا به يتم بموجب تراخيص رسمية لا تستطيع الدولة أن تمنعهم بعد ذلك .
كما تذكر الخطة أهم عامل يؤثر على الدولة المستهدفة , بل قد يصيبها في مقتل عياذا بالله تعالى , ألا وهو الخلاف بين العلماء وحكامهم , فتقول الخطة : ( سينمو الحقد والنفرة بين العلماء والحكام في تلك البلاد وحتى أهل السنة والوهابية سيفقدون حماية مراكزهم الداخلية ولن يكون لهم حماية خارجة إطلاقا ) ...
فهل نتنبه إخواني في الله على ما سيفعلونه من إثارة الخلاف , وفرقة للصف بين العلماء والأمراء , إذاً لابد على الأمراء ألا يتخذوا موقفا من علمائهم بدون بينة واضحة , والواجب على العلماء سددهم الله أن يلتفوا حول الأمراء , ويظهروا لهم النصح والطاعة , وأنهم معهم في الرخاء والشدة , وفي المنشط والمكره , كما أوصى بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم , وبهذا الأمر بإذنه تعالى سينقطع الطريق على أصحاب هذه الخطة وتموت أغراضهم الخبيثة الحاقدة في صدورهم , أما إذا كان الأمر خلاف ذلك , عياذا بالله تعالى , فإننا نكون قد قدمنا منحة مجانية يتمكن بها العدو من تحقيق مآربه , وعندها لا تسأل عن خراب الدين والدنيا , عياذا بالله تعالى .
كما تركز الخطة على أمر في غاية الخطورة , حيث تقول الخطة : ( يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد .... وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس غبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ) ..
أن الكثير من المحللين والمراقبين لنشاط شيوخهم بدأ يلاحظ ظهور بعض شيوخهم في بعض الصحف السيارة لأهل السنة , وهم يطرحون بعض القضايا التي في ظاهرها أنها محاولة لحفظ أمن البلاد , وإزالة التوترات الداخلية , بإسلوب فيه مكر ودهاء , وهم في نفس الوقت نرى كتبهم الثورية على حكام أهل السنة , تنشر مثلا في مدينة لندن , إضافة إلى زياراتهم المتكررة لبعض الأمراء , من ولاة الأمر وفقهم الله , في كل مناسبة تتاح لهم , وكل ذلك تنفيذ لما توصي به هذه الخطة التي تقول : ( يتوجب على بعض مشايخنا المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد .... وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس غبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ) ..
إذاً هم يمارسون تكتيكا خطيرا جداً , وينطلقون من القاعدة التي تقول : ( ترهبنوا حتى تتمكنوا ) , ( ومهما تم الإغداق بالمال على العدو ليشرى , فإن الذئب ذئب مفترس حتى لو نشأ مع الخراف ) فهل نعي وندرك ؟؟
بعد ذلك تنتقل الخطة السرية إلى المراحل العملية للتنفيذ فتقول : ( أولاً : ليس لدينا مشكلة في ترويج المذهب في أفغانستان وباكستان وتركيا والعراق والبحرين .. ) , فنقول نعم إن ذلك بسبب مرور أكثر من 10 سنوات على تنفيذ هذه الخطة في هذه الدول الخمسة المذكورة , إضافة إلى كثرة الأتباع والعملاء في هذه الدول , ثم تستمر الخطة قائلة : ( أما العملاء - أي جواسيسهم المنتشرين بين أهل السنة - فواجبهم ثلاثة أشياء :
1. شراء الأراضي والبيوت والشقق، وإيجاد العمل ومتطلبات الحياة ...
2. العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب النفوذ ...
3. شراء القرى والبيوت الجديدة في مراكز المدن ... )
وهذا نفس المخطط الذي يقوم به اليهود , وهو الذي يفعلونه تماما بأرض الأنبياء فلسطين , حيث توسعوا في بناء المستوطنات اليهودية حول القدس الشريف وما زالوا في التوسع , وعندها تصبح هذه الأراضي ملكا شرعياً لهم , فيصعب إخراجهم منها بعد ذلك , ولذلك فإن الواجب على أهل السنة عدم تمكين أولئك الشيعة من شراء الأراضي والبيوت والشقق , حتى لا يتم لهم ما يحلمون به من السيطرة على بلاد المسلمين , وهذا واجب مشترك بين الدوائر الرسمية المعنية بهذا الموضوع وبين أرباب الأموال والأملاك في البلدان المستهدفة .
وتستمر الخطة السرية بقولها : ( يجب حث الشيعة على احترام القانون وطاعة منفذيه وموظفي الدولة , والحصول على تراخيص رسمية للإحتفالات المذهبية وبناء المساجد والحسينيات , كما يجب على الأفراد – أي الشيعة – التداخل في الأماكن ذات الكثافة السكانية , وكذلك الحصول على جنسية البلاد التي يقيمون بها , باستغلال الأصدقاء – يقصدون من في المناصب الحساسة والمهمة في الدول المجاورة المستهدفة من وزراء ورؤساء القطاعات العسكرية والتعليمية والاقتصادية وغيرها من الأماكن المهمة - وتقديم الهدايا الثمينة , وعليهم أن يرغبوا الشباب بالعمل بالوظائف الحكومية والإنخراط خاصة في سلك الجندية .. ) ...
وقد يصل خبث هؤلاء إلى إنشاء بعض العلاقات التجارية مع بعض الأمراء من أبناء الأسر الحاكمة , والذين قد يُلبس عليهم وهو لا يعلمون مخططات هؤلاء المنافقين الباطنيين , ولا حول ولا قوة إلا بالله , وقد تكون هذه الهدايا الثمينة المذكورة في الخطة عبارة عن رشاوي وأموال تغدق على هؤلاء الأصدقاء , لكي تُشترى بها ذممهم ليخونوا بها دينهم وعقيدتهم وبلادهم عياذا بالله تعالى , كما قد تكون هذه الهدايا عبارة عن نساء مجندات فارسيات يجدن اللغة العربية ويتصفن بذكاء حاد وقوة الشخصية , إضافة إلى جمال منتقى بمنتهى الخبث والدهاء , ليكون مصيدة لوقوع الفريسة المراد احتواءها من الأصدقاء طبعاً , وذلك عن طريق العلاقات السرية الداعرة والمشبوهة تحت ستار ما يسمى بنكاح المتعة التي لا يعلمها إلا الله تعالى .
كما ذكرت الخطة أمرا مهما جدا وهي قولها : ( وعليهم أن يرغبوا الشباب بالعمل بالوظائف الحكومية والإنخراط خاصة في سلك الجندية .. )
وقد بدءوا بالفعل الدخول في الكليات العسكرية بعد تغيير أسمائهم التي تدل على عقيدتهم وتسموا ببعض أسماء أهل السنة حتى لا يتعرف أحد على مخططاتهم , فأنتشروا في صفوف القوات المسلحة في تلك البلاد المخطط لها في جميع قطاعاته الأمنية الخاصة , حتى بلغت نسبتهم – على سبيل المثال – في إحدى الدول القريبة حوالي 30% من تعداد الجيش , ويزيدون بنسب أعلى في صفوف الضباط , أما عن سلاح الطيران في هذه الدولة القريبة منهم , فقد بلغت نسبتهم حوالي 40% بحيث يستطيع العاملون في هذا الجهاز استقدام من يشاءون من هذه المطارات من أبناء جلدتهم وبدون علم المسؤولين وولاة الأمر في تلك البلاد , فهل نتنبه إخواني في الله , أم نريد أن تتكرر أحداث بغداد المأساوية أيام سقوط الدولة العباسية [1] (http://www.laal2.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=9#_ftn1) عياذا بالله تعالى .
كما بدأت آثار انتشارهم في قطاعات التعليم إداريين ومعلمين , والصحة إداريين وأطباء وفنيين , مما أخاف كثير من المخلصين والمراقبين لهم , فقد دخلوا في مناصب مهمة وحساسة , مثل سلك التعليم بكافة مستوياته الإبتدائي والمتوسط والثانوي بل وحتى الجامعي , وأصبحوا ذوي تأثير على أبناء أهل السنة , كذلك تولى البعض منهم وظائف طبية حساسة في المختبرات وغرف العمليات , وأقسام الأشعة في مستشفيات أهل السنة , ولم يبقى سوى أن يفتح لهم باب تحت مسمى التعاون الطبي المشترك , ليأتي الأطباء والممرضات من دولتهم إيران لينتشروا في بلاد أهل السنة , وعندها لا تسأل عن خراب الدين والدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم تختم الخطة بقولها : ( وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي ، وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود ) ..
وهذه العبارة التي خُتمت بها الخطة السرية , تؤكد لنا أنه لا يجدي معهم أي حوار وتحت أي عنوان أو مسمى , ولو كانت هذه الحوارت تُطرح تحت مسمى التجمع الوطني أو التكتلات الوطنية لوحدة الصف الوطني , فكل هذا لا يجدي ولا ينفع , والسبب بمنتهى البساطة أنهم ينتظرون مهديهم المزعوم المنتظر ليخرج من سردابه , ليبدأ بقتل العرب وخدام الحرمين الشريفين , إضافة إلى تقطيع أيدي سدنة الكعبة المشرفة وهم بني شيبة , كما جاء ذلك في كتبهم المعتبرة ومن أئمتهم الثقات [2] (http://www.laal2.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=9#_ftn2) .
ونحاول تلخيص هذه الخطة السرية في النقاط التالية :
· الخطة وُضعت بعد عقد ثلاث جلسات لبعض اللجان المتخصصة , وخرجوا بآراء شبه إجماعية لتنفيذ هذه الخطة , كما تصرح الخطة بأن الخطر الحقيقي الذي يواجه الشيعة حكومة وشعبا , هم أهل السنة , حتى ولو كانوا فساقا أو مقصرين في تدينهم , وقد يعبرون عنهم بالوهابيين أو بالعامة أو بالمشركين , كما في كتبهم .
· الخطة توصي بزيادة انتشار الشيعة في المناطق داخل إيران , وخصوصا المناطق الحدودية مع الدول المستهدفة .
· الخطة توصي بزيادة أعداد المساجد والحسينيات الشيعية , والتوسع في إشهار وانتشار الإحتفالات المذهبية , كإحتفالات يوم عاشوراء والمولد والعزاءات في الدول المستهدفة , بل إن هناك العديد من الحسينيات في هذه الدول المستهدفة تدعم مباشرة من حزب الله اللبناني .
· أوصت الخطة بضرب الأسس الثلاثة التي تبنى عليها الدول المستهدفة وهي : قوة السلطة الحاكمة , والعلم والمعرفة عند العلماء , والاقتصاد عند أصحاب رؤوس الأموال .
· توصي الخطة بزلزلة كيان الحكومات المجاورة لدولتهم إيران , وذلك بإحداث الخلاف بين الحكام والعلماء , إضافة إلى تشتيت رؤوس الأموال , استعدادا لضرب هذه الدول المستهدفة .
· توصي الخطة كذلك بأهمية السيطرة على دول الخليج , لأن السيطرة على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم , حيث إن هذه المنطقة تعتبر حلقوم الكرة الأرضية من حيث المخزون النفطي وهذا الأمر يوضح لنا كثرة انتشارهم وتغلغلهم في شركات النفط البترولية في خليجنا العربي , ومنها انتشارهم الملاحظ في شركة أرامكو السعودية .
· كذلك توصي الخطة بتحسين العلاقات مع الدول المجاورة لدولتهم إيران خصوصا المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى تمهيدا لغزوها عقديا وفكريا .
· توصي الخطة بسرعة إنشاء علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية مع الدول المستهدفة في هذه الخطة .
· توصي الخطة بإرسال عدد من الإيرانيين والعرب إلى الدول المستهدفة كعملاء وجواسيس منتشرين في جميع القطاعات الحكومية والأهلية .
· كما توصي الخطة أتباعهم من العملاء بشراء الأراضي والبيوت والشقق في هذه الدول المستهدفة , حتى ولو كان عن طريق أحد أبناءهم المتجنسين بجنسية الدولة المستهدفة .
· كما توصي الخطة أتباعهم من العملاء والمندسين بين صفوف أهل السنة , بإنشاء علاقات حميمة وصداقات متينة مع أصحاب رؤوس الأموال , والموظفين الإداريين الحكوميين , بل مع رؤوس الدولة إن تيسر لهم ذلك .
· توصي الشيعة أتباعهم من المواطنين في هذه الدول المستهدفة , بإظهار احترامهم لقانون هذه الدول وولاة أمرها , إضافة إلى محاولة أخذ تصاريح رسمية للاحتفالات المذهبية وبناء الحسينيات والمساجد , لتكون هذه التصاريح بعد ذلك من الوثائق الرسمية الثابتة .
· كما توصي الخطة بالتركيز على المناطق ذات الكثافة السكانية , وكأنهم يقصدون بذلك عواصم هذه الدول المستهدفة كالرياض وجدة ودبي وبغداد .
· وتوصي الخطة أتباعهم بأخذ جنسية البلاد التي يقيمون فيها , بأسرع وقت ممكن .
· وتوصي الخطة باستغلال أصدقائهم من أهل السنة المغرر بهم , وذلك عن طريق تقديم الهدايا الثمينة , والتي هي في الحقيقة عبارة عن رشاوي تدفع لهم ليبيعوا دينهم ويخونوا بلادهم وولاة أمرهم .
· و توصي الخطة أتباعهم من الشيعة المقيمين في هذه البلاد المستهدفة بسرعة الانخراط والانتشار في جميع الوظائف الحكومية والقطاعات العسكرية , وذلك للسيطرة على أهم ثغور الإسلام والمسلمين , ولا ننسى أن ننوه أن جميع أبناء الشيعة المقيمين في هذه الدول المستهدفة قد زاروا معسكرات حزب الله اللبناني وتدربوا على فنون القتال , لذلك اليوم الذي تنتظره الشيعة لأهل السنة بفارغ الصبر , فهل نتنبه إخواني في الله .
· كما توصي الخطة باستثارة علماء السنة الموجودين في البلاد المستهدفة ضد الفساد الاجتماعي والأخلاقي والسياسي , وذلك عن طريق توزيع منشورات باسم بعض الجهات الدينية أو الشخصيات المعروفة بهدف ضرب العلماء بولاة أمرهم , وهذا من أخبث ما في الخطة السرية , لأنه يتسبب في إثارة أعداد كبيرة من تلك الشعوب على ولاة أمرهم , كما ينتج عنه سوء ظن الحكام بعلماء السنة المخلصين لدينهم وبلادهم , والذي ينتج عنه أن الحكام سيعتبرون كل الخطابات الدينية أعمالا مناهضة لنظامهم , وعندها لن يعمل الحكام على نشر الدين وبناء المساجد والأماكن الدينية , كما سيترتب من كل هذا إيقاف وفصل العديد من العلماء وطلبة العلم المخلصين لدينهم وبلادهم , وعندها يخلو الجو لعلماء الشيعة لنشر أفكارهم بالطرق الملتوية المخادعة .
· كما توصي الخطة بعد ضرب علماء السنة بأمراءهم وولاة أمرهم أن يبدأ علماء الشيعة وعلى الفور في هذه البلاد المستهدفة إلى إعلان الولاء التام للحكام والأمراء خاصة في المواسم المذهبية , ويحاولون أن يبرزوا للحكام أن التشيع مذهب لا خطر منه عليهم , وإن استطاعوا أن يعلنوا هذا عبر وسائل الإعلام المختلفة فعليهم ذلك ليكسبوا ثقة الحكام ويحوزوا رضاهم , فيقلدوهم الوظائف الحكومية .
1. كما توصي الخطة بعمل جميع المحاولات والإمكانيات لنقل رؤوس الأموال من هذه الدول المستهدفة إلى دولتهم إيران , وذلك لرفع الاقتصاد الإيراني , وخفض الاقتصاد في الدول المستهدفة .
2. كما توصي الخطة أتباعهم من المتغلغلين والمتنفذين الذين تبوءوا كبرى الوظائف المدنية والحكومية , إلى العمل بمنتهى الهدوء واليقظة في أماكنهم الحساسة ليتمكنوا من الوشاية بالمخلصين لدى الحكام , وإظهارهم على أنهم هم الخونة والذين يريدون تفريق الصف وتشتيت الوحدة الوطنية .
هذا ما تيسر, وأسأل الله أن يوفق ولاة أمورنا من العلماء والأمراء إلى كل خير وتقوى , كما أسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من سوء ومكروه , وأسأله بقدرته أن يفضح كل من أراد أهل السنة والجماعة بسوء وشر , وأن يجعل السنة عزيزة منصورة في كل مكان , وأسأله سبحانه أن يجعل أمراء السنة في بلاد الحرمين وعلماءهم من الغالبين الممكنين , ويعلم الله إخواني في الله أنني لم أتكلم بهذا الموضوع إلى نصحا لإخواني المسلمين أئمتهم وعامتهم , وغيرة على بلاد المسلمين عامة , وبلاد الحرمين خاصة , من أن يصيبهم مكروه , كما أرجو الله تعالى أن يصل هذا الصوت إلى كل فرد في هذه السفينة سواء كانوا من العلماء أو الأمراء أو المسئولين الذين قلدهم الله أمرا من أمور الرعية , وأساله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا و يستر علينا عيوبنا وأن لا يفضحنا لا في الدنيا ولا في الآخرة , كما أسأله تعالى أن يجعل آخر كلمة نقولها ونحن خروجا من هذه الدنيا لا إله إلا الله , وأن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة , وأن يحشرنا يوم القيامة خلف لواء الحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه وآل بيته الطيبين الطاهرين وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه .
رحيل الوهبي
16-03-2010, 23:46
معلومات وافيه
شكرا
الخوارج
الفصل الأول
تمهيد
وجود الخوارج في الماضي والحاضر
الخوارج فرقة كبيرة من الفرق الاعتقادية، وتمثل حركة ثورية عنيفة في تاريخ الإسلام السياسي. شغلت الدولة الإسلامية فترة طويلة من الزمن، وقد بسطوا نفوذهم السياسي على بقاع واسعة من الدولة الإسلامية في المشرق وفي المغرب العربي، وفي عمان وحضرموت وزنجبار وما جاورها من المناطق الإفريقية وفي المغرب العربي، ولا تزال لهم ثقافتهم المتمثلة في المذهب الإباضي المنتشر في تلك المناطق.
ولا يخفى كذلك أن بعض أفكار الخوارج- ولا سيما الأزارقة- المتعلقة بتكفير العصاة لا يزال لها أتباع يمثلون تنطع الخوارج وتشددهم في وقتنا الحاضر، مما يستدعي عرض ودراسة هذه الفرقة، وما أنتجت من آراء وأفكار، وبيان ما جناه أتباعها على الإسلام والمسلمين.
ومما يجدر ذكره بالنسبة لكتب الخوارج أنها تكاد أن تكون مفقودة تماماً إذا ما استثنينا الإباضية منهم، فلم تعرف لهم مؤلفات موفورة كبقية الفرق، وأكثر ما نرجع في ذلك إلى ما كتبه العلماء من أهل السنة، مع ثقتنا بصحة ما نقلوه عنهم لمعايشتهم لهم، وكذلك لاحتمال أنهم عثروا على كتب للخوارج لم تصل إلينا، على أن ما وصل من كتب الإباضية تدل على مصداق أولئك في نقلهم لمذهب الخوارج .
الفصل الثاني
التعريف بالخوارج
في اللغة: الخوارج في اللغة جمع خارج، وخارجي اسم مشتق من الخروج، وقد أطلق علماء اللغة كلمة الخوارج في آخر تعريفاتهم اللغوية في مادة ((خرج)) على هذه الطائفة من الناس؛ معللين ذلك بخروجهم عن الدين أو على الإمام علي، أو لخروجهم على الناس .
في الاصطلاح: اختلف العلماء في التعريف الاصطلاحي للخوارج، وحاصل ذلك:
منهم من عرفهم تعريفاً سياسياً عاماً، اعتبر الخروج على الإمام المتفق على إمامته الشرعية خروجاً في أي زمن كان.
قال الشهرستاني: ((كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان))
ومنهم من خصهم بالطائفة الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله عنه. قال الأشعري: ((والسبب الذي سُمّوا له خوارج؛ خروجهم على علي بن أبي طالب)) .
زاد ابن حزم بأن اسم الخارجي يلحق كل من أشبه الخارجين على الإمام عليّ أو شاركهم في آرائهم في أي زمن. وهو يتفق مع تعريف الشهرستاني .
وعرفهم بعض علماء الإباضية بأنهم طوائف من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين أولهم نافع بن الأزرق ، ولم أر هذا التعريف عند أحد غير الإباضية.
وهذا التعريف لأبي إسحاق أطفيش يريد منه أن لا علاقة بين المحكمة الأولى –الذين لا يعتبرهم خوارج لشرعية خروجهم كما يزعم- وبين من بعدهم إلى قيام نافع سنة 64هـ، وهذا التعريف غير مقبول حتى عند بعض علماء الإباضية، ويبقى الراجح هو التعريف الثاني؛ لكثرة من مشى عليه من علماء الفرق في تعريفهم بفرقة الخوارج، وقيام حركتهم ابتداء من خروجهم في النهروان، وهو ما يتفق أيضاً مع مفهوم الخوارج كطائفة ذات أفكار وآراء اعتقاديه أحدثت في التاريخ الإسلامي دوياً هائلاً.
الفصل الثالث
أسماء الخوارج وسبب تلك التسميات
للخوارج أسماء كثيرة، بعضها يقبلونه وبعضها لا يقبلونه، ومن تلك الأسماء:
الخوارج.
الحرورية.
الشراة.
المارقة.
المحكمة.
النواصب.
أما بالنسبة للاسم الأول: فهو أشهر أسمائهم، هم يقبلونه باعتبار وينفونه باعتبار آخر، يقبلونه على أساس أنه مأخوذ من قول الله عزّ وجلّ: (ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) آية 100 سورة النساء وهذه تسمية مدح.
وينفونه إذا أريد به أنهم خارجون عن الدين أو عن الجماعة أو عن علي رضي الله عنه؛ لأنهم يزعمون أن خروجهم على عليّ رضي الله عنه كان أمراً مشروعاً بل هو الخارج عليهم في نظرهم.
و الإباضيون بخصوصهم يسمونها فتناً داخلية بين الصحابة.
قال نور الدين السالمي الإباضي عن تسميتهم خوارج على سبيل المدح: ((ثم لما كثر بذل نفوسهم في رضى ربهم وكانوا يخرجون للجهاد طوائف –سُمُّوا خوارج، وهو جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج في سبيل الله)) .
وقال أحد شعراء الخوارج .
كفى حزناً أن الخوارج أصبحوا وقد شتت نياتهم فتصدعوا
وأما بالنسبة للتسمية الثانية: فهي نسبة إلى المكان الذي خرج فيه أسلافهم عن عليّ، وهو قرب الكوفة. قال شاعرهم مقارناً بين جحف الثريد أي أكلة وبين جحف الحروري بالسيف أي ضربه به:
ولا يستوي الجحفان جحف وجحف حروري بأبيض صارم
ووردت هذه التسمية في قول عائشة رضي الله عنها: ((أحرورية أنت))
قالته للمرأة التي استشكلت قضاء الحائض والصوم دون الصلاة.
وأما بالنسبة للتسمية الثالثة: فهي نسبة إلى الشراء الذي ذكره الله بقوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله) آية 111 سورة التوبة .
وهم يفتخرون بهذه التسمية ويسمون من عداهم بذوي الجعائل: أي يقاتلون من أجل الجُعْل الذي بذل لهم. قال شاعرهم عيسى بن فاتك:
فلما استجمعوا حملوا عليهم فظل ذوو الجعائل يقتلونا
وأما التسمية الرابعة: فهي من خصوم الخوارج، لتنطبق عليهم أحاديث المروق الواردة في الصحيحين في مروقهم من الدين كمروق السهم من الرمية. قال ابن قيس الرقيات من أبيات له:
إذا نحن شتى صادفتنا عصابة حرورية أضحت من الدين مارقه
وأما التسمية الخامسة: فهي من أول أسمائهم التي أطلقت عليهم، وقيل: إن السبب في إطلاقها عليهم إما لرفضهم تحكيم الحكمين، وإما لتردادهم كلمة ((لا حكم إلا لله)) وهو الراجح، وهي كلمة حق أريد بها باطل، ولا مانع أن يطلق عليهم لكل ذلك، غير أن السبب الأول ينبغي فيه معرفة أن الخوارج هم الذين فرضوه أولاً، وهم يفتخرون بهذه التسمية كما قال شاعرهم شبيل بن عزرة:
حمدنا الله ذا النعماء أنّا نحكم ظاهرين ولا نبالي
وأما تسميتهم بالنواصب فلمبالغتهم في نصب العداء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الفصل الرابع
متى خرج الخوارج
اختلف المؤرخون وعلماء الفرق في تحديد بدء نشأتهم، وخلاصة ذلك ما يلي:
أنهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
أنهم نشأوا في عهد عثمان رضي الله عنه.
أنهم نشأوا في عهد علي رضي الله عنه حين خرج عليه طلحة والزبير، كما يزعم بعض علماء الإباضية.
أو حين خرج الخوارج من المحكمة عن جيشه كما هو الراجح.
أنهم ظهروا في عهد نافع بن الأزرق ابتداء من سنة 64هـ، كما تقدم في التعريف بهم. وفيما يلي مناقشة تلك الأقوال وبيان الصحيح منها:
أما بالنسبة للقول الأول، فإن المقصود به ما وقع للرسول صلى الله عليه وسلم من قيام ذي الخويصرة- عبد الله ذي الخويصرة التميمي- في إحدى الغزوات في وجه الرسول معترضاً على قسمة الرسول صلى الله عليه وسلم للفيء، وأنه لم يعدل –حاشاه- في قسمتها.
وقد قال بهذا القول كثير من العلماء منهم: الشهرستاني وابن حزم وابن الجوزي، والآجري، إلا أنه ينبغي التفريق بين بدء نزعة الخروج على صورة ما، وظهور الخوارج كفرقة لها آراء وتجمع قوي.
فذو الخويصرة لا يعتبر في الحقيقة زعيماً للخوارج، لأن فعلته حادثة فردية- تقع للحكام كثيراً- ولم يكن له حزب يتزعمه ولا كان مدفوعاً من أحد –إلا طمعه وسوء أدبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فيمكن القول بأن نزعة الخروج قد بدأت بذرتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما بالنسبة للقول الثاني، فهو رأي لبعض العلماء أيضاً كابن كثير وابن أبي العز ، ولكن يرد على هذا أن أولئك الثوار البغاة كان هدفهم قتل عثمان وأخذ المال، ولا ينطبق عليهم وصف فرقة ذات طابع عقائدي خاص، ولهذا اندمجوا مع المسلمين بعد تنفيذ جريمتهم ولم يشكلوا فرقة مستقلة –وإن كان فعلهم يعتبر خروجاً عن الطاعة وخروجاً على الإمام –إلا أنهم ليسوا هم الخوارج كفرقة عقائدية سياسية لما تقدم.
وأما بالنسبة للقول الثالث؛ وهو للورجلاني الإباضي، فأنه قول مردود؛ فإن طلحة والزبير رضي الله عنهما لا يصح وصفهما بالخوارج ولا ينطبق عليهما وصف الخوارج كفرقة، وكان معهما أيضاً أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد شهد الله لها بالإيمان، وطلحة الزبير رضي الله عنهما من العشرة المبشرين بالجنة .
وأما بالنسبة للقول بأن نشأتهم تبدأ من قيام نافع بن الأزرق؛ فإنه لم يقل به غير من ذكرنا من علماء الإباضية ؛ لنفيهم وجود صلة ما بين المحكمة ومن ثار على طريقتهم وبين الأزارقة بعدهم، وهو قول غير مقبول لوجود تسلسل الأحداث وارتباطها من المحكمة إلى ظهور نافع بن الأزرق.
والحاصل أن الخوارج بالمعنى الصحيح اسم يطلق على تلك الطائفة ذات الاتجاه السياسي والآراء الخاصة، والتي خرجت عن جيش الإمام علي رضي الله عنه والتحموا معه في معركة النهروان الشهيرة .
ومما نذكره هنا محاورات بين عليّ رضي الله عنه والخوارج، تصور لنا مدى التعنت الذي اتصف به الخوارج.
الفصل الخامس
محاورات الإمام علي للخوارج في النهروان
وقعت بين الإمام علي وبين الخوارج –قبل نشوب المعركة- عدة محاورات، وحينما طلب منهم علي رضي الله عنه بيان أسباب خروجهم عنه أجابوه بعدة أشياء منها:
لماذا لم يبح لهم في معركة الجمل أخذ النساء والذرية كما أباح لهم أخذ المال؟
لماذا محى لفظة أمير المؤمنين وأطاع معاوية في ذلك عندما كتب كتاب الهدنة في صفين، وأصر معه على عدم كتابة ((علي أمير المؤمنين))؟
قوله للحكمين : إن كنت أهلاً للخلافة فأثبتاني . بأن هذا شك في أحقيته للخلافة.
لماذا رضي بالتحكيم في حق كان له.
هذه أهم الأمور التي نقموا عليه من أجلها كما يزعمون، وقد أجابهم عن كل تلك الشبه ودحضها جميعاً حيث
أجابهم عن الشبهة الأولى والتي تدل على جهلهم بما يلي:
أباح لهم المال بدل المال الذي أخذه طلحة والزبير من بيت مال البصرة، ثم هو مال قليل.
النساء والذرية لم يشتركوا في القتال وهم أيضاً مسلمون بحكم دار الإسلام ولم تكن منهم ردة تبيح استرقاقهم.
قال لهم: لو أبحت لكم استرقاق النساء والذرية فأيكم يأخذ عائشة سهمه فخجل القوم من هذا ورجع معه كثير منهم كما قيل.
وأجابهم على الشبهة الثانية:
1- بأنه فعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وذكر –إن صحت الرواية- أنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لي منهم يوماً مثل ذلك.
والله أعلم بصحة هذه الرواية التي يتناقلها المؤرخون، ذلك أن معاوية رضي الله عنه ما كان يطالب بالخلافة حتى يحق له أن يطلب محو كلمة ((أمير المؤمنين)). ومعاوية كذلك كان يعرف أسبقية عليّ وفضله، وإنما النزاع حول أمر آخر غير الخلافة، اللهم إلا أن يكون هذا الفعل من صنيع المفاوضين دون علم معاوية بذلك.
وأجابهم عن الشبهة الثالثة على افتراض صحة الرواية عنه: بأنه أراد النصفة لمعاوية ولو قال: احكما لي؛ لم يكن تحكيماً، ثم استدل بقصة وفد نصارى نجران ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم إلى المباهلة لإنصافهم.
وأجابهم عن الشبهة الرابعة: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكّم سعد بن معاذ في بني قريظة في حق كان له.
ثم نشبت المعركة مع من بقي منهم على عناده وهزم الخوارج شر هزيمة، وتذكر بعض كتب الفرق أنه لم يَنْجُ من الخوارج إلا تسعة، ولم يُقتل من جيش عليّ إلا تسعة ، وصار هؤلاء التسعة من الخوارج هم نواة الخوارج في البلدان التي ذهبوا إليها، وفي هذا نظر ، وقتل زعيم الخوارج في هذه المعركة وهو عبد الله بن وهب الراسبي سنة 37، و 38هـ.
المصدر : موقع الدرر السنية - يتبع ان شاء الله تعالى-
الفصل السادس
أسباب خروج الخوارج
1- النزاع حول الخلافة:
وربما يكون هذا هو أقوى الأسباب في خروجهم، فالخوارج لهم نظرة خاصة في الإمام معقدة وشديدة، والحكام القائمون في نظرهم لا يستحقون الخلافة، لعدم توفر شروط الخوارج القاسية فيهم، أضف إلى هذا عدم الاستقرار السياسي الذي شجعهم على الخروج، وإلى الحسد الذي كان كامناً في نفوسهم ضد قريش. إضافة إلى أنهم فسروا الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما بأنه نزاع حول الخلافة. ومن هنا استسهلوا الخروج على عليّ ومعاوية من بعده.
2- قضية التحكيم:
فقد أجبروا الإمام عليّ على قبول التحكيم، وحينما تم ذلك طلبوا منه أن يرجع عنه بل ويعلن إسلامه، فرد عليهم رداً عنيفاً.
وهناك من يقلل من شأن هذه القضية كعامل في ظهور الخوارج، ولا شك أن هذا خطأ، فقد كان التحكيم من الأسباب القوية في ظهورهم.
وقد رد بعض العلماء وشنع على من يقول من المؤرخين وكتاب الفرق، بأن كان في قضية التحكيم خداع ومكر، كالقاضي ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم؛ حيث فصّل القول في هذا الأمر.
3- جور الحكام وظهور المنكرات:
هكذا كان الخوارج يرددون في خطبهم ومقالاتهم، أن الحكام ظلمة والمنكرات فاشية، والواقع أنهم حينما فعلوا خرجوا أضعاف ما كان موجودا من المظالم والمنكرات، حينما رأوا أن قتال المخالفين لهم قربة إلى الله تعالى، وأن الأئمة ابتداءً بالإمام علي –مع عدله وفضله- ثم بحكام الأمويين والعباسيين-كلهم ظلمة في نظرهم دون تحرٍّ أو تحقيق، مع أن إقامة العدل والنهي عن المنكرات يتم بغير تلك الطريقة التي ساروا عليها في استحلال دماء مخالفيهم حكاماً ومحكومين.
4- العصبية القبلية:
التي ماتت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر عمر رضوان الله عليهما. ثم قامت في عهد عثمان وما بعده قوية شرسة، وكانت قبل الإسلام بين ربيعة- وأكثر الخوارج منهم- وبين مضر قوية، وقد قال المأمون في إجابته لرجل من أهل الشام طلب منه الرفق بالخوارج: ((وأما ربيعة فساخطة على الله منذ بعث نبيه من مضر، ولم يخرج اثنان إلا خرج أحدهما شارياً)).
وهناك أسباب أخرى عوامل اقتصادية؛ كقصة ذي الخويصرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وثورتهم الممقوتة على عثمان رضي الله عنه؛ حيث نهبوا بيت المال بعد قتله مباشرة، ونقمتهم على عليّ في معركة الجمل، ومنها كذلك الحماس الديني الذي مدحهم به بعض المستشرقون كجولد زيهر حينما ذكر أن تمسك الخوارج الشديد بالقرآن أدى بهم إلى الخروج على المجتمع، والمغالطة في قوله هذا واضحة، فإن التمسك بالقرآن لا يؤدي إلى سفك الدماء بغير حق
الفصل السابع
حركات الخوارج الثورية وفرقهم وعددهم
ب- فرق الخوارج:
أما فرقهم فإن من رحمة الله بالناس أن الخوارج تفرقوا فيما بينهم، ولو اتحدوا لكانوا كارثة على المسلمين المخالفين لهم، ويذكر العلماء أن الخوارج كانوا يختلفون ويتفرقون لأتفه الأسباب، وحينما جاء نافع بن الأزرق ببعض التفاصيل في المذهب كحكم التقية والقعدة وأطفال المخالفين لهم فزاد الطين بلة والنار اشتعالاً فتفرقوا فرقاً كثيرة قد لا يكون ضرورياً عدها هنا فإن بعض تلك الفرق انتهى في وقته، وبعضها اندمج مع الفرق الأخرى، وبعضها رجع عن مقالاته كما فصلته كتب الفرق .
ج- عدد فرق الخوارج:
وأما عددهم فإنه يجد الباحث عن عدد فرق الخوارج الأصلية والفرعية أنه أمام أعداد مختلفة؛ وذلك لأن كتب الفرق الإسلامية لم تتفق على تقسيم فرقهم الرئسية أو الفرعية على عدد معين، فنجد الأشعري مثلاً يعد فرق الخوارج أربع فرق، وغيره يعدها خمساً، وبعضهم يعدها ثمانياً، وبعضهم سبعاً، وآخرون خمساً وعشرين، وقد تصل إلى أكثر من ثلاثين فرقة، والواقع أنه يصعب معرفة عدد فرق الخوارج ، والسبب في ذلك يعود إلى:
أن الخوارج فرقة حربية متقلبة، فلم يتمكن العلماء من حصرهم حصراً دقيقاً.
أن الخوارج كانوا يتفرقون باستمرار لأقل الأسباب، كما أنهم يختلفون أيضاً لأقلها.
أن الخوارج أخفوا كتبهم إما خوفاً عليها من الناس أو ضناً بها عنهم، مما يجعل دراستهم من خلال كتبهم في غاية الصعوبة.
وندرة كتبهم في عصرنا الحاضر دليل على ذلك، إلا ما وجد للإباضية على قلته- إلى غير ذلك من الأسباب، إلا أنه من المعلوم تماماً أن أشهر فرق الخوارج فرقة الإباضية كما يذكر كتاب الفرق المتقدمون منهم و المتأخرون، رغم أن علماء الإباضية –خصوصاً علي يحيى معمر- ينفي نفياً قاطعاً أن تكون الإباضية فرقة من فرق الخوارج، وقد ذكرنا فيما سبق السر في ذلك.
وفيما يلي نذكر نبذة موجزة عن هذه الطائفة:
الفصل الثامن
دراسة أهم فرق الخوارج ، وهم الاباضية
- تمهيد:
ولا بد من وقفة يسيرة عند هذه الفرقة من الخوارج، نذكر عنهم على سبيل الإيجاز بعض ما قيل عنهم، سواء ما جاء عن المخالفين أو الموافقين لهم، أو ما ذكروه في كتبهم، ولكون هذه الطائفة لا يزال لها أتباع وأنصار في أماكن كثيرة من العالم، ولكونهم كانت لهم صولة وقوة، ولكثرة ما جاء من أخبارهم السياسية والعقدية والاجتماعية-فإنها تحتاج إلى دراسة خاصة قد تأخذ حجماً كبيراً لمن أراد أن يتتبع أخبارهم ويقف على مبادئهم .
ولذا فإننا نحيل القارئ –إذا أراد تفاصيل أخبار هذه الطائفة بأن يرجع إلى الكتب التي اهتمت بذكر تواريخهم وبيان عقائدهم، سواء ما كان منها قديماً أو جديداً؛ حيث ظهرت بعض كتب الإباضية على ندرتها وشدة تحفظهم عليها منذ القدم، إضافة إلى توجه بعض العلماء للكتابة عنهم في عصرنا الحاضر .
وأما أماكنهم فقد ذكر بكير بن سعيد أعوشت –أحد علمائهم- أنهم يوجدون حالياً في الجزائر وتونس وليبيا وعمان وزنجبار .
- زعيم الإباضية:
أما بالنسبة لزعيم الإباضية فإنهم ينتسبون في مذهبهم- حسبما تذكر مصادرهم- إلى جابر بن زيد الأزدي الذي يقدمونه على كل أحد ويروون عنه مذهبهم، وهو من تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه .
وقد نُسبوا إلى عبد الله بن إباض لشهرة مواقفه مع الحكام ، واسمه عبد الله بن يحيى بن إباض المري من بني مرة بن عبيد، وينسب إلى بني تميم، وهو تابعي، عاصر معاوية وابن الزبير وكانت له آراء واجه بها الحكام.
وهذا هو اسمه المشهور عند الجمهور، إلا أن بعض العلماء التبست عليه شخصية ابن إباض بشخصية أخرى يسمى ((طالب الحق)).
فالملطي سماه في بعض المواضع من كتابه التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع إباض بن عمرو، وهذا خطأ منه مع أنه ذكره في مواضع أخرى بتسميته الصحيحة (عبد الله بن إباض)، وصاحب إبانة المناهج سماه يحيى بن عبد الله الإباضي، و هذا خطأ منه، حيث التبس عليه تسميته ابن إباض برجل آخر من زعماء الإباضية اسمه يحيى بن عبد الله طالب الحق المتقدم ثار باليمن وجمع حوله من الأتباع والانصار ما شجعه على الخروج في وجه حكام بني أمية سنة 128هـ، أصله من حضرموت، تأثر بدعوة أبي حمزة الشاري فخرج على مروان بن محمد وأخذ حضرموت وصنعاء، فسير إليه مروان بن محمد قائده عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي فدارت معركة أسفرت عن قتل طالب الحق سنة 130هـ .
وقد ذهب بعض العلماء من الإباضية إلى تحديد الوقت الذي استعملت فيه تسمية الإباضية، وأن ذلك كان في القرن الثالث الهجري، وقبلها كانوا يسمون أنفسهم ((جماعة المسلمين)) ، أو ((أهل الدعوة))، أو ((أهل الاستقامة)) كما يذكر ابن خلفون من علمائهم ، وهذا القول لا يتفق مع نشأة الإباضية بزعامة جابر بن زيد أو عبد الله بن إباض.
وقد ذهب ابن حزم إلى القول بأن الإباضية لا يعرفون ابن إباض، وأنه شخص مجهول ، وهذا خطأ منه، فإن ابن إباض شخص يعرفه الإباضيون، ولهذا رد عليه علي يحيى معمر الإباضي وذكر أن الإباضية يعرفون ابن إباض معرفة تامة ولا يتبرءون منه وأن ابن حزم تناقض حين ذكر أن الإباضية يتبرءون منه؛ إذ كيف يتبرءون من شخص مجهول لا يعرفونه .
ثم نتساءل كذلك من أين لهم تسميتهم ((إباضية)) إذا لم يكن ابن إباض من أوائلهم.
وقد ذهب الشهرستاني إلى أن ابن إباض خرج في أيام مروان بن محمد وقتل في ذلك الوقت ، وهذا غير صحيح، لأن ابن إباض توفي في خلافة عبد الملك بن مروان.
موقع الدرر السنية - يتبع ان شاء الله -
3-هل الإباضية من الخوارج؟
اتفقت كلمة علماء الفرق –الأشعري فمن بعده- على عد الإباضية فرقة من فرق الخوارج، وليس المخالفون للإباضية فقط هم الذين اعتبروهم في عداد الخوارج، وإنما بعض علماء الإباضية المتقدمون أيضاً؛ إذ لا يوجد في كلامهم ما يدل على كراهيتهم لعد الإباضية فرقة من الخوارج.
ولكن بالرجوع إلى ما كتبه بعض العلماء الإباضية مثل أبي اسحاق أطفيش، وعلي يحيى معمر- نجد أنهم يتبرءون من تسمية الإباضية بالخوارج براءة الذئب من دم يوسف.
ولقد خاض علي يحيى معمر في كتبه الإباضية بين الفرق الإسلامية، و الإباضية في موكب التاريخ، وغيرها –خاض غمار هذه القضية وتفانى في رد كل قول يجعل الإباضية من الخوارج وهاجم جميع علماء الفرق المتقدمين منهم والمتأخرين على حد سواء، واعتبر عدهم للإباضية من الخوارج ظلماً وخطأ تاريخياً كبيراً، لأن تاريخ الخوارج عنده يبدأ من سنة 64هـ بقيام نافع بن الأزرق فمن بعده، وسمى ما قام به المحكِّمة الأولى فتناً داخلية. ونفى وجود أي صلة ما بين المحكِّمة الأولى والخوارج بقيادة نافع بن الأزرق، ونجدة بن عامر، وغيرهما من الخوارج كما تقدم .
ولا شك أن هذا القول فيه مغالطة خاطئة، ذلك أن الأحداث متسلسلة ومرتبطة من المحكِّمة إلى ظهور نافع بن الأزرق، بحيث يظهر أن الأولين هم سلف الخوارج.
والحقيقة أن ظهور نافع بن الأزرق كان على طريقة من سبقه في الخروج إلا أنه ساعدته الظروف بحيث تغير وضع الخوارج من جماعات صغيرة تثور هنا وهناك إلى جماعات كبيرة هزت الدولة الأموية هزاً عنيفاً في فترات متقطعة.
وزعم علي بن يحيى معمر أن لفظة الخوارج كاصطلاح على جماعة، لم يكن معروفاً بين الصحابة، وهذا غير صحيح، لأن لفظة الخوارج وردت في الأحاديث وفي كلام الصحابة كثيراً كعلي وعائشة وابن عباس وغيرهم من الصحابة.
وتعجب جداً حينما تر تعليل أطفيش وتبعه علي يحيى معمر لمعركة النهروان بين علي والمحكِّمة الأولى.
فهو لا يرى أن السبب فيها خروج أولئك عن الطاعة وسفكهم الدماء وإرهاب المسلمين، بل إن السبب في حرب عليّ لهم كما يرى هو أن القيادة أو الخلافة أسندت إلى أزدي-ابن وهب- لا إلى قرشي، فحاربهم علي عصبية لقريش .
فهل عليّ كان واثقاً من بقاء الخلافة لنفسه وهو في حالة حرب مع معاوية حتى يحارب لبقاء الخلافة في قريش.
ثم لو كان الأمر عصبية لقريش فلماذا لم يترك حرب معاوية ويسلمه الخلافة وهو قرشي! هذا أمر واضح لولا أن التعصب الذي يحمله بعض علماء الإباضية على عليّ رضي الله عنه هو الذي أدى بهم إلى هذا الخلط في الفهم وتغيير وقلب الحقائق.
ونذكر فيما يلي بعض النصوص من كلام علماء الإباضية حول الخوارج:
قال مؤلف كتاب الأديان وهو إباضي: ((الباب الخامس والأربعين في ذكر فرق الخوارج، وهم الذين خرجوا على عليّ بن أبي طالب لما حكَّم، ثم أخذ يذكر الخوارج بهذا الاسم في أكثر من موضع من هذا الكتاب على سبيل المدح قائلا: هم أول من أنكر المنكر على من عمل به، وأول من أبصر الفتنة و عابها على أهلها، لا يخافون في الله لومة لائم، قاتلوا أهل الفتنة حتى مضوا على الهدى)) إلى أن يقول:
((وتتابعت الخوارج وافترقت إلى ستة عشر فرقة بفرقة أهل الاستقامة يعني الإباضية)) .
ويقول نور الدين السالمي عن الخوارج: ((لما كثر بذل نفوسهم في رضى ربهم وكانوا يخرجون للجهاد طوائف سُموا خوارج، وهو جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج في سبيل الله. وكان اسم الخوارج في الزمان الأول مدحاً لأنه جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج للغزو في سبيل الله)) .
ويقول صاحب كتاب وفاء الضمانة الإباضي: ((وكان الصفرية –إحدى فرق الخوارج- مع أهل الحق منا في النهروان)) .
ولا أدري معنى لهذا الحرص من بعض الإباضية على عدم دخولهم في دائرة الخوارج. فإذا كانت الإباضية –كما هو معروف- تتولى المحكِّمة ويعتبرونهم سلفاً صالحاً لهم وينفون عنهم اسم الخارجية فلماذا تذكر بعض كتبهم لفظة المحكمة وتفسرها بين قوسين ((بالخوارج)) كما فعل السالمي في كتابه عمان تاريخ يتكلم! والأغرب من هذا أنه يسمي الخوارج في العصر العباسي بالمحكِّمة كما نرى في نص كلامه حين يقول موازناً بين قوة الخوارج في الدولتين الأموية والعباسية يقول:
((ولم تكن قوة المحكِّمة أو ((الخوارج)) في العصر العباسي كما كانت في العهد الأموي)).
ثم يمضي المؤلف المذكور ذاكراً شواهد من مناوءة المحكِّمة أو الخوارج للعباسيين، ويمثل للخوارج بأئمة الإباضية المعتبرين عندهم مما يدل على أن لا فرق بين الخوارج و الإباضية في التسمية والمبادئ .
ومن هنا يتبين لنا أن تسميتهم باسم الخوارج قديمة وجدت قبل ظهور الأزارقة، سواء كان ذلك من التنبأ بظهورهم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أو في ترديد هذا الاسم على لسان عليّ رضي الله عنه، أو على ألسنة غيره من الناس وعلى ألسنة بعض علماء الإباضية أيضاً، وعلى هذا فلا يخطئ من ألحق تسمية الإباضية بالخوارج، ويبقى ما امتاز به الإباضية من تسامح، أو تسامح أغلبيتهم تجاه مخالفيهم قائماً وثابتاً لهم ورغم ما يظهر أحياناً في بعض كتب الإباضية من الشدة والقسوة تجاه المخالفين لهم والحكم عليهم بالهلاك والخسران، كما يقرره الوارجلاني منهم في كتابه الدليل لأهل العقول.
4-فرق الإباضية:
انقسمت الإباضية إلى فرق، منها ما يعترف به سائر الإباضية، ومنها ما ينكرونها ويشنعون على من ينسبها إليهم، ومن تلك الفرق:
1-الحفصية: أتباع حفص بن أبي المقدام.
2-اليزيدية: أتباع يزيد بن أنيسة.
3-الحارثية: أتباع حارث بن يزيد الإباضي.
4-أصحاب طاعة لا يراد بها الله .
ولهذه الفرق من الأقوال والاعتقادات ما لا يشك مسلم في كفرهم وخروجهم عن الشريعة الإسلامية.
ورغم أن علماء الفرق قد أثبتوا نسبتها إلى الإباضية إلا أن عليّ معمر-في كتابه الإباضية بين الفرق الإسلامية- أخذ يصول ويجول وينفي وجود هذه الطوائف عند الإباضية أشد النفي، ويزعم أن علماء الفرق نسبوها إلى الإباضية ظلماً وخطأ وهذا الرد منه لا يسلم له على إطلاقه، لأن انحراف هذه الفرق في آرائهم لا يقوم دليل قاطع على عدم انتسابهم إلى الإباضية؛ إذ يجوز أن يكون هؤلاء الزعماء كانوا في صفوف الإباضية ثم انفصلوا عنهم بآرائهم الشاذة، وتظل نسبتهم إلى الإباضية ثابتة في الأصل، كما أنه لا يمنع أن يخرج بعض أفراد المذهب عن عامة أهل المذهب وتبقى نسبتهم إليهم لو مجرد التسمية –ثابتة- وإضافة إلى تلك الفرق السابقة فإنه يوجد ست فرق أخرى للإباضية في المغرب هي:
1-فرقة النكار: زعيمهم رجل يسمى أبا قدامة يزيد بن فندين الذي ثار في وجه إمام الإباضية بالمغرب عبد الوهاب بن رستم. وسميت هذه الفرقة بالنكارية لإنكارهم إمامة ابن رستم.
وقد سميت الفرقة الموافقة لعبد الوهاب بن رستم ((بالوهابية أو الوهبية)).
2-النفاثية: نسبة إلى رجل يسمى فرج النفوسي المعروف بالنفاث، ونفوسة قرية تقع في ليبيا.
3-الخلفية: نسبة إلى خلف بن السمح بن أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري الذي كانت له مناوشات مع الدولة الرستمية.
4-الحسينية: وزعيمهم رجل يسمى أبا زياد أحمد بن الحسين الطرابلسي.
5-السكاكية: نسبة إلى زعيمهم عبد الله السكاك اللواتي من سكان قنطرار، تميز بأقوال تخرجه عن الإسلام، وقد تبرأت من الإباضية.
6-الفرثية: زعيمهم أبو سليمان بن يعقوب بن أفلح.
ونفس الموقف السابق لعليّ يحيى بن معمر من الفرق السابقة وقفه أيضاً ضد هذه الفرق وأنكر أن تكون من الإباضية وشكك في وجود بعض هذه الفرق، فضلاً عن نسبتها إلى الإباضية إلا أن كثيراً من العلماء يذكرون أن هذه الفرق هي ضمن الإباضية بالمغرب.
5-دولة الإباضية:
قامت للإباضية دولتان: إحداهما في المغرب والأخرى في المشرق –عمان- تمتع المذهب الإباضي فيهما بالنفوذ والقوة.
وساعد انتشار المذهب الإباضي في عمان بُعْدُها عن مقر الخلافة، ثم مسالكها الوعرة.
ويرجع دخول المذهب الإباضي عمان إلى فرار بعض الخوارج بعد معركة النهروان إلى هذا البلد؛ كما يرى بعض العلماء.
ولكن السالمي من علماء الإباضية يرى أن دخول المذهب إلى عمان يرجع إلى قدوم عبد الله بن إباض.
وعلى أي حال فقد قوي المذهب وأراد أهل عمان الاستقلال عن الخلافة العباسية عهد السفاح والمنصور، وانتخبوا لهم خليفة هو الجلندي بن مسعود ابن جيفر الأزدي، إلا أن جيوش الخلافة العباسية قضت على حلم أهل عمان وظلت جزءاً من الدولة العباسية إلى سنة 177هـ، حيث بدأت نزعة الاستقلال وولوا عليهم سنة 179هـ إماماً منهم، واستمر ولا تهم في الحكم في عمان ابتداءً بأول خليفة وهو محمد بن أبي عفان الأزدي، ثم الوارث بن كعب الخروصي، ثم غسان بن عبد الله، ثم عبد الملك بن حميد، ثم المهنا بن جيفر اليحمدي، ثم الصلت بن مالك الخروصي، ثم راشد بن النظر اليحمدي الخروصي، ثم عزام بن تميم الخروصي، ثم سعيد بن عبد الله بن محمد بن محبوب، ثم راشد بن الوليد، ثم الخليل بن شاذان، ثم محمد علي، ثم راشد بن سعيد، ثم عامر بن راشد بن الوليد .
وبعده محمد بن غسان بن عبد الله الخروصي، والخليل بن عبد الله ومحمد بن أبي غسان وموسى بن أبي المعالي وخنبش بن محمد والحواري بن مالك، وأبو الحسن بن خميس وعمر بن الخطاب ومحمد بن محمد بن إسماعيل الماضري وبركات بن محمد بن إسماعيل. ثم جاءت أئمة اليعارية الذين قوي نفوذهم جداً واستمروا إلى أن حدثت الانشقاقات والتفرق بينهم، فتدخلت الدول الاستعمارية وقضت على الإمامة .
أما بالنسبة لدولة الإباضية في المغرب فإن قيام هذه الدولة كان نتيجة لانتشار المذهب الإباضي هناك بين قبائل البربر.
ولقد كانت البصرة هي إحدى القواعد الأساسية لدعاة المذهب الإباضي، حيث يتخرج منها دعاة هذا المذهب وينتشرون في أماكن كثيرة، وتعتبر المرجع لجميع الإباضية في كل مكان، إذ يأتون إليها ويتزودون منها علماً وخططاً لنشر مذهبهم وإقامة حكمهم، في ذلك الوقت وفد إليها رجال هذا المذهب ثم خرجوا إلى المغرب وأسسوا دولتهم إلى جانب دولة الصفرية الخارجية.
وطريقة قيام المذهب الإباضي تمت بوضع خطة للقبض على زمام السلطة شيئاً فشيئاً، وكان أول زعيم لهم هو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري، فاستولوا على طرابلس ثم عيَّن عبد الرحمن الرستمي قاضياً عليها وواصل أبو الخطاب انتصاراته، ولكن جيش الخلافة العباسية دحرهم في معركة قتل فيها أبو الخطاب وتفرقت الإباضية.
ثم قام عبد الرحمن الرستمي الذي يعتبر مؤسس الدولة الرستمية الإباضية في المغرب بمحاولات الاستقلال، وتمت له السيطرة على أماكن كثيرة وسلموا عليه بالخلافة سنة 160هـ وهو فارسي الأصل.
وقد توفي سنة 171هـ فاختاروا ابنه عبد الوهاب الذي واصل تنمية المذهب واجتمعت عليه الكلمة إلى أن مات، فخلفه ابنه أفلح بن عبد الوهاب وسار على طريقة والده وأحبه الناس، وبعد وفاته تولى ابنه أبو اليقظان محمد ابن أفلح، فأحب الناس سيرته إلى أن توفي فخلفه ابنه أبو حاتم يوسف بن محمد بن أفلح إلا أن العلاقة ساءت بينه وبين عمه يعقوب بن أفلح ودارت بينهم معارك هائلة، ومن هنا بدأت الدولة الرستمية في الأفول وداهمتهم الشيعة بقيادة أبي عبيد الله الشيعي وانتهت أسرتهم في سنة 296هـ فرثاهم علماء الإباضية كثيراً .
- موقف الإباضية من المخالفين لهم:
أ-موقفهم من سائر المخالفين:
تتسم معاملة الإباضية لمخالفيهم باللين والمسامحة وجوزوا تزويج المسلمات من مخالفيهم.
وهذا ما يذكره علماء الفرق عنهم، إضافة إلى أن العلماء يذكرون عنهم كذلك أن الإباضية تعتبر المخالفين لهم من أهل القبلة كفار نعمة غير كاملي الإيمان ولا يحكمون بخروجهم من الملة، إلا أن هذا المدح ليس بالاتفاق بين العلماء؛ فهناك من يذكر عن الإباضية أنهم يرون أن مخالفيهم محاربون لله ولرسوله وأنهم يعاملون المخالفين لهم أسوأ المعاملة.
والحقيقة أن القارئ لكتب علماء الفرق يجد أنهم متعارضون في النقل عنهم إلا أن يقال: إن طائفة من الإباضية معتدلون وآخرون متشددون. ولهذا وجد علي يحيى معمر ثغرة في كلام علماء الفرق ليصفهم بالتناقض والاضطراب في النقل إلى آخر ما أورد من انتقادات لا تسلم له على إطلاقها.
وذلك أنك تجد في بعض كلام علماء الإباضية أنفسهم الشدة في الحكم على المخالفين لهم ووصفوهم بأنهم الكفار وأنهم من أهل النار ما لم يدينوا بالمذهب الإباضي، وتجد آخرين يتسامحون في معاملة المخالفين لهم ويبدو عليهم اللين تجاههم.
وتجد التعصب في حكمهم على مخالفين ظاهراً قوياً من قراءتك لكتاب مقدمة التوحيد لابن جميع، وكتاب الحجة في بيان المحجة في التوحيد بلا تقليد للعيزابي، ورسالة في فرق الإباضية بالمغرب للمارغيني، وكتاب الدليل لأهل العقول للورجلاني، وكذا العقود الفضية، وكشف الغمة الجامع لأخبار الأمة- فإن القارئ لهذه الكتب يجد التشدد تجاه المخالفين قائماً على أشده كما تشهد بذلك مصادرهم المذكورة.
ومع هذا فإن العلماء و المتقدمين وكثيراً من المتأخرين يذكرون عبارات كثيرة تصف الإباضية بالتسامح واللين تجاه المخالفين ممن يدعون الإسلام إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي وحرابة، ومع ذلك نفى عليّ يحيى معمر أن يكون من مذهب الإباضية أنهم يرون أن معسكر السلطان معسكر بغي وحرابة، ولكنه-وهو يقسم حكام المسلمين في كتابه الإباضية بين الفرق الإسلامية- جعل هذا الوصف ينطبق على الحاكم الذي يخرج عن العدل ولا يطبق أحكام الإسلام كاملة .
ومن خلال الأمثلة الآتية من كلام العلماء حول موقف الإباضية من المخالفين لهم تجد مصداق ما قدمنا إجماله فيما يلي:
1- اللين والتسامح مع المخالفين:
أ-ما قاله عنهم كتَّاب الفرق.
ب-ما قالوه هم في كتبهم.
أما ما قاله علماء الفرق عنهم:
فمثلاً نجد أن الأشعري يقول: ((وأما السيف فإن الخوارج جميعاً تقول به وتراه، إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف)) .
وقال أيضاً: ((وجمهور الإباضية يتولى المحكِّمة كلها إلا من خرج، ويزعمون أن مخالفيهم من أهل الصلاة كفار ليسوا بمشركين)) .
ثم قال عنهم كذلك: ((وزعموا أن الدار أي دار مخالفيهم- دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار كفر يعني عندهم)) .
إلى أن قال: ((وفي المعركة لا يقتلون النساء ولا الأطفال على عكس ما يفعله الأزارقة)) .
أما البغدادي و الشهرستاني فيذكران عن الإباضية أنهم يرون أن مخالفيهم براء من الشرك والإيمان، وأنهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين ولكنهم كفار .
وأما ما قالوه هم عن أنفسهم:
فنجد صاحب كتاب الأديان الإباضي وهو يعدد آراء الأخنس –زعيم فرقة الأخنسية –يقول: (وجوَّز تزويج نساء أهل الكبائر من قومهم على أصول أهل الاستقامة)) .
ونجده كذلك يؤكد على أنه لا يجوز من أهل القبلة إلا دماءهم في حالة قيام الحرب بينهم وبين الإباضية .
ويأتي أبو زكريا الجناوني فيؤكد أنه يجوز معاملة المخالفين معاملة حسنة، غير أنه ينبغي أن يدعو إلى ترك ما به ضلوا فإن أصروا ناصبهم إمام المسلمين الحرب حتى يذعنوا للطاعة ولا يحل منهم غير دمائهم .
وهناك نصوص في مسامحة الإباضية للمخالفين لهم من حسن المعاملة وعدم اغتيالهم أو استعراضهم وتحريم أموالهم.
يذكرها عنهم علي يحيى معمر مع عزوها إلى قائليها في كتابه الإباضية بين الفرق الإسلامية، في معرض نقده كلام علماء الفرق عن الإباضية لا نرى ضرورة للتطويل بنقلها هنا.
2- الشدة على المخالفين:
1-ما يقوله عنهم علماء الفرق:
يقول البغدادي عنهم: ((إنهم يرون أن المخالفين لهم كفار وأجازوا شهادتهم وحرموا دماءهم في السر واستحلوها في العلانية... وزعموا أنهم في ذلك محاربون لله ولرسوله ولا يدينون دين الحق، وقالوا باستحلال بعض أموالهم دون بعض والذي استحلوه الخيل والسلاح، فأما الذهب والفضة فإنهم يردونها على أصحابها عند الغنيمة .
وقد سبق قول الأشعري عنهم.
((وقالوا جميعاً: إن الواجب أن يستتيبوا من خالفهم في تنزيل أو تأويل، فإن تاب وإلا قتل، كان ذلك الخلاف فيما يسع جهله وفيما لا يسع .
2-ما قالوه هم في كتبهم:
روى الجيطالي الإباضي عن الإمام عبد الوهاب أنه قال: سبعون وجهاً تحل بها الدماء، فأخبرت منها لأبي مرداس بوجهين فقال: من أين هذا من أين هذا؟
وفي كتاب سير المشائخ أن الإمام كان يقول: عندي أربعة وعشرين وجهاً تحل بها دماء أهل القبلة، ولم تكن منهم عند أبي مرداس رحمه الله إلى أربعة أوجه وقد شدد علي فيهم .
ويقول المارغيني منهم: ((وقالت المشائخ إن هذا الدين الذي دنا به الوهبية من الإباضية من المحكِّمة دين المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الحق عند الله وهو دين الإسلام، من مات مستقيماً عليه فهو مسلم عند الله، ومن شك فيه فليس على شيء منه، ومن مات على خلافه أو مات على كبيرة موبقة فهو عند الله من الهالكين أصحاب النار)) .
وقال العيزابي منهم: ((الحمد لله الذي جعل الحق مع واحد في الديانات فنقول معشر الإباضية الوهابية: الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا؛ لأن الحق عند الله واحد، ومذهبنا في الفروع صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفينا خطأً يحتمل الصدق)) .
ولا يقلُّ الوارجلاني تشدداً عن من سبق، فهو يقول:
فإن قال قائل: هذه أمة أحمد صلى الله عليه وسلم قد قضيتم عليها بالهلاك وبالبدعة والضلال وحكمتم عليها بدخول النار ما خلا أهل مذهبكم. قلنا: إنما قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم-لا نحن- بقوله: حيث يقول: ((ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهن في النار ما خلا واحدة ناجية ...كلهم يدعي تلك الواحدة)) .
وهناك نصوص كثيرة أخرى في تزكية مذهبهم وبطلان ما عداه من المذاهب، وأن الله لا يقبل أي دين غير دين الإباضية والوهبية عن صاحب العقود الفضية و السالمي وجاعدين خميس الخروصي ، وصاحب كشف الغمة ، وصاحب النيل وشفاء العليل وابن جميع وغيرهم من علماء الإباضية.
ب-موقف الإباضية من الصحابة:
موقف الإباضية من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم:
من الأمور المتفق عليها عند سائر الخوارج الترضي التام والولاء والاحترام للخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما، لم تخرج فرقة منهم عن ذلك.
أما بالنسبة للخليفتين الراشدين الآخرين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقد هلك الخوارج فيهما وذموهما مما برأهما الله عنه.
والذي يهمنا، أن نشير هنا إلى رأي الإباضية في الصحابة رضوان الله عليهم بإيجاز، تاركين تفصيل الحجج والردود عليها لمقام آخر:
1-موقف الإباضية من عثمان رضي الله عنه:
من الأمور الغريبة جداً أن تجد ممن يدعي الإسلام ويؤمن بالله ورسوله من يقع في بغض الصحابة؛ خصوصاً من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة وثبتت بذلك النصوص في حقه.
فعثمان رضي الله عنه صحابي جليل شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، أما بالنسبة للخوارج فقد تبرءوا منه ومن خلافته، بل وحكموا عليه بالارتداد و العياذ بالله وحاشاه من ذلك.
وفي كتاب كشف الغمة لمؤلف إباضي من السب والشتم لعثمان ما لا يوصف، ولم يكتف بالسب والشتم، وإنما اختلق روايات عن بعض الصحابة يسبون فيها عثمان بزعمه ويحكمون عليه بالكفر ، ولا شك أن هذا بهتان عظيم منه.
ويوجد كذلك كتاب في الأديان وكتاب آخر اسمه الدليل لأهل العقول للورجلاني، فيهما أنواع من السباب والشتم لعثمان ومدح لمن قتلوه؛ حيث سماهم فرقة أهل الاستقامة، وهم في الحقيقة بغاة مارقون لا استقامة لهم إلا على ذلك.
2-وأما بالنسبة لموقفهم من علي رضي الله عنه: فإنه يتضح موقفهم منه بما جاء في كتاب كشف الغمة تحت عنوان فصل من كتاب الكفاية قوله: فإن قال ما تقولون في علي بن أبي طالب، قلنا له: إن علياً مع المسلمين في منزلة البراءة، وذكر أسباباً- كلها كذب- توجب البراءة منه في زعم مؤلف هذا الكتاب، منها حربه لأهل النهروان وهو تحامل يشهد بخارجيته المذمومة.
وقد ذكر لوريمر عن موقف المطاوعة –جماعة متشددة في الدين- كما يذكر قوله: ((ويعتقد المطوعون أن الخليفة علياً لم يكن مسلماً على الإطلاق؛ بل كان كافراً!!)) .
كما تأول حفص بن أبي المقدام بعض آيات القرآن على أنها واردة في علي، وقد كذب حفص .
ومن الجدير بالذكر أن علي يحيى معمر –المدافع القوي عن الإباضية يزعم أن الإباضية لا يكفرون أحداً من الصحابة، وأنهم يترضون عن علي رضي الله عنه فهو ينقل عن كتاب وفاء الضمانة بأداء الأمانة مدحاً وثناءً لعلي .
وأورد علي يحيى معمر فصلاً طويلاً بيّن فيه اعتقاد الإباضية في الصحابة بأنهم يقدرونهم حق قدرهم، ويترضون عنهم ويسكتون عما جرى بينهم، ونقل عن أبي إسحاق أطفيش في رده على الأستاذ محمد بن عقيل العلوي أنه قال له: أما ما زعمت من شتم أهل الاستقامة لأبي الحسن علي وأبنائه فمحض اختلاق.
ونقل عن التعاريتي أيضاً مدحه للصحابة خصوصاً علياً وأبناءه، وكذلك التندميري الإباضي.
وأخيراً قال علي يحيى معمر: ((ولم يكن يوماً من الأصحاب شتم له أو طعن، اللهم من بعض الغلاة، وهم أفذاذ لا يخلو منهم وسط ولا شعب)) .
وهذه الحقيقة التي اعترف بها أخيراً تجعل ما ملأ به كتابه الإباضية بين الفرق من الشتائم على كل كتّاب الفرق غير صحيح، فما الذي يمنع أن يكون نقل هؤلاء العلماء يصدق على أقل تقدير على هؤلاء الأفذاذ الذين أشار إليهم، مع أن ما يذكره علي يحيى معمر لا يتفق مع النصوص المستفيضة عن علماء الإباضية في ذمهم لبعض الصحابة، فهل الورجلاني يُعتبر- على حد التعبير السابق ليحيى معمر- من الغلاة المتشددين، وهو من هو في صفوف الإباضية؟
فهذا الرجل يواصل في كتابه الدليل لأهل العقول تكفيره وشتمه لمعاوية رضي الله عنه ولعمرو بن العاص، بل قد قال زعيم الإباضية عبد الله بن إباض نفسه في كتابه لعبد الملك عن معاوية ويزيد وعثمان كما يرويه صاحب كشف الغمة: ((فإنا نُشهد الله وملائكته أنا براء منهم وأعداء لهم بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا، نعيش على ذلك ما عشنا، ونموت عليه إذا متنا، ونبعث عليه إذا بعثنا، نحاسب بذلك عند الله)) وكفى بهذا خروجاً.
وصاحب كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة يشتم الحسن والحسين رضي الله عنهما، وأوجب البراءة منهما بسبب ولايتهما لأبيهما على ظلمه وغشمه، كما يزعم- كذلك بسبب قتلهما عبد الرحمن بن ملجم، وتسليمهما الإمامة لمعاوية، وهي أسباب لا يعتقدها من عرف الصحابة الذين شهد الله ورسوله لهم بالسابقة والفضل، ولكن انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر، وصدق الشاعر حين قال:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني فاضل
ونفس الموقف الذي وقفه الخوارج عموماً و الإباضية أيضاً من الصحابة السابقين- وقفوه أيضاً من طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وأوجب لهما الورجلاني النار ، وقد بشرهما الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وهؤلاء يوجبون عليهما النار، فسبحان الله ما أجرأ أهل البدع و الزيغ على شتم خيار الناس بعد نبيهم الذين نصروا الإسلام بأنفسهم وأموالهم وأولادهم ومات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهم!!
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)) ، وأنه لما يحار فيه الشخص هذا الموقف من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان أخص أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير مرضيين عند هذه الطوائف من خوارج وشيعة فمن المرضي بعد ذلك؟
موقع الدرر السنية - يتبع ان شاء الله-
الفصل التاسع
إيضاحات لبعض الاراء الاعتقادية للخوارج
1- هل الخوارج يقولون بالتأويل أم بظاهر النص فقط؟
تعريف التأويل في اللغة:
يطلق التأويل في اللغة على عدة معاني، منها التفسير والمرجع والمصير والعاقبة، وتلك المعاني موجود في القرآن والسنة: قال الله تعالى( هل ينظرون إلا تأويله) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)).
تعريفه في الاصطلاح: عند السلف له معنيان:
1- يطلق بمعنى التفسير والبيان وإيضاح المعاني المقصودة من الكلام، فيقال: تأويل الآية كذا؛ أي معناها.
2- يطلق بمعنى المآل والمرجع والعاقبة فيقال هذه الآية مضى تأويلها، وهذه لم يأت تأويلها.
والفرق بينهما: أنه لا يلزم من معرفة التأويل بمعنى التفسير معرفة التأويل الذي هو بمعنى المصير والعاقبة، فقد يعرف معنى النص ولكن لا تعرف حقيقته كأسماء الله وصفاته فحقيقتها وكيفيتها كما هي غير معلومة لأحد بخلاف معانيها.
3- وعند الخلف من علماء الكلام والأصول و الفقة هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح.
وهذا التأويل مرفوض عند السلف واعتبروه تحريفاً باطلاً في باب الصفات الإلهية ، وقد ظهر هذا المعنى للتأويل متأخراً عن عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة، بل ظهر مع ظهور الفرق ودخلوا منه إلى تحريف النصوص، وكانت له نتائج خطيرة؛ إذ كلما توغلوا في تأويل المعاني وتحريفها بعدوا عن المعنى الحق الذي تهدف إليه النصوص، وبالنسبة لموقف الخوارج فإن العلماء اختلفوا في الحكم على الخوارج بأنهم نصِّيُّون أو مؤولون.
1- فذهب بعضهم إلى أن الخوارج نصيون يجمدون على المعنى الظاهر من النص دون بحث عن معناه الذي يهدف إليه، وهذا رأي أحمد أمين وأبي زهرة .
2- وذهب آخرون إلى أن الخوارج يؤولون النصوص تأويلاً يوافق أهوائهم، وقد غلطوا حين ظنوا أن تأويلهم هو ما تهدف إليه النصوص، وعلى هذا الرأي ابن عباس وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
3- ومن العلماء من ذهب إلى القول بأن الخوارج ليسوا على رأي واحد في هذه القضية؛ بل منهم نصيون ومنهم مؤولون، كما ذهب إلى هذا الأشعري في مقالاته .
وهذا هو الراجح فيما يبدو من آراء الخوارج، ولا يقتصر الأمر على ما ذكره من اعتبار بعض الفرق نصيين وبعضهم مؤولين مجتهدين، وإنما يتردد أمر الخوارج بين هذين الموقفين داخل الفرقة الواحدة، والواقع أن لكل من المواقف الثلاثة ما يبرر حكمهم على الخوارج، كما يتضح ذلك جلياً في مواقف الخوارج المختلفة.
ويبدو لي أن التأويل الذي نفاه الأستاذ أحمد أمين والشيخ أبو زهرة رحمهما الله إنما هو التأويل الصحيح الذي يفهم صاحبه النص على ضوء مقاصد الشريعة.
وأما التأويل الذي يثبته للخوارج أصحاب الاتجاه الثاني ويذمونهم به –فهو حمل الكلام على غير محامله الصحيحة وتفسيره تفسيراً غير دقيق.
- موقف الخوارج من صفات الله عز وجل:
هذه المسألة لم أجد فيما تيسر لي الاطلاع عليه من كتب علماء الفرق بياناً لرأي الخوارج فيها بصفة عامة.
وقد ذكر الشهرستاني عن فرقة الشيبانية قولاً لأبي خالد زياد بن عبد الرحمن الشيباني في صفة العلم لله أنه قال: ((إن الله لم يعلم حتى خلق لنفسه علما، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له عند حدوثها)) .
وأما بالنسبة لفرقة الإباضية بخصوصهم –فقد تبين من أقوال علمائهم أنهم يقفون منها موقف النفي أو التأويل؛ بحجة الابتعاد عن اعتقاد المشبهة فيها كما تقدم.
وموضوع الصفات والبحث فيها يحتاج إلى دراسة مستقلة، وبالرجوع إلى أي كتاب من كتب السلف يتضح الحق فيها بكل يسر وسهولة.
وأما بالنسبة لما ذكر عن رأي زياد بن عبد الرحمن أو الإباضية؛ فلا شك أنه لا يتفق مع المذهب الحق- مذهب السلف- ولو كان الأمر يخص زياد بن عبد الرحمن وحده لما كان له أدنى أهمية، ولكن الأمر أخطر من ذلك، فقد اعتقدت الجهمية ذلك أيضاً. وبطلان هذا القول ظاهر والتناقص فيه واضح.
فإن صفات الله عز وجل قديمة بقدمه غير مخلوقة، وما يخلق الله من الموجودات فإنما يخلقه عن علم وإرادة؛ إذ يستحيل التوجه إلى الإيجاد مع الجهل، ثم كيف علم الله أنه بغير علم حتى يخلق لنفسه علماً؟ هذا تناقض ظاهر.
- حكم مرتكبي الذنوب عند الخوارج:
اختلف حكم الخوارج على أهل الذنوب بعد اتفاقهم بصفة عامة على القول بتكفيرهم كفر ملة. وحاصل الخلاف نوجزه فيما يلي:
1- الحكم بتكفير العصاة كفر ملة، وأنهم خارجون عن الإسلام ومخلدون في النار مع سائر الكفار. وهذا رأي أكثرية الخوارج.
وعلى هذا الرأي من فرق الخوارج: المحكِّمة و الأزارقة والمكرمية والشبيبية من البيهسية واليزيدية والنجدات، إلا أنهم مختلفون في سبب كفره:
فعند المكرمية أن سبب كفره ليس لتركه الواجبات أو انتهاك المحرمات، وإنما لأجل جهله بحق الله إذ لم يقدره حق قدره.
وأما النجدات فقد فصلوا القول بحسب حال المذنب، فإن كان مصراً فهو كافر، ولو كان إصراره على صغائر الذنوب، وإن كان غير مصر فهو مسلم حتى وإن كانت تلك الذنوب من الكبائر، وهو تفصيل بمحض الهوى والأماني الباطلة.
2- أنهم كفار نعمة وليس كفار ملة:
وعلى هذا المعتقد فرقة الإباضية كما تقدم. ومع هذا فإنهم يحكمون على صاحب المعصية بالنار إذا مات عليها، ويحكمون عليه في الدنيا بأنه منافق، ويجعلون النفاق مرادفاً لكفر النعمة ويسمونه منزلة بين المنزلتين أي بين الشرك والإيمان وأن النفاق لا يكون إلا في الأفعال لا في الاعتقاد .
وهذا قلب لحقيقة النفاق؛ إذ المعروف أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله كان نفاقهم في الاعتقاد لا في الأفعال، فإن أفعالهم كانت في الظاهر كأفعال المؤمنين.
أدلتهم:
تلمس الخوارج لما ذهبوا إليه من تكفير أهل الذنوب بعض الآيات والأحاديث، وتكلفوا في رد معانيها إلى ما زعموه من تأييدها لمذاهبهم، وهي نصوص تقسم الناس إلى فريقين: مؤمن وكافر، قالوا: وليس وراء ذلك الحصر من شيء.
ونأخذ من تلك الأدلة قوله تعالى:
1- (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) .
2- (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) .
3- (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) .
إلى غير ذلك من الآيات.
ووجه استدلالهم بالآية الأولى:
أن الله تعالى حصر الناس في قسمين: قسم ممدوح وهم المؤمنون، وقسم مذموم وهم الكفار، والفساق ليسوا من المؤمنين، فإذاً هم كفار لكونهم مع القسم المذموم واستدلالهم هذا لا يسلم لهم؛ أن الناس ينحصرون فقط في الإيمان أو الكفر.
فهناك قسم ثالث وهم العصاة لم يذكروا هنا، وذكر فريقين لا يدل على نفي ما عداهما، والآية كذلك واردة على سبيل التبعيض بمن، أي بعضكم كفار وبعضكم مؤمن. وهذا لا شك في وقوعه، ولم تدل الآية على مدعى الخوارج أن أهل الذنوب داخلون في الكفر.
وأما وجه استدلالهم بالآية الثانية:
فقد زعموا أنها شاملة لكل أهل الذنوب؛ لأن كل مرتكب للذنب لابد وأنه قد حكم بغير ما أنزل الله. وقد شملت الفساق؛ لأن الذي لم يحكم بما أنزل الله يجب أن يكون كافراً، والفاسق لم يحكم بما أنزل الله حين فعل الذنب.
وهذا الاستدلال مردود كذلك؛ لأن الآية قد تكون واردة على من استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أما أن يدعي الشخص إيمانه بالله ويعترف بأن الحق هو حكم الله فليس الكافر، وإنما هو من أصحاب المعاصي حتى تقام عليه الحجة .
وأما وجه استدلالهم بالآية الثالثة:
فهو أن صاحب الكبيرة لا بد وأن يجازى –على مذهبهم- وقد أخبر الله في القرآن الكريم أنه لا يجازي إلا الكفور، والفاسق ثبت مجازاته عندهم فيكون كافراً.
وهذا الدليل مردود عليهم، وينقضه أن الله يجازي الأنبياء والمؤمنين وهم ليسوا كفاراً، وبأن الآية كانت تعقيباً لبيان ذلك العقاب الذي حل بأهل سبأ، وهو عقاب الاستئصال، وهذا ثابت للكفار لا لأصحاب المعاصي .
وأما ما استدلوا به من السنة على بدعتهم في تكفير العصاة من المسلمين فقد أساءوا فهم الأحاديث وحمَّلُوها المعاني التي يريدونها، ومن تلك الأحاديث ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن)) .
ولهم أدلة أخرى نكتفي منها بهذا الحديث.
فقد فهموا من هذا الحديث نفي الإيمان بالكلية عن من فعل شيئاً مما ذكر في الحديث، وهذا لا حجة لهم فيه، فإن الحديث –كما يذكر العلماء- إما أن يكون وارداً فيمن فعل شيئاً مما ذكر مستحلاً لتلك الذنوب، أو أن المراد به نفي كمال الإيمان عنهم، أو أن نفي الإيمان عنهم مقيد بحال مواقعتهم لتلك الذنوب.
ولو كانت تلك الكبائر تخرج الشخص عن الإيمان لما اكتُفي بإقامة الحد فيها، ولهذا فقد ذكر بعض العلماء أن هذا الحديث وما أشبهه يؤمن بها ويمر على ما جاء، ولا يخاض في معناها.
وقال الزهري في مثل هذه الاحاديث: ((أمروها كما أمرها من قبلكم)) .
وقد جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت: وإن زنى وإن سرق ثلاثاً، ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر)) قال: ((فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر)) .
والكلام في أهل الكبائر مبسوط في موضعه من كتب التوحيد وكتب الفرق، والمقصود هنا هو التنبيه على خطأ الخوارج فيما ذهبوا إليه من تكفير أهل الذنوب من المسلمين، مخالفين ما تضافرت النصوص عليه من عدم كفر مرتكبي الذنوب كفر ملة إلا بتفصيلات مقررة في مذهب السلف.
4- الإمامة العظمى:
هذه هي مشكلة الخوارج الكبرى منذ نشأوا: وطوال عهد الدولة الأموية وزمن متقدم من عهد الدولة العباسية، شغلتهم قصية الإمامة عملياً، فجردوا السيوف ضد الحكام المخالفين لهم، ناقمين عليهم سياستهم في الرعية من عدم تمكينهم من اختيار إمامهم بأنفسهم، ثم سياستهم الداخلية في الناس، وشغلتهم فكرياً بتحديد شخصية الإمام وخصائصه ودوره في المجتمع، وكانوا يظهرون بمظهر الزاهد عن تولي الخلافة حينما يكون الأمر فيما بينهم وحرباً لا هوادة فيها ضد المخالفين لهم.
حكم الإمامة عند الخوارج:
الإمامة منصب خطير وضرورة اجتماعية؛ إذ لا يمكن أن ينعم الناس بالأمن وتستقر الحياة إلا بحاكم يكون هو المرجع الأخير لحل الخلافات وحماية الأمة، وقد أطبق على هذا جميع العقلاء.
أما بالنسبة للخوارج فقد انقسموا فيها إلى فريقين:
1- الفريق الأول: وهم عامة الخوارج. هؤلاء يوجبون نصب الإمام والانضواء تحت رايته والقتال معه ما دام على الطريق الأمثل الذي ارتأوه له.
2- الفريق الثاني: وهم المحكّمة و النجدات و الإباضية فيما قيل عنهم.
وهؤلاء يرون أنه قد يستغنى عن الإمام إذا تناصف الناس فيما بينهم وإذا احتيج إليه فمن أي جنس كان مادام كفئاً لتولي الإمامة .
ومن مبرراتهم:
1- استنادهم إلى المبدأ القائل: لا حكم إلا لله، والمعنى الحرفي لهذا المبدأ يشير صراحة إلى أنه لا ضرورة لوجود الحكومة مطلقاً.
2- أن الحكم ليس من اختصاص البشر بل تهيمن عليه قوة علوية.
3- إن الضروري هو تطبيق أحكام الشريعة، فإذا تمكن الناس من تطبيقها بأنفسهم فلا حاجة إلى نصب خليفة.
4- ربما ينحصر وجود الإمام في بطانة قليلة وينعزل عن الأغلبية فيكون بعيداً عن تفهم مشاكل المسلمين فلا يبقى لوجوده فائدة.
5- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشر صراحة ولا وضع شروطاً لوجود الخلفاء من بعده.
6- أن كتاب الله لم يبين حتمية وجود إمام، وإنما أبان وأمرهم شورى بينهم .
هذه مبرراتهم، فهل بقي القائلون بالاستغناء عن نصب الإمام على مبدأهم؟ والجواب بالنفي؛ فإن المحكمة حينما انفصلوا ولوا عليهم عبد الله ابن وهب الراسبي، والنجدات حينما انفصلوا تزعمهم نجدة بن عامر، وأما ما قيل عن الإباضية من أنهم يقولون بالاستغناء عن نصب الإمام فإن مصادرهم التي تيسرت لي قراءتها تذكر أن هذا القول إنما نسبه إليهم خصومهم، بقصد الإشاعة الباطلة عنهم .
وأما تلك المبررات التي نسبت إلى من ذكرناهم فلا شك أنها مبررات واهية ولا تكفي للقول بالاستغناء عن نصب الخليفة؛ أما القول بعدم وجود الإنسان الكامل؛ فإنه لا يمنع من نصب الإمام حيث يختار أفضل الموجودين.
ومن التصور الساذج القول بتناصف الناس فيما بينهم. وأما انعزال الإمام فإن مدار الأمر على التزامه بواجباته الشرعية وعدم إيجاد الحجب بينه وبين رعيته، وذلك مناط الحكم بضرورة وجود الإمام شرعاً وعقلاً.
وقد ذهبت الخلفية من الخوارج الإباضية إلى أن كل إقليم أو حوزة يستقل بها إمامها، فلا يجوز لإمام أن يجمع بين حوزتين ويكون لهذه المناطق أئمة بعدد تلك المناطق وهذا باطل ولا يتفق مع روح الإسلام وأهدافه، لأن ذلك يؤدي إلى المشاحنات والعداوة وتفريق كلمة المسلمين، وحينما قرروا أن كل إقليم ينبغي أن يكون مستقلا عن الآخر لا يخضع إقليم ولا منطقة لمنطقة أخرى –تجاهلوا دعوة المسلمين إلى الاتحاد الذي يكمن فيه عزهم وقوتهم.
شروط الإمام:
وضع الخوارج شروطاً قاسية لمن يتولى الإمامة ومنها:
أن يكون شديد التمسك بالعقيدة الإسلامية، مخلصاً في عبادته وتقواه حسب مفهومهم.
أن يكون قوياً في نفسه ذا عزمٍ نافذ وتفكير ناضج وشجاعة وحزم.
أن لا يكون فيه ما يُخلُّ بإيمانه من حب المعاصي واللهو.
ألا يكون قد حُدَّ في كبيرة حتى ولو تاب.
أن يتم انتخابه برضى الجميع، لا يغني بعضهم عن بعض.
ولا عبرة بالنسب أو الجنس كما يقولونه ظاهراً دعاية لمذهبهم وفي باطنهم يملأهم التعصب، وكون الإمام ينتخب برضى أهل الحل والعقد، وهذا مبدأ إسلامي لم يأت به الخوارج، كما يقول بعض المستشرقين دعاية للخوارج.
ولم يلتفت الخوارج إلى ما صح من الأحاديث في اشتراط القرشية لتولي الخلافة وتقديم قريش فيها عند صلاحية أحدهم لها.
ولم يشترط الشرع في الإمام أن يكون ليله قائماً ونهاره صائماً، أو أنه لا يلم بأي معصية، أو أن يكون انتخابه برضى كل المسلمين من أقصاهم إلى أدناهم، لا يغني بعضهم عن بعض في مبايعتهم له كما يزعمه الخوارج .
محاسبة الإمام والخروج عليه:
يعيش الإمام عند الخوارج بين فكي الأسد –عكس الشيعة- فالخوارج ينظرون إلى الإمام على أنه المثل الأعلى وينبغي أن يتصف بذلك قولاً وفعلاً، وبمجرد أقل خطأ ينبغي عليهم القيام في وجهه ومحاسبته، فإما أن يعتدل وإما أن يعتزل.
ومن غرائبهم ما يروى عن فرقة البيهسية منهم والعوفية، فقد اعتبر هؤلاء كفر الإمام سبباً في كفر رعيته، فإذا تركه رعيته دون إنكار فإنهم يكفرون أيضاً ، ولا شك أن هذا جهل بالشريعة الإسلامية، وعلى هذا فما تراه من كثرة هروبهم وخروجهم على أئمتهم أو أئمة مخالفيهم يعتبر أمراً طبيعياً إزاء هذه الأحكام الخاطئة.
وقد حث الإسلام على طاعة أولي الامر والاجتماع تحت رايتهم إلا أن يُظهروا كفراً بواحاً، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وينبغي معالجة ذلك بأخف الضرر، ولا يجوز الخروج عليهم ما داموا ملتزمين بالشريعة بأي حال:
إمامة المفضول:
اختلف الخوارج في صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل إلى فريقين:
ذهب فريق منهم إلى عدم الجواز، وأن إمامة المفضول تكون غير صحيحة مع وجود الأفضل.
وذهب الفريق الآخر منهم إلى صحة ذلك، وأنه تنعقد الإمامة للمفضول مع وجود الأفضل، كما هو الصحيح .
إمامة المرأة:
الإمامة مسئولية عظمى وعبء ثقيل يتطلب سعة الفكر وقوة البصيرة، ويتطلب مزايا عديدة جعل الله معظمها في الرجال دون النساء، ولا أدلّ على هذا من اختيار الله عز وجل لتبليغ رسالته من جنس الرجال، وقد أطبق جميع أهل الحق على أن الخلافة لا يصلح لها النساء.
ولكنا نجد فرقة من فرق الخوارج وهي الشبيبية تذهب إلى جواز تولي المرأة الإمامة العظمى؛ مستدلين بفعل شبيب حينما تولت غزالة –زوجته وقيل أمه –بعده .
موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم:
انقسم الخوارج في نظرتهم إلى المخالفين لهم إلى فريقين:
فريق منهم غلاة.
وفريق آخر أبدى نوعاً من الاعتدال.
ويذكر الأشعري رحمه الله في مقالاته أن الخوارج مجمعون على أن مخالفيهم يستحقون السيف، ودماؤهم حلال، إلا فرقة الإباضية فإنها لا ترى ذلك إلا مع السلطان .
واختلف علماء الفرق في أول من حكم بكفر المخالفين هل هم المحكِّمة الأولى أم هم الأزارقة ومن سار على طريقتهم من فرق الخوارج فيما بعد.
وبتتبع حركة المحكِّمة الأولى نجد أنهم سبقوا إلى تكفير المخالفين لهم واستحلال دمائهم، والشواهد في كتب الفرق كثيرة كقتلهم عبد الله بن خباب ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره في حوادث كثيرة، إلا أن أشد من بالغ في تكفير المخالفين لهم وأعمل فيهم السيف هم الأزارقة وفرقة منهم تسمى البيهسية، وكذلك أتباع حمزة بن أكرك.
-أما المعتدلون منهم- وهو اعتدال لا يكاد يذكر- فنجد مثلاً الأخنسية منهم يحرمون الغدر بالمخالفين أو قتلهم قبل الدعوة، وجوزوا تزويج المسلمات منهم لمخالفيهم الذين يعتبرونهم مشركين، وكذلك بعض البيهسية.
ومن أكثر المعتدلين والمتسامحين مع المخالفين هو تلك الشخصية المرموقة عند كافة الخوارج أبو بلال مرداس بن أدية، فقد خرج وهو يقول لمن يلقاه: إنا لا نخيف آمناً ولا نجرد سيفاً، وكان مما أثاره للخروج على الدولة أن زيادا ذات يوم خطب على المنبر وكان مرداس يسمعه فكان من قوله: ((والله لآخذن المحسن منكم بالمسيء)) والحاضر منكم بالغائب، والصحيح بالسقيم)).
وهذا بالطبع لا يحتمله الخوارج فقام إليه مرداس فقال: قد سمعنا ما قلت أيها الإنسان وما هكذا ذكر الله عز وجل عن نبيه إبراهيم عليه السلام؛ إذ يقول: (وإبراهيم الذي وفَّى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى) وأنت تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاصي، ثم خرج عقب هذا اليوم.
وينبغي أن يعلم أن كل فرقة لابد فيها من غلاة يخرجون على جمهورهم، إلا أن السمة الغالبة على الخوارج الشدة على المخالفين لهم، وقد تعود هذه الشدة، إلى ما يراه الخوارج من وجهة نظرهم عن خروج مخالفيهم عن النهج الإسلامي وبعدهم عنه، وبالتالي الرغبة في إرجاع الأمة إلى ما كانت عليه في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأيام أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما يدعي الخوارج.
حكم الخوارج في أطفال المخالفين:
لابد وأن يكون في حكم العقل تمييز بين معاملة الصغير الذي لم يبلغ سن التكليف وبين الكبير المكلف. والخوارج لم يتفقوا على حكم واحد في الأطفال، سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة، ونوجز أهم آرائهم في هذه القضية فيما يلي:
منهم من اعتبرهم في حكم آبائهم المخالفين فاستباح قتلهم باعتبار أنهم مشركون لا عصمة لدمائهم ولا لدماء آبائهم.
ومنهم من جعلهم من أهل الجنة ولم يجوز قتلهم.
واعتبرهم بعضهم خدماً لأهل الجنة
ومنهم من توقف فيهم إلى أن يبلغوا سن التكليف ويتبين حالهم.
و الإباضية تولوا أطفال المسلمين وتوقفوا في أطفال المشركين، ومنهم من يلحق أطفال المشركين بأطفال المؤمنين.
أما القول الأول: فهو للأزارقة، واستدلوا بقول الله تعالى: (إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً) . وتبعهم في هذا بعض فرق الخوارج كالعجاردة والحمزية والخلفية.
وأما القول الثاني: فهو للنجدات والصفرية والميمونية، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) ، والذين توقفوا في الحكم عليهم قالوا: لم نجد في الأطفال ما يوجب ولايتهم ولا عداوتهم إلى أن يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام فيقروا به أو ينكروه.
هذه خلاصة أهم آراء الخوارج في هذه القضية، والواقع أن هذه المسألة من المسائل الخلافية بين العلماء.
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن أطفال المؤمنين إذا ماتوا على الإيمان فإن الله تعالى يدخلهم الجنة من آبائهم وإن نقصت أعمالهم عنهم لتقر أعين آبائهم بهم، فيكونون مع آبائهم في الجنة؛ تفضلاً من الله تعالى، على ضوء قوله عز وجل: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) .
ونقل ابن القيم عن الإمام أحمد أنه قال بأنهم في الجنة دون خلاف.
وبعضهم ذهب إلى أنهم تحت المشيئة.
وجدير بالذكر أن أطفال المؤمنين الذين نتحدث عنهم هنا هم الذين يعتبرهم الخوارج أطفال المشركين.
وأما أطفال المشركين الذين هم عبدة الأوثان ومن في حكمهم فإن العلماء اختلفوا فيهم اختلافاً كثيراً.
فذهب بعضهم إلى التوقف في أمرهم فلا يحكم لهم بجنة ولا نار وأمرهم إلى الله.
أنهم في النار.
أنهم في الجنة.
أنهم في منزلة بين المنزلتين، أي الجنة والنار.
أن حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة، تبعاً لآبائهم حتى ولو أسلم الأبوان بعد موت أطفالهم لم يحكم لأطفالهما بالنار.
أنهم يمتحنون في عرصات القيامة بطاعة رسول يرسله الله إليهم، فمن أطاعه منهم دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
وقد استعرض ابن القيم أدلة القائلين بهذه الآراء وانتهى إلى نصرة الرأي الأخير ثم قال: ((وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها وتتوافق الأحاديث ويكون معلوم الله الذي أحال عليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (الله أعلم بما كانوا عاملين)).
وأيَّد ابن حزم القول بأن أطفال المشركين في الجنة، وكذا النووي، وقد توقف شيخ الإسلام في الحكم عليهم.
وأما استباحة قتل النساء والذرية –كما يرى الخوارج- فقد أخطأوا حين جوزوا ذلك سواء كانوا من المسلمين أو من المشركين، فقد صحت الأحاديث بالمنع من قتلهم، إلا أن يكون ذلك في بيات لا يتميز فيه الأطفال والنساء فلا بأس من قتلهم إذا وقع دون عمد .
موقع الدرر السنية - انتهى بحمد الله -
الفرق بين ( ثلاثة أصول وأدلتها ) و ( والأصول الثلاثة ) للإمام محمد بن عبدالوهاب !
" فإن للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله رسالتان مفترقتان.
إحداهما: تسمى "ثلاثة الأصول وأدلتها"، وهي الرسالة المشهورة المتداولة، وهي المبدوءة بقوله -رحمه الله- : (اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم هي أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين ...).
وهذا الاسم (ثلاثة الأصول وأدلتها) هو اسمها الحقيقي التي سماها به مصنفها؛ كما تشهد به النسخ الخطية الموثقة، وكما يشهد به أيضا النقل عن الشيوخ من أهل المعرفة بتراث الشيخ المجدد ممن تسلسل أخذه عن أئمة الدعوة النجدية وهو المثبت في كتبهم كالدرر السنية.
والرسالة الأخرى: تسمى "الأصول الثلاثة"، وهذه الرسالة متضمنة لمقصود الرسالة السابقة إلا أنها أوجز منها سياقا وأقل استدلالاً وهي منشورة ضمن (مجموعة التوحيد).
فكأن الرسالة الأولى صنفت لطلاب العلم والأخرى للعوام من الناس.
[ملحوظة مهمة...
اعلم رحمك الله أن رسالة "ثلاثة الأصول وأدلتها" تبدأ من قول المصنف -رحمه الله- : (اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم هي أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين ...) وقد قام بعض تلاميذ المصنف رحمه الله فألحق في بدايتها رسالتين للمصنف رحمه الله جعلهما كالمقدمة لهذا المتن:
الرسالة الأولى: هي المبدوءة بقوله: (اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل الأولى: العلم ....).
والرسالة الثانية: هي المبدوءة بقوله: (اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلاث والعمل بهن الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً ...).
وقد نبه على هذا الشيخ ابن قاسم رحمه الله في حاشيته].
قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه على الورقات :
[هذا سؤال لطيف يقول ما إعراب ثلاثة الأصول وأدلتها ولماذا لم يقل المصنف: الأصول الثلاثة وأدلتها وما هي العبارة الأصح؟
الشيخ رحمه الله تعالى له رسالة أخرى بعنوان الأصول الثلاثة رسالة صغيرة أقل من هذه علمًا؛ ليعلمها الصبيان والصغار تلك يقال لها الأصول الثلاثة, وأما ثلاثة الأصول فهي هذه التي نقرأها، ويكثر الخلط بين التسميتين، ربما قيل لهذه ثلاثة الأصول، أو الأصول الثلاثة، لكن تسميتها المعروفة أنها ثلاثة الأصول وأدلتها.
إعراب ثلاثة الأصول وأدلتها:
ثلاثة: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه (هذه ثلاثة) خبر مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمّة الظاهرة على آخره وهو مضاف.
الأصول: مضاف إليه مجرور بالتبعية وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
الواو: عاطفة.
أدلةُ: معطوف على ثلاثة مرفوع بالتبعية؛ تبعية العطف، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره وهو مضاف.
ها: ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.] "
الفرق والمذاهب المخالفة لأهل السنة والجماعة
1الرافضة
2 النصيرية
3 الأشاعرة
4 الماتريدية
5 الصوفية
6 الإباضية
7 الأحباش
8 الإسماعيلية
9 الدروز
10 البهائية
11 القاديانية
12 المعتزلة
14 التكفير والهجرة
15 الزيدية
16 الناصرية
17 القومية
18 العلمانية
الصوفية والخلل العقدى
المصدر /مجلة التوحيد
الحمد لله الذي جعل اتباع رسوله على محبته دليلاً، وأوضح لهم طرق الهداية لمن
شاء أن يتخذ إليه سبيلاً، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة عبد لم يتخذ من دونه
وكيلاً، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكمل الناس هديًا وأقومهم قيلا، وبعد:
فلقد حرصت جماعة أنصار السنة المحمدية، منذ نشأتها الأولى، وعبر تاريخها
الطويل؛ على دعوة الناس إلى التمسك بالقرآن والسنة بفهم سلف الأمة، والتحذير من
المناهج الضالة والأفكار المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة؛ كالروافض
والخوارج والصوفية وغيرهم، ولقد مارس أساطين الصوفية وكبراؤهم على مدار التاريخ
تضليلاً واسعًا لجماهير المسلمين، وتشويهًا كبيرًا لحقائق الدين، حتى ظن كثير
من الناس أن ما عليه الصوفية هو المنهج الحق.
وفي هذا المقال نبين - بمشيئة الله تعالى - جملة من ضلالات القوم وانحرافاتهم
العقدية، ثم نكشف زيف ما اعتقدوه، وبطلان ما اعتنقوه، وذلك من خلال كتبهم وما
سطروه. ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة
عقيدة الحلول والاتحاد عند الصوفية
الحلول والاتحاد - في عقيدتهم -: هو القول بأن الله يحل في الإنسان، تعالى الله
عن ذلك، ولقد خيل لطوائف من المتصوفة أن الذي يسلك العلم الباطني سيصل في
النهاية إلى الفناء في ذات الله، وعندها يحل في تلك الذات فتصبح مزيجًا من
اللاهوت والناسوت، والصورة الظاهرية ناسوت، والحقيقة الباطنية لاهوت،
وتَزَعَّمَ هذا الاتجاه الحلاج، وابن الفارض، وابن سبعين، وغيرهم خلق كثير من
المتصوفة.
وإليكم أقوالهم التي نبرأ إلى الله تعالى منها:
يقول الحلاج - عليه من الله ما يستحق-:
سبحان من أظهر ناسوته
سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا لخلقه ظاهرًا
في صورة الآكل الشارب
حتى لقد عاينه خلقه
كلحظة الحاجب بالحاجب. (الطواسين ص129).
وكان يقول: «من الهو ؟ هو رب الأرباب المتصور في كل صورة إلى عبده فلان».
(تلبيس إبليس ص145).
قال أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته
وإذا أبصرته أبصرتنا. (الطواسين ص34).
ويقول ابن الفارض:
وما كان لي صلى سواي ولم تكن
صلاتي لغيري في أداء كل ركعة. (تنبيه الغبي ص64).
يقول التستري:
أنا المحب والحبيب
ما ثم ثاني
(معراج التشوف إلى حقائق التصوف ص139).
قال أبو يزيد البسطامي: «رفعني مرة فأقامني بين يديه، وقال لي: يا أبا يزيد، إن
خلقي يحبون أن يروك، فقلت: زيني بوحدانيتك، وألبسني أنانيتك، وارفعني إلى
أحديتك، حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك، فتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هنا».
(اللمع: ص461).
ولكن كفى المتصوفة خزيًا أن يعترف ابن الفارض المسمى سلطان عاشقيهم بأنه كان
يسعى وراء السراب، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «كان هذا القائل ينشد عند
الموت:
إذا كان منزلتي في الحب عندكم
ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي
أمنية ظفرت بها نفسي زمنًا
واليوم أحسبها أضغاث أحلام(مجموع الفتاوى 11/247، 248).
http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF استدلالات صوفية فاسدة http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF
وقد استدل شيوخ التصوف بحديث الولي: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش
بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه».
(رواه البخاري).
هذا الحديث يؤكد التباين والتغاير، فهناك عابد ومعبود، وسائل ومسئول، وعائذ
ومستعيذ، بينما تزعم المتصوفة أن الله يحل في ذات العبد فإذا هو هو ويصبحان
ذاتًا واحدة.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: «ومن أشار إلى غير ذلك، فإنما يشير إلى الإلحاد من
الحلول والاتحاد، والله ورسوله بريئان منه».
(إيقاظ الهمم ص524).
واحتج آخرون بحديث: «ما وسعتني سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن».
وهو حديث لا أصل له.
http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF وحـــدة الــوجــــود http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIF
إن الحلول والاتحاد قد أفضى بالصوفيين إلى القول بوحدة الوجود، وهذا اصطلاح في
الفكر الصوفي يعني أنه ليس هناك موجود إلا الله، فليس غيره في الكون، وليس هناك
شيء آخر معه، وما هذه الظواهر إلا مظاهر لذات واحدة هي الله: سُبْحَانَ
رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: 180).
يقول ابن عربي: «فما في الوجود إلا الله، ولا يعرف الله إلا الله، ومن هذه
الحقيقة قال من قال: أنا الله، وسبحاني كأبي يزيد البسطامي». (الفتوحات المكية
1/354).
ويقول:
الرب حق والعبد حق
يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك حق
أو قلت رب أنى يكلف
ويقول:
فوقتًا يكون العبد ربًا بلا شك
ووقتًا يكون العبد عبدًا بلا إفك (فصوص الحكم ص90).
وقد بلغت جرأتهم على الله تعالى أن يقول شاعرهم محمد بهاء الدين البيطار:
وما ال*** والخنزير إلا إلهنا
وما الله إلا راهب في كنيسة. (اللمع ص495).
وقد سلك بعض المتصوفة مسلك التأويل للخروج من هذا الإفك كعادتهم فزعموا أن
البيطار يريد بقوله: «إلهنا» إلى هنا، وأنه أشار تحت قدمه، ولكن عجز البيت
بَهَتَهُم وفضحهم، وهو قوله: وما الله إلا راهب في كنيسة.
وهذه عقيدة القوم كما هي ينقلها أبو نصر الطوسي: «وبلغني عن أبي حمزة أنه دخل
دار حارث المحاسبي، وكان لحارث دار حسنة وثياب نظاف، وفي داره شاة مرغية، فصاحت
الشاة مرغية، فشهق أبو حمزة شهقة وقال: لبيك يا سيدي، قال: فغضب الحارث وعمد
إلى سكين، فقال: إن لم تتب من هذا الذي أنت فيه أذبحك. قال: فقال له أبو حمزة:
أنت إذا لم تحسن أن تسمع هذا الذي أنت فيه فلم لا تأكل النخالة بالرماد».
(صوفيات: ص27).
وتكلم أبو حمزة في جامع طرسوس فقبلوه، فبينا ذات يوم يتكلم إذ صاح غُراب على
سطح الجامع، فزعق أبو حمزة وقال: لبيك لبيك، فنسبوه إلى الزندقة، وقالوا:
حُلُولِيٌّ زنديقٌ، وبيع فرسه بالمناداة على باب الجامع: هذا فرس الزنديق.
(تلبيس إبليس ص169، 170).
وكان أبو الحسن النوري إذا سمع نباح الكلاب قال: لبيك لبيك. (اللمع ص492).
يقول ابن أبي العز الحنفي: «وهذا القول أفضى بقوم إلى القول بالحلول والاتحاد،
وهو أقبح من كفر النصارى، فإن النصارى خصوه بالمسيح، وهؤلاء عمموا جميع
المخلوقات، ومن فروع هذا التوحيد: أن فرعون وقومه كاملو الإيمان، عارفون بالله
على الحقيقة». (فصوص الحكم ص21).
ومن فروعه: أن عباد الأصنام على حق وصواب، وأنهم عبدوا الله لا غير.
(هذه الصوفية ص34، 35).
ومن فروعه: أنه لا فرق في التحريم والتحليل بين الأم والأخت والأجنبية، ولا فرق
بين الماء والخمر، والزنى والنكاح، والكل من عين واحدة، بل هو العين الواحدة.
ومن فروعه: أن الأنبياء ضيقوا على الناس، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
(شرح العقيدة الطحاوية ص79).
هذه العقيدة ذروة سنام الكفر، فبها هدموا جميع الأديان، وأبطلوا جميع الشرائع،
واستحلوا كل المحرمات، واستوى في نظرهم المؤمن والفاسق والتقي والشقي، والمسلم
والمجرم، والحي والميت، ساء ما يحكمون.
قال تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF (ص:
28)، وهذا الذي نذكره هنا لا نقرره استنباطًا واجتهادًا، وتحميلاً للألفاظ ما
لا تطيق وتحتمل، بل هو قولهم بأفواههم، فها هو شيخهم الأغبر ابن عربي «النكرة»
يترنم بكفره، ويجاهر بفسقه في «الفتوحات المكية»:
عقد البرية في الإله عقائد
وأنا أعتقد جميع ما اعتقدوه
وقال:
وكل كلام في الوجود كلامه
سواء علينا نثره أو نظامه
ولذلك شن هؤلاء المتهوكون الغارة على توحيد المسلمين ووصفوه بالأوحال، كما في
صلاة ابن مشيش حيث يقول: «وزج بي في بحار الأحدية، وانشلني من أوحال التوحيد،
وأغرقني في عين بحر الوحدة، حتى لا أرى ولا أسمع ولا أحس إلا بها». (النفحة
العلية في الأوراد الشاذلية ص16).
ويصف بعضهم التوحيد الذي بعث الله به المرسلين توحيد العوام، فهذا الغزالي
يقول: «لا إله إلا الله توحيد العوام، ولا هو إلا هو توحيد الخواص، لأن ذلك
أعم، وهذا أخص وأكمل وأحق وأدق». (مشكاة الأنوار ص124).
دعواهم فاسدة وحجتهم داحضة
1- الآيات الداحضة لدعوى المشركين أن شيئًا من خلق الله جزء منه، كقوله تعالى:
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ
(الزخرف: 15)، وقوله تعالى: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا
وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ
عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: 158، 159).
لا شك أن وحدة الوجود تجعل العباد كلهم جزءًا من الله تعالى، بل هو هم وهم هو
لا فرق، وهذا كفر مبين بنص القرآن الكريم، إن الله سبحانه وتعالى لا يوجد بينه
وبين خلقه نسبًا، وهذا ينفي وحدة الوجود من أصلها، فسبحان الله عما يصفه
الظالمون الجاهلون.
2- الآيات الدالة على أن الإنسان خلق من لا شيء، كقوله تعالى: هَلْ أَتَى
عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا
(الإنسان: 1)، وقوله تعالى: أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ
شَيْئًا (مريم: 67)، لقد خلق الله الإنسان من عدم، وهذا يدحض جهالة وحدة
الوجود جملة وتفصيلاً، لأنها لو كانت واقعة لكان الإنسان شيئًا قبل وجوده هو
الآن شيء بعد وجوده.
3- الآيات الدالة على أن المخلوق غير الخالق وأن العبد غير المعبود، كقوله
تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا
مِنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ (النحل: 73)، وقوله عز وجل: وَقَالَ الَّذِينَ
أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ
(النحل: 35)، وقوله تعالى: قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (الأنعام: 56)، وغيرها كثير، هذه الآيات تقرر أن
العبد غير المعبود ولذلك فهي كافية لقمع كل جَحُود يؤمن بوحدة الوجود.
إن كل حرف في كتاب الله ليتمخض عن تجريد التوحيد وينفض ركام الشرك، وأي شرك
أعظم من وحدة الوجود.
إن خطر عقيدة «وحدة الوجود» وفسادها أمر عرفه القاصي والداني حتى أعداء
الإسلام، يقول المستشرق «نيكلسون»: «إن الإسلام يفقد كل معناه، ويصبح اسمًا على
غير مسمى، لو أن عقيدة التوحيد المعبر عنها بـ «لا إله إلا الله» أصبح المراد
بها: لا موجود على الحقيقة إلا الله، وواضح أن الاعتراف بوحدة الوجود في صورتها
المجردة قضاء تام على كل معالم الدين المنزل، ومحو لهذه المعالم محوًا كاملاً».
اهـ.
وهكذا يعترف بفساد المعتقد الصوفي مستشرق، ولا يزال أساطين الفكر الصوفي تائهون
غارقون لا يعرفون ربهم ويزعمون أنهم سدنة الدين وحماته وحملة لوائه: أَلاَ
سَاءَ مَا يَزِرُونَ (الأنعام: 31).
النور المحمدي
ومن مذهب وحدة الوجود نشأ عند المتصوفة الاعتقاد في الأقطاب، والأوتاد،
والأبدال، والأغواث، والنجباء، بأن روح الله حلت فيهم، فهم المتصرفون في هذا
الوجود، القائمون مقام الله في الخلق والأمر، وهذا أيضًا اعتقاد الشيعة في
أئمتهم: «فإن للإمام مقامًا محمودًا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها
وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وأن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا
يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن
الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة (ع) كانوا قبل هذا العالم أنوارًا فجعلهم الله بعرشه محدقين».
(الحكومة الإسلامية ص52).
إن الصوفيين وهم يجرون وراءهم ألوفًا من المسلمين في كل أفق، لم ينسوا وقد
رفعوا أصحاب الوقت إلى مقام الربوبية أو مقارب منه أن يجعلوا للرسول مكانًا بين
هؤلاء المتصوفين في الكون خلقًا وأمرًا، ونفعًا وضرًا، وقضاءً وقدرًا، فابتدعوا
للرسول مقالة «الحقيقة المحمدية» التي أخرجوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عالم البشر،
فجعلوه النور الذي خلق منه كل شيء، ولأجله كل شيء: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ
مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا (الكهف: 5)، وإليك تفصيل
ضلالتهم وردها:
1- محمد أصل الكون: «إن العقل الأول المنسوب إلى محمد خلق الله جبريل منه في
الأزل، فكان محمدٌ أبًا لجبريل وأصلاً لجميع العالم». (الإنسان الكامل ص3).
2- محمد على العرش استوى: «أول الخلق هباء، وأول مخلوق موجود فيه على الحقيقة
المحمدية الرحمانية الموصوفة بالاستواء على العرش الرحماني وهو العرش الإلهي».
(الفتوحات المكية 1/152).
3- النور المحمدي هو نور الله: «إن محمدًا لما أبدعه الله حقيقة مثلية وجعله
نشأة كلية، حيث لا أين، ولا بين قال له: أنا الملك وأنت الملك، وأنا المدبر
وأنت الفلك، وسأقيمك فيما يتكون منك سايسًا ومدبرًا وناهيًا وآمرًا تعطيها مما
أعطيت، وتكون فيها كما أنا فيك، فلست سواك كما لست سواي، فأنت صفاتي فيهم
وأسمائي... فتفصد عرقًا حياءً، فكان ذلك العرق الطاهر الماء وهو الماء الذي نبأ
به الحق تعالى في صحيح الأنباء فقال: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ (هود:
7) » (عنقاء مغرب ص39، 40).
4- محمد المهيمن على الكون: «اعلم أن أنوار المكونات كلها عرش وفرش، وسماوات
وأرضين، وجنات وحجب، وما فوقها وما تحتها إذا جمعت كلها وجدت من بعض نور محمد،
وأن مجموع نوره لو وضع على العرش لذاب، ولو وضع على الحجب السبعين التي فوق
العرش لتهافتت، ولو جمعت المخلوقات كلها ووضع ذلك النور العظيم لتهافتت
وتساقطت». (الإبريز 2/84).
5- الكون مخلوق من أجل محمد:
قال ابن نباتة المصري:
لولاه ما كان أرض ولا أفق
ولا زمان ولا خلق ولا جيل
وقال البوصيري في «بردة المديح»:
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
6- محمد عالم الغيب والشهادة:
قال البوصيري في «بردة المديح»:
ومن جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
وخلاصة الحقيقة المحمدية عند الصوفية: أن الله تعالى عما يصفه الصوفيون قبض
قبضة من نور وجهه فقال لها: كوني محمدًا، فكان محمد هو أول «التعيينات» وهي
المسماة عندهم: «الذات المحمدية».
ومن هذه «الذات المحمدية» انبثقت السماوات والأرض، والدنيا والآخرة، وهي
«التعيينات»، فجميع التعيينات صدرت عن الذات المحمدية، وراجعة إليها، وهذه هي
«الحقيقة المحمدية» التي يؤمن بها ويدعو إليها جميع الطرق الصوفية. وهاك أدلتهم
التي يستترون وراءها ويروجون بضاعتهم من أجلها:
أ- «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر».
ب- «لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك».
وهذه الأحاديث موضوعة باتفاق أهل الصنعة، وانظر «الأسرار المرفوعة في الأخبار
الموضوعة» للزركشي (693)، و«تنزيه الشريعة» لابن عراق (1/341)، و«الفوائد
المجموعة» للشوكاني (326).
لقد سد الله الطريق على هؤلاء المغالين في رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جاء في القرآن
والسنة في بيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون حجة يقذف بها في وجه الباطل الذي يخرج من
أفواه شيطانية ما قدرت الله حق قدره، قال الله تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ
الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ
تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ
إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا
وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف: 109، 110)، وقال جل
ثناؤه: قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً (الإسراء:
92)، وقال عز وجل: قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ
أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ
مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ
تَتَفَكَّرُونَ
(الأنعام: 50).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، إنما أنا عبد،
فقولوا: عبد الله ورسوله».
(متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم : «إنما أنا بشر يأتيني الخصم». (متفق عليه).
هذا الثوب البشري الذي لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مولده حتى لحق بجوار ربه عز وجل هو
الذي دعى الناس للتأسي به والسير على خطواته، ولو كان من غير عالمنا لما نزعنا
لاتباعه والاقتداء بسنته، ولقد صدق الله، فقد قرر هذه الحقيقة بالألفاظ
القرآنية المحكمة الدقيقة: وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ
أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ
جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا
يَلْبِسُونَ (الأنعام: 8، 9).
واعلم - زادك الله علمًا - أن الكون مخلوق لغاية محددة هي عبادة الله عز وجل
وإقامة أمره، لقوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ
لِيَعْبُدُونِ (الذاريات: 56)، فاللام للتعليل وإلا للحصر، فهذه الآية عللت
خلق الله للجن والإنس وحصرت هذه العلة والغاية، فهل يبقى بعد هذا البيان مجال
لكل كذاب أشر؟
والله من وراء القصد.
النصيرية
النصيرية حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة ، أصحابها يعدون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجوداً إلهياً في علي وألهوه به ، مقصدهم هدم الإسلام ونقض عراه وهم مع كل غاز لأرض المسلمين ، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهاً وتغطية لحقيقتهم الرافضية والباطنية .
أبرز الشخصيات
- مؤسس هذه الفرقة أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري ( ت 270ه* ) عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وهم علي الهادي( العاشر ) والحسن العسكري ( الحادي عشر ) والإمام (الموهوم ) (الثاني عشر) .
_ زعم أنه الباب إلى الإمام الحسن العسكري ، وأنه وارث علمه ، والحجة والمرجع للشيعة من بعده ، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام المهدي .
- ادعى النبوة والرسالة وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى مقام الألوهية .
- خلفه على رئاسة الطائفة محمد بن جندب .
- ثم أبو محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاني 235 _ 287 ه* من جنبلا بفارس ، وكنيته العابد والزاهد والفارسي ، سافر إلى مصر وهناك عرض دعوته إلى الخصيبي .
- حسين بن علي بن الحسين بن حمدان الخصيببي : المولود سنة 260 ه* مصري الأصل جاء مع أستاذه عبد الله بن محمد الجنبلاني من مصر إلى جنبلا ، وخلفه في رئاسة الطائفة، وعاش في كنف الدولة الحمدانية بحلب كما أنشأ للنصيرية مركزين أولهما في حلب ورئيسه محمد علي الجلي والآخر في بغداد ورئيسه علي الجسري .
- وقد توفي في حلب وقبره معروف بها وله مؤلفات في المذهب وأشار في مدح آل البيت وكان يقول بالتناسخ والحلول .
- انقرض مركز بغداد بعد حملة هولاكو عليها .
- انتقل مركز حلب إلى اللاذقية وصار رئيسه أبو سعد الميمون سرور بن قاسم الطبراني 358 _ 427 ه* .
- اشتدت هجمات الاكراد والاتراك عليهم مما دعاهم إلى الإستنجاد بالأمير حسن المكزون السنجاري 583 _ 638ه* ومداهمة المنطقة مرتين ، فشل في حملته الاولى ونجح في الثانية حيث أرسى قواعد المذهب النصيري في جبال اللاذقية .
- ظهر فيهم عصمة الدولة حاتم الطوبان حوالي 700ه* 1300م وهو كاتب الرسالة القبرصية .
- وظهر حسن عجرد من منطقة أعنا ، وقد توفي في اللاذقية سنة 836 / 1432م .
- نجد بعد ذلك رؤساء تجمعات نصيرية كتلك التي أنشأها الشاعر القمري محمد بن يونس كلاذي 1011ه*/1602م قرب أنطاكية ، وعلي الماخوس وناصر نصيفي ويوسف عبيدي .
- سليمان أفندي الأذني : ولد في أنطاكية سنة 1250 ه* وتلقى تعاليم الطائفة لكنه تنصر على يد أحد المبشرين وهرب إلى بيروت حيث أصدر كتابه الباكورة السليمانية يكشف فيه أسرار هذه الطائفة ، استدرجه النصيريون بعد ذلك وطمأنوه فلما عاد وثبوا عليه وخنقوه واحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية .
- عرفوا تاريخيا باسم النصيرية ، وهو اسمهم الأصلي ولكن عندما شُكِّل حزب سياسي في سوريا باسم ( الكتلة الوطنية ) أراد الحزب أن يقرب النصيرية إليه ليكسبهم فأطلق عليهم اسم العلويين وصادف هذا هوى في نفوسهم وهم يحرصون عليه الآن . هذا وقد أقامت فرنسا لهم دولة أطلقت عليها اسم ( دولة العلويين ) وقد استمرت هذه الدولة من سنة 1920 إلى سنة 1936 م .
- محمد أمين غالب الطويل : شخصية نصيرية ، كان أحد قادتهم أيام الإحتلال الفرنسي لسوريا ، ألف كتاب تاريخ العلويين يتحدث فيه عن جذور هذه الفرقة .
- سليمان المرشد : كان راعي بقر ، لكن الفرنسيين احتضنوه وأعانوه على ادعاء الربوبية ، كما اتخذ له رسولا ( سليمان الميده ) وهو راعي غنم ، ولقد قضت عليه حكومة الإستقلال وأعدمته شنقاً عام 1946 م .
جاء بعده ابنه مجيب ، وادعى الألوهية ، لكنه قتل أيضاً على يد رئيس المخابرات السورية آنذاك سنة 1951 م ، وما تزال فرقة ( المواخسة ) النصيرية يذكرون اسمه على ذبائحهم .
- ويقال بأن الأبن الثاني لسليمان المرشد اسمه ( مغيث ) وقد ورث الربوبية المزعومة عن أبيه . واستطاع العلويون ( النصيريون ) أن يتسللوا إلى التجمعات الوطنية في سوريا، واشتد نفوذهم في الحكم السوري منذ سنة 1965 م بواجهة سنية ثم قام تجمع القوى التقدمية من الشيوعيين والقوميين والبعثيين بحركته الثورية في 12 مارس 1971 م وتولى الحكم العلويين رئاسة الجمهورية.
أهم العقائد
-جعل النصيرية علياً إلها، وقالوا بأن ظهوره الروحاني بالجسد الجسماني الفاني كظهور جبريل في صورة بعض الأشخاص .
- لم يكن ظهور ( الإله علي ) في صورة الناسوت إلا إيناساً لخلقه وعبيده .
- يحبون ( عبد الرحمن بن ملجم ) قاتل الإمام علي ويترضون عنه لزعمهم بأنه قد خلص اللاهوت من الناسوت ويخطئون من يلعنه .
- يعتقد بعضهم أن علياً يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده وإذا مر بهم السحاب قالوا : السلام عليك أبا الحسن ، ويقولون إن الرعد صوته والبرق سوطه
- يعتقدون أن علياً خلق محمد صلى الله عليه وسلم وان محمداً خلق سلمان الفارسي وان سلمان الفارسي قد خلق الأيتام الخمسة الذين هم :
- المقداد بن الأسود ويعدونه رب الناس وخالقهم والموكل بالرعود .
- أبو ذر الغفاري : الموكل بدوران الكواكب والنجوم .
- عبد الله بن رواحة : الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر .
- عثمان بن مظعون : الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان .
- قنبر بن كادان : الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام .
- لهم ليلة يختلط فيهم الحابل بالنابل كشأن بعض الفرق الباطنية .
- يعظمون الخمرة ، ويحتسونها ، ويعظمون شجرة العنب لذلك ، ويستفظعون قلعها او قطعها لأنها هي أصل الخمرة التي يسمونها( النور ) .
- يصلون في اليوم خمس مرات لكنها صلاة تختلف في عدد الركعات ولا تشتمل على سجود وإن كان فيها نوع من ركوع أحيانا. ً
- لايصلون الجمعة ولا يتمسكون بالطهارة من وضوء ورفع جنابة قبل أداء الصلاة .
- ليس لهم مساجد عامة ، بل يصلون في بيوتهم ، وصلاتهم تكون مصحوبة بتلاوة الخرافات .
- لهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى من مثل :
- قداس الطيب لك أخ حبيب .
- قداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور .
- قداس الأذان وبالله المستعان .
- لا يعترفون بالحج ، ويقولون بأن الحج إلى مكة إنما هو كفر وعبادة أصنام !! .
- لا يعترفون بالزكاة الشرعية المعروفة لدينا - نحن المسلمين - وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم مقدارها خمس ما يملكون .
- الصيام لديهم هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان .
- يبغضون الصحابة بغضاً شديداً ، ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين .
- يزعمون بأن للعقيدة باطنا وظاهراً وانهم وحدهم العالمون بباطن الأسرار، ومن ذلك :
- الجنابة : هي موالاة الأضداد والجهل بالعلم الباطني .
- الطهارة : هي معاداة الأضداد ومعرفة العلم الباطني .
- الصيام : هو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة .
- الزكاة : يرمز لها بشخصية سلمان .
- الجهاد : هو صب اللعنات على الخصوم وفُشاة الأسرار .
- الولاية : هي الإخلاص للأسرة النصيرية وكراهية خصومها .
- الشهادة : هي أن تشير إلى صيغة ( ع . م . س ) .
- القرآن : هو مدخل لتعليم الإخلاص لعلي ، وقد قام سلمان (( تحت اسم جبريل )) بتعليم القرآن لمحمد .
- الصلاة : عبارة عن خمس أسماء هي : علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة و( محسن ) هذا هو ( السر الخفي ) إذ يزعمون بأنه سقط طرحته فاطمة ، وذكر هذه الأسماء يجزئ عن الغسل والجنابة والوضوء .
- اتفق علماء المسلمين على أن هؤلاء النصيريين لا تجوز مناكحتهم ، ولا تباح ذبائحهم ، ولا يصلى على من مات منهم ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يجوز استخدامهم في الثغور والحصون .
- يقول ابن تيمية : ( هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية - هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية - أكفر من اليهود والنصارى ، بل وأكفر من كثير من المشركين ، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم.. وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين ، فهم مع النصارى على المسلمين ، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار ، ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم .
* الأعياد : لهم أعياد كثيرة تدل على مجمل العقائد التي تشتمل عليها عقيدتهم ومن ذلك :
- عيد النيروز : في اليوم الرابع من نيسان ، وهو أول أيام سنة الفرس .
- عيد الغدير : وعيد الفراش وزيارة يوم عاشوراء في العاشر من المحرم ذكرى استشهاد الحسين في كربلاء .
- يوم المباهلة أو يوم الكساء :في التاسع من ربيع الأول ذكرى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران للمباهلة .
- عيد الأضحى : ويكون لديهم في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة .
- يحتفلون بأعياد النصارى كعيد الغطاس ، وعيد العنصرة ، وعيد القديسة بربارة ، وعيد الميلاد ، وعيد الصليب الذي يتخذونه تاريخاً لبدء الزراعة وقطف الثمار وبداية المعاملات التجارية وعقود الإيجار والأستئجار .
- يحتفلون بيوم ( دلام ) وهو اليوم التاسع من ربيع الأول ويقصدون به مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فرحاً بمقتله وشماتة به .
الجذور الفكرية والعقائدية
- استمدوا معتقداتهم من الوثنية القديمة وقدسوا الكواكب والنجوم وجعلوها مسكناً للإمام علي .
- تأثروا بالأفلاطونية الحديثة ونقلوا عنهم نظرية الفيض النوراني على الأشياء .
- بنوا معتقداتهم على مذهب الفلاسفة المجوس .
- أخذوا عن النصرانية ، ونقلوا عن الغنوصية النصرانية ، وتمسكوا بما لديهم من التثليث والقداسات وإباحة الخمور .
· نقلوا فكرة التناسخ والحلول عن المعتقدات الهندية والآسيوية الشرقية .
- هم من غلاة الشيعة فكرهم يتسم بكثير من المعتقدات الشيعية وبالذات تلك المعتقدات التي قالت بها الرافضة عامة والسبئية خاصة .
الانتشار ومواقع النفوذ
- يستوطن النصيريون منطقة جبال النصيريين في اللاذقية ، ولقد انتشروا مؤخراً في المدن السورية المجاورة لهم .
- يوجد عدد كبير منهم أيضاً في غربي الأناضول ويعرفون باسم ( التختجية والحطابون ) فيما يطلق عليهم شرقي الأناضول اسم ( القزل باشيه )
- ويعرفون في أجزاء أخرى من تركيا وألبانيا باسم البكتاشية .
- هناك عدد منهم في فارس وتركستان ويعرفون باسم ( العلي إلهية ) . وعدد منهم يعيشون في لبنان وفلسطين .
الماتريدية
فرقة كلامية ، تنسب إلى أبي منصور الماتريدي ، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها ، من المعتزلة والجهمية وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين .
التأسيس وأبرز الشخصيات
مرت الماتريدية كفرقة كلامية بعدة مراحل ، ولم تعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبي الحسن الأشعري ، ولذلك فإنه يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي :
- مرحلة التأسيس : [ 000-333هـ] والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة :
- أبو منصور الماتريدي : [ 000-333هـ ] : هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي ، نسبة إلى ( ماتريد ) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر
* مرحلة التكوين : [ 333-500هـ ] : وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده ، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند ، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم ، ودافعوا عنها ، وصنفوا التصانيف مبتعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ( الأحكام ) ، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها . ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (342هـ) , وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (390هـ).
- ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تعتبر امتداد للمرحلة السابقة . ومن أهم وأبرز شخصياتها :
- أبو اليسر البزدوي [421-493هـ] هو محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم والبزدوي نسبة إلى بزدوة
- أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جم غفير من التلاميذ ؛ ومن أشهرهم : والده القاضي أبو المعاني أحمد ، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب العقائد النسفية ، وغيرهما .
* مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية : [ 500-700هـ ] : وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية ؛ ولذا فهي أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة ، ومن أهم أعيان هذه المرحلة :
- أبو المعين النسفي [438-508هـ] : وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي ،
- نجم الدين عمر النسفي [462-537هـ] : هو أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد الحنفي النسفي
* مرحلة التوسع والانتشار : [700-1300هـ] : وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوج توسعها وانتشارها في هذه المرحلة ؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية ، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية ، فانتشرت في : شرق الأرض وغربها ، وبلاد العرب ، والعجم ، والهند والترك ، وفارس ، والروم .
وهناك مدراس مازالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في :
- مدرسة ديوبند و الندويه [ 1283هـ- …] وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه ، فالديوبندية أئمة في العلوم النقلية والعقلية ؛ وإلا أنهم متصوفة محضة ، وعند كثير منهم بدع قبورية ، كما يشهد عليهم كتابهم المهند على المفند لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم ، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة ، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة .
- مدرسة البريلوي [1272هـ -…] نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفى [1340هـ] وفي هذا الدور يظهر الإشراك الصريح ، والدعوة إلى عبادة القبور ، وشدة العداوة للديوبندية ، وتكفيرهم فضلاً عن تكفير أهل السنة .
- مدرسة الكوثري [ 1296هـ - …] و تنسب إلى محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي (1371هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم ، وجعلهم مجسمة ومشبهة ، وجعل كتب السلف ككتب : التوحيد ، الإبانة ، الشريعة ، والصفات ، والعلو ، وغيرها كتب أئمة السنة كتب وثنية وتجسيم وتشبيه ، كما يظهر فيها أيضاً شدة الدعوة إلى البدع الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل .
أهم الأفكار والمعتقدات
- من حيث مصدر التلقي : قسم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى :
- الإلهيات [ العقليات ] : وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له ، وتشمل أبواب التوحيد والصفات .
-الشرعيات [ السمعيات ] : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً ، ولا طريق للعقل إليها مثل : النبوات ، و عذاب القبر ، وأمور الآخرة ، علماُ بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات .
ولا يخفى ما في هذا من مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة حيث أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هم مصادر التلقي عندهم ، أما بدعة تقسيم أصول الدين إلى : عقليات وسمعيات ، فقد قامت على فكرة باطلة أصّلها الفلاسفة من : أن نصوص الدين متعارضة مع العقل ، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل ، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه ؛ فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التأويل والتفويض ، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل السليم والنقل الصحيح .
- بناء على التقسيم السابق فإن موقفهم من الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات [ العقليات ] كالتالي :
- إن كان من نصوص القرآن الكريم والسنة المتواترة مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة عندهم ، أي مقبولاً عقلاُ ، خالياً من التعارض مع عقولهم ؛ فإنهم يحتجون به في تقرير العقيدة . وأما إن كان قطعي الثبوت ظني الدلالة عندهم أي : مخالفاً لعقولهم ، فإنه لا يفيد اليقين ،ولذلك تؤول الأدلة النقلية بما يوافق الأدلة العقلية (( أي تفسر الأدلة بغير ما أراد الله بها ورسوله صلى الله عليه وسلم )) ، أو تفويض معانيها إلى الله عز وجل . وهم في ذلك مضطربون ،فليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل والتفويض ؛ فمنهم من رجح التأويل على التفويض ، ومنهم من رجح التفويض ، ومنهم من أجاز الأمرين ، وبعضهم رأى أن التأويل لأهل النظر والاستدلال ، والتفويض أليق للعوام .
والملاحظ أن القول بالتأويل (( أي تفسير الأدلة بغير ما أراد الله بها ورسوله صلى الله عليه وسلم )) لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحاب القرون المفضلة ، وإنما هي بدعة دخلت على الجهمية والمعتزلة من اليهود والنصارى ، وإلى التأويل يرجع جميع ما أحدث في الإسلام من بدع فرقت شمل الأمة ، وهو أشر من التعطيل ؛ حيث يستلزم التشبيه ، والتعطيل ، واتهاماً للرسول صلى الله عليه وسلم بالجهل ، أو كتمان بيان ما أنزل الله .
وأما القول بالتفويض فهو من أشر أقوال أهل البدع لمناقضته ومعارضته نصوص التدبر للقرآن ، واستلزام تجهيل الأنبياء والمرسلين برب العالمين .
- وإن كان من أحاديث الآحاد فإنها عندهم تفيد الظن ، ولا تفيد العلم اليقيني ، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقاً ، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها ، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها ، ولا تثبت بها عقيدة ، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه ، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد ، وهذا موقف الماتريدية قديماً وحديثاً ؛ حتى أن الكوثري ومن وافقه من الديوبندية طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين ، وفي عقيدة أئمة السنة مثل : حماد بن سلمة راوي أحاديث الصفات ، والإمام الدارمي عثمان بن سعيد صاحب السنن . وهذا مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فرادى يدعونهم إلى الإسلام . وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى متواتر وآحاد لم يكن معروفاً في عصر الصحابة والتابعين .
- كما رتبوا على ذلك وجوب معرفة الله تعالى بالعقل قبل ورود السمع ، واعتبروه أول واجب على المكلف ، ولا يعذر بتركه ذلك ، بل يعاقب عليه ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل . وبهذا وافقوا قول المعتزلة : وهو قول ظاهر البطلان ، تعارضه الأدلة من الكتاب والسنة التي تبين أن معرفة الله تعالى يوجبها العقل ،ويذم من يتركها ، لكن العقاب على الترك لا يكون إلا بعد ورود الشرع ، يقول الله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) [ سورة الإسراء الآية 15] وأن أول واجب على المكلف ، وبه يكون مسلماً : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، والبراءة من كل دين يخالف دين الإسلام على الإجمال ، ولهذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن لم يأمره بغير ذلك . وكذلك الأنبياء لم يدعوا أقوامهم إلا بقول ( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) [ سورة الأعراف الآية 59] .
- وقالوا أيضاً بالتحسين والتقبيح العقليين ،حيث يدرك العقل حسن الأشياء وقبحها ، إلا أنهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد إدراك العقل للحسن والقبح . فمنهم من قال : إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول ؛ كما سبق ، ومنهم من قال بعكس ذلك .
- وذهب كذلك الماتريدية كغيرها من الفرق الكلامية إلى أن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ؛ ويقصدون بالمجاز بأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ، وهو قسيم الحقيقة عندهم . ولذلك اعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعاً - في ظنهم - لشبه التجسيم والتشبيه . وهو بهذا المعنى : قول مبتدع ، محدث لا أصل له في اللغة ولا في الشرع , ولم يتكلم فيه أئمة اللغة : كالخليل بن أحمد ، وسيبويه فضلاً عن أئمة الفقهاء والأصوليين المتقدمين
- مفهوم التوحيد عند الماتريدية هو : إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته ، لا قسيم له , واحد في صفاته ، لا شبيه له ، واحد في أفعاله ، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات ، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الإله عندهم هو : القادر على الاختراع . مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية ، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض ، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم وأساطين الكلام والفلسفة وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح . بين ذلك أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر ، وابن رشد الحفيد في مناهج الأدلة . وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل . وأيضاً خالفوا أهل السنة والجماعة في معنى الإله، فالإله عند أهل السنة : المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له . وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر ، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .
- أثبتوا لله تعالى أسماءه الحسنى ، وقالوا : لا يسمى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه ، وجاء به الشرع . فوافقوا أهل السنة والجماعة إلا أنهم خالفوهم فيما أدخلوه في أسمائه تعالى : كالصانع ، القديم ،الذات … حيث لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله تعالى وباب التسمية .
- وقالوا بإثبات ثماني صفات لله تعالى فقط ، على خلاف بينهم وهي : الحياة ، القدرة ، العلم ، الإرادة ، السمع ، البصر ، الكلام ، التكوين . وعلى أن جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى التكوين ، أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة [ الصفات الخبرية ] من صفات ذاتية ، أو صفات فعلية ، فإنها لا تدخل في نطاق العقل ، ولذلك قالوا بنفيها جميعاً . أما أهل السنة والجماعة فهم كما يعتقدون في الأسماء يعتقدون في الصفات وأنها جميعاً توقيفية ، ويؤمنون بها " بإثبات بلا تشبيه ، وتنزيه بلا تعطيل ، مع تفويض الكيفية وإثبات المعنى اللائق بالله - تعالى - لقوله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .
- قولهم بأن القرآن الكريم ليس بكلام الله تعالى على الحقيقة ، وإنما هو كلام الله تعالى النفسي ، لا يسمع وإنما يسمع ما هو عبارة عنه ، ولذلك فإن الكتب بما فيها القرآن مخلوق ؛ وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة ، ولم يرد عن سلف الأمة . وأول من ابتدعه ابن كلاب . فالله تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء ، ولا يزال يتكلم كما كلم موسى ، ويكلم عباده يوم القيامة ، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة ، غير مخلوق . وكذلك التوراة والإنجيل والزبور . وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان .
- تقول الماتريدية في الإيمان أنه التصديق بالقلب فقط ، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان ، ومنعوا زيادته ونقصانه ،وقالوا بتحريم الاستثناء فيه ، وأن الإسلام والإيمان مترادفان ، لا فرق بينهما ، فوافقوا المرجئة في ذلك ، وخالفوا أهل السنة والجماعة ، حيث إن الإيمان عندهم : اعتقاد بالجنان وقول باللسان ، و عمل بالجوارح والأركان . يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . ويجوز الاستثناء فيه [ والمقصود عدم تزكية النفس ] والإيمان والإسلام متلازمان ، إذا اجتمعا افترقا في المعنى ، وإذا افترقا اجتمعا في المعنى .
- وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في الإيمان بالسمعيات مثل : أحوال البرزخ وأمور الآخرة من : الحشر ، والنشر ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة ، والجنة ، والنار ؛ لأنهم جعلوا مصدر التلقي فيها السمع .
- وبالتالي فإنهم أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة ؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة . وهذا قول متناقض حيث أثبتوا ما لا يمكن رؤيته ، ولا بخفى مخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة .
- كما وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم ، وأن ما وقع بينهم كان خطاً عن اجتهاد منهم ؛ ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم ، لأن الطعن فيهم إما كفر ، أو بدعة ، أو فسق . كما يرون أن الخلافة في قريش ، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر ، ولا يجوز الخروج على الإمام الجائر .
- وأيضاً وافقوا أهل السنة والجماعة في القول : بالقدر ، والقدرة ، والاستطاعة ، على أن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله تعالى وإرادته ، وأن أفعال العباد من خير وشر من خلق الله تعالى وأن للعباد أفعالاً اختيارية ، يثابون عليها ، ويعاقبون عليها ، وأن العبد مختار في الأفعال التكليفية غير مجبور على فعلها .
قالت الماتريدية بعدم جواز التكليف بما لا يطاق موافقة المعتزلة في ذلك ،والذي عليه أهل السنة والجماعة هو : التفصيل ، وعدم إطلاق القول بالجواز أو بالمنع .
الجذور الفكرية والعقائدية
يتبين للباحث أن عقيدة الماتريدية فيها حق وباطل ؛ فالحق أخذوه عن أهل السنة من الحنفية السلفية ، وغيرهم ؛ لأن المستقريء للتاريخ يجد أن الحنفية بعد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تفرقوا فرقاً شتى في وقت مبكر ، ولم يسر على سيرة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه إلا من وفقه الله عز وجل .
_ تأثر أبو منصور الماتريدي مباشرة أو بواسطة شيوخه بعقائد الجهمية من الإرجاء والتعطيل ؛ وكذلك المعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها ، ونفي العلو والصفات الخبرية ظناً منه أنها عقيدة أهل السنة .
- تأثر بابن كلاب ( 240هـ ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه ، وإن لم يثبت لهما لقاء ، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده ، بل صرح شيخ الإسلام ابن تيمية أن أبا منصور الماتريدي تابع ابن كلاب في عدة مسائل . ( مجموع الفتاوي 7/362 ) .
الانتشار ومواقع النفوذ
انتشرت الماتريدية ، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية : كالصين ، وبنغلاديش ، وباكستان ، وأفغانستان . كما انتشرت في بلاد تركيا ، والروم ، وفارس ، وبلاد ما وراء النهر ، والمغرب حسب انتشار الحنفية وسلطانهم ، وما زال لهم وجود قوي في هذه البلاد ، وذلك لأسباب كثيرة منها :
1- المناصرة والتأييد من الملوك والسلاطين لعلماء المذهب ، وبخاصة سلاطين الدولة العثمانية .
2- للمدارس الماتريدية دور كبير في نشر العقيدة الماتريدية ، وأوضح مثال على ذلك : المدارس الديوبندية بالهند وباكستان وغيرها ؛ حيث لا زال يدرس فيها كتب الماتريدية في العقيدة على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة .
3-النشاط البالغ في ميدان التصنيف في علم الكلام ، وردهم على الفرق المبتدعة الأخرى ، مثل الجهمية الأولي والمعتزلة ، والروافض .
4-انتسابهم للإمام أبي حنيفة ومذهبه في الفروع .
القومية العربية
التعريف:
حركة سياسية فكرية متعصبة، تدعو إلى تمجيد العرب، وإقامة دولة موحدة لهم، على أساس من رابطة الدم واللغة والتاريخ، وإحلالها محل رابطة الدين . وهي صدى للفكر القومي الذي سبق أن ظهر في أوروبا.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
· ظهرت بدايات الفكر القومي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقرًّا لها، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1912م.
وفيما يلي إشارة إلى أهم الجمعيات ذات التوجه القومي حسب التسلسل التاريخي:
ـ الجمعية السورية: أسسها نصارى منهم: بطرس البستاني وناصيف اليازجي سنة 1847م في دمشق.
ـ الجمعية السورية في بيروت: أسسها نصارى منهم: سليم البستاني ومنيف خوري سنة 1868م.
ـ الجمعية العربية السرية: ظهرت سنة 1875م ولها فروع في دمشق وطرابلس وصيدا.
ـ جمعية حقوق الملة العربية: ظهرت سنة 1881م ولها فروع كذلك، وهي تهدف إلى وحدة المسلمين والنصارى.
ـ جمعية رابطة الوطن العربي: أسسها نجيب عازوري سنة 1904م بباريس وألف كتاب يقظة العرب.
ـ جمعية الوطن العربي: أسسها خير الله خير الله سنة 1905م بباريس، وفي هذه السنة نشر أول كتاب قومي بعنوان الحركة الوطنية العربية.
ـ الجمعية القحطانية: ظهرت سنة 1909م وهي جمعية سرية من مؤسسيها خليل حمادة المصري.
ـ جمعية (العربية الفتاة): أسسها في باريس طلاب عرب منهم محمد البعلبكي سنة 1911م.
ـ الكتلة النيابية العربية: ظهرت سنة 1911م.
ـ حزب اللامركزية: سنة 1912م.
ـ الجمعيات الإصلاحية: أواخر 1912م وقد قامت في بيروت ودمشق وحلب وبغداد والبصرة والموصل و تتكون من خليط من أعيان المسلمين والنصارى.
ـ المؤتمر العربي في باريس: أسسه بعض الطلاب العرب سنة 1912م.
ـ حزب العهد:1912م وهو سري، أنشأه ضباط عرب في الجيش العثماني.
ـ جمعية العلم الأخضر: سنة 1913م، من مؤسسيها الدكتور فائق شاكر.
ـ جمعية العلم: وقد ظهرت سنة 1914م، في الموصل.
· هذا وقد ظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وفي عدد محدود من أبناء المسلمين الذين تأثروا بفكرتها، ولم تصبح تياراً شعبيًّا عامًّا إلا حين تبنى الدعوة إليها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حين سخر لها أجهزة إعلامه وإمكانات دولته. ويمكن أن يقال إنها الآن تعيش فترة انحسار أو جمود على الأقل.
· يعد ساطع الحصري 1880ـ 1968م داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات كثيرة تعد الأساس الذي يقوم عليه فكرة القومية العربية، ويأتي بعده في الأهمية ميشيل عفلق.
الأفكار والمعتقدات:
· يعلي الفكر القومي من شأن رابطة القربى والدم على حساب رابطة الدين ، وإذا كان بعض كتاب القومية العربية يسكتون عن الدين ، فإن بعضهم الآخر يصر على إبعاده إبعاداً تامًّا عن الروابط التي تقوم عليها الأمة، بحجة أن ذلك يمزق الأمة بسبب وجود غير المسلمين فيها ويرون أن رابطة اللغة والجنس أقدر على جمع كلمة العرب من رابطة الدين.
· حيث إن أساسها إبعاد الدين الإسلامي عن معترك حياة العرب السياسية والاجتماعية والتربوية والتشريعية فإنها تعد ردة إلى الجاهلية ، وضرباً من ضروب الغزو الفكري الذي أصاب العالم الإسلامية، لأنها في حقيقتها صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا.
· يصفها سماحة الشيخ ابن باز بأنها: "دعوة جاهلية إلحادية تهدف إلى محاربة الإسلام والتخلص من أحكامه وتعاليمه ". ويقول عنها: "وقد أحدثها الغربيين من النصارى لمحاربة الإسلام والقضاء عليه في داره بزخرف من القول.. فاعتنقها كثير من العرب من أعداء الإسلام واغتر بها كثير من الأغمار ومن قلدهم من الجهال وفرح بذلك أرباب الإلحاد وخصوم الإسلام في كل مكان ". ويقول أيضاً: "هي دعوة باطلة وخطأ عظيم ومكر ظاهر وجاهلية نكراء وكيد سافر للإسلام وأهله".
· يرى دعاة الفكر القومي ـ على اختلاف بينهم في ترتيب مقومات هذا الفكرـ أن أهم المقومات التي تقوم عليها القومية العربية هي: اللغة والدم والتاريخ والأرض والآلام والآمال المشتركة.
· ويرون أن العرب أمة واحدة لها مقومات الأمة وأنها تعيش على أرض واحدة هي الوطن العربي الواحد الذي يمتد من الخليج إلى المحيط.
· كما يرون أن الحدود بين أجزاء هذا الوطن هي حدود طارئة، ينبغي أن تزول وينبغي أن تكون للعرب دولة واحدة، وحكومة واحدة، تقوم على أساس من الفكر العلماني.
· يدعو الفكر القومي إلى تحرير الإنسان العربي من الخرافات والغيبيات والأديان كما يزعمون.
ـ لذلك يتبنى شعار: (الدين لله والوطن للجميع). والهدف من هذا الشعار، إقصاء الإسلام عن أن يكون له أي وجود فعلي من ناحية، وجعل أخوة الوطن مقدمة على أخوة الدين من ناحية أخرى.
ـ يرى الفكر القومي أن الأديان و الأقليات والتقاليد المتوارثة عقبات ينبغي التخلص منها من أجل بناء مستقبل الأمة.
ـ يقول عدد من قادة هذا الفكر: نحن عرب قبل عيسى وموسى ومحمد عليهم الصلاة و السلام.
· ويقرر الفكر القومي أن الوحدة العربية حقيقة، أما الوحدة الإسلامية فهي حلم.
ـ وأن فكرة القومية العربية من التيارات الطبيعية التي تنبع من أغوار الطبيعة الاجتماعية، لا من الآراء الاصطناعية التي يستطيع أن يبدعها الأفراد.
ـ كثيراً ما يتمثل دعاة الفكر القومي بقول الشاعر القروي:
هبوني عيداً يجعل العرب أمةً وسيروا بجثماني على دين بَرْهَمِ
سلام على كفرٍ يوحِّد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ
ـ يقول بعض دعاة الفكر القومي: إن العبقرية العربية عبرت عن نفسها بأشكال شتى، فمثلاً عبرت ذات مرة عن نفسها بشريعة حمورابي، ومرة أخرى بالشعر الجاهلي، وثالثة بالإسلام.
ـ وقال أحد مشاهيرهم: لقد كان محمد كل العرب، فليكن كل العرب محمداً.
· يرى دعاة الفكر القومي أن من الإجرام أن يتخلى العربي عن قوميته، ويتجاوزها إلى الإيمان بفكرة عالمية أو أممية، مع أن إبعاد الإسلام عن معترك حياة العرب ينهي وجودهم.
· يقول بعض مفكري القومية العربية: إذا كان لكل عصر نبوته المقدسة، فإن القومية العربية نبوة هذا العصر.
ـ ويقول بعضهم الآخر: إن العروبة هي ديننا نحن العرب المؤمنين العريقين من مسلمين ومسيحيين، لأنها وجدت قبل الإسلام وقبل المسيحية، ويجب أن نغار عليها كما يغار المسلمون على قرآن النبي والمسيحيون على إنجيل المسيح .
· ويقرر بعضهم الآخر أن المرحلة القومية في حياة الأمة، مرحلة حتمية ، وهي أخر مراحل التطور كما أنها أعلى درجات التفكير الإنساني.
الجذور الفكرية والعقائدية:
· الدعوة القومية التي ظهرت في أوروبا وتأسست بتأثيرها دول مثل إيطاليا وألمانيا.
· يظهر الواقع أن الاستعمار هو الذي شجع الفكر القومي وعمل على نشره بين المسلمين حتى تصبح القومية بديلاً عن الدين ، مما يؤدي إلى انهيار عقائدهم، ويعمل على تمزيقهم سياسيًّا حيث تثور العداوات المتوقعة بين الشعوب المختلفة.
· يلاحظ نشاط نصارى بلاد الشام وخاصة لبنان، في الدعوة إلى الفكر القومي أيام الدولة العثمانية، وذلك لأن هذا الفكر يعمق العداوة مع الدولة العثمانية المسلمة التي يكرهونها، وينبه في العرب جانباً من شخصيتهم غير الدينية، مما يبعد بهم عن العثمانيين.
· من بعض الجوانب يمكن أن يعد ظهور الفكر القومي العربي رد فعل للفكر القومي التركي الطوراني .
الانتشار ومواقع النفوذ:
· يوجد كثير من الشباب العربي ومن المفكرين العرب الذين يحملون هذا الفكر، كما توجد عدة أحزاب قومية منتشرة في البلاد العربية مثل حركة الوحدة الشعبية في تونس، وحزب البعث بشقيه في العراق وسوريا، وبقايا الناصريين في مصر وبلاد الشام، وفي ليبيا.
· كثير من الحكام يتبارون في ادعاء القومية وكل منهم يفتخر بأنه رائد القومية العربية ويدعي أنه الأجدر بزعامتها !
· يلاحظ أن الفكر القومي الآن هو في حالة تراجع وانحسار.
-----------------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ القومية العربية تاريخها وقوامها، مصطفى الشهابي.
ـ اللغة والأدب وعلاقتهما بالقومية، ساطع الحصري.
ـ العروبة أولاً، ساطع الحصري.
ـ الإقليمية جذورها وبذورها، ساطع الحصري.
ـ قضية العرب، علي ناصر.
ـ القومية العربية، د. أبو الفتوح رضوان.
ـ أرض العروبة، عبد الحي حسن العمراني.
ـ بين الدعوة القومية والرابطة الإسلامية، أبو الأعلى المودودي.
ـ تطور المفهوم القومي عند العرب، أنيس صائغ.
ـ حقيقة القومية العربية، محمد الغزالي.
ـ دراسات تاريخية عن أصل العرب وحضارتهم الإنسانية، د. محمد معروف الدواليبي.
ـ الشعوبية الجديدة، محمد مصطفى رمضان.
ـ محنة القومية العربية، أركان عبادي.
ـ معنى القومية العربية، جورج حنا.
ـ نشوء القومية العربية، زين نور الدين زين.
ـ نقد القومية العربية، الشيخ عبد العزيز بن باز.
ـ يقظة العرب، ترجمة د. ناصر الدين الأسد، د. إحسان عباس.
ـ فكرة القومية العربية على ضوء الإسلام، صالح بن عبد الله العبود.
ـ نشأة الحركة العربية الحديثة، محمد عزة دروزة.
ـ حول القومية العربية، عبد المجيد عبد الرحيم.
--------------------------
المصدر / الموسوعة الميسرة من موقع صيد الفوائد
القاديانية
التعريف :
القاديانية دين مُخْتَرَعٌ جديد، ظهر أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بقاديان، إحدى قرى البنجاب الهندية، وحظي بمباركة ورعاية الاحتلال الإنجليزي.
المؤسس : ميرزا غلام أحمد القادياني المولود سنة 1265هـ بقاديان.
وقد بدأ ميرزا نشاطه كداعية إسلامي، ثم ادعى أنه مجدد ومُلْهَم من الله، ثم تدرج درجة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود، يقول في ذلك: " إن المسلمين والنصارى يعتقدون باختلاف يسير أن المسيح ابن مريم قد رفع إلى السماء بجسده العنصري، وأنه سينزل من السماء في عصر من العصور، وقد أثبتُّ في كتابي أنها عقيدة خاطئة، وقد شرحت أنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح بل هو إعلام عن طريق الاستعارة بقدوم مثيل المسيح، وأن هذا العاجز - يعني نفسه - هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام"!!.
ثم انتقل من دعوى المثيل والشبيه بالمسيح عليه السلام إلى دعوى أنه المسيح نفسه، فقال :" وهذا هو عيسى المرتقب ،وليس المراد بمريم وعيسى في العبارات الإلهامية إلا أنا " ، ولما كان المسيح نبيا يوحى إليه، فقد ادعى ميرزا أنه يوحى إليه، وكتب قرآنا لنفسه سماه " الكتاب المبين " يقول : " أنا على بصيرة من رب وهّاب، بعثني الله على رأس المائة، لأجدد الدين وأنور وجه الملة وأكسر الصليب وأطفيء نار النصرانية، وأقيم سنة خير البرية، وأصلح ما فسد، وأروج ما كسد، وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، منَّ الله علي بالوحي والإلهام، وكلمني كما كلم الرسل الكرام".
ويبدو أن دعوى أنه المسيح لم تلق القبول المرجو، ولم تحقق الغرض المؤمل منها، فانتقل من دعوى أنه المسيح النبي إلى دعوى أنه محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الحقيقة المحمدية قد تجسدت فيه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بُعث مرة أخرى في شخص ميرزا غلام، يقول ميرزا : " إن الله أنزل محمدا صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في قاديان لينجز وعده "، وقال :" المسيح الموعود هو محمد رسول الله وقد جاء إلى الدنيا مرة أخرى لنشر الإسلام " ثم ادعى أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاتبعه من اتبعه من الدهماء والغوغاء وأهل الجهل والمصالح الدنيوية.
نماذج من تخليطه :
رغم تلك الدعاوى العريضة التي ادعاءها ميرزا لنفسه إلا أنه كان ساذجا فاحشا بذي اللسان، يكيل لخصومه أقذع الشتم والسب !!
أما وحيه الذي ادعاه لنفسه فقد كان خليطا من الآيات المتناثرة التي جمعها في مقاطع غير متجانسة تدل على قلة فقهه وفهمه للقرآن، وإليك نماذج من وحيه المزعوم، قال:" لقد ألهمت آنفا وأنا أعلق على هذه الحاشية، وذلك في شهر مارس 1882م ما نصه حرفيا : " يا أحمد بارك الله فيك، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . الرحمن علم القرآن، لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين، قل إني أمرت وأنا أول المؤمنين ، قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .. إلخ " ويقول أيضا :" ووالله إنه ظل فصاحة القرآن ليكون آية لقوم يتدبرون . أتقولون سارق فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون " !!
وأما نبوءاته فما أكثرها وما أسرع تحققها لكن بخلاف ما أنبأ وأخبر، فمن ذلك أنه ناظر نصرانيا فأفحمه النصراني، ولما لم يستطع ميرزا إجابته غضب على النصراني، وأراد أن يمحو عار هزيمته، فادعى أن النصراني يموت - إن لم يتب - بعد خمسة عشر شهرا حسب ما أوحى الله إليه، وجاء الموعد المضروب ولم يمت النصراني، فادعى القاديانيون أن النصراني تاب وأناب إلا أن النصراني عندما سمع تلك الدعوى كتب يكذبهم ويفتخر بمسيحيته!!
ومن ذلك زعمه: أن الطاعون لا يدخل بلده قاديان ما دام فيها، ولو دام الطاعون سبعين سنة، فكذبه الله فدخل الطاعون قاديان وفتك بأهلها وكانت وفاته به، وهو الذي قال " وآية له أن الله بشره بأن الطاعون لا يدخل داره، وأن الزلازل لا تهلكه وأنصاره، ويدفع الله عن بيته شرهما ".
عقائد القاديانية :
1. يعتقد القاديانية بتناسخ الأرواح: حيث زعم ميرزا أن إبراهيم عليه السلام ولد بعد ألفين وخمسين سنة في بيت عبدالله بن عبدالمطلب متجسدا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بُعث النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أخريين أحدهما عندما حلت الحقيقة المحمدية في المتبع الكامل يعني نفسه.
2. يعتقدون أن الله يصوم ويصلي وينام ويخطيء، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، يقول ميرزا: " قال لي الله : إني أصلي وأصوم وأصحو وأنام " وقال :" قال الله : إني مع الرسول أجيب أخطيء وأصيب إني مع الرسول محيط ".
3. يعتقدون أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية، وأن الله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعاً!! وأن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد بالوحي، وأن إلهاماته كالقرآن .
4. يقولون: لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام )، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعليماته، ولا نبي إلا تحت سيادة "غلام أحمد"، ويعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين، وهو غير القرآن الكريم !!
5. يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل، وشريعة مستقلة، وأن رفاق الغلام كالصحابة،كما جاء في صحيفتهم "الفضل، عدد 92 " : " لم يكن فرق بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلاميذ الميرزا غلام أحمد، إن أولئك رجال البعثة الأولى وهؤلاء رجال البعثة الثانية ".
6. يعتقدون أن الحج الأكبر هو الحج إلى قاديان وزيارة قبر القادياني، ونصوا على أن الأماكن المقدسة ثلاثة مكة والمدينة وقاديان ، فقد جاء في صحيفتهم:" أن الحج إلى مكة بغير الحج إلى قاديان حج جاف خشيب، لأن الحج إلى مكة لا يؤدي رسالته ولا يفي بغرضه " .
7. يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات !!
8. كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل القاديانية: كما أن من تزوج أو زوَّج لغير القاديانيين فهو كافر !!.
9. ينادون بإلغاء الجهاد، ووجوب الطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية التي كانت تحتل الهند آنذاك، لأنها - وفق زعمهم - ولي أمر المسلمين!!
10 يعتقد القادياني بأن إلهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية !!
بعض زعماء القاديانية :
• الحكيم نور الدين البهريري : وهو أبرز شخصية بعد (الغلام) والخليفة من بعده ، ولد سنة 1258هـ تعلم الفارسية ومباديء العربية .
• محمود أحمد بن غلام أحمد: الخليفة الثاني للقاديانيين، تولى الزعامة بعد وفاة الحكيم نور الدين، وأعلن أنه خليفة لجميع أهل الأرض، حيث قال: " أنا لست فقط خليفة القاديانية، ولا خليفة الهند، بل أنا خليفة المسيح الموعود، فإذا أنا خليفة لأفغانستان والعالم العربي وإيران والصين واليابان وأوربا وأمريكا وأفريقيا وسماترا وجاوا، وحتى أنا خليفة لبريطانيا أيضا وسلطاني محيط جميع قارات العالم ".
• الخواجة كمال الدين: كان يدّعي أنه مثل غلام أحمد في التجديد والإصلاح، وقد جمع كثيرا من الأموال، وذهب إلى إنجلترا للدعوة إلى القاديانية، ولكنه مال للَّذات والشهوات وبناء البيوت الفاخرة.
موقف علماء الإسلام من القاديانية :
لقد تصدى علماء الإسلام لهذه الحركة، وممن تصدى لهم الشيخ أبو الوفاء ثناء الله أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند، حيث ناظر "ميرزا غلام" وأفحمه بالحجة، وكشف خبث طويته، وكُفْر وانحراف نحلته. ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبو الوفا على أن يموت الكاذب منهما في حياة الصادق، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك "الميرزا غلام أحمد القادياني" في عام 1908م، مخلفاً أكثر من خمسين كتاباً ونشرة ومقالاً كلها تدعوا إلى ضلالاته وانحرافاته.
وقام مجلس الأمة في باكستان ( البرلمان المركزي ) بمناقشة أحد زعماء هذه الطائفة "ميرزا ناصر أحمد" والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله . وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة عجز فيها "ناصر أحمد" عن الجواب وانكشف النقاب عن كفر هذه الطائفة، فأصدر المجلس قراراً باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة.
وفي شهر ربيع الأول عام 1394هـ الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام، وطالب المسلمين بمقاومة خطرها وعدم التعامل معها، وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .
وقد صدرت فتاوى متعددة من عدد من المجامع والهيئات الشرعية في العالم الإسلامي، تقضي بكفر القاديانية، منها المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، هذا عدا ما صدر من فتاوى علماء مصر والشام والمغرب والهند وغيرها .
وقفة مع القاديانية
كثيرة هي الأشياء التي تستدعي الانتباه في ظاهرة القاديانية، لكن ما نراه جديرا بالملاحظة وحريا بالاهتمام هو البحث في جذور نشأة تلك الحركات، وكيف وجدت في البيئة الإسلامية تربة خصبة لنشر أفكارها، مع أنها حركة في لبِّها وحقيقتها وفي ظاهرها وعلانيتها مناقضة لثوابت الدين، مصادمة لحقيقته، فالأمة مجمعة إجماعا قطعيا يقينيا على أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وكل دعوى النبوة بعده فهي ضلال وهوى، هذا غير بدعهم الكفرية الأخرى .
والسؤال الذي يرد هنا، هو كيف أصبح لهؤلاء أتباعاً من المسلمين ؟ ولعل الجواب على هذا السؤال - رغم أهميته - لا يحتاج إلى كبير عناء، فالجهل هو السبب الرئيس وراء اتباع مثل هذه الحركات، ووراءه كذلك تقصير مرير من علماء الأمة وطلبة العلم فيها عن واجب البلاغ، حفظا للدين وقمعا لدعوات البدع والضلال والردة .
وعليه فالعلاج – كما هو واضح - يتركز في نشر العلم وتبليغ الدين، وعدم إهمال أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي، ولو كانت في أطراف الدنيا، حفظا للدين وحتى تسلم الأمة من أمثال هذه البدع المهلكة .
العلمانية
التعريف:
العلمانية SECULArISM وترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين. وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم SCIENCE وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لا دينية.
ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة . وهذا واضح فيما يُنسب إلى السيد المسيح من قوله: "إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". أما الإسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام : آية: 162].
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· انتشرت هذه الدعوة في أوروبا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي. وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة الفرنسية سنة 1789م وبعدها إلى انتشارها الواسع وتبلور منهجها وأفكارها وقد تطورت الأحداث وفق الترتيب التالي:
- تحول رجال الدين إلى طواغيت ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الإكليروس والرهبانية والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران.
- وقوف الكنيسة ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيلها لمحاكم التفتيش واتهام العلماء بالهرطقة، مثل:
1- كوبرنيكوس: نشر سنة 1543م كتاب حركات الأجرام السماوية وقد حرمت الكنيسة هذا الكتاب.
2- جرادانو: صنع التلسكوب فعُذب عذاباً شديداً وعمره سبعون سنة وتوفي سنة 1642م.
3- سبينوزا: صاحب مدرسة النقد التاريخي وقد كان مصيره الموت مسلولاً.
4- جون لوك طالب بإخضاع الوحي للعقل عند التعارض.
ظهور مبدأ العقل والطبيعة: فقد أخذ العلمانيون يدعون إلى تحرر العقل وإضفاء صفات الإله على الطبيعة.
- الثورة الفرنسية: نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة من جهة وبين الحركة الجديدة من جهة أخرى، كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب. وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم.
- جان جاك روسو سنة 1778م له كتاب العقد الاجتماعي الذي يعد إنجيل الثورة، مونتسكيو له روح القوانين، سبينوزا (يهودي) يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجاً للحياة والسلوك وله رسالة في اللاهوت والسياسة، فولتير صاحب القانون الطبيعي كانت له الدين في حدود العقل وحده سنة 1804م، وليم جودين 1793م له العدالة السياسية ودعوته فيه دعوة علمانية صريحة.
- ميرابو الذي يعد خطيب وزعيم وفيلسوف الثورة الفرنسية.
- سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها إلى (الحرية والمساواة والإخاء) وهو شعار ماسوني و"لتسقط الرجعية" وهي كلمة ملتوية تعني الدين وقد تغلغل اليهود بهذا الشعار لكسر الحواجز بينهم وبين أجهزة الدولة وإذابة الفوارق الدينية وتحولت الثورة من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه.
- نظرية التطور: ظهر كتاب أصل الأنواع سنة 1859م لتشارلز دارون الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها. وهذه النظرية أدت إلى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد وقد استغل اليهود هذه النظرية بدهاء وخبث.
- ظهور نيتشة: وفلسفته التي تزعم بأن الإله قد مات وأن الإنسان الأعلى (السوبر مان) ينبغي أن يحل محله.
- دور كايم (اليهودي) : جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظرية العقل الجمعي.
- فرويد (اليهودي) : اعتمد الدافع الجنسي مفسراً لكل الظواهر. والإنسان في نظره حيوان جنسي.
- كارل ماركس (اليهودي): صاحب التفسير المادي للتاريخ الذي يؤمن بالتطور الحتمي وهو داعية الشيوعية ومؤسسها الأول الذي اعتبر الدين أفيون الشعوب.
- جان بول سارتر: في الوجودية وكولن ولسون في اللامنتمي : يدعوان إلى الوجودية والإلحاد.
- الاتجاهات العلمانية في العالم العربي والإسلامي نذكر نماذج منها:
1- في مصر: دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت. وقد أشار إليها الجبرتي في تاريخه – الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر وأحداثها – بعبارات تدور حول معنى العلمانية وإن لم تذكر اللفظة صراحة. أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية فهو نصراني يُدعى إلياس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة 1827م. وأدخل الخديوي إسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883م، وكان هذا الخديوي مفتوناً بالغرب، وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا.
2- الهند: حتى سنة 1791م كانت الأحكام وفق الشريعة الإسلامية ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة بتدبير الإنجليز وانتهت تماماً في أواسط القرن التاسع عشر.
3- الجزائر: إلغاء الشريعة الإسلامية عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830م.
4- تونس : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906م.
5- المغرب : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م.
6- تركيا: لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك، وإن كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة.
7- العراق والشام: ألغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيهما.
8- معظم أفريقيا: فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الاستعمار.
9- أندونيسيا ومعظم بلاد جنوب شرقي آسيا: دول علمانية.
10- انتشار الأحزاب العلمانية والنزعات القومية: حزب البعث، الحزب القومي السوري، النزعة الفرعونية، النزعة الطورانية، القومية العربية.
11- من أشهر دعاة العلمانية في العالم العربي والإسلامي: أحمد لطفي السيد، إسماعيل مظهر، قاسم أمين، طه حسين، عبدالعزيز فهمي، ميشيل عفلق، أنطون سعادة، سوكارنو، سوهارتو، نهرو ، مصطفى كمال أتاتورك، جمال عبد الناصر، أنور السادات صاحب شعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، د. فؤاد زكريا. د. فرج فودة وقد اغتيل بالقاهرة مؤخراً، وغيرهم.
الأفكار والمعتقدات :
· بعض العلمانيين ينكرون وجود الله أصلاً.
- وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان.
· الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب.
· إقامة حاجز سميك بين عالمي الروح والمادة، والقيم الروحية لديهم قيم سلبية.
- فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي.
- تطبيق مبدأ النفعية Pragmatism على كل شيء في الحياة.
- اعتماد مبدأ الميكيافيلية في فلسفة الحكم والسياسة والأخلاق.
- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الإجتماعية.
- أما معتقدات العلمانية في العالم الإسلامي والعربي التي انتشرت بفضل الاستعمار والتبشير فهي:
- الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة.
- الزعم بأن الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
- الزعم بأن الفقه الإسلامي مأخوذ عن القانون الروماني.
- الزعم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف.
- الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي.
- تشويه الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح.
- إحياء الحضارات القديمة.
- اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن الغرب ومحاكاته فيها.
- تربية الأجيال تربية لا دينية.
· إذا كان هناك عذر ما لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي لا ينزعج كثيراً ولا قليلاً لأنه لا يعطل قانوناً فرضه عليه دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجاً للحياة، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الاحتكام إلى شرع الله. ومن ناحية أخرى فإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقى الدين النصراني قائماً في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوشها من الرهبان والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فإن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية له ولا كهنوت ولا أكليروس، وصدق الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حين قال: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
الجذور الفكرية والعقائدية:
· العداء المطلق للكنيسة أولاً، وللدين ثانياً أيًّا كان، سواء وقف إلى جانب العلم أم عاداه.
· لليهود دور بارز في ترسيخ العلمانية من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلاً بينهم وبين أمم الأرض.
· يقول ألفرد هوايت هيو: "ما من مسألة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين" وهذا القول إن صح بين العلم واللاهوت في أوروبا فهو قول مردود ولا يصح بحال فيما يخص الإسلام حيث لا تعارض إطلاقاً بين الإسلام وبين حقائق العلم، ولم يقم بينهما أي صراع كما حدث في النصرانية. وقد نقل عن أحد الصحابة قوله عن الإسلام: "ما أمر بشيء، فقال العقل: ليته نهى عنه، ولانهى عن شيء، فقال العقل: ليته أمر به". وهذا القول تصدقه الحقائق العلمية والموضوعية وقد أذعن لذلك صفوة من علماء الغرب وأفصحوا عن إعجابهم وتصديقهم لتلك الحقيقة في مئات النصوص الصادرة عنهم.
- تعميم نظرية (العداء بين العلم من جهة والدين من جهة) لتشمل الدين الإسلامي على الرغم من أن الدين الإسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة والعلم بل كان الإسلام سباقاً إلى تطبيق المنهج التجريبي ونشر العلوم.
· إنكار الآخرة وعدم العمل لها واليقين بأن الحياة الدنيا هي المجال الوحيد للمتع والملذات.
· لماذا يرفض الإسلام العلمانية:
- لأنها تغفل طبيعة الإنسان البشرية باعتباره مكوناً من جسم وروح فتهتم بمطالب جسمه ولاتلقي اعتباراً لأشواق روحه.
- لأنها نبتت في البيئة الغربية وفقاً لظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية وتعتبر فكراً غريباً في بيئتنا الشرقية.
- لأنها تفصل الدين عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية والقومية والحزبية والطائفية.
- لأنها تفسح المجال لانتشار الإلحاد وعدم الإنتماء والاغتراب والتفسخ والفساد والانحلال.
- لأنها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب، فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين وندوس على أخلاقيات المجتمع ونفتح الأبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة، وتبيح التعامل بالربا وتعلي من قدر الفن للفن، ويسعى كل إنسان لإسعاد نفسه ولو على حساب غيره.
- لأنها تنقل إلينا أمراض المجتمع الغربي من إنكار الحساب في اليوم الآخر ومن ثم تسعى لأن يعيش الإنسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني، مهيجة للغرائز الدنيوية كالطمع والمنفعة وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدماً.
- مع ظهور العلمانية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب والمشاهدة وتُهمل أمور الغيب من إيمان بالله والبعث والثواب والعقاب، وينشأ بذلك مجتمع غايته متاع الحياة وكل لهو رخيص.
الانتشار ومواقع النفوذ :
· بدأت العلمانية في أوروبا وصار لها وجود سياسي مع ميلاد الثورة الفرنسية سنة 1789م. وقد عمت أوروبا في القرن التاسع عشر وانتقلت لتشمل معظم دول العالم في السياسة والحكم في القرن العشرين بتأثير الاستعمار والتبشر.
يتضح مما سبق:
· أن العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل بعيداً عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتعبير عنه إلاَّ في أضيق الحدود. وعلى ذلك فإن الذي يؤمن بالعلمانية بديلاً عن الدين ولا يقبل تحكيم الشرعية الإسلامية في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتداً ولا ينتمي إلى الإسلام. والواجب إقامة الحجة عليه واستتابته حتى يدخل في حظيرة الإسلام وإلا جرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة.
---------------------------------------------
مراجع للتوسع :
- جاهلية القرن العشرين، محمد قطب.
- المستقبل لهذا الدين، سيد قطب.
- تهافت العلمانية، عماد الدين خليل.
- الإسلام والحضارة الغربية، محمد محمد حسين.
- العلمانية، سفر بن عبد الرحمن الحوالي.
- تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، محمد عبدالله عنان.
- الإسلام ومشكلات الحضارة، سيد قطب.
- الغارة على العالم الإسلامي، ترجمة محب الدين الخطيب ومساعد اليافي.
- الفكر الإسلامي في مواجهة الأفكار الغربية، محمد المبارك.
- الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، محمد البهي.
- الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه، د. يوسف القرضاوي.
- العلمانية: النشأة والأثر في الشرق والغرب، زكريا فايد.
- وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية للخروج من دائرة الكفر الاعتقادي، د. محمد شتا أبو سعد، القاهرة، 1413هـ.
- جذور العلمانية، د. السيد أحمد فرج دار الوفاء المنصورة 1990م.
- علماني وعلمانية، د. السيد أحمد فرج – بحث ضمن المعجمية الدولية بتونس 1986م.
------------------
المصدر / الموسوعة الميسرة من موقع صيد الفوائد
الصوفيــة
حركة التصوف انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة , ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لاعن طريق اتباع الوسائل الشرعية ، ولذا جنحوا في المسار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية والفارسية واليونانية المختلفة .
سبب التسمية
اختلف العلماء في نسبة الاشتقاق على أقوال أرجحها :
ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وطائفة كبيرة من العلماء من أنها نسبة إلى الصوف حيث كان شعار رهبان أهل الكتاب الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية .
بداية الانحراف
كدأب أي انحراف يبدأ صغيراً ، ثم ما يلبث إلا أن يتسع مع مرور الأيام فقد تطور مفهوم الزهد في الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على أيدي كبار الزهاد أمثال : إبراهيم بن ادهم ، مالك بن دينار ، وبشر الحافي وغيرهم إلى مفهوم لم يكن موجوداً عند الزهاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام ، وتحريم تناول اللحوم ، والسياحة في البراري والصحاري ، وترك الزواج . يقول مالك بن دينار : (( لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ، ويأوي إلى مزابل الكلاب )) . وذلك دون سند من قدوة سابقة أو نص كتاب أو سنة ، ولكن مما يجدر التنبيه عليه أنه قد نُسب إلى هؤلاء الزهاد من الأقوال المرذولة والشطحات المستنكرة ما لم يثبت عنهم بشكل قاطع كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية .
* ومنذ ذلك العهد أخذ التصوف عدة أطوار أهمها :
- البداية والظهور : ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس ، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة ، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب
* طلائع الصوفية :
ظهر في القرنين الثالث والرابع الهجري ثلاث طبقات من المنتسبين إلى التصوف وهي :
- الطبقة الأولى :
كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة ، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف ، وإن كان ورد عن بعضهم ـ مثل الجنيد ـ بعض العبارات التي عدها العلماء من الشطحات ، ومن أشهر رموز هذا التيار :
- الجنيد : هو أبو القاسم الخراز المتوفى 298هـ يلقبه الصوفية بسيد الطائفة
- ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة كثر الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونساك أهل الكتاب حيث حدث الالتقاء ببعضهم ، مما زاد في البعد عن سمت الصحابة وأئمة التابعين . ونتج عن ذلك اتخاذ دور للعبادة غير المساجد ، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم مما سبب العداء الشديد بينهم وبين الفقهاء ، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض المقولات الكلامية . وفي هذه الفترة ظهرت لهم تصانيف كثيرة
- ومن أهم هذه السمات المميزة لمذاهب التصوف والقاسم المشترك للمنهج المميز بينهم في تناول العبادة وغيرها مايسمونه (( الذوق )) والذي أدى إلى اتساع الخرق عليهم مما سهل على اندثار هذه الطبقة وزيادة انتشار الطبقة الثانية التي زاد غلوها وانحرافها .
- الطبقة الثانية : خلطت الزهد بعبارات الباطنية ، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري ، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات : الوحدة ، والفناء ، والاتحاد ، والحلول ، والسكر ، والصحو ، والكشف ، والبقاء ، والمريد ، والعارف ، والأحوال ، والمقامات ، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة ، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن ، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم ، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية ، مما زاد في انحرافها ، فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف حتى الآن .
- ومن أهم أعلام هذه الطبقة : أبواليزيد البسطامي ت263هـ ، ذوالنون المصري ت245هـ ، الحلاج ت309هـ ، أبوسعيد الخزار 277 ـ 286هـ ، الحكيم الترمذي ت320هـ ، أبوبكر الشبلي 334هـ
- الطبقة الثالثة :
وفيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية ، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود موافقة لقول الفلاسفة ، كما أثرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي . وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف والتي تعدت مرحلة البدع العملية إلى البدع العلمية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية . ومن أشهر رموز هذه الطبقة : الحلاج ت309هـ ، السهروردي 587هـ ، ابن عربي ت638هـ ، ابن الفارض 632هـ ، ابن سبعين ت 667 هـ .
- الحـلاج : أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج 244 ـ 309هـ ولد بفارس حفيداً لرجل زرادشتي ، ونشأ في واسط بالعراق ، وهو أشهر الحلوليين والاتحاديين، رمي بالكفر وقتل مصلوباً لتهم أربع وُجهت إليه : 1ـ اتصاله بالقرامطة . 2ـ قوله (( أنا الحق )) . 3ـ اعتقاد أتباعه ألوهيته . 4ـ قوله في الحج ، حيث يرى أن الحج إلى البيت الحرام ليس من الفرائض الواجب أداؤها .
- يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي ، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبدالقادر الجيلاني ، المتوفى سنة 561ه* نسب إليه أتباعه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب ، وإحياء الموتى ، وتصرفه في الكون حياً أو ميتاً ، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة . ومن هذه الأقوال أنه قال مرة في أحد مجالسه : (( قدمي هذه على رقبة كل ولي لله )) ، وكان يقول : (( من استغاث بي في كربة كشفت عنه ، ومن ناداني في شدة فرجت عنه ، ومن توسل بي في حاجة قضيت له )) ، ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الشرك وادعاء الربوبية .
- يقول السيد محمد رشيد رضا : (( يُنقل عن الشيخ الجيلاني من الكرامات وخوارق العادات مالم ينقل عن غيره ، والنقاد من أهل الرواية لا يحفلون بهذه النقول إذ لا أسانيد لها يحتج بها )) [دائرة المعارف الإسلامية11/171] .
- كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي ت 540ه* ويطلق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق ، وينسج حوله كتَّاب الصوفية - كدأبهم مع من ينتسبون إليهم - الأساطير والخرافات ، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية . ومن هذه الأقوال : (( كان قطب الأقطاب في الأرض ، ثم انتقل إلى قطبية السماوات ، ثم صارت السماوات السبع في رجله كالخلخال )) [طبقات الشعراني ص141 ، قلادة الجواهرص42] .
-وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة السهروردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587ه* ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه* ، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر ، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة والتعطيل والقول بالفلسفة الاشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضراً بكفره وزندقته فأمر بقتله ردة ، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض أو الظهور المستمر .
- في القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي الطائي الأندلسي أحد رؤوس الصوفية حتى لُقب بالشيخ الأكبر , أعاد ابن عربي ، وابن الفارض ، وابن سبعين ، عقيدة الحلاج ، وذي النون المصري ، والسهروردي .
- محيي الدين ابن عربي : الملقب بالشيخ الكبر 560-638ه* رئيس مدرسة وحدة الوجود ، يعتبر نفسه خاتم الأولياء , طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله
- أبو الحسن الشاذلي 593-656ه* : صاحب ابن عربي , من أشهر تلاميذ مدرسة أبي الحسن الشاذلي ت656ه* أبوالعباس ت686ه* ، وإبراهيم الدسوقي ، وأحمد البدوي ت675ه* .
- وفي القرن السابع ظهر أيضاً جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولوية بتركيا ت672ه* . ·
أصبح القرن الثامن والتاسع الهجري ما هو إلا تفريع وشرح لكتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما ، ولم تظهر فيه نظريات جديدة في التصوف .
وفي القرن التاسع ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية ت791ه .
وكذلك القرن العاشر ماكان إلا شرحاً أو دفاعاً عن كتب ابن عربي ، فزاد الاهتمام فيه بتراجم أعلام التصوف ، والتي اتسمت بالمبالغة الشديدة .
- وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية ، وانتشرت الفوضى بينهم وبدأت مرحلة الدراويش .
- ومن أهم ماتتميز* به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة ، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية ، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء ، كما ظهرت فيها التنظيمات والتشريعات المنظمة للطرق تحت مجلس وإدارة واحدة الذي بدأ بفرمان أصدره محمد علي باشا والي مصر يقضي بتعيين محمد البكري خلفاً لوالده شيخاً للسجادة البكرية وتفويضه في الإشراف على جميع الطرق والتكايا والزوايا والمساجد التي بها أضرحة كما له الحق في وضع مناهج التعليم التي تعطى فيها . وذلك كله في محاولة لتقويض سلطة شيخ الأزهر وعلمائه ، وقد تطورت نظمه وتشريعاته ليعرف فيما بعد بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر .
ومن أشهر رموز هذه القرون المتأخرة : - عبدالغني النابلسي 1050-1287ه* , أبوالسعود البكري المتوفى 1812م , أبوالهدى الصيادي الرفاعي 1220-1287ه* ,عمر الفوتي الطوري السنغالي الأزهري التيجاني ت 1281ه* , محمد عثمان الميرغني ت1268ه* , أبوالفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني ، فقيه متفلسف ، من أهل فاس بالمغرب ، أسس الطريقة الكتانية 1290-1327ه* ، انتقد عليه علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى فساد الاعتقاد ., أحمد التيجاني ت1230ه*
مصادر التلقي عند الصوفية
- الكشف : ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف ، بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور منها :
1- النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو مناماً .
2- الخضر عليه الصلاة السلام : قد كثرت حكايتهم عن لقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية ، وكذلك الأوراد ، والأذكار والمناقب .
3- الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله تعالى.
4- الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها .
5- الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس ، سواء كان مناماً أو يقظةً أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .
6- الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والاتيان منها بشتى العلوم والأسرار .
7- الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر .
8- الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .
- التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين .
الأفكار والمعتقدات
- تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد بتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :
- يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته .
- والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : (( خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله )) . ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خُلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه . ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة .
- وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويتصرف في الكون . ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير . ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواءً كان في حياتهم أو بعد مماتهم .
وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : (( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً )) [الجن :21] .
- يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار .
- التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً .
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .
- لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .
- يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام ، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال : ((وعلمناه من لدنا علماً )) .
- شطحات الصوفية :
سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
- يقول بعضهم بارتفاع التكاليف - إسقاط التكاليف - عن الولي ، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك.
- يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث والغياث ) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437 : (( فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل )) .
- لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر ، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفرداً ، وعند الشاذلية لا إله إلا الله ، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي ، وبعضهم يقول : هو هو ، بلفظ الضمير . وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص 229 : (( وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له ، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين ، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات ، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد )) .
ويقول في ص 228 أيضاً : (( من قال : ياهو ياهو ، أو هو هو ، ونحو ذلك ، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى مايصوره القلب ، والقلب قد يهتدي وقد يضل )) .
- قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494 : (( وأما كشف الرؤوس ، وتفتيل الشعر ، وحمل الحيات ، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين ، ولامن الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا شيوخ المسلمين ، ولا من المتقدمين ، ولا من المتأخرين ، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة )) .
- ويقول أيضاً في ص 504 : (( وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى )) .
- وفي ص 506 من نفس الكتاب : (( وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه ))
- ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضاً : (( وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن ، ونظرهم إلى الزينة الباطنة ، فهذا حرام باتفاق المسلمين ، ومن جعل ذلك من الدين فهو من إخوان الشياطين )) .
* من أبرز المآخذ التي تؤخذ على الصوفية مايلي :
1- الحلول والاتحاد. 2- وحدة الوجود. 3 - الشرك في توحيد الألوهية وذلك بصرف بعض أنواع العبادة لغير الله تعالى 4 - الشرك في توحيد الربوبية وذلك باعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب . . 5 - الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم . 6- الغلو في الأولياء . 7- الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة .
7- يتساهل بعض الصوفية في التزام أحكام الشرع .
8- طاعة المشايخ والخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم .
9- تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم .
- لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام .
أماكن الإنتشار
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
- تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مُثبِّط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي .
الأحباش
طائفة ضالة تنسب إلى عبد الله الحبشي ، ظهرت حديثاً في لبنان مستغلة ما خلفته الحروب الأهلية اللبنانية من الجهل والفقر والدعوة إلى إحياء مناهج أهل الكلام والصوفية والباطنية بهدف إفساد العقيدة وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
التأسيس وأبرز الشخصيات
· عبد الله الهرري الحبشي : هو عبد الله بن محمد الشيبي العبدري نسباً الهرري موطناً نسبة إلى مدينة هرر بالحبشة ، - منذ أن أتى لبنان وهو يعمل على بث الأحقاد والضغائن ونشر الفتن كما فعل في بلاده من قبل من نشره لعقيدته الفاسدة من شرك وترويج لمذاهب : الجهمية في تأويل صفات الله ، والإرجاء والجبر والتصوف والباطنية والرفض ، وسب للصحابة ، واتهام أم المؤمنين عائشة بعصيان أمر الله ، بالإضافة إلى فتاوى شاذة .
- نجح الحبشي مؤخراً في تخريج مجموعات كبيرة من المتبجحين والمتعصبين الذين لايرون مسلماً إلا من أعلن الإذعان والخضوع لعقيدة شيخهم مع ما تتضمنه من إرجاء في الإيمان وجبر في أفعال الله وجهمية واعتزال في صفات الله . فهم يطرقون بيوت الناس ويلحون عليهم بتعلم العقيدة الحبشية ويوزعون عليهم كتب شيخهم بالمجان .
· نزار الحلبي : خليفة الحبشي ورئيس جمعية المشاريع الإسلامية ويطلقون عليه لقب ((سماحة الشيخ )) حيث يعدونه لمنصب دار الفتوى إذ كانوا يكتبون على جدران الطرق (( لا للمفتي حسن خالد الكافر ، نعم للمفتي نزار الحلبي )) وقد قتل مؤخراً .
· لديهم العديد من الشخصيات العامة مثل النائب البرلماني عدنان الطرابلسي ومرشحهم الآخر طه ناجي الذي حصل على 1700 صوتاً معظمهم من النصارى حيث وعدهم بالقضاء على الأصولية الإسلامية ، لكن لم يكتب له النجاح ، وحسام قرقيرا نائب رئيس جمعية المشاريع الإسلامية ، وكمال الحوت وعماد الدين حيدر وعبد الله البارودي
أهم العقائد
· يزعم الأحباش أنهم على مذهب الإمام الشافعي في الفقه والاعتقاد ولكنهم في الحقيقة أبعد ما يكونون عن مذهب الإمام الشافعي رحمه الله . فهم يُأولون صفات الله تعالى بلا ضابط شرعي فـيُـأولون الاستواء بالاستيلاء كالمعتزلة والجهمية .
· يزعم الحبشي القرآن عنده ليس كلام الله تعالى ، وإنما هو عبارة عن كلام جبريل ، كما في كتابه إظهار العقيدة السنية ص591 .
· الأحباش في مسألة الإيمان من المرجئة الجهمية الذين يؤخرون العمل عن الإيمان ويبقى الرجل عندهم مؤمناً وإن ترك الصلاة وسائر الأركان ، ( انظر الدليل القويم ص7 ، بغية الطالب ص51 ) .
- تبعاً لذلك يقللون من شأن التحاكم للقوانين الوضعية المناقضة لحكم الله تعالى فيقول الحبشي : (( ومن لم يحكم شرع الله في نفسه فلا يؤدي شيئاً من فرائض الله ولا يجتنب من المحرمات ، ولكنه قال ولو مرة في العمر : لا إله إلا الله فهذا مسلم مؤمن . ويقال له أيضاً مؤمن مذنب )) الدليل القويم 9-10 بغية الطالب 51 .
· الأحباش في القدر جبرية منحرفة ( النهج السليم 71 ) .
· يحث الأحباش الناس على التوجه إلى قبور الأموات والاستغاثة بهم وطلب قضاء الحوائج منهم ، لأنهم في زعمهم يخرجون من قبورهم لقضاء حوائج المستغيثين بهم ثم يعودون إليها ، كما يجيزون الاستعاذة بغير الله ويدعون للتبرك بالأحجار . ( الدليل القويم 173 ، بغية الطالب 8 ، صريح البيان 57 ، 62 ) . ( شريط خالد كنعان /ب / 70 ) .
· يرجح الأحباش الأحاديث الضعيفة والموضوعة بما يؤيد مذهبهم بينما يحكمون بضعف الكثير من الأحاديث الصحيحة التي لا تؤيد مذهبهم ويتجلى ذلك في كتاب المولد النبوي .
· يكثر الحبشي من سب الصحاب وخاصة معاوية بن أبي سفيان وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم . ويطعن في خالد بن الوليد وغيره ، ويقول إن الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ماتوا ميتة جاهلية . ويكثر من التحذير من تكفير سابِّ الصحابة ، لاسيما الشيخين إرضاءً للروافض . إظهار العقيدة السنية 182 .
· يعتقد الحبشي أن الله تعالى خلق الكون لا لحكمة وأرسل الرسل لا لحكمة وأن من ربط فعلاً من أفعال الله بالحكمة فهو مشرك .
· كفّر الحبشي العديد من العلماء فحكم على شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه كافر وجعل من أول الواجبات على المكلف أن يعتقد كفره ولذلك يحذر أشد التحذير من كتبه ، وكذا الإمام الذهبي فهو عنده خبيث ، كما يزعم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كافر ويرى أن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني كافر ، وكذلك الشيخ سيد سابق فيزعم أنه مجوسي كافر . انظر مجلة منار الهدى الحبشية عدد ( 3ص234 ) أما ابن عربي صاحب مذهب وحدة الوجود ونظرية الحلول والاتحاد والذي شهد العلماء بكفره فيعتبره الحبشي شيخ الإسلام . كما يدعو الحبشي إلى الطريقة النقشبندية والرفاعية والصوفية .
· وللحبشي العديد من الفتاوى الشاذة فهو يجيز أكل الربا ويجيز الصلاة متلبساً بالنجاسة . ( بغية الطالب 99 ) .
· أثار الأحباش في أمريكا وكندا فتنة تغيير القبلة حتى صارت لهم مساجد خاصة حيث حرفوا القبلة 90 درجة وصاروا يتوجهون إلى عكس قبلة المسلمين حيث يعتقدون أن الأرض نصف كروية على شكل نصف البرتقالة ، وفي لبنان يصلون في جماعات خاصة بهم بعد انتهاء جماعة المسجد ، كما اشتهر عنهم ضرب أئمة المساجد والتطاول عليهم وإلقاء الدروس في مساجدهم لنشر أفكارهم رغماً عنهم . ويعملون على إثارة الشغب في المساجد .
الجذور العقدائية
· مما سبق يتبين أن الجذور الفكرية والعقائدية للأحباش تتلخص في الآتي :
- المذهب الأشعري المتأخر في قضايا الصفات الذي يقترب من منهج الجهمية !!
- المرجئة والجهمية في قضايا الإيمان .
- الطرق الصوفية المنحرفة مثل الرفاعية والنقشيندية .
- عقيدة الجفر الباطنية .
- مجموعة من الأفكار والمناهج المنحرفة التي تجتمع على هدف الكيد للإسلام وتمزيق المسلمين . ولا يستبعد أن يكون الحبشي وأتباعه مدسوسين من قبل بعض القوى الخارجية لإحداث البلبلة والفرقة بين المسلمين كما فعل عبد القادر الصوفي ثم المرابطي في أسبانيا وبريطانيا وغيرها .
أماكن الانتشار
ينتشر الأحباش في لبنان بصورة تثير الريبة ، حيث انتشرت مدارسهم الضخمة وصارت حافلاتهم تملأ المدن وأبنية مدارسهم تفوق سعة المدارس الحكومية ، علاوة على الرواتب المغرية لمن ينضم إليهم ويعمل معهم وأصبح لهم إذاعة في لبنان تبث أفكارهم وتدعو إلى مذهبهم ، كما ينتشر أتباع الحبشي في أوروبا وأمريكا وقد أثاروا القلاقل في كندا واستراليا والسويد والدانمارك . كما أثاروا الفتن في لبنان بسبب فتوى شيخهم بتحويل اتجاه القبلة إلى جهة الشمال .
وقد بدأ انتشار أتباع هذا المذهب الضال في مناطق عدة من العالم .
* لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز فتوى برقم 2392/1 وتاريخ 30/10/1406ه*ـ جاء فيها : (( إن طائفة الأحباش طائفة ضالة ، ورئيسهم عبد الله الحبشي معروف بانحرافه وضلاله ، فالواجب مقاطعتهم وإنكار عقيدتهم الباطلة وتحذير الناس منهم ومن الاستماع لهم أو قبول ما يقولون ))
الزيدية
التعريف:
الزيدية إحدى فرق الشيعة ، نسبتها ترجع إلى مؤسسها زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعية في السياسة والحكم، وقد جاهد من أجلها وقتل في سبيلها، وكان يرى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً، ولم يقل أحد منهم بتكفير أحد من الصحابة ومن مذهبهم جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل. (2)
التأسيس وأبرز الشخصيات:
· ترجع الزيدية إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما (80ـ122هـ/698ـ740م)، قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك، فقد دفعه أهل الكوفة لهذا الخروج ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما، بل يترضى عنهما، فاضطر لمقابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فارس حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته عام 122هـ.
ـ تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثاً عن العلم أولاً وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانياً، فقد كان تقيًّا ورعاً عالماً فاضلاً مخلصاً شجاعاً وسيماً مهيباً مُلمًّا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ـ تلقى العلم والرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يعد أحد الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية .
ـ اتصل بواصل بن عطاء رأس المعتزلة وتدارس معه العلوم، فتأثر به وبأفكاره التي نقل بعضها إلى الفكر الزيدي، وإن كان هناك من ينكر وقوع هذا التتلمذ، وهناك من يؤكد وقوع الاتصال دون التأثر .
ـ يُنسب إليه كتاب المجموع في الحديث، و كتاب المجموع في الفقه، وهما كتاب واحد اسمه المجموع الكبير، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة .
· أما ابنه يحيى بن زيد فقد خاض المعارك مع والده، لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث لاحقته سيوف الأمويين فقتل هناك سنة 125هـ .
· فُوِّض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم .
ـ خرج محمد بن عبد الله الحسن بن علي (المعروف بالنفس الزكية) بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان .
ـ وخرج من بعده أخوه إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور .
· أحمد بن عيسى بن زيد ـ حفيد مؤسس الزيدية ـ أقام بالعراق، وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان ممن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره .
· من علماء الزيدية القاسم بن إبراهيم الرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما (170ـ242هـ) تشكلت له طائفة زيدية عرفت باسم القاسمية .
· جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم (245ـ298هـ) الذي عقدت له الإمامة باليمن فكان ممن حارب القرامطة فيها، كما تشكلت له فرقة زيدية عرفت باسم الهادوية منتشرة في اليمن والحجاز وما والاها .
· ظهر للزيدية في بلاد الديلم وجيلان إمام حسيني هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر بن الحسين بن علي رضي الله عنهما والملقب بالناصر الكبير (230 ـ 304هـ) وعرف باسم الأطروش، فقد هاجر هذا الإمام إلى هناك داعياً إلى الإسلام على مقتضى المذهب الزيدي فدخل فيه خلق كثير صاروا زيديين ابتداء .
· ومنهم الداعي الآخر صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، الذي تكونت له دولة زيدية جنوب بحر الخزر سنة 250هـ .
· وقد عرف من أئمتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا، الذي بعث بدعاته إلى الحجاز ومصر واليمن والبصرة . ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان، ومحمد بن نصر . ومنهم أبو الفضل بن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بويه .
· استطاع الزيدية في اليمن استرداد السلطة من الأتراك إذ قاد الإمام يحيى بن منصور بن حميد الدين ثورة ضد الأتراك عام 1322هـ وأسس دولة زيدية استمرت حتى سبتمبر عام 1962م حيث قامت الثورة اليمنية وانتهى بذلك حكم الزيود ولكن لا زال اليمن معقل الزيود ومركز ثقلهم .
· خرجت عن الزيدية ثلاث فرق طعن بعضها في الشيخين، كما مال بعضها عن القول بإمامة المفضول، وهذه الفرق هي:
ـ الجارودية: أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد .
ـ الصالحية: أصحاب الحسن بن صالح بن حي .
ـ البترية: أصحاب كثير النوى الأبتر .
ـ الفرقتان الصالحية والبترية متفقتان ومتماثلتان في الآراء .
الأفكار والمعتقدات:
· يُجيزون الإمامة في كل أولاد فاطمة، سواء أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين ـ رضي الله عنهما .
ـ الإمامة لديهم ليست بالنص، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها .
ـ يجوز لديهم وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين .
ـ تقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل إذ لا يُشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعاً بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها .
· معظم الزيدية المعاصرين يُقرُّون خلافة أبي بكر وعمر، ولا يلعنونهما كما تفعل فرق الشيعة ، بل يترضون عنهما، إلا أن الرفض بدأ يغزوهم - بواسطة الدعم الإيراني - ، ويحاول جعلهم غلاة مثله .
· يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله، والاختيار في الأعمال . ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منـزلة بين المنـزلتين كما تقول المعتزلة.
· يرفضون التصوف رفضاً قاطعاً .
· يخالفون الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه .
· يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر .
· هم متفقون مع أهل السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض سوى اختلافات قليلة في الفروع مثل:
ـ قولهم "حي على خير العمل" في الأذان على الطريقة الشيعية .
ـ صلاة الجنازة لديهم خمس تكبيرات .
ـ يرسلون أيديهم في الصلاة .
ـ صلاة العيد تصح فرادى وجماعة .
ـ يعدون صلاة التروايح جماعة بدعة .
ـ يرفضون الصلاة خلف الفاجر .
ـ فروض الوضوء عشرة بدلاً من أربعة عند أهل السنة.
· باب الاجتهاد مفتوح لكل من يريد الاجتهاد، ومن عجز عن ذلك قلد، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم .
· يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم الجائر ولا تجب طاعته .
· لا يقولون بعصمة الأئمة عن الخطأ . كما لا يغالون في رفع أئمتهم على غرار ما تفعله معظم فرق الشيعة الأخرى .
ـ لكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين ـ رضي الله عنهم جميعاً .
· لا يوجد عندهم مهدي منتظر .
· يستنكرون نظرية البداء التي قال بها المختار الثقفي، حيث إن الزيدية تقرر أن علم الله أزلي قديم غير متغير وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ .
· قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حراً مختاراً في طاعة الله أو عصيانه، ففصلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة .
· مصادر الاستدلال عندهم كتاب الله، ثم سنة رسول الله، ثم القياس ومنه الاستحسان والمصالح المرسلة ، ثم يجيء بعد ذلك العقل ، فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهياً عنه .
وقد ظهر من بينهم علماء فطاحل أصبحوا من أهل السنة ، سلَفِيُو المنهج والعقيدة أمثال: ابن الوزير وابن الأمير الشوكاني .
الجذور الفكرية والعقائدية:
· يتمسكون بالعديد من القضايا التي يتمسك بها الشيعة كأحقية أهل البيت في الخلافة وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها، وتقليدهم، وزكاة الخمس، فالملامح الشيعية واضحة في مذهبهم على الرغم من اعتدالهم عن بقية فرق الشيعة .
· تأثر الزيدية بالمعتزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جلياً في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية كبرى في الاستدلال، إذ يجعلون له نصيباً وافراً في فهم العقائد وفي تطبيق أحكام الشريعة وفي الحكم بحسن الأشياء وقبحها فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار .
· أخذ أبو حنيفة عن زيد، كما أن حفيداً لزيد وهو أحمد بن عيسى بن زيد قد أخذ عن تلاميذ أبي حنيفة في العراق، وقد تلاقي المذهبان الحنفي السُّني والزيدي الشيعي في العراق أولاً، وفي بلاد ما وراء النهر ثانياً مما جعل التأثر والتأثير متبادلاً بين الطرفين.
الانتشار ومواقع النفوذ:
· قامت دولة للزيدية أسسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الديلم وطبرستان .
· كما أن الهادي إلى الحق أقام دولة ثانية لها في اليمن في القرن الثالث الهجري .
· انتشرت الزيدية في سواحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقاً، وامتدت إلى الحجاز ومصر غرباً وتركزت في أرض اليمن.
ويتضح مما سبق:
أن الزيدية إحدى فرق الشيعة ، ولصلاتهم القديمة بالمعتزلة تأثروا بكثير من أفكارهم ومعتقداتهم إلا أن المذهب الزيدي في الفروع لا يخرج عن إطار مدارس الفقه الإسلامي ومذاهبه، ومواطن الاختلاف بين الزيدية والسنة في مسائل الفروع لا تكاد تذكر.
----------------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ تأثير المعتزلة في الخوارج والشيعة ، عبداللطيف الحفظي .
ـ الزيدية ، إسماعيل الأكوع .
ـ فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام ، د . غالب عواجي .
ـ الإمام زيد، محمد أبو زهرة ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة.
ـ تاريخ المذاهب الإسلامية، محمد أبو زهرة ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة.
ـ تاريخ الفرق الزيدية، د.فضيلة عبد ربِّ الأمير الشامي ـ مطبعة الآداب، النجف ـ العراق ـ 1394هـ/1974م.
ـ إسلام بلا مذاهب، د. مصطفى الشكعة ـ الدار المصرية للطباعة والنشر ـ بيروت.
ـ الفَرْق بين الفِرق، عبد القادر بن طاهر البغدادي.
ـ الفِصَل في الأهواء والملل والنحل، ابن حزم.
ـ الملل والنحل، محمد بن عبد الكريم الشهرستاني.
ـ تلخيص الشافي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
ـ الكامل في التاريخ، عز الدين أبو الحسن الملقب بابن الأثير.
--------------------
المصدر / الموسوعة الميسرة من موقع صيد الفوائد
الدروز
هي فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ، أخذت جل عقائدها من الإسماعيلية، وهي تنتسب إلى نشتكين الدرزي، نشأت في مصر لكنها لم تلبث أن هاجرت إلى الشام، عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين .
أبرز الشخصيات
- محور العقدية الدرزية هو الخليفة الفاطمي : أبو علي المنصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي الملقب بالحاكم بأمر الله ولد سنة 375هـ* وقتل سنة 411هـ*، كان شاذاً في فكره وسلوكه وتصرفاته، شديد القسوة والتناقض والحقد على الناس، أكثر من القتل والتعذيب دون أسباب تدعو إلى ذلك .
- المؤسس الفعلي لهذه العقيدة هو : حمزة بن علي بن محمد الزوزني وهو الذي أعلن سنة 408ـه* أن روح الإله قد حلت في الحاكم ودعا إلى ذلك وألف كتب العقائد الدرزية .
- محمد بن إسماعيل الدرزي : المعروف بنشتكين، كان مع حمزة في تأسيس عقائد الدروز إلا أنه تسرع في إعلان ألوهية الحاكم سنة 407 هـ* مما أغضب حمزة عليه وأثار الناس ضده حيث فر إلى الشام وهناك دعا إلى مذهبه وظهرت الفرقة الدرزية التي ارتبطت باسمه على الرغم من أنهم يلعنونه لأنه خرج عن تعاليم حمزة الذي دبر لقتله سنة 411 هـ .
- الحسين بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأخرم أو الأجدع : وهو المبشر بدعوة حمزة بين الناس .
- بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي المعروف بالضيف :كان له أكبر الأثر في انتشار المذهب وقت غياب حمزة سنة 411هـ* . وهو الذي أغلق باب الإجتهاد في المذهب حرصاً على بقاء الأصول التي وضعها هو وحمزة والتميمي .
- أبو إبراهيم إسماعيل بن حامد التميمي : صهر حمزة وساعده الأيمن في الدعوة وهو الذي يليه في المرتبة .
- ومن الزعماء المعاصرين لهذه الفرقة :
_ كمال جنبلاط : زعيم سياسي لبناني أسس الحزب التقدمي الأشتراكي وقتل سنة 1977م.
_ وليد جنبلاط : وهو زعيمهم الحالي وخليفة والده في زعامة الدروز وقيادة الحزب .
_ د. نجيب العسراوي : رئيس الرابطة الدرزية بالبرازيل .
_ عدنان بشير رشيد : رئيس الرابطة الدرزية في استراليا .
_ سامي مكارم : الذي ساهم مع كمال جنبلاط في عدة تآليف في الدفاع عن الدروز .
- الناس في الدرزية على درجات ثلاث :
_ العقل : وهم طبقة رجال الدين الدارسين له والحفاظ عليه . وهم ثلاثة أقسام : رؤساء أو عقلاء أو أجاويد ، ويسمى رئيسهم شيخ العقل .
_ الأجاويد : وهم الذين اطلعوا على تعاليم الدين والتزموا بها .
_ الجهال : وهم عامة الناس .
أهم العقائد
- يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله ولما مات قالوا بغيبته وانه سيرجع .
- ينكرون الأنبياء والرسل جميعاً ويلقبونهم بالأبالسة .
- يعتقدون بان المسيح هو داعيتهم حمزة .
- يبغضون جميع أهل الديانات الأخرى والمسلمين منهم بخاصة ويستبيحون دماءهم وأموالهم وغشهم عند المقدرة .
- يعتقدون بأن ديانتهم نسخت كل ما قبلها وينكرون جميع أحكام وعبادات الإسلام وأصوله كلها.
- حج بعض كبار مفكريهم المعاصرين إلى الهند متظاهرين بأن عقيدتهم نابعة من حكمة الهند .
ولا يكون الإنسان درزياً إلا إذا كتب أو تلى الميثاق الخاص .
- يقولون بتناسخ الأرواح وأن الثواب والعقاب يكون بانتقال الروح من جسد صاحبها إلى جسد أسعد أو أشقى .
- ينكرون الجنة والنار والثواب والعقاب الأخرويين .
- ينكرون القرآن الكريم ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي ولهم مصحف خاص بهم يسمى المنفرد بذاته .
- يرجعون عقائدهم إلى عصور متقدمة جداً ويفتخرون بالإنتساب إلى الفرعونية القديمة وإلى حكماء الهند القدامى .
- يبدأ التاريخ عندهم من سنة 408هـ* وهي السنة التي أعلن فيها حمزة ألوهية الحاكم .
- يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد ويفرضون الجزية والذل على المسلمين .
- يعتقدون أن الحاكم أرسل خمسة أنبياء هم حمزة وإسماعيل ومحمد الكلمة وأبو الخير وبهاء .
- يحرمون التزاوج مع غيرهم والصدقة عليهم ومساعدتهم كما يمنعون التعدد وإرجاع المطلقة .
- يحرمون البنات من الميراث .
- لا يعترفون بحرمة الأخت والأخ من الرضاعة .
- لا يقبل الدروز أحداً في دينهم ولا يسمحون لأحد بالخروج منه .
- ينقسم المجتمع الدرزي المعاصر - كما هو الحال سابقاً - من الناحية الدينية إلى قسمين :
_ الروحانيين : بيدهم أسرار الطائفة وينقسمون إلى : رؤساء وعقلاء واجاويد .
_ الجثمانيين : الذين يعتنون بالأمور الدنيوية وهم قسمان : أمراء وجهال .
- أما من الناحية الإجتماعية فلا يعترفون بالسلطات القائمة إنما يحكمهم شيخ العقل ونوابه وفق نظام الإقطاع الديني .
- يعتقدون ما يعتقده الفلاسفة من ان إلههم خلق العقل الكلي وبواسطته وجدت النفس الكلية وعنها تفرعت المخلوقات .
- يقولون في الصحابة أقوالاً منكرة .
- التستر والكتمان من أصول معتقداتهم .
- مناطقهم خالية من المساجد ويستعيضون عنها بخلوات يجتمعون فيها ولا يسمحون لأحد بدخولها.
- لا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام ، وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في لبنان ولا يزورون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق .
- لا يتلقى الدرزي عقيدته ولا يبوحون بها إليه ولا يكون مكلفاً بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين وهو سن العقل لديهم .
- يصنف الدروز ضمن الفرق الباطنية لإيمانها بالتقية والقول بالباطن وبسرية العقائد .
- تؤمن بالتناسخ بمعنى أن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنساناً آخر يولد بعد موت الأول ، فإذا مات الثاني تقمصت روحه إنساناً ثالثاً وهكذا في مراحل متتابعة للفرد الواحد .
- للأعداد خمسة وسبعة مكانة خاصة في العقيدة الدرزية .
الجذور العقائدية
- تأثروا بالباطنية عموماً وخاصة الباطنية اليونانية متمثلة في أرسطو وأفلاطون وأتباع فيثاغورس واعتبرهم أسيادهم الروحانيين .
- أخذوا جُل معتقداتهم عن الطائفة الإسماعيلية .
- تأثروا بالدهريين في قولهم بالحياة الأبدية .
- وقد تأثروا بالبوذية في كثير من الأفكار والمعتقدات ، كما تأثروا ببعض فلسفة الفرس والهند والفراعنة القدامى .
أماكن الإنتشار
- يعيش الدروز اليوم في لبنان وسوريا وفلسطين .
-غالبيتهم العظمى في لبنان ونسبة كبيرة من الموجودين منهم في فلسطين المحتلة قد أخذوا الجنسية الإسرائلية وبعضهم يعمل في الجيش الإسرائيلي .
- توجد لهم رابطة في البرازيل ورابطة في استراليا وغيرهما .
- نفوذهم في لبنان الآن قوي جداً تحت زعامة وليد جنبلاط ويمثلهم الحزب الإشتراكي التقدمي ولهم دور كبير في الحرب اللبنانية وعداوتهم للمسلمين لا تخفى على أحد .
- ويبلغ عدد المنتمين إليها حوالي 250 ألف نسمة موزعين بين سوريا 121 ألفاً ، ولبنان 90 ألفاً والباقي في فلسطين وبعض دول المهجر .
البهائية
البابية والبهائية حركة نبعت من المذهب الشيعي الشيخي سنة 1260ه* تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
أبرز الشخصيات
- أسسها الميرزا علي محمد رضا الشيرازي 1235_1266 ( 1819 _ 1850 م ) .
- في عام 1259 م ذهب إلى بغداد وبدأ يرتاد مجلس إمام الشيخية في زمانه كاظم الرشتي ويدرس أفكاره وآراء الشيخية . وفي مجالس الرشتي تعرف عليه الجاسوس الروسي كينازد الغوركي والمدعي الإسلام باسم عيسى النكراني والذي بدأ يلقي في روعهم أن الميرزا علي محمد الشيرازي هو المهدي المنتظر والباب الموصل إلى الحقيقة الإلهية والذي سيظهر بعد وفاة الرشتي وذلك لما وجده مؤهلاً لتحقيق خطته في تمزيق وحدة المسلمين . - في ليلية الخميس 5 جمادى الأولى 1260 ه* _ 23 مارس 1844مأعلن أنه الباب نسبة إلى ما يعتقده الشيعة الشيخية من ظهوره بعد وفاة الرشتي المتوفى 1259 ه* وأنه رسول كموسى وعيسى ومحمد - عليهم السلام - بل وعياذاً بالله - أفضل منهم شأناً . - فآمن به تلاميذ الرشتي وانخدع به العامة واختار ثمانية عشرة مبشراً لدعوته أطلق عليهم حروف الحي إلا أنه في عام 1261 ه* قبض عليه فأعلن توبته على منبر مسجد الوكيل بعد أن عاث وأتباعه في الأرض فساداً وتقتيلاً وتكفيراً للمسلمين . - في عام 1266 ه* ادعى الباب حلول الإلهية في شخصه حلولاً مادياً وجسمانياً، لكن بعد أن ناقشه العلماء حاول التظاهر بالتوبة والرجوع ، ولم يصدقوه فقد عرف بالجبن والتنصل عند المواجهة . وحكم عليه بالإعدام هو والزنوزي وكاتب وحيه حسين اليزدي الذي تاب وتبرأ من البابية قبل الإعدام فأفرج عنه وذلك في 27 شعبان سنة 1266 ه* _ 8 يوليو 1850 م . - قرة العين واسمها الحقيقي أم سلمى ولدت في قزوين سنة 1231 ه* أو 1233 ه* أو 1235 ه* للملا محمد صالح القزويني أحد علماء الشيعة ودرست عليه العلوم ومالت إلى الشيخية بواسطة عمها الأصغر الملا علي الشيخي وتأثرت بأفكارهم ومعتقداتهم ، ثم رافقت الباب في الدراسة عند كاظم الرشتي بكربلاء حتى قيل إنها مهندسة أفكاره. - في رجب 1264 ه* اجتمعت مع زعماء البابية في مؤتمر بيدشت وكانت خطيبة القوم ومحرضة الأتباع على الخروج في مظاهرات احتجاج على اعتقال الباب ، وفيه أعلنت نسخ الشريعة الإسلامية . - اشتركت في مؤامرة قتل الشاه ناصر الدين القاجاري فقبض عليها وحكم بأن تحرق حية ولكن الجلاد خنقها قبل أن تحرق في اول ذي القعدة 1268 ه* الموافق 1852 م . - الميرزا يحي علي : أخو البهاء والملقب بصبح أزل ، أوصى له الباب بخلافته وسمي أصحابه بالأزليين فنازعه أخوه الميرزا حسين البهاء في الخلافة ثم في الرسالة والإلهية وحاول كل منهما دس السم لأخيه . ولشدة الخلافات بينهم وبين الشيعة تم نفيهم إلى أدرنة بتركيا في عام 1863 م حيث كان يعيش اليهود ، ولاستمرار الخلافات بين أتباع صبح أزل وأتباع البهاء نفى السلطان العثماني البهاء واتباعه مع بعض اتباع أخيه إلى عكا ونفى صبح أزل مع اتباعه إلى قبرص حتى مات ودفن بها في 29 إبريل 1912 م صباحاً عن عمر يناهز 82 عاما أوصى بالخلافة لابنه الذي تنصر وانفض من حوله الأتباع . - الميرزا حسين علي الملقب بهاء الله المولود 1817م نازع أخاه خلافة الباب وأعلن في بغداد أمام مريديه انه المظهر الكامل الذي أشار إليه الباب وانه رسول الله الذي حلت فيه الروح الإلهية لتنهي العمل الذي بشر به الباب وان دعوته هي المرحلة الثانية في الدورة العقائدية . - حاول قتل أخيه صبح أزل ، وكان على علاقة باليهود في أدرنة بسالونيك في تركيا والتي يطلق عليها البهائيون أرض السر التي ارسل منها إلى عكا فقتل من أتباع أخيه صبح أزل الكثير ، وفي عام 1092 م قتله بعض الأزليين ودفن بالبهجة بعكا وكانت كتبه تدعو للتجمع الصهيوني على أرض فلسطين . - عباس أفندي : الملقب ب*ـ عبد البهاء ولد في 23 مايو 1844 م نفس يوم إعلان دعوة الباب ، أوصى له والده البهاء بخلافته فكان ذا شخصية جادة لدرجة أن معظم المؤرخين يقولون بأنه : لولا العباس لما قامت للبابية والبهائية قائمة ، ويعتقد البهائيون أنه معصوم غير مشرع ، وكان يضفي على والده صفة الربوبية القادرة على الخلق . - زار سويسرا وحضر مؤتمرات الصهيونية ومنها مؤتمر بال 1911 م وحاول تكوين طابور خامس وسط العرب لتأييد الصهيونية ، كما استقبل الجنرال اللنبي لما أتى إلى فلسطين بالترحاب لدرجة أن كرمته بريطانيا بمنحه لقب سير فضلاً عن أرفع الأوسمة الأخرى . - زار لندن وأمريكا وألمانيا والمجر والنمسا والإسكندرية للخروج بالدعوة من حيز الكيان الإسلامي فأسس في شيكاغو أكبر محفل للبهائية ، رحل إلى حيفا 1913 م ثم إلى القاهرة حيث هلك بها في 1921 م / 1340 ه* بعد أن نسخ بعض تعاليم أبيه وأضاف إليها من العهد القديم ما يؤيد أقواله . - شوقي أفندي : خلف جده عبد البهاء وهو ابن الرابعة والعشرين من العمر في عام 1921 م / 1340 ه* وسار على نهجه في إعداد الجماعات البهائية في العلم لإنتخاب بيت العدالة الدولي ، ومات بلندن بأزمة قلبية ودفن بها في أرض قدمتها الحكومة البريطانية هدية للطائفة البهائية . - في عام 1963 م تولى تسعة من البهائيين شؤون البهائية بتأسيس بيت العدالة الدولي من تسعة أعضاء أربعة من أمريكا ، واثنان من إنجلترا وثلاثة من إيران وذلك برئاسة فرناندو سانت ثم تولى رئاستها من بعده اليهودي الصهيوني ميسون الأمريكي الجنسية.
أهم العقائد
- يعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جمع الأشياء . - يقولون بالحلول والاتحاد والتناسخ وخلود الكائنات وان الثواب والعقاب إنما يكونان للأرواح فقط على وجه يشبه الخيال . - يقدسون العدد 19 ويجعلون عدد الشهور 19 شهراً وعدد الأيام 19 يوماً ، وقد تابعهم في هذا الهراء المدعو محمد رشاد خليفة حين ادعى قدسية خاصة للرقم 19 ، وحاول إثبات أن القرآن الكريم قائم في نظمه من حيث عدد الكلمات والحروف على 19 ولكن كلامه ساقط بكل المقاييس . - يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزاردشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس الأول . - يوافقون اليهود والنصارى في القول بصلب المسيح . - يؤولون القرآن تأويلات باطنية ليتوافق مع مذهبهم . - ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار . - يحرمون الحجاب على المرأة ويحللون المتعة وشيوعية النساء والأموال . - يقولون إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم . - يؤولون القيامة بظهور البهاء ، أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين بدلاً من المسجد الحرام . - والصلاة تؤدي في تسع ركعات ثلاث مرات والوضوء بماء الورد وإن لم يوجد فالبسملة بسم الله الأطهر الأطهر خمس مرات . - لا توجد صلاة الجماعة إلا في الصلاة على الميت وهي ست تكبيرات يقول كل تكبيرة (الله أبهى). - الصيام عندهم في الشهر التاسع عشر شهر العلا فيجب فيه الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب مدة تسعة عشر يوماً ( شهر بهائي ) ويكون آخرها عيد النيروز 21 آذار وذلك من سن 11 إلى 42 فقط يعفى البهائيون من الصيام . - تحريم الجهاد وحمل السلاح وإشهاره ضد الأعداء خدمة للمصالح الاستعمارية . - ينكرون أن محمداً - خاتم النبيين مدعين استمرار الوحي وقد وضعوا كتباً معارضة للقرآن الكريم مليئة بالأخطاء اللغوية والركاكة في الأسلوب . - يبطلون الحج إلى مكة وحجهم حيث دفن بهاء الله في البهجة بعكا بفلسطين .
الجذور العقائدية
- الرافضة الإمامية . - الشيخية أتباع الشيخ أحمد الإحسائي . - الماسونية العالمية . - الصهيونية العالمية
أماكن الإنتشار
- تقطن الغالبية العظمى من البهائيين في إيران وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة حيث مقرهم الرئيسي وكذلك لهم وجود في مصر حيث أغلقت محافلهم بقرار جمهوري رقم 263 لسنة 1960 م.
حول بعض النظريات التي توطن للفكر الضال
كالداروينية والميكافيللية ..
المصدر : موقع فضيلة العلامة سفر الحوالي..
"هذه النظريات كلها تتفق في خاصية واحدة هي أنها تجعل إبرام العقد خارج سيطرة الإنسان … !! فجوهر القانون دائما" بعيد عن الإنسان وعليه أن يجده ويكمن الصلاح في اتباع الإنسان شريعة لا يد له في وضعها" .
"ومن الواضح قصور مثل هذه النظريات فقد أثبتت البحوث التاريخية خطأ كل النظم التي تدعي أنها تعمل في ظل العقوبات اللاهوتية . فالإله الذي أوحى بها يتكلم لغة غامضة لا سحر فيها إلا على من نصبوا أنفسهم أتباعاً له" (16).
ومع أن لمناقشة هذه الأفكار إجمالا" موضعا" آخر من البحث فإن مثل هذا الكلام لا ينبغي أن نتجاوزه دون تمحيص لا سيما وأنه ليس فلتة من كاتب وإنما هو اتجاه سائد وظاهره عامة في الفكر السياسي الغربي.
إن هذا الكلام وما شاكله من مواقف "غير علمية" يتخذها معظم الباحثين اللادينيين حيال أية قضية من قضايا الدين مما لا يليق بالباحث النزيه الذي يتحرى الدقة والموضوعية فيما يقول .
ويتجلى فيه بوضوح "جهالة مزدوجة" بحقائق التاريخ وحقائق العلم على حد سواء . أما الجهالة التاريخية فتبدو في "تعميم الأحكام" وهو خطأ ندر من ينجو منه من كتاب الجاهلية الغربية الصليبية إذ يعممون أحكامهم عن الدين والشرائع جاهلين – أو متجاهلين – أن الدين في صورته الإلهية الحقة "الإسلام" لا يصح مطلقاً أن يعبر عنه ضمن الأديان والنحل الأخرى وأن يوصم بما توصم به "المسيحية الرسمية" التي دانت بها أوروبا ولا بما توصف به شريعة التوراة المحرفة التي يسميها لاسكي "قوانين موسى" .
إن التاريخ – على العكس مما توهم لاسكي – ليسجل للأمة الإسلامية إبان تطبيقها الكامل لشريعة الله أزهى عصر عرفته البشرية عدالة ورخاء ، وأنصع صفحة من صفحاته على الإطلاق ، اللهم إلا إذا كانت البحوث التاريخية التي يقصدها لاسكي هي بحوث المتعصبين الغربيين الحاقدين !.
وأما الجهالة العلمية فتبرز في دعوى أن القانون الأمثل هو الذي يضعه الإنسان لنفسه وليس الذي يضعه له "الإله" .
وهي دعوى ناشئة لا عن الجهل بمقام الألوهية فحسب بل عن الجهل الفاضح بحقيقة الإنسان وقصور علمه وعجز إدراكه ومحدودية معرفته حيث أن في طبيعته وتكوينه من صفات النقص ونواحي الضعف ما يجعله أعجز وأجهل من أن يشرع لنفسه .
وهو مهما اكتشف من نواميس الكون وأسرار الوجود فلن يصبح "إلها" بحال من الأحوال كما يتوهم المغرمون بالعلم – وصفة "الحاكمية" التي تعني حق التشريع من أخص صفات الألوهية وأوجبها .
والإنسان في كل مرحلة من مراحل وجوده – خلق ليعبد الله لا ليعبد نفسه بدليل أنه يجد نفسه محكوماً بسنن ونواميس إلهية لا يستطيع – بالغاً ما بلغ – أن يتجاوز نطاقها .
أما الجانب الإرادي من حياته فإنما أعطاه الله حرية الاختيار فيه ليبتليه أيكفر أم يشكر ، وفى ذلك تكريم له ورفع لقدره بين المخلوقات فإن اتبع فيه شريعة الله حصل له الانسجام مع نفسه ومع الكون كله ، وإن اتبع هواه وتمرد على خالقه كان التصادم بينه وبين فطرته والكون وعاش عيشة ضنكاً في الدنيا فضلاً عن مصيره المحتوم في الآخرة (17).
وما لنا نذهب بعيداً وها هو لاسكي نفسه يعيب النظريات السياسية قديمها وحديثها – كما سيأتي قريباً – وينقد "الديمقراطية" معبودة قومه نقداً لاذعاً ثم يقف عاجزاً عن الإتيان بنظرية سياسية عادلة لا تحابي فرداً على حساب آخر أو تظلم طبقة لمصلحة أُخرى (18) .
وهذا الموقف العاجز يقفه كل الكتاب السياسيين المعاصرين والإنسان العصري يرى بأم عينه الأزمة الحادة في السياسة الدولية على الرغم من النظريات السياسية التي لا حصر لها .
* * *
أما نظرية العقد الاجتماعي فإن محور الدراسات الحديثة هو فكرتها القائلة بأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم مصلحية نفعية متبادلة ولا سند للسلطة الحاكمة سوى ذلك ولكن العيب الذي أخذ عليها هو تصورها الخيالي للعقد . ذلك العقد الذي لا يستطيع أصحاب النظرية إثباته تاريخيا" فهو عقد وهمي لجأ الكتاب السياسيون الأوائل إلى افتراضه إما هروبا" من المواجهة الصريحة للسلطات الحاكمة آنذاك أو تزلفا" لها – على اختلاف بين أصحابها(19) .
أما بعد أن تخلصت الشعوب من عبادة الملوك ورجال الدين وبلغت درجة لا بأس بها من الوعي السياسي وفي الوقت نفسه تخلص الكتاب من "أحلام الرومانتيكية" واتجهوا إلى "الواقعية" فلم يعد هناك ما يدعو إلى افتراض نظريات لا أساس لها تاريخيا" .
وانطلاقا" من ذلك وجد علم السياسة الحديث بغيته المنشودة في كاتب آخر يتجلى بنظرة "عصرية" إلى الأمور وإن كان وجوده التاريخي سابقا" لمشاهير النظريات الأخرى ذلك هو "نيقولا مكيافيللي" الذي أطلق عليه لقب "أول المحدثين" ويعد كتابه "الأمير" مصدر الإلهام في العصر الحديث بالنسبة للحكام والمفكرين السياسيين على حد سواء(20) .
هذا وقد كان للنظريات اللادينية في القرن التاسع عشر ونظرية التطور بصفة خاصة الإسهام الأكبر في بحث الميكافيلية وإلباسها اللباس العلمي المبهرج بعد أن كانت من قبل مسبة لأصحابها ومدعاة للتنفير من معتنقيها .
لقد كانت "مملكة المسيح" التي يتحدث عنها بابوات الكنيسة الكاثوليكية تشتمل على تنظيمين :
1-التنظيم الروحي ويمثله رجال الدين ومجال عمله الكنائس والأديرة ووظيفته الوعظ والتوجيه للخلاص من "الخطيئة" .
2-التنظيم الزمني وتمثله الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية وميدانه شؤون الحياة الدنيوية .
وكلا التنظيمين يمارس نشاطه في ظل روح أخلاقية مسيحية مع تفاوت بالالتزام بهذه الروح .
فمن الوجهة العلمية كان الفصل بين الدين والسياسة موجودا" بالفعل أي أن نوعا" من العلمانية الموضوعية كان يسود الحياة الأوروبية طيلة القرون الوسطى وذلك أمر طبيعي ما دام الحكم بما أنزل الله غير نافذ في المجتمع .
ولكن أول من تبنى دعوة علمانية ذاتية ودعا بصراحة إلى استبعاد للدين وعزله عن جانب مهم من جوانب الحياة هو "ميكافيللي" .
والميكافيلية باعتبارها منهجا" عمليا" للحكم تقوم كما رسمها واضعها في "الأمير" على ثلاثة أسس متلازمة مستمدة من تصور لاديني صرف هي :
1-الاعتقاد بأن الإنسان شرير بطبعه وأن رغبته في الخير مصطنعة يفتعلها لتحقيق غرض نفعي بحت (21) ، وما دامت تلك هي طبيعته المتأصلة فلا حرج عليه ولا لوم إذا انساق وراءها .
2-الفصل التام بين السياسة وبين الدين والأخلاق فقد رسم ميكافيللي للسياسة دائرة خاصة مستقلة بمعاييرها وأحكامها وسلوكها عن دائرة الدين والأخلاق "وفرق ميكافيللي" تمام التفريق بين دراسة السياسة ودراسة الشؤون الأخلاقية وأكد عدم وجود أي رابط بينهما" (22) .
صحيح أن ميكافيللي لم ينكر الدين والأخلاق في ذاتهما كما هو الشأن في بعض النظريات المعاصرة لكنه يجعل الحاكم في حل من التمسك بالضوابط المستمدة منهما ويقصرها على أفراد الشعب .
3-إن الغاية تبرر الوسيلة : وهذه هي القاعدة العملية التي وضعها ميكافيللي بديلا" عن القواعد الدينية والأخلاقية . ولذلك فإن لها عنده تفسيرا" خاصا" .
كان الكتاب السياسيون منذ القدم ، ومنهم فلاسفة الإغريق كأفلاطون وأرسطو وغيرهم يبحثون عن الغاية من الدولة والهدف من وجودها (23) ، فرأى بعضهم أن غايتها هي تحقيق المثل العليا السامية ولهذا جاء اشتراطهم كون الحاكم فيلسوفا" . بينما ذهب آخرون إلى أنها تنفيذ القانون الإلهي أو القانون "الطبيعي" كما يسمونه .
ولكن ميكافيللي ذا النزعة العملية ذهب إلى أن الدولة غاية بذاتها والقبض على زمام الحكم هدف برأسه ولا داعي للخوض فيما وراء ذلك .
وفى سبيل تحقيق هذه الغاية لا مانع من سلوك أي سبيل يوصل إليها واستخدام أية وسيلة من شأنها تسهيل ذلك مهما وصفت تلك السبل والوسائل بأنها غير أخلاقية ومهما تنافت مع الدين ومنهجه في السلوك .
فالمعيار الذي تقاس به صلاحية الوسيلة أو عدمها ليس معيارا" موضوعيا" بل هو معيار ذاتي شخصي ، وللسياسي وحده الحق في الحكم بصحة أي لون من ألوان السلوك أو خطئه وبطلانه .
تلك صورة موجزة للميكافيللية كما ظهرت في عصر النهضة .
وبسبب نزعتها اللاأخلاقية الظاهرة عورضت بشدة في الأوساط الدينية والفكرية فحرمت الكنيسة قراءة "الأمير" ونقده المؤلفون بعنف . وظلت كلمة "ميكافيللي" أشنع وصف يمكن أن يطلق على إنسان متحلل من قيود الدين والخلق متجرد من الإنسانية والضمير .
وهكذا بقيت زهاء ثلاثة قرون وهي في موضع المقت والازدراء بينما نمت النظريات التي عُورضت آنفا" .
ولما جاء القرن التاسع عشر قرن الانتفاضة الشاملة على الدين والأخلاق فكريا" وواقعيا" ظهرت نظرية التطور العضوي على يد داروين . وكان قانونها وقاعدتها أن الحياة صراع والبقاء للأنسب أي للأقوى بطبيعة الحال .
حينئذ آمن الناس على أساس "علمي" ! بأن الوجود مرتبط بالقوة ، وأن الصراع الحتمي على البقاء لا يسمح بالتفريق بين وسيلة وأخرى فليست العبرة بنوعية الوسيلة لكنها بضمان النتيجة وتحقيق الغاية التي هي "البقاء" في ذاته .
الميكافيللية تقول إن الحق هو القوة ! .
والداروينية تقول : إن الوجود هو القوة .
والداروينية نظرية علمية إذن فلتكن الميكافيللية كذلك .
وكانت الظروف تهيئ لمثل هذه المعادلة ، فالكنيسة فقدت سلطانها الطاغي، والحياة السياسية والاجتماعية في القارة تموج بالصراعات والحروب الطاحنة والشحناء المدمرة ، هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى ارتبطت السياسة – في ذلك القرن – بالاقتصاد ارتباطا" قويا" فازدادت بعداً عن الدين والمؤثرات الدينية .
والواقع أن السياسة والاقتصاد وكل جوانب الحياة مترابطة ومتلازمة بحيث يصعب فصل كل منها عن الآخر . إلا أن الاقتصاد ، بصفة خاصة ، أصبح المحور الرئيسي للسياسة الدولية بسبب الأوضاع التي كانت تعيشها القارة الأوروبية .
ففي هذه الفترة شهدت الحياة الأوروبية انهيار نظام اجتماعي وقيام نظام آخر محله . لقد انهار الإقطاع وولدت الرأسمالية .
كان النظام الإقطاعي الذي ألمحنا عنه سابقا" يمثل صورة بشعة لإهدار الكرامة الإنسانية والحط من قيمة الإنسان واستعباده بفظاعة لأناس من بني جنسه تجردوا من المعاني الإنسانية النبيلة .
كان الإنسان في ظل هذا النظام مستعبدا" لسلطتين غاشمتين : سلطة السادة الإقطاعيين وسلطة رجال الدين ، فالسيد يملك الإقطاعية بمن عليها من الفلاحين ويسن لها القوانين ويفرض عليها العقوبات كما يشاء أي أنه كان يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في آن واحد .
أما رجال الدين فيبارك الاستعباد بحجة أنه نتيجة للخطيئة الأولى ويشارك السيد في تسخير العبيد لمصلحته الشخصية إذ أن الكنيسة كما سبق أن أوضحنا جزء لا ينفك من النظام الإقطاعي وفي ظل هذا الواقع المزري انبعث هنالك حركتان لها أهمية قصوى في التاريخ الأوروبي : الحركة العلمية ، والحركة الإصلاحية الدينية ، وغير خاف الأثر الإسلامي فيهما وظهرت "الطبقة البرجوازية" مستندة إلى أقوال "لوثر وكالفن" و مستفيدة من ثمار التقدم العلمي التجريبي وظل دور هذه الطبقة محدودا" حتى بدأ ما يسمى "الثورة الصناعية" حيث بدأ المصنع يستأثر بما كان للأرض من قيمة ونفوذ واشتد التنافس بين رجال الصناعة في المدن والملاك الزراعيين في إقطاعيات الأرياف .
وكانت الصناعة آنذاك تحتاج إلى أيد عاملة متوفرة ورخيصة والعمال بطبيعة الوضع يعيشون في الريف تحت سيطرة السادة الإقطاعيين فكان لابد من كسر السور المفروض عليهم وإتاحة الفرصة لهم للانفلات من قيود الإقطاعية ، لا لمصلحة السادة البرجوازيين .
حينئذ ظهر المذهب الطبيعي أو "الفيزيوقراطي" الذي كان ينادي بشعار "دعه يعمل ، دعه يمر" أي دعه يعمل ما يشاء ويمر من حيث يشاء وكذلك فتحا" جديدا" في الحياة الأوروبية .
فعلى الرغم من أن حرية الإنسان في اختيار سبيل الرزق الحلال وحقه في الانتقال إلى حيث شاء من أرض الله كانت بالنسبة للإنسان في الشرق الإسلامي أمرا" بديهيا" كالماء والهواء ، فإن الحصول عليها في الغرب الإقطاعي يعد ظفرا" بمكسب كبير للغاية .
وكان نجاح الثورة الفرنسية حافزا" قويا" لبقية الشعوب الأوروبية فاندلعت الثورات المتتابعة وارتفعت صرخات المفكرين ممن يسمون "دعاة الحرية" منددين بالمساوئ التي يعج بها المجتمع والقيود التي يرزح الفرد تحت نيرها .
وبسبب ما عانته الشعوب من ويلات الحروب الطاحنة بين الطوائف الدينية لا سيما بين الكاثوليك والبروتستانت وبسبب الطغيان الجائر الذي كان رجال الدين يفرضونه على الناس وبسبب الحقد الصليبي الذي حجب الأوروبيين عن الاهتداء بهدى الله والدخول في دينه الحق – بسبب ذلك كانت الحرية التي طولب بها "لادينية" وكان الأساس الذي يراد بناء المجتمع الجديد عليه لادينيا" كذلك . واستلهم الباحثون من التراث الفلسفي الإغريقي ومن كتابات "سبينوزا وجون لوك" والموسوعيين الفرنسيين فكرة صياغة المجتمع وفق قوالب وتنظيمات علمانية .
وفى الظلام تارة وعلانية تارة كانت المنظمات التلمودية تضرم الأحقاد وتؤجج نار العداوة ضد الدين وتدفع الناس دفعا" إلى الأباحية والإلحاد .
والتقت مشاعر الناس وتعلقت عواطفهم بكلمة سحرية خلابة ترمز لمبدأ جديد جذاب اتفق في المناداة به "الطبيعيون" و "النفعيون" و "الجماعيون" و "الفرديون" ذلك هو مبدأ "الديموقراطية" . ومن الذي لا تخلب الديمقراطية لبّه من الشعوب المضطهدة والعقول المغلولة ؟! . الشعب هو سيد نفسه وهو مصدر السلطات ولا وصاية لأحد عليه …
وللمواطن – أياً كانت عقيدته أو جنسيته – حريات وحقوق لم يكن ليحلم بها من قبل : حرية العمل – حرية التنقل – حق إبداء الرأي – حرية السلوك – حرية العقيدة – حق التظاهر والاحتجاج …
وله كذلك ضمانات لم تكن – وهو في ظل الإقطاع – لتدور له في خلد : ضمان الاتهام – ضمان التحقيق – ضمانة المحاكمة – ضمانة التنفيذ(24) .
كل الناس بهرتهم هذه الشعارات وأسكرتهم هذه الأحلام فحاولوا بكل جهدهم نسيان ذلك الماضي الرهيب ونبذه بكل قيمة ومثله وإن كان من بينها الدين والأخلاق … وتحرقوا مشتاقين إلى مستقبل باهر وضاء وطغى على الفكر والأدب اتجاه مغرق في التفاؤل واثق ثقة مطلقة في السعادة والتقدم اللذين لا حد لهما .
وكان هنالك – بطبيعة الحال – فئة واحدة فقط تدرك النهاية الحقيقية والمغزى العميق للعملية ، هذه الفئة هي طبقة "الرأسمالية" الذين يمثلون الخلاصة المتطورة للطبقة البرجوازية . وغني عن البيان القول بأن الرؤوس البارزة في هذه الطبقة هم "المرابون اليهود" (25" .
ولنستمع إلى القصة من رواية باحث سياسي غربي :
يقول "كارل بيكر" في كتاب "السبيل إلى عالم أفضل" :
"كان كل رجل أيا كانت المملكة التي يعيش فيها يدين بالولاء والطاعة للكنيسة ورجالها في الأمور الدينية كما كان يدفع للكنيسة مكوسا" معينة فضلا" عن تقاضيه أمام محاكمها التي لها أيضا" اختصاص توقيع العقوبة عليه في جرائم معينة . ولكنه كان يدين في الوقت ذاته بالولاء والطاعة لحكومة بلاده المدنية فكان يدفع لأمير المقاطعة أو للملك ضرائب أخرى معينة وكان يتقاضى أمام محاكم الأديرة أو الملك كما كانت هذه المحاكم توقع عليه العقوبة لارتكابه جرائم معينة وهكذا كان أمرا" مقضيا" أن ينشب النزاع بين هاتين السلطتين التي تطالب كل منهما الناس بواجب الولاء لها ولم يكن تاريخ غرب أوروبا طيلة العصور الوسطى وفي كل جزء من أجزائه إلا تاريخا" لهذا الكفاح المستمر بين الكنيسة والدولة" .
"ولقد تم انتقال السلطان والقوة من الكنيسة إلى الدولة خلال المائة عام التي انقضت في حروب أهلية ودولية بسبب المنازعات الدينية وكانت هذه الحروب كفاحا" وحشيا" داميا" لا يلين ولا يهدأ للظفر بالسلطان السياسي" .
"وهكذا اختفى من أوروبا الغربية مجتمعها المسيحي الموحد … وأصبحت سيادة هذه الدول واستقلالها حقيقة واقعة … ولقد جاءت المبادئ النظرية بعد ذلك لتؤيد هذه الحقيقة . فقد عرف ميكافيللي في كتابه المشهور "الأمير" الذي نشره قرابة عام 1513 الدولة بأنها قوة سياسية بحتة كما أعلن فيه أن مهمة الأمراء والحكام أو وظيفتهم الوحيدة هي اكتساب السلطة واستخدامها وهم في استخدامهم لهذه السلطة لهم أن يحكموا وحدهم على الأغراض والغايات والتي تتحقق عن طريقها وهم من أجل ذلك غير مقيدين بقواعد الدين والأخلاق .
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ألغت الثورة الديموقراطية الحكم المطلق الذي كان للملوك وأحلت محله سلطان الحكومة الذي تولته جمعيات نيابية ينتخبها الشعب … وجعلت هذه الثورة ، الدول على اختلافها أكثر اهتماما" بالأمور الدنيوية وبالتالي أكثر استقلالا" من ذي قبل وهكذا حلت إرادة الشعب محل الحق الإلهي .
"وكما كان الناس على استعداد لأن يقاتلوا ويموتوا في سبيل الدين والكنيسة أصبح الرجل على أهبة القتال والموت في سبيل دولته وشعبه(26) .
ثم ننتقل مع "بيكر" إلى الكلام عن "الديموقراطية" حيث يقول :
"الديمقراطية العصرية من حيث الكفرة والواقع إن هي إلا نتيجة لمعارضة قامت في وجه ذلك النظام الذي سار عليه المجتمع والحكومة وكان سائدا" في معظم الدول الأوروبية خلال القرنين (17و18) وقت أن كان يحكم الدول ملوك ادعوا السلطة المطلقة استنادا" إلى الحق الإلهي وقد استندت سلطة هؤلاء الملوك إلى طبقة الأعيان وإلى سلطة الكنيسة الموطدة وكانت غالبية الناس وبخاصة الأجراء والفلاحين تسام الظلم وتستغل وكان نصيبهم من الحقوق ضئيلا" فلم يتمتعوا بالحرية السياسية أو حرية العبادة أو حرية الكلام أو الصحافة أو حرية العمل .
"ولم يكن للمواطنين أي ضمان ضد التعسف بهم أو القبض عليهم وحبسهم وتفتيش مساكنهم وكانت الثورة الإنجليزية والثورتان الفرنسية والأميركية موجهة ضد هذا النوع من الدكتاتورية لإحلال الديمقراطية الحرة محلها .
وإن الفكرة الرئيسية التي تنطوي عليها الفلسفة الديمقراطية الحرة التي كانت تتمثل في أن الناس يستطيعون أن يحكموا أنفسهم بصورة أفضل مما لو حكمهم الملوك وطبقة الأشراف ورجال الدين وكان الكتاب يستعملون هاتين الكلمتين (Laissez Faire) تعبيرا" عن هذه الفكرة أي دع الناس أحرارا" في أعمالهم وكانوا يظنون أن واجب الحكومة ينحصر في حماية الأرواح والممتلكات والمحافظة على النظام وحماية البلاد ضد الاعتداء الخارجي .
"وكانت الفكرة العامة تنادي بأنه إذا سعى كل فرد وراء منافعه الذاتية فإن ضربا" من التوفيق بين مصالح الشعب المختلفة سرعان ما يزداد ظهوره أو يقل بصورة آلية وكان يعبر عن هذه الفكرة بإيجاز في العبارة الآتية "إن المنافع الخاصة تؤدى بدورها إلى تحقيق المنفعة العامة" .
"وهذه النظرية البسيطة هي نظرية تعمل لمصلحة القوي ضد الضعيف وفي مجتمعات القرن الثامن عشر التي لم تكن حياتها قد تعقدت بعد كانت هذه النظرية تعمل لمصلحة أولئك الأفراد القلائل الذين أتاح لهم الحظ أن يقتنوا ثروة(!) .
"ولكن بظهور الآلات ذات القوى المحركة أصبح واضحا" المنافسة الصناعية الحرة لم تؤد إلى النتيجة التي كان يتوقعها الاقتصاديون والفلاسفة السياسيون فقد كانت الأرباح تعود على أصحاب الصناعة والآلات وحدهم ونهضت الآلات بأكبر عبء من العمل فامتلأت البلاد بالعمال العاطلين ، ووجد أصحاب المصانع الأحرار أن ذلك فرصة لتخفيف الأجور وإطالة ساعات العمل ، ووجد العمال أن حريتهم في اختيار مهنهم كانت محدودة بمقياس الحاجة إلى ساعات طويلة في أى عمل يعرض لهم لقاء أجور تافهة لا تكاد تقيم أودهم ، وكانت جموع النساء والأطفال الذين أنهكهم الجوع والضعف يشتغلون في العمل بمعدل 12 ساعة في اليوم داخل حوانيت قذرة وخطرة وغير صحية لقاء أجر لا تكاد تقيم أودهم"(27) .
هكذا جاءت الديمقراطية وهكذا تبددت الأحلام والأوهام التي نيطت بها وأسفرت الثورة الصناعية التي واكبت الثورة الديمقراطية عن وجه كالح لا يقل شناعة وفظاعة عن صورة الإقطاع وانقلبت الحرية النسبية التي وصل إليها العمال والفلاحون قيودا" ثقيلة ترهق كواهلهم .
وتعالت الصيحات والصرخات من جديد تعلن رفضها للنظام الطبيعي الفردي وتطالب بأنظمة "جماعية ديمقراطية" وظهر بقوة صوت "الاشتراكيين الأوائل" ومال إليهم طوائف كثيرة من المثقفين والعمال والفلاحين وشكلوا جبهة مضادة للرأسماليين العتاة .
وفى معمعة الصراع بين أنصار الرأسمالية الفردية ودعاة الديمقراطية الاشتراكية الجماعية ولدت نظرية التطور التي غيرت مجرى الفكر الغربي بأجمعه .
فهذه النظرية بإجهازها على "المسيحية الرسمية" أفسحت الطريق لإبعاد الدين عامة بصفة نهائية من التأثير في أي منحى من مناحي الحياة بل مهدت لرفضه رفضا" باتا" حتى في صورته الوجدانية المجردة .
وبواسطة قانون الانتخاب الطبيعي وتنازع البقاء المفضي إلى بقاء الأنسب بعثت الداروينية النزعة الميكافيللية كما أسلفنا ، فلقد كان صراع الدول القومية في العصر الحديث الذي يشبه في مظهره صراع أنواع الكائنات الحية مدعاة لتبرير الميكافيللية بل لتبنيها وتطبيقها . ويؤكد ذلك "كريستيان غاوس" في مقدمته لكتاب الأمير إذ يقول عن الكتاب :
"اختاره موسوليني في أيام تلمذته موضوعا" لإطروحته التي قدمها للدكتوراة وكان هتلر يضع هذا الكتاب على مقربة من سريره فيقرأ منه في كل ليلة قبل أن ينام . ول يدهشنا قول "ماكس ليرز" في مقدمته لكتاب "أحاديث" أن لينين وستالين أيضا" تتلمذوا على ميكافيللي"(28) .
وتتجلى الروح الميكافيللية بوضوح في قول انجلز :
"إن الأخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدى إلى انتصار مبادئنا مهما كان هذا العمل منافيا" للأخلاق المعمول بها" .
وقول لينين :
"يجب على المناضل الشيوعي الحق أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والغش والتضليل . فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية"(29) .
أما الرأسمالية فلا تخفى أبدا" حقيقتها الميكافيللية بل إن مايلز كوبلاند صاحب "لعبة الأمم" ليقرر أنها منهج السياسة الأميركية(30) .
وإضافة إلى ذلك قدمت فلسفة التطور لكل من المعسكرين المتصارعين سندا" لكفاحه ضد المعسكر الآخر ومبررا" لجدارته وحده بالبقاء دون غريمه .
فالرأسمالية ترى أنها الحقيقة بالخلود المؤهلة وحدها بمؤهلات الاستمرار والتقدم ذلك لأنها العنصر القوي في الحياة الحديثة فلها – حسب قانون الانتقاء الطبيعي وتنازع البقاء – الحق في القضاء على العناصر الضعيفة بتصفيتها جسديا" أو إنهاكها اقتصاديا" . وهكذا كانت الدول الرأسمالية دولا" استعمارية بالدرجة الأولى(31) ، مع ملاحظة أن صورة الاستعمار في العقود الأخيرة تغيرت عنها في القرن الماضي .
وغير خاف أثر فلسفة التطور في الماركسية فقد استغلت النظرية الداروينية وطبقتها بحيث تتفق مع صراع الطبقات واتجه نظر الماركسية إلى زاوية أخرى فهي لا توافق على البقاء للأقوى لكنها ترى معتمدة على فلسفتها الديالكتية (الجدلية) أن البقاء للأحدث وذلك ما تقول بها أيضا" فلسفة التطور (32) .
وعليه فإن الرأسمالية – في نظرها – أشبه بسلالة منقرضة لا مبرر لبقائها بعد ظهور عنصر أحدث منها وأرقى تطورا" وهو "الماركسية" .
ونستطيع أن نستنتج من ذلك أن هناك جامعا" مشتركا" لأنظمة الحكم اللادينية المعاصرة بالإضافة إلى اتفاقها على طرح الدين ونبذ الأخلاق من دائرة العمل السياسي بالكلية . وهذا الجامع يحتوي على ثلاثة أسس :
1-الميكافيللية منهجا" عمليا" .
2-فلسفة التطور مبررا" للبقاء والاستمرار .
3-الديمقراطية بصفتها نظاما" إنسانيا" وضعيا" يتقنع به كلا المعسكرين .
فصل في الشرك الأصغر
الشرك الأصغر: هو كل ذريعة وسبب يؤدي إلى الشرك الأكبر.
* من مظاهر الشرك الأصغر:
1-تعليق الخيوط والحِلَق وحدوة الحصان والخرز والودع والتمائم والأحجبة معتقداً أنها أسباب لدفع العين والحسد والشر، أما لو اعتقد أنها بذاتها تنفع وتضر، فهذا شركٌ أكبر في الربوبية.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللهُ لَهُ)، [2] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn2) وفي رواية: (مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ).[3] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn3)
أما إن كان المعلّق من القرآن، فقد اختلف فيه العلماء، فكرهه كله عبد الله بن مسعود وأصحابه، وهو قول ابن عباس، وظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن حكيم، ونُقِل جوازه عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة، ولا يصح، والصحيح المنع منها ؛ لعموم النهي، وسداً للذريعة، ومنعاً لامتهانه ؛ لحمله أثناء قضاء الحاجة، ونحوها.
2- الرياء.
واعلم أن حقيقة الرياء: طلب الجاه، والمنزلة عند الناس بالعبادات، وهو مُشْتَقٌ من الرؤية، ومثله التسميع، أي: طلب سماعهم لعبادته، وطاعته.
وهو أقسام:
فتارة لا يُراد بالعمل سوى المخلوقين لغرض دنيوي، كحال المنافقين في صلاتهم، ولا يشك مسلم في حبوط هذا العمل.
وتارة يكون العمل لله ويشاركه وسلم-:من أصله، والنصوص تدل على بطلانه أيضا وحبوطه، كما قال -تعالى- في الحديث القدسي: (أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ).[4] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn4)
وتارة يكون أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء، فإن كان خاطراً ودفعه، لم يضره بلا خلاف، فإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك، ويجازى على أصل نيته ؟ فيه خلاف بين علماء السلف، ا.هـ[5] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn5)، وقد رجّح ابن رجب أنه يجازى على أصل نيته، ولكن لا شك أن أجره قد نقص.
3- الحلف بغير الله -تعالى-.
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ)،[6] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn6) وفي رواية: (فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ).
4- التطير.
وهو التفاؤل أو التشاؤم بالطير، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الطِّيَرَةُ شِرْكٌ). [7] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn7)
أما لو اعتقد أن الطير ينفع أو يضر بذاته فهو شرك أكبر، ولو اعتقد أنها سببٌ في جلب النفع ودفع الضر فهو شركٌ أصغر، كمن يعتقد أن البومة سببٌ للشر، والحمامة سببٌ للخير، والطير الفلاني سببٌ للبركة في البيت، وكأولئك الذين يرشون الماء كسببٍ لجلب الرزق، فهذا كله شرك أصغر، أما لو اعتقد أنها هي التي تأتي بالرزق بذاتها، فهذا شرك أكبر.
5- التوسل البدعي.
كأن يقول للميت: ادع الله لي، استغفر لي، أما لو قال: أغثني، أو اغفر لي، أو ارحمني، أو ارزقني، أو اشفني، فهو شرك أكبر، وهو توسل شركي.
فصل في التوسل
وقضية التوسل من القضايا المهمة التي وقع فيها خلافٌ بين المتأخرين، والتوسل هو اتخاذ وسيلة توصل الإنسان إلى ما يريد، وقد ورد لفظ الوسيلة في القرآن في قوله سبحانه و-تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:35)، وفي قوله -عز وجل- في الرد على المشركين الذين يدعون غير الله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً) (الإسراء:57).
وهي في هاتين الآيتين باتفاق أهل العلم بمعنى القربة، نقله ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس -رضي الله عنه- ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد، وقال: وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه ا.هـ [8] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn8).
(يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)، أي يتقربون إليه، وذلك من علامات حبهم العظيم لله -عز وجل- فالذي يتقرب إلى الله، ويبتغي أن يكون قريباً من الله لابد أنه يحبه -سبحانه وتعالى-.
ومن هذا المعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَمِعْتُمْ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ) [9] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn9)، فالوسيلة بمعنى المنزلة مأخوذة من القُرب، لأن القريب من الملك أو العظيم له منزلة قريبة منه، فهذه الوسيلة اسمٌ لدرجة في الجنة، قريبة جداً بل هي أقرب المنازل وأرفع المنازل عند الله -سبحانه وتعالى-، لا تنبغي إلا لعبد واحد وقد رجا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون هو ذلك العبد -صلى الله عليه وسلم- ونسأل الله له الوسيلة.
فالوسيلة لغةً: ما يتوصل به إلى الشيء، ولها معنى آخر وهو المنزلة والدرجة والقربة وكلا المعنيين صحيحٌ شرعاً.
والتوسل منه الركن والواجب والمستحب:
فالتوسل الركن: هو التوسل إلى الله -عز وجل- بالإيمان به، فلا يقبل الله -تعالى- تقرباً إليه بغير إيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فلابد أن يُتَقَرب إلى الله بذلك ؛ هذا هو المعنى المقصود بقوله -تعالى-: (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)، فلو أن إنساناً تقرب إلى الله بأنواع القربات، وهو مُكذبٌ برسوله أو مُكذب بمَلَكٍ أو مُعَادٍ لمَلكٍ من الملائكة أو مكذب بالجنة والنار، أو مكذب بالقدر، لم يقبل الله -عز وجل- منه شيئاً، لأنه فرط في الوسيلة التي هي ركن والتي لا يقبل الله من أحد شيئاً بدونها.
والتوسل الواجب: هو توسل الإنسان إلى الله -سبحانه وتعالى- بفعل ما أمر وترك ما حرم.
والتوسل المستحب: هو التوسل إلى الله -سبحانه وتعالى- بفعل المستحبات.
والتوسل في المشروع: هو ذكر ما يكون الدعاء به أقرب إلى الإجابة، وهذا أحد معاني التوسل العام، والتوسل العام هو التقرب، والدعاء من القربات، وقد يكون التوسل في الدعاء واجباً كما هو في سورة الفاتحة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) (الفاتحة:6-7)، فلا تصح الصلاة من غير أن ندعو هذا الدعاء، ولا بد أن نتوسل ببداية الفاتحة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، وهذا توسلٌ بأسماء الله وصفاته، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(الفاتحة:5)، وهذا توسلٌ إلى الله بالأعمال الصالحة.
* أنواع التوسل المشروع وغير المشروع في الدعاء:
1- التوسل المشروع:
الذي ورد في الكتاب والسنة من أنواع التوسل المشروع في الدعاء ثلاثة أنواع:
النوع الأول: التوسل إلى الله -عز وجل- بأسمائه وصفاته.
النوع الثاني: التوسل إلى الله -عز وجل- بذكر الأعمال الصالحة التي قام بها العبد.
النوع الثالث: التوسل إلى الله -عز وجل- بدعاء المسلم الصالح الذي دعا وهو حي حاضر.
النوع الأول:
وهو مأخوذٌ من قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (لأعراف:180)
، وأدعية الكتاب والسنة كلها لا تخلو من ذكر الأسماء والصفات، فالعبد لا يسأل مباشرة بل يقول: (يا رب) أو (اللهم) فإنه توسل بالربوبية أو بالألوهية، والأدعية المستجابة التي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على فضلها هي ذكر أسماء الله -تعالى- وصفاته، كما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدَ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ المَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ العَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ) [10] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn10).
وسمع رجلاً يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (قَدْ غُفِرَ لَهُ) ثَلاثًا [11] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn11).
وجميع أذكار الصباح والمساء، والنوم، والدخول والخروج للبيت أو المسجد، والنزول، والسفر واللبس، والطعام والشراب، وجميع الأذكار الواردة ؛ هي أدعية فيها ثناء على الله -عز وجل- بأسمائه وصفاته، وسؤال الرب -سبحانه وتعالى- بأسمائه وصفاته، دون استثناء، وجميع أدعية المؤمنين في الكتاب وفي السنة كلها متضمنة التوسل إلى الله -سبحانه- بذكر الأسماء والصفات.
ولذلك نقول: هذا النوع من التوسل هو أعظم أنواع التوسل.
النوع الثاني:
وهو التوسل إلى الله بذكر الأعمال الصالحة بين يدي الدعاء، أو في خاتمته، كما ورد كثيراً مثل قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:16).
ولا بد أن نفرق بين فعل الإيمان نفسه، بأن يؤمن الإنسان، فهذا ركنٌ من الأركان ولا يقبل الله قربةً بدونه وهذا هو التوسل العام الركن، وأما ذكر الإيمان في الدعاء فهذا من التوسل المستحب، أن يقول بين يدي دعائه: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:16)، (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)(المؤمنون: من الآية109)، (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ) (آل عمران:193)
فذكر الإيمان في الدعاء هو التوسل الذي نقصده في الدعاء، أما فعل الإيمان نفسه، وأن يستجيب الإنسان لمنادي الرحمن فهذا فرض في التقرب، لا يقبل الله -عز وجل- من أحد تقرباً من غير أن يؤمن، أما لو لم يقل هذا الدعاء لكونه مثلاً لا يحفظه فلا بأس، أما الذي أوجبه الله علينا هو: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5)
ومن ذلك القصة المشهورة قصة الثلاثة الذين أُغْلِقَ عليهم الغار، فتوسلوا إلى الله -عز وجل- بأعمالهم الصالحة، قالوا: (إِنَّهُ لا يُنْجِيكُمْ إِلا أَنْ تَدْعُوا اللهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ)، فتوسل أحدهم إلى الله -عز وجل- ببر الوالدين والإخلاص في ذلك فقال: (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ -وهو سقي والديه قبل صبيانه- ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ)، والثاني توسل إلى الله -عز وجل- بترك الزنى بمن يحب مع قدرته على ذلك، وأنه ترك ابنة عمه التي هي أحب الناس إليه، وترك المال الذي أعطاها، فقال: (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ)، وتوسل الثالث بإعطاء الأجير حقه وتثمير ماله، وأنه أخلص إلى الله في ذلك فَفَرجَ اللهُ -عز وجل- عنهم [12] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftn12).
[1] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref1) الشرك الأكبر ينافي أصل الإسلام ولو مات صاحبه عليه فهو مُخلدٌ في النار، أما الشرك الأصغر فحكمه حكم الكبائر في الجملة بمعنى أنه إذا مات قبل أن يصل به إلى الشرك الأكبر مات على أصلالإسلام وهو داخلٌ في عموم:(...مَا دُونَ ذَلِكَ...) في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً)[ النساء: 48 ]، (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً)[ النساء: 116 ]، فالمقصود بـ (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) أي الشرك الأكبر فهو الذي لا يغفره الله -تعالى-، وهذه الآية الكريمة هي التي حبست الكفار في النار، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذكر الشفاعة: (فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ) [ رواه البخاري (4476، 6565، 7410، 7440)، ومسلم (193)، وابن ماجة (4312)، وأحمد (11743، 13150) ]، وإنما أوجب الله الخلود في النار على من مات مشركاً الشرك الأكبر، وأما من دون ذلك فلم يجب عليه الخلود، وهو في المشيئة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ)، فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ: وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا نَعْلَمُه)[ رواه أحمد (19109)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (36) ]، فهذا دليلٌ واضح على أن الشرك الأصغر يمكن أن يُغفر، فهو فيما دون ذلك، ومنه الرياء والحلف بغير الله، وكل ذريعة تؤدي إلى الشرك الأكبر، والذي نص عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن أَخْوَف مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ)، قَالُوا يَا رَسُولَ الله وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ؟، قَالَ: (الرِّيَاءُ) [ رواه أحمد (27742) وصححه الألباني في الصحيحة (951) ].
[2] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref2) رواه أحمد (16951)، وقال الأرنؤوط: حسن، وضعفه الألباني في الضعيفة (1266).
[3] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref3) رواه أحمد (16969)، وصححه الألباني في الصحيحة (492).
[4] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref4) رواه مسلم (2985)، وابن ماجة (4202)، وأحمد (2 / 301)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
[5] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref5) راجع (جامع العلوم والحكم) لابن رجب الحنبلي ص (15).
[6] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref6) رواه أبو داود (3251)، والترمذي (1535)، وأحمد (4886، 5568، 6036)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6204).
[7] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref7) رواه أحمد (3679)، والترمذي (1614)، وابن ماجه (3538)، وأبو داود (23910) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3098).
[8] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref8) تفسير ابن كثير (2/35).
[9] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref9) رواه مسلم (383، 384)، والترمذي (3614)، والنسائي (678)، وأبو داود (523)، وأحمد (26532).
[10] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref10) رواه النسائي (1300)، وأبو داود (1495)، والترمذي (3544) وابن ماجة (3858) وأحمد (11795)، وصححه الألباني في المشكاة (2290).
[11] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref11) رواه النسائي (1301)، وأبو داود (985)، وأحمد (18495) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (985).
[12] (http://www.salafvoice.com/admin/htmleditor/edit.htm#_ftnref12) رواه البخاري (2272، 3465)، مسلم (2743)، أبو داود (3387)، أحمد (5937).
الملاحدة
قال الشيخ حافظ حكمي:
والملاحدة في توحيد المعرفة و الإثبات(أي توحيد الربوبية) فرق كثيرة و أشياع متفرقة و لكن رؤوسهم خمس طوائف:
الأولى
سلبية محضا يثبتون إثباتا هو عين النفي و يصفون الباري تعالى بصفات العدم المحض الذي ليس هو بشيء البتة و ليس له عندهم حقيقة غير أنهم يقولون هو موجود لا داخل العالم و لا خارجا عنه و لا مباينا له و لا محايثا و ليس على العرش و لا غيره و لا يثبتون له ذاتا و لا إسما و لا صفة و لا فعلا بل ذلك عندهم هو عين الشرك و هذا هو الذي صرح به غلاة الجهمية و قد كان قدماؤهم يتحاشون عنه و يتسترون منه و كان السلف من أئمة الحديث يتفرسون
فيهم ذلك و أنهم يبطنونه و لا يبوحون به و قد قدمنا عن جماعة من السلف قولهم في الجهمية إنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله يعبد و يقول بعضهم إنهم يزعمون أن إلهك الذي بالسماء ليس بشيء و لكنه لم يصرح بذلك و يظهره إلا ابن سينا صاحب الإشارات تلميذ الفارابي وهو منسوب إلى أرسطو اليوناني وهو يرجع إلى مذهب الدهرية الطبائعية في المعنى وهو الذي نصره الملحد الكبير نصير الشرك الطواسي و أشباهه قبحهم الله تعالى
الطائفة الثانية
الحلولية الذين يزعمون أن معبودهم في كل مكان بذاته و ينزهونه عن استوائه على عرشه و علوه على خلقه و لم يصونوه عن أقبح الأماكن و أقذرها و هؤلاء هم قدماء الجهمية الذين تصدى للرد عليهم أئمة الحديث كأحمد بن حنبل و غيره و لهذا قال جهم بن صفوان لما ناظره السمنية في ربه و حار في ذلك ففكر و قدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر فقال هو هذا الهواء الذي هو في كل مكان و كذلك كان يقول كثير من أتباعه و لم يكن و لا هم يريدون ذلك و إنما كانوا يتوسلون به إلى السلب المحض و التعطيل الصرف كما فهمه منهم أئمة الإسلام رحمهم الله كلما أفصحوا به من نفي أسماء الباري و صفاته و كلامه و رؤيته في الدنيا و الآخرة و أفعاله و حكمته و غير ذلك كما تقدم حكايته عنهم قريبا و رد شبهاتهم الداحضة
الطائفة الثالثة
الاتحادية و هم القائلون إن الوجود بأسره هو الحق و أن الكثرة وهم بل جميع الأضداد المتقابلة و الأشياء المتعارضة الكل شيء واحد هو معبودهم في زعمهم و هم طائفة ابن عربي الطائي صاحب الفتوحات المكية و فصوص الحكم و غيرهما مما حرف فيه الكلم عن مواضعه و تلاعب فيه بمعاني الآيات و أتى بكفر لا يشبه كفر اليهود الذين قالوا عزير ابن الله و لا النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله و قالوا هو الله و قالوا ثالث ثلاثة فإن النصارى و أشباههم خصوا الحلول و الاتحاد بشخص معين و هؤلاء جعلوا الوجود بأسره على اختلاف أنواعه و تقابل أضداده مما لا يسوغ التلفظ بحكايته هو المعبود فلم يكفر هذا الكفر أحد الناس و كان هذا المذهب الذي انتحله ابن عربي و نظمه ابن الفارض في تائيته نظم السلوك و أصل هذا المذهب الملعون انتحله ابن سبعين عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن قطب الدين أبو محمد المقدسي الرقوطي نسبة إلى رقوطة بلدة قريبة من مرسية ولد سنة أربع عشرة و ستمائة و اشتغل بعلم الأوائل و الفلسفة فتولد له الإلحاد من ذلك و صنف فيه و كان يعرف السيمياء و يلبس بذلك على الأغبياء من الأمراء و الأغنياء و يعلم أنه حال من أحوال القوم و له من المصنفات كتاب البدو و كتاب الهو و قد أقام بمكة و استحوذ على عقل صاحبها أبي أبي نمى و جاور في بعض الأوقات بغار حراء يرتجي فيه الوحي أن ينزل عليه كما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بناء على ما يعتقده من العقيدة الفاسدة من أن النبوة مكتسبة و أنها فيض يفيض على العقل إذا صفا فما حصل له إلا الخزي في الدنيا و الآخرة إن كان مات على ذلك و كان إذا رأى الطائفين حول البيت يقول عنهم كأنهم الحمير حول المدار و أنهم لو طافوا به كان أفضل من طوافهم بالبيت فالله يحكم فيه و في أمثاله و قد نقلت عنه عظائم من الأقوال و الأفعال توفي يوم ثمانية و عشرين من شوال سنة تسع و ستين و ستمائة
الطائفة الرابعة
نفاة القدر و هم فرقتان:
فرقة نفت تقدير الخير و الشر بالكلية و جعلت العباد هم الخالقين لأفعالهم خيرها و شرها و لازم هذا القول أنهم هم الخالقون لأنفسهم لأن في قولهم نفي تصرف الله في عباده و إخراج أفعالهم عن خلقه و تقديره فيكون تكونهم من التراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة إلى آخر أطوار التخليق هم بأنفسهم تطوروا و بطبيعتهم تخلقوا و هذا راجع إلى مذهب الطبائعية الدهرية الذين لم يثبتوا خالقا أصلا كما قدمنا مناظرة أبي حنيفة لبعضهم فأسلموا على يديه
و فرقة نفت تقدير الشر دون الخير فجعلوا الخير من الله و جعلوا الشر من العبد ثم منهم من ينفي تقدير الشر من أعمال العباد دون تقديره في المصائب و منهم من غلا فنفى تقدير الشر من المصائب و المعايب و على كل حال فقد أثبتوا مع الله تعالى خالقا بل جعلوا العباد معه خالقين كلهم و نفوا أن يكون الله هو المتفرد بالتصرف في ملكوته و هذا راجع إلى مذهب المجوس الثنوية الذين أثبتوا خالقين خلقا للخير وخالقا للشر قبحهم الله تعالى
الطائفة الخامسة
الجبرية الذين يعتقدون أن العبد مجبور على أفعاله قسرا و لا فعل له أصلا بل إثبات الفعل للعبد هو عين الشرك عندهم بل هو كالهاوي من أعلى إلى أسفل و كالسعفة تحركها الريح لم يعمل باختياره طاعة و لا معصية و لم يكلفه الله وسعه بل حمله ما لا طاقة له به و لم يخلق فيه اختيارا لأفعاله و لا قدرة له عليها بل الطاعة و العصيان من الأقوال و الأعمال هي عندهم عين فعل الله عز وجل فرفعوا اللوم عن كل كافر و فاسق و عاص و أنه يعذبهم على نفس فعله لا على أعمالهم القبيحة ثم اعتقدوا أن المعاصي التي نهى الله عنها في كتبه و على ألسنة رسله إذا عملوها صارت طاعات لأنهم يقولون أطعنا مشيئة الله الكونية فينا بل لم يثبتوا الإرادة الشرعية البتة ومن يثبتها منهم يقول في الطاعات أطعنا الأرادة الشرعية و في المعاصي التي سماها الله معاصي أطعنا الإرادة الكونية و أما هم فلم يثبتوا معصية أصلا بل أفعالهم جميعها حسنها و قبيحها كلها عندهم طاعات على أصلهم هذا الفاسد و في ذلك رد منهم على الله تعالى أمره و نهيه ووعده ووعيده و فرضه على عباده جهاد الكفار و إقامة الحدود بل في إرساله الرسل و إنزاله الكتب فيجب عندهم تعطيل الشرائع بالكلية و الاحتجاج على نفيها بالقدر الكوني و محاربتها به و إثبات الحجة على الله لكل كافر و فاسق و عاص و هذا كفر لم يسبقهم إليه غير إمامهم إبليس اللعين إذ يحتج على الله تعالى بحجتهم هذه فقال فبما أغويتني و العجب أن هذا المذهب المخذول موروث عن جهم بن صفوان مع تناقضه في إثبات أفعال الله عز و جل فإنه لا يثبت لله تعالى فعلا يقوم بذاته أصلا بل أفعاله خارجة عنه قائمة بغيره من المخلوقات ثم ينقض ذلك بجعله أفعال العباد أفعال الله و هذا تناقض بين لكل عاقل فإن الفعل إنما يضاف إلى من قام به و القول إلى من قاله و كذا السمع و البصر و القدرة و غيرها محال أن تضاف إلى غير من قامت به و محال أن يسمى فاعلا بدون فعل يقوم به و لو ذهبنا نعد تشعب الفرق من هذه الطوائف و لوازم كل قول مما انتحلوه لاحتاج إلى كتاب مفرد و قد أفرد ذلك بالتصنيف غير واحد من الأئمة و قد قدمنا البعض من ذلك و ذكرنا أمثلة من تحريفهم النصوص و سيأتي الكلام على الدهرية في الإيمان بالبعث و على نفاة القدر و الغلاة فيه في باب القدر و الكلام على الخوارج و المرجئة و المعتزلة و أشباههم في باب الإيمان و الدين و الكلام على الروافض و النواصب في باب ذكر الصحابة و هذه الطوائف التي خالفت في توحيد المعرفة و الإثبات مرجعها إلى ثلاث فالحلولية و الإتحادية و السلبية و من في معناهم مرجعهم إلى الطبائعية الدهرية و القدرية النفاة بجميع فرقهم مرجعهم إلى المجوس الثنوية و الجبرية الغلاة مرجعهم إلى النزعة الجهمية الإبليسية و قد قدمنا قول المؤمنين أتباع الرسل مبسوطا بما فيه كفاية.
من معارج القبول للشيخ حافظ حكمي :(1342-1377)
من مشايخ المملكة العربية السعودية
الإسماعيلية
فرقة باطنية ، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق ، ظاهرها التشيع لآل البيت ، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام ، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر ، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة .
أبرز الشخصيات
أولاً : الإسماعيلية القرامطية :
- كان ظهورهم في البحرين والشام بعد أن شقوا عصا الطاعة على الإمام الإسماعيلي نفسه ونهبوا أمواله ومتاعه فهرب من سلمية في سوريا إلى بلاد ما وراء النهر خوفاً من بطشهم . - ومن شخصياتهم : - عبد الله بن ميمون القداح : ظهر في جنوبي فارس سنة 260ه* . - الفرج ين عثمان القاشاني (ذكرويه) : ظهر في العراق وأخذ يدعو للإمام المستور . - حمدان قرمط بن الأشعث (278ه* ) : جهر بالدعوة قرب الكوفة . - أحمد بن القاسم : الذي بطش بقوافل التجار والحجاج . - الحسن بن بهرام (أبو سعيد الجنابي) : ظهر في البحرين ويعتبر مؤسس دولة القرامطة . - ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام (أبو طاهر) : حكم ثلاثين سنة ، وفي عهده حدث التوسع والسيطرة وقد هاجم الكعبة المشرفة سنة 319ه* وسرق الحجر الأسود وأبقاه عنده لأكثر من عشرين سنة . - الحسن الأعصم بن سليمان : استولى على دمشق سنة 360ه* . ثانياً : الإسماعيلية الفاطمية : - وهي الحركة الإسماعيلية الأصلية وقد مرت بعدة أدوار : - دور الستر : من موت إسماعيل سنة 143ه* إلى ظهور عبيد الله المهدي ، وقد اختلف في أسماء أئمة هذه الفترة بسبب السرية التي انتهجوها . - بداية الظهور : بدأ الظهور بالحسن بن حوشب الذي أسس دولة الإسماعيلية في اليمن سنة 266ه* وامتد نشاطه إلى شمال أفريقيا واكتسب شيوخ كتامة ، يلي ذلك ظهور رفيقه علي بن فضل الذي ادعى النبوة وأعفى أنصاره من الصوم والصلاة . - دور الظهور : يبدأ بظهور عبيد الله المهدي الذي كان مقيماً في سلمية بسوريا ثم هرب إلى شمال أفريقيا وأعتمد علىأنصاره هناك من الكتاميين . - قتل عبيد الله داعيته أبا عبد الله الشيعي الصنعاني وأخاه أبا العباس لشكهما في شخصيته وأنه غير الذي رأياه في سلمية . - أسس عبيد الله أول دولة إسماعيلية فاطمية في المهدية بإفريقية (تونس) واستولى على رقادة سنة 297ه* وتتابع بعده الفاطميون وهم : - المنصور بالله (أبو طاهر إسماعيل ) . - المعز لدين الله (أبو تميم معد) : وفي عهده فتحت مصر سنة 361ه* وانتقل إليها المعز في رمضان سنة 362ه* . - العزيز بالله (أبو منصور نزار ) . - الحاكم بأمر الله (أبو علي المنصور ) . - الظاهر (أبو الحسن علي) . - المستنصر بالله (أبو تميم ) . _ وبوفاته انقسمت الإسماعيلية الفاطمية إلى نزارية شرقية ومستعلية غربية والسبب في هذا الانقسام أن الإمام المستنصر قد نص على أن يليه ابنه نزار لأنه الابن الأكبر، لكن الوزير الأفضل بن بدر الجمالي نحى نزاراً وأعلن إمامة المستعلي وهو الابن الأصغر كما أنه في نفس الوقت ابن أخت الوزير ، وقام بإلقاء القبض على نزار ووضعه في سجن وسدَّ عليه الجدران حتى مات . - استمرت الإسماعيلية الفاطمية المستعلية تحكم مصر والحجاز واليمن بمساعدة الصليحيين والأئمة هم : - المستعلي (أبو القاسم أحمد) . - الظافر (أبو المنصور إسماعيل) . - الفائز (أبو القاسم عيسى ) . - العاضد (أبو محمد عبد الله ) : من 555ه*ـ حتى زوال دولتهم على يدي صلاح الدين الأيوبي . ثالثاً : الإسماعيلية الحشاشون : - وهم إسماعيلية نزارية انتشروا بالشام ، وبلاد فارس والشرق ومن أبرز شخصياتهم : - الحسن بن الصباح : وهو فارسي الأصل وكان يدين بالولاء للإمام المستنصر قام بالدعوة في بلاد فارس للإمام المستور ثم استولى على قلعة الموت وأسس الدولة الإسماعيلية النـزارية الشرقية - وهم الذين عرفوا بالحشاشين لإفراطهم في تدخين الحشيش، وقد أرسل بعض رجاله إلى مصر لقتل الإمام الآخر بن المستعلي فقتلوه مع ولديه عام 525ه*، وتوفي الحسن بن الصباح عام 1135م . - كيابزرك آميد . - محمد كيابزرك آميد . -الحسن الثاني بن محمد . - محمد الثاني بن الحسن . - الحسن الثالث بن محمد الثاني . - ركن الدين خورشاه: من سنة 1255ه* إلى أن انتهت دولتهم وسقطت قلاعهم أمام جيش هولاكو المغولي الذي قتل ركن الدين فتفرقوا في البلاد وما يزال لهم اتباع إلى الآن . رابعاً : إسماعيلية الشام : - وهم إسماعيلية نزارية، لقد أبقوا خلال هذه الفترة الطويلة عقيدتهم يجاهرون بها في قلاعهم وحصونهم غير أنهم ظلوا طائفة دينية ليست لهم دولة بالرغم من الدرو الخطير الذي قاموا به ولا يزالون إلى الآن في منطقة سلمية بالذات وفي مناطق القدموس ومصياف وبانياس والخوابي والكهف . - ومن شخصياتهم (راشد الدين سنان) الملقب بشيخ الجيل، وهو يشبه في تصرفاته الحسن بن الصباح، ولقد كون مذهب السنانية الذي يعتقد اتباعه بالتناسخ إضافة إلى عقائد الإسماعيلية الأخرى . خامساً : الإسماعيلية البهرة : - وهم إسماعيلية مستعلية، يعترفون بالإمام المستعلي ومن بعده الآمر ثم ابنه الطيب ولذا يسمون بالطيبية، وهم إسماعيلية الهند واليمن، تركوا السياسة وعملوا بالتجارة فوصلوا إلى الهند واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا وعرفوا بالبهرة، والبهرة لفظ هندي قديم بمعنى التاجر . - الإمام الطيب دخل الستر سنة 525ه* والأئمة المستورون من نسله إلى الآن لا يعرف عنهم شيئاً، حتى إن أسمائهم غير معروفة،وعلماء البهرة أنفسهم لا يعرفونهم . انقسمت البهرة إلى فرقتين : -البهرة الداوودية : نسبة إلى قطب شاه داود : وينتشرون في الهند وباكستان منذ القرن العاشر الهجري وداعيتهم يقيم في بومباي - البهرة السليمانية : نسبة إلى سليمان بن حسن وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم سادساً : الإسماعيلية الأغاخانية : - ظهرت هذه الفرقة في إيران في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وترجع عقيدتهم إلى الإسماعيلية النـزارية، ومن شخصياتهم : . - حسن علي شاه : وهو الأغاخان الأول : الذي استعمله الإنجليز لقيادة ثورة تكون ذريعة لتدخلهم فدعا إلى الإسماعيلية النـزارية، ونفي إلى أفغانستان ومنها إلى بومباي وقد خلع عليه الإنجليز لقب آغاخان،مات سنة1881م . - أغا علي شاه وهو الأغاخان الثاني - يليه ابنه محمد الحسيني : وهو الآغاخان الثالث : وكان يفضل الإقامة في اوروبا وقد رتع في ملاذ الدنيا وحينما مات أوصى بالخلافة من بعده لحفيده كريم مخالفاً بذلك القواعد الإسماعيلية في تولية الابن الأكبر . - كريم : وهو الآغاخان الرابع وما يزال حتى الآن،وقد درس في إحدى الجامعات الإمريكية سابعاً : الإسماعيلية الواقفة : - وهي فرقة إسماعيلية وقفت عند إمامة محمد بن إسماعيل وهو أول الأئمة المستورين وقالت برجعته بعد غيبته
أهم العقائد
- ضرورة وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل على أن يكون الابن الأكبر وقد حدث خروج على هذه القاعدة عدة مرات
- العصمة لديهم ليست في عدم ارتكاب المعاصي والأخطاء بل إنهم يؤولون المعاصي والأخطاء بما يناسب معتقداتهم - من مات ولم يعرف إمام زمانه ولم يكن في عنقه بيعة له مات ميتة جاهلية - يضفون على الإمام صفات ترفعه إلى ما يشبه الإله، ويخصونه بعلم الباطن ويدفعون له خُمس ما يكسبون - يؤمنون بالتقية والسرية ويطبقونها في الفترات التي تشتد عليهم فيها الأحداث - الإمام هو محور الدعوة الإسماعيلية، ومحور العقيدة يدور حول شخصيته - الأرض لا تخلو من إمام ظاهر مكشوف أو باطن مستور فإن كان الأمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً، وإن كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين . - يقولون بالتناسخ، والإمام عندهم وارث الأنبياء جميعاً ووارث كل من سبقه من الأئمة - ينكرون صفات الله تعالى أو يكادون لأن الله - في نظرهم - فوق متناول العقل، فهو لا موجود ولا غير موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز، ولا يقولون بالإثبات المطلق ولا بالنفي المطلق فهو إله المتقابلين وخالق المتخاصمين والحاكم بين المتضادين، ليس بالقديم وليس بالمحدث فالقديم أمره وكلمته والحديث خلقه وفطرته . من عقائد البهرة : - لا يقيمون الصلاة في مساجد عامة المسلمين . - ظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد سائر الفرق الإسلامية المعتدلة . - باطنهم شيء آخر فهم يصلون ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل الطيب بن الآمر . - يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين لكنهم يقولون : إن الكعبة هي رمز على الإمام . - كان شعار الحشاشين ( لا حقيقة في الوجود وكل أمر مباح ) ووسيلتهم الإغتيال المنظم والامتناع بسلسلة من القلاع الحصينة . - يقول الإمام الغزالي عنهم : ( المنقول عنهم الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة المحظورات، وإنكار الشرائع، إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب إليهم ) . - يعتقدون أن الله لم يخلق العالم خلقاً مباشراً بل كان ذلك عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية ويسمونه الحجاب، وقد حل العقل الكلي في إنسان هو النبي وفي الأئمة المستورين الذين يخلفونه فمحمد هو الناطق وعلي هو الأساس الذي يفسر .
الجذور العقائدية
- لقد نشأ مذهبهم في العراق، ثم فروا إلى فارس وخراسان وما وراء النهر كالهند والتركستان فخالط مذهبهم آراء من عقائد الفرس القديمة والأفكار الهندية، وقام فيهم ذوو أهواء في انحرافهم بما انتحلوا من نحل .
- اتصلوا ببراهمة الهند والفلاسفة الإشراقيين والبوذيين وبقايا ما كان عند الكلدانيين والفرس من عقائد وأفكار حول الروحانيات والكواكب والنجوم واختلفوا في مقدار الأخذ من هذه الخرافات وقد ساعدتهم سريتهم على مزيد من الإنحراف .
- بعضهم اعتنق مذهب مزدك وزرادشت في الإباحية والشيوعية كالقرامطة مثلاً .
- ليست عقائدهم مستمدة من الكتاب والسنة فقد داخلتهم فلسفات وعقائد كثيرة أثرت فيهم وجعلتهم خارجين عن الإسلام .
أماكن الإنتشار
- لقد اختلفت الأرض التي سيطر عليها الإسماعليون مداً وجزراً بحسب تقلبات الظروف والأحوال خلال فترة طويلة من الزمن، وقد غطى نفوذهم العالم الإسلامي ولكن بتشكيلات متنوعة تختلف باختلاف الأزمان والأوقات :
- فالقرامطة سيطروا على الجزيرة وبلاد الشام والعراق وما وراء النهر . - والفاطميون أسسوا دولة امتدت من المحيط الأطلسي وشمال أفريقيا، وامتلكوا مصر والشام، وقد اعتنق مذهبهم أهل العراق وخُطب لهم على منابر بغداد سنة 540ه* ولكن دولتهم زالت على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله . - والآغاخانية يسكنون نيروبي ودار السلام وزنجبار ومدغشقر والكنغو البلجيكي والهند وباكستان وسوريا ومركز القيادة لهم في مدينة كراتشي بباكستان . - والبهرة استوطنوا اليمن والهند والسواحل القريبة المجاورة لهذين البلدين . - وإسماعيلية الشام امتلكوا قلاعاً وحصوناً في طول البلاد وعرضها وما تزال لهم بقايا في مناطق سلمية والخوابي والقدموس ومصياف وبانياس والكهف . - والحشاشون انتشروا في إيران واستولوا على قلعة آلموت جنوب بحر قزوين واتسع سلطانهم واستقلوا بإقليم كبير وسط الدولة العباسية السُنية، كما امتلكوا القلاع والحصون ووصلوا بانياس وحلب والموصل، وولي أحدهم قضاء دمشق أيام الصليبين وقد اندحروا أمام هولاكو المغولي . -المكارمة وهم الآن مستقرون في مدينة نجران في جنوب الجزيرة العربية .
الناصرية
التعريف:
الناصرية حركة قومية عربية، نشأت في ظل حكم جمال عبد الناصر (رئيس مصر من عام 1952مـ 1970م) واستمرت بعد وفاته واشتقت اسمها من اسمه وتبنت الأفكار التي كان ينادي بها وهي: الحرية والاشتراكية والوحدة وهي نفس أفكار الأحزاب القومية اليسارية العربية الأخرى.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
· أول من أطلق لفظ (الناصرية) محمد حسنين هيكل، الصحفي الذي رافق عبد الناصر إبان حكمه، وأصبح له شهرة في العالم العربي، وذلك بمقال له في جريدة الأهرام في 14/1/1972م.
· جاء بعده كمال رفعت وأصدر في عام 1976م كتيباً بعنوان ناصريون ذكر فيه مبادئ الناصرية وأهدافها.
· وبلور الدكتور عبد القادر حاتم الذي كان وزيراً في عهد عبد الناصر المذهب الناصري في تأبينه لعبد الناصر، كما جاء في جريدة الأخبار (2/10/1970م) حينما قال: " أصبح في العالم اليوم مذهب سياسي متميز ينتسب إلى عبد الناصر ".
· وقد وافق القضاء المصري على إعلان الناصرية كحزب باسم (الحزب الديمقراطي الناصري) وذلك في يوم الاثنين 18/شوال/1412هـ (20/4/1992م) برئاسة ضياء الدين داود المحامي، وعضو مجلس الشعب المصري.
· وهناك من قادة الدول العربية ـ مثل معمر القذافي رئيس الجماهرية الليبية ـ من يصرح بأنه على منهج عبد الناصر !!.
نظرة تاريخية على مؤسس الناصرية:
ـ جمال عبد الناصر: وكان يتردد على مركز الإخوان المسلمين لسماع حديث الثلاثاء منذ عام 1942م. (مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف).
ـ في أوائل عام 1946م بايع الإخوان المسلمين على التضحية في سبيل الدعوة الإسلامية مجموعةٌ من الضباط منهم جمال عبد الناصر. (مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف).
ـ بدأت علاقة عبد الناصر بالمخابرات الأمريكية منذ آذار (مارس) 1952م أي قبل قيام الثورة بأربعة أشهر، كما اعترف بذلك أحد رفاقه وهو خالد محي الدين. وتحدث اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد الثورة عن هذه العلاقة في مذكراته، وأنهم هم الذين كانوا يرسمون له الخطط الأمنية ويدعمون حرسه بالسيارات والأسلحة الجديدة.
ـ في 27 يوليو 1954م عقد اتفاقية الجلاء مع بريطانيا وعارضه فيها الإخوان المسلمون.
ـ في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1954م أعفي محمد نجيب من منصبه كرئيس للجمهورية ليصبح عبد الناصر فرعون مصر الجديد ـ على حد تعبير رفاقه ـ كمال الدين حسين وحسن التهامي.ـ
ـ في 8 كانون الأول (ديسمبر) 1954م (12 ربيع الآخر 1374هـ) نفذ عبد الناصر حكم الإعدام في ستة من قادة جماعة الإخوان المسلمين منهم عبد القادر عودة مؤلف التشريع الجنائي في الإسلام. فضلاً عن الاعتقالات التي شملت الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعد اتهامهم بالتآمر على قتله في حادث المنشية بالإسكندرية (في نفس العام) والتي قيل بأنها مسرحية دبرها عبد الناصر مع المخابرات المركزية للتخلص من الإخوان المسلمين الذين كانوا يشكلون عقبة كبيرة لحكمه الفردي البعيد عن الدين، ولتلميع شخصيته كزعيم وطني حتى تتعلق به الجماهير.
ـ في عام 1956م كان الاعتداء الثلاثي على مصر من قبل انجلترا وفرنسا وإسرائيل.. ولم ينسحب المعتدون إلا بعد استيلاء إسرائيل على شرم الشيخ في سيناء، وجزيرة تيران في البحر الأحمر.
ـ شارك في الحرب اليمنية: التي قتل فيها الآلاف من الشعب المصري المسلم.. وخسرت فيها الملايين.
ـ في عام 1965م أقدم عبد الناصر على إعدام ثلاثة من كبار الإخوان المسلمين منهم سيد قطب مؤلف في ظلال القرآن.
ـ في نفس العام صدر القرار الجمهوري (نيسان ـ أبريل ـ 1965م) بالعفو الشامل عن جميع العقوبات الأصلية والتبعية ضد الشيوعيين في مصر، ودخل الماركسيون في جميع مجالات الحياة في مصر بعد ذلك.
ـ في عام 1967م كانت النكبة الثانية للعرب والمسلمين، فقد احتلت دولة اليهود في فلسطين المحتلة، ثلاثة أمثال ما اغتصبوه عام 1948م (سيناء والجولان والضفة الغربية) وسقطت القدس بلا قتال.
ـ وتوفي عبد الناصر سنة 1970م بعد أن غرقت مصر في الديون وبعد أن خرّب مصر سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً، وملأ العالم العربي بالشعارات الجوفاء.
· ومن أخلاق عبد الناصر على لسان رفاق حياته ومعاصريه:
ـ يقول حسن التهامي وهو من أقرب المقربين لعبد الناصر: " إن عبد الناصر هو الذي أمر القوات المصرية بالانسحاب إلى الضفة الغربية من قناة السويس عام 1967م. وأن عبد الناصر هو الذي دس السم لعبد الحكيم عامر، في بيت عبد الناصر نفسه ". الأهرام 5/8/1977م.
ـ حسين الشافعي وهو أحد الضباط الأحرار الذين قاموا بالانقلاب العسكري سنة 1952م يقول في محاضرة له في جمعية الشبان المسلمين: " انقلوا عني: أن الجيش المصري لم يحارب في معركة 1967م بل هزم بسبب الإهمال والخيانة، وأقول الخيانة وأضع تحتها عشرة خطوط ".
ـ خالد محيي الدين: زعيم التنظيم اليساري في مصر وهو أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار، يقول: " إن عبد الناصر كانت له علاقة بالمخابرات الأمريكية منذ مارس 1952م أي قبل قيام الثورة بأربعة أشهر ".
الأفكار والمعتقدات:
· من مبادئ الناصرية:
ـ الحرية والاشتراكية والوحدة، للقضاء على مشكلات العالم العربي الأربعة: وهي الاستعمار والتخلف والطبقية والتجزئة بين أقطار العالم العربي. (وهي نفسها أفكار حزب البعث القومي اليساري: الوحدة، الحرية، الاشتراكية).
ـ الحرية المطلوبة هي حرية الناصريين وليست حرية الشعب بكامله، إذ أن الناصرية القديمة (في عهد عبد الناصر نفسه) رفعت شعارات لا حرية لأعداء الحرية، وهي تعتقد بأن كل معارض لها من أعداء الحرية.
الاشتراكية أساس التقدم الاقتصادي.. وهي أساس بناء مجتمع الكفاية والعدل، والمجتمع الذي ترفرف عليه الرفاهية كما يزعمون.
ـ ونادت الناصرية بتوزيع الثروة الوطنية لتحقيق التغيير الاجتماعي.
ـ ونادت بالاشتراكية العلمية .. وهي خليط من الاشتراكية الماركسية والليبرالية الغربية والأفكار والوطنية مع شيء من الأفكار الدينية.
ـ الوحدة هي أساس القوة العربية.. والعروبة أو القومية العربية هي أساس قيام الوحدة. وأغفلت الناصرية رباط العقيدة التي لا تؤمن الشعوب العربية إلا بها ولا تجتمع إلا حول رايتها. وهي أساس وحدة العرب في الصدر الأول.
ـ نادت الناصرية بالديمقراطية ومفهوم الديمقراطية لديها هو ديمقراطية التحالف السياسي، تبعاً لتحالف القوى الاجتماعية.. أو كما وصفها محمد حسنين هيكل بديمقراطية الموافقة: أي أن الزعيم الحاكم ينفرد بالحكم وبإصدار القرارات المصيرية.. ودور الشعب يقتصر على تأييد هذه القرارات. لأنه يفترض في الزعيم العصمة والصواب والحكمة وتجسيد إرادة الشعب وحقوق التعبير عنها.
ـ العلمانية ـ أو اللادينية ـ من أسس الناصرية أيضاَ.. فليس للدين علاقة بالمجتمع وقوانينه ونظام حياته، وإنما هو طقوس تعبدية في المسجد فحسب.
الجذور الفكرية والعقائدية:
· الناصرية حركة قومية يسارية علمانية برزت بعد وفاة عبد الناصر لذلك فهي تعتمد على الفكر القومي الذي ظهر بعد سقوط الدولة العثمانية.
· الفكر الماركسي المادي أحد روافد فكرها الذي تلبسه الثوب القومي.
· الناصرية أبعدت الدين من كل مبادئها وممارساتها، من هنا جاء وصفها بالعلمانية (أو اللادينية).
النفوذ وأماكن الانتشار:
نشأت الناصرية في مصر وانتشرت في باقي البلاد العربية، وإن كان أتباعها في البلاد العربية قلة من المنتفعين، وقد طالب بعض الذين تعاونوا مع عبد الناصر إبان حكمه بتشكيل حزب ناصري في مصر وقد سمح لهم بذلك.
ويتضح مما سبق:
أن الناصرية تتجسد في حفنة من الذين تعاونوا مع عبد الناصر إبان حكمه وأظهروا الولاء لشخصه فلما سمح بالتعددية الحزبية في مصر اتفقوا على التجمع باسم القومية العربية وتحت لواء الحرية والاشتراكية والوحدة دون تحديد واضح لمضمون هذه الأهداف. ولكنهم على أية حال يدينون بالولاء لعبد الناصر ويعتبرونه رائدهم مشيدين بمواقفه الإيجابية بحكم أنه أنهى الملكية الفاسدة في مصر وأمم قناة السويس، وأنهى الاحتلال البريطاني، وبنى السد العالي، وحرر اليمن الشمالي، وحقق مكاسب للعمال والفلاحين. ولكنهم يتغافلون عن سلبيات حكمه الفظيعة، التي تتمثل في إعلان الحرب على الاتجاه الإسلامي في الداخل والخارج، وتعذيب حملة لوائه عذاباً نكراً، تقتيل فطاحل علمائه من أمثال عبد القادر عودة وسيد قطب وغيرهم بعد محاكمات صورية.
· كما دأب على الوقوف دائماً في صف أعداء الإسلام ومناصرة سياستهم فأيد نهرو في مواقفه الجائرة ضد باكستان، وأيد نيريري الذي قام بمذبحة ضد مسلمي زنجبار، وأيد مكاريوس الذي كافح من أجل إضاعة حقوق المسلمين في قبرص.
وأحيا جاهلية القرن العشرين بإثارة نعرة القومية العربية وإعلان الحرب على ملوك البلدان الإسلامية وتشجيع المؤامرات الانقلابية.
· ورغم أنه في أول حكم الثورة كان قد جعل الديمقراطية أحد مبادئها، إلا أنه لم يسمح ببزوغ فجرها ووأدها في مهدها وقضى على كافة الأحزاب المطالبة بها، وأنشأ الحزب الشمولي وألغى الدستور وجمع السلطة كلها في يده وظل طوال حكمه مثال الحاكم المستبد الذي يضرب خصومه بيد من حديد، دون أدنى مراعاة للقيم الأخلاقية ويفتعل المؤامرات للقضاء عليهم قضاء مبرماً.
وانتشر في عهده التحلل الأخلاقي والتفكك الأسري والتزلف النفعي والفساد، وقام بإلغاء الأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية، وأضعف كيان الأزهر، وأصبح للمخابرات والمباحث العامة والأمن القومي السيطرة على كل المؤسسات في الدولة، وقاصمة الظهر في هذا كله أنه عرَّض الجيش المصري لهزيمة ساحقة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً وضاعت بسببها الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان والقدس الشريف وتمكنت إسرائيل من توسيع رقعتها بما لم تكن تحلم به.
· ويعتبر مسؤولاً عن انفصال السودان عن مصر وعن حرب اليمن وعن السماح لإسرائيل باستعمال مضيق تيران.
· والمؤمل، إذا تجملت الناصرية ـ بعد أن سمح لها من جديد بتشكيل حزب سياسي في مصر ـ أن تفتح أنصارها عيونهم على هذه الحقائق المؤلمة ويصححوا مسارها نحو فهم جديد مستند للإسلام كأهم عنصر إيجابي في تحقيق حكم نظيف قوامه العدالة الاجتماعية وإنجاز الحرية والشورى كأساس متين لتجمع المسلمين ووحدتهم. ولعلهم بذلك يخفون وجه الناصرية القبيح ويقضون على آثارها المتعفنة ورموزها القذرة، ولهم في ماضيهم عبرة وفيما حدث في الكويت تبصرة وذكرى (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
----------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ كنت رئيساً لمصر محمد نجيب.
ـ تاريخ بلا وثائق ـ إبراهيم سعدة.
ـ البحث عن الذات، منير حافظ.
ـ مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف.
ـ الله أو الدمار، سعد جمعة.
ـ الناصرية في قفص الاتهام ـ عبد المتعال الجبري.
ـ الموتى يتكلمون ـ سامي جوهر.
ـ الناصرية وثنية سياسية ـ د. فهمي الشناوي.
ـ من أسرار علاقة الضباط الأحرار بالإخوان المسلمين ـ حسين محمد أحمد حمودة.
-----------------
المصدر / الموسوعة الميسرة من موقع صيد الفوائد
أن من قال عند صاحب قبرٍ مثلاً:
( يـــــــا حُسين أُدْعُ الله لي أن يشفي مريضي )
أنه شرك أكبر
وهذا كتابُ الله ناطق بشركية هذا الفعل
قال تعالى:
" إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم "
وقال تعالى:
" ولا تدعُ من دون الله مالا ينفعك ولا يضرُّك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين"
وقوله تعالى:
" ومن أضلُّ ممن يدعوا من دون الله
من لا يستجيب له إلى يوم القيامة
وهم عن دعائهم غافلون
وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً
وكانوا بعبادتم كافرين"
وقال -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- :
" الدعاء هو العبادة "
فإن دعاء الأموات وطلب الحوائج منهم
- دنيوية أو أخروية -
شركٌ أكبر لا يغفره الله تعالى
وهذا الطلب لا يقدر عليه إلا الله
ودعاء الأموات لطلب الدعاء منهم دعاء!
والدعاء عبادة
بل هو العبادة
وصرفها لغير الله شرك أكبر
فدعاء الأموات بكل صورةٍ
عبادة مصروفة لغير الله ابتداءاً
وإلاَّ فما هو الشرك إلم يكن هذا شركاً !
ولافرق بين دعاء الأموات مباشرة وبين دعائهم لطلب دعائهم
فكليهما دعاء للأموات
وأنَّ كليهما شرك أكبر
والأدلة الشرعية لاتفرّق بينهما
ومن فرَّق بينهما فعليه الدليل
فالأدلة عامة في كلا الحالتين
ولاشك أن غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء
هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم
وهذا هو الشرك الأكبر الذي وقع فيه مشركوا قريشٍ وأمثالهم
قال شيخ الإسلام
أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية النميري الحراني الدمشقي رحمه الله في كتابه :
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/18)
[ وهو في مجموع الفتاوى (1/158-160) ] :
" والمشركون من هؤلاء
قد يقولون إنا نستشفع بهم
أى نطلب من الملائكة والأنبياء أن يشفعوا
فإذا أتينا قبر أحدهم طلبنا منه أن يشفع لنا
فإذا صوّرنا تمثاله
- والتماثيل إما مجسدة وإما تماثيل مصورة -
كما يصورها النصارى فى كنائسهم
قالوا فمقصودنا بهذه التماثيل تذكُّر أصحابها وسِيَرهم
ونحن نخاطب هذه التماثيل
ومقصودنا خطاب أصحابها ليشفعوا لنا إلى الله
فيقول أحدهم :
يا سيدى فلان أو يا سيدى جرجس أو بطرس أو ياستى الحنونة مريم
أو يا سيدى الخليل أو موسى بن عمران أو غير ذلك
(اشفع لى إلى ربك)
وقد يخاطبون الميت عند قبره
( سل لى ربك)
أو
(يخاطبون الحى وهو غائب)
كما يخاطبونه لو كان حاضراً حياً
وينشدون قصائد يقول أحدهم فيها :
يا سيدى فلان أنا فى حسبك
أنا فى جوارك اشفع لى إلى الله
سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا
سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة
أشكوا إليك كذا وكذا
فسل الله أن يكشف هذه الكربة
أو يقول أحدهم :
(سل الله أن يغفر لى)
ومنهم من يتأول قوله تعالى :
( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيماً )
ويقولون :
إذا طلبنا منه الإستغفار بعد موته
كنا بمنزلة الذين طلبوا الإستغفار من الصحابة
ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين
فإن أحداً منهم لم يطلب من النبى بعد موته
أن يشفع له ولا سأله شيئاً
ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين فى كتبهم
وإنما ذكر ذلك من ذكره
من متأخرى الفقهاء
وحكوا حكاية مكذوبة على مالك رضى الله عنه
سيأتى ذكرها وبسط الكلام عليها إن شاء الله تعالى .
فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين
بعد موتهم
عند قبورهم
وفى مغيبهم
وخطاب تماثيلهم
هو من أعظم أنواع الشرك
الموجود فى المشركين
من غير أهل الكتاب
وفى مبتدعة أهل الكتاب
والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات مالم يأذن به الله تعالى
قال الله تعالى :
( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )
فإن دعاء الملائكة والأنبياء
- بعد موتهم -
وفى مغيبهم
وسؤالهم
والإستغاثة بهم
(( والإستشفاع بهم ))
فى هذه الحال ونصب تماثيلهم
بمعنى طلب الشفاعة منهم هو
من الدين الذى لم يشرعه الله
ولا ابتعث به رسولاً
ولا أنزل به كتاباً
وليس هو واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين
ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان
ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين
وإن كان ذلك مما يفعله كثير
من الناس ممن له عبادة وزهد
ويذكرون فيه حكايات ومنامات فهذا كله من الشيطان
وفيهم من ينظم القصائد
فى دعاء الميت
والإستشفاع به
والإستغاثة
أو يذكر ذلك فى ضمن مديح الأنبياء والصالحين
فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين
ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة
وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة
فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين
فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب
وكثير من الناس يذكرون فى هذه الأنواع من الشرك منافع ومصالح
ويحتجون عليها بحجج
من جهة
الرأى
أو الذوق
أو من جهة
التقليد
والمنامات
ونحو ذلك ... " .
وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في (27/72 ) : "
وأما من يأتي إلى قبر نبي أو صالح
أو من يعتقد فيه أنه قبر نبي أو رجل صالح وليس كذلك
ويسأله حاجته
مثل
أن يسأله أن يزيل مرضه
أو مرض دوابه
أو يقضي دينه
أو ينتقم له من عدوه
أو يعافي نفسه وأهله ودوابه
ونحو ذلك
مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل
فهذا شرك صريح
يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل
وإن قال أنا أسأله
لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي في هذه الأمور
لأني أتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه
فهذا من أفعال المشركين والنصارى
فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء
يستشفعون بهم في مطالبهم
وكذلك أخبر الله عن المشركين أنهم قالوا :
( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )
الزمر آية 3 ".
وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في الفتاوى (27/87) :
" فإذا قال قائل :
أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعا لى
فهو من جنس دعاء النصارى
لمريم والأحبار والرهبان .
والمؤمن يرجو ربه ويخافه ويدعوه مخلصا له الدين
وحق شيخه أن يدعو له ويترحم عليه " .
إلى أن قال رحمه الله (27/90) : "
فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله
إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان
تضاهى دين المشركين والنصارى " .
إلى أن قال رحمه الله (27/98) :
" وبالجملة .. فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل
فى الرغبة والرهبة مثل دعائهم عند الإستسقاء لنزول الرزق ودعائهم عند الكسوف
والإعتداد لرفع البلاء وأمثال ذلك
إنما يدعون فى ذلك الله (( وحده لا شريك له )) لا يشركون به شيئاً
لم يكن للمسلمين قط أن يرجعوا بحوائجهم إلى غير الله عز وجل
بل كان المشركون فى جاهليتهم يدعونه بلا واسطة فيجيبهم الله
أفتراهم بعد التوحيد والإسلام
لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة
التى ما أنزل الله بها من سلطان ؟! " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (1/126) :
" وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه
- كالحجاب الذين بين الملك ورعيته -
بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه
فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم
فالخلق يسألونهم
وهم يسألون الله
كما أن الوسائط عند الملوك
يسألون الملوك الحوائج للناس
لقربهم منهم
والناس يسألونهم أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك
أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك
لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج .
فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه
فهو كافر مشرك
يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل
وهؤلاء مشبهون لله
شبهوا المخلوق بالخالق
وجعلوا لله أنداداً " .
ويقول ابن تيمية رحمه الله أيضاً في مجموع الفتاوى أيضاً (1/134، 135) :
" من أثبت وسائط بين الله وبين خلقه
كالوسائط التي تكون بين الملوك والرعية
فهو مشرك
بل هذا دين المشركين عباد الأوثان
كانوا يقولون :
إنها تماثيل الأنبياء والصالحين
وأنها وسائل يتقربون بها إلى الله
وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى " .
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الدرر السنية (2/19) :
" فمن دعا غير الله طالباً منه ما لا يقدر عليه إلا الله
من جلب نفعٍ
أو دفع ضرٍ
فقد أشرك في عبادة الله
كما قال تعالى:
( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ
وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ )
الأحقاف آية 6 ، 7
وقال تعالى :
( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ
إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ )
فاطر آيتي 14 و 15
فأخبر تبارك وتعالى أن دعاء غير الله شرك
فمن قال :
يا رسول الله
أو يا عبد الله بن عباس
أو يا عبد القادر
أو يا محجوب
زاعماً أنه يقضي حاجته إلى الله تعالى
أو أنه شفيعه عنده أو وسيلته إليه
فهو الشرك الذي يهدر الدم
ويبيح المال إلا أن يتوب من ذلك " .
ولاشك أن هؤلاء الأموات ما يستطيعون الدعاء لأحد
أو أن يشفعوا لأحد لأنهم مرتهنون بأعمالهم
ولو كانوا يستطيعون هذا لدعوا لأنفسهم بمغفرة الذنوب أو رفع الدرجات
وهيهات
وهل الصلاة على الجنائز إلا دليل على أن الأموات بحاجة إلى دعاء الأحياء
وهل المشركون الاوائل
حينما عبدوا أصنامهم عبدوا مجرد الحجارة ؟
القران أجاب على هذه الشبهة
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)
الزمرآية 3
ومايفعله هؤلاء اليوم من طلب الدعاء من صاحب القبر
إلا اتخاذ الوسائط الذي جاء التوحيد بنفيه
وهل صاحب القبر يملك ذلك
ثم الذي يقدم على صاحب القبر لايقدم عليه
إلا وهو معتقد تعظيمه وجعله واسطة بينه وبين الله
وهذا مانص عليه شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الاسلام
وهل بلية العالم الاسلامي الا من هذا
وممن قال بأنه شرك أكبر
غير شيخ الإسلام ابن تيمية
ومحمد بن عبد الوهاب
الشيخ ابن باز في شرح كشف الشبهات
رحمهم الله تعالى
ومن الأحياء
الشيخ سليمان العلوان حفظه الله في سؤال وجهه أحد طلبة العلم في قراءته لنواقض الإسلام
والشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله في (شرح أصول السنة لابن أبي زمنين، الشريط 12 د 73).
ثم اعلم علمني الله وإيّاك وسائر المسلمين
- آمين-
أن هناك من تمسّك بهذا الكلام المتشابه
لشيخ الإسلام بن تيميّة رحمه الله ولم يرده إلى مُحكمه
كما سبيل الراسخين في العلم
وهو قوله في الفتاوى
ج1/ص351
(الثانية أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين
ادع الله لى أو ادع لنا ربك أو إسأل الله لنا كما تقول النصارى
لمريم وغيرها فهذا أيضا لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من
البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة وان كان السلام على أهل القبور
جائزا ومخاطبتهم جائزة كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه
اذا زاروا القبور أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين
والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم نسأل
الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا
ولهم وروى أبو عمر بن عبد البر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال
ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه الا رد الله
عليه روحه حتى يرد عليه السلام)
والجواب بما يلي:
أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يقل ليس شركاً ولاتُفهم من كلامه أصلاً
فالشيخ يطلق البدعية على ما كان شركاً وما لم يكن كذلك
فالبدعة - من حيث إحداثها - هي بدعة
بصرف النظر
عن كونها
شركاً أكبر
أو شركاً أصغر
أو ذريعة لأحدهما
أوكبيرة من الكبائر
فقول الشيخ :
(( لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة ))
ليس فيه نفي الشركية أو الكلام عليها ألبتة .
بل المعروف عموماً
أنَّ البدعة بدعتان:
بدعة شركية
وبدعة غير شركية
ومن نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نفيه الشركية الكبرى
عن دعاء الأموات فقد أعظم عليه الفرية
أما لو كان فهماً خاطئاً له فالخطب سهل
والخطأ واقعٌ منا جميعاً
شبكة الدفاع عن السنة
الفكر الليبرالي
فإن كلَّ دينٍ صحيح؛ جاء مرشداً للإنسان، وهادياً له إلى طريقِ الحق، ومكمِّلاً لما فيه من النقائص التي تعتريه، فهو مخلوقٌ إن تجرد عن الإيمان بالله والانقياد لأوامره واجتناب نواهيه؛ كان في أسفل سافلين، فهو - بلا إيمانٍ وطاعة - يعيش طبيعةً بائسة: " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... " (1).
وإن من أكبر الجرائم التي قد يرتكبها الإنسان: استجابته لعدوه الشيطان، ليبدأ معه رحلةَ التحريف والضَّياع، وينساقَ خلف رَكْبِ الأهواءِ والرَّغبات، فيُقدِّمها على نصُوصِ الشرع المُطهَّر، ودلالاته الواضحة، وحقائقه النيِّرة، ليفقد الإنسانُ تلك المعايير التي بها يَعرف الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، والهدى من الضلال.
ومن هنا يَكثر التخبُّط والزيغ، وينقاد الفكر تبعاً للأهواء، وتَخضع العقيدة تحت لواءِ العقل الإنساني، الذي إن ابتعد عن نور الوحي وآثار النبوة؛ وقف حائراً أمام الحقائقِ والأسرار والمعارف، وعاش فوضىً حياتية بعيدة كل البعد عن العبوديةِ الخالصةِ المتجرِّدة لله تعالى.
ومن نتائج استجابة الإنسان للشيطان؛ خرجت لنا تلك المذاهبُ المنحرفة، والأفكارُ المخدوعة، التي تعتمد - اعتماداً كلياً - على النظرةِ النقديةِ الفلسفيةِ لكلِّ ثابت، وتتقنَّع بمبدأ الحريَّةِ والانفتِاح، وتركضُ خلف العدو الكافر بدعوى التطور والتقدم. ومن تلك المذاهب: ( الليبرالية ) (2).
والليبرالية تفيضُ بالمبادئ والأفكار المتناقضة التي لجأ إليها أربابُ هذا الفكر؛ لأجل الهروبِ من قيود الاستعباد المزعوم، حتى أظهروا أقوالاً عجيبة، وقواعدَ مضطربة، تجعل الإنسانَ يعيش في حَيرةٍ وشك، يصير معها الحقُّ باطلاً، والباطلُ حقاً، وتتلاشى معها المبادئُ والقيم، وينقطع بها عن مصادر التلقي في الدين الحق، فيعيش في جهلٍ وانحراف.
ومن تلك المبادئ قولهم بـ( نسبية الحقيقة )، وهو ما سيأتي تفصيله وبيانه، وتحليله وتشخيصه، ونقده وتقويمه، سائلاً الله أن يمدني بالعون والسداد، وأن يشكر سعي من كان خلف هذا البحث، إشرافاً وتوجيهاً، ودلالةً وعوناً، اللهم آمين.
تعريف الليبرالية
لم يتفق صنَّاع الليبرالية والمنظِّرين لها على تعريفٍ يُحدد معناها بوضُوح، لكنهم اتفقوا على وصفها بـ " الحرية المطلقة "، يقول دونالد سترومبرج: « إنَّ كلمة الليبرالية مصطلحٌ عريض، وغامض، ولا يزال إلى يومنا هذا على حالةٍ من الغموض والإبهام » (3).
و « الليبرالية فكرةٌ ليست من صنع عَقلٍ بشري واحد، ولا وليدةَ بيئةٍ ثقَافيةٍ أو ظروفٍ زمَنيةٍ واحدة، فقد تعددت تعريفاتها بعد أن استقرت فلسفةً فكرية غربية وضعية، تنزع إلى المادية والفردية والتحرر من كل قيدٍ أو ثابت، إلا ثابت عدم الثَّبات » (4).
والليبرالية هي - في الأصل - مصطلحٌ أجنبيٌّ مُعرَّب، مأخوذ من (Liberalism ) في الإنجليزية، و (Liberalisme ) في الفرنسية، وهي تعني: (التحررية)، ويعود اشتقاقها إلى (Liberty ) في الإنجليزية، و (Liberte ) في الفرنسية، ومعناها الحرية (5).
تقول الموسوعة البريطانية: « وحيث إن كلمة Liberty (الحرية) هي كلمةٌ يكتنفها الغموض فكذلك هو الحال مع كلمة (ليبرالي) ».
وقد جاء في موسوعة ( لالاند ) الفلسفية تعريف الليبرالية بأنها: « الانفلات المطلق بالترفع فوق كل طبيعة ».
وقد عرَّفها المفكر اليهودي (هاليفي) بأنها: « الاستقلال عن العلل الخارجية، فتكون أجناسها: الحرية المادية والحرية المدنية أو السياسية، والحرية النفسية والحرية الميتافيزيقية (الدينية) ».
وعرفها الفيلسوف الوجودي (جان جاك روسو) بأنها: « الحرية الحقة في أن نطبق القوانين التي اشترعناها نحن لأنفسنا ».
وعرفها الفيلسوف (هوبز) بأنها: « غياب العوائق الخارجية التي تحد من قدرة الإنسان على أن يفعل ما يشاء » (6).
وعرفها المفكر (برنيس) بأنها: « الاستقلال الناتج عن غياب الإكراه، سواء كان ببواعث مادية خارجية، أو بواعث داخلية أخلاقية، والناتج أيضاً عن قوة إعمال العقل ».
وجاءَ في موسوعة (ويكيبيديا) الإلكترونية وصفُ الليبراليةِ بأنها: « حركة وعي اجتماعي وسياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الإنسان فرداً وجماعة من القيود الأربعة (السياسية والدينية والاقتصادية والثقافية)... وتعترض الليبرالية على تدخل الدين في الأمور الشخصية بشكل عام، وهي بهذا مقاربة للعلمانية بشكل كبير » (7).
وفي (موسوعة المورد العربية) عُرِّفتْ الليبراليةُ بأنها: «معارضة المؤسسات السياسية والدينية التي تحدد من الحرية الفردية، وهي تطالب بحق الفرد في حرية التعبير وتكافؤ الفرص » (8).
وجاء في (الموسوعة الميسرة) بأنَّ الليبرالية هي: «مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادي والسياسي» (9).
وهكذا نرى أن تعريفات الليبرالية تتفق على أنها انكفاءٌ على النفس مع انفتاحٌ على الهوى؛ بحيث لا يكون الإنسان تابعاً إلا لنفسه، ولا أسيراً إلا لهواه، وهو ما اختصره المفكر الفرنسي (لاشييه) في قوله: « الليبرالية هي الانفلات المطلق ».
وكذا فإن لليبرالية جوهرٌ أساسي يتفق عليه جميعُ الليبراليين في كافةِ العصُور مع اختلافِ توجُّهَاتهم وكيفيةِ تطبيقها كوَسيلةٍ من وسَائلِ الإصلاح والإنتاج، هذا الجوهرُ هو: « أنَّ الليبرالية تعتبر الحرية المبدأ والمنتهى , الباعث والهدف , الأصل والنتيجة في حياة الإنسان , وهي المنظومة الفكرية الوحيدة التي لا تطمع في شيء سوى وصف النشاط البشري الحر، وشرح أوجهه والتعليق عليه » (10).
فالليبراليةُ تدعو إلى الحريةِ المطلقة التي لا تعترفُ بدينٍ ولا شرعٍ ولا نصٍ مُقدَّس ولا عادَاتٍ ولا تقاليد، وتجرُّ الإنسانَ كي ينصاعَ إلى الهوى والشهوة، وتجعله قائماً على الحظوظِ الشخصيَّة ونبذ الأصول المتينة، والقواعدِ الرَّصينة، التي منها انطلق سلفُ هذه الأمَّة في فهمِ الدين وعبادةِ رب العالمين.
نسبيَّة الحقيقة
أولاً / تعريف " نسبيَّة الحقيقة ":
النسبيةُ - بشكلٍ عام - هي مبدأ فلسفي يرى أنَّ كلَّ وجهاتِ النظر صحيحةٌ شرعيةٌ متساوية، وأنَّ كل الحقائق نسبيةً إلى الفرد. وهذا يعني أن كلَّ الأوضاعِ الأخلاقية، والأنظمةِ الدينية، والأشكال الأدبية، والحركاتِ السياسية؛ حقائقٌ نسبية للفرد.
« وفي النسبية مقياس السلوك هو ذواتنا، فما هو الحق والعدل في عين شخص ربما لا يكون حقاً وعدلاً في عين شخص آخر. ولا أحد يستطيع أن يزعم أنه هو على الحق والصواب أو الحقيقة المطلقة » (11).
يقول أحد الكتَّاب: « كيف لنا أن نقرر حقيقة الحقيقة، أهي مطلقة أم نسبية؟ سؤال حيرني كثيراً، وأضحى يشغل تفكيري نهاراً وليلاً، هل يمكن أن نقود الحقيقة في مسارها؟ أو ليست الحقيقة أيدولويجية يتم تيسيرها برغبة ما نحو صفة وحراك وخطاب معين؟!. لو كانت الحقيقة متمثلة في كائن لبحثت عن مكنوناتها وأوصافها وشموليتها.
لو كانت الحقيقة كيانا ملموسا لصعب أيدلجته وتحويره وتسييسه، لكنها مدلولات تخيلية تتسم بالمراوغة وكل ما هو غير حقيقي. أهي وعي حر متمرد على قيوده؟! أسئلة كثيرة هبت هي وغيرها فجأة لتعلن انتماءها إلى مستودع مكنون من الأسرار والمعطيات، منجم يستوعب المقدس، ويحتضن الملكية، وينادي بمحاكمة الخطيئة » (12).
فيُقال: إنَّ الحق الذي يدعيه (زيد) من الناس شيءٌ غيرَ الحق الذي يدّعيه (عمرو)، فأيهما أحقّ بالحق؟! وأيهما أولى بالاتباع؟! وأيّهما الذي يملك الحقيقةَ المطلقة، فيملك معها تخطئةَ غيره، والقطعَ بضَلال مذهبه؟!.
وهذه التساؤلات ونحوها أثارها الفلاسفةُ قديماً، ونوقشت كثيراً في كتبهم وملتقياتهم، فطرقتْ أسماع الناس مقولة: (الحقيقة المطلقة لا يطالها أحد)، أو (لا أحد يحتكر الحق والصواب)، أو (ليس ثمةَ إلا الحقيقةُ النسبية)، أو (الحق المطلق لا يملكه أحد)، وغيرِها من العبارات المشابهة.. « وفحواها: أنه لا أحد يمكنه القطع بأن معتقده هو الحق، وأن معتقدَ غيره خطأٌ قطعاً، وأقصى ما يمكنه الجزم به أن رأيه صوابٌ يحتمل الخطأ، وأن رأي غيره خطأ يحتمل الصواب، وهو ما يُسمى بنسبية الحقيقة » (13).
فنسبيةُ الحقيقة تقتضي أنْ « ليس هناك أحد يقول أن منهجي وطريقي هو المنهج الصحيح الوحيد، لذا يجب أن لا نقهر أحداً على قبول منهج ما أو طريقة معينة » (14).
يقول الأستاذ بسطامي سعيد حول " نسبية الحقيقة " وبيانِ ملامحها: « هل حقائق الدين نسبيَّة؟.. إذا قيل إن الفكرة إما خاطئة أو صائبة بغض النظر عن الزمان الذي شهد ظهورها، قالت العصرانية: "ولكن إدراك حقائق الدين مسألة نسبية، فليس هناك صواب مطلق، وإن الحقيقة الثابتة تختلف الأنظار إليها باختلاف زاوية سقوط الشعاع الفكري". والكاتب الذي قرأت له هذا القول لا يقدم دليلاً أو حجة، بل يكتفي بالإشارة إلى أن نظرة الإنسان إلى الأشياء نظرة جزئية، وليست نظرة شاملة كاملة وإن هذه النظرة هي بحسب معارف المرء وثقافته، وبحسب اهتماماته والزاوية التي ينظر منها.
وقضية النسبية (Relativism ) في الحق (truith ) أو في الأخلاق (ethich ) قضية فلسفية، تتناحر حولها الفلسفة منذ أن عرف الإنسان الفلسفة، وكعادة الفلاسفة في مناقشة القضايا تتعقد وتتشابك الآراء، والفلاسفة وحدهم هم الجديرون بأن يغرقوا في مثل هذه المباحث، وهل استطاعت الفلسفة يوماً ما أن تحل لغزاً؟!.
وفي بساطة نتساءل ما المقصود بأن الحقيقة نسبية؟ إذا كان المقصود أن معرفة الإنسان قاصرة وعمله قليل، وأنى له بالعقل الذي يدرك الأشياء إدراكاً شاملاً، فهذا ليس موضع اختلاف، والبشرية بما فيها من عجز وقصور مؤهلة لإدراك قدر من المعارف تكفيها لأداء مهامها في هذا الفترة القصيرة من عمرها على الأرض.
وإذا كان المقصود أن الإنسان لا يصل إلى حقيقة، وكل ما عنده من حقائق لا يمكن القطع والجزم بها، ولا يمكن الاتفاق حولها، فأول ما يواجه هذا القول من نقد أن يُسأل: ما الدليل على أن هذا القول صادق؟ فإذا قُدمت الأدلة على صدقه وأثبتت أنه حقيقة، فهو اعتراف بأن لدينا على الأقل حقيقة نطمئن إليها، وهو اعتراف ينقض ما قُدمت الأدلة لإثباته، وإذا كان القول بأن الحقيقة نسبية أمر نسبي أيضاً ولا يمكن القطع والجزم به، فكيف يؤخذ به؟ ثم كيف يفسر من يقول إن الحقيقة نسبية ذلك القدر المشترك من الحقائق بين أفراد النوع البشري على اختلاف بيئاتهم وظروفهم وعصورهم؟!
الأهم من ذلك أن يُسأل: هل هناك منهج صحيح للوصول إلى حقائق الدين، أم أن الدين كما هي النظرة الغربية له، لا معايير ولا مقاييس لتحديد حقائقه، بل هو مثل مسائل الآداب والفن مسألة "ذوق"، لا تقوم على منهج علمي محدَّد، أو معايير منضبطة؟!.
إن مصادر حقائق الدين ثلاثة أشياء: النصوص الموحاة، ومعاني هذه النصوص، والاستنباط منها، ولكل واحد من هذه الأقسام منهج علمي محدَّد مضبوط، فهناك منهج علمي لتوثيق النصوص، ومنهج لطريقة فهمها، ومنهج للاستنباط منها، وما يتوصل إليه عن طريق هذه المناهج حقائق لا شك في ذلك.
قد يحدث تغيير أو تبديل للنصوص، أو قد يحدث خطأً في الفهم، أو يحدث خطأ في الاستنباط، ولكن هذه مسألة أخرى، ومعالجتها تكون بإثبات ما حدث من تحريف بالدليل والبرهان، أما إطلاق العموميات، والقول بأنَّ حقائق الدِّين مسألة نسبية يدركها كلٌ على حسب المعرفة المتاحة، ويراد من وراء ذلك رفض فكر العصور الماضية ! فقول لا تسنده حجَّة، ولا يمكن قبوله » (15).
ويقول الأستاذ غازي التوبة: « نسبية الحقيقة إحدى الركائز التي تقوم عليها الثقافة الغربية منذ نهضة أوروبا الحديثة، ويربط المفكرون الغربيون بين تلك الركيزة، وتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحيطة بالمجتمع، ويعتقدون أن تغير الحقائق الحياتية يقتضي نسبية الحقيقة » (16).
ثانياً / منشأ القول بـ" نسبية الحقيقة ":
هذا القولُ أنشأه الفلاسفة السوفسطائيون (17) - وعلى رأسهم الفيلسوف بروتاغوراس - الذين ظهروا في اليونان ما بين القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد؛ حيث كانت اليونان تغرق في بعضِ الأفكارِ المتباينة، والمذاهب المتنوعة؛ فلجؤا إلى هذا القَولِ في تأييدِ الآراءِ المتناقِضَة؛ إما شكاً في الجميع، أو تخلصاً من جُهد طلب الحقيقة.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « حُكي عن بعض السوفسطائية أنه جعل جميع العقائد هي المؤثرة في الاعتقادات، ولم يجعل للأشياء حقائق ثابتة في نفسها يوافقها الاعتقاد تارة ويخالفها أخرى، بل جعل الحق في كل شيء ما اعتقده المعتقد، وجعل الحقائق تابعة للعقائد » (18).
يقول الدكتور علي سامي النشار: « نسبية كل شيء قال بها بروتاغوراس السوفسطائي حين أراد أن ينقد أصول المعرفة: "إن الإنسان هو مقياس وجود ما يوجد منها، ومقياس وجود ما لا يوجد" ثم أخذ بهذا الشُكَّاك بعد، فطبقوها على الحد كما طبقوها على نواحي العلم كله، فلم تعد حقيقة من حقائق العلم ثابتة أو مستقرة، بل كل شيء –كما يقول هرقليطس- في تغير مستمر » (19).
وقد أظهر أفلاطون هذا المبدأ، فقال: " تظهر الأشياء لي، كما توجد بالنسبة لي، وتظهر الأشياء للآخرين، كما توجد بالنسبة لهم " فالنسبية تقرر أنه لا يوجد هناك حقيقةٌ مطلقة، فما أعتقده فهو حقيقة بالنسبةِ لي، وما تعتقده هو الحقيقة بالنسبةِ لك، فليس هناك خطأ.
يقول الدكتور عمر الطباع عن السوفسطائيين: « وكانت هذه الجماعة تنكر وجود حقائق ثابتة، وتدعي أن الحقيقة نسبية » (20).
« لقد عبَّر بروتاغوراس زعيم السوفسطائيين عن فكرهم في كتابه: "عن الحقيقة" الذي فُقد ولم تصلنا منه إلا شذرات قليلة يبدأها بقوله: "إن الإنسان معيار أو مقياس الأشياء جميعاً" وفي هذه العبارة القصيرة تكمن الثَّورةُ الفكرية للسوفسطائيين في مختلف ميادين الفكر.
إنها تعني بالنسبة لنظريةِ المعرفة أنَّ الإنسانَ الفرد هو مقياسُ أو معيار الوجود، فإن قال عن شيءٍ إنه موجود فهو موجود بالنسبة له، وإن قال عن شيء إنه غير موجود فهو غير موجود بالنسبة له أيضاً، فالمعرفة هنا نسبية، أي تختلفُ من شخصٍ إلى آخر بحسب ما يقع في خبرةِ الإنسان الفرد الحسيَّة، فما أراه بحواسي فقط يكون هو الموجودُ بالنسبة لي، وما تراه أنتَ بحواسِّكَ يكون هو الموجود بالنسبة لك، وهكذا.. » (21).
* موقف العلماء من السوفسطائية.
لقد قسم علماءُ الإسلام السوفسطائيين - كما يقول الشيخ أحمد شاهين - إلى ثلاثةِ أقسام: « العِندية، والعنادية، واللاأدرية: فالعندية ترى أن حقائق الأشياء تابعة لعقائد المؤمنين بها؛ لأنهم أقيسة الحقائق. والعنادية تجزم بأن لا حقائق في الكون؛ لا في ذاتها ولا بالقياس إلى المؤمنين بها. وأما اللاأدرية فهي التي تتوقف عن الحكم في كل شيء؛ فهي لا تجزم بوجود ولا بعدم » (22).
ويقول الشيخ عبدالقادر بدران في حاشيته على "روضة الناظر": « وهم فرقٌ ثلاث: إحداهن اللاأدرية؛ سموا بذلك لأنهم يقولون لا نعرف ثبوت شيء من الموجودات ولا انتفاءه، بل نحن متوقفون في ذلك. الثانية: تسمى العنادية نسبة إلى العناد؛ لأنهم عاندوا فقالوا لا موجود أصلاً، وعمدتهم ضرب المذاهب بعضها ببعض، والقدح في كل مذهب بالإشكالات المتجهة عليه من غير أهله.
الثالثة: تسمى العندية نسبة إلى لفظ "عند"؛ لأنهم يقولون أحكام الأشياء تابعة لاعتقادات الناس، فكل من اعتقد شيئاً فهو في الحقيقة كما هو عنده وفي اعتقاده » (23).
لقد استشعر علماءُ الإسلام خطرَ هذه الفكرة السوفسطائية الفلسفية، والتي تَخلط الحقَّ بالباطل، وتزرع الشكَّ في عقائدِ المسلمين، وتساوي بين الإسلام وغيره من الديانات المحرَّفة والباطلة بدعوى التماس الحقيقة.
لا سيما وأنَّ هناك من المنحرفين من يَزرع هذه الفكرة وينشرها؛ وعلى رأسهم غُلاة المتصوِّفة أهل وحدة الوجود، ممن يقول قائلهم؛ وهو ابن عربي: " فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير، بل يفوتك الأمر على ما هو عليه، فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها؛ فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد " (ابن عربي، سميح الزين، ص101) (24).
وقد ردَّ عليهم الإمام ابن حزم - رحمه الله - في كتابه " الفصل في الملل والأهواء والنحل "، والمهم منه الرد على فرقة " العِندية " لكونها الفرقةُ التي يُقلِّدها دعاةُ النسبية. قال رحمه الله: « ويقال - وبالله التوفيق - لمن قال هي حقٌ عند من هي عنده حق، وهي باطلٌ عند من هي عنده باطل: إن الشيء لا يكون باعتقاد من اعتقد أنه حق، كما أنه لا يبطل باعتقاد من اعتقد أنه باطل، وإنما يكون الشيء حقاً بكونه موجوداً ثابتاً، سواء اعتُقد أنه حق، أو اعتقد أنه باطل. ولو كان غير هذا لكان معدوماً موجوداً في حال واحد في ذاته، وهذا عين المحال.
وإذا أقروا بأن الأشياء حق عند من هي عنده حق، فمن جملة تلك الأشياء التي تُعتَقد أنها حق عند من يعتقد أن الأشياء حق بطلانُ قولِ من قال إن الحقائق باطلة، وهم قد أقروا أن الأشياء حق عند من هي عنده حق. وبطلان قولهم من جملة تلك الأشياء، فقد أقروا بأن بطلان قولهم حق !!، مع أن هذه الأقوال لا سبيل إلى أن يعتقدها ذو عقل البتة، إذ حسُّه يشهد بخلافها. وإنما يمكن أن يلجأ إليها بعض المتنطِّعين على سبيل الشغب. وبالله تعالى التوفيق » (25).
وقال الموفَّق ابن قدامة - رحمه الله - رادَّاً على من نُقل عنه مثلَ هذا القول من العلماء: « وقول العنبري: "كل مجتهد مصيب". إن أراد أن ما اعتقده فهو على ما اعتقده، فمحال؛ إذ كيف يكون قدم العالم وحدوثه حقاً، وتصديق الرسول وتكذيبه، ووجود الشيء ونفيه، وهذه أمور ذاتية لا تتبع الاعتقاد، بل الاعتقاد يتبعها. فهذا شر من مذهب الجاحظ، بل شر من مذهب السوفسطائية؛ فإنهم نفوا حقائق الأشياء، وهذا أثبتها وجعلها تابعة للمعتقدات » (26).
وقال - أيضًا -: « قال بعض أهل العلم: هذا المذهب أوله سفسطة، وآخره زندقة؛ لأنه في الابتداء يجعل الشيء ونقيضه حقاً، وبالآخرة يخير المجتهدين بين النقيضين عند تعارض الدليلين، ويختار من المذاهب ما يروق لهواه » (27).
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: « هذا المذهب أوله سفسطة وآخره زندقة؛ يعني: أن السفسطة جعل الحقائق تتبع العقائد كما قدمناه... وأما كون آخره زندقة فلأنه يرفع الأمر والنهي والإيجاب والتحريم والوعيد في هذه الأحكام، ويبقى الإنسان إن شاء أن يوجب وإن شاء أن يحرم، وتستوي الاعتقادات والأفعال؛ وهذا كفر وزندقة » (28).
وقد تحدَّث عنهم الإمامُ ابن الجوزي - رحمه الله - في " تلبيس إبليس " قائلا: « قال النوبختي: قد زعمت فرقة من المتجاهلين أنه ليس للأشياء حقيقة واحدة في نفسها، بل حقيقتها عند كل قوم على حسب ما يعتقد فيها، فإن العسل يجده صاحب المرة الصفراء مراً، ويجده غيره حلواً. قالوا وكذلك العالم هو قديم عند من اعتقد قدمه، محدث عند من اعتقد حدوثه، واللون جسم عند من اعتقده جسماً، وعرض عند من اعتقده عرضاً. وهؤلاء من جنس السوفسطائية؛ فيقال لهم: أقولكم صحيح؟ فسيقولون: هو صحيح عندنا، باطل عند خصمنا. قلنا: دعواكم صحة قولكم مردودة، وإقراركم بأن مذهبكم عند خصمكم باطل شاهد عليكم ! ومن شهد على قوله بالبطلان من وجه فقد كفى خصمه بتبيين فساد مذهبه » (29).
ويقول العلامة الشيخ عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله -: « أعظم الناس انحرافاً عنهما – أي الكتاب والسنّة - ملاحدة الفلاسفة، و زنادقة الدهريين، وهم أكبر أعداء الرسل، في كل زمان ومكان.. »، ثم بين رحمه الله أنهم أصّلوا أصولاً ووضعوا قواعد من عند أنفسهم زادت انحرافهم انحرافاً فقال: « أعظمها - أي هذه الأصول - أصلٌ خبيثٌ منقولٌ عن معلّمهم الأول (أرسطو) اليوناني المعروف بالإلحادِ والجحد لرَبِ العالمين والكفرِ به وبكتبه ورسله، وهذا الأصل الذي تفرع عنه ضلالهم: أنه من أراد الشروع في المعارف الإلهية، فليمحُ من قلبه جميع العلوم والاعتقادات، وليسع في إزالتها من قلبه، بحسب مقدوره، وليشك في الأشياء، ثم ليكتفِ بعقله، وخياله ورأيه » (30).
ثالثاً / " نسبية الحقيقة " في الفكر الليبرالي:
ومبدأ " نسبية الحقيقة " في الفكر الليبرالي، قائمٌ على أساسها العَام الذي هو (الحرية)، فإنَّ إشكالية هذا الفكر قبول التلوُّن والتعدد الصوري، فهو قائم على عدم الجزم والقطع، وهذه مهمة الفيلسوف الليبرالي في حل المشكلات، يقول (رسل): « إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق، بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره » (31).
ويعتقد الليبراليون أن توسيعَ الخلاف، والتعدديةُ في الآراءِ والأفكار ظاهرةٌ إيجابيةٌ تنمِّي الفِكَر، وتقوِّي الرأي، وتُظهر الإبداع. ومن لوازم حريةِ الفكر عندهم: اعتقاد عدم امتلاك (الحرية المطلقة)؛ لأن دعوى امتلاكِ هذه الحقائق يمنع من التفكير الحُر، فالإيمانُ المطلق الذي لا يعتريهِ أدنى شَكٍ لا يتوافق مع الفكر الليبرالي الذي لا يبني عقيدةً محددةً يقينية؛ لأن ذلك يُناقض حريةَ الفِكر والمناقشة حَسْبَ وجهةِ نظرهم (32).
يقول الكاتب يوسف أبا الخيل متحدثاً عن (مُسلَّمة) تفرضها الضرورة المنطقية: « ألا وهي مفهوم أو فلسفة (نسبية الحقيقة) التي تعني أن الحقيقة بما هي (كل مطلق متعال) فالفرد إزاءها لا يملك فيما يملكه من معارف ومعتقدات ومشارب وآراء واتجاهات فكرية إلا جزءاً من هذه الحقيقة الكلية التي تتعدد جزئياتها ومفرداتها بتعدد زوايا النظر للموضوع المراد بحثه، هذا الجزء من الحقيقة الذي يملكه الفرد قد يماثل أو يقل أو يزيد عما يملكه الآخر المختلف، ولكنه في النهاية يظل جزءاً يزيده ويثريه ولا يلغيه » (33).
ويقول محمد بن علي المحمود: « رفع الوصاية عن الفرد، ومنحه حريته، وتهيئة البيئة الحرة التي تطلق مكنونات طاقته الخلاقة من عقالها، كل ذلك تمنحه الليبرالية للمجتمع الليبرالي، مجتمعات وأفرادا » (34).
* أقوال بعض الكتَّاب الليبراليين حول " نسبية الحقيقة ".
يقول تركي الحمد: « لن تكون متقدماً أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية » (من هنا يبدأ التغيير، تركي الحمد، ص 347).
ويقول الكاتب يوسف أبا الخيل في سياق حديثه عن السبيلِ الأمثل لمكافحةِ ما سمَّاهُ بـ" الرؤية الحادة الإقصائية ": «.. ولذا فمن أجل حصره في زاوية التعرية لأهدافه وما يتطلع إليه من إجهاض لأية بارقة أمل من التطور، فلا يجب إشعاره أننا نسعى لإحلال صوت إقصائي آخر بديل له، بل بدلاً من ذلك يجب أن تكون آلية الحراك التي نبشر بها تحمل مزيداً من إفساح المجال لكافة الآراء بما فيها صوت ذلك التيار ما دام ملتزماً بشروط الاجتماع البشري، التي يأتي على رأسها الإيمان بأن للآخرين ذات الحق التي له في إبداء الآراء والتماهي مع يترتب عليها من معتقدات، وما دام ملتزماً بإعطاء الفرصة للآخرين - وإن لم يكن مقتنعاً بذلك - ليدلوا بدلوهم في الشأن الاجتماعي كافة، وإشعاره أن زمن احتكار الحقيقة - بما فيها الحقيقة الدينية - قد ولى زمانه وليس ثمة طريق آخر إلا مشاركة الآخرين وفقاً لنسبية الحقيقة التي يمسك كل طرف بجزء من خيطها.. » (35).
ويقول أبا الخيل حول التسَامح بين الثقافتين الأوروبية والعربية: « تباين التأصيل الفلسفي لمفهوم التسامح بين الثقافتين الغربية والعربية كان له أثره الكبير على الواقع السوسيولوجي والأبستومولوجي بين الثقافتين، ومن ثم امتد أثره إلى جميع مناحي الحياة الأخرى لكل جانب.
فبفضلها استطاعت أوروبا أن تخرج من آحاديتها المظلمة وما ترتب عليها من أوضاع خاصة تلك الحروب الدينية المرعبة في القرنين السادس عشر والسابع عشر التي تسببت فيها الأورثوذكسية الكاثوليكية التي قامت على تسنين عقيدة واحدة لا يسمح لأحد كائنا من كان بالاتصال بالله تعالى خارج تعاليم أساقفتها إلى فضاء فلسفة عصر التنوير التي دشنت تأصيل مبدأ نسبية الحقيقة التي يقر فيها الفرد أنه لا يملك (إن ملك) إلا جزءا بسيطا من الحقيقة يماثل ربما ما يملكه الفرد الآخر أو يزيد أو ينقص ولكنه يظل نسبياً ومن ثم فقبول هذا الآخر لم يعد مجرد زخرف من القول أو مجرد مفردة كرم يتفضل بها فرد على آخر » (36).
ويقول: « هذه النظرة الإقصائية تأتي بلا شك نتيجة حتمية لتربية طويلة على اعتبار قول وحيد ووسمه بالطابع الشمولي القاطع بحقيقته ويقينيته بلا اعتبار لأية أقوال أو مذاهب أخرى في المسألة المطروحة للبحث إلا باعتبارها ضالة عن الطريق السوي أو مبتدعة في حال التلطف مع أصحابها، لو أننا أشعنا في مرافئ ثقافتنا على اختلاف أنواعها مبدأ نسبية الحقيقة في الأقوال والأعمال والتخريجات والتفسيرات لما كانت هذه حال قطاع كبير ممن يقتاتون على ثقافتنا ويدعون الأحقية بتمثيلها » (37).
ويقول منتقداً (الثوابت) تحت مسمَّى (النظام المعرفي) داعياً إلى استحضار الشَكِّ أمام العقل الناقد بدعوى (نسبية الحقيقة): « يعرف النظام المعرفي (الإيبيستيمولوجيا) بأنه الطريقة أو الآلية أو النظام التي يستقي بها مجتمع ما أو لنقل ثقافة ما النظرة للكون والحياة والعلاقات الفيزيقية والميتافيزيقة بشكل عام.
ولكل ثقافة معينة نظام معرفي خاص بها، وتكاد أن توصف به الحضارة المؤسسة على تلك الثقافة، فيقال مثلاً للحضارة العربية بأنها (حضارة النص) بينما توصف الحضارة اليونانية بأنها (حضارة العقل) وهكذا، وعلى ذلك فإذا كانت الحضارة الإسلامية تتميز بأنها حضارة نص فذلك يعني أنها تعتمد في نظرتها للكون والحياة والعلاقات الإنسانية والاجتماعية على ما توفره النصوص الثقافية بشكل عام سواء الدينية منها أو ما أضيف إليها من مراكمات إنتاجية (تفسيرية وتأولية واجتهادية عامة)، وبالتالي فإن نظامها المعرفي يوفر نظرة نقلية تجاه مكونات الحياة، لكنه قد لا يلقي بالاً لما قد توجبه موجبات العقل تجاه موضوع معين إذا كان يستشف منها (نظرياً على الأقل) اختلافها مع النظرة التي تُستشف من النصوص.
في الحضارة اليونانية كان النظام المعرفي السائد فيها هو النظام البرهاني القائم على فحص مكونات الأمر المعروض للبحث، ومن ثم الحكم عليه أو فيه من زاوية عقلانية بحتة تعتمد النظر والتأمل ومقارنة الأشياء ببعضها وإعطاء رأي غير قاطع فيها باعتبار أن الفكر البشري قائم على الترجيح بين البدائل المتاحة مما يعطي فرصة مستمرة لعرض البديل المقترح على مشرحة النقد المستمرة بحيث يتم الاستغناء عنه عند ما يتقادم به الزمن، ويصبح غير قادر على مسايرة العصر، ميزة النظام المعرفي البرهاني أنه غير متقيد بمقيد ميتافيزيقي فهو يعمل وفق معطيات العقل، وبالتالي ففيه فرصة للخطأ والصواب، وبالتالي تتوفر المراجعة المستمرة التي تعتمد على نظام التغذية المرتدة للمعلومات (back Feed ) ».
ثم يقول: «.. العنف ومن ثم التطرف ينتج غالباً من اعتقاد المجتمع عموماً (وهو ما يربى أفراده عليه بالطبع) بأنه مالك خطام الحقيقة المطلقة في نظرته للناس والكون والحياة عموماً، ومن ثم فلا يجد سبيلاً لأداء مهمته في الحياة سوى إجبار الناس المخالفين على عدم إهلاك أنفسهم وردهم لحياض الحقيقة المطلقة » (38).
ويقول كذلك: « إنَّ السلوك الثقافي المعاش يظل مشدوداً إلى التصنيف الثنائي المفصول بين حدوده بشكل حاد وكامل، سلوك يعتمد على تصنيف الرؤى والمعتقدات، بل وحتى وجهات النظر العابرة التي تتصل بالواقع المعاش سياسياً واقتصادياً واجتماعياً إلى ثنائية الحق والباطل، فالحق ما نحمله وندين به، والباطل ما يدين به أو يعتقد به مخالفنا، وتبعاً لذلك يتم تصنيف الناس إلى متبعين ومبتدعين، وإلى ملتزمين وغير ملتزمين، وإلى ضُلاَّل ومؤمنين، وإلى عقائد صحيحة وعقائد ضالة، ليصل الإنسان المبرمج على ثقافة القطع في الحلقة الأخيرة من سلسلة العنف والإقصاء إلى تصنيف الناس إلى مسلمين وكفار، ومن ثم الوصول إلى ما يترتب على تلك الحلقة الأخيرة من ضرورة التخلص من شوائب الكفر والضلال بما فيها ممثلوه ليبقى الإسلام الخالص المتماهي معه من قبل من تبرمجوا على تلك الثقافة حاضراً وفق رؤية خاصة وتخريج خاص للإسلام، لا على أنه الإسلام نفسه كما أنزله الله تعالى على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام » (39).
ثم يستكمل أبا الخيل حديثَه داعياً إلى نشر ثقافة الشك، فيقول: « لذا لا بد للإنسان - ولا يتأتى ذلك له للأسف غالباً إلا في العيش في جو ثقافي فلسفي - أن يشك ولو مرة واحدة، وهذا الشك لا أعني به الشك المدمر، أو الشك الدوغمائي بطبيعته، أو الشك لمجرد الشك، بل إنه شك يجد له جذوراً من داخل المنظومة الإسلامية نفسها، إذ نجد أبا حامد الغزالي يقول وهو في أوج مرحلة من حياته الفلسفية: "من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر يبقى في العمى والضلال" كما كان يقول: "الشك أولى مراتب اليقين" إنه شك يأتي بالذات من مراعاة نسبية الحقيقة على المستوى الاجتماعي والثقافي بوجه عام، شك يعطي دفعاً للشاك أن لا يتحمس أو يتمعر وجهه أو تنتفخ أوداجه عندما يتعايش مع من يخالفه توجهاته، إذ إن هذا الشك يتيح لذلك الإنسان الشاك استحضار تساؤلات من قبيل: ولماذا لا تكون وجهة نظر فلان هي الصواب؟ أو لماذا لا تكون تلك الرؤية أو ذلك التأويل أو التفسير أو التخريج لذلك الفرد أو الجماعة أو الفرقة تحمل على الأقل شيئاً من الصحة في باطنها؟ ولماذا مثلاً لا تكون الرؤية التي أحملها أو تلك التي حُمِّلتها ليست قاطعة ويشوبها الشك وعدم اليقين؟ في مثل ذلك الجو الثقافي المشبع والمربى على نسبية الحقيقة - النظرية على الأقل - لا يملك الإنسان إلا أن يكون متسامحاً مع غيره؛ لأنه لا يحمل اليقين على قطعية ما تناهى إليه نظره، وما برمجته عليه ثقافته طوال عمره » (40).
ويقول عبدالله بن بجاد العتيبي مقرراً ذات المبدأ: « إذًا فلا بد كمنطلق لعملية التنوير والإصلاح أن يدخل الشك في آلية العقل العربي الإسلامي الحالي أن يشك في قضية جوهرية "هل هو قادر على العمل الآن؟ هل آلياته ومناهجه ومنظومته المعرفية صالحة للتعامل مع الزمن الراهن » (41).
أما إبراهيم البليهي فيرى أنَّ (نسبية الحقيقة) هي من الأمور البدهية، فيقول: « من البدهي أنه لا يوجد إنسان يمتلك كل الحقائق امتلاكاً كاملاً، وإنما يتمسك كل فرد بما يظنه كذلك فينتقي من النصوص والبراهين والمواقف والأحداث ما يُقنع به ذاته ويستمر على انتقائيته، حتى تضطره المواقف المغايرة الضاغطة في أن يعيد فحص أفكاره، فإذا وضع كل طرف أفكاره تحت مجاهر التحليل اقترب الجميع من لب الحقيقة تحت أضواء المكاشفة الاضطرارية المتبادلة » (42).
ويقول الكاتب يوسف أبا الخيل: « فإن المتعصب عندما يقوم بإدراك موضوع ما (رؤية عقدية مثلا) إدراكاً إيجابياً متعاطفاً معها فإنه لا يأخذها على أنها مجرد أحد المعطيات النسبية للحياة الإنسانية، أو أنها مجرد رأي ينضاف إلى آراء أخرى عديدة لكل منها الحق في خوض غمار تأويله الخاص لذلك الموضوع المثار، لا بل إنه حينما يدركها إدراكاً إيجابياً محباً فسينظر إليها باعتبارها حقيقة وحيدة كاملة ناصعة البيان دامغة الحجة لا تضاهيها حقيقة أخرى في تماهيها مع المطلق، أما عندما يدركها في جانبها السلبي (رؤى الآخرين المخالفة) فسيراها ثاويةً في أقصى يسار الحقيقة عارية من كل ما يمت إليها بصلة، متفاصلة مع كل ما يتصل بالخير أو الجمال أو الفاعلية أو الإبداع الإنساني مفاصلة نهائية لا رجعة فيها، ويترتب على تلك النظرة (اللاواعية) أنه سيعتبر كل من يشاركه الإدراك بجانبيه (الإيجابي تجاه رؤيته المذهبية والسلبي تجاه رؤى الآخرين) فهو السعيد سعادة لن يشقى بعدها أبدا، بنفس الوقت الذي يرى فيه كل من لا يشاركه إدراكه ذلك على أنه هالك لا محالة » (43).
ويقول - أيضاً -: « يأتي التعصب الديني كما المذهبي على رأس الأسباب التي تهوي بالإنسان سريعاً إلى مرحلة الوحشية البشرية التي تحدث عنها هوبز، إذ أن هذا التعصب يتخلق بداية في رحم آحادية الفكر الناتج من انعدام التعددية الفكرية والدينية، مما يؤدي إلى قناعة الإنسان بأن دينه أو مذهبه هو الوحيد المتوافر على كلية الحقيقة وما سواه من الأديان أو المذاهب فلا تمتلك ذرة يقين أو حقيقة، وهذه هي البذرة الأولى للعنف، أما سقيا هذه البذرة فيأتي من اليقين التام الذي يتوافر عليه الإنسان الآحادي جراء انعدام فضيلة "نسبية الحقيقة" بأن عليه واجب إدخال الآخرين في حمى يقين دينه أو مذهبه، ولكن لأن من يخالفونه دينه أو مذهبه كُثُر ولا طاقة له بالتالي بهدايتهم ولأن معظمهم مرتدون عن الإسلام في نظره فلا عذر له عند ربه سوى إزهاق أرواحهم لزفهم إلى نار جهنم وبئس المصير » (44).
ويقول محمد المحمود: « تحرير وعي الأفراد ومن ثم إرادتهم كفيل بتحرير وعي الإنسان- المجتمعي. فضلا عن كوننا لا نمتلك تغيير المجتمعي إلا من خلال الفردي، أي خضوع لشروط الواقع، وخضوعا لشرط الصوابية النسبية التي نرتادها » (45).
* رابعاً / انتشار القول بالنسبية:
إنَّ هذه الفلسفة النسبية منتشرةٌ في الثقافةِ الليبرالية بشكلٍ عام، وفي الفكرِ الغربي المعَاصر تحديداً، وهي تظهر في رفضِ الإله، ورد الثوابت والأنظمة والقوانين، وإنكار الحقيقة المطلقة. وقد أدَّت هذه الفلسفةُ إلى انتشار الأمراض المعرفية، والأخلاقية، والسلوكية وغيرها.
فمبدأ: (كلُّ فرد على حق) أو (لا توجد حقيقة مطلقة) أو (هذا حق عندك وليس عندي) وعبارات أخرى غير منطقية تحمل ذات المعنى؛ المقصود منها تسويغُ أعمال الشر وإعطائها نوعاً من القبول الذاتي والاجتماعي، بدعوى الحرية التي يقوم عليها منهج الليبرالية.
ويمكن أن نتساءل: لماذا اكتسبت النسبيةُ مكانةً رفيعةً لدى بعض أربابَ المجتمع الحديث؟
إذا نظرنا إلى الوَاقع وجدنا أن هناك بعض العَوامل التي ساهمت في قبول النسبيةِ وانتشارها، ومنها:
1. النجاحُ العملي الذي زاد في اعتقاد فكرة أن الإجابات الحقيقية توجد في العِلم. لذا يعتقد البعض من الناس أن ما يقوله العلماء - مهما يكن ذلك القول - هو صحيح. وإذا لم يستطع العلم أن يجد جواباً لشيء ما فإنه ببساطة ستُكتشف الحقيقةُ لاحقاً. فالناس يؤمنون بالعِلم والمطلق فقط فيما نعرفه الآن. والذي ربما يكون غير حقيقي لاحقاً. وهذا يُقَوِّض الحقيقةَ المطلقة.
2. مع القَبول الواسع لنظريةِ التطور، فالإله أُزيح بعيداً خارجَ المنظومة الفكرية، وبدون اعتقادِ وجود الإله المقرِّر للحقيقة والباطل؛ فإن الإنسانَ سيكون بديلاً عن الإله ويقرر ما هو الحق وما هو الباطل.
3. مواجهة الثقافات المتنوعة والمتفاوتة، فهذه المواجهة تجعلنا أكثرُ انسجاماً وقبولاً لفكرة وجود أكثر من طريقٍ لعمل شيء ما. والإيمانُ بتعدد الثقافات لا يشترط ببطلان هذه الفكرة لكنه يعمل على تقويض أو إنكار الحقيقة المطلقة.
4. زيادةُ الفلاسفةُ النسبيين، وخصوصاً المنتمين إلى حركةِ العصر الجديد الذين يقولون: إنه لا يوجد حقيقَة مُطلقة، وأنَّ كل شيءٍ بإمكانه أن يخلق واقعه.
5. التحرُّر من القِيَم الأخلاقية، والقيودِ الاجتماعية، فالنسبية تُقرر مذهبَ: دعه يعمل ما يشاء. (46).
« وقد وجدتُ شبهةَ (نسبية الحق) هذه مؤثرة حتى في بعض الشباب المتدينين. قال لي أحدهم: إذا كنا نحن نرى أنفسنا على حق فهم أيضاً يرون أنهم على حق. قلت له: وماذا في هذا؟ إن الحق واحد، سواء كان متعلقاً بدين أو بدنيا؛ لأنه وصف لواقع ولا يمكن أن يكون الواقع على صفتين متضادتين » (47).
* خامساً / نقض القول بـ" نسبية الحقيقة ":
لا يمكن لأيِّ مجتمعٍ أن يعيشَ بلا حقائقَ مطلقة مشتركة بين أفراده، فبدون الحقيقةِ المُطلقة سيُنشأ الصِّراع، ويتولَّد النزاع، وتتَصادمُ الآراء، ويحدثُ الشَّرخ الاجتماعي، والتمزق الثقافي، وبالتالي سقوط المجتمع أو ضعفه على أقل الأحوال.
إن من الأمور الطبيعية حدوثُ اختلافٍ في تقييم الأمور وكيفيةِ التعامل معها، ولكن يظل هذا الاختلاف والتفاوت تحتَ مظلةٍ عامة متفق عليها، « فقد يختلف الآباء في تربية أبنائهم ولكنهم في الغالب يتجهون إلى نفس الهدف. فالحقيقة العامة متفق عليها ولكن الأساليب في التعامل مع هذه الحقيقة قد يختلف.
إن الحقائق المطلقة كثيرة جداً لا يستطيع العقل أن يردها وهي تشهد على زيف النسبية فمن ذلك أن الإنسان لا يوجد نفسه من العدم فهذه حقيقة مطلقة » (48).
وإن « هذه المقولات التي تقرّر بأنه لا أحد يحتكر الحقيقة ليست صواباً بإطلاق، ولا خطأً بإطلاق، بل فيها نسبة من الخطأ وأخرى من الصواب، إلا أن نسبةَ الخطأ فيها كافيةٌ لنقض أصل الإيمان؛ لأن أصول الإيمان مبنية على القطعية واليقين، فأنت إن لم تقطع يقيناً بصحة توحيدك لله فلست بمؤمن في شريعة الله، وأنت إن لم توقن يقيناً لا ظن فيه فضلاً عن الشك بأن الله فرد صمدٌ لا شريك له في ملكه وخلقه فلست بمؤمن في دين الله، وإن أنت لم توقن يقيناً لا تردد فيه بأن القرآن معصوم من التحريف والتبديل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل، وأن الوحي قد انقطع بموته فلست بمؤمن في دين الله، وقلْ مثل ذلك فيما سوى هذا وذاك من أصول الدين وقطعياته » (49).
وإن القول بـ" نسبية الحقيقة " « يفضي إلى المساواة بين قطعيات الشريعة وظنياتها، ومن ثَمَّ تصبح أركان الإيمان مما يسع فيه الخلاف، فتخرج بذلك عن دائرة الثوابت القطعية، كما أن في العمل بإطلاقها منافاةً لمقتضى الإيمان؛ إذ مقتضاه التصديقُ التامُ، واليقينُ المطلق بأركان الإيمان وأصول العقيدة، وآيات القرآن تغذي في أهله الشعورَ بامتلاكهم للحقيقة المطلقة، وأنهم على الحق المبين إلى درجة اليقين، وأن غيرهم مبطلون يتبعون باطلاً؛ كقوله: " فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " [النمل: 79]، " وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ " [فاطر: 31]، وقوله تعالى: " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " [آل عمران: 85]، ولا يجوز لمثلِ هذه العقيدة المبنيَّة على اليقين المُطلق أن تخضع للمساوماتِ والمداهنات؛ فمجرد الشك بأنها هي الحق، أو أن غيرَها من ملل الكفر قد يكون هو الحق، أو هو حق مثلها؛ لهو خطرٌ يزلزل الإيمان من أصوله، " فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " [يونس:94] » (50).
قال الإمام الشاطبي - رحمه الله - في موافقاته: « الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها وإن كثر الخلاف، كما أنها في أصولها كذلك. ولا يصلح فيها غير ذلك » (51).
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: « الدليل أن الحق في جهة واحدة: الكتاب والسنّة والإجماع » (52).
وقد ذكر الإجماع على ذلك العلامة الشوكاني رحمه الله في كتابه إرشاد الفحول (53).
ولو لم يكن ثمةَ حقيقة مطلقة يمتلكها أحدٌ فيحتكر فيها الصواب؛ لكان أمرُ اللهِ بلزوم الحقِّ واتِّباعه عبثاً لا معنى له؛ لأنه على ضَوءِ هذا المبدأ حقٌ لا وجود له إلا في الذِّهن، وأما في الواقع فهو نسبيٌ يصح أن يكون حقاً في عقلٍ، باطلاً في عقل آخر!، والله تعالى يقول: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [الأنعام: 153] ولنتساءلْ: أين هذا الصراطُ المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه إذا كانت الحقيقة نسبية؟!، وأين هي تلك السبل الضالة التي حذرنا من اتباعها إذا كانت الحالة كذلك؟!.
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: " فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [البقرة: 213]، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: « قال الربيع بن أنس: " فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ " أي: عند الاختلاف، أنهم كانوا على ما جاءت به الرسل عند الاختلاف » (54).
ثم إنه لو كانت الحقائقُ كلُّها نسبيةً، ليس فيها شيءٌ مطلقٌ لا يصح لأحدٍ أن يحتكر الصواب فيها؛ لما جاز أن يُهلِك اللهُ سبحانه الأممَ السابقة على تكذيب رُسلها؛ ولو كانت الحقائق كلها نسبيةً ليس فيها قطعيٌ يقينيٌ لما جاهد النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكفارَ على أصول الإيمان، ولعذرهم على مخالفتهم.
« ألم يأمر الله موسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام أن يأخذا الكتاب بقوة، والذي لا يتحقق إلا بالتصديق اليقيني والإيمان القطعي بما فيه من الأحكام القطعية: " وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ " [الأعراف: 145]، " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ " [مريم: 12] » (55).
وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما: (( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر )) قال الإمام ابن قدامة - رحمه الله - مبيناً هذا الحديث: « إن المجتهد يكلف إصابة الحكم، وإنما لكل مسألة حكم معين يعلمه الله، كلف بالمجتهد طلبه، فإن اجتهد فأصابه كان له أجران وإن أخطأه فله أجر على اجتهاده، وهو مخطئ، وإثم الخطأ محطوطٌ عنه » (56).
وقد بيَّن شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الحقَّ في حقيقةِ الحال واحدٌ لا يتعدد، ولكن لذلك تفصيل، ملخصه: أن المجتهد في الأمور الاجتهادية الظنّية إن أخطأ حكم الله فهو مصيب من جهة ومخطئ من جهة أخرى، وله أجرٌ على اجتهاده كما نص عليه الحديث. فهو مصيب باجتهاده وبذله الوسع في الوصول للحكم الشرعي؛ وذلك لكونه بذل ما أمر الله به، فالحكم الذي وصل إليه باجتهاده وجب عليه فعله شرعاً، ولا يأثم بعدم موافقة حكم الله وذلك لاجتهاده، وإن كان هو في نفس الأمر مخطئ في إصابة حكم الله الذي يعلمه الله، والذي هو واحد في قول المجتهدين لا يتعدد. ومتى علم وتبين له من الشرع ما ينقض اجتهاده أثم بالإعراض عنه وعدم العمل به (57).
لذلك لابد من تخصيص عموم هذا المبدأ (نسبية الحقيقة) بأن يُستثنى من عمومه أصولُ الدين، وقطعياتُ الشريعة، وهي: كل ما جاء في الكتاب والسنة قطعيَ الثبوت قطعيَ الدلالة، مما لا يحتمل تأويلاً.
وتبقى المقولة بعد ذلك صحيحةً في ظنيَّات الشريعة مما يحتمل التأويل ويَسُوغ فيه الاجتهاد واختلف فيه العلماء، وهذه هي التي عناها الإمامُ الشافعي - رحمه الله - بقوله: " قولي صوابٌ يحتمل الخطأ، وقولُ غيري خطأٌ يحتمل الصواب ".
ومثل هذه الأمور الظنية لا تحتمل القطعية في التصويب والتخطئة، ولا يجوز أن يكفّر فيها المخالف، ولا أن يتهم بسببها في ديانته وأمانته، ولا يجوز أن يُستحل فيها عرضه، أو يُنتقصَ من كرامته وحقوقِه، فضلاً عن استحلال دمه.
وقد خالف بعضهم قولَ سلفِ الأمة فقالوا: إن الحق يتعدد، وهو تابع لاجتهاد المجتهد، فما أدَّى إليه اجتهادُه فهو الحقُّ في الأصول والفروع، وبعضُهم حَصَر تعدد الحق في الفروع دون الأصول.
وهذا القول نقضه أئمةُ الدين، وأعلام الملّة، وعلماء الشريعة، وردوه بالنصوص الشرعية، قال العلامة الشوكاني - رحمه الله -: « من قال إن كل مجتهد مصيب، وجعل الحق متعدداً بتعدد المجتهدين، فقد أخطأ خطأً بيناً، وخالف الصواب مخالفة ظاهرةً » (58).
وقال أيضاً - رحمه الله -: « وما أشنع ما قاله هؤلاء الجاعلون حكم الله متعدداً بتعدد المجتهدين، تابعاً لما يصدر عنهم من اجتهاد، فإن هذه المقالة مع كونها مخالفة للأدب مع الله عزّ وجلّ ومع شريعته المطهّرة؛ هي أيضاً صادرةٌ عن محض الرأي الذي لم يشهد له دليل، ولا عضدته شبهةٌ تقبلها العقول، وهي أيضاً مخالفة لإجماع الأمة، سلفها وخلفها » (59).
وقد ساق الشوكاني - رحمه الله - كلاماً للقاضي يردُّ فيه على مقالةٍ للعنبري والجاحظ، حيث نُقل عنهما القولُ بتعدد الحقِّ في الأصول والفروع: « إن أردتما بذلك مطابقة الاعتقاد للمعتقد؛ فقد خرجتما من حيّز العقلاء، وانخرطتما في سلك الأنعام، وإن أردتم الخروج من عهدة التكليف ونفي الحرج - كما نُقل عن الجاحظ - فالبراهين العقلية من الكتاب والسنّة والإجماع الخارجة عن حدِّ الحصر ترد هذه المقالة » (60).
وقال ابن قدامة - رحمه الله - راداً على ما ساقه الغزالي في المستصفى من قولِ الجاحظ برفع الإثم عمَّن اجتهد فأخطأ في الأصول: « أما ما ذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا، وكفر بالله تعالى » (61).
وهذا القول - أي القول بتعدد الحق - قولُ كثيرٍ من أهل الكلام وأهل البدع، وبهذا نعلم أن الحقَّ واحدٌ لا يتعدد في الأصول والفروع على ما سبق ذكره.
إذاً فإنَّ التسليم بمبدأ (نسبية الحقيقة)، وأن الحقيقةَ المطلقة لا يملكها أحدٌ، وأن الحقائق التي يؤمن بها البشر نسبيةٌ محتملةٌ للخطأ كاحتمالها للصواب على سواء، لهو تسليم يناقض أصول الدين الحنيف، وقواعد الشرع المطهر، وأدلة الوحي الكريم.
وبالنظر إلى مبدأ " نسبية الحقيقة " في الفكر الليبرالي نجده يَغرق في تناقضاتٍ عديدة، منها:
1. إذا كانت الحقيقةُ نسبيةٌّ؛ فإن عبارة "كل حقيقة نسبية" تعتبر عبارة مطلقة، والنسبيةُ ترفض المطلق، فالعبارة متناقضة في ذاتها، وعليه فإن مبدأ "كل حقيقة نسبية" باطل.
وكذا فإن القول بـ"نسبية الحقيقة" يرفضه الواقع، فهناك حقائق كثيرة مطلقة لا تحمل النسبية اتفاقاً، فالشمس محرقة، والسماء فوقنا، والإنسان ناطق نامي وغير ذلك من الحقائق التي يصعب حصرها.
2. أن ما كان حقاً لديك ليس حقاً لدي: فالحق لدي أن النسبية باطلة، فإذا قلت لي: لا، هذا ليس صحيحاً. فهذا يلغي المبدأ الذي قررتْه النسبية، وعليه فإن النسبية باطلة.
وإذا قلتَ: نعم. وأقررت بقولي، فالنسبية باطلة.
وإذا قلتَ: إن ذلك حقاً عندي فقط أن النسبية باطلة، فإن هذا يعني أنني أعتقد ببطلان النسبية، وإذا كان اعتقادي صحيحاً، فكيف يمكن أن تكون النسبية صحيحة.
3. أنه ما مِن أحد يستطيع أن يعرف أي شيء من غير شك: فإذا كان هذا صحيحاً، فإننا نعرف أننا لا نستطيع أن نعرف أي شيء من غير شك، فبالتالي معرفتنا هنا مطلقة وهذا دحض ذاتي.
4. النسبية لا تقدر على إنكار ما يتناقض مع الحقيقة ذاتها. فالنسبية تحمل التناقض الذاتي، فالكل لديه الحقيقة فلا ينبغي أن يكون هناك إقناع الآخرين بما تحمله أنت من أفكار ومعتقدات فما تراه حقيقة لا يحق لك أن تقنعهم حتى يروا أن ما لديك هو الحقيقة. (62)
ختاماً: يقول العلاَّمة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -: « كثر على ألسنةِ بعض الكتَّاب أنه لا تجوز تخطئة المخالف، وأنه يجب احترام الرأي الآخر، وأنه لا يجوز الجزم بأن الصواب مع أحد المختلفين دون الآخر.
وهذا القول ليس على إطلاقه؛ لأنه يلزم عليه أن جميع المخالفين لأهل السنة والجماعة على صواب ولا تجوز تخطئتهم، وهذا تضليل؛ لأنه يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم: (( وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قيل: مَن هي يا رسول الله؟ قال: هم مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي )).
ويلزم على هذا القول أيضاً أن المخالف للدليل في مسائل الاجتهاد لا يقال له مخطئ، ولا يُرَدُّ عليه، وهذا يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم: (( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران. وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد))؛ فدل على أنَّ أحدَ المجتهدين المختلفين مخطئ، لكن له أجرًا على اجتهاده ولا يُتابع عليه؛ لأن اجتهاده خالف الدليل، وإنما يصحُّ اعتبار هذا القول، وهو عدم الجزم بتخطئة المخالف، في المسائل الاجتهادية التي لم يتبين فيها الدليل مع أحد المختلفين، وهو ما يعبر عنه بقولهم: " لا إنكار في مسائل الاجتهاد "، و " الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد "، وهذا من اختصاص أهل العلم وليس من حق المثقفين والمفكرين الذين ليس عندهم تخصص في معرفة مواضع الاجتهاد وقواعد الاستدلال أن يتكلموا ويكتبوا فيه.
ولو كان لا يُخَطَّأ أحدٌ من أصحاب الأقوال والمذاهبِ لكانت كتب الردود والمعارضات التي ردَّ بها العلماء على المخالفين كلها مرفوضة، ولما كان لقوله تعالى: " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ " [النساء: 59] فائدة ولا مدلول؛ لأنه لا تجوز تخطئة المخالف، وهذا لازم باطل؛ فالملزوم باطل... وقد ردّ الله - سبحانه وتعالى - على أهل الضلال في مواضع كثيرة من كتابه الكريم، وشرع لنا الردّ عليهم؛ إحقاقاً للحق، وإزهاقاً للباطل. ولولا ذلك لشاع الضلال في الأرض، وخفي الحق، وصار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً » (63).
وفقنا الله للحق، ووقانا شر الفتن، وجعلنا من عباده الصالحين، آمين.
المصدر: موقع الإسلام اليوم
ما شاء الله عليك ام مصطفى
والله جهد كبير
..
الله يهدي كل ضال عن الحق ، انه القادر على ذلك سبحانه
ما عليش دخلنا عرض بـ الموضوع :)
ما شاء الله عليك ام مصطفى
والله جهد كبير
..
الله يهدي كل ضال عن الحق ، انه القادر على ذلك سبحانه
ما عليش دخلنا عرض بـ الموضوع :)
آمين .. سمع الله منكَ الدعاء وأجابه ..
جزاك الله الخير أخي طلال
حضورك الراقي أضفى على الموضوع ضوء مختلف
بارك الله بكَ وحفظكَ
اللهم اهدي ضالنا الى سبيل الحق
شكرا لك أختي شام
ماشاءالله تبارك الله
موسوعة رائعة ونادرة
جزاك الله خير الجزاء
وبارك الله فيك وحفظك
مجهود رائع وقيّم ... أسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعله بميزان أعمالك
كل التقدير والأحترام لك،،،
اللهم اهدي ضالنا الى سبيل الحق
شكرا لك أختي شام
ماشاءالله تبارك الله
موسوعة رائعة ونادرة
جزاك الله خير الجزاء
وبارك الله فيك وحفظك
مجهود رائع وقيّم ... أسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعله بميزان أعمالك
كل التقدير والأحترام لك،،،
الله يسلمك دكتورنا
كان من الواجب حصر هذه الموضوعات في موضوع ليسهل تناولها
وأسأل العلي القدير أن يهدي الأمة بكل فرقها ومذاهبها الى سواء السبيل
اشكرك دكتورنا للمرور والتعليق والرأي الجميل
حفظك الله ورعاك
فالبدعة أحب إلى إبليس من المعصية، وذاك لغلظ نجاستها وضررها؛ فضررها عام على الأمة، بخلاف المعصية فإنها لا تضر إلا صاحبها، ولأن صاحبها لا يتوب منها إلا ما شاء الله تعالى.
وأخطر البدع ما كان مكفرًا مخرجًا للإنسان من الملة، وماكان علميًا اعتقاديًا، فإنه يفسد على الإنسان نظام حياته كلها، وذلك كبدع الفرق الاعتقادية من الخوارج والرافضة والقدرية والجهمية والمعتزلة، التي تحزبت على أصل بدعي أخرجها عن دائرة السنة والجماعة.
وهذه الفرق التي كانت في قديم الزمان، لازال لأكثرها وجود وحضور في الساحة الفكرية في هذا الزمان، بالإضافة إلى الكثير من الآراء المحدثة في هذا الزمان، من الشيوعية والاشتراكية والعلمانية وغيرها، سواء تحزب أصحابها لبعضهم البعض، أم بقوا أوزاعًا متفرقين بالأبدان، متعاونين متعاضدين في الأفكار.
من مفاسد البدع وأضرارها:
وهي كثيرة ومتعددة وبعضها شر من بعض، فمنها:
1- أن البدع تغير الدين وتبدله، والدين قد أكمله الله وأتمه، كما قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3]
فالمستحسن للبدع يلزمه أن يكون الشرع عنده لم يكمل إلا بزيادته؟!!
2- البدع تفرق المسلمين، وتجعلهم جماعات متناحرة، وربما متقاتلة، كما قال ربنا سبحانه: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 32].
وقال: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].
والمخرج الاعتصام بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
3- البدع تضعف الأخذ بالسنن والعبادات المشروعة، كما قال بعض السلف: "ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع عنهم من السنة مثلها".
ولأن الانسان له طاقة وجهد ووقت، فإذا أنفقها في البدع والمحدثات، لم يبق له وقت للعمل بالدين والسنن.
4 - إن احتجر التوبة عنه حتى يتوب من بدعته، كما صح في الحديث الذي رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب - انظر الصحيحة 1620.
والمبتدع يظن أنه على الحق وغيره على الباطل، كما قال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 103-104].
ولذا يصر على بدعته ولا يتوب منها!
5 - يخشى عليه الفتنة والعذاب، كما قال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
6- اسوداد وجهه في الآخرة، كما في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة".
7 - يلقى عليه الذل في الدنيا والغضب من الله تعالى، كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152].
قال الشاطبي: "قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152]
فهو عموم فيهم وفيمن أشبههم، من حيث كانت البدع كلها افتراء على الله". الاعتصام (1/166).
8 - أن على صاحبها إثم من عمل بها إلى يوم القيامة، قال تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25].
وللأسف الشديد: أن البدع والأفكار البدعية المنحرفة تجد في هذه الأيام من يروِّج لها في وسائل الإعلام المختلفة، بل ربما امتلكوها بالكامل!!
وقد تسلطت على المسلمين بنشر وبث ما يضرهم –غالبًا- وترك ما فيه منفعتهم وصلاحهم من الدين القويم والسنن المأثورة.
وقد تكلم كثير من العلماء والأئمة وطلبة العلم قديمًا وحديثًا في الرد على أمثال هؤلاء، بالتأليف والكتابة، لرد شبههم ومقارعتهم الحجة بالحجة.
* الانحرافات البدعية إنما تكون – في الغالب – من باب الشبهات، والشبهات أمراض معدية يجب التوقي من الإصابة بها باجتناب أصحابها ومجالسهم وحلقهم فـ " القلوب ضعيفة والشُبَه خطافة ".
فالواجب على المسلم السني ألا يجعل من قلبه مسكنًا للشبهات، ولا استراحة لها، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية لتلميذه ابن القيم رحمهم االله ناصحاً: " لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشْربتَ قلبك كل شبهة تمر عليك صار مقرًا للشبهات أو كما قال".
ثم ليُعْلم أن هذه الأضرار غير مختصة بأحد دون أحد، بل هي متناولة لمن كمُل علمه واستنارت بصيرته، ولمن كان دون ذلك.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع بالدجال فليَنأَ عنه، فوالله إنّ الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به الشبهات» رواه الامام أحمد وأبوداود .
وهذا عام للجميع، ولا ينبغي التهاون فيها.
* من الفرق المنحرفة: الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وأشباههم، المحرفين لصفات الله تعالى وأسمائه الحسنى، فيحرفون ما ورد في القرآن والسنة النبوية من الأسماء والصفات، ويغيرون المعاني الصحيحة لها وينكرونها ويضعون بدلاً منها معانٍ باطلة، لا يدل عليها الكتاب والسنة، ولا يعرفها سلف الأمة الماضين، والأئمة المهديين.
ومن الفرق الصوفية القبورية، التي تدعو إلى الاستغاثة بالقبور وأهلها، وسؤالهم الحاجات، وتفريج الكربات، والذبح لهم، والنذر لهم والحلف بهم، ونحوها من الأمور الشركية.
ومن الفرق الضالة: الخوارج.
الذين يكفرون المسلمين، ويستحلون دمائهم، ويخرجون على ولاة الأمور.
وهاهم ينشطون من جديد!! ويخرجون على الناس فيعيثون في الأرض الفساد، قتلاً وتخريبًا، وتدميرًا وتشريدًا، لايرقبون في مؤمن ولا مؤمنة صغيرًا كان أو كبيرًا، طفلاً كان أو شيخًا، إلاًّ ولا ذمة، شعارهم: علي وعلى أعدائي، مهما كان الثمن، وأياًّ كانت الخسائر، ولاحول ولاقوة إلا بالله!
وإنا لله وإنا إليه راجعون!
1-تنبئه صلى الله عليه وسلم بظهورهم:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم، فإن في قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم» رواه الشيخان واللفظ لابن ماجة.
وفي رواية «شر قتلى تحت أديم السماء ، خير قتلى من قتلوه».
2- إخباره بتكرر خروجهم، وبقطع دابرهم كلما خرجوا :
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينشأ نشء يقرءون القرآن لايجاوز تراقيهم ، كلما خرج قرن قطع».
قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال». رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
قوله: «نشء» يريد جماعة أحداثًا.
وقوله: «كلما خرج قرن» أي: ظهرت طائفة.
وقوله: «قطع» أي: حصل له ذلك، أو استحق أن يقطع.
والأيام شاهدة بذلك، ولله الأمر من قبل ومن بعد،،،
فاللهم احفظنا وأهلنا وأبناءنا وأحبابنا وإخواننا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين
ولا تشمت بنا عدوًا ولا حاسدًا، نسألك من كل خير خزائنه بيدك، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك...
***
موقع وذكر
التحذير من مظاهر موالاة الكفار
1- أخي المسلم، احذر من التشبه بالكفار في الملابس وغيرها مما هو من خصائصهم وعاداتهم وعباداتهم، وقد قال صلى الله عليه و سلم : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود.
2- احذر من التشبه بهم في حلق اللحية وإطالة الشوارب، والكلام بلغتهم بلا حاجة.
3- لا تسافر إلى بلاد الكفار لغير ضرورة، واحذر من الإقامة في بلاد الكفار، وهاجر منها إلا أن تكون غير قادر على الهجرة.
4- لا تقم بإعانة الكفار ومناصرتهم على المسلمين.
5- لا تمدح الكفار ولا تُثنِ عليهم، فإن ّالمدافعة عنهم والإعجاب بهم دون النظر إلى عقيدتهم الباطلة
الفاسدة من موالاتهم المحرّمة.
6- احذر من التسمِّي بأسمائهم ومحبتهم ونحو ذلك.
7- لا تستغفر للكفار، ولا تترحّم على موتاهم.
8- تجنّب مشاركتهم في أعيادهم، أو معاونتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بها، أو حضورها.
9- يحرم على المسلم اتخاذهم بطانة، أو توليتهم ولايةً فيها سلطة على المسلمين، أو الاستعانة بهم
في القتال، إلا في حال الضرورة مع أمانة المُستعان به في ذلك.
حكم الغناء
لسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- رحمه الله:
إن الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة. وقد فسر أكثر أهل العلم قوله تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } [لقمان: 6]. بالغناء وكان عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- يقسم أن لهو الحديث هو الغناء. وإذا كان مع الغناء آلة لهو كالربابة والعود والكمان والطبل صار التحريم أشد. وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعا.
فالواجب الحذر من ذلك وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف » والحر هو الفرج الحرام- يعني الزنا- والمعازف هي الأغاني وآلات الطرب.
وأوصيك وغيرك بسماع إذاعة القرآن الكريم وبرنامج نور على الدرب ففيهما فوائد عظيمة، وشغل شاغل عن سماع الأغاني وآلات الطرب.
أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ولا مدح لمحرم في وقت من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس، بل يكتفي بالدف خاصة، ولا يجوز استعمال مكبرات الصوت في إعلان النكاح وما يقوله فيه من الأغاني المعتادة لما في ذلك من الفتنة العظيمة والعواقب الوخيمة وإيذاء المسلمين ولا يجوز أيضا إطالة الوقت في ذلك، بل يكتفي بالوقت القليل الذي يحصل به إعلان النكاح لأن إطالة الوقت تفضي إلى إضاعة صلاة الفجر والنوم عن أدائها في وقتها وذلك من أكبر المحرمات ومن أعمال المنافقين (انتهى).
هذه أدلة على تحريم الغناء من أقوال السلف الصالح رضوان الله عليهم: قال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-: الغناء والعزف مزمار الشيطان. وقال الإمام مالك بن أنس- رضي الله عنه-: الغناء إنما يفعله الفساق عندنا. والشافعية يشبهون الغناء بالباطل والمحال. وقال الإمام أحمد- رحمه الله-: الغناء ينبت النفاق في القلب فلا يعجبني. وقال أصحاب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله: استماع الأغاني فسق.
وقال عمر بن عبد العزيز:
الغناء بدؤه من الشيطان، وعاقبته سخط الرحمن. قال الإمام القرطبي: الغناء ممنوع بالكتاب والسنة. وقال الإمام ابن الصلاح: الغناء مع آلة الإجماع على تحريمه.
حكم التصوير
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- رحمه الله:
السؤال: ما قولكم في حكم التصوير الذي عمت به البلوى وانهمك فيه الناس؟
الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فقد جاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح والمسانيد والسنن دالة على تحريم تصوير كل ذي روح آدميا كان أو غيره، وهتك الستور التي فيها الصور والأمر بطمس الصور ولعن المصورين وبيان أنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة، وأنا أذكر لك جملة من الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب، وأذكر بعض كلام العلماء عليهما، وأبين ما هو الصواب في هذه المسألة إن شاء الله.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: « ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة » [لفظ مسلم]. ولهما أيضا عن أبي سعيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون".
ولهما عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم » [لفظ البخاري].
وروى البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن ال*** وكسب البغي، ولعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة والمصور.
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ » [متفق عليه]. وخرج مسلم عن سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها، فقال: ادن مني، فدنا منه، ثم قال: ادن مني، فدنا منه حتى وضع على رأسه فقال: أنبؤك بما سمعت من رسول الله. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا تعذبه في جهنم »
وقال: إن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له.
وخرج البخاري قوله "إن كنت لا بد فاعلا" الخ... في آخر الحديث الذي قبله، بنحو ما ذكره مسلم انتهى.
(ومن أراد الإستزادة يرجع إلى الكتاب الذي نقلت منه هذه الفتوى وهو كتاب حكم الإسلام في التصوير: ص 37، 38 للشيخ ابن باز).
حكم حلق اللحى
للشيخ/ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله:
حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أعفوا اللحى وحفوا الشوارب » ولأنه خروج عن هدي المرسلين إلى هدي المجوس والمشركين، وحد اللحية كما ذكره أهل اللغة هي شعر الوجه واللحيين والخدين بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية، وأخذ شيء منها داخل في المعصية أيضا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « أعفوا اللحى » و « أرخوا اللحى .. » « ووفروا اللحى.. » و « أوفوا اللحى.. » وهذا يدل على أنه لا يجوز أخذ شيء منها لكن المعاصي تتفاوت. فالحلق أعظم شيء منها لأنه أعظم وأبين مخالفة من أخذ شيء منها.
حكم الإسبال للرجال
الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله:
إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم.
وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب ما نزل من الكعبين بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب » وقال: « من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة » فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار » ولم يقيد ذلك بالخيلاء ولا يتضح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله لأن أبا سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج » أو قال « لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من ذلك فهو في النار ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه يوم القيامة » . رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه ذكره في كتاب الترغيب والترهيب في الترغيب في القميص ص88 ج3.
ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض وأما من احتج بحديث أبي بكر فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين: الأول أن أبا بكر- رضي الله عنه- قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن تعاهد ذلك منه فهو – رضي الله عنه- لم يرخ ثوبه اختيالا منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده. والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد فنقول لهم إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على ما نزل فقط بالنار وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لا يكلمكم الله يوم القيامة ولا ينظر إليكم ولا يزكيكم ولكم عذاب أليم. الوجه الثاني أن أبا بكر- رضي الله عنه- زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس اتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ما كانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم.
حكم شرب الدخان
للشيخ/ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله:
أرجو من سماحتكم بيان حكم شرب الدخان والشيشة، مع ذكر الأدلة على ذلك؟
شرب الدخان محرم وكذلك الشيشة والدليل على ذلك قوله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } [النساء:29].
وقوله تعالى: { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [البقرة:195] وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر وإذا كان مضر كان حراما
ودليل آخر قوله تعالى: { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } [النساء: 5] فنهى عن إتيان السفهاء أموالنا لأنهم يبذرونها ويفسدونها ولا ريب أن بذل الأموال في شراء الدخان والشيشة تبذير وإفساد لها فيكون منهيا عنه بدلالة هذه الآية ومن السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا ضرر ولا ضرار » وتناول هذه الأشياء موجب للضرر ولأن هذه الأشياء توجب للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره وضاقت عليه الدنيا، فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها.
أخي المسلم.. أختي المسلمة..
على كل منكما أن يجتهد في الأمور التالية:
• طلب العلم الشرعي من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
• تحقيق التوحيد وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي.
• أداء الصلاة في أوقاتها بخشوع وطمأنينة.
• إخراج زكاة المال وغيره، وصرفها لمستحقيها.
• صوم رمضان والحرص على التنفل في غيره على الوجه المشروع.
• أداء فريضة الحج في أقرب وقت ممكن.
• صلة الأرحام بالتزاور والتناصح والتعاون على البر والتقوى.
• الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة مع الحرص على هداية الناس.
• الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل حسب استطاعته.
• الاستفادة من الوقت والإكثار من الأعمال الصالحة.
• تربية الأولاد تربية صالحة.
• التخلق بالأخلاق الحميدة.
• الإكثار من الاستغفار والتوبة وذكر الله تعالى.
• تذكر الموت والحساب والجنة والنار.
• ستر عيوب المسلمين والدعاء لهم بظهر العيب.
وعلى الأخت المسلمة أن تحذر من:
• التبرج وإظهار المحاسن أمام الرجال الأجانب بلبس الثياب الضيقة أو المكشوفة أو القصيرة أو المفتوحة من أسفل.
• التشبه بغير المسلمات في الملابس أو تسريحات الشعر المختلفة.
• نتف الحاجب أو فلج الأسنان أو إطالة الأظافر أو الوشم أو وصل الشعر.
• الإسراف والتبذير في الولائم ورمي الطعام مع القاذورات.
• مشاهدة الأفلام أو المسرحيات المختلطة أو سماع الأغاني وآلات اللهو.
• الاطلاع على المجلات والكتب التي تدعو إلى التحلل وضياع الأخلاق.
• الخلو بالأجانب من السائقين أو الخدم أو غيرهم.
• الغيبة والنميمة والاستهزاء والكذب وخلف الوعد والخديعة.
• لبس المصورات من المجوهرات أو الملابس أو تعليقها.
• السهر وخاصة على المحرمات أو ما لا فائدة فيه.
• الخروج وحدك للأسواق العامة وغيرها خشية الفتنة.
• السفر بدون محرم بالطائرة أو غيرها.
• استعمال الأطياب عند الرجال الأجانب.
• اللعان والسب والشتم أو الألفاظ البذيئة أو الدعاء على الأولاد أو النفس أو سب الدهر.
• لبس البرقع التي تبرز محاسن الوجه وتفتن الرجال.
• تغطية الوجه بغطاء لا يستر لخفته أو لقصره.
التحذير من السفر إلى بلاد الكفرة وخطره على العقيدة والأخلاق
لسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز- رحمه الله:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أنا بعد:
فقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله. وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ومنهج حياة وأتم به على عباده النعمة وأكمل لهم به الدين قال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } [المائدة:3]
لكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقدا وغيظا وفاضت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وودوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة أو يخرجونهم منها كما قال تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم: { ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } [النساء: 89].
وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } [آل عمران: 118]. وقال عز وجل: { إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون }
[الممتحنة:2]
وقال جل وعلا : { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } [البقرة: 217]. والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة. والمقصود أنهم لا يألون جهدا ولا يتركون سبيلا للوصول إلى أغراضهم وتحقيق أهدافهم في النيل من المسلمين إلا سلكوه ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية وظاهرة فمن ذلك ما ظهر في هذه الأيام من قيام مؤسسات السفر والسياحة بتوزيع نشرات دعائية تتضمن دعوة أبناء هذا البلد لقضاء العطلة الصيفية في ربوع أوروبا وأمريكا بحجة تعلم اللغة الإنجليزية ووضعت لذلك برنامجا شاملا لجميع وقت المسافر.
وهذا البرنامج يشتمل على فقرات عديدة منها ما يلي:
1- اختيار عائلة إنجليزية كافرة لإقامة الطالب لديها مع ما في ذلك من المحاذير الكثيرة.
2- حفلات موسيقية ومسارح وعروض مسرحية في المدينة التي يقم فيها.
3- زيارة أماكن الرقص والترفيه. ممارسة الديسكو مع فتيات إنجليزيات ومسابقات في الرقص.
4- جاء في ذكر الملاهي الموجودة في إحدى المدن الإنجليزية ما يأتي: (أندية ليلية، مراقص ديسكو، حفلات موسيقى الجاز والروك، الموسيقى الحديثة، مسارح ودور سينما وحانات إنجليزية تقليدية).
وتهدف هذه النشرات إلى تحقيق عدد من الأغراض الخطيرة منها ما يلي:
1- العمل على انحراف شباب المسلمين وإضلالهم.
2- إفساد الأخلاق والوقوع في الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد.
3- تشكيك المسلم في عقيدته.
4- تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الغرب.
5- تخلقه بالكثير من تقاليد الغرب وعاداته السيئة.
6- التعود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره.
7- تجنيد الشباب المسلم ليكونوا من دعاة التغريب في بلادهم بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الغرب وعاداته وطرق معيشته.
إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام لتحقيقها بكل ما أتوا من قوة وبشتى الطرق والأساليب الظاهرة والخفية وقد يتسترون ويعملون بأسماء عربية ومؤسسات وطنية إمعانا في الكيد وإبعادا للشبهة وتضليلا للمسلمين عما يرومونه من أغراض في بلاد الإسلام..
لذلك فإني أحذر إخواني المسلمين في هذا البلد خاصة وفي جميع بلاد المسلمين عامة من الانخداع بمثل هذه النشرات والتأثر بها وأدعوهم إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستجابة لشيء منها فإنها سم زعاف ومخططات من أعداء الإسلام تفضي إلى إخراج المسلمين من دينهم وتشكيكهم في عقيدتهم وبث الفتن بينهم كما ذكر الله تبارك وتعالى عنهم في محكم التنزيل، قال تعالى: { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } [البقرة:120] الآية.
كما أنصح أولياء أمور الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم وعدم الاستجابة لطلبهم السفر إلى الخارج لما في ذلك من الأضرار والمفاسد على دينهم وأخلاقهم وبلادهم كما أسلفنا وإرشادهم إلى أماكن النزهة والاصطياف في بلادنا وهي كثيرة بحمد الله والاستغناء بها عن غيرها فيتحقق بذلك المطلوب وتحصل السلامة لشبابنا من الأخطار والمتاعب والعواقب الوخيمة والصعوبات التي يتعرضون لها في البلاد الأجنبية. وهذا وأسأل الله- جل وعلا- أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين وأبناءهم من كل سوء ومكروه وأن يجنبهم مكائد الأعداء ومكرهم وأن يرد كيدهم في نحورهم كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه القضاء على هذه الدعايات الضارة والنشرات الخطيرة وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
نصيحة من القلب لكل أب غيور يؤمن بالله
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا أحد أغير من الله يزني عبده أو تزني أمته » ولا شك أن جميع البشر كلهم عباد الله وإماؤه وقال صلى الله عليه وسلم: « أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني فالله تعالى يغار ومن أجل غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن »
والغيرة هي الأنفة والحمية والغضب على المحارم وحمايتهن من أدي العابثين وأعين الناظرين. ومن لا غيرة له هو الديوث الذي يقر الحنا في أهله وقد ورد أنه لا يدخل الجنة ولا شك أن كل مؤمن تقي يكون غيورا على زوجاته وبناته وجميع أقاربه ويكون من آثار هذه الغيرة أن يراقبهن ويتبع أخبارهن ويمنعهن عن الاختلاط بالرجال وعن المجتمعات التي يكثر فيها وجود الاحتكاك والازدحام لا سيما وأن الكثير في تلك الأماكن من ذوي النفوس الشريرة بحيث يكثر المزاح والمعاكسة والغزل والكلام الساقط مما يثير الغرائز ويدفع النفوس الضعيفة الإيمان إلى فعل الجرائم وارتكاب الفواحش، فكم حصل في تلك الأسواق من اختطاف ومن مواعيد ومكالمات ومخاطبات خفية وجلية والأولياء في غفلة يحسنون الظن بمولياتهم ولا يخطر ببالهم عشر معشار ما حصل، أما الغيور الحازم فيجب عليه أن يكون دائما بصحبة محارمه يراقبهن ويحميهن ويمنعهن عن أسباب الفساد وعن النظر إلى الأفلام الخليعة والصور الفاتنة وعن سماع الأغاني الماجنة التي تثير الغرائز وتبعث النفوس إلى الحرام كما أن عليه صحبة محارمه في الأسواق دائما وفي المستشفيات وفي الطرق إلى المدارس [حتى يدخلن الفصول الدراسية] وكذا عند خروجهن [حتى يركبن في الحافلات] وكذا في قصور الأفراح وفي البيوت والمساكن العادية ونحو ذلك حتى يأمن من الاعتداء عليهن ومن تساهلهن وخضوعهن بالقول فإن المرأة ضعيفة الشخصية قوية الشهوة إذا رأت الرجال أو سمعت بعض الأقوال التي تثير الشهوة لم تأمن أن تضعف مقاومتها فلا بد من المراقبة والحراسة التامة لا سيما في هذه الأزمنة التي كثر فيها الفساد وانتشر الزنا وضعف الوازع الديني والدنيوي في كثير من النفوس ووجدت الأسباب وتيسرت الوسائل لنيل الشهوات وإشباع الغرائز في الداخل والخارج فكان لزاما على كل ولي أن يحمي موليته وأن يحرص على إعفاف أولاده ذكورا وإناثا بما يمنع نفوسهم عن الميل إلى الحرام أو تمني ذلك عند مشاهدة أو سماع ما يدفع النفس إلى اقتراف ذنب أو فعل فاحشة مما يسبب سخط الله تعالى وغيرته وإنزال العقوبة الخاصة والعامة ببني الإنسان فإن انتشار الزنا من أسباب كثرة الأمراض المستعصية كما ورد في الحديث ومن أسباب حرمان الناس من الخير والسعة والله المستعان، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
كتبه
عبد الله بن عبد الرحمن بن الجبرين
الداعي للموضع هو أن النصاري يتلاعبون بألفاظ توحي بأن معتقدهم سليم ويتسترون وراء كلمات التوحيد
فلنعرف معتقداتهم
بعد رفع المسيح عليه السلام ببضع سنوات انقسم النصاري إلي فريق موحد وفريق مشرك وهذا انقسم لفرق
أهم الفرق
المرقيونيين: كانت تقول بأنه كان هناك إله ثم ظهر الإله الثاني وهو المسيح فانتهت صلاحية الأول
البربرانية: كانت تقول بألوهية المسيح وأمه معاً
الأليانية: كانت تقول بألوهية المسيح ويقررون أنه ابن الله
التثليث: يقولون بأن الإله إله وااااااحـــــــد من ثلاثة أقانيم (الأقنوم: يدعون أنه " الذات المتميزة غير المنفصلة" لكن كيف هذا والاقنوم الواحد يكلم الآخر ويتحدث عن نفسه، ويرسل الواحد منها الآخر !؟ -لا تحاولي الفهم-) وهي الأب والابن وروح القدس، وأن الابن أو الكلمة هو المسيح
كي يجتمعوا علي كلمة
عقدقسطنطين إمبراطور الرومان مجمع نيقية سنة 325م ضم ممثلين لجميع الكنائس لكنهم اختلفوا بشدة
فألف مجلس خاص من أنصار القائلين بألوهية المسيح فقرروا أن يكون مذهب التثليث هو المذهب الرسمي لكل الفرق وتكفير كل من يذهب إلى أن المسيح إنسان، وتحريق جميع الكتب التي لا تقول بألوهية المسيح والآن كل الكنائس تقول بالتثليث.
لكن لأنهم الهوا بن إنسان وهذا لا يعقل اختلفوا علي طبيعته فانقسموا لفرق ولا يوجد طائفة منهم تعترف بمشروعية الطائفة الأخرى،و لا يمكن لطائفة منهم أن تتحاور مع أختها في قضايا النصرانية التي جعلت كل طائفة منهم تلعن أختها
أكبر الفرق
الأرثوذكس:قالو له طبيعة واحدة، وهي الطبيعة الإلهيةفيؤمنون بأن للمسيح طبيعة واحدة فقط تشمل الناسوت(الجانب الإنساني) واللاهوت(الجانب الإلهي) معًا، وأن اللاهوت لم يفارق الناسوت لحظة واحدة، وأن مريم حملت بهما جميعًا.
الكاثوليك :يؤمنون بأن المسيح بعد التجسد له طبيعتان إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية، وأنه قبل التجسد لم يكن له إلا الناسوتية منهما، وهي التي حملت بها مريم -عليها السلام-، ثم حلت معها الطبيعة اللاهوتية بعد ولادته
البروتستانت:وهي منشقة عن الكنيسة الكاثوليكية فيمكن أن نقول الطوائف لا تخرج عن لقبين الكاثوليكية والأرثوذكسية
فالبرتستانت في الجملة كاثوليك لكنهم يتميزون عنهم بأمور وهي احتجاجات على ممارسات بابوات الكنيسة التي زكمت منها الأنوف.
وليس هذا فقط الخلاف وليس هذه فقط الانقسامات
يُتبع -إن شاء الله-
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21).
وعن الأسود بن يزيد قال: "سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ- فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ" (رواه البخاري).
أبعاد المؤامرة على الأسرة المسلمة:
نظام الأسرة في الإسلام نظام محكم بالغ الروعة كما أنه جزء من نظرة الإسلام الشاملة للحياة وركن ركين لبقاء الأمة الإسلامية وصمودها في مواجهة النوازل والخطوب من خلال بنائها التشريعي.
لكن المخططات التي تستهدف الأسرة المسلمة لم يعد يرتب لها في الخفاء كما كان يحدث سابقـًا، ولكننا أصبحنا نطـَّلع كل يوم عليها وهي تـُعلن عبر وسائل الإعلام، ثم نراها وقد أخذت طريقها للتنفيذ دون حراك أو اعتراض من أحد!!
وقد رأت اليهودية العالمية أن أقصر طريق للسيطرة على العالم هو انهيار الأخلاق، وسيطرة الشهوات والغرائز الجنسية التي تفكك الأسرة وتدمر المجتمعات؛ لذا عملت قوى الظلام على تقويض دعائم الأسرة بالإباحية.
فها هم يقولون في برتوكولا تهم: "يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان لتسهل سيطرتنا، إن "فرويد" منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس؛ لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار الأخلاق".
وجاء اليهودي "دور كايم" بنظرياته الاجتماعية ليقول: "إن الأسرة نظام لا ضرورة له، والأصل هو شيوعية النساء"!!
ولم تقف المؤامرة عند هذا الحد، وإنما حرصت على إخراج المرأة من بيتها:
يقول "ماركس": "إن المرأة يجب أن تخرج إلى ميادين العمل العامة مع الرجال، الأسرة نظام "برجوازي" رجعي يجب هدمه"!
وراح هؤلاء الشياطين يبثون سمومهم من خلال الفن، وبيوت الأزياء، ودور السينما والملاهي والمراقص، والمجلات المثيرة، والقصص الغرامية، والمنتجات السياحية حتى تفككت المجتمعات ووصلت إلى ما وصلت إليه من فساد.
قال "هنري فورد" في كتابه "اليهود العالمي": "لقد سعى اليهود من أجل تحقيق غاياتهم إلى السيطرة على ثلاثة أشياء: البنوك للربا، والسينما لتقديم مفاهيم مسمومة، وشركات الملابس لتقديم الأزياء والمساحيق والعطور وما سواها من مستلزمات الموضة".
ومن هنا أصيبت الأسرة -"حصن المجتمع ومصنع طاقته"- في صميمها، وأخذت تعصف بها تيارات الهدم؛ بسبب انحلال الرجل، وفقدان المرأة لصفات الأنثى الفاضلة.
وعلى الجانب الآخر أدرك "المنصرون" أن المرأة ذات أثر عميق في التربية فأولوها اهتمامًا كبيرًا؛ فبادروا إلى إنشاء مدارس تبشيرية للبنات في بلدان العالم الإسلامي التي منيت بالاستعمار الغربي، وقالوا: "إن التبشير يكون أتم حبكًا في مدارس البنات الداخلية؛ لأنها تجعل الصلة الشخصية بالطالبات أوثق، ولأنها تنزعهن من سلطات البيئة المسلمة إلى بيئة المسيحية".
وبداية الخيط في هذه المؤامرة ترجع إلى سنة 1884م حيث ألف "مرقص فهمي" كتاب "المرأة في الشرق"، حدد فيه خطة الاستعمار المطالبة بتحقيق أغراض، هي:
أولاً: القضاء على الحجاب.
ثانيًا: إباحة الاختلاط للمرأة المسلمة.
ثالثـًا: منع الزواج بأكثر من واحدة.
رابعًا: إباحة الزواج بين المسلمات وغير المسلمين.
ثم جاءت الأمم المتحدة بمؤامراتها التي استهدفت الأسرة، ومنها على سبيل المثال: مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية "5 ـ 12 سبتمبر 1994م"، ومؤتمر بكين "سبتمبر 1995م"، وصولاً إلى مؤتمر استنبول للإسكان والأعمار "1996م"، وهذه أهم توصيات تلك المؤتمرات:
1- إباحة الإجهاض بجعله قانونـًا معتمدًا، وقد حاول واضعو الوثيقة استخدام تعبيرات متعددة؛ لإباحة الإجهاض، مثل: الحمل غير المرغوب فيه!
2ـ تقديم المعلومات والثقافة الجنسية للمراهقين، وإباحة الممارسات الجنسية، وحقهم في سرية هذه الأمور وعدم انتهاكها من قبل الأسرة!
3ـ تشجيع الأزواج والزوجات على الممارسات التي تقع خارج العلاقات الشرعية!
4ـ اعتبار ممارسة الجنس والإنجاب حرية شخصية!
5ـ تحجيم وتهميش دور الآباء في الرقابة على السلوك الجنسي للأبناء!
لقد استطاعت قوى الظلام أن تحدث تشوهًا في معالم شخصية الأسرة المسلمة، وانقلابًا في مفاهيمها، حتى أصبحنا لا نستطيع التمييز بين الأسرة المسلمة والأسرة الأوروبية في الفكر أو الخلق أو السلوك -ولا حول ولا قوة إلا بالله-! وتخلفنا في جميع الميادين ولحقت بنا الهزائم، واستطالت علينا حفنة من شراذم الأمم وحثالة البشر من حفدة القردة والخنازير -وإلى الله المشتكى-! وللحديث بقية..
باب ما جاء في الرقى والتمائم
كتاب التوحيد
شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (http://www.taimiah.org/biographies/saleh.asp)
قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: باب ما جاء في الرقى والتمائم وفي الصحيح عن أبي بشير الأنصاري -رضي الله عنه-( أنه كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره فأرسل رسولا أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002161.htm')))وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm')))رواه أحمد وأبو داود.
التمائم شيء يعلق على الأولاد من العين لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه منهم ابن مسعود -رضي الله عنه- والرقى وهي التي تسمى العزائم وخص منها الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العين والحمى والتولة شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته وعن عبد الله بن عكيم مرفوعا من تعلق شيئا وكل إليه (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002163.htm'))رواه أحمد والترمذي.
وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رويفع لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا بريء منه (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002164.htm'))وعن سعيد بن جبير قال: من قطع تميمة من إنسان كان كعِدْل رقبة رواه وكيع وله عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن ومن غير القرآن
باب ما جاء في الرقى والتمائم تلحظ أن الباب الأول قال فيه الإمام -رحمه الله-: باب من الشرك لبس الحلقة والخيط وهنا قال: باب ما جاء في الرقى والتمائم، ولم يقل باب من الشرك الرقى والتمائم ذلك؛ لأن الرقى منها ما هو جائز مشروع ومنها ما هو شرك والتمائم منها ما هو متفق عليه أنه شرك ومنها ما قد اختلف الصحابة فيه هل هو من الشرك أم لا؟ بهذا عبر -رحمه الله- بقوله: باب ما جاء في الرقى والتمائم وهذا من أدب التصنيف العالي.
الرقى جمع رقية، والرقية معروفة قد كانت العرب تستعملها، وحقيقتها أنها أدعية وألفاظ تقال أو تتلى ثم ينفث بها، ومنها ما له أثر عضوي في البدن ومنها ما له أثر على الأرواح ومنها ما هو جائز مشروع ومنها ما هو شرك والنبي -عليه الصلاة والسلام- رَقى ورُقي، رَقى غيره ورَقى نفسه -عليه الصلاة والسلام- ورُقي أيضا رقاه جبريل ورقته عائشة ونحو ذلك فهذا الباب معقود لبيان حكم الرقى قال باب ما جاء في الرقى والتمائم، وقد رخص الشرع من الرقى بالتي ليس فيها شرك بالرقى التي خلت من الشرك، وقد قال بعض الصحابة للنبي -عليه الصلاة والسلام- يسأله عن الرقى: فقال: (اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002166.htm')).)
قال العلماء: الرقية تجوز بثلاثة شروط أجمع عليها:
الأول : أن تكون بالقرآن أو بأسماء الله أو بصفاته.
الثاني: أن تكون بالكلام العربي بلسان عربي معلوم يعلم معناه.
والثالث: ألا يعتقد أنها تنفع بنفسها بل الله -جل وعلا- هو الذي ينفع بالرقى.
قال بعض العلماء: يدخل في الأول السنة أيضا بما ثبت في السنة يعني يكون الشرط الأول أن تكون من القرآن أو السنة وبأسماء الله وبصفاته هذه شروط ثلاثة لكون الرقى جائزة بالإجماع إذا لم تكن من الأول أو الثاني يعني إذا تخلف الأول أو تخلف الثاني ففيها اختلاف بين أهل العلم، والثالث لا بد منه شرط متفق عليه من أن الرقى لا بد لمن تعاطاها ألا يعتقد فيها وأما من جهة كونها بأسماء الله، الله وصفاته أو بالكتاب والسنة أو أن تكون بلسان عربي مفهوم، فإن هذا مختلف فيه.
وقال بعضهم: يسوغ أن تكون الرقية بما يعلم معناه ويصح المعنى بلغة أخرى لا يشترط أن تكون بالعربية ولا يشترط أن تكون من القرآن أو السنة وهذه مسائل فيها خلاف وبحث ومن جهة تأثير أيضا غير القرآن على الراقي على المرقي وفي هذا مسائل نرجئ تفصيل ذلك إلى موضع آخر إن شاء الله المقصود أن الرقى الجائزة هي بالإجماع هي ما اجتمعت فيه ثلاثة شروط.
وأما الرقى الشركية فهي التي فيها استعاذة أو استغاثة بغير الله، أو كان فيها شيء من أسماء الشياطين، أو اعتقد المرقي فيها بأنها تؤثر بنفسها، فهذا تكون الرقية غير جائزة ومن الرقى الشركية قد قال -عليه الصلاة والسلام-
(0إن الرقى والتمائم والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm')))
كما سيأتي إذن الحاصل من ذلك أن الرقى منها ما هو جائز مشروع ومنها ما هو شركي، علمنا ضابط الجائز المشروع، وعلمت ضابط ما هو من جهة الشرك.
والتمائم جمع تميمة وقد ذكر تفسيرها مختصرا من قبل وهي تجمع أنواعا كثيرة، فالتمائم تجمع كل ما يعلق أو يتخذ مما يراد منه تتميم أمر الخير للعبد أو دفع الضرر عنه، ويعتقد فيه أنه سبب ولم يجعل الله ذلك الشيء سببا لا شرعا ولا قدرا، فالتميمة شيء يعلق إما جلد مثلا يكون من جلد خاص يعلق على الصدر أو يكون فيه أذكار أو أدعية وتعوذات تجعل أيضا معلقة على الصدر أو في العضد أو خرزات وحبال ونحو ذلك تجعل على الصدر تعلق أو شيء يجعل على باب البيت أو يجعل في السيارة أو يجعل في مكان ما، يجمع التمائم أنها شيء يراد منه تتميم أمر الخير وتتميم أمر دفع الضر ونحو ذلك الشيء لم يؤذن به شرعا ولم يؤذن به أيضا قدرا.
فإذن التميمة ليست خاصة بصورة معينة بل تشمل أحوالا كثيرة تشمل أصنافا عديدة منها مما هو في زمننا الحاضر ما تراه على الكثيرين من شيء يعلقونه في صدورهم يعلق شيء ثم تكون جلدة صغيرة في الصدر أو على العضد أو يربط في البطن تميمة لدفع مثلا أمراض البطن أو الإسهال أو التقيؤ ونحو ذلك أو شيء يتخذ في السيارة كما ترى بعض السيارات فيها رأس دب مثلا أو أرنب، أو يضع بعض الأشكال كحدوة فرس، أو يضع خرز على المرآة الأمامية أو يضع مسبحة على شكل معين من خشب ونحو ذلك، هذه وأصنافها من أنواع التمائم، ولها أشكال كثيرة تختلف مع اختلاف الأزمان ويحدث الناس منها شيئا كثيرا، أو يلبس سلسلة وعليها شكل عين صغيرة أو يعلق على مدخل الباب رأس ذئب أو رأس غزال أو يضع على مطرق الباب حذوة فرس هذه من التمائم التي يريد منها أصحابها أن تدفع عنهم العين أو أن تجلب لهم نفعا.
بعض الناس يقول: أعلق ولا أستحضر هذه المعاني أعلق هذا في السيارة للزينة أعلقه في البيت للجمال، ونحو ذلك من قول طائفة قليلة من الناس ونقول: إن علق التمائم للدفع أو الرفع فإنه شرك أصغر إن اعتقد أنها سبب، وإن علقها للزينة فهو محرم؛ لأجل مشابهته من يشرك الشرك الأصغر، فإذن دار الأمر على أن التمائم كلها منهي عنها سواء اعتقد فيها أو لم يعتقد؛ لأن حاله إن اعتقد فهو في شرك أصغر، وإن لم يعتقد فإنه شابه أولئك المشركين وقد قال -عليه الصلاة والسلام-
0( من تشبه بقوم فهو منهم (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002167.htm'))) قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري -رضي الله عنه-( أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره فأرسل رسولا ألا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002168.htm')) هذا الحديث وجه الاستدلال منه على أن تعليق القلادة من الوتر على البعير مأمور بقطعه، والأمر بقطعه؛ لأجل أن العرب تعتقد أنها تدفع العين عن الأبعرة، تدفع العين عن النعم فيعلقون الأوتار على شكل قلائد وربما ناطوا بالأوتار أشياء إما خرز وإما شعر أو نحو ذلك ليدفعه، فهذا نوع من أنواع التمائم، فمناسبة هذا الحديث للباب ظاهرة وهي أن قوله:( لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت) (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002169.htm'))ظاهر في النهي عن التمائم وأن هذا النوع يجب قطعه لم يجب قطعه ؟؛ لأن في تعليقه اعتقاد أنه يدفع أو أنه يجلب النفع وهذا الاعتقاد اعتقاد شركي.
قال: وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm')). )
هذا الحديث فيه التأكيد قال:(إن الرقى والتمائم والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm')))ومعلوم أن دخول "إن" على الجملة الخبرية يفيد تأكيد ما تضمنته، والرقى هنا لما دخلت عليها الألف واللام عمت، فهذا الحديث أفاد أن كل الرقى من الشرك وأن كل التمائم من الشرك وأن كل التولة من الشرك قال: إن الرقى شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))فكل الرقى شرك وقال:إن التمائم شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))فإذن كل التمائم شرك وقال: إن التولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))فإذن كل أنواع التولة شرك وهذا العموم خص في الرقى بالنص وحدها،
خصت الرقى بقوله لا بأس بالرقى ما لم يكن شرك وبأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رقى ورقي -عليه الصلاة والسلام-.
فإذن الرقى دل الدليل على أن العموم هاهنا مخصوص وليس كل أنواع الرقية شرك بل بعض أنواع الرقية وهي التي اشتملت على شرك، فإذا العموم هنا مخصوص بأنه خرج من ذلك ما لم يكن فيه شرك لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24000960.htm')) وفي لفظ آخر قال: لا بأس بالرقى ما لم يكن شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002172.htm')) .
أما التمائم فلم يأت دليل يخص نوعا من نوع بل يبقى هذا اللفظ على عمومه إن الرقى والتمائم والتولة شرك فما جاء ما يخص نوعا من التمائم دون نوع من الشرك فتكون إذن التمائم بأنواعها شرك؛ لأن ما لم يرد فيه تخصيص من الشارع فإن العموم يجب أن يبقى؛ لأن التخصيص شرع، وهذا الشرع لا بد أن يأتي من الشارع فنبقي العموم على عمومه.
قال: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002173.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF والتولة كما فسرها الشيخ -رحمه الله- شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى زوجه نوع من السحر وهو يسمى عند العامة العطف، الصرف والعطف، نوع من السحر يصنع فيجلب شيئا ويدفع شيئا في حسب اعتقادهم، وهي في الحقيقة نوع من أنواع التمائم بأنها تصنع ويكون الساحر هو الذي يرقى فيها الرقية الشركية فيجعل المرأة تحب زوجها أو يجعل الرجل يحب زوجته، وهذا نوع من أنواع السحر والسحر شرك بالله -جل وعلا- وكفر.
وهذا أيضا عموم وكل أنواعه شرك قال وعن عبد الله بن عكيم مرفوعا (من تعلق شيئا وكل إليه (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002163.htm')))من تعلق شيئا، شيئا هنا نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الأشياء، فكل من علق شيئا وكل إليه فمن أخرج صورة من صور التعليق كانت الحجة عليه؛ لأن هذا الدليل عام،
فهذا الدليل فيه أن من تعلق أي شيء من الأشياء فإنه يوكل إليه والعبد إذا وكل إلى غير الله -جل وعلا- فإن الخسارة أحاطت به من جنبات والعبد إنما يكون عزه ويكون فلاحه وحسن وحسن عمله أن يكون متعلقا بالله وحده، يتعلق بالله وحده في أعماله في أقواله في مستقبله في دفع المضار عنه قلبه يكون أنسه بالله يكون قلبه أنسه بالله وسروره بالله وتعلقه بالله وتفويض أمره إلى الله وتوكله على الله --جل وعلا.
فمن كان كذلك وتوكل على الله وطرد الخلق من قلبه فإنه لو كادته السماوات والأرض لجعل الله --جل وعلا- له من بينها مخرجا؛ لأنه توكل وفوض أمره على العظيم جل جلاله- وتقدست أسماؤه فقال هنا http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF من تعلق شيءا شيئا وكل إليه (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002163.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF فإذا تعلق العبد تميمة وكل إليها وما ظنك بمن وكل إلى خرقة أو إلى خرز أو إلى حدوة حصان أو إلى شكل حيوان ونحو ذلك لا شك أن خسارته أعظم الخسارة قال هنا: من تعلق شيئا، وجه الاستدلال كما ذكرت لك من أنه ذكر نتيجة التعلق وهو أنه يوكل إلى ذلك الشيء فمن تعلق شيئا وكل إليه، وإذا وكل إليه فمعنى ذلك أنه خسر بذلك.
الشيخ -رحمه الله- كما ذكرت لك ما صدر الباب بحكم فيكون الاستدلال بهذه على ما دلت عليه الأحاديث قال: التمائم شيء يعلق على الأولاد يتقون به العين شيء يشمل أي شيء يعلق دون صفة معينة بعض العلماء قال: التمائم خرز، وبعضهم قال: جلدة ونحو ذلك وهذا ليس بجيد بل التمائم اسم يعم كل ما يعلق لدفع العين لاتقاء الضرر أو لجلب خير نفسي قال: لكن إذا كان المعلق من القرآن ترخص فيه بعض السلف إذا كان المعلق من القرآن بمعنى أنه جعل في منزله مصحفا ليدفع العين أو علق على صدره شيئا سورة الإخلاص أو آية الكرسي؛ ليدفع العين، أو ليدفع الضرر عنه هذا من حيث التعليق تميمة فهل هذه التميمة جائزة؟ أم غير جائزة؟
قال الشيخ -رحمه الله- إن التمائم إذا كانت من القرآن فقد اختلف فيها السلف، فقال بعضهم بجوازها رخص فيها بعض السلف ويعني ببعض السلف بعض كبار الصحابة، ومال إليه بعض أهل العلم الكبار وبعضهم لم يرخص فيها كابن مسعود -رضي الله عنه- وكأصحاب ابن مسعود الكبار إبراهيم وعلقمة وعبيدة والربيع بن خثيم والأسود وأصحاب ابن مسعود جميعا فالسلف اختلفوا في ذلك.
ومن المعلوم أن القاعدة أن السلف من الصحابة فمن بعدهم إذا اختلفوا في مسألة وجب الرجوع فيها إلى الدليل والدليل دل على أن كل أنواع التمائم منهي عنها http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF من تعلق شيئا وكل إليه (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002163.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF إن التمائم شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF إن الرقى والتمائم والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF فمن تعلق القرآن من علقه كان داخلا في المنهي عنه لكن لما كان معلقا للقرآن فإنه لم يشرك؛ لأنه علق شيئا من صفات الله --جل وعلا- وهو كلام الله -جل وعلا- فما أشرك مخلوقا؛ لأن الشرك معناه أن تشرك مخلوقا مع الله -جل وعلا-، والقرآن ليس بمخلوق بل هو كلام الباري -جل وعلا- منه بدأ وإليه يعود.
فإذن صار تعليق التميمة من القرآن خرجت؛ لأجل كون القرآن ليس بمخلوق من العموم وهو قوله: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF إن التمائم شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF فبقي هل هي منهي عنها أم غير منهي عنها؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF من تعلق شيئا وكل إليه (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002163.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF ونهى عن التمائم بأنواعها فدل ذلك على أن تخصيص القرآن بالإذن من بين التمائم ومن بين ما يعلق يحتاج إلى دليل فيه؛ لأن إبقاء العموم على عمومه هذا إبقاء لدلالة ما أراد الشارع الدلالة عليه من الألفاظ اللغوية، والتخصيص نوع من أنواع التشريع لا بد فيه من دليل واضح؛ لهذا صارت الحجة مع من يجعل التمائم التي من القرآن مما لا يرخص فيه كابن مسعود وكغيره من الصحابة -رضوان الله عليهم- وكذلك هو قول عامة أهل العلم، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها المحققون من أصحابه، وعليها المذهب عند المتأخرين.
بقي أن نقول: إن في إجازة اتخاذ التمائم من القرآن إن في تجويزها مفاسد، وفي تجويز اتخاذ التمائم من القرآن أنواع من المنكر.
الأول: أنه إذا اتخذت التميمة من القرآن، فإننا إذا رأينا من عليه التميمة فيشتبه علينا الأمر هل هذه تميمة شركية أو من القرآن؟ وإذا ورد الاحتمال، فإن المنكر على الشركيات يضعف يقول: احتمال أنها من القرآن، فإجازة تعليق التمائم من القرآن فيه إبقاء التمائم الشركية؛ لأن حقيقة التميمة التي تعلق أنها تكون مخفية غالبا في جلد أو في نوع من القماش ونحو ذلك، فإذا رأينا صورة التعليق.
وقلنا: هذا يحتمل أن يكون كذا ويحتمل أن يكون كذا فإذا استفصلت منه وقلت له هل هذه تميمة شركية أو من القرآن معلوم أن صاحب المنكر دائما سيختار أن تكون من القرآن حتى ينجو من الإنكار؛ لأنه يعتقد في هذه يريد أن يسلم له تعليقها، فهذا من المفاسد العظيمة أن في إبقائها إبقاء للتمائم الشركية، وفي النهي عنها سد لذريعة الإشراك بالتمائم الشركية ولو لم يكن إلا هذا لكان كافيا.
الثاني: أن الجهلة من الناس إذا علقوا التمائم من القرآن فإنهم يتعلقون بها يتعلق قلبهم بها، ولا تكون عندهم مجرد أسباب، وإنما يكون عندهم فيها خاصية من الخصائص التي تقوم بنفسها يأتي بالشيء أو تدفع الشيء وهذا لا شك فتح لباب اعتقادات فاسدة على الناس يجب أيضا وصده ومن المعلوم أن الشريعة جاءت بسد الذرائع.
أيضا من المفاسد المتحققة عامة في ذلك أنه إذا علق شيئا من القرآن فإنه يمتهنه ينام عليه أو يدخل به مواضع قذرة أو يكون معه في حالات لا يكون من الحسن أن يكون معه قرآن فيها أو آيات، وهذا مما ينبغي اجتنابه وتركه، إذن فتحصل أن تعليق التمائم جميعا بالدليل وبالتعليل لا يجوز فما كان منها من القرآن فنقول: يحرم على الصحيح ولا يجوز ويجب إنكاره، وما كان منها من غير القرآن وتعلق تمائم عامة فهذا نقول: إنه من الشرك بالله لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF إن الرقى والتمائم والتولة شرك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002162.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF والتخصيص نوع من العلم يجب أن يكون فيه دليل نقف عند هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هذا أيضا يسأل ما حكم من يضع آية الكرسي في السيارة أو يضع مجسما فيه أدعية أدعية ركوب السيارة وأدعية السفر وغيرها من الأدعية نقول: هذا فيه تفصيل فإن كان وضع هذه الأشياء ليتحفظها ويتذكر قراءتها فهذا جائز كمن يضع المصحف أمام السيارة أو يضعه معه؛ لأجل أنه إذا صارت عنده فرصة هو أو من معه أن يقرأ فيه فهذا جائز لا بأس به لكن إن وضعها تعلقا لأجل أن تدفع عنه فهذا هو الكلام في مسألة تعليق التمائم من القرآن فلا يجوز ذلك على الصحيح ويحرم نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
***********
بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله رب العالمين - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
س: السؤال الأول فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: من يوصي أحدا يبحث له عن راق يرقي له دون أن يطلب الرقية من الراقي بنفسه هل هذا يدخل من الذين يسترقون ؟
ج ) بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد فإن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصف السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب قال: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF هم الذين لا يسترقون (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002114.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF يعني لا يطلبون الرقية وفهم جواب السؤال يتبع فهم التعليل ذلك أن أولئك كانوا لا يسترقون يعني لا يطلبون الرقية؛ لأجل ما قام في قلوبهم من الاستغناء بالله وعدم الحاجة إلى الخلق، ولم تتعلق قلوبهم في الخلق في هذا الأمر الذي سيرفع ما بهم، وكما ذكرت لك أن مدار العلة على تعلق القلب بالراقي في رفع أو بالرقية في رفع ما بالمرقي من أذى أو في دفع ما قد يتوقع من السوء، وعليه فيكون الحالان سواء يعني إن كان طلب بنفسه أو طلب بغيره فإنه طالب والقلب متعلق بمن طلب منه الرقية إما بالأصالة أو بواسطة.
س ) هذا يقول: يقول: أهلي يذبح الذبحة يوزعها على المساكين لدفع البلاء فهل تجوز تلك النية ؟
ج ) هذا فيه تفصيل ذلك أن ذبح الذبائح إذا كان من جهة الصدقة ولم يكن لدفع شيء متوقع أو لرفع شيء حاصل ولكن من جهة الصدقة وإطعام الفقراء، فهذا لا بأس به داخل في عموم الأدلة التي فيها الحض على الإطعام وفضيلة إطعام المساكين، وأما إن كان الذبح؛ لأن بالبيت مريضا فيذبح لأجل أن يرتفع ما بالمريض من أذى، فهذا لا يجوز ويحرم قال العلماء: سدا للذريعة ذلك؛ لأن كثيرين يذبحون حين يكون بهم مرض لظنهم أن المرض كان بسبب الجن أو كان بسبب مؤذ من المؤذين إذا ذبح الذبيحة وأراق الدم فإنه يندفع شره أو يرتفع ما أحدث، وهذا لا شك أنه اعتقاد محرم ولا يجوز، والذبيحة لرفع المرض والصدقة بها عن المريض.
قال العلماء: هي حرام ولا تجوز سدا للذريعة، وللشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق رسالة خاصة في الذبح للمريض، كذلك إذا كان الذبح لدفع أذى متوقع مثلا كان بالبلد داء معين فذبح لدفع هذا الداء أو كان في الجهات التي حول البيت ثَمَّ شيء يؤذي فيذبح ليندفع ذلك المؤذي، إما لص مثلا يتسلط على البيوت أو أذى يأتي للبيوت فيذبح ويتصدق بها لأجل أن يندفع ذلك الأذى، هذا أيضا غير جائز ومنهي عنه سدا للذريعة؛ لأن من الناس من يذبح لدفع أذى الجن وهو شرك بالله -جل وعلا.
فإذن تحصل من ذلك أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF داووا مرضاكم بالصدقة http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF فيما رواه أبو داود وغيره وقد حسنه بعض أهل العلم وضعفه آخرون أن معنى داووا مرضاكم بالصدقة يعني بغير إراقة الدم فيكون إراقة الدم مخصوص من ذلك من المداواة بالصدقة؛ لأجل ما فيه من وسيلة إلى الاعتقادات الباطلة، ومعلوم أن الشريعة جاءت لسد الذرائع جميعا إلا يعني الذرائع الموصلة إلى الشرك، وجاءت أيضا بفتح الذرائع الموصلة إلى الخير، فما كان من ذريعة يوصل إلى الشرك والاعتقاد الباطل فإنه يُنهى عنه.
س ) وهذا يقول ما رأي فضيلتكم ببعض الأواني التي يكتب عليها بعض الآيات والتي تباع في بعض المحلات التجارية ؟
ج ) هذه الأواني يختلف حالها إن كان يستخدمها؛ لأجل أن يتبرك بما كتب فيها من الآيات فيجعل فيها ماء ويشربه؛ لأجل أن الماء يلامس هذه الآيات، فهذا من الرقية غير المشروعة؛ لأن الرقية المشروعة ما كانت الآيات في الماء، وهذه الآيات لم تنحل في الماء؛ لأنها من معدن أو من نحاس والتصاق الماء بتلك الكتابات آيات أو أدعية لا يجعل الماء بذلك مباركا أو مقروءا فيه، فإذا اتخذت لذلك فهذا من الرقية غير المشروعة، وأما إذا أخذها للزينة أو لجعلها في البيت أو لتعليقها فهذا كرهه كثير من أهل العلم؛ لأن القرآن ما نزل لتزين به الأواني أو تزين به الحيطان، وإنما نزل للهداية http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gifإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (http://www.taimiah.org/Display.asp?f=twhd-0007.htm#)http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif .
س ) وهذا يقول بعض الناس يضع المصحف في درج السيارة وذلك بقصد أن للمصحف أثر في رد العين أو البلاء نرجو منكم التوضيح ؟
ج ) إذا كان يقصد من وضع المصحف في درج السيارة أو على طبلون السيارة الأمامي أو خلف السيارة أن يدفع عنه وجود المصحف العين فهذا من اتخاذ المصحف تميمة، وقد مر معكم بالأمس حكم التمائم من القرآن، وأن الصحيح أنه لا يجوز أن يجعل القرآن تميمة ولا أن يجعل القرآن بوجوده يعني المصحف دافعا للعين لكن الذي يدفع العين قراءة القرآن والأدعية المشروعة والاستعاذة بالله -جل وعلا- ونحو ذلك مما جاء في الرقية، فتحصل أن وضع القرآن لهذه الغاية داخل في المنهي عنه وهو من اتخاذ التمائم من القرآن لما كان القرآن غير مخلوق وهو كلام الله -جل وعلا- لم تصر هذه التميمة شركية.
وإنما ينهى عنها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستعمل هذا، ولم يجعل في عنق أحد من الصحابة لا الصغار ولا الكبار ولا أذن ولا وجه بأن يجعل القرآن في شيء من صدورهم أو في عضد أحدهم وفي بطنه، ومعلوم أن مثل هذا لو كان دواء مشروعا أو رقية سائغة أو تميمة مأذون بها لرخص فيها سيما مع شدة حاجة الصحابة إلى ذلك، فتعليق القرآن أيسر من البحث عن راق يرقي ويطلب منه وربما يكافأ على رقيته، فلما كان هذا أيسر والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرشدهم إلى الأيسر، وقد بعث ميسرا علم مع ضميمة الأدلة التي ذكرت لكم بالأمس أن هذا من جنس غير المشروع والله أعلم.
س ) وهذا يقول قوله: وعامرهن غيري (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24001072.htm'))قد يستدل به أهل البدع على أن الله في كل مكان نرجو التوضيح؟ بارك الله فيك.
ج ) في قوله -جل وعلا- في الحديث القدسي يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24001072.htm'))السماوات السبع معروفة طباق بعضها فوق بعض، وعامرهن هي من العمارة المعنوية يعني من عمرها بالتسبيح والتهليل وذكر الله وعبادته، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002174.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF ففيها عمار كثيرون عمروها بعبادة الله -جل وعلا- قد قال -جل وعلا- في أول سورة الأنعام http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (http://www.taimiah.org/Display.asp?f=twhd-0007.htm#)http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif .
فالله -جل وعلا- هو المعبود سبحانه في السماوات وهو المعبود سبحانه في الأرض فقوله هنا: لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24001072.htm'))يعني من يعمر السماوات والله -جل وعلا- في هذا الاستثناء في قوله: غيري يعني إلا أنا هذا يحتمل أن يكون الاستثناء راجع إلى الذات وراجع إلى الصفات، ومعلوم أن الأدلة دلت على أن الله -جل وعلا- على عرشه مستو عليه بائن من خلقه -جل وعلا- والسماوات من خلقه -سبحانه وتعالى- فعلم من ذلك أن قوله: وعامرهن غيري (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24001072.htm'))راجع إلى عمارة السماء بصفات الله -جل وعلا- وبما يستحقه سبحانه من التأله والعبودية، وما فيها من علم الله ورحمته وقدرته وتصريفه للأمر وتدبيره ونحو ذلك من المعاني.
س ) وهذا يقول رجل عنده ولد مريض مرض لم يجد له علاج فقال: أذهب إلى مكة وأضع ولدي عند البيت أدعو له بالشفاء، ثم وقت الظهر سوف أعزم مائة شخص من فقراء الحرم على الغداء وأقول: ادعوا الله أن يشفي ولدي. فما رأيكم في هذا العمل ؟
ج ) هذا العمل فيه تصدق ودعوة الفقراء إلى الطعام، وفيه طلب الدعاء منهم لولده، والتصدق بالطعام هذا من جنس المشروع كما ذكرت لكم، فإن كان فيه من الذبائح فعلى التفصيل الذي مر من قبل سواء أكانت دجاجا أو كان ضأنا أو غير ذلك مما يذبح يعني مما فيه إراقة دم، وإن كان أطعمهم طعاما لإشباعهم والتصدق عليهم، هذا هو القصد وطلب منهم الدعاء، وهي المسألة الثانية فهذا راجع إلى هل يشرع طلب الدعاء من الغير بهذه الصفة؟ والظاهر أن هذا من جنس ما هو غير مشروع، وإذا قلنا: غير مشروع يعني مما ليس بمستحب ولا واجب وهل يجوز ذلك أم لا؟ طلب الدعاء من الآخرين قال العلماء فيه: الأصل فيه الكراهة.
والذي يتأمل ما روي عن الصحابة وعن التابعين فيمن طلب منهم الدعاء أنهم قهروه ونهوه وقالوا: أنحن أنبياء كما قال حذيفة، وكما قال معاذ وكما قال غيرهما، ومالك بن أنس -رضي الله عنه- ورحمه إمام دار الهجر، كان ربما طلب منه الدعاء فنهى من طلب منه الدعاء لم؛ لأنه إذا عرف عند الناس أن فلانا يطلب منه الدعاء بخصوصه، فإن القلوب تتعلق بذلك وإنما يتعلق في طلب الدعاء بالأنبياء أما من دونهم فلا يتعلق بهم في هذا الأمر.
لهذا اختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن طلب الدعاء من المسلم الحي يكون مشروعا إذا قصد به نفع الداعي ونفع المدعو له، إذا قصد الطالب أن ينفع الجهتين ينفع الداعي وينفع المدعو له فهذا محسن وطالب لنفسه فهذا من المشروع، وهذا هو الذي يحمل عليه ما جاء في السنة فيما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر لما أراد أن يعتمر قال له: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIFلا تنسنا يا أخي من دعائك (http://**********:OpenHT('Tak/Hits24002176.htm'))http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF وهذا الحديث إسناده ضعيف وقد احتج به بعض أهل العلم.
وظاهر أن معناه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن ينفع عمر بهذه الدعوة، فالطالب للدعاء محتاج إلى غيره، المقصود من هذا أن فعل هذا السائل لأجل ولده الأولى تركه لأجل ألا يتعلق قلبه بأولئك في دعائهم، ومن العلاج المناسب أن يلتزم بين الركن والمقام يعني بين الحج الأسود وبين حاسر حد باب الكعبة وهو الملتزم يلتزم ويلصق بطنه وصدره وخده ببيت الله -جل وعلا- ويقف بالباب مخبتا منيبا سائلا الله -جل وعلا- منقطعا عن الخلق عالما أنه لا يشفي من الداء في الحقيقة إلا الله -جل جلاله- وأنه -جل وعلا- هو الذي يشفي وهو الذي يعافي كما قال: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ (http://www.taimiah.org/Display.asp?f=twhd-0007.htm#)فهذا أعظم أثرا -إن شاء الله- من فعله الذي يريد أن يفعله من دعوة أولئك، فالتضرع لله في أوقات الإجابة وفي الأماكن الفاضلة وفي الأزمنة الفاضلة نرجو أن يكون مع إجابة الدعاء وشفاء المرض، هذا
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir